الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستطيع أن يُخرج يده إلا أن تبدو سوءته. وهذه اللبسة مكروهة في الصلاة وخارج الصلاة.
فظهر أنَّ اشتمال الصَّمَّاء يعُمُّ هذا كلَّه، لكن منه ما يحرُم ويُبطِل، ومنه ما يُكرَه فقط. ومنه ما اختُلِف فيه، كما تقدَّم.
فصل
يُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً
. فيكره النقاب والبرقع للمرأة في الصلاة، لأنَّ مباشرة المصلِّي بالجبهة والأنف إمَّا واجب أو مؤكَّد الاستحباب، ولأنَّ الرجل إذا قام إلى الصلاة فإنَّ الله تعالى قِبل وجهه، وإن الرحمة تواجهه
(1)
، فينبغي له أن يباشر ذلك بوجهه من غير وقاية. وقد كُرِه له تغميضُ العين، فتغطيةُ الوجه أولى. وقد روى الفقهاء في كتبهم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلًا غطَّى لحيته في الصلاة، فقال:«اكشف لحيتك، فإن اللحية من الوجه»
(2)
.
ويكره التلثُّم على الفم، لما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يغطِّي الرجل فاه في الصلاة. رواه أبو داود وابن ماجه
(3)
ولأنه
(1)
أخرجه أبو داود (945)، والترمذي (379)، والنسائي (1191)، وابن ماجه (1027)، من طرق عن الزهري، عن أبي الأحوص الليثي، عن أبي ذر به.
حسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة (913)، وابن حبان (2273)، وأعله ابن القطان بجهالة أبي الأحوص الليثي في «بيان الوهم» (1/ 174)، وانظر:«ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (1/ 361).
(2)
تقدم تخريجه في كتاب الطهارة.
(3)
تقدم تخريجه.
تشبُّه بفعل المجوس في عبادة النيران، ويُخاف معه من ترك تجويد القراءة والذكر والدعاء، لا سيَّما والملك يضع فاه على فيه
(1)
.
وهل يكره التلثُّم على الأنف؟ على روايتين
(2)
:
إحداهما: يُكرَه، لأنَّ ابن عمر كره تغطيةَ الأنف
(3)
، ولأنه عضو في الوجه يسجد عليه، فأشبه الجبهة؛ ولأنَّ مباشرته ــ إذا قلنا بوجوب السجود عليه ــ واجبة أو سنة مؤكَّدة، فإن سجد على الحائل كان مكروهًا؛ وأنَّ حَسْرَ اللِّثام احتاج إلى عمل، ولأنه ربما حصلت معه غنَّة في الحروف، ولأنه من الوجه وهو أبلغ من اللحية.
والثانية: لا يكره [ص 116] تغطيته، لأنَّ النهي إنما جاء في الفم. وقد روى أحمد بإسناده عن قتادة حدَّثني عكرمة عن ابن عباس: كان يغطِّي أنفه. يعني: في الصلاة. قال قتادة: وكان سعيد بن المسيب وعطاء يكرهان ذلك
(4)
. ولأنه يمكن الإفصاح بحروف القرآن والذكر معه.
(1)
أخرجه البزار (2/ 214)، من طريق فضيل بن سليمان، عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي به.
قال البزار: «هذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي رضي الله عنه بإسناد أحسن من هذا الإسناد، وقد رواه غير واحد
…
عن علي رضي الله عنه موقوفًا»، وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (2/ 51):«رجال المرفوع رجال الصحيح» ، وبنحوه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 99)، والألباني في «الصحيحة» (3/ 215).
(2)
«مسائل الروايتين» (1/ 159) روى الأولى عن صالح ولم أجده في «مسائله» المطبوعة. والثانية عن حنبل، ونحوها في «مسائل الكوسج» (2/ 629).
(3)
أخرجه عبد الرزاق (4062)، وابن أبي شيبة (7384).
(4)
لم أجده بهذا السياق، وأخرجه ابن أبي شيبة (7391)، عن همام، عن قتادة في الرجل يغطي أنفه في الصلاة، فقال: حدثني عكرمة، أن ابن عباس كره الأنف.
قال قتادة: وكان سعيد بن المسيب والنخعي وعطاء يكرهونه، وكان الحسن لا يرى به بأسًا.
هذه طريقة الجماعة. وأمَّا الآمدي فقال: روي عنه: هو ما كان على الفم والأنف.
وروي عنه: على الأنف فحسب. فعلى قوله إذا كان على الفم وحده لم يُكرَه. وهذا غلط على المذهب.
فصل
ويُكرَه شدُّ الوسط بالزُّنَّار والخيط ونحو ذلك، مما يُشبه زيَّ أهل الذمَّة في أشهر الروايتين، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبُّه بأهل الكتاب في عدَّة مواضع.
وعنه: لا يُكرَه، لحديث الحزام
(1)
ولأنه لم يرِدْ في ذلك نهي.
وأمَّا ما لا يُشبه شدَّهم، كالحبل والمنديل والمنطقة التي تسمِّيها العامَّة «الحياصة»
(2)
، فلا يكرَه. نصَّ عليه
(3)
، وعليه أصحابنا.
وقال ابن عقيل والسامرِّي: يُكرَه بالزُّنَّار والحِياصة ونحوها
(4)
. وليس بشيء، بل يستحَبُّ لمن ليس تحت قميصه مئزر ولا سراويل: أن يحتزم، لما
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
هي في الأصل: سَير طويل يُشَدُّ به حزام السَّرج. وقيل: حزام الدابَّة. وقد استعمل في كلِّ ما يشُدُّ به الإنسان حَقْوَه. انظر: «تاج العروس» (17/ 538).
(3)
«المغني» (2/ 300).
(4)
انظر: «الإنصاف» (3/ 252).
روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يصلِّي أحدكم إلا وهو محتزم»
(1)
. احتجَّ به أحمد. وعن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم حتى تُقْسَم، وعن بيع النخل حتى يُحرَز من كلِّ عارض، وأن يصلِّي الرجل بغير حزام. رواه أبو داود
(2)
.
وذكر أحمد عن ابن عمر أنه: كان يصلِّي وعليه القميص، يأتزر بالمنديل فوقه
(3)
.
وعن الشعبي قال: كان يقال: شُدَّ حَقْوَيك في الصلاة، ولو بعِقال
(4)
. وعن يزيد بن الأصمِّ مثلُه
(5)
. رواهما الخلال.
