المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الموت - حياة الصحابة - جـ ٣

[محمد يوسف الكاندهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌باب خروج الصحابة عن الشهوات النفسانية

- ‌استئذان ابن عبد الله بن أبي في قتل أبيه

- ‌قصة مصعب بن عمير مع أخيه الذي أسر في بدر

- ‌ما وقع بين أبي سفيان وابنته أم حبيبة أم المؤمنين

- ‌محبة سعد بن معاذ للنبي عليه السلام

- ‌قوله عليه السلام: أنت يا أبا ذر مع من أحببت

- ‌محبة طلحة بن البراء للنبي عليه السلام

- ‌محبة عبد الله بن حذافة للنبي عليه السلام

- ‌قصص ابن عمر وزيد بن الدثنة وخبيب بن عدي في محبته عليه السلام

- ‌حديث أبي سعيد الخدري في شأن من كان يموت في المدينة

- ‌أدب الصحابة في رفعهم البصر إليه عليه السلام

- ‌كيفية جلوس أصحابه حوله عليه السلام

- ‌شرب ابن الزبير دم النبي عليه السلام

- ‌شرب سفينة دمه عليه السلام

- ‌حديث أبي أيوب في توقيره النبي عليه السلام

- ‌توقير ابن عمر والصحابة منبر النبي عليه السلام

- ‌تقبيل سواد بن غُزيَّة بطنه عليه السلام يوم بدر

- ‌بكاء الصحابة على ذكر فراقه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌بكاء معاذ رضي الله عنه

- ‌وفاته صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌جهازه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌بكاء أبي بكر وخطبته رضي الله عنه

- ‌حزن عثمان رضي الله عنه

- ‌ضجيج أهل المدينة بالبكاء

- ‌حال فاطمة رضي الله عنها

- ‌قول فاطمة ابنته عليه السلام

- ‌امتثال أمره صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌امتثال أمره عليه السلام في الخروج إلى بني قريظة

- ‌امتثال أمره عليه السلام يوم حنين

- ‌عمل الصحابة بأسارى بدر

- ‌امتثال عبد الله بن مسعود لأمره عليه السلام

- ‌قصة قطع خُرَيم جُمّتَهُ ورفعه أزاره

- ‌قصة محمد بن أسلم في الامتثال

- ‌إنكار ابن مسعود على من ضحك في جنازة

- ‌تخوف ثابت بن قيس وتبشيره عليه السلام له

- ‌اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌ما وقع بين أبي بكر وعمر وزيد في جمع القرآن

