الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالسُّنُح، قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيتنا، فجاءت بي أُمي وأنا في أُرجوحة ترجح بي بين عَذقين، فأنزلتني من الأرجوحة ولي جُمَيمة ففرَّقتها، ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت عند البابو إني لأنهج حتى سكن من نفسي، ثم دخلت بي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار، فاحتبستني في حجرة ثم قالت: هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم وبارك لهم فيك، فوثب الرجال والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا، ما نُحرت عليَّ جزور ولا ذُبحت عليَّ شاة؛ حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة رضي الله عنه بجفنة كانَ يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دار إلى نسائه، وأنا يومئذ ابنة سبع سنين. قال الهيثمي: رواه أحمد، بعضُه صرّح فيه بالاتصال عن عائشة، وأكثره مرسل، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وثّقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح، وفي الصحيح طرف منه. انتهى.
(نكاحه صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر رضي الله عنهما
أخرج البخاري والنِّسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه حين تأيَّمت حفصة من خُنَيس بن حذافة السهمي - وكان شهد بدراً وتوفي بالمدينة - لقي عثمان رضي الله عنه فقال: إن شئتَ أنكحتك حفصة، قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج، قال عمر:
فقلت لأبي بكر رضي الله عنه: إن شئت أنكحتك حفصة، فصمت، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي، ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وَجحدت عليَّ حين عرضت عليَّ حفصة فلم أرجع إليك شيئاً. قلت: نعم، قال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك إلَاّ أنِّي علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها، فلم أكن لأفشي سرّه، ولو تركها لقبلتها. كذا في جمع الفوائد.
وأخرجه أيضاً أحمد والبيهقي وأبو يَعْلى وابن حِبّان وزاد: قال عمر: فشكوت عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تُزوج حفصة خيراً من عثمان، ويُزوج عثمان خيراً من حفصة» ، فزوّجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته. كذا في منتخب الكنز.
(نكاح صلى الله عليه وسلم بأم سَلَمة بنت أبي أمية رضي الله عنها
أخرج النِّسائي بسند صحيح عن أمِّ سلمة قالت: لما نقضتِ عِدَّة أم سَلَمة خطبها أبو بكر رضي الله عنه فلم تتزوجه، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم (من) يخطبها عليه، فقالت: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني امرأة غَيْري، وأني امرأة مُصْبِية، وليس أحد من أوليائي شاهداً، فقال:«قل لها: أما قولك: غَيْري. فسأدعو الله فتذهب غَيْرتك، وأما قولك: إني امرأة مصبية، فستُكْفَين صبيانك، وأما قولك: ليس أحد من أوليائي شاهداً، فليس أحد من أوليائك شاهد أو غائب يكره ذلك» ، فقالت لابنها عمر رضي الله عنه: قُمْ فزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوَّجه كذا في
الإصبة وجمع الفوائد.
وعند ابن عساكر عن أم سَلَمة أنَّها لمصا قدمت المدينة أخبرتم أنها ابنة أبي أمية بن المغيرة، فكذَّبوها، حتى أنشأ أناس منهم الحج، فقالوا: تكتبي إلى أهلك، فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة يصدِّقونها، فازدادت عليهم كرامة. قالت: فلَّما وضعتُ زينب جاءني النبي صلى الله عليه وسلم فخطبني، فقلت: مثل تُنْكح؟ أما أنا فلا ولد فيَّ، وأنا غيور ذات عيال، قال:«أنا أكبر منك، وأما الغَيْرة فيذهبها الله، وأما العيال فإلى الله وإلى رسوله» ، فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يأتيها فيقول:«أين زَناب؟» حتى جاء عمّار فاختلجها، فقال: هذه تمنع رسول الله (حاجته) - وكانت ترضعها - فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أين زَناب؟» فقالت قرِيبة بنت أبي أميّة: - وافقها عندها - أخذها ابن ياسر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إني آتيكم الليلة» ، فوضعتُ ثِفالي فأخرجتُ حبات من شعير كانت في جرتي، وأخرجت شحماً فعضدت له، فبات ثم أصبح فقال حين أصبح:«إنَّ لكِ على أهلك كرامة، إن شئت سبَّعتُ لك، وإن أسبِّع لكِ أسبع لنسائي» . كذا في الكنز. وأخرجه النِّسائي بسند صحيح عن أم
سلمة نحوه، كما في الإصابة. وأخرجه ابن سعد عن أم سَلَمة نحوه
(نكاحه صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما
أخرج الزبير بن بكار عن إسماعيل بن عمرو أنَّ أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: ما شعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشي - جارية يقال لها أبرهة، كانت تقوم على ثيابه ودُهنه - فاستأذنت عليَّ فأذنت لها، فقالت: إن الملك يقول لك: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليَّ أن أزوجكِهِ، فقلت: بشَّرك الله بالخير، وقالت: يقول لك الملك. وكِّلي مَنْ يزوجك، قالتْ: فأرسلتُ إلى خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه فوكلته، وأعطيت أبرهةَ سوارَين من فضَّة، وخَدَمتين من فضة كانتا عليَّ، أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن كان هناك من المسلمين أن يحضروا، وخطب النجاشي وقال: الحمد لله الملك القدُّوس المؤمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم. أما بعد: فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب أن أزوجه أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقها أربعمائة دنانير، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد، فقال: الحمد لله أحمده وأستغفره،
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوَّجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبرك الله لرسول الله، ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإنَّ من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا. كذا في البداية.
وأخرجه الحاكم عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قالت أم حبيبة: رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوا صورة وأشوهه، ففزعت فقلت: تغيّرت - والله - حاله، فإذا هو يقول حين أصبح: يا أمَّ حبيبة، إني نظرت في الدين فلم أر ديناً خيراً من النصرانية، وكنت قد دِنْتُ بها، ثم دخلت في دين محمد، ثم رجعت إلى النصرانية، فقلت: والله ما خير لك وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له فلم يحفل بها، وأكبَّ عل الخمر حتى مات، فأرى في النوم كأن آتياً يقول لي: يا أمَّ المؤمنين، ففزعت وأوَّلتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني، قال: فما هو إلَاّ أن انقضت عِدَّتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي - فذكر الحديث نحوه، وزاد في آخره بعد قوله: فأكلوا ثم تفرقوا، قالت أم حبيبة: فلما وصل إليَّ المال أرسلت أبرهة التي بشَّرتني فقلت لها: إني أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي وهذه خمسون مثقالاً فخذيها فاستعيني بها، فأخرجت إليَّ حُقَّة فيها جميع ما أعطيتها فردّته إليَّ وقالت: عزم عليَّ الملك أن لا أرزأك شيئاً وأنا التي أقوم على ثيابه ودُهنه، وقد اتّبعتُ دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن بكل ما عندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتني بعُود ووَرْس وعنبر
وزَباد كثير، وقدمت بذلك كلِّه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يراه عليَّ وعندي فلا ينكر، ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام وتعليمه أنِّي قد اتَّبعت دينه. قالت: ثم لطفت بي وكانت هي التي جهَّزتني، وكانت كلما دخلت عليَّ تقول: لا تنسَيْ حاجتي إليك. قالت: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته كيف كانت الخِطبة، وما فعلت بي أبرهة، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرأتُه منها السلام، فقال:«وعليها السلام ورحمة الله وبركاته» . وأخرجه ابن سعد عن إسماعيل بن عمرو بن
سعيد
الأموي بمعناه
(نكاحه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها
أخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: لمَّا انقضت عِدَّة زينب رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه: «اذهب فاذكرها عليَّ» ، فانطلق حتى أتاها وهي تخمِّر عجينها، قال: فلَّما رأيتها عَظُمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فولَّيتها ظهري ونكصت على عقبي، وقلت: يا زينب أبشري، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي عز وجل، ثم قامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن، قال أنس: ولقد رأيتنا حين دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخجر الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتّبعته، فجعل يتبع حُجَر نسائه يسلَّم عليهن ويقلن: يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ فما أدري أنا أخبرته - والقوم قد خرجوا - أو أُخبر قال: فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه، فألقَى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب، ووعُظ
القوم بما وعظوا به {لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىّ إِلَاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} (سورة الأحزاب: الآية: 53) - الآية -. وكذا رواه مسلم والنسائي.
وعند البخاري عنه قال: بُنيَ على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلتُ على الطعام داعياً، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجوون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون فدعوتُ حتى ما أجد أحداً أدعوه، فقلت: يا نبي الله ما أجد أحداً أدعوه، قال:«ارفعوا طعامكم» وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فقال:«السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته» ، قالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، كيف وجدت أهلك؟ بارك الله لك، فتقرَّى حُجَر نسائه كلهن، ويقول لهن كما يقول لعائشة ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا رهط ثلاثة في البيت يتحدثون - وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء - فخرج منطلقاً نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أو أُخبر أن القوم خرجوا، فرجع حتى إذا وضع رجله في أُسكفّة الباب (داخلة) وأخرى خارجة أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب.
وعند أبي حاتم عنه قال: أعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض نسائه، فصنعت أمُّ سُلَيم رضي الله عنها حَيْساً ثم حطَّته في تَوْر، فقالت: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أن هذا منَّا له قليل - قال أنس: والناس يومئذ في
جَهْد -، فجئت به فقلت: يا رسول الله بعثت بهذا أم سُلَيم إليك، وهي تُقرئك السلام وتقول لك: إنَّ هذا منَّا له قليل، فنظر إليه ثم قال:«ضعه في ناحية البيت» ثم قال: «اذهب فادع لي فلاناً وفلاناً» ، فسمَّى رجالاً كثيراً، قال:«ومن لقيت من المسلمين» فدعوت من قال لي ومن لقيت من المسلمين، فجئت وابيت والصُّفَّة والحُجْرة ملاءٌ من الناس - فقلت: يا أبا عثمان كم كانوا؟ قال: كانوا زهاء ثلاثمائة -. قال أنس: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «جىء» فجئت به إيه، فوضع يده عليه ودعا وقال ما شاء الله، ثم قال:«ليتحلَّق عشرة عشرة، وليسمُّوا، وليأكل كل إنسان مما يليه» ، فجعلوا يسمُّون ويأكلون حتى أكلوا كلهم. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «ارفعه» قال: فجئت فأخذت التور فنظرت فيه فلا أدري أهو حين وضعته أكثر أم حين رفعته
قال: وتخلّف رجال يتحدّثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجُ رسول الله صلى الله عليه وسلم التي دخل به معهم مولية وجهها إلى الحائط، فأطالوا الحديث، فشقُّوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أشد الناس حياء، ولو علموا كان ذلك عليهم عزيزاً، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّم عى حُجَره وعلى نسائه، فلما رأوه قد جاء ظنُّوا أنهم قد ثقلوا عليه ابتدروا الباب فخرجوا، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أرخى السرت ودخل البيت وأنا في الحجرة، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته يسيراً، وأنزل الله القرآن، فخرج وهو يقرأ هذه الآية:{يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىّ إِلَاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} - إلى قوله: {إن تبدو شيئا أو تخفوه فإن اكان بكل شيء عليما} (سورة الأحزاب، الآيتان: 53 و54)، قال أنس: فقرأهنَّ عليَّ قبل الناس وأنا أحْدَثُ الناس بهنَّ عهداً. وقد رواه مسلم والنسائي الترمذي وقال: حسن
صحيح، والبخاري وابن جرير. كذا في البداية. وأخرجه ابن سعد من طرق عن أنس.
(نكاحه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها
أخرج أبو داود عن أنس رضي الله عنه قال: جُمع السبي - يعني بخيبر - فجاء دِحْية رضي الله عنه فقال: يا رسول الله أعطني جارية من السبي، قال:«اذهب فخذ جارية» فأخذ صفية بنت حُيَي، فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيت دِحْية - قال يعقوب: صفة بنت حيي سيدة قُرْيظة والنَّضِير ما تصلح إلا لك - قال: «ادعوا بها» ، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال:«خذ جارية من السبي غيرها» وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوَّجها. وأخرجه البخاري ومسلم.
وعند البخاري عن أنس قال: قدما خيبر، فلما فتح (الله عليه) الحصن ذُكره له جمال صفية بنت حيي بن أخطب، وقد قُتل زوجها وكانت عروساً، فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، فخرج بها حتى بلغ بها سدَّ الصهباء حلَّت، فبنى بها رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم صنع حَيْساً في نِطَع صغير ثم قال لي: «آذنْ من حولك» فكانت تلك وليمته على صفيّة، ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحوِّي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب.
وعنده أيضاً عنه قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يُبني عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته وما اكن فيها من خبز (ولا) لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالاً بالأنطاع فبسطت، فألقى عليها التمر والأقِط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطَّأ لها خلفه ومدّ الحجاب. كذا في البداية.
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما دخلت صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فُسطاطه حضر ناس وحضرت معهم ليكون لي فيها قِسْم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«قوموا عن أمِّكم» ، فلما كان العشاء حضرنا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا من طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة، فقال:«كُلُوا من وليمة أمكم» قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه ابنسعد نحوه
وأخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان بعينيّ صفية خُضْرة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم «ما هذه الخضرة بعينيك؟» قالت: قلت لزوجي: إني رأيت فيما يرى النائم كأن قمراً وقع في حجري فلطمني، وقال: أتريدن مَلِك يثرب؟. قالت: وما كان أبغض إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل أبي وزوجي، فما زال يعتذر إليَّ وقال «يا صفية إن أباك ألَّب عليَّ العرب وفعل وفعل» ، حتى ذهب ذلك من نفسي. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بات أيوب رضي الله عنه على باب النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر ومع أبي أيوب السيف، فقال: يا رسول الله كانت جارية حديثة عهد بعرس، وكنتَ قتلتَ أباها وأخاها وزوجها فلم آمنها عليك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له خيراً. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه، وقال الذهبي: صحيح. وأخرجه ابن عساكر عن عروة بمعناه أطول منه كما في الكنز. وأخرجه ابن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما أطول منه، وفي روايته: قلت: إن تحركتْ كنت قريباً منك.