وقد روى حرب، قال: قلتُ لأحمد: الرجلُ يشدُّ وسطَه بخيط ويصلِّي. قال: على القَباء لا بأس به. وكرهه على القميص، وذهب إلى
(6)
أنه من زيِّ اليهود. فذكرتُ له السفر وأنَّا نشُدُّ ذلك على الوسط. فرخَّص فيه قليلًا. أمَّا المنطقة والعمامة ونحو ذلك، فلم يكرهه. إنما كره الخيط، وقال: هو أشنع
(7)
.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (6569، 6570).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة (6573).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (6574).
(6)
في المطبوع: «لما» ، تحريف.
(7)
جواب الإمام أحمد عن سؤال حرب نقله المصنف في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 399) أيضًا.
فقد كره ما وافق زيَّ أهل الكتاب، وهو الخيط على القميص ونحوه. ولم يكره على القباء، لأنه ليس من زيِّهم. ولم يكره ما سوى الخيط ونحوه، ورخَّص في الخيط على القميص عند الحاجة.
وكذلك ذكر القاضي. قال: نصَّ أحمد على كراهة الخيط على القميص، لما فيه من التشبُّه بأهل الكتاب، لأنَّ من عادتهم شدَّ الوسط بالزُّنَّار. ولم يكره شدَّ القباء والمنطقة، لأنَّ هذا عادة المسلمين
(1)
.
وأطلق جماعة من أصحابنا الكراهة، على عموم [ص 117] كلامه في سائر الروايات.
فصل
ويُكرَه إسبالُ القميص ونحوِه، وإسبالُ الرداء
(2)
، وإسبالُ السراويل والإزار ونحوِهما؛ إذا كان على وجه الخيلاء. وأطلق جماعة من أصحابنا لفظ الكراهة، وصرَّح غير واحد منهم بأنَّ ذلك حرام. وهذا هو المذهب بلا تردُّد.
قال أبو عبد الله: لم أحدِّث عن فلان. كان سراويلُه شراكَ نعله!
وقال: ما أسفل من الكعبين في النار، والسراويل بمنزلة الإزار، لا يجرُّ شيئًا من ثيابه
(3)
.
(1)
«الفروع» (2/ 58)، و «المبدع» (1/ 232).
(2)
في المطبوع: «ونحوه إسبال الرداء» ، والمثبت من الأصل.
(3)
قوله: «ما أسفل من الكعبين في النار» نقله في «الآداب الشرعية» (1/ 361) ونحوه في «الفروع» (2/ 60).
فأمَّا إن كان على غير وجه الخيلاء، بل كان عن
(1)
علّة أو حاجة، أو لم يقصد الخيلاء والتزيُّن بطول الثوب ولا غير ذلك، فعنه: أنه لا بأس به. وهو اختيار القاضي وغيره. وقال في رواية حنبل: جرُّ الإزار وإرسالُ الرداء في الصلاة، إذا لم يُرِد الخيلاءَ، لا بأس به
(2)
. وقال: ما أسفل من الكعبين في النار، والسراويل بمنزلة الرداء، لا يجُرُّ شيئًا من ثيابه.
ومن أصحابنا من قال: لا يحرُم إذا لم يقصد به الخيلاء، لكن يُكرَه. وربما يستدلُّ بمفهوم كلام أحمد في رواية ابن الحكم في جرِّ القميص والإزار والرداء سواء إذا جرَّه لموضع الحسن ليتزيَّن به فهو الخيلاء. وأمَّا إن كان من قبحٍ في الساقين كما صنع ابن مسعود
(3)
، أو علَّةٍ، أو شيئًا
(4)
لم يعتمده
(5)
الرجل، فليس عليه من جَرِّ ثوبه خيلاء، فنفى عنه الجرَّ خيلاء فقط.
والأصل في ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} وقوله سبحانه: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: 18]، وقوله
(6)
سبحانه: {كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال: 47]. فذمَّ اللهُ سبحانه
(1)
في المطبوع: «على» ، تحريف.
(2)
«كشاف القناع» (1/ 277). ومثله في «رواية الكوسج» (9/ 4691).
(3)
يأتي تخريجه بعد قليل.
(4)
في المطبوع: «شيء» ، والمثبت من الأصل.
(5)
في حاشية الأصل: «لعله لم يتعمده» ، وكذا في المطبوع، وليس بعيدًا. لكن «اعتمد» بمعنى تعمَّد أيضًا. انظر:«تاج العروس» (8/ 415).
(6)
في المطبوع: «وقال» ، والمثبت من الأصل.
وتعالى الخيلاءَ والمرحَ والبطرَ، وإسبالُ الثوب تزيُّنًا مُوجِبٌ لهذه الأمور وصادرٌ عنها.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «من جرَّ ثوبَه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقال أبو بكر: إن أحد شِقَّي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال: «إنك لستَّ ممَّن يفعل ذلك خُيَلاءَ» متفق عليه
(1)
.
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجلٌ يجُرُّ إزاره من الخيلاء خُسِفَ به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة» رواه البخاري
(2)
.
وعن ابن عمر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة. مَنْ جَرَّ شيئًا خيلاءَ لم ينظر الله إليه يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه
(3)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الله إلى مَن جرَّ إزاره بطرًا» متفق عليه
(4)
.
(1)
البخاري (3665) ومسلم (2085).
(2)
برقم (5790).
(3)
أبو داود (4094)، والنسائي (5334)، وابن ماجه (3576)، من طرق عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه به.
إسناده ليّن، ابن أبي رواد متكلم فيه، وبه أعل الحديث ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 262)، وصححه النووي في «المجموع» (4/ 457)، والعراقي في «طرح التثريب» (8/ 127).
(4)
البخاري (5788) ومسلم (2087).
وفي رواية لأحمد والبخاري
(1)
: «ما أسفلَ من الكعبين من الإزار في النار» .
وعن أبي هريرة قال: بينما رجلٌ يصلِّي مسبلًا إزاره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اذهَبْ فتوضَّأْ» فذهَب، فتوضَّأ [ص 118] ثم جاء. ثم قال:«اذهَبْ، فتوضَّأ» فقال له رجلٌ: يا رسول الله مالك أمرتَه أن يتوضَّأ، ثم سكتَّ عنه؟ قال:«إنه كان يصلِّي وهو مسبلٌ إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبلاً» رواه أبو داود
(2)
.
وعن ابن مسعود قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن أسبل إزارَه في صلاته [خيلاءَ]
(3)
فليس من الله في حِلٍّ ولا حرام» رواه أبو داود
(4)
.
وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولهم عذاب اليم: المنَّانُ بما أعطى، والمسبِلُ إزارَه، والمنفِقُ سلعتَه بالحلف الكاذب» رواه أحمد ومسلم وأبو داود
(1)
أحمد (9934، 10459)، والبخاري (5787).
