الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصبغات الثياب مع تظريف تفصيلها، وتظريف خياطتها، أو يضع في رأسه عِرْقاً من الزهر، أو الورد، أو الريحان، أو يختال في مشيته، أو يشتد فيها ويطأ الأرض وطء أهل الشطارة والقوة، أو يغنِّي برفع الصوت بالموال ونحوه.
وهذه الأفعال - وإن كانت منكرة من كل أحد - إلا أنها من الكهول والشيوخ أقبح.
وكذلك شرب الخمر والزنا واللواط قبائح فواحش من كل أحد، إلا أنها من ذوي الأحلام والعقول أشد قبحاً، وأعظم فحشاً.
-
ومن التشبه القبيح بالشبان:
خضب الشيب بالسواد، وقد تقدم كله.
وروى ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الشَّيْخَ الغِرْبِيبَ"(1)؛ أي: الْمُتَشَبِّهَ بِالغُرابِ فِي سَوادِ الشَّعْرِ.
واعلم أن الشيخ متى اتبع الهوى، وتشبه في ذلك بأهل الصبا فعصى وطغى، وتمرد وبغى، كان شيطاناً في صورة إنسان؛ فإن الإنسان كلما كبر ازداد خيره، والشيطان كلما كبر ازداد شره.
وروى ابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان" عن مجاهد قال: قال
(1) رواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 156) وأعله برشدين بن سعد.
إبليس: جعل لنا أنا نرَى ولا نُرى، وأن نخرج من تحت الثرى، وأن يعود كهلُنا فتى (1).
وروى الديلمي عن جابر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ لَمْ يَرْعَوِ عِنْدَ الشَّيْبِ، وَلَمْ يَسْتَحْيِ مِنَ العَيْبِ، وَلَمْ يَخْشَ اللهَ فِي الغَيْبِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ حاجَةٌ"(2).
وحيث كان الشيخ بهذه الصفة فلا يصلح للاقتداء به لأنه شيطان في صورة إنسان.
ولذلك قال أبو حازم رحمه الله تعالى: لا تقتد بمن لا يخاف الله بظهر الغيب، ولا يعف عن العيب، ولا يصلح عند الشيب. رواه أبو نعيم (3).
ولا يعارض ما قدمناه ما رواه الدينوري في "المجالسة" عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن قال: لقد رأيت بالمدينة مشيخة في زي الفتيان لهم الغدائر، وعليهم الموردة والمعصفرة، في أيديهم المخاصرة فيها أثر الحناء، ودين أحدهم أبعد من الثريا إذا أريد دينه (4).
فإن ربيعة رضي الله تعالى عنه لم يُرِد بذلك الثناء عليهم بالتشبه
(1) وانظر: "تفسير الثعلبي"(4/ 227).
(2)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(5946).
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 230).
(4)
رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 90).