الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو الركوع أو السجود وغير ذلك من الشرائط والأركان يؤخِّر الصلاة إلى أن يقدر على ذلك، إذا علِمَ أو غلَب على ظنِّه أنه يقدر على ذلك. وهذا خلاف الكتاب والسنة والإجماع، فإنَّ رعاية الشرع للوقت أعظم من رعايته لجميع الشرائط والأركان المعجوز عنها. ولهذا لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها البتة للعَجز عن بعض الأركان.
و
متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط
. وإنما تكون المحافظة على الشرط أولى إذا كان الوجوب في آخر الوقت، مثل نائم يستيقظ آخرَ الوقت، فإنَّ الصلاة واجبةٌ عليه حينئذ: فعلُها بشروطها، كما لو استيقظ بعد الوقت.
وأمَّا إن وجد سترةً يخاف فوتَ الصلاة بالمشي إليها والتشاغلِ بالاستتار، فإن كانت الصلاةُ قد أُمِر بها في أول الوقت أو وسطه، والسترة بعيدة بحيث لا يصل إليها إلا بعد فوت الوقت= فهذا يجب عليه أن يصلَّي عريانًا. وهذه مسألة العراة المتقدمة، فإنه ما من عارٍ إلا وهو يرجو الكسوة فيما بعد، فإنَّ أحدًا من الناس لا يكاد يبقى عاريًا على الدوام. وهذا لأنَّ وقتَ الصلاة يتسع للاستتار والفعلِ على الوجه المعتاد لو كانت السترة ممكنة، فإذا تعذَّرت سقطت.
وكذلك إن استيقظ آخرَ الوقت، والسترة بعيدة عنه بعدًا لا يجب عليه طلبُها منه. فأما إن استيقظ آخرَ الوقت، والسترة قريبة [ص 111] منه بحيث لا تجوز صلاته إلا بها، فهنا لم يتسع
(1)
ما بقي من الوقت للسترة والفعل على
(1)
في المطبوع: «لا يتسع» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
الوجه المعتاد، فلا تكون السترة متعذِّرة، فيكون الوقت متسعًا لشرائط الصلاة وأفعالها؛ بخلاف مسألة الواحد بعد الواحد، فإنَّ الوقت متَّسع للسترة لو كانت ممكنة، وإنما السترة متعذرة. وفرقٌ بين تعذُّرٍ ينشأ من ضيق الوقت، وتعذُّرٍ ينشأ من تعذُّر الشرط. فإن نشأ من ضِيق الوقت وسَّعه الشارع، وإن نشأ من تعذُّر الشرط على الوجه المعتاد أسقطه الشارع. ولهذا لو كانوا في سفينة أو موضع ضيِّق لا يمكن جميعَهم الصلاةُ قيامًا صلَّوا واحدًا
(1)
بعد واحد، إلا أن يخافوا فوتَ الوقت، فيصلِّي واحدٌ قائمًا والباقون قعودًا، تقديمًا للصلاة في الوقت على ركن القيام. وقد تقدَّم مثلُ هذا الكلام في الطهارة، وسيجيء مثله في استقبال القبلة إن شاء الله.
وإن كانت السترة ملكًا لبعضهم لم تصح صلاته إلا فيها، وينبغي له أن يعيرها لسائرهم ليصلُّوا فيها، كما تقدَّم؛ إلا أن يضيق الوقت، فينبغي أن يعيرها لمن هو أحقُّ بالإمامة. وإن أعارها لغيره جاز.
وإن بُذِل الثوبُ لهم مطلقًا، وقد ضاق الوقت، أُقرِعَ بينهم. فمن قرَع فهو أحقُّ به إلا أن يكون أحدُهم أولى بالإمامة فهو أولى به. وإن كانوا رجالًا ونساءً فالنساء أحقُّ.
ومتى لم يستتروا إلا واحدٌ، لضيق الوقت، أو لعدم الإعارة؛ فإنه يؤمُّهم الكاسي، ويتقدَّم أمامهم. قال بعض أصحابنا: يستحَبُّ ذلك، وقياس المذهب: أنَّ إمامته واجبة، لأنَّ الجماعة واجبة على جميعهم، وهي لا
(1)
في الأصل: «صلَّى واحدًا» ، وفي المطبوع:«صلَّى واحد» ، ولعل ما أثبت أنسب للسياق.