وأخرج ابن سعد عن عطاء بن يَسَار قال: لما قدمت صفية من خيبر أُنزلت في بيت لحارثة بن النعمان رضي الله عنه، فسمع نساء الأنصار فجئن ينظرن إلى جمالها، وجاءت عائشة رضي الله عنها منتقبة، فلما خرجت خرج
النبي صلى الله عليه وسلم عى إثرها، فقال:«كيف رأيت يا عائشة؟» قالت: رأيت يهودية فقال: «لا تقولي ذلك، فإنها أسلمت وحسن إسلامها» .
وعند سعيد بن المسيَّب بسند صحيح قال: قدمت صفية وفي أذنها خُوصة من ذهب، فوهبت منه لفاطمة رضي الله عنها ولنساء معها؛ كذا في الإصابة.
نكاح صلى الله عليه وسلم بجويرية بنت الحارث الخزاعية رضي الله عنها
أخرج ابن إسحاق عن عائشة رضي الله عنها قالت: لمّا قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المُصْطلق وقعتْ جُويرية بنت الحارث رضي الله عنها في السهم لثابت بن قيس بن شمّاس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة مُلَاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنَفْسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتستعينه في كِتابتها، قالت: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حُجرتي فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها ما رأيتُ، فدخلتْ عليه فقالت: يا رسول الله أنا جُويرية بنت الحارث بن أبي ضِرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخفَ عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس، فكاتبتُه على نفسي فجئتك أتسعينك على كِتابتي، قال:«فهل لك في خير من ذلك؟» قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: «أقضي عنك كتابتك وأتزوجك» ، قالت: نعم، يا رسول الله قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوَّج جُويرية بنت الحارث، فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم، قالت: فلقد أُعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها. كذا في البداية. وأخرج ابن
سعد عن الواقدي بسند له عن عائشة نحوه ولكن سمّي زوجها صفوان بن مالك، وهكذا أخرجه الحاكم من طريق الواقدي.
وأخرج الواقدي عن عروة قال: قالت جويرية بنت الحارث رأيت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حِجري، فكرهت أن أُخبر به أحداً من الناس حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سُبينا رجوت الرؤيا، قالت: فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوَّجني، والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت إلَاّ بجارية من بنات عمي تخبرني لاخبر فحمدت الله تعالى. كذا في البداية. وأخرجه الحاكم من طريق الواقدي عن حزَام بن هشام عن أبيه نحوه.
(نكاح صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها
أخرج الحاكم عن ابن شهاب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل عامَ الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع وهو الشهر الذي صدّه فيه المشركون عن المسجد الحرام، حتى إذا بلغ يأجُج بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حَزْن العامرية فخطبها عليه، فعلت أمرها إلى العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام النبي صلى الله عليه وسلم بسَرِف بعد ذلك بحين حتى قدمت ميمونة فبنى بها بسَرِف. وقدَّر الله تعالى أن يكون موت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها بعد ذلك بحين، فتوفيت حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعنده أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها وأقام بمكة ثلاثاً، فأتاه حُوَيْطب ابن عبد العزَّى في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا له: إنَّه قد انقضى أجلك فاخرج عنا، قال:«وما عليكم لو تركتموني فأعرستُ بين أظهركم، فصنعت لكم طعاماً فحضرتموه؟» قالوا: لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا، فخرج بميونة بنت الحارث رضي الله عنها حتى أعرس بها بسَرِف. قال الحاكم وافقه الذهبي: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه.
(تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج البيهقي في الدلائل عن علي قال: خُطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة قد خُطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: لا، قالت: فقد خُطبت فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك، فقلت: وعندي شيء أتزوج به؟ فقالت: إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّجك، قال: فوالله ما زالت ترجِّيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قعدت بين يديه أُفحمت، فوالله ما استطعت أن أتكلَّم جلالة وهيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما جاء بك ألك حاجة؟» فسكتُّ، فقال:«لعلك جئت تخطب فاطمة» ، فقلت: نعم، فقال:«وهل عندك من شيء تستحلُّها؟» فقلت: لا والله يا رسول الله، فقال:«ما فعلت درع سلحتُكَها؟» - فوالذي نفس علي بيده إنها لحُطَمِيَّة ما قيمتها أربعة دراهم - فقلت: عندي، فقال:«قد زوجتَكَها فابعث إليها بها فاستحلَّها بها» فإنْ كانت لَصَداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا في البداية. وأخرجه أيضاً الدَّوْلابي في الذريّة الطاهرة، كما في كنزل العمال.
وأخرج الطبراني عن بُرَيدة رضي الله عنه قال: قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«ما حاجة ابن أبي طالب؟» فقال: يا رسول الله ذكرتُ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مرحباً وأهلاً» لم يزد عليها، فخرج علي بن أبيطالب على أولئك الرهط من الأنصار ينظترونه فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: «مرحباً وأهلاً» ، قالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما، أعطاك الأهل والمرحب، فلما كان بعد ما زوجه قال:«يا علي إنَّه لا بد للعروس من وليمة» ، قال سعد رضي الله عنه: عندي كبش، وجمع له من الأنصار أصْوَعاً من ذرة، فلما كانت ليلة البناء قال:«لا تُحدِث شيئاً حتى تلقاني» فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على (علي) فقال: «اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما» قال الهيثمي: رواه الطبراني والبزار بنحوه إلا أنه قال: قال نفر من الأنصار لعلي: لو خطبت فاطمة، وقال في آخره «اللهم بارك لهما في شبلَيهما» ورجالهما رجال الصحيح غير عبد الكريم بن سَلِيط ووثَّقه ابن حبان. انتهى. وأخرجه الرُوياني وابن عساكر نحوه، كما في الكنز وفي روايتهما:«اللهمَّ بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في بنائهما، وبارك في نسلهما» . وأخرجه أيضاً النِّسائي نحوه كما في البداية وفي رواية: «اللهمَّ
بارك لهما في شملهما» - يعني في الجماع. وأخرجه ابن سعد عن بريدة نحوه.
لغاية ص 355
تابع وأخرج الطبراني عن أسماء بنت عُمَيس رضي الله عنها قالت: لما أُهديت فاطمة إلى علي بن أبي طالب لم نجد في بيته إلا رَمْلاً مبسوطاً، ووسادة حشوها ليف، وجرّة وكوزاً، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم «إلا تحدثنَّ حدثاً - أو قال: لا تقربنَّ أهلك - حتى آتيك» فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أثَمَّ أخي؟» فقالت أم أيمن رضي الله عنها وهي أم أسامة بن زيد رضي الله عنهما وكانت حبشية وكانت امرأة صالحة -: يا رسول الله هذا أخوك وزوجته ابنتك؟ - وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه وآخى بين علي ونفسه -، قال:«إن ذلك يكون يا أم أيمن» قالت: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء، ثم قال: ما شاء الله أن يقول، ثم مسح صدر علي وجهه، ثم دعا فاطمة فاقمت إليه فاطمة تعثر في مِرْطها من الحياء، فنصح عليها من ذلك وقال لها ما شاء أن يقول، ثم قال لها؛ «أما إني لم آلُك أن أنكحتك أحبَّ أهلي إليَّ» ، ثم رأى سواداً من وراء الستر أو من وراء الباب، فقال:«من هذا؟» قالت: أسماء، قال:«أسماء بنت عُمَيس؟» قالت: نعم يا رسول الله، قال:«جئت كرامةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم» قالت: نعم، إن الفتاة ليلة يُبنى بها لا بدَّ لها من امرأة تكون قريباً منها، إن عرضت لها حاجة أفضت ذلك إليها، قالت: فدعا لي بدعاء إنه لأوثق عملي عندي، ثم قال لعلي:«دونك أهلك» ثم خرج فولَّى فما زال يدعو لهما حتى تواى في حُجَره.
وفي رواية عن أسماء بنت عُميس أيضاً: قالت: كنت في زِفاف فاطمة
رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبحت جاء النبي صلى الله عليه وسلم فضرب الباب، فقامت إليه أم أيمن ففتحت له الباب فقال لها:«يا أم أيمن ادعي لي أخي» فقالت: أخوك هو وتنكحه ابنتك؟ قال: «يا أم أيمن ادعي لي» فسمع النساء صوت النبي صلى الله عليه وسلم فتحسحسن، فجلس في ناحيةٍ، ثم جاء علي فدعا له ثمَّ نضح عليه من الماء، ثم قال:«ادعوا لي فاطمة» فجاءت وهي عرقة أو حزقة من الحياء، فقال:«اسكتي فقد أنكحتك أحب أهلي إليَّ» - فذكر نحوه قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح. اهـ.
ويخرج ابن عساكر عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث زوج فاطمة دعا بماء فمجَّه، ثم أدخله معه فرشَّه في جيبه وبين كتفيه وعوَّذه بقل هو الله أحد والمعوِّذتين. كذا في الكنز. وأخرج أبو يَعْلى وسعيد بن منصور عن عَلْباء بن أحمر قال: قال علي بن أبي طالب: خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة، قال: فباع علي درعاً له وبعض ما باع من متاعه فبلغ أربعمائة وثمانين درهماً، قال: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ثلثيه في الطيب وثلثاً في الثياب، ومجَّ في جرة من ماء فأمرهم أن يغتسلوا به، وأمرها أن لا تسبقه برضاع ولدها فسبقته برضاع الحسين، وأما في الكنز. وأخرجه ابن سعد عن عَلْباء قصة الطيب والثياب.
وأخرج البزار عن جابر رضي الله عنه قال: حضرنا عرس علي رضي
الله عنه وفاطمة رضي الله عنها، فما رأينا عرساً كان أحسن منه، حشونا الفراش - يعني الليف -، وأُتينا بتمر وزبيب فأكلنا، وكان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش؛ قال الهيثمي: وفيه عبد الله بن ميمون القدَّاح وهو ضعيف اهـ.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن علي قال: جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل وقِربة ووسادة أدَم حشوها إذخر. كذا في الكنز. وعند الطبراني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لما جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة إلى علي رضي الله عنهما بعث معها بخَميل، - قال عطاء: ما الخميل؟ قال: قطيفة - ووسادة من أدَم حوشها ليف، وإذخر وقِربة، كانا يفترشان الخميل ويلتحفان بنصفه؛ قال الهيثمي: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
(نكاح ربيعة الأسلمي رضي الله عنه
أخرج أحمد والطبراني عن ربيعة الأسلمي قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا ربيعة ألا تَزَوَّج؟» فقلت: ما أريد أن أتزوَّج، ما عندي ما يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني عنك شيء. فأعرض عني، ثم قال لي الثانية:«يا ربيعة ألا تَزَوَّج» ؟ فقلت: ما أريد أن أتزوَّج، ما عندي ما يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني عنك شيء. فأعرض عني ثم
رجعت إلى نفسي فقلت: والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم مني بما يصلحني في الدنيا والآخرة، والله لئن قال لي: ألا تزوَّج؟ لأقولنَّ: نعم يا رسول الله، مرني بما شئت، فقال لي:«يا ربيعة ألا تَزَوَّج» ؟ فقلت: بلى، مرني بما شئت، قال:«انطلق إلى آل فلان - حيّ من الأنصار كان فيهم تراخٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة» - لامرأة منهم -، فذهبت إليهم فقلت لهم: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم يأمركم أن تزوِّجني، فقالوا: مرحباً برسول الله وبروسل رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يرجع رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحاجته، فزوِّجني وألطفوني وما سألوني البيِّنة.
فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزيناً فقلت: يا رسول الله أتيت قوماً كراماً فزوّجوني وأطفوني وما سألوني البيِّنة، وليس عندي صداق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا بُريدة الأسلمي، اجمعوا لي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اذهب بهذا إليهم فقل لهم: هذا صداقها» ، فأتيتهم فقلت: هذا صداقها، فقبلوه ورضوه وقالوا: كثير طيب. قال: ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزيناً فقال: «يا ربيعة ما لك حزين؟» فقلت: يا رسول الله ما رأيت قوماً أكرم منهم، ورضوا بما آتيتهم وأحسنوا، وقالوا: كثير طيِّب، وليس عندي ما أُولمُ، فقال:«يا بُريدة اجمعوا له شاة قال: فجمعوا لي كبشاً عظيماً سميناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ذاهب إلى عائشة فقل لها: فلتبعثْ بالمكتل الذي فيه الطعام» ، قال: فأتيتها فقلت لها ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هذا المكتل فيه سبع آصُع شعير، لا والله لا والله إن أصبح لنا طعام غيره، خذه. قال: فأخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم
وأخبرته بما قالت عائشة، قال:«اذهب بهذا إليهم فقل لهم: ليصبح هذا عندكم خبزاً وهذا طبيخاً» فقالوا: أمّا الخبز فسنكفيكموه، وأما الكبش فاكفونا أنتم، فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبهخناه فأصبح عندنا خبز ولحم، فأولمت ودعوت النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني بعد ذلك أرضاً وأعطى أبا بكر رضي الله عنه أرضاً، وجاءت الدنيا، فاختلفنا في عَذْق نخلة، فقلت أنا هي في حدِّي، وقال أبو بكر: هي في حدِّي، وكان بيني وبين أبي بكر كلام، فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها، وندم فقال لي: يا ربيعة ردَّ عليَّ مثلها حتى يكون قصاصاً، قلت: لا أفعل، قال أبو بكر: لتقولنَّ أو لأستعدينَّ عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: ما أنا بفاعل، قال: ورفض الأرض وانطلق أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وانطلقت أتلوه، فجاء أناس من أسلم فقالوا: رحم الله با بكر، في أي شيء يستعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال لك ما قال؟ فقلت: أتدرون ما هذا؟ هذا أبو بكر الصِّديق هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إيَّاكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه، فيغضب الله عز وجل لغضبهما، فيهلك ربيعة قال: ما تأمرنا؟ قال: ارجعوا. فانطلق أبو بكر رحمة الله عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعته وحدي، حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فحدَّثه الحديث كما كان، فرفع رأسه إليَّ فقال:«يا ربيعة ما لك وللصدِّيق؟» قلت: يا رسول الله كان كذا، كان كذا، قال لي كلمة كرهتها قال لي: قل كما قلت حتى يكون قصاصاً، فأبيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أجل، لا تردَّ عليه، ولكن قل: غَفَر الله لك يا أبا بكر» قال الحسن: فولّى أبو بكر رحمه الله يبكي. قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني وفيه مبارك بن فضالة
وحديثه حسن وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. اهـ. وأخرجه أبو يعلى عن ربيعة نحوه بطوله، كما في البداية، والحاكم وغيره قصّة النكاح، كما في الكنز، وابن سعد قصته مع أبي بكر.
(نكاح جليبيب رضي الله عنه
أخرج أحمد عن أبي بَرْزة الأسلمي رضي الله عنه أن جليبيباً كان أمرأ يدخل على النساء يمرُّ بهن ويلاعبهن، فقلت لامرأتي: لا تدخِلُنَّ عليكم جُلَيبيباً، إن دخل عليكم لأفعلنَّ ولأفعلنَّ قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيِّم لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي صلى الله عليه وسلم فيها حاجة أم لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار:«زوجني ابنتك» قال قال: نعم وكرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعمة عين. قال: «إنِّي لست أريدها لنفسي» ، قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: «لجليبيب» قال: أشاور أمها، فقالت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك، قالت: نعم ونعمة عين، قال: إنَّه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها بالحليبيب، قالت: لجليبيب إنيه لجليبيب إنيه لا لعمر الله لا نزوجه فلما أن أراد ليقوم ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما قالت أمها قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها، فقالت: أتردُّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ادعفوني إليه فإنه لن يضيعني. فانطلق أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: شأنك بها، فزوَّجها جليبيباً. قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له، قال: فلما أفاء الله عز وجل عليه قال: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: لا، قال:«لكني أفقد جليبيباً، قال: «فاطلبوه» فوجدوه إلى
جنب سبعة قتلهم ثم قتلوه، فقالوا: يا رسول الله، ها هو ذا إلى جنب سبعة قتلهم ثلاثاً -، ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه وحفرله، ما له سرير إلا ساعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم وضعه في قبره، لم يذكر أنه غسَّله؛ قال: ثابت: فما كان في الأنصار أيِّم أنفق منها، وحدِّث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتاًهل تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«اللهم صب عليها الخير صبأ، ولا تجعل عيشها كدّاً كدّاً» . قال: فما كان في الأنصار أيِّم أنفق منها: قال
الهيثمي:
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وهو في الصحيح خالياً عن الخطبة والتزويج. انتهى.
(نكاح سلمان الفارسي رضي الله عنه
أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي عبد الرحمن السُّلمي عن سلمان رضي الله عنه أنه تزوج امرأة من كِنْدة، فبنى بها في بيتها، فلما كان ليلة البناء مشى معه أصحابه حتى أتى بيت امرأته، فلما بلغ البيت قال: ارجعوا آجركم الله ولم يدخلهم عليها كما فعل السفهاء، فلما نظر إلى البيت والبيت منجَّد قال: أمحموم بيتكم، أم تحولت الكعبة في كندة؟ قالوا: ما بيتنا بمحموم، ولا تحولت الكعبة في كندة، فلم يدخل البيت حتى نُزع كل ستر البيت غير ستر الباب، فلما دخل رأى متاعاً كثيراً فقال: لمن هذا المتاع؟ قالوا: متاعك ومتاع امرأتك، قال: ما بهذا أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني خليلي أن
لا يكون متاعي من الدنيا إلا كزادِ الراكب. ورأى خدماً فقال: لمن هذا الخدم؟ فقالوا: خدمك وخدم امرأتك، فقال: ما بهذا أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا أمسك إلا ما أنكح أو أُنكْح، فإن فعلت فبغين كان عليَّ أوزارهن من غير أن ينتقص من أوزارهنَّ شيء، ثم قال للنسوة اللاتي عند امرأته: هل أنتن مخرجات عني مخلِّيات بيني وبين امرأتي؟ قلن: نعم، فخرجن فذهب إلى الباب حتى أجافه، وأرخى الستر، ثم جاء حتى جلس عند امرأته فمسح بناصيتها ودعا بالبركة، فقال لها: هل أنت مطيعتي في شيء آمرك به؟ قالت: جلست مجلس من يُطاع، قال: فإن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا اجتمعت إلى أهلي أن أجتمع على طاعة الله عز وجل، فقام وقامت إلى المسجد، فصلَّيا ما بدا لهما، ثم خرجا فقضى منها ما يقضي الرجل من امرأته، فلما أصبح غدا عليه أصحابه فقالوا: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنهم، ثم أعادوا فأعرض عنهم، ثم أعادوا فأعرض عنهم، ثم قال: إنما جعل الله تعالى الستور والخدور والأبواب لتواري ما فيها. حسب امرىء منكم أن يسأل عما ظهر له، فأمَّا ما غاب
عنه فلا يسألن عن ذلك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المتحدِّث عن ذلك كالحمارين يتسافدان في الطريق. وعنده أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم سلمان من غيبة له فتلقّاه عمر رضي الله عنه فقال: أرضاك الله تعالى عبداً، قال: فزوِّجني، قال: فسكت عنه، فقال: أترضاني الله عبداً ولا ترضاني لنفسك؟ فلما أصبح أتاه قوم عمر فقال: حاجة؟ قالوا: نعم، قال: وما هي؟ إذاً تُقضى، قالوا: تُضرب عن هذا الأمر - يعنون خطبته إلى عمر -، فقال: أما - والله - ما حملني على هذا إمرته ولا سلطانة، ولكن قلت: رجل صالح عسى الله أن يخرج مني
ومنه نَسَمة صالحة، قال: فتزوج في كندة فذكر الحديث نحوه. وأخرجه الطبراني عن ابن عباس مختصراً، وفي إسنادهما الحجاج بن فَروخ وهو ضعيف، كما قال الهيثمي.
(نكاح أبي الدرداء رضي الله عنه
أخرج أبو نعيم في الحلية عن ثابت البُناني أن أبا الدرداء رضي الله عنه ذهب مع سلمان وسابقته وإسلامه، وذكر أنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة، فقالوا: أما سلمان فلا نزوِّجه ولكنا نزوّجك، فتزوجها ثم خرج، فقال: إنه قد كان شيء وإني أستحيي أن أذكره لك، قال: وما ذاك؟ فأخبره أبو الدرداء بالخبر، فقال سلمان: أنا أحق أن أتسحيي منك أن أخطبها، وكان الله تعالى قد قضاها لك. وأخرجه الطبراني مثله، قال الهيثمي: ورجاله ثقات إلا أن ثابتاً لم يسمع من سلمان ولا من أبي الدرداء. انتهى.
(تزويج أبي الدرداء ابنته الدرداء برجل من ضعفاء المسلمين)
أخرج أبو نُعَيم في الحلية عن ثابت البُناني قال: خطب يزيد بن معاوية إلى أبي الدرداء رضي الله عنه ابنته الدرداء، فردّه، فقال رجل من جلساء يزيد: أصلحك الله تذن لي أن أتزوجها؟ قال: اغرب ويلك قال: فأذن لي أصلحك الله، قال: نعم، قال: فخطبها فأنكحها أبو الدرداء الرجل، (قال) فسار ذلك
في الناس أن يزيد خطب إلى أبي الدرداء فردّه، وخطب إليه رجل من ضعفاء المسلمين فأنكحه، قال فقال أبو الدرداء: إني نظرت للدرداء، ما ظنكم بالدرداء إذا قامت على رأسها الخصيان ونظرت في بيوت يلتمع فيها بصرها، أين دينها منها يومئذ؟ وأخرجه أيضاً الإمام أحمد مثله، كما في صفة الصفوة.
(تزويج علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم بعمر بن الخطاب رضي الله عنهم
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن أبي جعفر رضي الله عنه قال: خطب عمر رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه ابنته، فقال: أبعث بها إليك فإن رضيت فهي امرأتك، فبعث إليه فكشف عن ساقها فقالت له: أرسل فلولا أنك أمير المؤمنين لصككتُ عينك.m كذا في الكنز. وأخرجه ابن عمر المقدسي عن محمد بن علي نحون، كما في الإصابة.
وعند ابن سعد عن محمد أن عمر خطب أم كلثوم رضي الله عنها إلى علي، فقال: إنما حسبت بناتي على بني جعفر. فقال: زوِّجنيها - فوالله - ما على ظهر الأرض رجل يُرْصد من كرامتها ما أرصد، قال: قد فعلت، فجاء عمر إلى المهاجرين فقال: زُفُّوني فزفُّوه، فقالوا: بمن تزوجت؟ قال: بنت علي، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كل نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي» وكنت قد صاهرت فأحببت هذا أيضاً. ومن طريق عطاء الخراساني أن عمر أمهرها أربعين ألفاً. كذا في الإصابة.
(تزويج عدي بن حاتم ابنته لعمرو بن حريث رضي الله عنهم
أخرج ابن عساكر عن الشَّعبي أن عمرو بن حريث رضي الله عنه خطب إلى عدي بن حاتم رضي الله عنه فقال: لا أزوجكها إلا على حكمي، قال: وما هو؟ قال: لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم (أسوة حسنة)، حكمت عليك بمهر عائشة رضي الله عنها ثمانين وأربعمائة درهم. وعنده أيضاً عن حُميد بن هلال قال: خطب عمرو بن حريث إلى عدي بن حاتم فقال: عرَّفني ما حكمت به عليَّ؟ فأرسل إليه أني حمت بأربعمائة درهم وثمانين درهماً سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا في الكنز.
(نكاح بلال وأخيه رضي الله عنهما
أخرج ابن سعد عن الشَّعبي قال: خطب بلال رضي الله عنه وأخوه
إلى أهل بيت من اليمن، فقال: أنا بلال وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنّا ضالَّين فهدانا الله، وكنَّا عبدين فأعقتنا الله، إن تنكحونا فالحمد لله وإن تمنعونا فالله أكبر. وعن عمرو بن ميمون عن أبيه أن أخاً لبلال كان ينتمي إلى العرب، ويزعم أنه منهم، فخطب امرأة من العرب فقالوا: إن حضر بلال زوَّجناك، قال: فحضر بلال فتشهَّد وقال: أنا بلال ابن رباح وهذا أخي، وهو امرؤ سوء في الخلق والدين، فإن شئتم أن تزوِّجوه، وإن شئتم أن تدعوا فدعوا، فقالوا: من تكون أخاه نزوّجه، فزوَّجوه.
(الإنكار على من تشبه بالكفرة في النكاح)
أخرج أبو الشيخ في كتاب النكاح عن عروة بن رُوَيم أن عبد الله بن قُرْط الثُّمالي رضي الله عنه كان يَعسُّ بحمص ذات ليلة - وكان عاملاً لعمر رضي الله عنه فمرَّت به عروس وهم يوقدون النيران بين يديها، فضربهم بدرته حتى تفرقوا عن عروسهم، فلما أصبح قعد على منبره فحمد الله وأثنى عليه فقال: إنَّ أبا جندلة نكح أمامه فصنع لها حثيات من طعام، فرحم الله أبا جندلة وصلى على أُمامة، ولعن الله عروسكم البارحة أوقدوا النيران، وتشبَّهوا بالكفرة والله مطفىء نورهم. قال: وعبد الله بن قُرط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كذا في الإصابة.
الصداق
(صداق الرسول عليه السلام
أخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان صَدَاق رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة أوقية ونشّأ، فذلك خمسمائة درهم، قالت عائشة: الأوقية أربعون والنشّ عشرون.
(نهي عمر عن المغالاة في المهور واعتراض امرأة عليه في ذلك)
أخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والمحامي عن مسروق قال: ركب عمر رضي الله عنه المنبر فقال عمر: لا أعرف من زاد الصدق على أربعمائة درهم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما الصَّدُقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى أو مكرُمة لما سبقتموهم إليها، ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في صدقاتهن على أربعمائة؟ قال: نعم، قالت: أما سمعت الله يقول في القرآن: {وَءاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} (سورة النساء، الآية: 20) - الآية. فقال: اللهمَّ غَفْراً. كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا في صدقاتهن على أربعمائة، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب أو ما طابت نفسه فليفعل. كذا في الكنز. قال الهيثمي: رواه أبو يعلى في الكبير وفيه مجالد بن سعيد وفيه ضعف وقد وُثِّق - انتهى. وأخرجه ابن سعد من طريق عطاء الخراساني أخصر منه.