- ‌توجيه أبي بكر جيش أسامة

- ‌ما وقع بين عمر وابنته حفصة في أمر اللباس والطعام

- ‌قصة عمر حينما أتى بقميص جديد

- ‌ما وقع بين ابن عباس وبين أعرابي في نبيذ السقاية

- ‌اختصام رهط من الصحابة في النبي عليه السلام وتصديقه لهم

- ‌قوله عليه السلام: إن الله اختار أصحابي على العالمين

- ‌منعه عليه من سبّ أصحابه

- ‌وصيته عليه السلام بأهل بيته

- ‌فرح عمر باتصاله بنسب النبي عليه السلام

- ‌فضل قريش

- ‌بغض بني هاشم والأنصار والعرب

- ‌بشارة النبي عليه السلام للذين يأتون من بعده

- ‌تمني النبي عليه السلام أن لو رأى إخوانه

- ‌عذاب هذه الأمة في الدنيا القتل

- ‌إعراضه عليه السلام عن قاتل المؤمن

- ‌قتل مُحَلِّم بن جَثّامة لعامر بن الأضبط وما حصل لمحلِّم

- ‌قصة خالد بن الوليد مع بني جذيمة

- ‌الاحتراز عن قتل المسلمين وكراهية القتال على الملك

- ‌امتناع عثمان عن القتال يوم الدار

- ‌ما وقع بين عثمان والمغيرة يوم الدار

- ‌امتناع سعد بن أبي وقاص عن القتال

- ‌ما قاله ابن عمر في الافتراق والاجتماع

- ‌امتناع عبد الله بن أبي أوفى عن التقال مع يزيد

- ‌قول حذيفة في الاقتتال

- ‌قول أبي برزة الأسلمي في قتال مروان وابن الزبير والقرَّاء

- ‌ترويع المسلم

- ‌الاستخفاف بالمسلم واحتقاره

- ‌إغضاب المسلم

- ‌لعن المسلم

- ‌شتم المسلم

- ‌ما وقع بينه عليه السلام وبين أبي بكر لمَّا شتمه رجل

- ‌نذر عمر قطع لسان ابنه لشتمه المقداد

- ‌الوقوع في المسلم

- ‌غيبة المسلم

- ‌إنكاره عليه السلام على بعض أصحابه قولهم الغيبة

- ‌قصة فتاتين صامتا عن الطعام وأفطرتا عن الغيبة

- ‌قصة أبي بكر وعمر مع رجل كان يخدمهما

- ‌التجسس على عورات المسلم

- ‌تسوّر عمر على المغني بيته

- ‌ستر المسلم

- ‌أمر أنس بستر امرأة

- ‌ما وقع بين أبي الدرداء وابنه في أمر فسّاق دمشق

- ‌قصة كتاب حاطب بن أبي بلتعة

- ‌قصة علي مع سارق

- ‌قصة أبي موسى في جلده شارب خمر وكتاب عمر إليه

- ‌تأويل فعل المسلم

- ‌قصة عبد الله بن عمرو ورجل بشَّره عليه السلام بالجنة

- ‌مداراة الناس

- ‌قول أبي الدرداء في مداراة الصحابة

- ‌استغفار عمر رجلاً كان يبغضه

- ‌اعتذار عبد الله بن عمرو إلى الحسين

- ‌قضاء حاجة المسلم

- ‌الوقوف لحاجة المسلم

- ‌زيارة المسلم

- ‌إكرام الزائرين

- ‌إكرام الضيف

- ‌إكرام كريم القوم

- ‌إكرامه عليه السلام أبا راشد

- ‌وصيته عليه السلام بأهل بيته

- ‌إكرامه عليه السلام عمه العباس

- ‌ما وقع بين عمر والعباس ودعاؤه عليه السلام لعمر لإِكرامه العباس

- ‌ضرب عثمان رجلاً استخف بالعباس

- ‌قوله عليه السلام: من كنت وليه فعلي وليه

- ‌إنكار عمر على رجل نال من علي

- ‌إنكار أم سَلَمة على من سبَّ عليا

- ‌قول علي في حسبه ودينه

- ‌إكرام العلماء والكبراء وأهل الفضل

- ‌إكرامه عليه السلام أبا عبيدة

- ‌إكرامه عليه السلام سعد بن معاذ وهو يموت

- ‌حَزامة وجِدَّا

- ‌تسويد الأكابر

- ‌قول علي في أهل الجمل

- ‌ترحيب علي بابن طلحة وأقواله في شأنه مع طلحة والزبير

- ‌إنكار عمار على من نال من عائشة وقوله فيها

- ‌أمر ابن مسعود باتباع عمر وقوله فيه

- ‌غضب عمر على رجل نال من أبي الدرداء

- ‌إنكار علي على من فضله على أبي بكر

- ‌ضرب عمر رجلين لأجل ابن مسعود

- ‌إنكار علي على من فضله على الشيخين

- ‌ما وقع بين علي ورجل في عثمان

- ‌استجابة دعاء سعد على من شتم علياً وطلحة والزبير

- ‌غضب سعيد بن زيد على من سبّ عليا

- ‌بكاء صهيب وقول حفصة لما طعن عمر

- ‌بكاء سعيد بن زيد وابن مسعود على موت عمر

- ‌التنكر بموت الأكابر

- ‌إكرام النبي عليه السلام لابن أم مكتوم بعدما عوتب فيه

- ‌نزول الأمر على النبي عليه السلام بأن يصبر نفسه مع فقراء المسلمين

- ‌ما وقع بين ابن مطاطية ومعاذ وخطبته عليه السلام في ذلك

- ‌إكرام الوالدين

- ‌ما أوصى به عليه السلام رجلاً بأبيه

- ‌ما جرى بين علي وابنيه حين خطب عمر ابنته

- ‌صلاته عليه السلام وأمامة على عاتقه

- ‌إكرام الجار

- ‌قصة عبد الله بن سلام مع جاره الذي كان يؤذيه

- ‌حديث أبي ذر: إن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة

- ‌إكرام الرفيق الصالح

- ‌فعل عائشة رضي الله عنها في ذلك

- ‌التسليم على المسلم

- ‌وعظ أبي أمامة في هذا الأمر وكيفية الصحابة فيه

- ‌قصة ابن عمر مع الطفيل في هذا الأمر

- ‌رد السلام

- ‌قصة عمر مع عثمان رضي الله عنهما

- ‌قصة سعد بنأبي وقاص مع عثمان رضي الله عنهما

- ‌إرسال السلام

- ‌المصافحة والمعانقة

- ‌(هدي الصحابة رضي الله عنهم في المصافحة والمعانقة)

