المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ في نَهْيِ الكُهُولِ والشُّيُوخِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالشُّبَّانِ وَالصِّبْيانِ فإذا بلغ - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١٠

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌(1) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَّبُّهِ العَاقِلِ بِالمَجَانينِ وَالحَمْقَى

- ‌1 - ومن أحوال الحمقى، والمجانين: الكبر، والعجب، والخيلاء، والإعجاب بالرأي

- ‌2 - ومن أحوال الحمقى:

- ‌3 - ومن أحوال الحمقى: عدم معرفتهم بعيوب أنفسهم

- ‌4 - ومنها: الاغترار بمدح من يجهل حاله، أو يمدحه بما ليس فيه

- ‌5 - ومن أحوال المجانين، والحمقى: أنهم يطمعون فيما لا يكون

- ‌6 - ومن أحوالهم: كثرة الأماني

- ‌7 - ومن أحوال المجانين، والحمقى: الإخبار بالأشياء المعلومة ضرورة كالسماء فوق الأرض

- ‌8 - ومن أقبح أنواع البله، والحمق والجنون، وأشدها ضرراً على أصحابها: الوسوسة، والانتهاء فيها إلى حد إنكار الأمور اليقينية، والحقائق

- ‌9 - ومن أحوال المجانين، والحمقى، والمعتوهين: الولع بالشيء، والعبث به، وكثرة الحركة والالتفات لغير فائدة ظاهرة، واستحسان ما يضر أو يؤول إلى الضرر

- ‌10 - ومن أحوال الحمقى: ما ذكره ابن الجوزي عن بعض الحكماء قال: يعرف الأحمق بست خصال:

- ‌11 - ومنها: أن أحدهم يجمع بين اعتقاد أنه أكمل من غيره، فيزعم الكمال لنفسه

- ‌12 - ومنها: قلة الأدب، والتهور المانع من حسن المجالسة، ولطف المعاشرة

- ‌13 - ومنها: أن الأحمق متى سمع حديثاً صدقه وإن لم يتبين حقيقته ولم يتصور إمكانه

- ‌14 - ومنها: الخروج كل ساعة في طور غير الطور المتقدم من حيث الأخلاق

- ‌15 - ومن أحوال المجانين، والحمقى: أنهم ربما أتلفوا شيئاً من أموالهم لحفظ مال غيرهم كالذي يحمل اللحم وغيره لغيره في ثوبه وهو جديد نفيس نظيف

- ‌16 - ومن أحوال الحمقى: ما رواه المعافى بن زكريا في "الجليس والأنيس

- ‌وهذه فوائد وتتمات لهذا الباب:

- ‌(2) باب النَّهْيِ عَنْ تَشَبُّهِ الحُرِّ بِالرَّقِيقِ وَعَكْسِهِ

- ‌القسم الأوَّلُ: أن يُرِقَّ الْحُرُّ نفسه

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌القِسْمُ الثَّانِي مِنْ تَشَبُّهِ الْحُرِّ بِالرَّقِيقِ:

- ‌ تنبِيهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِي

- ‌ الأولي

- ‌ فائِدَتَانِ:

- ‌ الثَّانِيَةُ:

- ‌(3) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَبُّهِ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ وَعَكْسِهِ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌(4) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَبُّهِ الرّجَال بِالصِّبيَانِ

- ‌ ومن التشبه القبيح بالشبان:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌(5) بَابُ تَشَبُّه الفَقِير بِالغَنِي وَعَكْسِهِ

- ‌ أن يتشبه بالأغنياء في اللباس ونحوه من غير تكلف ستراً للفقر

- ‌ أن يتشبه بالأغنياء في اللباس لمجرد الشهوة أو للشهرة

- ‌ ومن تشبه الفقير المذموم بالغني: أن يتشبه به في الكبر والخيلاء

- ‌ ومن أخلاق الأغنياء المذمومة: أن مترفيهم إذا جلس بعضهم إلى بعض في مجلس أكثر فيه من الثناء على ماله وخدمه

- ‌فَصْلٌ

- ‌ أن يتشبه بهم في خشونة العيش

- ‌ تشبه الغني بالفقير المذموم

- ‌1 - فمنه: أن يتشبه بالفقير في التبذُّل والتقلُّل في المأكل والملبس

- ‌2 - ومن التشبه المذموم من الأغنياء بالفقراء:

- ‌3 - ومن التشبه المذموم من الأغنياء بالفقراء:

- ‌(6) بَابُ تَشَبُّه أهْلِ الحَضَرِ بِأِهْلِ البَدْوِ وَعَكْسِهِ

- ‌(7) بَابُ النَّهي عَنْ تَشَبُّهِ العَالِمِ باِلجَاهِلِ

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ في تَشَبُّهِ العَالِمِ باِلجَاهِلِ في مُقْتَضَى الجَهْلِ