وأخرجه سعيد بن منصور البيهقي عن الشَّعبي قال: خطب عمر بن الخطاب فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألا لا تغالُوا في صَدَاق النساء، وإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر منشيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سيق إليه إلَاّ جعلت
فضل ذلك في بيت المال، ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين لكتاب الله أحقُّ أن يتبع أم قولك؟ قال: كتاب الله فما ذاك؟ قالت: نهيت الناس آنفاً أن يتغالَوا في صَدَاق النساء والله تعالى يقول في كتابه: {وآتيم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا} ، فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر - مرتين أو ثلاثاً -، ثم رجع إلى النمبر فقال للناس: إنِّي كنت نهيتكم أن تغالوا في صَدَاق النساء فليفعل رجل في ماله ما بدا له. وعند أبي عمر بن فَضالة في أماليه عن عمر قال: لو كان المهر سناءً ورفعة في الآخرة كان بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونساؤه أحقَّ بذلك. كذا في كنز العمال.
(فعل عمر وعثمان وابن عمر والحسن بن علي في المهور)
وأخرج ابن أبي شَيْبة عن ابن سيرين أن عمر رضي الله عنه رخّص أن تُصْدق المرأة ألفين، ورخَّص عثمان رضي الله عنه في أربعة آلاف. كذا في الكنز. وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع قال: تزوَّج ابن عمر رضي الله عنها صفيّة رضي الله عنها على أربعمائة درهم، فأرسلت إليه أن هذا لا يكفينا، فزادها مائتين سراً من عمر، كذا في الكنز.
وأخرج الطبراني عن ابن سيرين قال: تزوّج الحسن بن علي رضي الله عنهما امرأة قال: فأرسل إليها إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم؛ قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. انتهى.
معاشرة النساء والرجال والصبيان
(معاشرة عائشة وسَوْدة رضي الله عنهما لبعضهما)
أخرجه أبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بحريرة قد طبختها له، فقلت لسودة - والنبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينها -: كُلي، فأبت، فقلت: لتأكُلِنَّ أو لأَلْطَخنَّ وجهك، فأبت، فوضعت يدي على الحريرة فطليت وجهها، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فوضع بيده لها وقال لها:«الطخي وجهها» (فلطخت وجهي) فضحك النبي صلى الله عليه وسلم لها، فمرّ عمر رضي الله عنه فقال: يا عبد الله، يا عبد الله، فظن (النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيدخل، فقال: قوما فاغسلا وجوهكما. قالت عائشة: فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياه) . قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح خلا محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن. اهـ. وأخرجه ابن عساكر مثله، كما في المنتخب. وابن النجار بنحون، كما في الكنز. وفي رواية: فخفض لها ركبته لتستقيد مني، فتناولت من الصحفة شيئاً فمسحت به وجهي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك.
(معاشرة عائشة وحفصة لسودة اليمانية)
وأخرج أبو يعلى عن رزينة رضي الله عنها مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سودة اليمانية جاءت عائشة تزورها وعندها حفصة بنت عمر رضي الله عنهما فجاءت سودة في هيئة وفي حالة حسنة، وعليها بُرْدة من دروع اليمن وخمار كذلك، وعليها نقطتان مثل الفرستين من صبر وزعفران إلى موقعها - قالت عليلة وأدركتُ النساء يتزينَّ به - فقالت حفصة لعائشة: يا أمَّ المؤمنين يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه بيننا تبرُق، فقالت أم المؤمنين: أتَّقي الله يا حفصة، فقالت: لأفسدنَّ عليها زينتها، قالت: ما تقلنَ؟ - وكان في أذنها ثِقل -، قالت لها حفصة: يا سودة خرج الأعور، قالت: نعم، ففزعت فزعاً شديداً فجعلت تنتفض، قالت: أين أختبىء؟ قالت: عليك بالخيمة - خيمة لهم من سعف يختبئون فيها -، فذهبت فاختبأت فهيا؛ وفيها القذر ونسيج العنكبوت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما تضحكان لا تستيطعان أن تتكلما من الضحك، فقال:«ماذا الضحك؟» ثلاث مرات، فأومأتا بأيديهما إلى الخيمة، فذهب فإذا سودة تُرعَد، فقال لها:«يا سودة ما لك؟ قالت: يا رسول الله خرج الأعور قال: «ما خرج وليخرجنَّ، ما خرج وليخرجنَّ» ، فأخرجها فجعل ينفض عنها الغبار ونسيج العنكبوت، قال الهيثمي: رواه أبو يعلى والطبراني إلا أنه قال: فقالت حفصة لعائشة: يدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فسقتين وهذه بيننا تبرُق، وفيه من لم أعرفهم. انتهى.
(معاشرة النبي عليه السلام لعائشة)
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً فسمع ضوضاء الناس والصبيان، فإذا حبشيَّة تزفِن والناس حولها، فقال:«يا عائشة تعالى فانظري» فوضعت خدي على منكبيه فجعلت أنظر ما بين المنكبين إلى رأسه، فجعل يقول:«يا عائشة ما شبعت؟» فأقول: لا، لأنظر منزلتي عنده، فلقد رأيته يراوح بين قدميه، فطلع عمر فتفرق الناس والصباين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأيت شياطين الإنس والجن فرُّوا من عمر» - فذكر الحديث، كما في المنتخب. وعند الشيخين عنها، كما في المشكاة (ص272) قالت: والله: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يعلبون بالحراب في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف، فاقدُروا قَدْر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو.
(معاشرة نساء النبي عليه السلام له ولبعضهن)
وأخرج البخاري عن عائشة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنها ويشرب عندها عسلاً، فتواطأتُ أنا وحفصة أن أيتنا
دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فتقل له: إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير، فدخل على إحداهما النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك، فقال:«لا، بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له» ، فنزلت {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (سورة التحريم، الآية: 1) - إلى قوله تعالى: {إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (سورة التحريم، الآية: 6) لعائشة وحفصة {وإذا أسرالنبي إلى بعض أزواجه حديثا} لقوله: «بل شربت عسلاً» ، وقال إبراهيم بن موسى عن هشام:«لون أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحداً» وأخرجه مسلم مثله.
وعند البخاري أيضاً عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداههنّ، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّة عسل، فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالنَّ له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغافير؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي: جَرَست نحلة العرفط، وسأقول ذلك، وقولي له أنت يا صفية ذلك. قالت: تقول سودة: فوالله ما هو إلا أن قام على البا فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقاً
منك، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال: «لا» ، قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: «سقتني حفصة شربة عسل» ، قالت: جَرَست نحلةُ العرفطَ، فلما دار إليَّ قلت نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال: «لا حاجة لي فيه» . قالت: تقول سودة: والله لقد حَرَمناه. قلت لها: اسكتي. وأرخجه مسلم كذا في التفسير لابن كثير وأبو داود كما في جمع الفوائد وابن سعد.
(قصته عليه السلام مع نسائه حين أراد طلاقهن)
وأخرج أحمد عن علي بن عباس رضي الله عنهما قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: {إن تتوبا إلى افقد ضغت قلوبكما} حتى حج عمر وحججت معه، فلَّما كنَّا ببعض الطريق عدل عمروعدلت معه بالإداوة، فتبرَّز ثم أتاني، فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت: يا أميرالمؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم التلان قال الله تعالى: {إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ فقال عمر: واعجباً لك يا ابن عباس - قال: هما: حفصة، وعائشة، قال: ثم أخذ يسوق الحديث قال: كنّا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا
قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلَّمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، قال: فتغضَّبت يوماً على امرأتي فإذا هي تراجعني، فأنركت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. قال: فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: نعم، قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعل ذلك منكنَّ وخسر فأتأمنُ إحداكنَّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله؟ فذا هي قد هلكت لا ترجعي رسول الله ولا تسأليه شيئاً وسليني ما بدا لك، ولا يغرنَّك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك - يريد عائشة -.
قال: وكان لي جار من الأنصار، وكنا نتناوب النزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوماً وأنزل يوماً، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، ورتيه بمثل ذلك، قال: وكنَّا نتحدَّث أن غسان تُنعِل الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي يوماً ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم فقلت: وماذا؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأطول؟ طلَّق الرسول نساءه، فقلت: قد خابت حفصة وخسرت قد كنت ظن هذا كائناً، حتى إذا صليت الصبح شددت عليَّ ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت: أطلقكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة، فأتيت غلاماً له أسود فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليَّ فقال: قد ذكرتك له فصمت، فانقطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلاً ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج عليَّ فقال: قد ذكرتك له فصمت، فولّيت مدبراً فإذا الغلام يدعوني،
فقال: ادخل فقد أذن لك، فدخلت فسلَّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكىء على رمل حصير - قال أحمد وحدثنا يعقوب في حديث صالح قال: رمال حصير قدأثَّر في جنبه - فقلت: أطلَّقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إليَّ وقال: «لا» ، فقلت: الله أكبر لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش قوماً نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلَّمن من نسائهم، فتغضَّبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله؟ فإذا هي قد هلكت، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله فدخلت على حفصة فقلت: لا يغرك إن كانت جارتك
هي
أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فتبسَّم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: «نعم» ، فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر إلا آهِبَة ثلاثة، فقلت: ادع يا رسول الله أن يوسِّع على أمتك، فقد وسَّع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالساً ثم قال:«أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» ، فقلت: استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهراً من شدّة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل، وقد رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
وعند مسلم أيضاً عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتُون بالحصى ويقولون: طلَّق رسول الله نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب، فقلت: لأعلمنَّ ذلك اليوم - فذكر الحديث في دخوله على عائشة وحفصة ووعظه إياهما إلى أن قال: فدخلت فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم على أسكفة المشربة فناديت فقلت: يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو ما يتقدَّم إلى أن قال: فقلت: يا رسول الله ما يشقُّ عليك من أمر النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون مع، وقلّما تكلّمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدِّق قولي، فنزلت هذه الآية آية التخيير:{عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مّنكُنَّ} (سورة التحريم، الآية: 5) - {وإن تظاهرا عليه فإن اهو موله وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} (سورة التحريم، الآية: 4) فقلت: أطلقتهنَّ؟ قال: «لا» ، فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلِّق نساءه ونزلن هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا بهولو روده إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (سورة التحريم، الآية: 5) فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر؛ كذا في التفسير لابن كثير. وأخرج الحديث أيضاً عبد الرزاق وابن سعد وابن حِبّان والبيهقي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم، كما في الكنز.
وأخرج أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: أقبل أبو بكر رضي الله عنه يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ببابه جلوس، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر رضي الله عنه فاستأذن فلم يؤذن، ثم أذن لأبي بكر وعمر فدخلا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه وهو صلى الله عليه وسلم ساكت، فقال عمر: لأكلمنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك، فقال عمر: يا رسول الله لو رأيت ابنه زيد - امرأة عمر - سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال:«هنَّ حولي يسألنني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده، قال: وأنزل الله عز وجل الخيار، فبدأ بعائشة فقال:«إني أذكر لك أمراً ما أحب أن تعجِّلي فيه حتى تستأمري أبويك» ، قالت: وما هو؟ قال فتلا عليها: {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاْزْواجِكَ} (سورة الأحزاب، الآية: 28) - الآية، قالت، عائشة: أفيك استأمر أبويَّ؟ بل اختار الله تعالى ورسوله، وأسألك أن لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت، فقال صلى الله عليه وسلم «إنَّ الله تعالى لم يبعثني معنَّفاً ولكن بعثني ميسَّراً، لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها» . وأخرجه مسلم والنسائي. وعند ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت عائشة: أُنزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة من نسائه فقال صلى الله عليه وسلم «إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تعجِّلي حتى تستأمري أبويك» ، قالت: وقد علم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: إن الله تبارك وتعالى قال: {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ
قُل لاْزْواجِكَ} - الآيتين، قالت عائشة: فقلت: أفي هذا أستأمر
أبويَّ؟
فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خيَّر نساءه كلَّهن، فقلن مثل ما قالت عائشة؛ وأخرجه البخاري ومسلم من عائشة مثله. وعندهما أيضاً وأحمد - واللفظ له - عن عائشة قالت: خيَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يَعُدَّها علينا شيئاً، كذا في التفسير لابن كثير.
(معاشرته عليه السلام لعائشة وميمونة)
وأخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عليَّ غضبى» ، فقلت من أين تعرف ذلك؟ فقال:«إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا وربَّ محمد، وإذا كنت عليَّ غضبَى قلت: لا ورب إبراهيم» قالت: أجل، والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك، كذا في المشكاة (ص272) .
