الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته
، لما روى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد أشار بالسبَّابة، ولم يجاوز بصره إشارته. رواه أحمد وأبو داود والنسائي
(1)
.
وإذا أحسَّ بشيء، فقال أحمد: ما يعجبني أن يلتفت. قال الآمدي: هذا على طريق الورع.
مسألة
(2)
: (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)
.
لا يختلف المذهب أنَّ استحباب الاستفتاح في صلاة الفريضة والنافلة بعد التكبير
(3)
. وقد جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنواع عديدة، لكن
(1)
أحمد (16100)، وأبو داود (990)، والنسائي (1275)، وأخرجه بنحوه مسلم (579)، وليس فيه موضع الشاهد.
(2)
«المستوعب» (1/ 175)، «المغني» (2/ 141 - 145)، «الشرح الكبير» (3/ 425 - 429)، «الفروع» (2/ 169 - 170).
(3)
جاء بعده في الأصل والمطبوع: «فبأيها استفتح فحسنٌ» . وهي جملة مكررَّة هنا سهوًا، وستأتي بعد سطر.
عامتها إنما كان يستفتح بها
(1)
النبيُّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل في النوافل، فبأيها استفتح فحسن.
وإنما استحببنا هذا الاستفتاح على غيره لوجوه
(2)
:
أحدها: أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه. فروى أبو سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك» رواه الخمسة
(3)
.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك»
(1)
في الأصل والمطبوع: «به» .
(2)
لم يذكر هنا إلا وجهين، غير أنه ذكر بعدهما ثمانية وجوه لاعتماد أحمد عليه.
(3)
أحمد (11473)، وأبو داود (775)، والترمذي (242)، والنسائي (899)، وابن ماجه (804)، من طرق عن جعفر بن سليمان، عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري به.
حديث معلول، تفرد به جعفر وهو مختلف فيه، واضطرب في إسناده، وكذا شيخه قد اختلف فيه أيضًا، قال الترمذي:«قد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث» . وأعله أبو داود عقب إخراجه إياه بالإرسال، وقال ابن خزيمة (467):«لا نعلم في هذا خبرًا ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل المعرفة بالحديث» .
وفي الباب عن جماعة من الصحابة ــ سيورد الشارح بعضها ــ لا تخلوا من علة، أعلها أحمد وطائفة، وأصح ما جاء فيه حديث عمر الموقوف عند ابن أبي شيبة (2404) وغيره.
انظر: «التحقيق» (1/ 340)، «فتح الباري» لابن رجب (4/ 346)، «البدر المنير» (3/ 538).
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني
(1)
.
وعن أنس قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبَّر، ثم يقول:«سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك» رواه الدارقطني
(2)
بإسناد جيد.
(1)
أخرجه أبو داود (776) ــ ومن طريقه الدارقطني (1/ 299) ــ من طريق طلق بن غنام، عن عبد السلام بن حرب، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة به.
قال أبو داود: «هذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم يروه إلا طلق بن غنام، وقد روى قصة الصلاة عن بديل جماعة لم يذكروا فيه شيئًا من هذا» ، زاد الدارقطني في روايته عن أبي داود:«وليس هذا الحديث بالقوي» .
وأخرجه الترمذي (243)، وابن ماجه (806)، والدارقطني (1/ 301)، من طرق عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة به.
قال الترمذي: «وحارثة قد تكلم فيه من قبل حفظه» ، وضعف كلا الوجهين البيهقي في «معرفة السنن» (1/ 347).
(2)
«السنن» (1/ 300)، وكذا أخرجه أبو يعلى (6/ 389)، والطبراني في «الدعاء» (1/ 173)، من طريق الحسين بن علي بن الأسود، عن محمد بن الصلت، عن أبي خالد الأحمر، عن حميد، عن أنس به.
قال أبو حاتم كما في «العلل» لابنه (374): «هذا حديث كذب لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به، كتبت عنه» ، وسلف تضعيف طائفة لأحاديث الباب.