(2)
برقم (638، 4086)، من طريق أبي جعفر المؤذن، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به.
إسناده ضعيف، أبو جعفر لا تعرف حاله، كما قال ابن القطان في «بيان الوهم» (4/ 625)، وانظر:«ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (1/ 218).
(3)
من «السنن» .
(4)
برقم (637)، من طريق أبي عوانة، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود به.
قال أبو داود: «روى هذا جماعة عن عاصم موقوفًا على ابن مسعود» ، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (3/ 204).
والنسائي
(1)
.
وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المَخِيلة، والمطلقُ منها محمول على المقيَّد. وإنما أطلق ذلك لأنَّ الغالب أنَّ ذلك إنما يكون مخيلة.
ومن كره الإسبال مطلقًا احتجَّ بعمومِ النهي عن ذلك، والأمرِ بالتشمير. فعن أبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيم الهُجَيمي قال: رأيتُ رجلًا يصدُر الناس عن رأيه، لا يقول شيئًا إلا صدروا عنه. قلتُ: من هذا؟ قالوا: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قلتُ: عليكَ السلامُ يا رسولَ الله، مرَّتَين. قال:«لا تقل: عليك السلام؛ عليك السلام تحية الميِّت» قلت: أنت رسول الله؟ قال: «أنا رسولُ الله الذي إذا أصابك ضُرٌّ فدعوتَه كشَفَه عنك، وإن أصابك عامُ سَنةٍ فدعوتَه أنبتَها لك، وإذا كنتَ بأرض قفرٍ ــ أو فلاةٍ ــ فضلَّتْ راحلتك فدعوتَه ردَّها عليك» . قال: قلتُ: اعهَدْ إليَّ. قال: «لا تسُبَّنَّ أحدًا» قال: فما سببتُ بعده حرًّا ولا عبدًا ولا بعيرًا ولا شاةً. قال: «ولا تحقِرَنَّ من المعروف ولو أن تكلَّم أخاك وأنت منبسِطٌ إليه وجهُك، إنَّ ذلك من المعروف. وارفع إزارك إلى نصف السَّاق، فإن أبيتَ فإلى الكعبين. وإيَّاك وإسبالَ الإزار، فإنها من المَخِيلة، وإن الله لا يُحِبُّ المخيلة. وإن امرؤٌ شتَمك وعيَّرك بما يعلَم فيك، فلا تُعَيِّره بما تعلَم فيه، فإنما وبالُ ذلك عليه» رواه الخمسة إلا ابن ماجه
(2)
. وقال الترمذي:
(1)
أحمد (21404)، ومسلم (106)، وأبو داود (4087)، والنسائي (2563).
(2)
أحمد (20632)، وأبو داود (4084)، والترمذي (2722)، والنسائي في «الكبرى» (9611)، من حديث جابر بن سليم به.
قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» ، وصححه ابن حبان (521)، والحاكم (4/ 186).
حسن صحيح.
وعن عبد الله بن عمر قال: مررتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إزاري استرخاءٌ فقال:«يا عبد الله، ارفَعْ إزارَك» ، فرفعتُه. ثم قال:«زِدْ» ، فزدت فما زلتُ أتحرَّاها بعُد. فقال له بعض القوم: إلى أين؟ قال: «إلى أنصاف الساقين» رواه مسلم
(1)
.
وعن ابن الحنظليّة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرجلُ خُرَيم الأسديُّ، لولا طولُ جُمَّتِه وإسبالُ إزاره!» فبلغ ذلك خريمًا، [ص 119] فعَجِل، فأخذ شَفْرةً، فقطَع بها جُمَّتَه إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى نصف ساقيه. رواه أحمد وأبو داود
(2)
.
ولأنَّ الإسبالَ مظِنَّةُ الخيلاء، فكُرِهَ، كما يُكرَه مظانُّ سائر المحرَّمات.
ومن لم ير بذلك باسًا احتجَّ بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «إنَّكَ لست ممَّن يفعل ذلك خُيَلاءَ»
(3)
.
وعن أبي وائل أنَّ ابن مسعود رأى رجلًا قد أسبل إزاره، فقال له: ارفع،
(1)
برقم (2086).
(2)
أحمد (17622)، وأبو داود (4089)، من طريق هشام بن سعد، عن قيس بن بشر التغلبي، عن أبيه، عن سهل بن الحنظلية به.
قال النووي: «إسناده حسن، إلا قيس بن بشر، فاختلفوا في توثيقه وتضعفيه، وقد روى له مسلم» «رياض الصالحين» (260)، وضعفه ابن القطان في «بيان الوهم» (5/ 814) بالكلام في هشام بن سعد، ففي حفظه شيء، كما في «الميزان» (4/ 298).
(3)
سبق تخريجه.
فقال له الرجل: وأنتَ يا ابنَ مسعود، فارفع إزارك. فقال عبد الله: إنِّي لستُ مثلَكْ إنَّ لساقي حُمُوشةً
(1)
، وأنا أؤمُّ الناسَ. فبلغ ذلك عمرَ بن الخطاب، فأقبل على الرجل ضربًا بالدِّرَّة، وقال: أترُدُّ على ابن مسعود؟ أترُدُّ على ابن مسعود
(2)
.
ولأنَّ الأحاديث أكثرها مقيَّدة بالخيلاء، فيحمَل المطلَق عليه، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة. وأحاديثُ النهي مبنيَّة على الغالب والمظنَّة، وإنما كلامنا فيمن يتفق منه
(3)
عدمُ ذلك.
فصل
وبكلِّ حال، فالسنَّة: تقصير الثياب. وحدُّ ذلك: ما بين نصف الساق إلى الكعب. فما كان فوق الكعب فلا بأس به، وما تحتَ الكعب في النار؛ لما تقدَّم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأبي جُرَيٍّ، وابن عمر
(4)
.
ولما روى أبو سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إزرةُ المؤمن إلى نصف الساق. لا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين. ما كان أسفلَ من الكعبين فهو في النار، ومن جرَّ إزاره بطرًا لم ينظر الله إليه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه
(5)
.
(1)
حموشة الساق: دقَّتها.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (25313) بنحوه.
(3)
في المطبوع: «عنه» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
(4)
تقدم تخريجها.
(5)
أحمد (11010)، وأبو داود (4093)، والنسائي في «الكبرى» (9631)، وابن ماجه (3573).
وصححه ابن حبان (5445)، والنووي في «المجموع» (4/ 457).
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعَضَلة ساقه أو ساقي ــ فقال: «هذا موضع الإزار. فإن أبيتَ فأسفل. فإن أبيتَ فلا حقَّ للإزار في الكعبين» رواه الخمسة إلا أبا داود
(1)
. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن سمرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(2)
: «ما تحت الكعبين من الإزار في النار» رواه أحمد والنسائي
(3)
.
