الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي هريرة قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يصلِّي الرجل حتى يحتزم. رواه أحمد وأبو داود
(1)
.
ولذلك وجب أن تستر المرأة رأسها، وإن كان يجوز أن تقعد خالية مكشوفة الرأس. ولذلك وجب سترُ المنكبين، كما سيأتي إن شاء الله تعالى فليس كلُّ ما جاز كشفه خارج الصلاة جاز في الصلاة، إذ هي أشدُّ.
وسواء سترها بنفسه أو بغيره، مثل أن يكون ذو الجيب الواسع عريضَ اللحية أو غليظَ الرقبة، لا يرى عورته من جيبه لذلك، أو يضع يده على خَرْق في السترة [ص 71] يستره بيده، لأنَّ المقصود السترة، وقد حصل.
مسألة
(2)
: (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)
.
في هذا الكلام فصول.
أحدها
أنَّ عورة الرجل ما بين السرَّة والركبة، وهذا أشهر الروايتين
(3)
.
(1)
أحمد (9017)، وأبو داود (3369)، من طريق شعبة، عن يزيد بن خمير، عن مولى لقريش، عن أبي هريرة به.
إسناده ضعيف؛ لجهالة راويه عن أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر:«السنن الكبرى» للبيهقي (2/ 240).
(2)
«المستوعب» (1/ 156 - 157)، «المغني» (2/ 283 - 336)، «الشرح الكبير» (3/ 200 - 223)، «الفروع» (2/ 34 - 39).
(3)
نقلها المروزي وعبد الله وأحمد بن هشام. انظر: «مسائل الروايتين» (1/ 136).
والأخرى: أنها القبل والدبر
(1)
، لأنَّ ذلك هو المفهومُ من قوله تعالى:{لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعراف: 26]، وفي
(2)
قوله: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 24]، ولما روى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسَر الإزار عن فخذه. قال: حتَّى إنِّي لأنظر إلى بياض فخِذ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد والبخاري
(3)
.
وكذلك روي عنه من حديث عائشة وحفصة رضي الله عنهما: أنَّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما دخلا عليه، وهو كاشفٌ عن فخذه، فلم يغطِّها. فلما دخل عثمان غطَّاها، وقال:«ألا أستحيي من رجلٍ، والله إنَّ الملائكةَ لتستحيي منه؟» رواه أحمد
(4)
.
ووجه الأول: ما روى جَرْهَد الأسلمي قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليَّ بُردةٌ، وقد انكشف فخذي، فقال:«غطِّ فخذَك، فإنَّ الفخذ عورة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي
(5)
وقال: حديث حسن.
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُبرِزْ فخذَك، ولا تنظر إلى فخذِ حيٍّ ولا ميِّت» رواه أبو داود وابن ماجه
(6)
.
(1)
نقلها مهنَّا. المرجع السابق.
(2)
كذا في الأصل والمطبوع. وقد يكون تحريف «ومن» .
(3)
أحمد (11992)، والبخاري (371).
(4)
برقم (24330)، ومسلم (2401).
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
أبو داود (4015)، وابن ماجه (1460)، من طريق ابن جريج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي به.
إسناده ضعيف، قال أبو داود:«هذا الحديث فيه نكارة» ، وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (4/ 142 - 143):«أعل هذا الحديث بالطعن في عاصم، والانقطاع بين ابن جريج وحبيب بن أبي ثابت، وبين حبيب وعاصم؛ فإنه لم يسمعه منه» بتصرف.
وانظر: «العلل» لابن أبي حاتم (6/ 51)، و «فتح الباري» لابن رجب (2/ 407).
وعن ابن عباس قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل، وفخذُه خارجة، فقال:«غطِّ فخذَك، فإنَّ فخذ الرجل من عورته» . رواه أحمد
(1)
.
وروى الترمذي
(2)
قولَه: «الفخِذ عورة» ، وقال: حديث حسن غريب. وروي ذلك من وجوه أخرى يشُدُّ بعضُها بعضًا.
ولأنَّ ستر العورة إنما وجب لما في كشفها من الفحش والقبح، وهذا يشترك فيه الفخذ وغيره. ولأنَّ ما حول السوءتين من حريمهما، وسترَه تمامُ سترهما؛ والمجاورةُ لها تأثير في مثل ذلك، فوجب أن يعطى حكمهما.
وما نُقل من كشف فخذه فهو ــ والله أعلم ــ إمَّا أن يكون منسوخًا، لأنَّ أحاديثنا ناقلة حاظرة، أو يكون حصَل بغير قصد، أو يكون المكشوف أوائل الفخذ من جهة الركبة وفوق ذلك بقليل، فإنَّ الركبة والسرَّة ليستا من العورة. وكذلك ما دون السرَّة بقليل وفوق الركبة بقليل. نصَّ عليه في مواضع
(3)
.
(1)
برقم (2493)، من طريق إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس به.
إسناده ضعيف، أبو يحيى متكلم فيه، قال أحمد:«روى إسرائيل عن أبى يحيى القتات أحاديث مناكير جدًّا كثيرة» ، انظر:«الميزان» (4/ 586)، «البدر المنير» (4/ 147).
(2)
برقم (2796)، بالسند السابق. وعلقه البخاري (1/ 83).
(3)
انظر: «مسائل عبد الله» (ص 62).
وحكي عنه: أنهما من العورة
(1)
[ص 72] لأنهما تمام الحدِّ، ولا يحصل تمام السترة إلا بهما، فوجب سترُهما؛ كما وجب غسلُ جزء من الرأس، وإمساكُ جزء من الليل.
والأول أصحُّ؛ لأنَّ العمدة في ذلك على أحاديث الفخذ، وهي لا تتناول الركبة والسرَّة. وقد روى الدارقطني
(2)
عن أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسفل السرَّة وفوق الركبتين من العورة» .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين السرَّة والركبة عورة»
(3)
. وهذا صريح بأنهما ليستا من العورة.
وقوله
(4)
: «هما تمامُ الحدِّ» غير مسلَّم، بل إذا نزل عن السرَّة قليلًا وصعد عن الركبة قليلًا جاز. نصَّ عليه، لأن عادة الصحابة والعرب في زمانه صلى الله عليه وسلم كانت الاكتفاء بالمآزر، والعادة انحطاطها عن السرَّة. وقد ذكر الإمام
(1)
ذكره ابن عقيل. انظر: «المبدع» (1/ 318).
(2)
«السنن» (1/ 231)، من طريق سعيد بن راشد، عن عباد بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي أيوب به.
إسناده ضعيف جدًّا، قال ابن الملقن في «البدر المنير» (4/ 157):«سعيد بن راشد، وعباد بن كثير متروكان» ، وضعفه الألباني في «إرواء الغليل» (1/ 302).
(3)
أخرجه الدارقطني (1/ 230)، من طريق سوار بن داود، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به.
في إسناده مقال، سوار متكلم فيه، وقد أخرج العقيلي في «الضعفاء» (2/ 168) هذا الحديث في ترجمة سوار وضعفه. وانظر:«البدر المنير» (4/ 159)، «إرواء الغليل» (1/ 303).
(4)
يعني: ابن عقيل، فيما يبدو.