وقال ابن حجر في «الدراية» (1/ 129): «قال الدارقطني: إسناده كلهم ثقات. كذا قال، وفيه الحسن بن علي بن الأسود ضعفه ابن عدي والأزدي، وقال ابن حبان: ربما أخطأ. وله طريق أخرى في الطبراني «الدعاء» [1/ 173]، من رواية عائذ بن شريح، عن أنس. وأخرجه فيه [1/ 173] من رواية الفضل بن موسى، عن حميد، عن أنس. وهذه متابعة جيدة لرواية أبي خالد الأحمر» باختصار.
وروي أيضًا عن
(1)
عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمشهور أنه عن عمر
(2)
.
ورواه الطبراني في «الدعاء»
(3)
من حديث ابن مسعود، وعبد الله بن عمر
(4)
والحكم بن عمير اليماني
(5)
.
وفي رواية له: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
زاد بعدها في المطبوع بين حاصرتين: «ابن» ، ولا تصح هذه الزيادة.
(2)
أخرجه الدارقطني (1/ 299)، من طريق عبد الرحمن بن عمر بن شيبة، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر مرفوعًا.
قال الدارقطني: «رفعه هذا الشيخ [يعني عبد الرحمن]، والمحفوظ عن عمر من قوله. كذلك رواه إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عن عمر، كذلك رواه يحيى بن أيوب، عن عمر بن شيبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر من قوله، وهو الصواب» ، وبنحوه في «العلل» (2/ 141).
وسيأتي تخريج أثر عمر الموقوف قريبًا.
(3)
(1/ 173)، وأخرجه في «المعجم الكبير» (10/ 108)(10/ 149)، و «الأوسط» (1/ 305). إسناده ضعيف، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 277):«رواه الطبراني في «الأوسط» ، وأبو عبيدة لم يسمع من ابن مسعود. ورواه في «الكبير» باختصار، وفيه مسعود بن سليمان، قال أبو حاتم: مجهول»، وضعفه البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 34).
(4)
«الدعاء» (1/ 173)، وأخرجه في «المعجم الكبير» (12/ 353).
إسناده ضعيف، فيه عبد الله بن عامر السلمي ضعيف، قال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 6):«كان ممن يقلب الأسانيد والمتون، ويرفع المراسيل والموقوف» ، ثم أسند حديث الباب في ترجمته. والحديث ضعفه الزيلعي في «نصب الراية» (1/ 319)، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 278).
(5)
«الدعاء» (1/ 173)، وأخرجه في «المعجم الكبير» (3/ 218).
إسناده ضعيف، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 271):«رواه الطبراني في «الكبير» ، وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف»، وضعفه ابن حجر في «الدراية» (1/ 128).
يعلمنا يقول: «إذا قمتم إلى الصلاة فقولوا: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك. وإن لم تزيدوا على التكبير [أجزأكم]
(1)
»
(2)
. وهذا أمر منه، ولم يجئ في الاستفتاح الأمر إلا في هذا.
ورواه النجاد من حديث جابر
(3)
وابن مسعود
(4)
.
[ص 259] الثاني: أنه الذي تختاره
(5)
عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: عليه العمل عند الصحابة والتابعين
(6)
. وروى سعيد عن أبي بكر
(1)
زيادة من كتاب «الدعاء» .
(2)
هو الحديث المتقدم تخريجه.
(3)
أخرجه الدارقطني (1/ 298)، والطبراني في «الدعاء» (1/ 171) والبيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 35)، من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به.
ظاهر إسناده الحسن غير أنه معلول، اضطرب شعيب في روايته، وخلط بين ثلاثة أسانيد لمتن واحد في الجمع بين صيغتين في الاستفتاح: حديث علي، وحديث جابر، وحديث محمد بن مسلمة، وقد أفاض ابن رجب في بيان ذلك في «شرح العلل» (392)، ثم قال:«وحاصل الأمر أن حديث الاستفتاح رواه شعيب، عن إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر، فمنهم من ترك إسحاق، وذكر ابن المنكدر وآخر، وكذا وقع في سنن النسائي. وهذا مما لا يجوز فعله» ، وقد ضعف الحديث البيهقي في «معرفة السنن» (2/ 348)، وابن رجب في «فتح الباري» (4/ 347).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
في المطبوع: «أنه يختاره» . أسقط «الذي» ، وأثبت:«يختاره» بالياء خلافًا للأصل.