وأخرج أبو داود عن عائشة أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجليَّ، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، قال:«هذه بتلك السبقة» ؛ كذا في المشكاة (ص373) . وأخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تضيفتُ ميمونة رضي الله عنها وهي ليتئذ لا تصلِّي، فجاءت بكساء، ثم جاءت
بكساء آخر فطرحته عند رأس الفراش، ثم اضطجعت ومدَّت الكساء عليها وبسطت لي بسيطاً إلى جنبها، فتوسدت معها على وسادها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلَّى العشاء الآخرة فانتهى إلى الفراش، فأخذ خرقة عند رأس الفراش فاتَّزر بها، وخلع ثوبيه فعلَّقهما، ثم دخل معها في لحافها، حتى إذا كان في آخر الليل قام إلى سقاء معلَّق فحلَّه، ثم توضأ منه، فهممت أن أقوم فأصبّ عليه، ثم كرهت أن يرى أني كنت مستيقظاً، ثم جاء إلى الفراش فأخذ ثوبيه وخلع الخرقة، ثم قام إلى المسجد فقام يصلِّي، فقمت فتوضأت ثم جئت فقمت عن يساره، فتناولني بيده من ورائه فأقامني عن يمينه، فصلّى وصلّيت معه ثلاث عشرة ركعة، ثم جلس وجلست إلى جنبه، فأصغى بخذه إلى خدي حتى سمعت نفس النائم، ثم جاء بلال رضي الله عنه قال: الصلاة يا رسول الله، فقام إلى المسجد فأخذ في الركعتين أخذ بلال في الإقامة. كذا في الكنز.
(حسن معاشرته عليه السلام لامرأة عجوز)
وأخرج البيهقي وابن النجار عن عائشة رضي الله عنه قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: «من أنت؟» قالت: جَثَّامة المزنية، قال:«بل أنت حسانة المزينة، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟» قالت: بخير - بأبي أنت وأمي يا رسول الله - فلما خرجت قلتُ: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: «يا عائشة إنَّها كانت تأتينا زمان خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان» . وعند البيهقي أيضاً عنها قالت: كانت عجوز تأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيهش بها
ويكرمها، فقلت: بأبي أنت وأمي إنك لتصنع بهذه العجوز شيئاً لا تصنعه بأحد قال: «إنا كانت تأتينا عند خديجة، أما علمت أن أكرم الودِّ من الإيمان» . كذا في الكنز. وأخرج البخاري في الأدب (ص188) عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعِرّانة وأنا يومئذ غلام أحمل عضو البعير، فأتته امرأة فبسط لها رداءه قلت: من هذه؟ قال: أمه التي أرضعته.
(معاشرته عليه السلام لغلام حبشي ولابن مسعود)
وأخرج الطبراني والبزّار وابن السنِّي وأبو نعيم وسعيد بن منصور عن عمرو رضي الله عنه قال: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وغُلَيِّم له حبشي يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله أتشتكي شيئاً؟ قال: «إن الناقة تقحَّمت بي البارحة» . كذا في الكنز. وأخرج ابن سعد عن القاسم بن عبد الرحمن قال: كان عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه يُلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه، ثم يمشي أمامه بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعيه وأعطاه العصا، فإذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم ألبسه نعليه، ثم مشى بالعصا أمامه حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أيضاً عن أبي المليح قال: كان عبد الله يستر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل،
ويوقظه إذا نام، ويمشي معه في الأرض وحشاً.
(معاشرته عليه السلام لأنس)
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه يقول: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، ومات وأنا ابن عشرين سنة، وكن أمهاتي يحثثني على خدمته. وعند ابن سعد وابن عساكر عن ثمامة قال: قيل لأنس: أشهدت بدراً؟ قال: وأين أغيب عن بدر لا أمَّ لك قال محمد بن عبد الله الأنصاري: خرج أنس بن مالك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توجه إلى بدر وهو غلام يخدم النبي صلى الله عليه وسلم كذا في المنتخب.
(خدمة شباب الأنصار وبعض الأصحاب النبي عليه السلام
وأخرج البزّار عن أنس قال: كان عشرون شباباً من الأنصار يلزمون رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوائجه، فإذا أراد أمراً بعثهم فيه. وفيه من لم أعرفهم قاله الهيمثي. وعنده أيضاً عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: كان لا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم أو باب النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أو أربعة من أصحابه. وفيه موسى بن عبيدة الرَّبَذي وهو ضعيف، كما قال الهيثمي. وعنده أيضاً عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كنا نتناوب رسول الله
صلى الله عليه وسلم تكون له الحاجة أو يرسلنا في الأمر، فيكثر المحتسبون وأصحاب النُّوَب، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الدجَّال فقال:«ما هذه النجوى؟ ألم أنهكم عن النجوى؟» ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف، كما قال الهيثمي.
وعنده أيضاً عن عاصم بن سفيان أنه سمع أبا الدرداء رضي الله عنه أو أبا ذر رضي الله عنه قال: استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيت على بابه يوقظني لحاجته، فأذن لي فبت ليلة. ورجاله ثقات كما قال الهيثمي. وأخرج ابن عساكر عن حذيفة رضي الله عنه قال: صلَّيت مع النبي في شهر رمضان، فقام يغتسل وسترته، ففضلت منه فضلة في الإناء فقال:«إن شئت فارفعه وإن شئت فصبّ عليه» ، قلت يا رسول الله هذه الفضلة أحب إليَّ مما أصب عليه، فاغتسلت به وسترني، قلت: لا تسترني قال: «بلى، لأسترنَّك كما سترتني» ، كذا في المنتخب.
(معاشرته عليه السلام لابنه إبراهيم وللأطفال من آل بيته)
وأخرج مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان إبراهيم مسترضعاً له في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنَّه ليدخِّن، وكان ظئره قيناً، فيأخذه فيقبله ثم يرجع، قال عمرو: فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنَّ إبارهيم ابني، وإنَّه مات في الثدي، وإنَّ له لظئرين يكملان رضاعه في
الجنة» . وأخرجه أحمد كما في البداية. وأخرج أحمد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفُّ عبد الله وعبيد الله وكثير بن العباس رضي الله عنهم ثم يقول: «مَنْ سبق إليَّ فله كذا وكذا» قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم. قال الهيثمي: رواه أحمد وإسناده حسن.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلُقي بصبيان أهل بيته، وإنه جاء من سفر فسبق بي إليه، فحملني بين يديه، جيء بأحد ابني فاطمة الحسن أو الحسين رضي الله عنهم فأردفه خلفه، فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة. وعنده أيضاً عنه قال: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الصبيان فحملني أنا وغلاماً من بني العباس على الدابة، فكنا ثلاثة. وعنده أيضاً عنه قال: لو رأيتني وقُثماً وعبيد الله ابني عباس ونحن صبيان نلعب، إذ مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة فقال:«ارفعوا هذا إليَّ» فجعلني أمامه وقال: «ارفعوا هذا إليَّ» فجعله وراءه، وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قُثَم، فما استحيي من عمه أن حمل قثماً وتركه، قال: ثم مسح على رأسي ثلاثاً، كلما مسح قال:«اللهمَّ اخلف جعفراً في ولده» كذا في المنتخب.
وأخرج أبو يعلى عن عمر - يعني ابن الخطاب رضي الله عنه قال: رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما على عاتقي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: نعم الفرس تحتكما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ونعم الفارسان هما» كذا في الكنز والمجمع ورجاله رجال الصحيح، كما في المجمع وقال: ورواه البزّار بإسناده ضعيف، وأخرجه ابن شاهين كما في الكنز. وعند ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم حامل الحسن رضي الله عنه على عاتقه، فقال له رجل: يا غلام نعم المركب ركبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ونعم الراكب هو» كذا في الكنز. وعند الطبراني عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّي فجاء الحسن والحسين أو أحدهما رضي الله عنهما، فركب على ظهره، فكان إذا رفع رأسه قال بيده فأمسكه أو أمسكهما، قال:«نعم المطية مطيتكما» قال الهيثمي: وإسناده حسن. وعنده أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول: «نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما» قال الهيثمي: وفيه مسروح أبو شهاب وهو ضعيف. اهـ.
(قصته عليه السلام مع الحسن والحسين حين ضاعا)
وأخرج الطبراني عن سلمان رضي الله عنه قال: كنّا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت أم أيمن رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله لقد ضلَّ الحسن والحسين، قال: وذاك رأدَ النهار - يقول ارتفاع النهار -، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «قوموا فاطلبوا ابنيَّ» وأخذ كل رجل تجاه وجهه، وأخذت نحو النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل حتى أتى سفح جبل وإذا الحسن والحسين ملتزق كل واحد منهما صاحبه، وإذا شجاع قائم على ذنبه يخرج من فيه شرر النار، فأسرع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت مخاطباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انساب فدخل بعض الأحجار، ثم أتاهما فأفق بينهما، ثم مسح وجوههما وقال:«بأبي وأمي أنتما ما أكرمكما على الله» ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن والآخر على عاتقه الأيسر فقلت: طوباكما نعم المطية مطيتكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ونعم الراكبان هما، وأبوهما خير منهما» قال الهيثمي: وفيه أحمد بن راشد الهلالي وهو ضعيف. اهـ. وأخرجه الطبراني عن يَعْلى بن مرّة مثله، كما في الكنز.
وأخرج الطبراني عن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعينا إلى طعام، فإذا الحسين رضي الله عنه يلعب في الطريق مع صبيان، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يده، فجعل حسين يفر ههنا وههنا، فيضاحكه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يده، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين
رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه وقبَّله، ثم قال:«حسين مني وأنا منه، أحبَّ الله من أحبَّه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط» . كذا في الكنز.
معاشرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم
(طلبه عليه السلام من عثمان بن مظعون أن يحسن عشرة امرأته)
أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي إسحاق السبيعي قال: دخلت امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه على نساء النبي صلى الله عليه وسلم سيئة الهيئة في أخلاق لها، فقلن لها: ما لك؟ فقالت: أمّا الليل فقائم وأمّا النهار فصائم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقولها، فلقي عثمان بن مظعون فلامه فقال:«أما لك بي أُسوة؟» قال: بلى، جعلني الله فداك، فجاءت بَعْدُ حسنة الهيئة طيبة الريح. وقال حين قبض:
يا عين جودي بدمعٍ غير ممنون
على رزية عثمان بن مظعون
على امرىء بات في رضوان خالقه
طوبى له من فقيد الشخص مدبون
طاب البقيع له سكنى وغرقده
وأشرقت أرضه من بعد تفتين
وأورث القلبَ حزناً لا انقطاع له
حتى الممات فما ترقى له شوني
وأخرجه ابن سعد عن أبي بردة رضي الله عنه بمعناه، وعبد الرزاق عن
عروة بنحوه، كما في الكنزل إلا أنهما لم يذكرا الأشعار، وسمّي عروة امرأته خولة ابنة حكيم، وذكر أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها وفي حديثه: فقال: «يا عثمان إنَّ الرهبانية لم تكتب علينا، أفما لك فيَّ أُسوة حسنة؟ فوالله إنَّ أخشاكم وأحفظكم لحدوده لأَنا» .
طلبه عليه السلام من عبد الله بن عمرو أن يحسن معاشرة زوجته
وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: زوجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلت عليَّ جعلت لا أنحاش لها مما بي من القوة على العبادة من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كَنّته حتى دخل عليها فقال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال - أو كخير البعولة - من رجل لم يفتش لنا كنفاً، ولم يقرب لنا فراشاً، فأقبل عليَّ فعذمني، وعضني بلسانه فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذت حسب، فعضلتها وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشاني، فأرسل إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال لي:«أتصوم النهار» ؟ قلت: نعم، قال:«فتقوم الليل» ؟ قلت: نعم، قال:«ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمسُّ النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» ثم قال: «اقرأ القرأن في كل شهر» قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال:«فاقرأه في كل عشرة أيام» قلت: إنِّي أجدني أقوى من ذلك، قال:«فاقرأه في كل ثلاث» ثم قال: صُمْ في كل شهر ثلاثة أيام» قلت: إني أقوى من ذلك، فلم يزل يرفعني حتى قال: «صُمْ يوماً وأفطر يوماً؛ فإنه أفضل
الصيام وهو صيام أخي داود عليه السلام» ، قال حُصَين في حديثه: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن لكل عابد شِرَّة، وإن لكل شِرَّة فَتْرة، فإمَّا إلى سُنَّة وإمَّا إلى بدعة، فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك» . قال مجاهد: وكان عبد الله بن عمرو حين ضعف وكبر يصوم الأيام كذلك، يصل بعضها إلى بعض ليتقوى بذلك، ثم يفطر بعد ذلك الأيام، قال: وكان يقرأ من أحزابه كذلك يزيد أحياناً وينقص أحياناً، غير أنه يوفي به العدّة، إما في سبع وإما في ثلاث، ثم كان يقول بعد ذلك: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليَّ مما عدل به - أو عدل -، لكنِّي فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره. وأخرجه أيضاً البخاري وانفرد به، كما في صفة الصفوة بنحوه مطوّلاً.
(ما جرى بين سلمان وأبي الدرداء في هذا الشأن)
وأخرج البخاري عن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء رضي الله عنها مُتبَذِلة، فقال لها ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل، فإني صائم، قال: ما أنا بآكل، حتى تأكل، فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصلَّيا، فقال له سلمان: إنَّ لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، وأهلك عليك حقاً؛ فاعطِ كلَّ ذي حقَ حقَّه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر
ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «صدق سلمان» . وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي جُحَيفة بنحوه مع زيادات وأبو يعلى كما في الكنز والترمذي والبزَّار وابن خزيمة والدارقطني والطبراني وابن حِبّان كما في فتح الباري، وأخرجه ابن سعد بألفاظ مختلفة.