- ‌1 - فمنها: ترك طلب العلم، وترك الاستزادة منه، والرغبة عن ذلك

- ‌2 - ومنها: كتمان العلم عند الحاجة إليه

- ‌3 - ومنها: وضع العلم في غير أهله، ومنعه من أهله

- ‌4 - ومنها: ترك العمل بالعلم

- ‌5 - ومنها: التكبر بالعلم، والإعجاب به وبغيره مما يخصه

- ‌6 - ومنها: إنكار فضل ذوي الفضل، وتجهيلهم في علمهم، والإعراض عما يجيئون به من الحق مع العلم بأنه حق

- ‌7 - ومنها: أن لا يُنزل الناس منازلهم؛ كأن يكرم السفيه والوضيع من غير ضرورة، ويهين العالم والحكيم والشريف

- ‌8 - ومنها: المماراة والمجادلة بالعلم، والمناظرة بغير إظهار الحق

- ‌9 - ومنها: الدعوى لغير غرض صحيح، وتزكية النفس، والرضا عنها، واحتقار الناس دونها

- ‌10 - ومنها: أن يكون عالماً بفن من العلم، فيُطْري ذلك الفن مع الغلو في ذم غيره وذم أهله

- ‌11 - ومنها: الإجابة عن كل ما يسأل عنه إلا أن يقول: لا أعلم، أو: لا أدري فيما لا يدري

- ‌12 - ومنها: الاشتغال بما ينكره الشرع من العلوم؛ كالسحر، والفلسفة، والتوغل في المنطق، أو فيما لا فائدة فيه كالكيمياء

- ‌13 - ومنها: أن يطمع العالم فيما لا يكون، أو يشاء ما لم يشأ الله، أو يريد أن يكون ما لم يقدره الله؛ وهذا غاية الجهل

- ‌14 - ومنها: أنْ لا يخشى العالم الله تعالى، ولا يخاف منه، والاغترار به ولإملائه، ويتجرأ عليه، ويأمَن من مكره

- ‌15 - ومنها: كثرة الضحك والمزاح

- ‌16 - ومنها: أن يتجاوز إلى السخف وتضحيك الناس

- ‌17 - 22 - ومنها: ست خصال

- ‌23 - ومنها: كثرة الكلام

- ‌24 - ومنها: ما رواه البيهقي عن عروة بن الزبير رحمه الله تعالى قال: يقال: ما شر شيء

- ‌25 - ومنها: محبة الدنيا، وتمنيها، وتعظيمها، وإيثارها على الآخرة

- ‌26 - ومنها: إيثار الدنيا على الآخرة، والطمع في الدنيا

- ‌27 - ومنها: أن يأكل العالم بدينه

- ‌28 - ومنها: إطالة الأمل

- ‌29 - ومنها: اهتمام العالم بالبناء، وتعليته وزخرفته

- ‌30 - ومنها: كثرة الحركة في أمور الدنيا، وفيما لا يعنيه

- ‌31 - ومنها: الخبرة بأمور الدنيا

- ‌32 - ومنها: التردد إلى السلاطين والأمراء والأغنياء، وخدمتهم، والتملق لهم لأجل حصول شيء من الإرفاق

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌33 - ومنها: التلبس بالمعصية في صورة الطاعة، وقصد الطاعة بالمعصية أو في المعصية

- ‌34 - ومنها - وهو من أغلاط كثير ممن يدعي العلم والزهد -: تضييع العيال اشتغالاً بالعلم، أو بالعبادة من التطوعات

- ‌35 - ومنها: الاشتغال بحديث الدنيا، ووقائع الوقت، وتُرَّهات الزمان، وما لا يعنيه

- ‌36 - ومنها: أن يكره الذم، ويحب الحمد لغير فضيلة

- ‌37 - ومنها: العجلة، والطيش، والتهور لاسيما إذا نُمَّ إليه

- ‌38 - ومنها معاشرة الجهلاء منهم، ورعاية مودتهم

- ‌39 - ومنها: معاشرة العلماء بالجهل، والسفه، وقلة الأدب، ومعاشرة العوام بالعلم، والأدب، والاحترام

- ‌40 - ومنها: معاداة العلماء، وبغض الأولياء ولاسيما الصحابة رضي الله عنهم

- ‌41 - ومنها: أن يتتبع عورات الأقران وعيوبهم، ويطعن عليهم، فيسخر بمن دونه، ويَهْزَأ بمن فوقه