(6)
«سنن الترمذي» (1/ 324 - بشار عواد». ولفظه: «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم» .
الصديق رضي الله عنه أنه كان يستفتح بذلك
(1)
. وكان أبو بكر أشبه الناس صلاة برسول الله. وهو مشهور عن عمر، رواه مسلم في «الصحيح» عن عبدة
(2)
أن عمر كان يجهر بهؤلاء الكلمات: [«سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك» . وفي «سنن الدارقطني»
(3)
عن الأسود، قال: كان عمر رضي الله عنه إذا افتتح الصلاة قال]
(4)
: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، و لا إله غيرك» يُسْمِعنا
(5)
ذلك ويعلِّمنا.
وعلى هذا الوجه اعتمد أحمد لوجوه
(6)
:
أحدها: أنَّ عامة الاستفتاحات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي في النوافل.
الثاني: أن هذا جهَر عمرُ به في الفريضة، ليعلمه الناس بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكروه عليه. وهو إنما يعلِّم الناس سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شيء
(7)
يختاره لنفسه. وكذلك أقرَّه الناس
(8)
على ذلك، ولم ينكره عليه أحد. بل قد
(1)
أخرجه عبد الرزاق (2558)، وابن أبي شيبة (2408)، وابن المنذر في «الأوسط» (3/ 82).
(2)
في الأصل والمطبوع: «عبد الله» ، وهو خطأ.
(3)
برقم (1153).
(4)
يظهر أن ما بين الحاصرتين سقط من الأصل لانتقال النظر.
(5)
في المطبوع: «ليسمعنا» . والمثبت من الأصل و «سنن الدارقطني» .
(6)
قال ابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 198): «وإنما اختار الإمام أحمد هذا لعشرة أوجه قد ذكرتها في مواضع أخرى» . ثم ذكر ستة أوجه.
(7)
كذا في الأصل.
(8)
في الأصل: «أقرَّ الناس» ، والمثبت من حاشية الناسخ.
روى الدارقطني
(1)
عن عثمان مثل ذلك، وروى [ابن]
(2)
المنذر
(3)
عن ابن مسعود مثل ذلك. وإذا كان الخلفاء الراشدون على ذلك عُلِم أنه المسنون غالبًا.
الثالث: ما روى سعيد بن منصور وغيره عن الضحاك في قوله: {وَسَبِّحْ
(4)
بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: 48] قال: حين تقوم إلى الصلاة. قال: تقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك»
(5)
.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي المسيء في صلاته: «لا تتِمُّ صلاةٌ لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوءَ مواضعَه. ثم يكبِّر، ويحمد الله، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسَّر من القرآن» رواه أبو داود والنسائي
(6)
. فالافتتاح بهذا أشبه بامتثال الأمر في الكتاب والسنة.
الرابع: أن أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. فاستفتح الصلاة بالتكبير، وضمَّ إليها «سبحانك
(1)
«السنن» (1/ 302).
(2)
الزيادة من المطبوع.
(3)
«الأوسط» (3/ 82)، دون إسناد، وأسنده ابن أبي شيبة (2406).
(4)
في الأصل: «فسبح» .
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (2417) والطبري في «جامع البيان» (22/ 489).
(6)
أبو داود (857)، والنسائي (1052)، وأخرجه بنحوه الطبراني في «الكبير» (5/ 38)، من طرق عن علي بن يحيى بن خلاد، عن عمه رفاعة بن رافع به.
رجاله ثقات غير أنه منقطع بين علي وعمه، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 274):«رواه الطبراني في «الكبير» ، ورجاله رجال الصحيح».
وقد اختلف في إسناده على علي بن يحيى، انظر:«العلل» لابن أبي حاتم (221)، «نصب الراية» (1/ 312)، «البدر المنير» (3/ 571).