- ‌تقبيل يد المسلم ورجله ورأسه

- ‌(تقبيل عمر رأس أبي بكر وتقبيل أبي عبيدة يد عمر)

- ‌القيام للمسلم

- ‌(استقباله عليه السلام لابنته فاطمة واستقبالها له)

- ‌(حال الصحابة رضي الله عنهم في هذا الأمر)

- ‌التزحزح للمسلم

- ‌‌‌قبول كرامة المسلم

- ‌قبول كرامة المسلم

- ‌حفظ سر المسلم

- ‌إكرام اليتيم

- ‌إكرام صديق الأب

- ‌(أقوال الصحابة رضي الله عنهم في هذا الأمر)

- ‌(قصة أبي موسى مع انبه وزوجته)

- ‌عيادة المريض وما يقال له

- ‌(عيادته عليه السلام لجابر)

- ‌(عيادته عليه السلام لأعرابي)

- ‌(عيادة أبي موسى للحسن بن علي)

- ‌(قول سلمان لمريض في كندة)

- ‌الاستئذان

- ‌(قصة رجل استأذن النبي عليه السلام ولم يسلم)

- ‌(إنكارا لنبي عليه السلام على من نظر إلى بيوته قبل أن يؤذن له)

- ‌(بعض قصص الصحابة رضي الله عنهم في الاستئذان)

- ‌حب المسلم لله

- ‌هجرة المسلم

- ‌إصلاح ذات البين

- ‌إصلاحه عليه السلام بين الأوس والخزرج

- ‌الاحتراز عن ظن السوء بالمسلم

- ‌قصة محجن الأسلمي في هذا الأمر

- ‌غضب عمر رضي الله عنه على مدح المسلم

- ‌صلة الرحم وقطعه

- ‌قصته عليه السلام مع جويرية وفاطمة في هذا الأمر

- ‌قصة أبي هريرة رضي الله عنه مع قاطع رحم

- ‌خلق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قول زيد بن ثابت في هذا الأمر

- ‌أقوال أنس في هذا الأمر

- ‌أقوال أبي هريرة وأنس في مصافحة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه

- ‌اختياره عليه السلام أيسر الأمرين وانتقامه لله

- ‌حسن خلقه عليه السلام مع خادمه أنس

- ‌خلق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قوله عليه السلام في عثمان: إنه أشبه أصحابه بي خلقا

- ‌حسن خلق عمر رضي الله عنه

- ‌حسن خلق ابن عمر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما

- ‌حلمه عليه السلام على عمر في وفاة عبد الله بن أُبي

- ‌حلمه عليه السلام على اليهودية التي قدَّمت له شاة مسمومة

- ‌حلمه عليه السلام على رجل أراد أن يقتله

- ‌حلمه عليه السلام على جماعة من قريش أرادت الغدر يوم الحديبية

- ‌حلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الشفقة والرحمة

- ‌شفقة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحياء

- ‌حياء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حديث الحسن عن حياء عثمان وأبي بكر رضي الله عنهم

- ‌حياء أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

- ‌قول أبي أمامة الباهلي في حيائه عليه السلام

- ‌أقوال عائشة في عمله عليه السلام في بيته

- ‌تواضع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذهاب عمر إلى المسجد حافياً وعيبه نفسه في خطبة له

- ‌تواضع عثمان رضي الله عنه

- ‌تواضع أبي بكر رضي الله عنه

- ‌تواضع فاطمة وأم سلمة رضي الله عنهما

- ‌تواضع حذيفة بن اليمان رضي الله عنه

- ‌المزاج والمداعبة

- ‌مزاحه عليه السلام مع رجل

- ‌مزاحه عليه السلام مع زاهر

- ‌مزاحه عليه السلام مع امرأة عجوز

- ‌مزاح نعيمان مع أعرابي

- ‌الجود والكرم

- ‌جود أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإيثار

- ‌الصبر

- ‌صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الأمراض

- ‌صبر أحد الأصحاب على الحمى

- ‌صبر أبي عبيدة والمسلمين على الطاعون

- ‌الصبر على ذهاب البصر

- ‌صبر أحد الأصحاب على فقد بصره

- ‌صبره عليه السلام على موت عمه حمزة

- ‌حزنه عليه السلام على زيد بن حارثة

- ‌صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الموت

- ‌صبر عثمان وأبي ذر في هذا الأمر

- ‌صبر أُم سلمة على وفاة زوجها

- ‌صبر أسيد بن حُضَير على موت زوجته

- ‌صبر ابن مسعود على موت أخيه عتبة

- ‌صبر المسلمين على موت عمر بن الخطاب

- ‌الصبر على البلايا مطلقا

- ‌الشكر

- ‌شكر سيدنا محمد رسول الله

- ‌شكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قول أبي الدرداء وعائشة وأسماء في الشكر