- ‌42 - ومنها: أن يكون اهتمامه حين يسأل خلاص السائل في الدنيا وإن ضر نفسه، وأتلف دينه، وضر السائل في دينه كأن يرتب للسائل حيلة

- ‌43 - ومنها: الجرأة على الفتوى، والمبادرة إليها من [غير] تثبت، والتلبيس فيها، والتكلف فيها

- ‌44 - ومنها: أن يعين صديقه أو حميمه

- ‌45 - ومنها: ترك الأفضل والمستحب

- ‌46 - ومنها: التجاوز من المكروهات إلى ارتكاب المعاصي والموبقات، وفعل المكروه مقدمة فعل المحرم

- ‌47 - ومنها - وهو من جنس ما قبله -: قطيعة الرحم، وأوغل منه في الجهل: عقوق الوالدين

- ‌48 - ومنها: الهجوم في الفتنة، وعدم النظر في العواقب

- ‌49 - ومنها: الثقة بالنفس ودعاويها

- ‌50 - ومنها: أن يحمله حب الدنيا والعيش فيها على ترك المعروف والنهي عن المنكر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي فِي تَشَبُّهِ العَالِمِ بِالجَاهِلِ في نَفْسِ الجَهْلِ

- ‌الوجه الأول: أن يقعد عن طلب الزيادة في العلم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌الوجه الثاني من وجهي تشبه العالم بالجاهل في نفس الجهل:

- ‌ فَوائِدُ:

- ‌الفائدة الأُولَى:

- ‌الفائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الْخامِسَةُ:

- ‌الفائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الفائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الفائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ العاشِرَةُ:

- ‌خَاتِمَةٌ لِهَذَا القِسْمِ

- ‌(8) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالبَهَائمِ وَالسِّبَاع وَالطَّيْر وَالهَوَام

- ‌1 - فمنها: الجهل من حيث هو

- ‌2 - ومنها: أن يكون الإنسان من حملة العلم الشريف

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى مِنْ مَشْرَبٍ آخَرَ:

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌3 - من الخصال المشار إليها: أن يكون الإنسان عالماً ولا يعمل بعلمه

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌4 - ومن الخصال المشار إليها: تشبه المتكثر بالعلوم التي لا تنفع

- ‌5 - ومنها: تشبه علماء السوء

- ‌6 - ومنها: تشبه قضاة السوء، وحكام السوء بالذئاب في كل أموال الناس بالباطل

- ‌7 - ومنها: تشبه علماء السوء في تكالبهم، وتهافتهم، وتغايرهم على المناصب، والولايات ونحوها بالتيوس

- ‌8 - ومنها: تشبه علماء السوء وقراء السوء في أكل بعضهم لمال بعض، وغيره بالدبدان

- ‌9 - ومنها: التشبه بالبهائم في عدم الانتفاع بالموعظة وإن سمعها

- ‌10 - ومنها: تشبه الملوك، والأمراء، والمتجوهين في قهر الناس، والشماخة عليهم، والزهو، والتكبر

- ‌11 - ومنها: تشبه الملوك، ونحوهم في طلب الدنيا

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَهٌ زائِدَةٌ:

- ‌12 - ومن الخصال التي تدخل في التشبه بالبهائم والهوام: إنكار القدر

- ‌13 - ومن الخصال التي تلحق صاحبها بالبهائم:

- ‌14 - ومنها: تشبه العبد في معرفة أمور الدنيا

- ‌15 - ومنها: الغفلة عن طاعة الله تعالى اشتغالاً بالدنيا، ونحوها تشبهاً بالعير، والحمار، ونحوهما من البهائم

- ‌16 - ومنها: التشبه بالبعير، ونحوه أيضاً في الشَّراد عن الله تعالى، والإباء عن الانقياد له

- ‌17 - ومنها: التشبه بالبعير، وغيره في الطواف بلا ذكر ولا استلام

- ‌18 - ومنها: التعبد على جهل

- ‌19 - ومنها: التشبه في العجلة

- ‌20 - ومنها: الإعراض عن طلب العلم، والحكمة، والموعظة الحسنة

- ‌21 - ومن الخصال المذكورة:

- ‌22 - ومنها: التشبه بالبهائم في كثرة القيام بالليل مع اللهو، والتبسط في الشهوات، والخوض في الباطل بالنهار

- ‌23 - ومنها: التشبه بالقطرب في معانيه المذكورة أولاً، وبالكلاب

- ‌24 - ومنها: تشبه البليد في البلادة والفَهَاهَة بالحمار ونحوه من البهائم

- ‌25 - ومنها: التتابع في الشر، والتواطؤ على القبيح

- ‌26 - ومنها: تكسب الدنيا بالدين من غير مراعاة لأحكام الشريعة تشبهاً

- ‌27 - ومنها: التشبه بالبهائم في قِصَر العمر على مصالح الدنيا، وشهوات النفس دون الاشتغال بشيء من أمر المعاد