وأما الكعبان أنفسهما، فقد قال بعض أصحابنا: يجوز إرخاؤه إلى أسفل الكعب، وإنَّما
(4)
المنهيُّ عنه ما نزل عن الكعب.
وقد قال أحمد: ما
(5)
أسفل من الكعبين في النار
(6)
، وقال ابن حرب: سألتُ أبا عبد الله عن القميص الطويل، فقال: إذا لم يُصِب الأرضَ؛ لأن أكثر الأحاديث فيها: «ما كان أسفل من الكعبين في النار» .
(1)
أحمد (23243)، والترمذي (1783)، والنسائي في «الكبرى» (9607)، وابن ماجه (3572).
قال الترمذي: «حسن صحيح» ، وصححه ابن حبان (5448)، وانظر:«السلسلة الصحيحة» (4/ 364).
(2)
«قال» ساقط من المطبوع.
(3)
أحمد (20168)، والنسائي في «الكبرى» (9639)، من طريق داود بن أبي هند، عن أبي قزعة، عن الأسقع بن الأسلع، عن سمرة.
رجال إسناده ثقات.
(4)
في المطبوع: «وأما» ، خطأ.
(5)
«ما» ساقطة من المطبوع.
(6)
«الآداب الشرعية» (1/ 361)، وقد سبق ضمن كلام له.
وعن عكرمة قال: رأيتُ ابنَ عباس يأتزر، فيضَع حاشيةَ إزاره من مقدَّمه على ظهر قدمه، ويرفع من مؤخَّره، فقلت: لِمَ تأتزر هذه الإزرة؟ قال: رأيتُ رسول الله [ص 120]صلى الله عليه وسلم يأتزرها. رواه أبو داود
(1)
.
وقد روي عن أبي عبد الله أنه قال: لم أحدِّث عن فلان، لأنَّ سراويله كان على شراك نعله
(2)
.
وهذا يقتضي كراهةَ ستر الكعبين أيضًا، لقوله في حديث حذيفة:«لا حقَّ للإزار في الكعبين»
(3)
.
وقد فرَّق أبو بكر وغيره من أصحابنا في الاستحباب بين القميص وبين الإزار، فقال: يستحَبُّ أن يكون طولُ قميص الرجل إلى الكعبين أو إلى شراك النعلين، وطولُ الإزار إلى مراقِّ الساقين. وقيل: إلى الكعبين
(4)
.
ويُكرَه تقصيرُ الثوب الساتر عن نصف الساق. قال إسحاق بن إبراهيم
(5)
: دخلتُ على أبي عبد الله، وعليَّ قميصٌ قصيرٌ أسفل من الركبة، وفوق نصف الساق، فقال: أيشٍ هذا؟ وأنكره
(6)
. وفي رواية: أيشٍ هذا؟ لِمَ
(1)
برقم (4096)، من طريق محمد بن أبي يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
رجال إسناده ثقات، وصححه الألباني في «الصحيحة» (3/ 242).
(2)
تقدَّم قريبًا.
(3)
سبق آنفًا.
(4)
انظر: «الآداب الشرعية» (3/ 521 - 522).
(5)
هو ابن هانئ صاحب «المسائل» (2/ 146).
(6)
في المسائل المطبوعة: «فقلت له: إنه لم يُدَقَّ، فلذلك فهو كذا. فقال لي: هذه نَمِرة، لا ينبغي» .
تُشهِّر نفسك؟
وذلك لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَدَّ
(1)
إزرةَ المؤمن بأنها إلى نصف الساق، وأمرَ بذلك، وفعَلَه؛ ففي زيادة الكشف تعريةٌ لما يُشرَع سترُه، لاسيَّما إن فعل تديُّنًا، فإنَّ ذلك تنطُّعٌ وخروجٌ عن حدِّ السنَّة، واستحبابٌ لما لم يستحبَّه الشارع.
ويُكرَه إسبالُ العمامة أيضًا. قاله أصحابنا، لما تقدَّم من الأحاديث العامَّة، وقد جاء ذكرُها مصرَّحًا به في حديث ابن عمر
(2)
.
فصل
فأمَّا النساء، فإنَّ إطالة الذيول لهنَّ سنَّة. نصَّ عليه، لما روت أمُّ سلَمة أنها قالت: يا رسول الله، كيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال:«يُرخين شِبْرًا» . فقالت: إذن تنكشفَ أقدامُهنَّ. قال: «يُرخِينه ذراعًا لا يزدن عليه» رواه الخمسة إلا ابن ماجه
(3)
. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وعن ابن عمر قال: رخَّص رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين في الذيل شِبْرًا، ثم استزدنه، فزادهن شِبْرًا، فكنَّ يُرسِلْنَ إلينا، فنَذْرَع لهن ذراعًا. رواه أبو داود والنسائي
(4)
.
وفي رواية لأحمد
(5)
: أنَّ نساءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سألنه عن الذيل، فقال:
(1)
زاد في المطبوع قبله: «قال» ، فاختلَّ السياق.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
تقدم تخريجه.
«اجعلنه شبرًا» . فقلن: إنَّ شبرًا لا يستُر من عورة. فقال: «اجعلنه ذراعًا» فكانت إحداهنّ إذا أرادت أن تتخذ ذراعًا أرخَتْ ذراعًا، فجعلته ذيلًا.
ولهذا قال أصحابنا
(1)
: أقلُّ ذيل المرأة شِبْرٌ، وأكثرُه ذراع.
قال بعض أصحابنا: هذا في حقِّ مَن مشى بين الرجال كنساء العرب اللاتي يمشين بين الحِلَل والصحراء. فأمَّا نساء المدن اللاتي في بيوتهن ولا يراهنَّ رجل أجنبيٌّ، فيكون ذيلها كذيل الرجل
(2)
.
فصل
يُكرَه للرجل الأحمرُ المشبَع حمرةً في جميع أنواع [ص 121] اللباس من الثياب والفُرُش والأكسية، وآلات الدوابِّ والأغطية وغير ذلك. ولا بأس بذلك للنساء. والمعصفَر المشبَع من هذا النوع. نصَّ على ذلك في عدَّة مواضع:
قال ــ وقد سُئِل عن لباس المعصفَر المشَبع ــ: أكرَهُ لباسَه.
وسئل عن الأكسية المصبوغة كالدم، فقال: إذا كانت حمرة تُشابِهُ المعصفَر يُكرَه ذلك.
وفي موضع آخر: أنه كره المعصفَر كراهةً شديدةً للرجال
(3)
.
