المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السنة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الصلاة في أصل اللغة:

- ‌مسألة(2): (فمَن جحَد وجوبَها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحَدها عنادًا كفَر)

- ‌ مسألة(5): (فإنْ ترَكها تهاونًا استُتيب ثلاثًا. فإن تاب وإلّا قُتِل)

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌مسألة(1): (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها، للرجال دون النساء)

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يُشرَع الأذان والإقامة إلا للصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث: أنَّ النساء لا يُشرَع لهن أذان ولا إقامة

- ‌مسألة(2): (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)

- ‌مسألة(2): (ولا يؤذن قبل الوقت إلا لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم»)

- ‌مسألة(3): (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»)

- ‌يستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية

- ‌يُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن

- ‌فصلالسنَّة أن يقيم من أذَّن

- ‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

- ‌فصليستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين

- ‌باب شرائط(1)الصلاة

- ‌مسألة(2): (وهي ستة

- ‌ مسألة: (أحدها: الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدَث حتَّى يتوضَّأ»(1). وقد مضى ذكرها

- ‌مسألة(3): (الثاني: الوقت)

- ‌مسألة(3): (ووقت الظهر(4): من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كلِّ شيء مثلَه)

- ‌مسألة(3): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس)

- ‌الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس

- ‌مسألة(4): (ووقت المغرب: من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر)

- ‌مسألة(2): (ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل. ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني)

- ‌مسألة(1): (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)

- ‌مسألة(1): (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)

- ‌مسألة(1): (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلَّا عشاءَ الآخرة، وفي شدة الحرِّ الظهر)

- ‌الفصل الثاني في(2)تفصيل الصلوات

- ‌أمَّا الجمعة، فالسنَّة أن تصلَّى في أول وقتها في جميع الأزمنة

- ‌فصليجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة)

- ‌مسألة(2): (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)

- ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

- ‌مسألة(1): (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

- ‌مسألة(2): (ولبسُ الحرير والذهب مباحٌ للنساء، دون الرجال إلا عند الحاجة

- ‌من حَرُم عليه لبسه حَرُم عليه سائر وجوه الاستمتاع به

- ‌الفصل الثاني في الذهب

- ‌القسم الثاني: التحلِّي به

- ‌مسألة(2): (ومن صلَّى من الرجال في ثوب واحد، بعضُه على عاتقه، أجزأه ذلك)

- ‌مسألة(4): (فإن لم يجد إلا ما يسترُ عورته ستَرها)

- ‌الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته

- ‌مسألة(1): (فإن لم يكفِ جميعَها ستَر الفرجَين. فإن لم يكفهما ستَر أحدهما)

- ‌مسألة(1): (فإن عَدِم بكلِّ حال صلَّى جالسًا يومئ بالركوع والسجود. وإن صلَّى قائمًا جاز)

- ‌مسألة(3): (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلَّى فيهما، ولا إعادة عليه)

- ‌فصلإذا وجد السترة في أثناء الصلاة قريبةً منه استتر وبنى

- ‌متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط

- ‌فصليُكرَه السَّدْلُ في الصلاة

- ‌فصليُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً

- ‌فصلفأمَّا الأصفر، فلا يُكرَه، سواء صُبغ بزعفران أو غيره

- ‌مسألة(1): (الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته، إلا النجاسةَ المعفوَّ عنها كيسير الدم ونحوه)

- ‌مسألة(2): (فإن صلَّى وعليه نجاسة لم يكن علِمَ بها، أو علِمَها ثم نسيها، فصلاته صحيحة. وإن علِمها في الصلاة أزالها وبنَى على صلاته)

- ‌مسألة(1): (والأرضُ كلُّها مسجدٌ تصح الصلاة فيها إلا المقبرةَ والحُشَّ والحمَّامَ وأعطانَ الإبل)

- ‌الفصل الثانيفي المواضع المستثناة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها

- ‌ المقبرة والحمَّام

- ‌ أعطان الإبل

- ‌ قارعة الطريق

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها

- ‌الفصل الرابعأنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

- ‌الفصل الخامسفي تحديد هذه الأماكن

- ‌ المقبرة

- ‌ الحُشُّ

- ‌الفصل السادسفي عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

- ‌فصلقال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى

- ‌فصلالسنَّة أن يكون موضع الصلاة مستقرًّا مع القدرة

- ‌السبب الثاني: الوحل

- ‌السبب الثالث: المرض

- ‌مسألة(1): (الشرط الخامس: استقبال القبلة، إلَّا في النافلة على الراحلة للمسافر، فإنه يصلِّي حيث كان وجهُه

- ‌الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين:

- ‌أحدهما: إذا عجز عن استقبالها

- ‌الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر

- ‌مسألة(4): (فإن كان قريبًا منها لزمته الصلاة إلى عينها. وإن كان بعيدًا فإلى جهتها)

- ‌مسألة(3): (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدلَّ بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة. وإن خفيت في السفر اجتهد وصلَّى، ولا إعادة عليه وإن أخطأ)