- ‌28 - ومنها: التشبه بالكلب في الذل عند الجوع

- ‌29 - ومنها: شم الطعام قبل أكله، والأولى ترك ذلك

- ‌30 - ومنها: التشبه في كثرة الأكل

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌31 - ومن الخصال المذكورة: تقصد السمن بالمآكل والمشارب

- ‌ تَنْبِيهاتٌ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِي:

- ‌ الثَّالِثُ:

- ‌32 - ومن الخصال المشار إليها: البطالة، والفراغ عما ينتفع به العبد في معاده، أو في معاشه

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌33 - ومن الخصال المذكورة: التشبه بالبهائم في الغفلة عن الموت

- ‌ تَنْبيهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثانِي:

- ‌34 - ومن الخصال المذكورة: تشبه الإنسان في جمع الأموال، وتركها للورثة بدود القَزِّ

- ‌35 - ومنها: التشبه بالدود في ركوب البحر، والأسفار الشاقة البعيدة في طلب الدنيا

- ‌36 - ومنها: تشبه الكافر والفاجر في انشراح الصدر بالكفر أو بالمعصية

- ‌37 - ومنها: أن يتأخر الإنسان عن الانقياد إلى الحق

- ‌38 - ومنها: تشبه الناس في قتل بعضهم بعضاً عصبيةً وهوىً بالحيات، والذئاب، ونحوها

- ‌39 - ومنها: التشبه في الغدر والسطوة بجوارح السباع والطير

- ‌40 - ومنها: التشبه في السفاهة والفحش والبذاء - ولا سيما على الأكابر والعلماء

- ‌41 - ومنها: التشبه بالكلب والخنزير في التكبر

- ‌42 - ومنها: التشبه بالكلب في النظر إلى ظاهر الهيئة، واعتبار الأغنياء دون الفقراء

- ‌43 - ومنها: التشبه في أكل لحم المؤمن بالغيبة بالذي يأكل الميتة من السباع

- ‌44 - ومنها: اتفاق المتصادقين والمترافقين في غرض

- ‌45 - ومنها: التشبه بالبوم في الحسد، وتمني زوال النعمة عن من خصه الله تعالى بها بموت، أو فقد عزيز، أو خراب ديار

- ‌46 - ومنها: التشبه في الزنا بالتيس، والكلب، والقرد، والهر،وغيرها

- ‌47 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان البهيمة

- ‌48 - ومنها: التشبه بالقرد في الاستمناء بشيء من بدنه

- ‌49 - ومنها: التشبه بالخنزير، والحمار، والسِّنَّور في اللواط فاعلية ومفعولية

- ‌ فائِدَةٌ:

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ في نَهْيِ الكُهُولِ والشُّيُوخِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالشُّبَّانِ وَالصِّبْيانِ فإذا بلغ

‌فَصْلٌ

في نَهْيِ الكُهُولِ والشُّيُوخِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالشُّبَّانِ وَالصِّبْيانِ فإذا بلغ العبد سن الكهولة، فالكهل كما في "القاموس": من وخطه الشيب؛ أي: من فشا فيه، أو استوى سواده وبياضه، أو من جاوز الثلاثين، أو أربعاً وثلاثين، أو (1) إحدى وخمسين (2).

وقيل: إذا بلغ أربعين فهو كهل؛ نقله الفيومي في "المصباح المنير"(3).

فلا ينبغي له التشبه بالشاب ومقتضياته التي أشرنا إليها.

قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15].

(1) في "القاموس المحيط": "إلى" بدل "أو".

(2)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1363)(مادة: كهل).

(3)

انظر: "المصباح المنير" للفيومي (2/ 543)(مادة: كهل).

ص: 258

نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، كما رواه أبو بكر ابن مردويه، وابن عساكر، وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (1).

فانظر كيف أثنى الله تعالى عليه بما كان من خلقه رضي الله عنه؛ فإنه أسلم في هذا السن، وأسلم أبواه، فقال ما حكاه الله تعالى فيه، وطلب من الله سبحانه أن يوفقه ويلهمه الشكر على ما أنعم عليه وعلى والديه من نعمة الإسلام، وأن يوفقه للعمل بما يرضاه من الأعمال الصالحة، وأن يصلح له في ذريته، فأسلموا.

ثم قال الله تعالى - مشيراً إلى من هذه أخلاقهم، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه أولهم -:{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 16].