(1)
هو صاحب «المستوعب» (1/ 265) كما في «الآداب الشرعية» (3/ 522). وانظر: «الفروع» (2/ 60).
(2)
انظر: «الفروع» (2/ 60) وعزاه في «الآداب الشرعية» (3/ 522) إلى صاحب «المستوعب» .
(3)
نقله في «الفروع» (2/ 77) عن إسماعيل بن سعيد.
وقال أيضًا
(1)
: يُكرَه المعصفَر للرجال، ولا يُكرَه للنساء.
وسئل عن المعصفر للنساء، فلم ير به بأسًا.
وقال المرُّوذي
(2)
: صبغتُ بطانَة جُبَّتي حمراَء، فقال: لم صبغتَها حمراء؟ قلتُ: للرقاع التي فيها. قال: وأيَّ شيءٍ تبالي أن يكون فيها رقاع؟
وقال: أولُ من لبس الثياب الحُمْرَ قارونُ وآلُ فرعون، ثم قرأ:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص: 79]. قال: في ثياب حمر
(3)
.
قلتُ له: الثوب الأحمر تغطَّى به الجنازةُ، ترى أن أجذبه
(4)
؟ قال: نعم
(5)
.
قال: وأمرني أبو عبد الله أن أشتري له تِكَّةً لا يكون فيها حمرة
(6)
.
قال: وأمرني أن أشتري له مُدًّا، فقال: لا تكون فيه حمرة
(7)
.
وقد نقل عنه أحمد بن واصل المقرئ
(8)
أنه سئل عن كساء أسود، له
(1)
في «مسائل أبي داود» (ص 350).
(2)
في كتاب «الورع» (ص 186).
(3)
المصدر السابق (ص 184).
(4)
في المطبوع: «آخذ به» ، تصحيف.
(5)
«الورع» (ص 186).
(6)
المصدر السابق.
(7)
المصدر السابق.
(8)
وقيل: هو محمد بن أحمد بن واصل. قال الخطيب: وهو أصح. له مسائل رواها عن الإمام أحمد. توفي سنة 273. ترجمته في «تاريخ بغداد» (2/ 261)، (6/ 295) و «غاية النهاية» (1/ 133)، (2/ 83، 91) و «طبقات الحنابلة» (1/ 197)، (2/ 222).
علم أحمر، فقال: لا بأس به.
قال القاضي: فظاهر رواية المرُّوذي أنه كره العلَم الأحمر إجراءً له مُجرَى طِرازِ الذهب، وظاهر رواية المقرئ أنه لم يكرهه وأجراه مُجرَى الطِّراز الحرير. وهذه الكراهة في الجملة قول عامة الأصحاب.
وذكر القاضي في موضع من «خلافه» وبعضُ من اتبعه: أنَّ المعصفَر لا يُكرَه للرجال والنساء، وأنَّ النهيَ كان خاصًّا لِعليٍّ، لقوله في الحديث: لم ينهه ولا إيَّاك، وإنما نهاني
(1)
.
ومن أصحابنا من قال: إنما يُكرَه المعصفَر خاصَّةً. فأمَّا ما صُبغ بالحمرة من مَدَرٍ وغيره، فلا بأس به، سواء صُبغ قبل النسج أو بعده. وهذا اختيار أبي محمد رحمه الله
(2)
. وقد أومأ إليه في رواية حنبل، فقال: قد لبِس النبيُّ صلى الله عليه وسلم بردةً حمراءَ
(3)
. كذلك ذكر الترمذيُّ في حديث الرجل الذي سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه ثوبان أحمران
(4)
. قال: معنى هذا الحديث عند أهل العلم أنهم كرهوا لُبْسَ المعصفَر، ورأوا أنَّ ما صُبِغ [بالحمرة] بالمدَر أو غير ذلك فلا بأس
(1)
أخرجه أحمد (517)، من حديث أبي هريرة به. قال الهيثمي في «المجمع» (5/ 129):«فيه عبيد الله بن عبد الله بن موهب، وثقه ابن معين في رواية، وقد ضعف» .
وقد صحّ قول علي رضي الله عنه بنحوه من وجهٍ آخر عند أحمد (710، 1098) وغيره، وأصله في «صحيح مسلم» (480، 2078).
(2)
انظر: «المغني» (1/ 302).
(3)
سيأتي تخريجه.
(4)
سيأتي تخريجه.
[به]، إذا لم يكن معصفَرًا
(1)
.
وذلك لأنَّ المعصفَر صحَّت في كراهته أحاديث كثيرة في حقِّ عليٍّ وغيرِه للرجال دون النساء. فعن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال:«إنَّ هذه من ثياب الكفار، فلا تلبَسْها» رواه أحمد ومسلم والنسائي
(2)
. وفي رواية لمسلم [ص 122]: رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال:«أمُّك أمَرتك بهذا؟» قلتُ: أغسِلُهما؟ قال: «بل أحْرِقْهما»
(3)
.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى عليه رَيْطةً مضرَّجةً بالعُصْفُر، فقال:«ما هذه؟» قال: فعرفتُ ما كَرِهَ. قال: فأتيتُ أهلي وهم يسجُرون تنَّورَهم، فقذفتُها [فيه]، ثم أتيتُه، فأخبرته، فقال:«ألا كسوتَها بعضَ أهلك! فإنَّه لا بأسَ بذلك للنساء» رواه أبو داود وابن ماجه
(4)
. وقال هشام بن الغاز: المضرَّجة: التي ليست بمشبعة ولا المورَّدة
(5)
.
وقال الخطَّابي
(6)
: المضرَّج: الذي ليس صَبْغُه بالمشبَع التَّامِّ، وإنما هو
(1)
«سنن الترمذي» (4/ 413)، وما بين الحاصرتين من «السنن» .
(2)
أحمد (6513، 6931)، ومسلم (2077)، والنسائي (5316).
(3)
برقم (2077).
(4)
أبو داود (4066)، وابن ماجه (3603)، من طريق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به. قال الحاكم (4/ 190):«حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد اتفق الشيخان رضي الله عنهما من النهي عن لبس المعصفر للرجل على حديث علي رضي الله عنه» .
(5)
(6)
في «معالم السنن» (4/ 193).
لطخٌ علِق به. يقال: تضرَّج الثوبُ إذا تلطَّخ بدم ونحوه. والرَّيطة: مُلاءَة ليست بلفِقَين
(1)
إنما [هي]
(2)
نسجٌ واحدٌ.
وقال الجوهري
(3)
: يقال: ضرَّجتُ الثوبَ تضريجًا، إذا صبغته بالحمرة، وهو دون المُشْبَع، وفوق المورَّد
(4)
.
