المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأما‌ ‌ الحُشُّ ، فهو المكان المُعَدُّ لقضاء الحاجة، فلا تصح الصلاة - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الصلاة في أصل اللغة:

- ‌مسألة(2): (فمَن جحَد وجوبَها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحَدها عنادًا كفَر)

- ‌ مسألة(5): (فإنْ ترَكها تهاونًا استُتيب ثلاثًا. فإن تاب وإلّا قُتِل)

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌مسألة(1): (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها، للرجال دون النساء)

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يُشرَع الأذان والإقامة إلا للصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث: أنَّ النساء لا يُشرَع لهن أذان ولا إقامة

- ‌مسألة(2): (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)

- ‌مسألة(2): (ولا يؤذن قبل الوقت إلا لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم»)

- ‌مسألة(3): (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»)

- ‌يستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية

- ‌يُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن

- ‌فصلالسنَّة أن يقيم من أذَّن

- ‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

- ‌فصليستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين

- ‌باب شرائط(1)الصلاة

- ‌مسألة(2): (وهي ستة

- ‌ مسألة: (أحدها: الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدَث حتَّى يتوضَّأ»(1). وقد مضى ذكرها

- ‌مسألة(3): (الثاني: الوقت)

- ‌مسألة(3): (ووقت الظهر(4): من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كلِّ شيء مثلَه)

- ‌مسألة(3): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس)

- ‌الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس

- ‌مسألة(4): (ووقت المغرب: من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر)

- ‌مسألة(2): (ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل. ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني)

- ‌مسألة(1): (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)

- ‌مسألة(1): (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)

- ‌مسألة(1): (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلَّا عشاءَ الآخرة، وفي شدة الحرِّ الظهر)

- ‌الفصل الثاني في(2)تفصيل الصلوات

- ‌أمَّا الجمعة، فالسنَّة أن تصلَّى في أول وقتها في جميع الأزمنة

- ‌فصليجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة)

- ‌مسألة(2): (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)

- ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

- ‌مسألة(1): (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

- ‌مسألة(2): (ولبسُ الحرير والذهب مباحٌ للنساء، دون الرجال إلا عند الحاجة

- ‌من حَرُم عليه لبسه حَرُم عليه سائر وجوه الاستمتاع به

- ‌الفصل الثاني في الذهب

- ‌القسم الثاني: التحلِّي به

- ‌مسألة(2): (ومن صلَّى من الرجال في ثوب واحد، بعضُه على عاتقه، أجزأه ذلك)

- ‌مسألة(4): (فإن لم يجد إلا ما يسترُ عورته ستَرها)

- ‌الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته

- ‌مسألة(1): (فإن لم يكفِ جميعَها ستَر الفرجَين. فإن لم يكفهما ستَر أحدهما)

- ‌مسألة(1): (فإن عَدِم بكلِّ حال صلَّى جالسًا يومئ بالركوع والسجود. وإن صلَّى قائمًا جاز)

- ‌مسألة(3): (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلَّى فيهما، ولا إعادة عليه)

- ‌فصلإذا وجد السترة في أثناء الصلاة قريبةً منه استتر وبنى

- ‌متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط

- ‌فصليُكرَه السَّدْلُ في الصلاة

- ‌فصليُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً

- ‌فصلفأمَّا الأصفر، فلا يُكرَه، سواء صُبغ بزعفران أو غيره

- ‌مسألة(1): (الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته، إلا النجاسةَ المعفوَّ عنها كيسير الدم ونحوه)

- ‌مسألة(2): (فإن صلَّى وعليه نجاسة لم يكن علِمَ بها، أو علِمَها ثم نسيها، فصلاته صحيحة. وإن علِمها في الصلاة أزالها وبنَى على صلاته)

- ‌مسألة(1): (والأرضُ كلُّها مسجدٌ تصح الصلاة فيها إلا المقبرةَ والحُشَّ والحمَّامَ وأعطانَ الإبل)

- ‌الفصل الثانيفي المواضع المستثناة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها

- ‌ المقبرة والحمَّام

- ‌ أعطان الإبل

- ‌ قارعة الطريق

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها

- ‌الفصل الرابعأنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

- ‌الفصل الخامسفي تحديد هذه الأماكن

- ‌ المقبرة

- ‌ الحُشُّ

- ‌الفصل السادسفي عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

- ‌فصلقال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى

- ‌فصلالسنَّة أن يكون موضع الصلاة مستقرًّا مع القدرة

- ‌السبب الثاني: الوحل

- ‌السبب الثالث: المرض

- ‌مسألة(1): (الشرط الخامس: استقبال القبلة، إلَّا في النافلة على الراحلة للمسافر، فإنه يصلِّي حيث كان وجهُه

- ‌الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين:

- ‌أحدهما: إذا عجز عن استقبالها

- ‌الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر

- ‌مسألة(4): (فإن كان قريبًا منها لزمته الصلاة إلى عينها. وإن كان بعيدًا فإلى جهتها)

- ‌مسألة(3): (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدلَّ بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة. وإن خفيت في السفر اجتهد وصلَّى، ولا إعادة عليه وإن أخطأ)

- ‌ دلائل السماء

- ‌فصلومنها: النجوم

- ‌مسألة(3): (وإن اختلف مجتهدان لم يتبَع أحدُهما صاحبَه. ويتبع(4)الأعمى والعامِّيُّ أوثقهَما في نفسه)

- ‌مسألة(1): (الشرط السادس: النية للصلاة بعينها)

- ‌مسألة(1): (ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها)

- ‌فصلإذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت

- ‌باب أدب المشي إلى الصلاة

- ‌مسألة(1): (يستحبُّ المشيُ إلى الصلاة بسكينة ووقار، ويقارب بين خُطاه، ولا يشبِّك أصابعه)

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: بسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78 - 89]. ويقول(2): اللهم إني أسألك بحقِّ السائلين عليك، إلى آخره)

- ‌مسألة: (فإن سمع الإقامةَ لم يَسْعَ إليها)

- ‌مسألة(1): (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

- ‌مسألة(5): (ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

- ‌مسألة(6): (ويجعلهما تحت سُرَّته)

- ‌مسألة(5): (ويجعل نظره إلى موضع سجوده)

- ‌وخشوع البصر: ذُلُّه واختفاضه

- ‌يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)

- ‌فصلإذا نسي الاستفتاح في موضعه لم يأت به في الركعة الثانية

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

- ‌أحدها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

- ‌ثانيها: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك

- ‌السنَّة: الإسرار بها

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإنَّ قراءة الإمام له قراءة

- ‌الفصل الثانيأن المأموم لا تجب عليه القراءة

- ‌فيه لغتان: «أمين» على وزن فعيل، و «آمين» على وزن فاعيل

- ‌مسألة(4): (ثم يقرأ سورةً تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوساطه)

- ‌ينبغي أن يطيل الركعة الأولى على الثانية من جميع الصلوات

- ‌لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة

- ‌[باب صلاة الخوف]

- ‌[مسألة(1): (وتجوز صلاة الخوف على كلِّ صفة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمختار منها: أن يجعلهم الإمام طائفتين: طائفة تحرُس، والأخرى تصلِّي معه ركعةً

- ‌الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة

- ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

- ‌متى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مسألة: (كلُّ من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة، والعبد، والمسافر، والمعذور

الفصل: وأما‌ ‌ الحُشُّ ، فهو المكان المُعَدُّ لقضاء الحاجة، فلا تصح الصلاة

وأما‌

‌ الحُشُّ

، فهو المكان المُعَدُّ لقضاء الحاجة، فلا تصح الصلاة في شيء من مواضع البيت المنسوب إلى ذلك، سواء في ذلك موضع التغوُّط أو موضع الاستنجاء أو غيرهما. فأمَّا المطاهر التي قد بُني فيها بيوتٌ للحاجة وللاغتسال

(1)

أيضًا، وبرَّانيُّها للوضوء فقط، أو للوضوء

(2)

والبول= فينبغي أن تكون نسبة برَّانيِّها كنسبة برَّانيِّ الحمام إليها. ولا يصلَّى فيها، بل هي أولى بالمنع من الحمام، لأنها أولى بالنجاسة والشياطين من الحمَّام. ووجود ذلك في الخارج منها أظهر من وجوده في الخارج من الحمام.