اللهم وبحمدك ولا إله غيرك»، فقد أتى بمعنى هذه الكلمات. وضمَّ إليها:«تبارك اسمك وتعالى جدك» . والجَدُّ هو العظمة والكبرياء، وهو المثل الأعلى في السماوات والأرض. فإذا انضمَّ إلى الباقيات الصالحات أسماؤه سبحانه وصفاته، فقد حصل الثناء من
(1)
جميع الجهات.
الخامس: أنَّ هذه الكلمات كلها في القرآن أمرًا أو ثناءً
(2)
، والذكر الموافق للقرآن أفضل من غيره. أما التكبير فقال:{وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111]. وأما التسبيح والتحميد فقال: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: 3]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم [ص 260] ربنا وبحمدك» يتأول
(3)
هذه الآية
(4)
. فعُلِم أن قول العبد: «سبحانك اللهم وبحمدك» يكون امتثالًا لها. وكذلك قوله: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [الزمر: 75]، {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30]. وأما التبريك فقال: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذُو
(5)
الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 78]. وأما التعلية فقال تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3] وأما التهليل فكثير.
السادس: أن هذا ثناء محض على الله. وما سواه إما إخبار عن الحال التي هو فيها أو دعاء ومسألة، والثناء على الله أفضل منهما. وكذلك اختير
(1)
في المطبوع: «في» .
(2)
في المطبوع: «وثناء» .
(3)
في الأصل: «تبارك» ، تصحيف.
(4)
كما في البخاري (4968) ومسلم (484) من حديث عائشة.
(5)
على قراءة ابن عامر. انظر: «الإقناع» لابن الباذش (2/ 779).
التسبيح في الركوع والسجود على قول العبد: لك سجدت، وعلى الدعاء.
السابع: أن ما سواه فيه طول ينافي ما يشرع في المكتوبة من التخفيف. وكذلك من يختاره من العلماء لا يختار جميعَه. فكأن الذكر المعمول بجميعه أولى
(1)
من الذكر المعمول ببعضه. ولهذا والله أعلم كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما يقول غالبًا في قيام الليل لطوله.
الثامن: أنه قد ثبت أن هذا مسنون في المكتوبة، وغيرُه مما يختاره بعض العلماء إنما روي أنه كان في النافلة.
والأفضل أن يقول «ولا إلهَ» بفتح الهاء. وإن قالها بالضم والتنوين جاز. قال ابن عقيل: وهو أفضل، لأن التنوين حرفان يعيد
(2)
في الصلاة
(3)
. والمذهب أن الفتح أفضل، لأنه هو اللغة الغالبة التي يُقرَأ بها، وإن ضمَّها ففيه خلاف من النحاة العامة
(4)
. وكذلك جاءت ألفاظ الأذان وغيره في قولنا: لا إله إلا الله. ولأنَّ معناها أكمل وأتم، لأنها [
…
]
(5)
.
وأما سائر أنواع الاستفتاح، فمنها: ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبَّر في الصلاة سكت هنيئةً قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله، أرأيتَ سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: «أقول: اللهم باعِدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدتَ بين المشرق والمغرب. اللهم نقِّني من
(1)
تكررت «أولى» في الأصل.
(2)
كذا في الأصل. والتنوين حرف واحد.
(3)
انظر: «الفروع» (2/ 169).
(4)
كذا في الأصل.
(5)
في الأصل بياض بقدر كلمة.
خطاياي كما تنقِّي الثوبَ الأبيض من الدنس. اللهم اغسِلْني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد» متفق عليه
(1)
.
وهذا صريح في المكتوبة. قال أحمد
(2)
: ما أحسن حديث أبي هريرة في الاستفتاح. ولعله صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بهذا أحيانًا، أو كان يقوله بعد: سبحانك اللهم، كما كان يقوله في الاعتدال عن الركوع بعد التحميد، كما نذكر إن شاء الله.
ومنها: ما رواه علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال [ص 261]: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين. إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له. وبذلك أُمِرتُ، وأنا من المسلمين. اللهم أنت الملِك، لا إله إلا أنت. أنت ربِّي، وأنا عبدك. ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، [واهدِني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرِفْ عنّي سيئها، لا يصرِفُ عنّي سيئها إلا أنت]
(3)
لبيك وسعديك، والخير كلُّه في يديك، والشر ليس إليك. وأنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، والترمذي وصححه
(4)
. وفي رواية لأبي داود
(5)
: أنه إذا قام إلى
(1)
البخاري (744) ومسلم (598).