فهذه وظيفة الكهل لأنه في سن كمل فيه عقله، وصفا فيه جوهره، ومن ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر النبيين على رأس الأربعين، وهو سن الكمال للصديقين والصالحين، فمن بلغ هذا السن وانحرف عن هذا السنن، فقد عاكس الحكمة، وخالف أهل الكمال، ودخل في سلك الضلال.

ومن ثم جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَة فَلَمْ يَغْلِبْ

(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 443).

ص: 259

خَيْرُهُ عَلى شَرِّهِ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّارِ". رواه أبو الفتح (1) الأزدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (2).

وروى ابن أبي حاتم، وغيره عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قلت لمسروق رحمه الله تعالى: متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟

قال: [إذا] بلغتَ الأربعين، فخذ حذرك (3).

ويروى عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: جاء جبريل عليه الصلاة والسلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله تعالى أمر الحافظَين عليهما السلام، فقال لهما: ارفقا بعبدي في حداثته، حتى إذا بلغ الأربعين فاحفظا وحقِّقا (4).

فأما إذا استقام على الطريقة الشرعية لتمام الأربعين فقد وافق الحكمة.

أو من الحكمة أن يستوي في الْخُلُق من استوى خَلْقه.

قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ

(1) في "أ" و"ت": "أبو الشيخ".

(2)

ورواه ابن بشكوال في "الصلة"(ص: 121)، وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (7/ 442).

(3)

رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(10/ 3294).

(4)

عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 442) إلى ابن الجوزي في "الحدائق" وضعفه.

ص: 260

ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: 54].

قوله: {مِنْ ضَعْفٍ} ؛ أي: ابتدأكم ضعفاء.

وقال قتادة: من ضعف: من نطفة.

وكأن معنى قول قتادة من ذات ضعف؛ إذ أصلها ماء مهين.

وقال في قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} : الهرم، {شَيْبَةً}: التعمر. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم (1).

ففي الآية إشارة إلى أن ضعف الإنسان الذي ابتدئ خلقه عليه يستصحبه ينتهي إلى قوة، وهي بلوغ الأشد بالإدراك، أو ببلوغ ثمان عشر سنة، أو ثمانية وعشرين سنة، أو ثلاثين على الأقوال في الأَشُدِّ.

ثم قوته هذه تنتهي بعد استوائها ببلوغ ثلاثين سنة، أو أربعين إلى إحدى وخمسين على الخلاف أيضًا إلى ضعف، وهو الشيب والهرم.

فسن الكهولة سن الكمال، فإذا لم يكمل فيه المرء في طريق آخرته فمتى يكون كماله؟

وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [غافر: 67].

(1) رواه الطبري في "التفسير"(21/ 57).

ص: 261

أَفردَ طفلاً على إرادة الجنس، أو على تأويل كل واحد منكم، واللام متعلقة بمحذوف تقديره: ثم يبقيكم بعد الإخراج لتبلغوا أشدكم؛ أي: يبقي من شاء منكم بدليل قوله: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} .

قال ابن جريج في قوله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} ؛ أي: من قبل أن يكون شيخاً.

قال: {وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى} : الشاب والشيخ.

{وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} عن ربكم أنه يحييكم كما يميتكم؛ أي: ليجازيكم.

قال: وهذه لأهل مكة؛ كانوا يكذبون بالبعث. رواه ابن المنذر (1).

والمعنى: وليبلغ كل واحد منكم أجلاً له مسمى، فكل واحد منكم لا يتقدم أجله ولا يتجاوزه.

وقال الشعبي: يثغر الغلام لسبع، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهي طوله لإحدى وعشرين، وينتهي عقله لثمان وعشرين، ويبلغ أشده لثلاث وثلاثين. رواه ابن أبي حاتم (2).

(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 305).

(2)

وذكره الماوردي في "تفسيره"(5/ 277).

وروى نحوه ابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص: 8) من قول عمرو بن العاص رضي الله عنه.

ورواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(ص: 188) عن الثوري.

ص: 262

وهذا الذي ذكره الشعبي حكم الغالب.

وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 5 - 7].

بيَّن الله تعالى في هذه الآية تقلُّب الإنسان في أطواره وأحواله من نشأته إلى بعثته ليوقن بأنه مبعوث للحساب والجزاء، وبين فيها ما تنتهي إليه الشبيبة والشيخوخة المجملتان في الآيتين السابقتين، وهو الهرم والخرف، وإذا انتهى العبد إلى هذه النهاية فَقَدَ العلم والإحساس فضلاً عن القيام بحق العمل والطاعة، فالحزم ممن بلغ الأشد وتناهى في الكهولة أن يسعى في تدارك ما ينتفع به من ذلك قبل أن يحال بينه وبينه بالهرم والخرف، أو بالموت والوفاة.

