الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عبد الصمد قال: كنتُ جالسًا عند الحسن، فسأله رجل عن الرجل يقرأ في الصلاة ببعض هذه السورة [وبعض هذه السورة]
(1)
؟ قال: فقال الحسن: غزوتُ إلى خراسان في جيشٍ فيه ثلاثمائة رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهم يؤمُّ أصحابه في الفريضة، فيقرأ بخاتمة البقرة، وبخاتمة الفرقان، وبخاتمة الحشر؛ وكان بعضهم لا ينكر على بعض
(2)
.
بل يقرأ الرجل الآية الواحدة من حيث شاء إذا كانت كبيرة، مثل آية الكرسي وآية الدين؛ لأن تلاوتها لا تكره خارج الصلاة. فكذلك في الصلاة، ولأنها لا تكره في النافلة، فكذلك في الفريضة.
وقد دلَّ على الأصل ما ورد في قراءة آية الكرسي
(3)
، والآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة
(4)
، وقراءة العشر الأواخر من آل عمران
(5)
، وما كان يقرؤه في خطبه، وهو كثير. وقرأ:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} الآية [المائدة: 118] في قيام الليل
(6)
.
و
لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة
، لأن ابن مسعود قال: إنِّي لأعرف النظائر التي كان [ص 302] رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرُن بينهن:
(1)
من مصدر التخريج.
(2)
نقله صاحب الروايتين (1/ 20).
(3)
انظر حديث أبي هريرة في «صحيح البخاري» (2311).
(4)
انظر حديث أبي مسعود البدري في «صحيح البخاري» (4008) و «صحيح مسلم» (807).
(5)
انظر حديث ابن عباس في «صحيح البخاري» (4570)، و «صحيح مسلم» (763).
(6)
تقدم تخريجه (ص 62).
سورتين في كلِّ ركعة. متفق عليه
(1)
.
وروى عنه حذيفة رضي الله عنه أنه قرأ البقرة والنساء وآل عمران في ركعة. رواه مسلم
(2)
.
وهل يُكرَه ذلك في الفرض؟ على روايتين:
إحداهما: يكره، لما روى أبو العالية قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لكلِّ سورة حظُّها من الركوع والسجود» رواه أحمد
(3)
.
والثانية: لا تكره. وهي أشهر وأصح، لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رجلٌ من الأنصار يؤمُّهم في مسجد قباء، فكان كلَّما افتتح سورةً يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها؛ فكان يصنع ذلك في كلِّ ركعة. فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه بالخبر، فقال:«وما يحملك على لزوم هذه السورة في كلِّ ركعة؟» . فقال: إني أحبُّها. فقال: «حبُّك إياها أدخلَك الجنَّة» رواه الترمذي، والبخاري معلَّقًا مجزومًا به
(4)
.
(1)
البخاري (775) ومسلم (822).
(2)
برقم (772).
(3)
برقم (20651).
قال الهيثمي في «المجمع» (2/ 291): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح» .
(4)
الترمذي (2901)، والبخاري في باب «الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وبسورة» .
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه» ، وصححه ابن حبان (794)، وقد وقع في إسناده اختلاف، انظر:«فتح الباري» لابن رجب (4/ 470).
وفي الباب حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري (7375) ومسلم (813).
وروى مالك
(1)
عن ابن عمر أنه كان يقرأ أحيانًا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة.
فأمَّا تكرار الآية الواحدة أو السورة الواحدة في الركعتين، فلا يُكرَه في الفرض ولا النفل، لما روى أبو داود
(2)
عن رجل من جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} ، في الركعتين كلتيهما.
وعن أبي ذر رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلةً بآيةٍ يركع بها ويسجد حتَّى أصبح. وهي: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]» . رواه الترمذي
(3)
.
والأفضل: أن يقرأ من البقرة إلى أسفل.
وهل يُكرَه أن يقرأ السورة على خلاف ترتيب مصحف عثمان، مثل أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الناس، وفي الثانية بالفلق؟ على روايتين:
إحداهما: يُكرَه، لأنه تنكيسٌ للقرآن، فأشبه تنكيسَ آيات السورة، فإنه يكره كتابته وتلاوته في الصلاة وغيرها، من غير خلاف في المذهب. وقد سئل ابن مسعود رضي الله عنه عمَّن يقرأ القرآن منكوسًا، فقال: ذاك [منكوسُ
(1)
«الموطأ» (1/ 79)، وأخرجه أحمد (4610).
(2)
برقم (816) ــ ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 390) ـ.
صححه النووي في «الخلاصة» (1/ 389)، ومغلطاي في «الإعلام» (3/ 350).
(3)
لم أجده في «جامع الترمذي» ، وقد تقدم تخريجه (ص 62).
القلب]
(1)
، ولأنه لو نكسه في ركعة واحدة أو خارج الصلاة [كُرِه]
(2)
.
والرواية الأخرى: لا تُكرَه. وهي أصح، لأن الصبيَّ تعلَّم على ذلك، ولأنَّ ذلك لا يُخرِج القرآنَ
(3)
عن الوجه الذي أُنزل عليه والنظم والتأليف الذي له، فأشبه ما لو قرأ سورةً، وقرأ في الثانية بعدها سورةً لا تليها.
وقد تقدَّم حديث حذيفة [ص 303] أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ بالبقرة والنساء وآل عمران، وحديث الذي كان يفتتح بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ويقرأ بعدها سورة أخرى
(4)
. فإذا لم يُكرَه التنكيس في ركعة واحدة، ففي ركعتين أولى.
واحتجَّ أحمد بأنَّ أنس بن مالك صلَّى المغربَ، فقرأ في أول ركعة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وفي الثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
(5)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (7947)، وابن أبي شيبة (30938). وما بين الحاصرتين منهما، وفي الأصل بياض بقدر كلمتين.
(2)
زيادة منِّي. والجملة في الأصل ناقصة، ولم يترك الناسخ بياضًا، وكتب في الهامش:«كذا» .
(3)
في الأصل: «عن القرآن» مع ثلاث نقط فوق «عن» . والظاهر أنها مقحمة.
(4)
تقدَّم تخريجهما.
(5)
لم أقف عليه.
وأخرج ابن الضريس في «فضائل القرآن» (253) ــ واللفظ له ــ، والطبراني في «الكبير» كما في «مجمع الزوائد» (2/ 120)، وابن عبد البر في «التمهيد» (7/ 259)، من طرق عن ابن عمر قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم الفجر، فقرأ في الركعة الأولى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وفي الثانية:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، فلما سلم قال:«قرأت لكم ثلث القرآن وربعه» . قال الهيثمي: «رواه الطبراني في «الكبير» ، وفيه جعفر بن أبي جعفر، وقد أجمعوا على ضعفه».
وقال البخاري
(1)
: قرأ الأحنف بالكهف في الأولى، وفي الثانية بيونس أو يوسف، وذكر أنه صلَّى مع عمر الصبح بها.
فأما تكرار الآية أو السورة الواحدة في الركعة الواحدة، فلا يُبطل الصلاة، سواء كانت الفاتحة أو غيرها؛ لأن أقصى ما فيها أنها ركن قولي، وتكرارُ الأركان القولية لا يُبطل، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بقوله:«الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا» . وكذلك الرجل الذي افتتح الصلاة
(2)
.
(1)
«الصحيح» (1/ 154)، ووصله الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 181)، من حديث عبد الله بن شقيق، قال: صلى بنا الأحنف
…
الحديث.
(2)
تقدَّم تخريجهما. وهذا آخر المجلد الثاني من نسخة القصيم.