(شدة غَيْرة الزبير بن العوام على زوجته أسماء)
وأخرج ابن سعد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: تزوجني الزبير رضي الله عنه وما له في الأرض مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه، قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤونته وأسوسه، وأدقُّ النوى لناضجح وأعلفه، وأسقيه الماء، وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز فكان يخبز جارات لي من الأنصار؛ وكن نسوة صِدْق، قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ، قالت: فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله ومعه نفر من أصحابه، فدعاني ثم قال:«إخْ إخْ» ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال
وذكرت الزبير وغَيرته - قالت: وكان من أغْيَر الناس -، قالت: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت، فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب معه، فاستحييت وعرفت غَيْرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقني. وعنده أيضاً عن عكرمة أن أمساء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوام، وكان شديداً عليها، فأتت أباها فشكت ذلك إليه، فقال: يا بنية اصبري فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تزوَّج بعده جمع بينهما في الجنة.
(قصة امرأة اشتكت إلى عمر زوجها)
وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والحاكم في الكُنَى عن كَهْمَس الهلالي قال: كنت عند عمر رضي الله عنه، فبينما نحن جلوس عنده إذ جاءت امرأة، فجلست إليه فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي قد كثر شره وقلَّ خيره، فقال لها: من زوجك؟ قالت: أبو سلمة، قال: إن ذاك رجل له صحبة وإنه لرجل صدق، ثم قال عمر لرجل عنده جالس: أليس كذلك؟ قال: يا أمير المؤمنين لا نعرفه إلا بما قلت، فقال لرجل: قم فادعُه لي، فقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها فقعدت خلف عمر، فلم يلبث أن جاءا معاً حتى جلس بين يدي عمر، فقال عمر: ما تقول هذه الجالسة خلفي؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين قال: هذه امرأتك، قال: وتقول ماذا؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين قال: هذه امرأتك، قال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنه قلَّ خيرك وكثر شرك، قال: قد بئسما قالت يا أمير المؤمنين إنها لمن صالح نسائها، أكثرهن كسوة، وأكثرهن رفاهية بيت، ولكن فحلها بلي، فقال عمر للمرأة: ما تقولين؟
قالت: صدق، فقام عرم إليها بالدرّة فتناولها بها ثم قال: أي عدوّة نفسها أكلت ماله، وأفنيت شبابه، ثم أنشأت تخبرين بما ليس فيه. قالت: يا أمير المؤمنين لا تعجل، فوالله لا أجلس هذا المجلس أبداً، فأمر لها بثلاثة أثواب فقال: خذي هذا بما صنعت بك، وإياك أن تشتكي هذا الشيخ. قال: فكأني أنظر إليها قامت ومعها الثياب، ثم أقبل على زوجها فقال: لا يحملك ما رأتني صنعت بها أن تسيء إليها، فقال: ما كنت لأفعل، قال: فانصرفا، ثم قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أمتي القرن الذي أنا منهم، ثم الثاني والثالث، ثم ينشأ قوم يسبق أيمانهم شهادتهم، يشهدون من غير أن يُستشهدوا، لهم لَغَطٌ في أسواقهم» . قال ابن حجر: إسناده قوي، كذا في الكنزل؛ وأخرجه أيضاً أبو بكر ابن (أبي) عاصم، كما في الإصابة.
(قصة امرأة أخرى وزوجها مع عمر)
وأخرج ابن سعد عن الشَّعبي قال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت: أشكو إليك خير أهل الدنيا إلا رجلاً سبقه بعمل أو عمل مثل عمله. يقوم الليل حتى يصبح، ويصوم النهار حتى يمسي، ثم تجلاّها الحياء، فقالت: أقِلْني يا أمير المؤمنين، فقال: جزاك الله خيراً؛ فقد أحسنت الثناء. قد أقتلك، فلما ولّت قال كعب بن سخور: يا أمير المؤمنين لقد أبلغت إليك في الشكوى، فقال: ما اشتكت؟ قال: زوجَها، قال: عليَّ المرأة (فأرسل إلى زوجها فجاء)، فقال لكعب: اقضِ بينهما، قال: أقضي وأنت شاهد قال: إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن له، قال: فإن الله تعال يقول: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباح} (سورة النساء، الآية: 3) صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوماً، وقم ثلاث ليالٍ وبتْ عندها ليلة.
فقال عمر: لهَذا أعجب إليَّ من الأول؛ فبعثه قاضياً لأهل البصرة. وأخرجه اليَشْكري عن الشعبي بمعناه أطول منه وفيه: فقال لها عمر: أصدقيني ولا بأس بالحق، فقالت: يا أمير المؤمنين إني امرأة لأشتهي ما تشتهي النساء. وعند عبد الرزاق عن قَادة قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، قال: أفتأمريني أن أمنعه قيام الليل وصيام النهار؟ فانطلقت ثم عادت بعد ذلك، فقالت له مثل ذلك فرد عليها مثل قوله الأول، فقال له كعب ابن سُور: يا أمير المؤمنين إنَّ لها حقاً، قال: وما حقُّها؟ قال: أحل الله له أربعاً، فاجعل واحدة من الأربع. لها في كل أربع ليالٍ ليلة، وفي كل أربعة أيام يوم؛ فدعا عمر زوجها وأمره أن يبيت معها من كل أربع ليالٍ ليلة، ويفطر من كل أربعة أيام يوماً، كذا في الكنز (8307 و308) . وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق ابن سيرين والزبير بن بكار في الموفقيت من طريق محمد بن معن وابن دريد في الأخبار المنثورة عن أبي حاتم السجستان عن أبي عبيدة وله طرق. كذا في الإصابة.
(قصة أبي غرزة وزوجته عند عمر)
وأخرجه ابن جرير عن أبي غَرْزة رضي الله عنه أنه أخذ بيد ابن الأرقم رضي الله عنه فأدخله على امرأته، فقال: أتبغضيني؟ قالت: نعم، قال له ابن الأرقم: ما حملك على ما فعلت؟ قال: كثرت عليَّ مقالة الناس، فأتى ابن الأرقم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبره، فأرسل إلى أبي غَرْزة فقال له: ما حلك على ما فعلت؟ قال: كثرت عليَّ مقالة الناس، فأرسل إلى امرأته
فجاءته ومعها عمة منكرة، فقالت: إن سألك فقولي: استحلفني فكرهت أن أكذب. فقال لها عمر: ما حملك على ما قلت؟ قالت: إنه استحلفني فكرهتُ أن أكذب، فقال عمر: بلى فلتكذب إحداكم وليتجمُل فليس كل البيوت تُبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام، كذا في الكنز.
(قصة عاتكة بنت زيد بن عمرو)
وأخرج وكيع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: كانت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما عند عبد الله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكان يحبها حباً شديداً، فجعل لها حديقة على أن لا تَزَوَّج بعده، فرُمي بسهم يوم الطائف فانتقَض بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبعين ليلة فمات، فرثته عاتكة فقالت:
وآليتُ لا تنفك عيني سخينة
عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
مدى الدهر ما غنَّت حمامةُ أيكةٍ
وما طرد الليلُ الصباحَ المنوَّرا
فخطبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه قالت: قد كان أعطاني حديقة (على) أن لا أتزوج، قال: فاستفتي، فاستفتت عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: ردِّي الحديثة إلى أهله وتزوَّجي، فتزوجها عمر فسرَّح إلى عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب وكان أخا عبد الله بن أبي بكر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي لعمر: إئذن لي فأكلمها، فقال كلمها. فقال: يا عاتكة:
وآليتُ لا تنفك عيني سخينة
…
عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
مدى الدهر ما غنَّت حمامةُ أيكةٍ
…
وما طرد الليلُ الصباحَ المنوَّرا
فخطبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه قالت: قد كان أعطاني حديقة (على) أن لا أتزوج، قال: فاستفتي، فاستفتت عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: ردِّي الحديقة إلى هله وتزوَّجي، فتزوجها عمر فسرَّح إلى عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب وكان أخا عبد الله بن أبي بكر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي لعمر: إئذن لي فأكلمها، فقال كلمها. فقال: يا عاتكة:
وآليت لا تنفك عيني سخينة
عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
(فنشجت نشجاً عالياً) فقال عمر: غفر الله لك لا تفسد عليَّ أهلي كذا في الكنز. وأخرجه ابن سعد بسند حسن عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب مختصراً، كما في الإصابة.
(قصة ابن عباس وزوجته وقول خالته ميمونة فيه)
وأخرج عبد الرزاق عن ندبة مولاة ميمونة رضي الله عنها قالت: دخلت على بن عباس رضي الله عنهما وأرسلتني ميمونة إليه، فإذا هو في بيته فراشان، فرجعت إلى ميمونة فقلت: ما أرى ابن عباس إلا مهاجراً لأهله، فأرسلت ميمونة بنت سرج الكِندي امرأة ابن عباس تسألها فقالت: ليس بيني وبينه هجر ولكني حائض، فأرسلت ميمونة إلى ابن عباس أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر المرأة من نسائه حائضاً تكون عليها الخرقة إلى الركبة وإلى نصف الفخذ، كذا في الكنز.
(قصة ابنعباس وابن عم له مع جارية)
وأخرج البخاري في الأدب (ص49) عن عكرمة قال: لا أدري أيهما جعل لصاحبه طعاماً ابن عباس أو ابن عمه، فبينا الجارية تعمل بين أيديهم إذ قال أحدهم لها: يا زانية، فقال: مَهْ إن لم تحدّك في الدنيا تحدّك في الآخرة،
قال: أفرأيت إن كان كذاك؟ قال: إن الله لا يحب الفاحش المتفحِّش. ابنعباس الذي قال: إن الله لا يحب الفاحش المتفحش.
(قصة امرأة عمرو بن العاص مع جارية لها)
وأخرج ابن عساكر عن أبي عمران الفلسطيني قال: بينا امرأة عمرو بن العاص رضي الله عنه تفلي رأسه إذ نادت جارية لها، فأبطأت عنها، فقالت: يا زانية، فقال عمرو: رأيتها تزني؟ قالت: لا، قال: والله لتضربن لها يوم القيامة ثمانين سوطاً فقالت لجاريتها وسألتها العفو عنها، فعفت عنها، فقال لها عمرو: ما لها لا تعفو عنك وهي تحت يدك فأعتقيها؛ فقالت: هل يجزي عن ذلك؟ قال: فلعلَّ، كذا في الكنز.
(بعض قصص الصحابة رضي الله عنهم في المعاشرة)
وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن أبي المتوكل أن أبا هريرة رضي الله عنه كانت له زنجية قد غمتهم بعملها، فرفع عليها السوط يوماً فقال: لولا القصاص لأغشيتك به، ولكني سأبيعك ممن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنت لله. وأخرج أبو عبيد وابن عساكر عن عبد الله بن قيس أو ابن أبي قيس قال: كنت فيمن تلقَّى عمر رضي الله عنه مع أي عبيدة رضي الله عنه مَقْدَمه الشام، فبينا عمر يسير إ5 لقيه المقلَّسون من أهل أذرعات بالسيوف فقال: مَهْ، ردُّوهم وانعوهم، فقال: أبو عبيد رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين هذه سنة العجم، فإنَّك إن تمنعهم منها يروا أن في نفسك نقضاً لعهدهم، فقال عمر: دعوهم (عمر وآل عمر) في طاعة أبي عبيدة، كذا في الكنز.
وأخرج المحاملي عن ابنعمر رضي الله عنهما أن عمر سابق الزبير رضي الله عنه فسبقه الزبير، فقال: سبقتك ورب الكعبة، ثم إن عمر سابقه مرة أخرى فسبقه عمر فقال عمر: سبقتك ورب الكعبة كذا في الكنز.
وأخرج ابن أبي شيبة والخطيب في الجامع عن سليم بن حنظلة قال: أتينا أبيَّ بن كعب رضي الله عنه لنتحدث عنهد، فلما قام قمنا نمشي معه، فلحقه عمر رضي الله عنه فقال: أما ترى فتنة للمتبوع ذلة للتابع، كذا في الكنز. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي البختري قال: جاء رجل (إلى) سلمان رضي الله عنه فقال: ما أحسن صنيع الناس اليوم؛ إني سافرت فوالله ما أنزل بأحد منهم إلا كما أنزل على ابن أبي قال: ثم قال: من حسن صنيعهم ولطفهم قال: يا ابن أخي ذاك طُرْفة الإيمان، ألم ترَ الدابة إذا حمل عليها حملها انطلقت به مسرعة وإذ تطاول بها السير تتلكأ.
وأخرج مسدَّد وابن منيع والدارمي عن حية بنت أبي حية قالت: دخل عليَّ رجل بالظهيرة، فقلت: ما حاجتك يا عبد الله؟ قال: أقبلت أنا وصتاحب لي في بُغاء إبل لنا، فانطلق صاحبي يبغي ودخلت في الظل أستظل وأشرب من الشراب، قالت: فقمت إلى لُبَينة لنا حامضة فسقيته منها وتوسمته، وقلت: يا عبد الله من أنت؟ قال: أبو بكر، قلت: أبو بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعت به؟ قال: نعم، فذكرت له غزونا خثعم في الجاهلية وغزو
بعضنا بعضاً وما جاء الله به من الإلف، فقلت: يا عبد الله حتى متى أمر الناس هذا؟ قال: ما استقامت الأئمة (قلت: وما الأئمة)، قال: ألم ترى (إلى) السيد يكون في الحيِّ أيتبعونه ويطيعونه؟ فهم أولئك ما استقاموا؛ قال ابن كثير: إسناده حسن جيد. كذا في الكنز.