ولا يتشبه بالصبيان والشبان؛ فإن الصبا والشباب إن كانا نوماً أو جنوناً أو سكراً فينبغي أن تكون الكهولة والشبيبة يقظة وإفاقة وصحواً.

وما أحسن قولَ العتبي الشاعر الأديب كما حكى ابن خلكان أن

ص: 263

ابن قتيبة في "المعارف"، وابن المنجم في "التاريخ" (1) أورداه له:[من البسيط]

لَمَّا رَأتنِي سُلَيْمى قاصِراً بَصَرِي

عَنْها وَفِي الطَّرْفِ عَنْ أَمْثالِها زَوَرُ

قالَتْ عَهِدْتُكَ مَجْنُوناً فَقُلْتُ لَها

إِنَّ الشَّبابَ جُنونٌ بُرْؤُهُ الْكِبَرُ (2)

وفي الحديث المتقدم: "الشَّبابُ شُعْبةٌ مِنَ الْجُنونِ"(3).

من محاسن القاضي أبي العباس أحمد بن محمد الجرجاني قاضي البصرة أحد أصحاب الإمام الشافعي ما أنشده له النووي (4) في "طبقاته": [من الطويل]

تَصَرَّمَ أَيَّامُ الشَّبِيبَةِ مِنْ عُمُرِي

وَلَمْ أَشْفِ مِنْ أَطْرابِها لَوْعَةَ الصَّدْرِ

وَلَمْ أَقْضِ مِنْ رَيْعانِها وَطَرَ الصِّبَى

لِكَثْرَةِ ما لاقَيْتُ مِنْ نُوَبِ الدَّهْرِ

وَلَمْ أَدَّخِرْ حَمْداً يُخَلَّدُ ذِكْرُهُ

عَلى الدَّهْرِ إِنَّ الْحَمْدَ مِنْ أَنْفَسِ الدُّخْرِ

وَلا صالِحِ الأَعْمالِ قَدَّمْتُ راجِياً

بِتَقْدِيْمِها قَبْلُ الْمَثُوبَةَ وَالأَجْرِ

وَلَوْ كُنْتُ أَدْرِي كَيْفَ حالِيَ بَعْدَها

لَهَوَّنْتُ ما أَلْقَى وَمَنْ لِي بِأَنْ أَدْرِي

فَإِنْ يَكُ حالِيَ فِي الْمَشِيبِ عَلى الَّتِي

عَهِدْتُ شَبابِيَ فَالْعَفاءُ عَلى عُمْرِي (5)

(1) في "وفيات الأعيان": "البارع" بدل "التاريخ".

(2)

انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/ 399).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

كذا في "أ" و"ت"، ولعله يريد: ابن الصلاح.

(5)

انظر: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن الصلاح (1/ 372).

ص: 264

فأول شيء يطلب من الشيخ إذا أفاق من جنون الشباب وسكره أن يتوب إلى الله تعالى؛ فإن باب التوبة مفتوح لكل تائب ولو لشائب، وتقبل توبة العبد - وإن شاخ - إن لم يُغَرْغِر بروحه.

وروى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطاياكُمُ السَّماءَ، ثُمَّ تُبْتُمْ لَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ"(1).

وروى الإمام أحمد، ومسلم عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ فِي النَّهارِ لِيتُوبَ مُسِيْءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها"(2).

وروى الإمام أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، والحاكم وصححه، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الشَّيْطانَ قالَ: وَعِزَّتكَ يا رَبِّ! لا أَزالُ أُغْوِي عِبادَكَ ما دامَتْ أَرْواحُهُمْ فِي أَجْسادِهِمْ، فَقالَ الرَّبُّ عز وجل: وَعِزَّتِي وَجَلالِي! لا أَزالُ أَغْفِرُ لَهُمْ ما اسْتَغْفَرُنِي"(3).

(1) رواه ابن ماجه (4248).

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 395)، ومسلم (2759).

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 76)، وأبو يعلى في "المسند"(1399)، والحاكم في "المستدرك" (7672). وحسن ابن حجر إسناده في "الأمالي المطلقة" (ص: 137).

ص: 265

ولا يُسَوف بالتوبة؛ فإن التسويف بالتوبة قبيح، ومن الشيخ أقبح.

فقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب "الأمل" عن بعض السلف أنه قال: إن أكثر صياح أهل النار من التسويف (1).