(2)
في رواية الميموني. نقلها ابن رجب في «الفتح» (6/ 386).
(3)
يظهر أن ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل لانتقال النظر.
(4)
أحمد (729)، ومسلم (771)، وأبو داود (1509)، والنسائي (897) ، والترمذي (266)، وابن ماجه (1054).
(5)
برقم (761).
الصلاة المكتوبة.
ورُوي بعض ذلك أيضًا من حديث جابر
(1)
ومحمد بن مسلمة
(2)
وعبد الله بن عمر
(3)
. وفي حديث محمد بن مسلمة
(4)
: كان إذا قام يصلي من الليل تطوعا قال: «وجهت وجهي» رواه النسائي
(5)
.
ومن ذلك: ما روى جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة قال: «الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا. سبحان الله بكرةً وأصيلًا، سبحان الله بكرةً وأصيلًا، سبحان الله بكرةً وأصيلًا. اللهم إنّي أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه» . وفي رواية: «يقول في التطوع» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه
(6)
.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
أخرجه النسائي (898)، والطبراني في «الكبير» (19/ 231)، من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن ابن المنكدر، عن الأعرج، عن ابن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة به.
وهو حديث معلول سلف بيان علته عند الكلام على حديث جابر.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
في الأصل: «مسلم» مضبوطًا بضم أوله وكسر ثالثه. وهو خطأ.
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
أحمد (16784)، وأبو داود (764)، وابن ماجه (807)، من طرق عن عاصم العنزي، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه به.
إسناده ضعيف، للاختلاف في إسناده على عاصم مع جهالته، وبذلك أعله البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 489)، وابن خزيمة (1/ 239).
قال أحمد: حديث جبير بن مطعم يدل على صلاة الليل، وحديث أبي هريرة يدل على صلاة النهار.
وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: جاء رجل ونحن في الصفِّ خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدخل في الصلاة، ثم قال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا. فرفع القوم رؤوسهم، واستنكروا الرجل، وقالوا: من هذا الذي يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من هذا العالي الصوت؟» . فقالوا: هو هذا. فقال: «والله رأيت كلامك يصعد في السماء حتى يُفتح له باب، فيدخل فيه» رواه سعيد وأبو نعيم
(1)
.
وروي من حديث وائل بن حجر
(2)
وعبد الله بن عمر
(3)
: فجاء رجل، فدخل في الصلاة، فقال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا. فلما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال:«من صاحب الكلمات؟» فقال رجل: أنا
(1)
وأخرجه أحمد (19134)، والحارث كما في «بغية الباحث» (1/ 284)، والطبراني في «الدعاء» (175)، من طرق عن إياد بن لقيط، عن عبد الله بن سعيد، عن عبد الله بن أبي أوفى به.
في إسناده ضعف، عبد الله لم يوثقه سوى ابن حبان، ولم يرو عنه غير إياد، كما في «تعجيل المنفعة» (1/ 739)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 105 - 106):«رواه أحمد والطبراني في «الكبير» ، ورجاله ثقات»، وللحديث عدة شواهد يشد بعضها بعضًا سيوردها الشارح.
(2)
أخرجه أبو داود الطيالسي (1023)، والطبراني في «الكبير» (22/ 26)، من طريق أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه به.
(3)
أخرجه عبد الرزاق (2559)، وأحمد (4627)، ومسلم (601)، والترمذي (3592)، والنسائي (886) بألفاظ متقاربة.
يا رسول الله، ما أردت بهن إلا خيرًا. [ص 262] قال: «لقد رأيتُ أبواب السماء فُتِحت لهنَّ فما تناهَينَ
(1)
دون العرش» رواه أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار، عن أبيه.
وعن عبد الله بن عمرو
(2)
: أنه كان إذا افتتح الصلاة قال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، اللهم اجعلك أحبَّ شيءٍ إليَّ، وأخشى شيء عندي. رواه سعيد وأبو نعيم
(3)
.