- ‌ دلائل السماء

- ‌فصلومنها: النجوم

- ‌مسألة(3): (وإن اختلف مجتهدان لم يتبَع أحدُهما صاحبَه. ويتبع(4)الأعمى والعامِّيُّ أوثقهَما في نفسه)

- ‌مسألة(1): (الشرط السادس: النية للصلاة بعينها)

- ‌مسألة(1): (ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها)

- ‌فصلإذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت

- ‌باب أدب المشي إلى الصلاة

- ‌مسألة(1): (يستحبُّ المشيُ إلى الصلاة بسكينة ووقار، ويقارب بين خُطاه، ولا يشبِّك أصابعه)

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: بسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78 - 89]. ويقول(2): اللهم إني أسألك بحقِّ السائلين عليك، إلى آخره)

- ‌مسألة: (فإن سمع الإقامةَ لم يَسْعَ إليها)

- ‌مسألة(1): (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

- ‌مسألة(5): (ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

- ‌مسألة(6): (ويجعلهما تحت سُرَّته)

- ‌مسألة(5): (ويجعل نظره إلى موضع سجوده)

- ‌وخشوع البصر: ذُلُّه واختفاضه

- ‌يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)

- ‌فصلإذا نسي الاستفتاح في موضعه لم يأت به في الركعة الثانية

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

- ‌أحدها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

- ‌ثانيها: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك

- ‌السنَّة: الإسرار بها

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإنَّ قراءة الإمام له قراءة

- ‌الفصل الثانيأن المأموم لا تجب عليه القراءة

- ‌فيه لغتان: «أمين» على وزن فعيل، و «آمين» على وزن فاعيل

- ‌مسألة(4): (ثم يقرأ سورةً تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوساطه)

- ‌ينبغي أن يطيل الركعة الأولى على الثانية من جميع الصلوات

- ‌لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة

- ‌[باب صلاة الخوف]

- ‌[مسألة(1): (وتجوز صلاة الخوف على كلِّ صفة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمختار منها: أن يجعلهم الإمام طائفتين: طائفة تحرُس، والأخرى تصلِّي معه ركعةً

- ‌الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة

- ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

- ‌متى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مسألة: (كلُّ من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة، والعبد، والمسافر، والمعذور

الفصل: ‌السنة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

باختلاف الأصوات، بخلاف الخطبة.

ولا يقيم إلا بإذن الإمام، فإنَّ أمرَ الصلاة إليه. قال علي رضي الله عنه: المؤذِّن أملَكُ بالأذان، والإمام أملَكُ بالإقامة. رواه سعيد وأبو حفص

(1)

.

و‌

‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

. فإذا أذَّن في مكان استُحِبَّ أن يقيم فيه، لا في الموضع الذي يصلِّي فيه، لما احتجَّ به الإمام أحمد رحمه الله عن بلال رضي الله عنه أنه قال: يا رسولَ الله، لا تَسْبِقْني بآمين. رواه أحمد وأبو داود

(2)

. وقال إسحاق بن راهويه: وكذلك أبو هريرة وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا لأئمتهم. ولو كانت الإقامة موضعَ الصلاة لم يخشوا أن يُسْبَقوا بآمين. فعُلِمَ أنَّ الإقامة كانت حيث يسمعها الغائبون عن المسجد: إمَّا موضعَ الأذان أو قريبًا منه.

وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشُوا إلى الصلاة. وعليكم بالسكينة» متفق عليه

(3)

. وقد تقدَّم

(4)

قولُ ابن عمر رضي الله عنه: كنَّا إذا سمعنا

(1)

وأخرجه عبد الرزاق (1836)، وابن أبي شيبة (4194)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5/ 441).

(2)

أحمد (23883)، وأبو داود (937)، من طرق عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال بلال به.

في إسناده ضعف، اختلف فيه على أبي عثمان وصلًا وإرسالًا، ورجح الحفاظ إرساله، قال أبو حاتم:«هذا خطأ، رواه الثقات عن عاصم، عن أبي عثمان، أن بلالًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم، مرسل» ، «العلل» (2/ 206 - 207)، ووافقه البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 23)، وابن رجب في «فتح الباري» (4/ 489 - 490).

(3)

من حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري (636) ومسلم (602).

(4)

فيما سقط من أول النسخة.

ص: 129

الإقامة توضَّأنا، ثم خرجنا إلى الصلاة

(1)

. ولأنَّ الإقامة أحد الندائين، فاستُحِبَّ إسماعُها للغائبين كالأذان؛ ولأنَّ المقصود بها الإعلامُ بفعل الصلاة لمنتظِرها في المسجد وغيره.

[ص 11] فإن شقَّت الإقامة قريبًا من موضع الأذان بأن يكون الأذان في المنارة أو في موضع بعيد من المسجد، فإنه يقيم في غيره بحيث يُعلِم الغائبين أيضًا؛ لما روى عبد الله بن شقيق قال: الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد. وقال: هي السنَّة. رواه سعيد

(2)

.