وفي رواية عن عبد الله بن عمرو قال: رآني النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وعليَّ ثوب مصبوغ بعُصْفُر مورَّد. قال:«ما هذا؟» فانطلقتُ، فأحرقتُه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما صنعتَ بثوبك؟» . فقلتُ: أحرقتُه. قال: «أفلا كسوتَه بعضَ أهلك!»
(5)
.
وعن ابن عمر قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن المفدَّم
(6)
. وهو المشبَع بالعُصْفُر. رواه أحمد وابن ماجه
(7)
.
(1)
في الأصل والمطبوع: «بفلقتين» ، والتصحيح من «معالم السنن» .
(2)
من «معالم السنن» .
(3)
في «الصحاح» (ضرج).
(4)
في المطبوع: «المورَّدة» ، والمثبت من الأصل.
(5)
أخرجه أبو داود (4068).
إسناده ضعيف، فيه شفعة الحمصي مجهول، وبه أعله ابن القطان في «بيان الوهم» (5/ 107)، غير أن الطريق السابقة تقويه.
(6)
في الأصل والمطبوع بالقاف، وهو تصحيف. وهو مُفْدَم ومُفَدَّم.
(7)
أحمد (5751)، وابن ماجه (3601).
قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (4/ 89): «إسناده صحيح» ، وصححه بشواهده الألباني في «السلسلة الصحيحة» (5/ 517).
وعن علي بن أبي طالب قال: نهاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن التختُّم بالذهب، وعن لباس القَسِّيِّ، وعن القراءة في الركوع والسجود، وعن لباس المُعَصْفَر. رواه أحمد ومسلم
(1)
. وفي رواية صحيحة: نهاني عن المعصفَر المفدَّم
(2)
.
قالوا: وأما الأحمر غير المعصفَر، فلا بأس به، لما روى البراء بن عازب قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم عظيم الجُمَّة إلى شحمة أذنيه. ورأيته في حُلَّة حمراء، لم أر شيئًا قطٌّ أحسنَ منه. رواه الجماعة
(3)
.
وعن أبي جُحَيفة قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالأبطح، وهو في قبة له حمراء، ثم رُكِزَتْ له عنزةٌ، فخرج، وعليه جبةٌ له حمراءُ أو حُلَّة حمراء، فكأنِّي أنظر إلى بريق ساقيه. قال: فصلَّى بنا إلى العنزةِ الظهرَ أو العصرَ ركعتين. متفق عليه
(4)
.
وعن عامر بن أبي هلال المزني قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يخطب بمنى على بغلة، وعليه بُرد أحمر، وعليٌّ رضي الله عنه أمامه يعبِّر عنه. رواه أحمد وأبو داود
(5)
.
(1)
أحمد (831)، ومسلم (2078).
(2)
هنا أيضًا تصحف في الأصل بالقاف، وكذا في المطبوع. والحديث أخرجه النسائي (1118، 5172).
(3)
أحمد (18473)، والبخاري (3551)، ومسلم (2337)، وأبو داود (4072)، والترمذي (1724)، والنسائي (5060)، وابن ماجه (3599).
(4)
البخاري (376) ومسلم (503) واللفظ للإمام أحمد في «مسنده» (31/ 55).
(5)
أحمد (15920)، وأبو داود (4073)، من طريق أبي معاوية، عن هلال بن عامر المزني، عن أبيه.
قال ابن الملقن في «البدر المنير» (4/ 677): «إسناده حسن» .
وعن أنس قال: كان أحبَّ اللباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحِبَرة
(1)
. متفق عليه
(2)
.
والأول هو المذهب المعروف المنصوص، [ص 123] لما احتجَّ به أحمد من قوله سبحانه:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ} الآية [القصص: 79].
قال جابر بن عبد الله: في القِرْمِز
(3)
.
وقال إبراهيم
(4)
والحسن
(5)
: في ثيابٍ حُمْر، على لفظ أحمد.
وقال مجاهد: على براذينَ بِيضٍ عليها سُروجُ الأُرْجُوَان، عليهم
(1)
الحِبَرة: برد يمانيّ مخطط. ونقل القاضي عياض في «المشارق» (1/ 175) عن الداودي أنه ثوب أخضر. ولم أر مَن ذكر أنه أحمر ليصحّ الاستدلال به على لبس الأحمر. نعم، عقَّب الثوري على «حلة حمراء» في حديث أبي جحيفة بقوله:«نُراها حِبَرة» ، يعني أنها كانت مخطَّطة، فلم تكن كلها حمراء. انظر:«مسند أحمد» (31/ 52) و «فتح الباري» لابن حجر (2/ 437).
(2)
البخاري (5813) ومسلم (2079).
(3)
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (18/ 328).
(4)
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (18/ 329).
(5)
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (18/ 329)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (9/ 3013).
المعصفَرات
(1)
. وكذلك ذكر قتادة
(2)
وابن زيد
(3)
وغيرهما أنه خرج، وعلى دوابِّه وجنده الأُرْجُوان والمعصفَرات. قال ابن زيد: وكان ذلك أولَ يوم رُئيت المعصفرات فيما كان يُذكَر لنا
(4)
.
ومعلومٌ أنَّ الله سبحانه وتعالى ذكر هذا في سياق الذمِّ له، والعيبِ لما خرج فيه من الزينة، فعُلِمَ أنَّ الثياب الحُمر مَعيبة عند الله مذمومة، ولا معنى لكراهتها إلا ذلك.
وعن عبد الله بن عمرو قال: مرَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، وعليه ثوبان أحمران، فسلَّم، فلم يَرُدَّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود والترمذي
(5)
وقال: حديث حسن
(6)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (2/ 497)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (9/ 3013) بنحوه.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (2/ 497)، والطبري في «جامع البيان» (18/ 330)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (9/ 3014).
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (9/ 3014).
(4)
نقل الشارح الأقوال المذكورة كلها في تفسير الآية من «الكشف والبيان» للثعلبي (7/ 263).
(5)
أبو داود (4069)، والترمذي (2807)، من طريق إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن عبد الله به.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه» ، وصححه الحاكم (4/ 211)، وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 485):«ضعيف الإسناد» ، وعلته أبو يحيى فإنه مختلف فيه، كما في «الميزان» (4/ 586).
(6)
في طبعتي شاكر وبشار: «حديث حسن غريب» .
وعن رافع بن خَديج رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى الحمرةَ قد ظهرت، فكرهها
(1)
.