ومن ذلك: ما روى أبو العباس
(4)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل: «اللهم لك الحمد. [أنت]
(5)
نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد. أنتَ قيَّام السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد. أنت ربُّ السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد
(6)
. أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق. ولقاؤك حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، والساعة حقٌّ، والنبيون حقٌّ، ومحمد حقٌّ
(7)
. اللهم لك
(8)
أسلمتُ، وبك
(1)
في الأصل: «تناهن» ، وقبله:«لهن» بالنون وبالألف ــ يعني: لها ــ معًا. فإن كان قصده «لها» كان «تناهن» تصحيف «تناهت» .
(2)
كذا في الأصل. ولعل الصواب: «عبد الله بن عمر» ، كما في مصادر التخريج.
(3)
لم أقف عليه.
وأخرجه من حديث عبد الله بن عمر عبد الرزاق (2560)، وابن أبي شيبة (2422).
(4)
هي كنية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(5)
ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل.
(6)
في المطبوع: «ولك الحق» ، خطأ.
(7)
الجملة «ومحمد حق» ساقطة من المطبوع.
(8)
في الأصل: «إني» ، وصححه ناسخه في الحاشية.
آمنتُ، وعليك توكلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، وإليك حاكمتُ. فاغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وأسررتُ وأعلنتُ
(1)
. أنت إلهي لا إله إلَّا أنت
(2)
» رواه الجماعة
(3)
. وفي رواية لأبي داود
(4)
: «كان في التهجد يقول بعد ما يقول: الله أكبر» .
ومن ذلك: ما روت عائشة أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» رواه الجماعة إلا البخاري
(5)
. وفي رواية لأحمد وأبي داود
(6)
: «كان إذا قام كبَّر ويقول: «اللهم رب جبرائيل» الحديث.
ومن ذلك: ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت: بأيِّ شيء كان يستفتح النبي صلى الله عليه وسلم قيامَ الليل؟ فقالت: كان إذا قام كبَّر عشرًا، وحمد الله عشرًا، وسبَّح عشرًا، وهلَّل عشرًا، واستغفر عشرًا، وقال: «اللهم اغفر لي، واهدِني،
(1)
في المطبوع: «وما أسررت وما أعلنت» . زاد «ما» دون تنبيه.
(2)
حذف في المطبوع: «أنت إلهي لا إله إلا أنت» ، وأثبت مكانه بين حاصرتين: «أنت المقدّم وأنت المؤخر
…
».
(3)
أحمد (2710)، والبخاري (1120)، ومسلم (769)، وأبو داود (771)، والترمذي (3418)، والنسائي (1619)، وابن ماجه (1355).
(4)
برقم (772).
(5)
أحمد (25225)، ومسلم (770)، وأبو داود (767)، والترمذي (3420)، والنسائي (1625)، وابن ماجه (1357).
(6)
أحمد (25225)، وأبو داود (768).
وارزقني، وعافني». ويتعوَّذ من ضيق المقام يوم القيامة. رواه أحمد وأبو داود
(1)
.
ومن ذلك: ما روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل، فقال
(2)
: «الله أكبر، ذو الملك والجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» رواه أبو نعيم
(3)
. وفي رواية: إذا افتتح الصلاة قال: «الله أكبر، ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة» رواه أبو نعيم
(4)
.
فهذه الاستفتاحات مستحبة في النافلة، كما جاءت بها السنة، ولا بأس [ص 263] بها في الفرض، بل الاستفتاح بها حسن. نصَّ عليه في غير موضع.
قال في رواية [ابن]
(5)
منصور: أنا أذهب إلى حديث عمر. وكلُّ ما
(6)
(1)
أحمد (25102)، وأبو داود (766).
إسناده جيد، وله طرق يقوي بعضها بعضًا، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 540):«رواه أبو داود باختصار، ورواه أحمد والطبراني في «الأوسط» ، ورجاله ثقات»، وانظر:«صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (742).
(2)
العبارة «أن رسول الله
…
فقال» ساقطة من المطبوع.
(3)
لم أقف عليه بهذا اللفظ، وسيأتي تخريج لفظه الآخر.