- ‌قصة ربيعة بن كعب معه عليه السلام في حرصه على الثواب

- ‌قصة علي وعمر مع رجل طاف بأمه

- ‌الاجتهاد في العبادة

- ‌الشجاعة

- ‌الورع

- ‌ورع معاذ وابن عباس رضي الله عنهما

- ‌التوكل

- ‌توكل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الرضا بالقضاء

- ‌التقوى

- ‌أقوال ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي بن كعب في التقوى

- ‌الخوف

- ‌خوف أبي ذر وأبي الدرداء وابن عمر

- ‌البكاء

- ‌(بكاء ابن عباس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما

- ‌التفكر والاعتبار

- ‌(الصمت وحفظ اللسان)

- ‌صمت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(صمت شدّاد بن أوس منذ بايع النبي عليه السلام

- ‌(قول ابن مسعود في خطر اللسان)

- ‌التبسم والضحك

- ‌(ضحكه عليه السلام

- ‌الوقار

- ‌(كظم الغيظ)

- ‌(إنكار علي على من لم يغر)

- ‌(تحذيره عليه السلام من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌(أمر عمر وعثمان المسلمين بالأمر والنهي عن المنكر)

- ‌(أقوال حذيفة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌(تخوف أبي بَكْرة أن يدرك زماناً ليس فيه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر)

- ‌العزلة

- ‌قناعة علي ووصيته ووصية سعد بها

- ‌(نكاحه صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر رضي الله عنهما

الفصل: ‌صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الموت

عثمان بن مظعون رضي الله عنه وهوميت وهو يبكي وعيناه تذرفان. كذا في الإِصابة؛ وأخرجه ابن سعد عن عائشة نحوه، وفي روايته قال: فرأيت دموع النبي صلى الله عليه وسلم تسيل على خدِّ عثمان بن مظعون.

‌صبر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على الموت

صبر أم حارثة على موت ابنها

أخرج الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن حارثة بن سراقة رضي الله عنه قتل يوم بدر وكان النظارة، أصابه سهم غَرب فقتله، فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله أخبرني عن حارثة، فإن كان في الجنة صبرت، وإلَاّ فليَرَينَّ الله أصنع - يعني من النياح وكانت لم تحرم بعد - فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «ويحك أهَبِلْتِ؟ إنها جنان ثمان، وإنَّ ابنك أصاب الفردوس الأعلى» . كذا في البداية؛ وأخرجه البيهقي عن أنس نحوه وفي رواية: فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه البكاء، قال: يا أم حارثة إنَّها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى» . وأخرجه ابن أبي شيبة، كما في الكنز، والحاكم وابن سعد عن أنس بمعناه

ص: 376

والطبراني كما في الكنز عن حصن بن عوف الخثعمي رضي الله عنه بمعناه وفي حديثه قال: «يا أم حارثة إنَّها ليست بجنة واحدة ولكنها جنان كثيرة وهو في الفردوس الأعلى» ، قالت: فسأصبر. وأخرجه ابن النجار عن أنس مطوَّلاً، كما في الكنز، وفي حديثه: فقالت: يا رسول الله إنّ يكن في الجنة لم أبكِ ولم أحزن، وإن يكن في النار بكيت ما عشت في الدنيا، فقال:«يا أم حارث - أو حارثة - إنها ليست بجنة ولكنها جنة في جنات، والحارث في الفردوس الأعلى» ، فرجعت وهي تضحك وتقول: بخٍ بخٍ يا حارث.

