الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحريم خاتم الذهب ونحوه.
وعن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «من تحلَّى أو حَلَّى بخَرْبَصِيصةٍ
(1)
من ذهبٍ كُوِيَ يوم القيامة» رواه أحمد
(2)
. وهذا نهي عن التحلِّي بقليل الذهب مطلقًا، ومفهومه يدل على أنه لا يحرُم منه ما ليس بتَحَلٍّ.
القسم الثاني: التحلِّي به
. فيحرُم على الرجل أن يتحلَّى بالذهب المفرد كالخاتَم والسِّوار ونحو ذلك، لما تقدَّم من قوله عليه السلام:«هذان حرام على ذكور أمتي»
(3)
، ولما روى البراء بن عازب وأبو هريرة رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن خاتم الذهب
(4)
. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من ذهب، فجعله في يمينه، وجعل فصَّه مما يلي باطن كفِّه، فاتخذ الناس خواتيم الذهب. قال: فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فألقاه، ونهى عن التختُّم بالذهب
(5)
. متفق عليهن.
وجاء ذلك من عدَّة وجوه.
وقد تقدَّم قوله صلى الله عليه وسلم: «من تحلَّى أو حلَّى بخَربَصِيصة من ذهب كُوِي
(1)
سيأتي تفسيرها عن أبي زيد.
(2)
تقدم تخريجه في كتاب الطهارة.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدَّم حديث البراء. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري (5864) ومسلم (2089).
(5)
أخرجه البخاري (5876) ومسلم (2091).
[ص 93] يوم القيامة».
قال أبو زيد الأنصاري: يقال: ما عليها خَرْبَصيصة، أي شيءٌ من الحُلِيِّ
(1)
.
فأما التابع من الذهب، فيباح من حِلية السيف مثلُ القَبيعة
(2)
، نصَّ عليه. وعنه: ما يدل على المنع، لما تقدَّم.
والأول أصحُّ، لما روى مَزِيدة العَصَري قال: دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وعلى سيفه ذهب وفضَّة. قال الراوي: كانت قَبيعةُ السيف فضَّة. رواه الترمذي
(3)
.
وذكر أحمد
(4)
أنه كان لعمر بن الخطاب سيف، فيه سبائك من ذهب.
وكان في سيف عثمان بن حُنَيف مسمار ذهب
(5)
.
ثم من أصحابنا من لا يبيح إلا القبيعة. قال ابن عقيل: قال أصحابنا: هذا
(1)
«الصحاح» (خربص).
(2)
هي ما على طرف مقبضه. «شرح الزركشي» (2/ 503).
(3)
برقم (1690)، من طريق طالب بن حجير، عن هود بن عبد الله بن سعد، عن جده مزيدة به.
إسناده ضعيف، قال الترمذي:«حديث غريب» ، وعلته جهالة هود، فهو لا يعرف كما قال الذهبي في «الميزان» (4/ 310)، ثم حكم على الحديث بالنكارة في موضع آخر (2/ 333).
(4)
«فضائل الصحابة» (1/ 256)، وأخرجه ابن أبي شيبة (25688).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (25691).
في القبيعة. فأمَّا تحلية جوانبه وحمائله ومنطقته بالذهب فلا يباح؛ لأنَّ القياس المنعُ مطلقًا. والمنصوص عن أحمد: الإباحة في القبيعة وغيرها من حلية السيف مثل المسمار فيه والسبائك، للأثر في ذلك، ولعدم الفرق.
وأمَّا تحليةُ غير السيف، ففيه ثلاثة أوجه مُومَأ
(1)
إليها في كلامه:
أحدها ــ وهو قول القاضي وأكثر أصحابه مثل ابن عقيل وأبي الخطاب ــ: لا يباح
(2)
، لأنَّ العموم والقياس يقتضي التحريم مطلقًا، وإنما خُصَّ من ذلك السيف للأثر، فيبقى الباقي على الأصل.
والثاني ــ وهو قول أبي بكر
(3)
وغيره ــ: أنه يباح التحلِّي باليسير منه مطلقًا إذا كان على وجه التبع، كما تقدَّم في اللباس، وأولى.
والثالث: أنه يباح في السلاح دون غيره
(4)
. قال الآمدي: فأمَّا استعمال الذهب في سلاحه كالمسمار في السيف، والسبائك فيه، وقبيعة السيف، ونعله= فيجوز.
وهذا أبين في كلام أحمد، قال في رواية الأثرم
(5)
وإبراهيم بن الحارث في الفَصِّ يُخاف أن يسقُط، يُجعَل فيه مسمارٌ من ذهب؟ قال: إنما رُخِّص في الأسنان. يعني: وما كان لضرورة. قيل له: قد كان في سيف عثمان بن
(1)
رسمها في الأصل: «موميا» ، وكذا في المطبوع.
(2)
انظر: «الهداية» (ص 48).
(3)
في «التنبيه» كما في «الهداية (ص 49).
(4)
في «الإنصاف» (7/ 47): «واختاره الآمدي والشيخ تقي الدين» .
(5)
«المغني» (4/ 227).