لغاية ص 385
تابع وأخرج يعقوب بن سفيان والبيهقي وابن عساكر عن الحارث بن معاوية أنه قدم على عمر بنالخطاب رضي الله عنه فقال له: كيف تركت أهل الشام؟ فأخبره عن حالهم، فحمد الله ثم قال: لعلكم تجالسون أهل الشرك؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين، فقال: إنكم إن جالستموهم أكلتم معهم وشربتم معهم، ولن تزالوا بخير ما لم تفعلوا ذكل. كذا في الكنز الكنز. وأخرج ابن أبي حاتم عن عياض أن عمر رضي الله عنه أمر أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد - وكان له كتاب نصراني - فرفع إليه ذلك، فعجب عمر وقال: إن هذا لحفيظ، هل أنت قارىء لنا كتاباً في المسجد جاء من الشام؟ فقال: إنه لا يستطيع، فقال عمر: أجنبٌ هو؟ قال: لا بل نصراني، قال: فانتهرني وضرب فخذي ثم قال: أخرجوه ثم قرأ {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآء} (سورة المائدة، الآية: 51) - الآية - كذا في التفسير لابن كثير.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العطام والشراب
(هديه عليه السلام في الطعام والشراب)
أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، كذا في البداية. وأخرج ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال: كان أحبّ ما في الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع، كذا الكنز. وعند الترمذي في الشمائل (ص12) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع، قال: وسُمَّ في الذراع وكان يرى أن اليهود سمّوه. وعنده أيضاً عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم في منزلنا، فذبحنا له شاة، فقال:«كأنهم علموا أنا نحب اللحم» ، قال: وفي الحديث قصة. وعنده أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الدُّبّاء، فأُتي بطعام أو دعي له، فجعلت أتتَّبعه بين يديه لما أعلم أنه يحبه.
وعنده أيضاً عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث.
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل على الأرض، ويعقِل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير، كذا في الكنز. وأخرجه ابن عساكر عن يحيى بن أبي كثير قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم من سعد بن عبادة رضي الله عنه جفنة من ثريد كل يوم تدور معه أينما دار من نسائه. كذا في الكنز. وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال: حُلبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فشرب من لبنها ثم أخذ ماء فمضمض وقال: «إنَّ له دَسَماً» . كذا في الكنز.
وعند أبي يعلى عن أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه قال: نزل النبي لله منزلاً، فبعثت إليه امرأة مع ابن لها بشاة فحلب ثم قال:«انطلق به إلى أمك» فشربت حتى رويت، ثم جاء بشاة أخرى فحلب ثم سقى أبا بكر، ثم جاء بشاة أخرى فحلب ثم شرب، كذا في الكنز. وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرِّغ يمينه لطعامه ولشرابه ولوضوئه وأشباه ذلك، ويفرغ شماله للاستنجاء والامتخاط وأشباه ذلك، كذا في الكنز. وأخرج أبو نُعيم عن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع فقال: رآني
الحكم رضي الله عنه وأَنا آكل من ههنا وههنا، فقال لي: يا غلام لا تأكل هكذا كما يأكل الشيطان إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل لم تَعْدُ أصابعه بين يديه، كذا في الكنز؛ وقال في الإصابة: سنده ضعيف - اهـ.
(تعليمه عليه السلام أصحابه آدام الطعام والتسمية في أوله)
وأخرج ابن النجار عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: أكلت يوماً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت آخذ من لحم حول الصحفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كُلْ مَما يليك» كذا في الكنز. وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن قانع والطبراني والحاكم وغيرهم عن أمية بن مَخْشي رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يأكل ولم يسمِّ، حتى إذا لم يبقَ من طعامه إلا لقمة رفعها إلى فيه وقال: بسم الله أوله وآخره، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال:«والله ما زال الشيطان يأكل معك حتى إذا سميَّت فما بقي في بطنه شيء إلا قاءه» ؛ وفي لفظ: «حتى ذكرت اسم الله استقاء ما في بطنه» . كذا في الكنز.
وأخرج النسائي عن حذيفة رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذ أُتي بجفنة فوضعت، فكف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وكففنا أيدينا - وكنا لا نضع أيدينا حتى يضع يده - فجاء أعرابي كأنه يُطرد، فأومأ إلى الجفنة ليأكل منها، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده، فجاءت جارية كأنها تُدفع فذهبت لتضع يدها في الطهام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ثم قال:«أنَّ الشيطان ليستحلّ طعام القوم إذا لم يذكر اسم الله عليه، وإنه لما رآنا كففنا عنها جاءنا (بهذه الجارية) ليستحل بها (فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده) ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنَّ يده في يدي مع يديهما» . كذا في الكنز. وأخرج ابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل طعاماً في ستة رهط إذ دخل أعرابي، فأكل ما بين أيديهم بلقمتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو كان ذكر اسم الله لكفاهم، فإذا أكل أحدكم طعاماً فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي ثم ذكر فليقل: بسم الله أوله وآخره» . كذا في الكنز.
(ضيافته عليه السلام عند أصحابه)
وأخرج ابن أبي شَيْبَة وأبو نُعيم عن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي فنزل، فأتاه بطعام سويقٍ وحَيْس فأكل، وأتاه بشراب فشرب، فناول من عن يمينه، وكان إذا أكل تمراً ألقى النوى هكذا - وأشار بأصبعه على ظهرها - فلما ركب النبي صلى الله عليه وسلم قام أبي فأخذ بلجام بغلته، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعُ لنا، فقال: «اللهمَّ بارك لهم فيما رزقتهم،
واغفر لهم، وارحمهم» . وعند الحاكم عنه قال: قال أبي لأمي: لو صنعت صعاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصنعت ثريدة، فانطلق أبي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على ذِروتها وقال:«خذوا باسم الله» فأخذوا من نواحيها، فلما طعموا قال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهمَّ اغفر لهم، وارحمهم، وبارك لهم في رزقهم» كذا في الكنز.
(هدي علي وعمر رضي الله عنهما في الطعام والشراب)
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في الدعاء أبو نعيم في الحلية والبيهقي عن ابن أعبَد قال: قال علي رضي الله عنه: يا ابن أعبد هل تدري ما حق الطعام؟ قلت: وما حقُّه؟ قال تقول: بسم الله، اللهمَّ بارك لنا فيما رزقنا. ثم قال: أتدري ما شكره إذا فرغت؟ قلت: وما شكره؟ قال تقول: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا. كذا في الكنز. وأخرج أبو نعيم عن عمر رضي الله عنه قال: إياكم والبِطْنة في الطعام والشراب؛ فإنها مفسدة للجسد، مورثة السقم، مكسِلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما؛ فإنه أصلح للجسد وأبعد من السرف. وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين، وإنّ الرجل لن يهلك حتى يأثر شهوته على دينه. كذا في الكنز. وأخرج ابن ساكر عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: كنت جالساً
عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ جاء صفوان بن أمية بجفنة فوضعها بين يدي عمر، فدعا عمر ناساً مساكين وأرقّاء من أقاء الناس حوله، فأكلوا معه، ثم قال عند ذلك: فعل الله بقوم - أو لحا الله قوماً - يرغبون عن أرقائهم أن يأكلوا معهم فقال صفوان: أما والله ما نرغب عنهم، ولكنا نستأثر، لا نجد من الطعام الطيب ما نأكل ونطعمه. كذا في الكنز.
(هدي ابن عمر وابن عباس في الطعام والشراب)
وأخرج أبو نُعَيم في الحلية عن مالك بن أنس قال: حُدِّثت أنَّ عمر رضي الله تعالى عنهما نزل الجحفة، فقال ابن عامر بن كُرَيز لخبّازه: اذهب بطعامك إلى ابن عمر، فجاء بصحفة فقال ابن عمر: ضعها، ثم جاء بأخرى، وأراد أن يرفع الأولى فقال ابن عمر: مالك؟ قال: أريد أن أرفعها، قال: دَعْها، صُبَّ عليها هذه. قال: فكان كلما جاءه بصحفة صبَّها على الأخرى، قال: فذهب العبد إلى ابن عامر فقال: هذا جاف أعرابي، فقال له ابن عامر: هذا سيدك هذا ابن عمر وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يأخذ الحبة من الرمان فيأكلها، فقيل له: يا ابن عباس لم تفعل هذا؟ قال: إنه بلغني أنه ليس في الأرض رمانه تُلقح إلا بحبة من حب الجنة، فلعلها هذه.
(هدي سلمان وأبي هريرة وعلي في الطعام والشراب)
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سالم مولى زيد بن صوحان قال: كنت
مع مولاي زيد بن صوحان في السوق، فمرّ علينا سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه وقد اشترى وَسْقاً من طعام، فقال له زيد: يا أبا عبد الله تفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت، وتفرغت للعبادة، وأيس منها الوسواسو. وعنده أيضاً عن أبي عثمان النَّهْدي أن سلمان الفارسي قال: إني لأحب أن آكل من كدِّ يدي. وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانت لي خمس عشرة تمرة، فأفطرت على خمس، وتسحَّرت بخمس، وبقَّيت خمساً لفطري. وأخرج ابن سعد عن القاسم بن مسلم مولى علي بن أبي طالب عن أبيه قال: دعا علي رضي الله عنه بشراب، فأتيته بقدح من ماء فنفخت فيه، فردَّه وأبى أن يشربه وقال: اشربه أنت.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في اللباس
هديه عليه السلام في اللباس
وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنت مع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فقال: رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وعليه جبّة شاميّة ضيّقة الكمين. كذا في الكنز وقال: وسنده صحيح. وأخرج ابن سعد عن جندب بن مَكِيث رضي الله عنه قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه، وأمر عِلْيَة أصحابه بذلك، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قدم وفد كِندة وعليه حلّة يمانية، وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مثل ذلك. وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي في الشمائل عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يتَّزر إلى أنصاف ساقيه وقال: هكذا كانت إزرة حبِّي. كذا في الكنز. وعند الترمذي في الشمائل (ص9) عن الأشعث بن سُلَيم قال: سمعت عمَّتي تحدِّث عن عمِّها، قال: بينما أنا أمشي بالمدينة إذ إنسان خلفي يقول: «ارفع إزارك، فإنَّه أتقى وأبقى» ، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنما هي بردة مَلْحاء. قال:«أما لك فيَّ أسوة» ؟ فنظرت فإذ إزاره إلى نصف ساقَيْه.
وصف الصحابة للباسه عليه السلام
وعنده أيضاً عن أبي بردة قال: أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنها كساء ملبَّداً، وإزاراً غليظاً، فقالت: قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين. وعنده أيضاً (ص5) عن أم سَلَمة رضي الله عنها قالت: كان أحب الثياب إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص. وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: كان كُمُّ قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرُّسغ. وعن جابر رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء. وعن عمرو بن حريث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء. وعن عمرو بن حريث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عصابة دَسْماء. وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه، قال نافع: وكان ابن عمر يفعل ذلك، قال عبد الله:
ورأيت القاسم بن محمد وسالماً يفعلان ذلك، كذا في الشمائل (ص9) .
فراشه عليه السلام
وأخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان من أدم، حَشْوه ليف. وأخرجه ابن سعد نحوه. وعند الحسن بن عرفة عن عائشة قالت: دخلت عليَّ امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله عباءة مثنية، فانطلقت فبعثت إليَّ بفراش حشوه الصوف، فدخل عليَّ رسول الله فقال:«ما هذا يا عائشة» ؟ قالت: قلت: يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت عليَّ فرأت فراشك، فذهبت فبعثت إليَّ بهذا، فقال:«ردِّيه» قالت: فلم أردّه وأعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال ذلك ثلاث مرات، قالت: فقال: «ردِّيه يا عائشة، فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة» . وأخرجه ابن سعد عن عائشة نحوه.
وعند الترمذي في الشمائل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: سئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتك؟ قالت: من أدَمٍ حَشْوُه ليف، وسئلت حفصة رضي الله عنها: ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: مِسْحاً نثنيه ثنيتين، فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته بأربع ثنيات كان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات، فلما أصبح قال:«ما فرشتم لي الليلة؟» قالت: قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات، قلنا: هو أوطأ
لك، قال: «ردُّوه لحالته الأولى؛ فإنه منعتني وطأتُه صلاتي الليلة. كذا في البداية. وأخرجه ابن سعد عن عائشة.
قوله عليه السلام عند لبس الجديد
وأخرج ابن المبارك والطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم عن عمر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بثياب جُدُد فلبسها، فلما بلغت تراقية قال:«الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمَّل به في حيات» ثم قال: «والذي نفسي بيده ما من عبد مسلم يلبس ثوباً جديداً، ثم يقول مثل ما قلت، ثم يعمد إلى سَمَل من أخلاقه التي وضع فيكسوه إنساناً مسلماً فقيراً لا يكسوه إلا لله؛ لم يزل في حِرز الله وفي ضمان الله وفي جوار الله، ما دام عليه منه سلك واحد حياً وميتاً، حياً وميتاً» ، قال البيهقي: إسناده غير قوي، وحسَّنه ابن حجر في أماليه، كذا في الكنز.
امتداحه عليه السلام للسراويل
وأخرج البزار والعُقَيلي وابن عدي وغيرهم عن علي رضي الله عنه قال: كنت قاعداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البقيع في يوم مطير، فمرت امرأة على حمار ومعها مكارٍ، فمرت في وهدة من الأرض فسقطت، فأعرض عنها
بوجهه، فقالوا: يا رسول الله إنها متسرولة، فقال:«اللهمَّ اغفر للمتسرولات من أمتي، يا أيها الناس اتخذوا السراويلات فإنَّها من أستر ثيابكم، وحصِّنوا بها نساءكم إذا خرجن» . وأورده بن الجوزي في الموضوعات فلم يُصِب، والحديث له عدة طرق، كذا في الكنز.