صبر أُم خلاد على ابنها

وأخرج ابن سعد عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه قال: قتل يوم قريظة رجل من الأنصار يدعى خلَاّداً رضي الله عنه قال؛ فأتيت أُمه فقيل لها: يا أُم خلَاّد قُتل خلَاّد، قال: فجاءت متنقِّبة فقيل لها: قُتل خلَاّد وأنت متنقِّبة قالت: إن كنت رُزئت خلَاّداً قلا أُرزأ حيائي، فأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال:«أما إنَّ له أجر شهيدين» ، قال: قيل: ولم ذاك يا رسول الله؟ فقال: «لأن أهل الكتاب قتلوه» وأخرجه أبو نعيم عن عبد الخير بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده، كما في الكنز؛ وأخرجه أيضاً أبو يَعْلى من طريق عبد الخير ابن قيس بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جدِّه نحوه، كما في الإِصابة، وقال: قال ابن منده: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ.

ص: 377

صبر أبي طلحة وأُم سليم على فَقْد ولدهما

وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال: جاءت أُم سُلَيم رضي الله عنها إلى أبي أنس فقالت: جئت اليوم بما تكره، فقال: لا تزالين تجيئين بما أكره من عند هذا الأعرابي، قالت: كان أعرابياً اصطفاه الله واختاره وجعله نبياً، قال: ما الذي جئت به؟ قالت: حُرِّمت الخمر، قال: هذا فراق بيني وبينك، فمات مشركاً، وجاء أبو طلحة رضي الله عنه إلى أُم سليم قالت: لم أكن أتزوج وأنت مشرك، قال: لا والله ما هذا دهرك، قالت: فما دهري؟ قال: دهرك في الصقراء والبيضاء، قالت: فإني أشهدك وأشهد نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم أنك إن أسلمت فقد رضي بالإِسلام منك، قال: فمن لي بهذا؟ قالت: يا أنس قم فانطلق مع عمك، فقام، فوضع يده على عاتقي فانطلقنا حتى إذا كنا قريباً من نبي الله صلى الله عليه وسلم فسمع كلامنا، فقال:«هذا أبو طلحة بين عينيه عزَّة الإِسلام» فسلَّم على نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فزوَّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِسلام، فولدت له غلاماً، ثم إن الغلام دَرَج وأعجب به أبوه، فقبضه الله تبارك وتعالى، فجاء أبو طلحة فقال: ما فعل ابني يا أُم سُليم؟ قالت: خير ما كان، فقالت: ألا تتغدَّى قد أخَّرتُ غداك اليوم؟ قالت: فقدَّمت إليه غداءه فقلت: يا أبا طلحة عارية استعارها قوم وكانت العارية عندهم ما قضى الله، وإن أهل العارية أرسلوا إلى عاريتهم فقبضوها ألهم أن يجزعوا؟ قال: لا، قالت: فإن ابنك قد فارق الدنيا، قال: فأين هو؟ قالت: ما هو ذا في المخدع، فدخل فكشف عنه واسترجَع، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدصثه بقول أُم سُلَيم فقال:«والذي بعثني بالحق لقد قذف الله تبارك وتعالى في رحمها ذكراً لصبرها على ولدها» قال: فوضعته، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم «اذهب

ص: 378

يا أنس إلى أُمك فقل لها: إذا قطغتِ سَرَر ابنك فلا تذيقيه شيئاً حتى ترسلي به إليَّ» قال: فوضعته على

ذراعي

حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فقال:«ائتني بثلاث تمرات عجوة» قال: فجئت بهن فقذف نواهن ثم قذفه في فيه فلاكه، ثم فتح فاه الغلام فجعله في فيه، فجعل يتلمظ فقال:«أنصاري يحب التمر» ، فقال:«ذاهب إلى أُمك فقل: بارك الله لك فيه وجعله بَرَّاً تقياً» قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة، وفي رواية للبزار أيضاً قالت له: أتزوجك وأنت تعبد خشبة جرها عبدي فلان - فذكر الحديث ورجاله رجال الصحيح - انتهى، وأخرجه ابن سعد عن أنس بدون ذكر قصة إسلام أبي طلحة.

وعند البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان ابن لأبي طلحة رضي الله عنه يشتكي، فخرج أبو طلحة فقُبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أُم سُلَيم: هو أسكن ما كان، فقربت إليه العشاء فتعشَّى، ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: واروا الصبي، فلما أصبح (أتى) أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:«أعرستم الليلة؟» قال: نعم، قال:«اللهمَّ بارك لهما» فولدت غلاماً، قال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وأرسلت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أمعه شيء؟» قالوا: نعم تمرات، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها، ثم أخذ مَن فيه فجعلها في في الصبي وحنَّكه به وسمَّاه عبد الله. وفي رواية أخرى عنده: فقَال

ص: 379