الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق بين هذا وبين الزخرفة: أنَّ الكسوة فيها منفعة للبيت والمصحف، فإذا حصلت بأشرف الثياب كان ذلك تعظيمًا لحرمات الله، بخلاف الزخرفة فإنَّه لا منفعة فيها، بل تُلْهي المصلِّين.
الفصل الثاني في الذهب
وهو قسمان. أحدهما: لُبسه. والثاني: التحلِّي به.
أمَّا لُبسه، فيحرُم على الرجال لبسُ المنسوج بالذهب والمموَّه به، إذا كان كثيرًا، لما تقدَّم من حديث علي وأبي موسى
(1)
رضي الله عنهما، ولأنه أبلغ في السَّرَف والفخر والخيلاء من الحرير، والحاجةُ إليه أقلُّ، فيكون أولى بالتحريم.
وإذا استحال لونه ففيه وجهان. أحدهما: يحرُم، لعموم النهي. والثاني: لا يحرُم، لأنه قد زالت مظنَّةُ الفخر والخيلاء.
فإن لم يحصل منه شيء إذا جُمِعَ أُبيحَ قولًا واحدًا.
وفي يسير الذهب في اللباس، مثل العلَم المنسوج بالذهب، روايتان مومَأ إليهما:
إحداهما: يحرُم. وهو [ص 92] اختيار كثير من أصحابنا، لعموم النهي، ولأنه استعمال للذهب، فحُرِّم كاليسير في الآنية.
والثانية: لا يحرم. وهي اختيار أبي بكر وغيره
(2)
، لما روى معاوية بن
(1)
تقدم تخريجهما.
(2)
كالمجد وحفيده والمصنف. انظر: «الفروع» (2/ 73) و «اختيارات ابن اللحام» (ص 77) و «مجموع الفتاوى» (21/ 87)، (25/ 64).
أبي سفيان أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لُبس الذهب إلا مقطَّعًا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي
(1)
، واحتجَّ به أحمد، وفسَّر قوله:«إلّا مقطّعًا» باليسير
(2)
.
ولأنه أحد الأصناف الثلاثة، فحلَّ منه اليسير التابع لغيره، كيسير الحرير ويسير الفضة في الآنية. والفرق بين يسيرِ الذهب في الآنية ويسيرِه في اللباس ونحوِه ظاهر، لأنَّ الآنيةَ تحرُم من الفضة ومن الذهب على الرجال والنساء، واللباسَ يباح للنساء من الذهب والفضة مطلقًا، ويباح للرجال يسيرُ الفضَّة منه مفردًا كالخاتم ونحوه، ولا يصح إلحاق أحدهما بالآخر.
وعنه رواية ثالثة: أنه يباح اليسيرُ لحاجةٍ، سواء كان مفردًا أو تابعًا، ولا يباح للتزيُّن، وهي المنصوصة عنه صريحًا، وكذلك ذكر القاضي في اللباس. قال في رواية صالح وعبد الله
(3)
وأبي طالب وأبي الحارث ــ واللفظ له ــ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لُبس الذهب إلا مقطَّعًا قال: الشيء اليسير، كشدِّ أسنانه، وما كان مثلَه مما لا يتزيَّن به الرجل. فأمَّا الخاتم ونحوه، فلا. وذلك لأنه قد دلَّ ذلك على أن القطع من الذهب ــ وهو اليسير منه ــ مباح مطلقًا، لكن لا بدَّ أن يكون لحاجة، لأنه قد دلَّت النصوص على
(1)
أحمد (16844)، وأبو داود (4239)، والنسائي (5150)، من طرق عن خالد الحذاء، عن ميمون القناد، عن أبي قلابة، عن معاوية بن أبي سفيان به.
إسناده ضعيف، قال أبو داود:«أبو قلابة لم يلق معاوية» ، وقال الذهبي في «الميزان» (4/ 236):«الحديث منكر» . وانظر: «بيان الوهم والإيهام» (2/ 412).
(2)
قال أبو عبيد في «غريب الحديث» (5/ 361): «فُسِّر لنا أنَّ المقطَّع هو الشيء اليسير منه مثل الحلقة والشذرة ونحوها» . فهل قصد الإمام أحمد؟
(3)
لم أجده في «مسائل صالح» . وانظر: «مسائل عبد الله» (ص 446).