فأما ما ليس مبنيًّا للحاجة، وإنما هو موضع يُقصَد لذلك، كما في البرِّ والقرى، ومنه ما قد اعتيد لذلك، ومنه ما قد فُعِل ذلك فيه مرَّةً أو مرتَين [ص 165] فينبغي أن يكون من الحشوش أيضًا، فإنَّ الحُشَّ في الأصل هو البستان، وإنما كَنوا عن موضع التغوُّط به، لأنهم كانوا ينتابونها للحاجة، ولأن العرب لم يكونوا يتخذون الكُنُفَ قريبًا من بيوتهم، وإنما كانوا ينتابون الصحراء. فعُلِمَ أنَّ تلك الأمكنة داخلة في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا طهر المكان وقطعت عنه هذه العادة لم يكن حُشًّا.

فصل

وأما أعطان الإبل، فالمنصوص عن أحمد أنها الأماكن التي تقيم بها الإبل وتأوي إليها

(3)

.

(1)

في المطبوع: «والاغتسال» ، والمثبت من الأصل.

(2)

في الأصل والمطبوع: «وللوضوء» .

(3)

«المغني» (2/ 471). وانظر: «مسائل صالح» (2/ 201) ورواية الأثرم في «المغني» (2/ 473).

ص: 475

ومن أصحابنا من قال: هي المواضع التي تصدر إليها بعد أن ترد الماء. وذلك أن الإبل بعد أن ترِد الماءَ، فإنها تُناخُ بمكان، لتُسقَى بعد ذلك عَلَلًا بعد نهَلٍ، فإذا استوفت رُدَّتْ إلى المراعي.

وعبارة بعضهم أنه المواضع التي بقرب النهر، فتُناخ فيه الإبلُ حتَّى ترِد الماءَ. فجعلها مناخها قبل الورود.

والعبارة الأولى أجود، لأنَّ هذا تفسير أهل اللغة. قالوا: أعطان الإبل: مَبارِكها عند الماء لتشرب عَللًا بعد نهَل. يقال: عطَنت الإبل تعطُن وتعطِن إذا رَوِيت، ثم برَكت

(1)

، فهي إبل عاطنة وعواطن. وقد ضربَتْ بعَطَن، أي بركت

(2)

.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر رؤياه: «ثم أخذها ابن الخطَّاب، فاستحالت غَرْبًا. لم أر عبقريًّا من الناس يَفْري فَرْيَه، حتَّى ضرب الناسُ بعَطَن»

(3)

. كأنهم امتلؤوا من تلك البئر، ثم صدروا رِواءً كهيئة الإبل إذا رَوِيت. ومنه: إسقاءٌ رَواءٌ

(4)

. [و]

(5)

قولهم

(6)

: فلان واسع العطن والبلد. وأعطنَ الرجلُ

(1)

في الأصل والمطبوع: «تركت» ، تصحيف.

(2)

«الصحاح» (عطن).

(3)

من حديث أبي هريرة وابن عمر. أخرجه البخاري (3633، 3664) ومسلم (2392، 2393).

(4)

من قولهم: «اللهمَّ أسقِنا إسقاءً رَواء» . نقله الأزهري عن أبي زيد في «التهذيب» (9/ 231). وفي الأصل والمطبوع: «استقا» .

(5)

من هامش النسخة.

(6)

من هنا إلى آخر بيت لبيد منقول من «الصحاح» (عطن).

ص: 476

بعيرَه إذا لم يشرب، فردَّه إلى العطَنِ ينتظر به. قال لبيد:

عافتا الماءَ فلم نُعطِنهما

إنما يُعطِن مَن يرجو العَلَلْ

(1)

وتوسَّعوا في ذلك حتَّى قالوا لمرابض الغنم حول الماء: معاطن.