(4)
وأخرجه أحمد (23375)، وأبو داود (874) والنسائي (1069).
حسنه ابن حجر في «نتائج الأفكار» (2/ 62)، وأصله في «صحيح مسلم» (772) بغير هذا السياق.
(5)
يعني الكوسج. انظر: «مسائله» (2/ 510 - 512)، و «فتح الباري» لابن رجب (6/ 387). وكلمة «ابن» ساقطة من الأصل والمطبوع.
(6)
في الأصل: «في كل ما» . وفي «المسائل» : «وإن قال كل ما» . وفي «فتح الباري» : «وإن قال كما روي» ، ومثله في نسخة من «المسائل» .
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فليس به بأس، وعامة ما قال في صلاة الليل.
وقال
(1)
: ما أحسن حديث أبي هريرة في الافتتاح.
وقال في حديث جبير بن مطعم: ما أدفع من ذهب إليه.
وقال في رواية ابن الحارث: أذهب إلى ما روي عن عمر. ولو أنَّ رجلًا استفتح ببعض ما روي من الاستفتاح كان حسنًا
(2)
.
فقد نصَّ على جواز الجميع واستحسانه، مع تفضيل استفتاح عمر.
وقد قال أيضًا: أذهب في الصلاة إلى افتتاح عمر. قيل له: فهذه الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نرى
(3)
أن [أحاديث]
(4)
افتتاح النبي صلى الله عليه وسلم التي جاءت عنه أنها
(5)
في التطوع إلا حديث عائشة.
وقال في رواية أبي القاسم: ما يروى من تلك الأحاديث إنما هي عندي في صلاة التطوع.
قال القاضي: فإذا ثبت أنها كانت في نوافل الليل لم يُستحبَّ فعلُها في صلاة الفرض، لأنها لو كانت مستحبةً فيها لما خُصَّ
(6)
بها النفل دون
(1)
في رواية الميموني، كما سبق.
(2)
«الكافي» (1/ 284 - 285).
(3)
في الأصل والمطبوع: «ترى» .
(4)
زيادة مني.
(5)
في الأصل والمطبوع: «أنه» .
(6)
في الأصل والمطبوع: «لخُصَّ» ومقتضى السياق ما أثبت.
الفرض. وهذا كالدعاء في الركوع والسجود، فإنه
(1)
يُكرَه في الفرض دون النفل، على إحدى الروايتين، وكالقنوت فإنه مشروع في النفل دون الفرض.
والصحيح الصريح: هو الرواية الأولى، وأنَّ ذلك جميعه حسن في الفرض أيضًا، لأن حديث أبي هريرة صريح أنه كان في الفريضة، وحديث [علي]
(2)
قد روي فيه أنه كان في الفريضة، وحديث جبير قد روى ابن أبي أوفى نحوه في الفريضة؛ لأن الرجل الذي افتتح الفريضة بقوله:«الله أكبر كبيرا»
(3)
.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي، إذ جاء رجل وقد حفزه النفس، وقال:«الله أكبر، الحمد لله كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه» . فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: «أيكم المتكلِّم بالكلمات؟» [فأرمَّ]
(4)
القوم، فقال
(5)
: «إنه لم يقل بأسا» ، فقال الرجل: أنا يا رسول الله، جئتُ وقد حفزني النفسُ، فقلتُهن. فقال:«لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيُّهم يرفعها»
(6)
.
وفي رواية ابن إبراهيم
(7)
، وقد سئل عن الرجل يقول: الله أكبر كبيرًا، فقال: ما سمعت، يقول: الله أكبر سبحانك.
(1)
في الأصل والمطبوع: «فلم» ، والمعنى على ما أثبت.
(2)
الزيادة من المطبوع.
(3)
كذا في الأصل والمطبوع، والظاهر أن شيئًا من النص ساقط.
(4)
مكانه بياض في الأصل. وأرمَّ: سكت.
(5)
في الأصل والمطبوع: «فقالوا» ، وهو خطأ.
(6)
أخرجه مسلم (600).
(7)
يعني ابن هانئ. انظر «مسائله» (1/ 49).