قصته عليه السلام مع دحية وأسامة في اللباس
وأخرج ابن منده وابن عساكر عن دِحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، فلما رجع أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبْطِيَّة قال:«اجعل صديعها قميصاً، وأعط صاحبتك صديعاً تختمر به» فلما ولّى دعاه قال: «مُرْها تجعل تحته شيئاً لئلا يصف» ، كذا في الكنز. وأخرج ابن أبي شيبة وابن سعد وأحمد والروياني والبارودي والطبراني والبيهقي وسعيد بن منصور عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبطية كثيفة مما أهدى دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما لك لا تلبس القبطية» ؟ قلت: يا رسول الله إني كستوتها امرأتي، قال:«فأُمُرْها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخشى أن تصف عِظامها» . كذا في الكنز.
قصة عائشة مع أبيها حينما لبست ثوباً أعجبت به
وأخرج ابن امبارك وأبو نُعيم في الحلية عن عائشة رضي الله عنها قالت: لبست ثيابي، فطففت انظر إلى ذيلي وأنا أمشي في البيت، والتفت إلى ثيابي وذيلي، فدخل عليَّ أبو بكر رضي الله عنه وقال: يا عائشة أما تعلمين أنَّ الله لا ينظر إليك الآن؟ وعند أبي نُعيم في الحلية عنها قالت: لبست مرة دِرْعاً لي جديداً، فجعلت أنظر إليه وأعجب به، فقال أبو بكر: ما تنظرين؟ إنَّ الله ليس بناظر إليك، قلت: وممَّ ذاك؟ قال: أما علمتِ أنَّ العبد إذا دخله العجب بزينة الدنيا مقته ربه حتى يفارق تلك الزينة. قالت: فنزعته فتصدَّقت به، فقال أبو بكر: عسى ذلك أن يكفر عنك. كذا في الكنز، قال: وهو في حكم المرفوع.
هدي عمر وأنس رضي الله عنهما في اللباس
وأخرج ابن سعد عن عبد العزيز بن أبي جميلة الأنصاري قال: كان قميص عمر رضي الله عنه لا يجاوز كمُّه رسغَ كفَّيه. وعن بَدِيل بن مسيرة قال: خرج عمر بن الخطاب يوماً إلى الجمعة وعليه قميص سنبلاني، (فجعل يعتذر إلى الناس وهو يقول: حبسني قميصي هذا) ، وجعل يمدُّ كمّه، فإذا تركه رجع إلى أطراف أصابعه.
وعن هشام بن خالد قال: رأيت عمر يأتزر فوق السرّة. وعن عامر بن عبيدة الباهلي قال: سألت أنساً رضي الله عنه عن الخز قال: وددتُ أنَّ الله لم يخلقه، وما أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد لبسه ما خلا عمر وابن عمر، كذا في منتخب الكنز. وهو صحيح. وأخرج هنّاد وابن أبي الدنيا في قِصَر الأمل عن مسروق قال: خرج عليها عمر ذات يوم وعليه حلّة قطن، فنظر إليه الناس نظراً شديداً فقال:
لا شيء فيما ترى تبقى بشاشتهُ
يبقى الإِله ويودي المالُ والولدُ
واللَّهِ ما الدنيا في الآخرة إلا كنَفْجة أرنب. كذا في منتخب الكنز.
هدي عثمان رضي الله عنه في اللباس
وأخرج الحاكم عن أبي عبد الله مولى شدّاد بن الهاد قال: رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه على المنبر يوم الجمعة وعليه إزار عدني غليظ قيمته أربعة دراهم أو خمسة دراهم، وَرَيطة كوفية ممشَّقة، ضَرْبَ اللحم، طويلَ اللحية، حسنَ الوجه. وأخرجه أيضاً الطبراني عن عبد الله بن شدّاد بن الهاد مثله وإسناده حسن. كما قال الهيثمي.
وعنده أيضاً عن موسى بن طلحة قال: كان عثمان يوم الجمعة يتوكأ على عصا، وكان أجمل الناس، وعليه ثوبان أصفران: إزاء ورداء، حتى يأتي المنبر فيجلس عليه. قال الهيثمي: رواه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف. اهـ. وأخرج ابن سعد عن سليم أبي عامر قال: رأيت على عثمان بن عفان بُرْداً يمانياً ثمنَ مائة درهم. وعنده أيضاً عن محمد بن ربيعة بن الحارث قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوسِّعون على نسائهم في اللباس الذي يصان ويُتجمَّل به، ثم يقول: رأيت على عثمان مِطْرف خزَ ثمن مائتي درهم، فقال: هذا لنائله كسوتها إياه فأنا ألبسه أسرُّها به.
هدي علي رضي الله عنه في اللباس
وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن زيد بن وهب قال: قدم على عليَ وفد من أهل البصرة فيهم رجل من أهل الخوارج يقال له الجعد بن نَعجة. فعاتب علياً في لَبوسه، فقال علي: مالك وللبوسي؟ إنَّ لبوسي أبعد من الكِبْر، وأجدر أن يقتدي بي المسلم. وعن عمرو بن قيس قال قيل لعليّ: يا أمير المؤمنين لم ترقع قميصك؟ قال: يخشع (به) القلب، ويقتدي به المؤمن. وأخرجه هنّاد عن عمرو بن قيس
مثله، كما في المنتخب. وأخرجه ابن سعد عن عمرو نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وهنّاد عن عطاء أبي محمد قال: رأيت على عليَّ قميصاً من هذه الكرابيس غير غسيل. وعند هنَّاد وابن عساكر عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت على عليَ بن أبي طالب قميصاً رازيَّاً إذا مدَّ يده بلغ أطراف الأصابع، وإذا تركه رجع إلى قريب نصف الذراع. كذا في المنتخب. وأخرج بن عيينة في جامعه والعسكري في المواعظ وسعيد بن منصور والبيهقي وابن عساكر عن عليَ أنَّه كان يلبس القميص ثم يمدُّ الكم، حتى إذا بلغ الأصابع قطع ما فضَل ويقول: لا فضل لكمَّين على اليدين. كذا في الكنز.
وعند أبي نُعيم في الحلية عن أبي سعيد الأزدي - وكان إماماً من أئمة الأزد - قال: رأيت علياً رضي الله عنه أتى السوق وقال: من عند قميص صالح بثلاثة دراهم؟ فقال رجل: عندي، فجاء به فأعجبه قال: لعلَّه خير من ذلك، قال: لا، ذاك ثمنه؛ قال: فرأيت علياً يقرِض رباط الدراهم من ثوبه، فأعطاه فلبسه، فإذا هو يفضل عن أطراف أصابعه، فأمر به فقُطع ما فضَل عن أطراف أصابعه. وأخرج أحمد في ازلهد عن مولى لأبي غُصعين قال: رأيت علياً خرج فأتى رجلاً من أصحاب الكرابيس، فقال له: عندك قميص سنبلاني؟ قال: فأخرج
إليه قميصاً، فلبسه فإذا هو إلى نصف ساقيه، فنظر عن يمنيه وعن شماله فقال: ما أرى إلا قدراً حسناً، بكم هذا؟ قال: بأربعة دراهم يا أمير المؤمنين، قال: فحلَّها من إزاره فدفعها إليهثم انطلق. كذا في البداية.
هدي عبد الرحمن بن عوف وابن عمرو ابن عباس رضي الله عنهم في اللباس
وأخرج ابن سعد عن سعد بن إبراهيم قال: كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يلبس البرد أو الحلّة تساوي خمسمائة أو أربعمائة. وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن قرعة قال: رأيت على ابن عمر رضي الله عنهما ثياباً خشنة - أو خشبة - فقلت له: يا أبا عبد الرحمن إني أتيتك بثوب ليِّن مما يُصنع بخراسان وتقر عيناني أن أراه عليك، فإن عليك ثياباً خشنة - أو خشبة - فقال: أرنيه حتى أنظر إليه قال: فلمسه بيده وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن؛ قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أن أكون مختالاً فخوراً والله لا يحب كل مختال فخور. وعنده أيضاً عن عبد الله بن حُبَيش قال: رأيت على ابن عمر ثوبين مَعَافِرِيَّين، وكان ثوبه إلى نصف الساق. وأخرجه ابن سعد عن عبد الله بن خَنَش نحوه.
وعند أبي نُعيم عن وَقْدان قال: سمعت ابن عمر وسأله رجل
ما ألبس من الثياب؟ قال: ما لا يزدريك فيه السفهاء، ولا يعتبك به الحلماء، قال: ما هو؟ قال: ما بين الخمسة إلى العشرين درهماً. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عمر يتَّزر إلى أنصاف ساقيه. وعنده أيضاً عنه قال: رأيت عدّة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بنزيد. (وزيد) بن أرقم، والبراء بن عازب، وابن عمر رضي الله عنهم يتَّزرون إلى أنصاف سوقهم. وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن عثمان بن أبي سليمان أن ابن عباس رضي الله عنهما اشترى ثوباً بألف درهم فلبسه.
هدي عائشة وأسماء رضي الله عنهما في اللباس
وأخرج البخاري في الأدب (ص68) عن كثير بن عبيد قال: دخلت على عائشة أم المؤمين رضي الله عنها، فقالت: أمسك حتى أخيط نُقبتي، فأمسكت، فقلت: يا أم المؤمنين لو خرجتُ فأخبرتهم لعدُّو منك بخلاً، قالت: أبصر شأنك. إنه لا جديد لمن لا يلبس الخَلَق. وأخرج ابن سعد عن أبي سعيد أن داخلاً دخل على عائشة وهي تخيط نُقبة لها فقال: يا أم المؤمنين أليس قد أكثر الله الخير؟ قالت: دعنا منك، لا جديد لمن لا خَلَق له.
وأخرج ابن سعد عن هشام بن عروة أن المنذر ابن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بكسوة من ثياب مَرْويَّة وقوهيَّة
رِقاق عِتاق بعدما كُف بصرها، قال: فلمستها بيدها ثم قال: أف ردُّوا عليه كسوته قال: فشقَّ ذلك عليه وقال: يا أمه، إنه لا يُشِف، قالت: إنها إن لم تشف فإنها تَصِف، قال: فاشتى لها ثياباً مرويَّة وقوهيَّة، فقبلتها، وقالت: مثل هذا فاكسُني.
فعل عمر رضي الله عنه في أمر اللباس
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه أن امرأة أتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: يا أمير المؤمنين إن دِرعي مخرَّق، قال: ألم أكسُك؟ قالت: بلى ولكنه تخرَّق، فدعا لهابدرع نجيب وخيط، وقال لها: البسي هذا - يعني الخَلَق - إذا خبزت وإذ جعلت البُرمة، والبسي هذا إذا فرغت؛ فإنه لا جديد لمن لا يلبس الخَلَق. كذا في الكنز.
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن خَرَشة بن الحرِّ قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومرَّ به فتى قد أسبل إزاره وهو يجره، فدعاه فقال له: أحائض أنت؟ قال: قال: يا أمير المؤمنين وهل يحيض الرجل؟ قال: فما بالك قد أسبلت إزارك على قدميك؟ ثم دعا بشفرة ثم جمع طرف إزاره فقطع ما أسفل الكعبين، وقال خَرَشة: كأنَّي أنظر إلى الخيوط على عقبيه. كذا في الكنز.
وأخرج أبو ذر الهَرَوي في الجامع والبيهقي عن أبي عثمان النهدي قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بأذربيجام مع عتبة بن فَرْقَد أما بعد:
فاتّزروا، وارتدوا، وانتعلوا، وارموا بالخفاف، وألقوا السراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإياكم والتنعُّم وزِيّ العجم، وعليكم بالشمس فإنها حمَّام العرب، وتمدَدوا، واخشوشنوا، واخلولقوا، واقطعوا الركب، وارموا الأغراض، وانزوا، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا - وأشار بأصبعه الوسطى -. كذا في الكنز.
بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم >
أخرج ابن سعد: عن الواقدي قال: حدثني معاذ بن محمد الأنصاي قال: سمعت عطاء الخراساني في مجلس فيه عِمران بن أبي أنس يقول وهو فيما بين القبر والمنبر: أدركت حُجَر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جريد انلخل، وعلى أبوابها المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يُقرأ يأمر بإدخال حُجَر أزواج النبي في مسجد رسول الله، فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم، قال عطاء: فسمعت سعيد بن المسيِّب يقول يومئذ: واللَّهِ لوددتُ أنهم تركوها على حالها؛ ينشأ ناشىء من أهل المدينة، ويقدم القادم من الأفق، فيرى ما اكتفى به رسول الله في حياته، فيكون ذلك ممَّا يزهِّد الناس في التكاثر والتفاخر فيها - يعني الدنيا -. قال معاذ: فلما فرغ عطاء الخراساني من حديثه قال عمران بن أبي أنس: كان منها أربعة أبيات بلبن لها حُجَر من جريد، وكانت خمسة أبيات من جريد مطيّنة لا حُجعر لها، على أبوابها مُسوح الشعر، ذرعتُ الستر فوجدته ثلاث أذرع في
ذرع، والعظم أو أدنى من العظم، فأما ما ذكرت من كثرة البكاء فلقد رأيتني في مجلس فيه نفر من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو سَلَمة ابن عبد الرحمن، وأبو أمامة بن سهل بن حُنَيف، وخارجة بن زيد، وإنهم ليبكون حتى أخضل لحاهم الدمعُ، وقال يومئذ أبو أمامة: ليتها تُركت فلم تُهدم حتى يقصرَ الناس عن البناء، ويَروا ما رضي الله لنبيه ومفاتيح خزائن الدنيا بيده