وما أحسن قولَ عبد الله بن المعتز: [من الطويل]

نسِيرُ إِلَى الآجالِ فِي كُلِّ ساعَةٍ

وَأَيَّامُنا تُطْوَى وَهُنَّ مَراحِلُ

وَلَمْ نَرَ مِثْلَ الْمَوْتِ حَقًّا فَإِنَّهُ

إِذا ما تَخَطَّتْهُ الأَمانِيُّ باطِلُ

وَما أَقْبَحَ التَّفْرِيطَ فِي زَمَنِ الصِّبا

فَكَيْفَ بِهِ وَالشَّيْبُ فِي الرَّأْسِ نازِلُ

تَرَحَّلْ مِنَ الدُّنْيا بِزادٍ مِنَ التُّقَى

فَعُمْرُكَ أَيَّامٌ وَهُنَّ قَلائِلُ (2)

وإذا تاب فليَدُم على التوبة، وليُقبل على الطاعة، ولا يتعبد على حرف ويتطوع على جهل، بل حيث فاتت منه أيام الشباب ولم يطلب العلم ولم يتعلم، فلا ينبغي أن ييأس من رَوح الله، وتشبُّه الشيوخ بالشبان مذموم إلا بالنشاط في الطاعة وطلب العلم؛ فإنه محمود.

وروى البخاري في "تاريخه" عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ صَغِيراً، فَطَلَبَهُ كَبِيراً، فَماتَ، ماتَ شَهِيْداً"(3).

(1) وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين"(4/ 12).

(2)

انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 151).

(3)

قال الذهبي في "لسان الميزان"(5/ 433): وهذا خبر مركب على هذا =

ص: 266

ولا يستحي من طلب العلم في الكبر حيث قصَّر في طلبه في الصغر.

وحكي أن بعض الحكماء رأى شيخاً يحب النظر في العلم ويستحيي من طلبه، فقال: يا هذا! أتستحيي أن تكون في آخر عمرك أفضل مما كنت في أوله (1).

وذكر أن إبراهيم (2) بن المهدي دخل على المأمون وعنده جماعة يتكلمون في التفقه، فقال له: يا عم! ما عندك فيما يقول هؤلاء؟

فقال: يا أمير المؤمنين! شغلونا في الصغر واشتغلنا في الكبر.

فقال: لم لا تتعلم اليوم؟

فقال: أو يحسن لمثلي طلب العلم؟

قال: نعم، والله لأن تموت طالباً للعلم خير من أن تعيش قانعاً بالجهل.

قال: وإلى متى يحسن لي طلب العلم؟

قال: ما حسنت لكم الحياة (3).

= الإسناد، وعبد الجبار ومن فوقه رجال الصحيح، ومحمد بن يعقوب لا أعرفه ويحتمل أن يكون الفرغاني.

(1)

وهو سقراط، كما رواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(2/ 168).

(2)

في "الفقيه والمتفقه": "منصور" بدل "إبراهيم".

(3)

رواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(2/ 167).

ص: 267

ولا يخفى أن طلب العلم إذا كان يفيد فرغبة ذوي الأسنان فيه أولى، والابتداء بالفضيلة فضيلة، كما قال أبو الحسن الماوردي (1).

وروى الخطيب في "شرف أهل الحديث" عن أبي عمرو بن العلاء رحمه الله تعالى قال: سئل الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما عن الرجل يكون له ثمانون سنة يحسن يكتب الحديث؟

قال: إن كان يحسن أن يعيش (2).

وقوله: (يحسن) حَذَفَ منه حرف الاستفهام؛ يعني: أيحسن منه أن يكتب وقد بلغ الثمانين؟

فقال: إن كان يحسن أن يعيش كان من حسن عيشه أن يكتب؛ وأي عيشة أحسن من عيشة العلماء بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟

وروى الدينوري في "المجالسة" عن معاوية بن بجير قال: أوحى الله تعالى إلى داود النبي عليه السلام: يا داود! اتخذ نعلين من حديد، وعصا من حديد، واطلب العلم حتى تنخرق نعلاك وتتكسَّر عصاك (3).

وفي هذا إشارة إلى أن طلب العلم يحسن في الشبيبة وفي الشيبة، ويحسن من العالم كما يحسن من الجاهل بأن يزداد إلى

(1) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 36).

(2)

رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 69).

(3)

تقدم تخريجه.

ص: 268

عليه؛ فإن العلم لا نهاية له.

وفي الحديث المتقدم: إذا جاء الموت لطالب العلم وهو على هذه الحال فهو شهيد (1).

ومن ثم قال الإمام أحمد رضي الله عنه: أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر. رواه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"، وعبد الكريم السمعاني في "ذيل تاريخه"(2).

وروى أبو نعيم عن فَرقد إمام جامع البصرة قال: دخلوا على سفيان الثوري رحمه الله تعالى في مرضه الذي مات فيه، فحدثه رجل بحديث، فأعجبه، وضرب بيده إلى تحت فراشه، فأخرج ألواحاً له، فكتب ذلك الحديث، فقالوا له: على هذه الحالة منك؟

فقال: إنه حسن؛ إن بقيت فقد سمعت حسناً، وإن مت فقد كتبت حسناً (3).

