الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجبًا في المشهور. وفي الأخرى: يتمُّها لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
لكن إن علِم أنَّ الصلاة تقام قريبًا، فهل ينبغي أن يشرع في نافلة؟ ينبغي أن يقال: إنه لا يستحبُّ أن يشرع في نافلة يغلب على ظنِّه أنَّ حدَّ الصلاة يفوته بسببها، بل يكون تركها لإدراك أول الصلاة مع الإمام وإجابة المؤذن هو المشروع، لما تقدَّم من أنَّ رعاية جانب المكتوبة بحدودها أولى من سنّة يمكن قضاؤها أو لا يمكن.
مسألة
(1)
: (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله
. اللهم اغفر لي [ذنوبي]
(2)
وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قدَّم رجله اليسرى، وقال ذلك، إلا أنه يقول: وافتح لي أبواب فضلك).
أمَّا تقديم اليمنى، فلما ذكره البخاري
(3)
عن ابن عمر أنه كان يبدأ برجله اليمنى، فإذا خرج بدأ برجله اليسرى. ولأنَّ ما اشتركت فيه [اليدان]
(4)
أو الرجلان وكان من باب الكرامة قُدِّمت فيه اليمنى، وإن كان خلاف ذلك قُدِّمت فيه اليسرى.
ولهذا يقدَّم في الانتعال اليمنى، وفي الخلع اليسرى، كما جاء في
(1)
«المستوعب» (1/ 164)، «المغني» (2/ 118 - 119)، «الشرح الكبير» (3/ 396 - 397)، «الفروع» (2/ 158).
(2)
ساقط من الأصل والمطبوع.
(3)
تعليقًا في أول باب التيمن في دخول المسجد وغيره قبل الحديث (426).
(4)
مكانه بياض في الأصل، والمثبت من المطبوع.
الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
. ويقدِّم في دخول الخلاء اليسرى دخولًا، واليمنى خروجًا، كما تقدَّم.
فإن كان خلَع نعله على باب المسجد بحيث يخلع النعل ويُدخل قدمه، فينبغي أن يقال هنا: إنه يخلع اليسرى ويضعها على النعل [ص 240] ثم يخلع اليمنى ويضعها على النعل كذلك، ثم يُدخِل اليمنى، ثم يُدخِل اليسرى، ليكون مؤخِّرًا لليمنى في الخلع، مقدِّمًا لها في الدخول.
وأما الذكر، فلما روت فاطمة بنت الحسين عن جدَّتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: «بسم الله، والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك» . وإذا خرج قال: «بسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي
(2)
وقال فيه: «صلَّى على محمَّدٍ وسلَّم» بدل قوله: «بسم الله، والسلام على رسول الله» وقال: حديث حسن، وليس إسناده بمتصل. وفاطمة بنت الحسين لم تدرك
(1)
من حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري (5856) ومسلم (2097).
(2)
أخرجه أحمد (26416)، وابن ماجه (771)، والترمذي (314)، من طرق عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الله بن حسن، عن أمه فاطمة ابنة الحسين، عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
في إسناده ضعف، ليث يضعفونه، وفيه انقطاع بين فاطمة الصغرى والكبرى كما أشار إليه الترمذي ونقله الشارح، وقد وقع في إسناده اختلاف كثير أيضًا، وروي على عدة أوجه، كما في «العلل» للدارقطني (15/ 184 - 191).
ولبعض ألفاظ الحديث شواهد وطرق، انظر:«نتائج الأفكار» (1/ 281 - 285)، «إتحاف الخيرة» (2/ 38).
فاطمةَ الكبرى، إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرًا.
وقد روي هذا الحديث من وجوه متعددة بهذا الإسناد، واتفقت جميعها على أنه كان يقول إذا دخل:«اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك» . وإذا خرج يقول مثل ذلك إلا أنه يقول: «أبواب فضلك» رواه أحمد والنسائي
(1)
. ورواه مسلم وأبو داود وقالا: عن ابن حميد أو أبي أسيد
(2)
. ورواه ابن ماجه وقال: عن أبي حميد
(3)
. ورواه الطبراني وقال في أوله: فليسلِّمْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وقال في آخره: «وافتح لي أبواب فضلك»
(4)
.
وقد روى عبد الرزاق في «تفسيره»
(5)
بإسناد صحيح عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61]، قال: إذا دخلت المسجد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
فصل
ولا يجلس إذا دخل المسجد حتى يصلِّي ركعتين، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلِسْ حتَّى
(1)
أحمد (16057، 23607)، والنسائي (729).
(2)
أخرجه مسلم (713)، وأبو داود (465).
قال أبو زرعة: «عن أبي حميد وأبي أسيد، كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح» ، «العلل» لابن أبي حاتم (2/ 456).
(3)
برقم (772).
(4)
«الدعاء» (150).
(5)
(2/ 449).
يركع ركعتين» رواه الجماعة إلا النسائي
(1)
.
فصل
ويستحَبُّ إذا جلس لانتظار الصلاة أن يجلس مستقبلَ القبلةِ، لأنَّ خير المجالس ما استُقبِل به القبلة، ولأنَّ العبد في صلاةٍ ما دام ينتظر الصلاة
(2)
، ومن سنَّة المصلِّي أن يكون مستقبلَ القبلة.