والصواب أنَّ الأماكن التي تقيم بها مراد من الحديث

(2)

كما نصَّ أحمد؛ لأنَّ في بعض ألفاظ الحديث أنَّ السائل قال: أنُصلِّي في مبارك الإبل؟

(3)

قال: والمبارك: التي يكثر بروكُها فيها. والمواضع التي تقيم بها أولى بهذ الاسم من مصادرها. ولأنه قابَلَ بين مَعاطن الإبل ومُراح الغنم ومَرابضها، فعُلِمَ أن المعاطن للإبل بمثابة المُراح والمرابض للغنم. ومُراح [الغنم]

(4)

: ما تقيم فيه وتأوي إليه، فكذلك معاطن الإبل.

ولأنه إذا نُهي عن الصلاة في المواضع التي تقيم بها ساعةً أو ساعتين، فالمواضعُ التي تبيت بها وتأوي إليها أولى بهذا الحكم. فإما أن يكون الحكم أريد في مبيتها بطريق الفحوى والتنبيه [ص 166] أو يكونوا قد توسَّعوا في العطَن حتى جعلوه اسمًا لكلِّ مأوى لها، كما توسَّعوا فيه حتى جعلوا للغنم أعطانًا وللناس أعطانًا. فإذا قلنا: إنه لا تجوز الصلاة فيما تقيم فيه وتأوي إليه كما نصَّ عليه جازت في مصادرها عند الشرب، فيما ذكره من رجَّح هذا القول من أصحابنا.

(1)

«شرح ديوان لبيد» (ص 185). وفي الأصل: «يعطنهما» ، تصحيف.

(2)

كذا في الأصل والمطبوع.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

زيادة يقتضيها السياق.

ص: 477

والصحيح: أنَّ المعاطن تعُمُّ هذا كلَّه على ظاهر كلام أحمد، فإنه قال: هي الأماكن التي تقيم بها وتأوي إليها، وعلى هذا، فسواءٌ أوت بالليل أو النهار. وهذا لأنَّ لفظ المعاطن والمبارك يعمُّ هذا كلَّه كما تقدَّم، فلا وجه لإخراج شيء منه من الحديث. وهذا لأنَّ اللفظ إذا توسَّع أهلُ العُرف فيه حتى صار معناه عندهم أعمَّ من معناه في اللغة لم يخرج ذلك المعنى اللغوي عن اللفظ، بل يصير بعضه. ولأنه مكان تعتاده الإبل وتأوي إليه، فأشبه مبيتَها، وهذا لأنَّ العطن الذي يكون عند البئر أو الحوض أو النهر قد أعِدَّ لمقام الإبل وبُروكها فيها، فكان من مبركها، كما لو أُعِدَّ لمقامها فيه نهارًا دون الليل.

قال أصحابنا: ولا فرق بين أن تكون الإبل في المعاطن أو لا تكون، ولا فرق بين أن تكون قائمةً حال الصلاة أو غيرَ قائمة، لأن النهي تناول الموضع.

وقال ابن حامد والقاضي وسائر أصحابنا: فأما مكانُ نزولها في سيرها، أو مكانُ مقامها لِتتنقل عنها، أو مكانُ علفها أو ورودها لتسقى الماء= فالصلاةُ فيه جائزة، لأنه لا يسمَّى عطنًا. وقد قال الأثرم: سمعتُ أبا عبد الله يُسأل عن موضع فيه أبعار الإبل، نُصلِّي فيه؟ فرخَّصَ، ثم قال: إذا لم يكن من معاطن الإبل التي نُهِي عن الصلاة فيها، التي تأوي إليها الإبل

(1)

.

وذلك لأنَّ هذه الاماكن ليست مُعَدَّة لمقام الإبل، وإنما مقامها فيه عارض، فلا يتناولها النهيُ لفظًا ولا معنًى. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما كانوا يرتحلون في أسفارهم في الحجِّ والعمرة والغزو وغير ذلك على

(1)

«المغني» (2/ 473).