وجرى نحو ذلك لأبي جعفر الطبري، فذكر المعافى بن زكريا في "الجليس والأنيس" الدعاء الذي أسنده إلى جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: يا سابق الفوت! ويا سامع الصوت! وكاسي العظام بعد الموت!

(1) تقدم تخريجه.

(2)

رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 68).

(3)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 64).

ص: 269

ثم قال المعافى: وذكر لي بعض بني الفرات عن رجل منهم، أو من غيرهم: أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري قبيل موته، وتوفي بعد ساعة أو أقل منها، فذكر له هذا الدعاء عن جعفر بن محمد، فاستدعى بمحبرة وصحيفة، فكتبها، فقيل له: أوفي هذه الحال؟

فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت (1).

وروى الخطيب عن ابن المبارك رحمه الله تعالى أنه قيل له: إلى كم تكتب الحديث؟

قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أسمعها بعد (2).

ولو لم يستفد الشيخ من التعلم إلا التخلص من وصمة الجهل وعاره، فإنه لا يذم شيخ جاهل بأقبح من جهله.

ولقد قدمنا قول عروة بن الزبير: ماذا أقبحُ من شيخ جاهل (3)؟

وروى الرامهرمزي في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" - واللفظ له - والطبراني في "الأوسط" عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ ثَلاثةً: الْغَنِيَّ الظَّلُومَ، وَالشَّيْخَ الْجَهُولَ، وَالعالِمَ الزَّهُوَّ الْمُحْتالَ"(4).

(1) رواه المعافى بن زكريا في "الجليس الصالح والأنيس الناصح"(ص: 342).

(2)

رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 68).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي"(ص: 499)، =

ص: 270

وروى ابن السني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَلْبٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْء مِنَ الْحِكْمَةِ كَبَيتٍ خَرِبٍ، فتعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا، وَتَفَقَّهُوا، وَلا تَمُوتُوا جُهَّالاً؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَعْذُرُ عَلى الْجَهْلِ"(1).

وروى الرامهرمزي، والخطيب من طريق أبي صالح الطرسوسي عن أبي جعفر محمد بن محمد بن عقبة الشيباني: ثنا معروف بن حاتم البزار المقرئ: سمعت غنام بن علي: سمعت الأعمش يقول: إذا رأيت الشيخ لم يقرأ القرآن، ولم يكتب الحديث، فاصفح له (2)؛ فإنه من شيوخ القراة (3).

قال أبو صالح: قلت لأبي جعفر: ما شيوخ القراة؟

قال: شيوخ مقريون (4) يجتمعون في ليالي القمر يتذاكرون أيام الناس، ولا يحسن أحدهم أن يتوضأ للصلاة (5).

= والطبراني في "المعجم الأوسط"(5458). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 131): فيه الحارث الأعور، وهو ضعيف، وقد وثق.

(1)

ورواه الديلمي في "مسند الفردوس"(4590).

(2)

في "المحدث الفاصل": "فاصفعه"، وفي "شرف أصحاب الحديث":"فاصفع له" بدل "فاصفح له".

(3)

في "المحدث الفاصل": "القمراء"، وفي "شرف أصحاب الحديث":"القمر" بدل "القراة".

(4)

في مصدري التخريج: "دهريون" بدل "مقريون".

(5)

رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(ص 306)، والخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (ص: 67).

ص: 271

وروى الرامهرمزي عن محمد بن عبيد قال: جاء رجل وافر اللحية إلى الأعمش يسأله عن مسألة من مسائل الصلاة يحفظها الصبيان، فالتفت إلينا الأعمش فقال: انظروا لحيته؛ يحتمل حفظ أربعة آلاف حديث، ومسألته مسألة الصبيان (1).

وروى الخطيب عن سفيان رحمه الله تعالى: أنه كان إذا رأى شيخاً لم يكتب الحديث قال: لا جزاك الله عن الإسلام خيراً (2).

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الفرج"، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وأبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه، والبيهقي عنه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ تَعالَى؛ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعالَى نَفَحاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، وَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْراتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعاتِكُمْ"(3).

(1) رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(ص 306).

(2)

رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 67).

(3)

رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(2/ 293)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 162)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1121)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(720) عن أنس رضي الله عنه.

ورواه البيهقي في "شعب الإيمان"(1123) وقال: هذا هو المحفوط دون الأول - يعني حديث أنس -، وابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة"(28) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 272