قال القاضي: ويكره الاستناد إلى القبلة، وقد نصَّ أحمد على أنه مكروه قبل صلاة الغداة. قال أحمد بن أصرَم
(3)
: رأيت أبا عبد الله دخل المسجد لصلاة الصبح، فإذا رجلٌ مسنِد
(4)
ظهره إلى القبلة، ووجهه إلى غير القبلة قبل صلاة الغداة، فأمره أن يتحول إلى القبلة. [ص 241] وقال: هذا مكروه
(5)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه (1012)، من طريق كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله، عن أبي هريرة.
وصححه ابن خزيمة (1325)، وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/ 123):«هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، قال أبو حاتم: المطلب بن عبد الله عن أبي هريرة مرسل» .
وأخرجه من حديث أبي قتادة أحمد (22523)، والبخاري (444)، ومسلم (714)، وأبو داود (467)، والترمذي (316)، والنسائي (730)، وابن ماجه (1013).
(2)
كما ورد في الحديث، وقد تقدم تخريجه.
(3)
في الأصل والمطبوع: «أحرم» بالحاء المهملة. والظاهر ما أثبت. وهو أحمد بن أصرم بن خزيمة المزني، روى مسائل عن الإمام أحمد. توفي بدمشق سنة 285 هـ. ترجمته في «طبقات الحنابلة» (1/ 48 - 49).
(4)
في الأصل: «مستند» ، والمثبت من حاشية ناسخه.
(5)
انظر نحوه في «مسائل ابن هانئ» (1/ 65) و «فتح الباري» لابن رجب (4/ 66).
وذلك لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه رأى رجالًا قد أسندوا ظهورَهم بين أذان الفجر والإقامة إلى القبلة، فقال عبد الله: لا تحولوا بين الملائكة وبين صلاتهم
(1)
. وفي لفظ: تحوَّلوا عن القبلة، لا تحولوا بين الملائكة وبينها، فإنَّ هذه
(2)
الركعتين تطوع
(3)
. وقال إبراهيم: كانوا يكرهون أن يتساندوا إلى القبلة قبل صلاة الفجر. رواهن النجَّاد
(4)
.
وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله: نهى أن تستدبر القبلة في مواقيت الصلاة. رواه أبو حفص
(5)
.
ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبيك في المسجد، وعلَّله بأنَّ العبد في صلاةٍ ما دام ينتظر الصلاة، فكُرِه لمن ينتظر الصلاة ما يُكرَه للمصلِّي، إلا ما تدعو إليه الحاجة.
ولأنه في مواقيت الصلاة يدخل
(6)
الناس إلى المسجد، ففي استدبار القبلة استقبال للمصلِّي من الملائكة
(7)
، وذلك مكروه كراهية شديدة وإلى هذا المعنى أومأ عبد الله بن مسعود.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (4798)، وابن أبي شيبة (6498).
(2)
كذا في الأصل والمطبوع.
(3)
لم أجد من أخرجه.
(4)
وقد نقل أثري ابن مسعود والنخعي: ابن رجب في «فتح الباري» (4/ 66).
(5)
المصدر السابق.
(6)
في الأصل: «يدخلون» ، ولعله تحريف سماعي لأجل وصل اللام المضمومة بنون «الناس» . والمثبت من المطبوع.
(7)
كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الصواب:«من الملائكة وغيرهم» .
ويستحَبُّ أن يتقدَّم في أوقات الصلوات إلى مقدَّم المسجد، لأنَّ السنَّة أن يكمل الصف الأول فالأول. ولا بأس في ذلك في كلِّ وقت.
فأمَّا وقت السحر فقد روي عن أبي النعمان قال: حججتُ في خلافة عمر رضي الله عنه، فقدمتُ المدينة، فدخلتُ مسجدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فتقدَّمتُ إلى مقدَّم المسجد أصلِّي، إذ دخل عمر رضي الله عنه، فرآني، فأخذ برأسي، وجعل يضرب به الحائط، ويقول: ألم أنهكم أن تقدَّموا في مقدَّم المسجد بالسحر؟ إنَّ له عوامر
(1)
.
وعن عبد الله بن عامر
(2)
قال: دخل حابس بن سعد الطائي المسجدَ من السحر، وكانت له صحبة، فإذا أناسٌ في صدر المسجد يصلُّون، فقال: أرعِبُوهم، فمن أرعبَهم فقد أطاع الله ورسوله
(3)
. قال جرير بن عثمان: كنَّا نسمع أنَّ الملائكة تكون قبل الصبح في الصف الأول. رواهما جعفر الفريابي
(4)
.
قال القاضي: وهذا يدل على كراهة التقدُّم في صدر المسجد وقت السحر
(5)
.
(1)
لم أجد من أخرجه.
(2)
كذا في الأصل والمطبوع، وكذا في بعض نسخ «المسند» ، والصواب:«عبد الله بن غابر» . انظر حاشية محققي «مسند أحمد» طبعة الرسالة (28/ 176).
(3)
أخرجه أحمد (16972، 17002).
(4)
في «كتاب الصلاة» كما ذكر ابن رجب في «فتح الباري» (4/ 66) عن أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(5)
نقله ابن رجب في كتابه المذكور.