الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيْهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيْهَا في صُنع اللهِ تَعَالى، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيْهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ المطْعَمِ وَالمشْرَبِ، وَعَلَى العَاقِلِ أَنْ لَا يَكُوْنَ ظَاعِنًا إِلَاّ لِثَلَاثٍ: تَزَوُّدٍ لمعَادٍ، أَوْ مَرَمَّةٍ لمعَاشٍ، أَوْ لُقْمَةٍ فيْ غَيرِ مُحَرَّمٍ". رواه ابن حبان، والحاكم وصححاه، وغيرهما (1).
*
فائِدَةٌ:
روى الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد" عن أبي قلابة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر شيئاً، فقال:"ذَاكَ أَوَانُ نَسْخِ القُرْآنِ".
فقال رجل كالأعرابي: يا رسول الله! ما ينسخ القرآن؟ أو: كيف ينسخ القرآن؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَيحَكَ! يُذْهَبُ بِأَصْحَابِهِ، وَتَبْقَى رِجَالٌ كَأَنَّهُم النَّعَامُ".
وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى يديه على الأخرى، فمدها يشير بها، فقال الناس: يا رسول الله! أفلا نتعلمه ونعلمه أبناءنا ونساءنا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ قَرَأَتِ اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى، قَدْ قَرَأَتِ اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى"(2).
(1) رواه ابن حبان في "صحيحه"(361).
(2)
رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 277).
وفي هذا الحديث أن الناس عند قيام الساعة يكونون كالبهائم، وإنما خص النعامة منها لأنها أحمق البهائم حتى يضرب بها المثل في الحمق؛ فإنها تخرج لطلب الطعام، فمتى وجدت بيض نعامة أخرى حضنته، وتنسى بيضها فلا ترجع إليه.
كما قيل: [من المتقارب]
فَإِنِّي وَتَرْكِي لِذِي الأَكْرَمِينَ
…
وَقدحِي وَكَفِّي زِناداً شحاحا
كَتارِكَةِ بَيْضِها بِالعَراءِ
…
وَمُلْبِسَةِ بَيْضِ أُخْرى جَناحا (1)
وكذلك أحوال أكثر الناس في هذه الأعصار؛ يتركون ما يعنيهم ولو كان يعنيهم، ويشتغلون بما لا يعنيهم ولو كان لا يعنيهم.
ومما قلت: [من السريع]
أَقْبِلْ عَلى شَأْنِكِ إِنْ كُنْتَ تَرْ
…
جُو رِفْعَةَ الشَّأْنِ بِدارِ القَرارِ
وَلا تُضعْ عُمْرَكَ فِي غَيْرِ ما
…
يَعْنِيكَ تَنْدَمْ لاتَ حِينَ الفِرارِ
فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ جَهْلِهِ
…
يَنْزُو عَلى الدُّنْيا كَنَزْوِ الغُرارِ
والغُرار - بالضم -: ولد النعجة، والماعزة، والبقرة الوحشية.
والنزو: الوثوب.
(1) البيتان لابن هرمة، كما في "الحيوان" للجاحظ (1/ 199)، و"غريب الحديث" لابن قتيبة (2/ 10).