فصل

وإذا أذَّن قريبًا من المسجد جاز، وإن كان بينهما طريق، كما يجوز الأذان في منارة المسجد، لما تقدَّم

(3)

من حديث بلال أنه كان يؤذِّن على سطح امرأة من الأنصار

(4)

.

وإن أذَّن في مكان بعيد من المسجد، فقال أحمد

(5)

: معاذ الله، ما سمعنا

(1)

أخرجه أحمد (5569)، وأبو داود (510)، والنسائي (668).

وصححه ابن خزيمة (374)، وابن حبان (1674).

(2)

وأخرجه ابن أبي شيبة (2345).

(3)

فيما سقط من أول النسخة.

(4)

أخرجه أبو داود (519)، ومن طريقه البيهقي (1/ 425)، من حديث عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار به.

وحسنه ابن القطان في «بيان الوهم» (5/ 337)، وابن حجر في «الدراية» (1/ 120)، وانظر:«صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (532).

(5)

في رواية إبراهيم الحربي، فيمن يؤذِّن في بيته على سطح. انظر:«المغني» (2/ 91).

ص: 130

أنَّ أحدًا يفعل هذا، لأنَّ المؤذن يدعو الناس إلى الصلاة، فلا بدَّ أن يكون نداؤه قريبًا من موضع الصلاة، ليقصده الناس.

فأمَّا إن أذَّن لغير المسجد، بل للإعلام بالوقت، فلا بأس بذلك بكلِّ موضع.

فصل

ولا يصح الأذان إلا مرتَّبًا متواليًا على ما جاءت به السنَّة، لأنه ذكر مجموع، فوجب أن يؤتى به على وجهه كقراءة الفاتحة؛ ولأنه بدون ذلك يختلُّ المقصود به من الإعلام والدعاء. فإن نكَسه لم يصحَّ بحال.

وإن فرَّق بين كلماته بسكوت يسير، أو كلام يسير مباح، لم يقطعه؛ لكنه إن كان لغير حاجة كُرِه. وهو في الإقامة أشدُّ كراهة من الأذان.

وإن كان لحاجةٍ مثل أن يردَّ على من سلَّم عليه، أو يأمرَ بعض أهله بحاجة، أو يأمرَ بمعروف أو ينهى عن منكر بكلام قليل= لم يُكرَه، لما ذكره الإمام أحمد عن سليمان بن صُرَد ــ وكانت له صحبة ــ أنه كان يأمر غلامه بالحاجة، وهو يؤذِّن

(1)

. وأمر ابنُ عباس مؤذِّنَه أن يقول في يوم مَطِير بعد قوله: «حيَّ على الفلاح»

(2)

: ألا، صَلُّوا في الرحال. متفق عليه. ولأنَّ ذلك

(1)

أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في «الصلاة» (167 - 168)، وابن أبي شيبة (2211)، وعلقه البخاري مجزومًا به في كتاب الأذان، باب الكلام في الأذان.

(2)

كذا في الأصل: «بعد قوله: حيَّ على الفلاح» . وفي «صحيح البخاري» (616): «فلما بلغ المؤذِّن حيَّ على الصلاة، فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال» . وفيه (901): «فلا تقل حيَّ على الصلاة. قُل: صلُّوا في بيوتكم» . ومثله في «صحيح مسلم» (699).

ص: 131

لا يُخِلُّ بمقصود الأذان، وبه إليه حاجة، فأشبه العملَ اليسيرَ في الصلاة.

وعنه: أنَّ ذلك يكره مطلقًا.

وعلى الروايتين، فالأفضل أن لا يتكلَّم بردِّ سلام في الأذان ولا غيره. فأمَّا الإقامة فلا يتكلَّم فيها، لأنَّ السنَّة حدرُها، والكلام يقطع ذلك.

فأما إن طال الكلام أو السكوت استأنَفَ، لأنَّ ذلك يُخِلُّ بمقصود الإعلام، فأشبه التنكيسَ.

وإن فصَل بينه بكلام يسير محرَّم كالسَّبِّ والقذف، فهل يبطل؟ على وجهين. ومن أصحابنا من يحكيها على روايتين:

إحداهما: يبطل. قال الآمدي: وهو الصحيح، لأنه ذكر محض مجموع، والكلامُ المحرَّمُ منافٍ له. وربما ظُنَّ متلاعبًا لا مؤذِّنًا، إذا خلط الحق بالباطل.

وفي الأخرى: لا يبطل، لأنها عبادة لا تبطل بالكلام المباح، فكذلك بالمحرَّم كالصوم والحج.

فأمَّا الكلام بين الأذانين، فلا يُكرَه لأن الفصل [ص 12] بينهما مشروع بعمل أو جلوس، والكلام من جملة الفواصل.

ولو ارتدَّ في أثناء الأذان بطَل، لأنها عبادة واحدة، فبطلت بالردة في أثنائها كسائر العبادات. فلو عاد إلى الإسلام في الحال استأنفَ.

ولو جُنَّ أو نام أو أغمي عليه ثم أفاق في الحال بنَى، لأنه لم يخرج عن كونه من أهل العبادة. وقال الآمدي: إذا أغمي عليه بطل الأذان، كما يبطل بالكلام الكثير.

ص: 132