ص: 478

الإبل، ومع هذا فكانوا يصلُّون في مناخ إبلهم، وكانوا يصلُّون عليها وإليها، وهذا ظاهر مشهور في سِيَرهم. ولأنَّ تلك الأمكنة ليست أخصَّ بالإبل من الناس الذين نزلوا بها. والكراهة إنما نشأت لسبب في المكان الذي انفردت به، أو غلبت عليه، والله أعلم.

فصل

وأمَّا المجزرة، فقال أصحابنا: هي الموضع الذي يُذبَح فيه الحيوان معروفًا بذلك للقصَّابين والشوَّائين

(1)

ونحوهم. ولا فرق بين أن يكون الموضع نظيفا من الدماء والأرواث [ص 167] أو غير نظيف، لأنَّ النهي تناول الموضع، والعلَّةُ كونه مظِنَّةَ النجاسة ومحلًّا للشياطين، وهذا عامٌّ. وهذا هو المشهور، وعلى الوجه الذي يعلَّل الحكمُ فيه بحقيقة النجاسة، تجوز الصلاة في الموضع الذي تُيُقِّنت طهارته.

وأما المزبلة، فقالوا: هو الموضع الذي تُجمَع فيه الزُّبالة، مثل المواضع التي في الطرقات ونحوها. ولا فرق بين أن يكون عليها نجاسة من الزبالة أو تكون طاهرة.

ولفظ بعضهم: لا فرق بين أن يُرمَى فيها زبالة طاهرة أو نجسة. وهذا لأنَّ المكان مُعَدٌّ لإلقاء الزبالات النجسة والطاهرة، فخلوُّه بعضَ الأوقات عن النجاسة لا يمنعه أن يكون معدًّا لها، كالحمَّام الذي غُسِلت أرضه. وإذا كان معدًّا لها تناوله النهيُ لفظًا ومعنًى. ومن علَّل بوجود النجاسة فإنه يجوِّزه إذا تُيقِّنت طهارة المزبلة.

(1)

في المطبوع: «السوابين» . وفي الأصل بإهمال السين ونقط الياء. ولعل الصواب ما أثبت.

ص: 479

فصل

وأما قارعة الطريق، فقال أصحابنا: هي الجادَّة التي قد صارت محَجَّةً، وسواءٌ في ذلك طريق الحاضر والمسافر. فطريقُ الحاضر مثل الشوارع المستطرَقة بين الدُّروب والأسواق، وطريقُ المسافر هي الجادَّة التي قد صارت محجَّةً. سمِّيت جادَّةً من قولهم: أرض جَدَد، وهي الصلبة. وفي المثل: مَن سلَك الجدَدَ أمِنَ العِثارَ. وأجَدَّ الطريقُ صار جَدَدًا

(1)

. فالجادَّة هي الطريق التي اشتدَّت وصَلُبت بوطء الناس والدوابِّ. وتسمَّى «قارعة» لكثرة قرع الأرجل لها. فإما أن تكون سمِّيت بذلك لأنها تقرَع الأرجلَ إذا قرعتها الأرجلُ، أو يكون المعنى ذات قرع، أو فاعلة بمعنى مفعولة.

والمحجَّة: هي الجادَّة، سُميَّت بذلك لأنَّ الحجَّ هو القصد، والطريق هي موضع قصد الناس إلى حوائجهم.

قال أصحابنا

(2)

: وقارعة الطريق هي التي تسلكها السابلة والمارَّة. وليس المراد بذلك كلَّ ما سُلِك؛ لأنَّ المواضع لا تخلو من المشي عليها في الجملة. قالوا: ولا بأس بالصلاة فيما خرج عن قارعة الطريق يَمْنةً ويَسْرةً، لأن النهي إنما ورد عن الصلاة في محجَّة الطريق وفي جوادِّ الطريق. والمحجَّة: الوسط. والجوادُّ: ما صلُب بالمشي.

ومنهم من رخَّص الرخصة بجوانب طرقات المسافرين، لأنَّ أحمد إنما نصَّ على ذلك. قال بعضهم: ولا بأس بالصلاة في الطرقات التي يقِلُّ

(1)

«الصحاح» (جدد).

(2)

انظر: «المستوعب» (1/ 160).

ص: 480