الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(1)
: (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)
.
وتسمَّى هذه الصلاة «الفجر» لقوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: 78]، وقوله:{مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ} [النور: 58] وقوله: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، و «الصبح» لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أدرك ركعة من الصبح»
(2)
.
و «صلاة الغداة» لقوله عليه السلام: «لو يعلم المتخلِّفون عن صلاة العشاء وصلاة الغداة ما فيهما لأتَوهما ولو حَبْوًا»
(3)
.
وقال الرجل له: إنِّي لأتأخَّر عن صلاة الغداة من أجل فلانٍ مما يُطيل بنا
(4)
.
والمستحب: تسميتها «الفجر» و «الصبح» . ولا يُكرَه تسميتها بالغداة في المشهور.
وفي الآخر: يُكرَه، لأنه يقال: إنها تسمية الأعراب.
وهي ركعتان بنقل الأمَّة العامِّ المتوارَث بينها. وهي من صلاة النهار،
(1)
«المستوعب» (1/ 144)، «المغني» (2/ 29 - 32)، «الشرح الكبير» (3/ 165 - 169)، «الفروع» (1/ 434 - 435).
(2)
أخرجه مسلم (608) من حديث أبي هريرة وسيأتي بهذا اللفظ بتمامه في المسألة الآتية.
(3)
أخرجه أحمد (12533) من حديث سنان بن ربيعة، عن أنس بن مالك به.
إسناده لين، سنان متكلم فيه، كما في «الميزان» (2/ 235)، لكن يشهد له حديث أبي هريرة المتقدم في «الصحيحين» .
(4)
من حديث أبي مسعود الأنصاري. أخرجه البخاري (702) ومسلم (466).
نصَّ عليه. وجعلت ركعتين
(1)
من أجل طول القراءة فيها، فكأنه
(2)
عُوِّض بتطويل القراءة عن تكثير الركعات.
وأول وقتها: من طلوع الفجر الثاني، كما تقدَّم في أحاديث المواقيت كلِّها، مع قوله:{طَرَفَيِ النَّهَارِ} وقوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} وقوله: {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]، وقوله:{قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]، وغير ذلك.
وهما فجران. فالأول: المستدِقُّ، المستطيل في طول السماء، كذنَب السِّرْحان ــ وهو الذئب ــ ويسمَّى الفجر الأول؛ ولا عبرة به في شيء من الأحكام. [ص 36] ثم يسوَدُّ الأفق بعده، ثم يطلع الفجر الصادق بعده معترضًا في الأفق، منتشرًا، لا ظلمة بعده. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:«لا يمنعنَّكم من سَحوركم أذانُ بلالٍ ولا الفجرُ المستطيلُ، ولكنِ الفجرُ المستطيرُ في الأفق» وقد تقدَّم.
وقد روى أبو حفص والدارقطني
(3)
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1)
في الأصل: «ركعتان» ، وفي حاشيته:«لعله ركعتين» ، وهو كما قال. وفي المطبوع كما في الأصل.
(2)
في المطبوع: «وكأنه» ، والمثبت من الأصل.
(3)
(2/ 165)، وأخرجه ابن خزيمة (356، 1927)، والحاكم (1/ 191)، إلى قوله:«ويحل فيه الطعام» . وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجح البيهقي وابن رجب وقفه كما في «فتح الباري» (3/ 226).
وأما الجزء الثاني فروي من مرسل محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عند أبي داود في «المراسيل» (97)، والدارقطني (1/ 268، 2/ 165) وغيرهما.
وللحديث شواهد من حديث سمرة وابن مسعود وغيرهما، انظر:«البدر المنير» (3/ 195 - 199).
«الفجر فجران. فجرٌ تَحِلُّ فيه الصلاة، ويحرُم فيه الطعام. وفجرٌ تحرُم فيه الصلاة، ويحِلُّ فيه الطعام. أمَّا الذي يكون كذنَب السِّرحان فلا تحِلُّ الصلاة فيه، ولا يحرُم فيه الطعام. وأمَّا الذي يذهب مستطيلًا
(1)
في الأفق فإنه يُحِلُّ الصلاةَ ويُحرِّم الطعام».
ويمتدُّ وقتها في حال الاختيار والاضطرار إلى طلوع الشمس، فإذا بدا حاجب الشمس خرج وقتها. هذا ظاهر المذهب، وهو المنصوص عنه
(2)
. وقال بعض أصحابنا: إذا أسفر ذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الشمس كالعصر والعشاء، لأن جبريل عليه السلام لما صلَّى بالنبي صلى الله عليه وسلم صلَّى به في اليوم الثاني حين أسفرت الأرض، وقال: الوقت فيما بين هذين الوقتين.
والأول أصح، لأنَّ في حديث عبد الله بن عمرو:«وقت الفجر ما لم تطلع الشمس» . وفي لفظ: «ما لم يطلع قرنُ الشمس الأول» هذا لفظ مسلم، وقد تقدَّم. وكذلك في حديث أبي هريرة:«إنَّ آخر وقتها حين تطلع الشمس» .
ولا يجوز حملُ هذا على وقت الإدراك والضرورة، لأنه إنما ذكر فيه وقت الاختيار، إذ الإطلاق يقتضي ذلك. وكذلك قال في العصر:«ما لم تصفرَّ الشمس» ، وفي العشاء:«إلى نصف الليل» فلم يدخل وقت الضرورة في هذا الحديث.
(1)
كذا في «سنن الدارقطني» ، وفي «المراسيل»:«المستطير» ، وهو الصواب الموافق للأحاديث الأخرى.
(2)
انظر: «مسائل صالح» (1/ 153).
ولأنَّ في حديث السائل: أنه انصرف من الفجر في اليوم الثاني، والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت ــ وقد تقدَّم من رواية أبي موسى ــ، ولم يُبيِّن إلا أوقات الاختيار. ولأنَّ الشمسَ تغرب بين قرني شيطان، فإذا اصفرَّت أخذت في الغروب. فلذلك أمر أن لا تؤخَّر
(1)
الصلاةُ إلى ذلك الوقت عمدًا. وفي الفجر لا يقارنها الشيطان حتى يطلع حاجبها، فإذا لم تطلع فالوقت مُبْقًى على حاله. فلا وجه للكراهة
(2)
فيه.
وحديث جبريل قد جاء فيه أنه أسفر جدًّا. وظاهره أنه سلَّم قبيل طلوع الشمس، فتحمل الرواية الأخرى على ذلك. وإن كان قد سلَّم قبلُ [ص 37] بساعة فهو حديث متقدِّم، قد تبيَّن فيه الأفضل، كما مضى.
فصل
(3)
إذا نام قبل العشاء ولم يوكِّل به من يوقظه كُرِه له ذلك، لأنه يخاف أن يدوم النوم، فيفضي إلى فوت الوقت أو فوت الجماعة. وإن وكَّل به من يوقظه لم يُكرَه.
فصل
وأمَّا الحديث بعدها، فإن كان وحده أو كان
(4)
يتحدَّث مع غيره في علم أو مصلحة لم يُكرَه، ولإيناس الضيف. وإن كان حديثًا لا فائدة فيه كُرِه له ذلك.
(1)
في الأصل: «يؤخر» ، والمثبت من المطبوع.
(2)
في المطبوع: «للكراهية» ، والمثبت من الأصل.
(3)
كذا وقع هذا الفصل والفصل التالي في الأصل هنا، وهما متعلِّقان بصلاة العشاء، فالظاهر أن موضعهما قبل مسألة وقت صلاة الفجر.
(4)
في الأصل: «وإن كان» . وفي حاشيته: «كذا، ولعله: أو كان» .