وفي رواية قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على رواحلنا وعلى إبلنا أكسيةً، فيها خيوطُ عِهْنٍ حُمْرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ألا أرى هذه الحمرةَ قد عَلَتْكم» فقمنا سراعًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى نفَر إبلُنا، فأخذنا الأكسيةَ، ونزعناها عنها. رواه أحمد وأبو داود
(2)
من حديث محمد بن عمرو بن عطاء عن رجل من بني حارثة عنه.
وعن [حبيب بن] عُبَيد، [عن حُرَيث] بن الأبحِّ
(3)
السَّلِيحي أنَّ امرأة من بني أسد قالت: كنتُ يومًا عند زينبَ امرأةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ونحن نصبُغ ثيابًا لها بمَغْرَةٍ، فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]
(4)
فلما رأى المَغْرةَ رجع. فلمَّا رأت ذلك زينبُ علِمَتْ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كَرِه ما فعلَتْ. فأخذَتْ، فغسلَتْ ثيابها، ووارَتْ كلَّ حُمرةٍ. ثم إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرجه أحمد (17274)، من طريق عثمان بن محمد، عن رافع بن خديج به.
إسناده ضعيف، للانقطاع بين عثمان ورافع، وسيأتي في الطريق الآتية.
(2)
أحمد (15807)، وأبو داود (4070)، من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، عن رجل من بني حارثة، عن رافع بن خديج به.
إسناده ضعيف، لجهالة الراوي عن رافع، وبذلك أعله ابن رجب في «فتح الباري» (2/ 441).
(3)
في الأصل: «وعن عبيد بن الأبح» . وصححه في المطبوع: «وعن حريث بن الأبح» دون إشارة.
(4)
ما بين الحاصرتين من «سنن أبي داود» ، والظاهر أنه سطر كامل سقط من المخطوط أو أصله لانتقال النظر.
رجع، فاطَّلع، فلما لم ير شيئًا دخل. رواه أبو داود
(1)
.
وعن عمران بن حُصَين أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا أركَبُ الأُرْجُوَانَ، ولا ألبَسُ المعصفَر، ولا ألبَسُ المكفَّفَ»
(2)
رواه أحمد وأبو داود
(3)
.
وعن البراء بن عازب أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن المَياثر الحُمْر. متفق عليه
(4)
.
وعن مالك بن عمير قال: كنتُ قاعدًا عند عليٍّ. قال: فجاء صَعصعة بن صُوحَان، فسلَّم، ثم قام، فقال: يا أمير المؤمنين، انهَنا عمَّا نهاك عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فقال: عن الدُّبَّاء والحَنْتَم والمزفَّت [ص 124] والنَّقير. ونهانا عن القَسِّيِّ والمِيثَرة، وعن الحرير وحِلَق الذَّهب. رواه أحمد وأبو داود والنسائي
(5)
.
(1)
برقم (4071).
إسناده ضعيف، حريث مجهول، كما في «الميزان» (1/ 474)، وضعف إسناده ابن حجر في «التلخيص» (2/ 140).
(2)
في «المسند» و «السنن» : «القميصَ المكفَّفَ بالحرير» .
(3)
أحمد (19974)، وأبو داود (4048)، من طريق الحسن، عن عمران بن حصين به.
قال الحاكم (4/ 211): «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فإن مشايخنا وإن اختلفوا في سماع الحسن، عن عمران بن حصين فإن أكثرهم على أنه سمع منه» ، وقال ابن القطان في «بيان الوهم» (2/ 400):«الحسن لا يصح له السماع من عمران، فهو منقطع» .
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أحمد (963)، وأبوداود (3697)، والنسائي (5169)، من طرق عن إسماعيل بن سميع، عن مالك بن عمير، عن علي به.
إسناده جيد، وصححه الضياء في «المختارة» (1/ 367)، وقد وقع في إسناده اختلاف، ينظر:«العلل» للدارقطني (3/ 246).
وعن عليٍّ قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لُبس القَسِّيِّ والمِيثَرة الحمراء. رواه الخمسة
(1)
، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن عبيدة عن علي رضي الله عنه قال: نهى عن مَيَاثر الأُرْجُوان. رواه أحمد وأبو داود
(2)
بإسناد صحيح.
وفي رواية عن علي قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبس الحمرة
(3)
ــ وفي لفظ: الحمراء ــ، وعن القراءة في الركوع والسجود
(4)
. وفي رواية: عن لباس
(5)
القَسِّيِّ والمَياثر والمعصفَر
(6)
. رواهما عبد الله بن
(1)
أحمد (720)، وأبو داود (4051)، والترمذي (2808)، والنسائي (5165)، وابن ماجه (3654).
قال الترمذي: «حسن صحيح» ، وصححه ابن حبان (5438).
(2)
أحمد (981)، وأبو داود (4050)، والنسائي (5184).
وصححه ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 307).
(3)
سيأتي تخريجه باللفظ الآخر، وقد أشار محققو «المسند» إلى وجود هذا اللفظ «الحمرة» في بعض نسخ «المسند» .
(4)
أخرجه عبد الله في زوائده على «المسند» (829)، من طريق عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، عن علي.
(5)
في الأصل: «لباسي» .
(6)
أخرجه عبد الله في زوائده على «المسند» (1044)، من طريق إبراهيم بن فلان بن حنين، عن جده حنين، عن علي به.
وأصله في مسلم (2078)، من طريق إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي به.
وأخرجه أيضًا (1102، 1113)، من طريق أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي به.
أحمد في «مسند أبيه» .
وعن أبي بردة أنَّ عليًّا قال: نهاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن أجعلَ خاتمي في هذه، أو التي تليها ــ وأومأ إلى الوسطى ــ والتي تليها. ونهاني عن لُبس القَسِّيِّ، وعن جلوسٍ على المَياثر. قال ــ يعني عليًّا ــ: فأما القَسِّيُّ فثياب مضلَّعة يؤتى بها من مصر والشام. وأمَّا المياثر فشيءٌ كانت تجعله النساء لبعولتهن على الرَّحْل كالقطائف الأُرْجُوان
(1)
.
فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن المياثر الحُمْر، وذلك يقتضي أن تكون الحمرة مؤثِّرة في النهي. والحديثُ عامٌّ في المياثر الحُمر، سواء كانت حريرًا أو لم تكن. ولو كان المراد بها الحرير، فتخصيصُه الحُمْرَ منها
(2)
دليلٌ على أنَّ الأحمر من الحرير أشدُّ كراهةً من غيره. وذلك يقتضي أن يكون للحمرة تأثير في الكراهة.
وكذلك قولُه في حديث عمران: «لا أركب الأُرجُوانَ ــ وهو الأحمر ــ ولا ألبَسُ المعصفَر» دليلٌ
(3)
على أنَّ الحمرة مؤثِّرة.
ثم أحاديثُ عليٍّ في بعضها: «عن القَسِّيِّ والمِيثَرة الحُمْر والحرير» ، وفي بعضها:«عن القَسِّي والمعصفر» ، وفي بعضها:«عن القَسِّيّ والميثرة الحمراء» ، وفي بعضها:«عن مياثر الأُرجُوان» . وهي كلُّها دليل على أنَّ المياثر هي الحُمْر، وإن لم تكن حريرًا، وأنَّ مناطَ الحكم حمرتُها، لا مجرَّدُ
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
في المطبوع: «بها» ، والصواب ما أثبت من الأصل.
(3)
في الأصل والمطبوع: «ودليل» ، والواو مقحمة.
كونها حريرًا.
وذلك أنَّ الأُرْجُوان هو الأحمرُ الشديدُ الحمرة. كأنَّ اشتقاقه من الأَرَج
(1)
، وهو توهُّج رائحة الطِّيب، لأنَّ الأحمَر يسطَع لونُه، ويتوقَّد، كما تسطع الرائحة الزكية في الأرائج. قال أبو عبيد
(2)
: الأُرجُوَان: الشديدُ الحمرة. والبَهْرَمَان
(3)
: دونه في الحمرة. والمُفْدَم: المُشْبَع حمرةً. والمضرَّج دونه، ثم المورَّد بعده.
ثم قول علي رضي الله عنه في حديث آخر: «نهى عن لبس الحمرة أو الحمراء، وعن المِيثَرة الحمراء» بدل قوله: «المعصفر» دليلٌ على أنَّ المعصفَر إنما نهاه عنه لِحُمرته. فتارة يعبِّر عنها باسمه الخاصِّ، وتارةً يعبِّر عنه بالاسم [ص 125] العامِّ الذي هو مناط الحكم.
وعن الحسن رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إيَّاكم والحمرة، فإنها من أحبِّ الزينة إلى الشيطان» رواه الخلال
(4)
.
(1)
في «جمهرة اللغة» (3/ 1324) أنه فارسي معرب. وفي «الصحاح» (رجا) أنه «بالفارسية: أرغوان، وهو شجر له نَور أحمر أحسن ما يكون، وكل لون يشبهه فهو أرجوان» . وانظر وصف هذا الشجر في «الصيدنة» للبيروني (ص 32) و «مفردات ابن البيطار» (1/ 21)، والكلمة بالفارسية بفتح أولها وثالثها. وقد تكون آرامية الأصل. انظر:«المعرب» للجواليقي (ص 112)، تعليق المحقق.
(2)
في «غريب الحديث» (4/ 311 - 312).
(3)
في الأصل والمطبوع: «النهرمان» ، تصحيف. وهو: العصفر. والياقوت البهرماني من أحسن أنواعه، ويسمَّى البهرمان أيضًا. انظر:«الجماهر» للبيروني (ص 108 - 109، 124 - 127). والكلمة فارسية. انظر: «المعرب» (ص 168).
(4)
لم أقف عليه من هذا الوجه، وأخرجه الطبراني في «الكبير» (18/ 148)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (2/ 302)، من طريق الحسن، عن عمران بن الحصين به.
قال الجورقاني: «هذا حديث باطل، وإسناده مضطرب، والحسن لم يسمع من عمران شيئًا» ، وانظر:«السلسلة الضعيفة» (4/ 207).
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشيطان يحبُّ الحمرةَ، والحمرةُ من زينة الشيطان»
(1)
.
وعن سعيد بن أبي هند قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الحمرة، ويحبُّ الخضرة
(2)
.
وعن ابن عمر أنه: رأى على ابن له ثوبًا معصفَرًا، فنهاه. وأبصر على أهله ثيابًا معصفرةً، فلم ينههم
(3)
.
رواهنَّ وكيع. وهذان المرسلان من وجهين مختلفين، وقد اعتضدا بقول الصحابة. وذلك يؤكِّد الاحتجاج بها، ويقتضي تعاضدها
(4)
على الدلالة.
وأيضًا إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن المعصفر، فغيرُه من الأحمر المشبَع أولى بالنهي منه، إذ ليس في المعصفَر ما يُكرَه منه سوى لونه. وليس هو
(1)
أخرجه معمر في «جامعه» (11/ 79)، وابن الجعد في «مسنده» (3202)، من مرسل الحسن.
(2)
لم أقف عليه من هذا الوجه.
وأخرجه البزار (13/ 458) مسندًا، من طريق سويد بن إبراهيم، عن قتادة، عن أنس يرفعه، وفي إسناده ضعف؛ سويد ليّن، انظر:«الميزان» (2/ 247).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (25229) بنحوه.
(4)
في الأصل: «تعضادها» . وأشار كاتبه في الحاشية إلى صوابه.
بأشدِّها حمرةً، فغيرُه من الأحمر الذي يساويه في لونه وبريقه أو يزيد عليه أولى أن ينهَى عنه. والتفريقُ بينهما تفريقٌ بين الشيئين المتماثلين، وذلك غير جائز.
وأيضًا فإنَّ هذا اللون يوجب الخيلاء والبطر والمرح والفخر، فكان منهيًّا عنه، كالحرير والذهب. ولهذا أبيح هذا للنساء، كما أبيح لهن الحرير والذهب.
فأما الخفيف الحمرة، مثل المورَّد ونحوه، فقد ذهبت بهجته وتوقُّده، وصار قريبًا من الأصفر، فلا يُكرَه. والأحاديثُ التي جاءت في الرخصة في الأحمر محمولةٌ على هذا، فإنه يسمى أحمر، وإن كانت حمرته خفيفة؛ وعلى ما يكون بعضُه أحمر مثل البرود التي فيها خطوط حُمْر. وهذا معنى قولهم:«حُلَّة حمراء» .
وهل هذه كراهة تحريم أو تنزيه؟ فيه وجهان، ويبنى على ذلك صحة الصلاة فيه. وفيها وجهان:
أحدهما: تصح. قاله طائفة من أصحابنا، لأنه لم يجئ في ذلك تصريح بالتحريم. ولو كان حرامًا لَصُرِّح بتحريمه، كما صُرِّح بتحريم الذهب والحرير؛ فإنَّ الفرق بينه وبين الحرير ظاهر في الحديث.
والثاني: لا تصح الصلاة فيه. قال أبو بكر: يعيد كلُّ من صلَّى في ثوب نُهي عن الصلاة فيه، كالمعصفر والأحمر والغصب ونحوه
(1)
، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك نهيًا مطلقًا، وموجَب النهي التحريم، لاسيَّما وقد قرَنه بالقَسِّيِّ
(1)
«الفروع» (2/ 77).