المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرة البالغة - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الصلاة في أصل اللغة:

- ‌مسألة(2): (فمَن جحَد وجوبَها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحَدها عنادًا كفَر)

- ‌ مسألة(5): (فإنْ ترَكها تهاونًا استُتيب ثلاثًا. فإن تاب وإلّا قُتِل)

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌مسألة(1): (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها، للرجال دون النساء)

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يُشرَع الأذان والإقامة إلا للصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث: أنَّ النساء لا يُشرَع لهن أذان ولا إقامة

- ‌مسألة(2): (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)

- ‌مسألة(2): (ولا يؤذن قبل الوقت إلا لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم»)

- ‌مسألة(3): (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»)

- ‌يستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية

- ‌يُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن

- ‌فصلالسنَّة أن يقيم من أذَّن

- ‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

- ‌فصليستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين

- ‌باب شرائط(1)الصلاة

- ‌مسألة(2): (وهي ستة

- ‌ مسألة: (أحدها: الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدَث حتَّى يتوضَّأ»(1). وقد مضى ذكرها

- ‌مسألة(3): (الثاني: الوقت)

- ‌مسألة(3): (ووقت الظهر(4): من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كلِّ شيء مثلَه)

- ‌مسألة(3): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس)

- ‌الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس

- ‌مسألة(4): (ووقت المغرب: من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر)

- ‌مسألة(2): (ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل. ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني)

- ‌مسألة(1): (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)

- ‌مسألة(1): (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)

- ‌مسألة(1): (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلَّا عشاءَ الآخرة، وفي شدة الحرِّ الظهر)

- ‌الفصل الثاني في(2)تفصيل الصلوات

- ‌أمَّا الجمعة، فالسنَّة أن تصلَّى في أول وقتها في جميع الأزمنة

- ‌فصليجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة)

- ‌مسألة(2): (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)

- ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

- ‌مسألة(1): (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

- ‌مسألة(2): (ولبسُ الحرير والذهب مباحٌ للنساء، دون الرجال إلا عند الحاجة

- ‌من حَرُم عليه لبسه حَرُم عليه سائر وجوه الاستمتاع به

- ‌الفصل الثاني في الذهب

- ‌القسم الثاني: التحلِّي به

- ‌مسألة(2): (ومن صلَّى من الرجال في ثوب واحد، بعضُه على عاتقه، أجزأه ذلك)

- ‌مسألة(4): (فإن لم يجد إلا ما يسترُ عورته ستَرها)

- ‌الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته

- ‌مسألة(1): (فإن لم يكفِ جميعَها ستَر الفرجَين. فإن لم يكفهما ستَر أحدهما)

- ‌مسألة(1): (فإن عَدِم بكلِّ حال صلَّى جالسًا يومئ بالركوع والسجود. وإن صلَّى قائمًا جاز)

- ‌مسألة(3): (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلَّى فيهما، ولا إعادة عليه)

- ‌فصلإذا وجد السترة في أثناء الصلاة قريبةً منه استتر وبنى

- ‌متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط

- ‌فصليُكرَه السَّدْلُ في الصلاة

- ‌فصليُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً

- ‌فصلفأمَّا الأصفر، فلا يُكرَه، سواء صُبغ بزعفران أو غيره

- ‌مسألة(1): (الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته، إلا النجاسةَ المعفوَّ عنها كيسير الدم ونحوه)

- ‌مسألة(2): (فإن صلَّى وعليه نجاسة لم يكن علِمَ بها، أو علِمَها ثم نسيها، فصلاته صحيحة. وإن علِمها في الصلاة أزالها وبنَى على صلاته)

- ‌مسألة(1): (والأرضُ كلُّها مسجدٌ تصح الصلاة فيها إلا المقبرةَ والحُشَّ والحمَّامَ وأعطانَ الإبل)

- ‌الفصل الثانيفي المواضع المستثناة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها

- ‌ المقبرة والحمَّام

- ‌ أعطان الإبل

- ‌ قارعة الطريق

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها

- ‌الفصل الرابعأنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

- ‌الفصل الخامسفي تحديد هذه الأماكن

- ‌ المقبرة

- ‌ الحُشُّ

- ‌الفصل السادسفي عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

- ‌فصلقال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى

- ‌فصلالسنَّة أن يكون موضع الصلاة مستقرًّا مع القدرة

- ‌السبب الثاني: الوحل

- ‌السبب الثالث: المرض

- ‌مسألة(1): (الشرط الخامس: استقبال القبلة، إلَّا في النافلة على الراحلة للمسافر، فإنه يصلِّي حيث كان وجهُه

- ‌الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين:

- ‌أحدهما: إذا عجز عن استقبالها

- ‌الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر

- ‌مسألة(4): (فإن كان قريبًا منها لزمته الصلاة إلى عينها. وإن كان بعيدًا فإلى جهتها)

- ‌مسألة(3): (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدلَّ بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة. وإن خفيت في السفر اجتهد وصلَّى، ولا إعادة عليه وإن أخطأ)

- ‌ دلائل السماء

- ‌فصلومنها: النجوم

- ‌مسألة(3): (وإن اختلف مجتهدان لم يتبَع أحدُهما صاحبَه. ويتبع(4)الأعمى والعامِّيُّ أوثقهَما في نفسه)

- ‌مسألة(1): (الشرط السادس: النية للصلاة بعينها)

- ‌مسألة(1): (ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها)

- ‌فصلإذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت

- ‌باب أدب المشي إلى الصلاة

- ‌مسألة(1): (يستحبُّ المشيُ إلى الصلاة بسكينة ووقار، ويقارب بين خُطاه، ولا يشبِّك أصابعه)

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: بسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78 - 89]. ويقول(2): اللهم إني أسألك بحقِّ السائلين عليك، إلى آخره)

- ‌مسألة: (فإن سمع الإقامةَ لم يَسْعَ إليها)

- ‌مسألة(1): (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

- ‌مسألة(5): (ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

- ‌مسألة(6): (ويجعلهما تحت سُرَّته)

- ‌مسألة(5): (ويجعل نظره إلى موضع سجوده)

- ‌وخشوع البصر: ذُلُّه واختفاضه

- ‌يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)

- ‌فصلإذا نسي الاستفتاح في موضعه لم يأت به في الركعة الثانية

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

- ‌أحدها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

- ‌ثانيها: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك

- ‌السنَّة: الإسرار بها

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإنَّ قراءة الإمام له قراءة

- ‌الفصل الثانيأن المأموم لا تجب عليه القراءة

- ‌فيه لغتان: «أمين» على وزن فعيل، و «آمين» على وزن فاعيل

- ‌مسألة(4): (ثم يقرأ سورةً تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوساطه)

- ‌ينبغي أن يطيل الركعة الأولى على الثانية من جميع الصلوات

- ‌لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة

- ‌[باب صلاة الخوف]

- ‌[مسألة(1): (وتجوز صلاة الخوف على كلِّ صفة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمختار منها: أن يجعلهم الإمام طائفتين: طائفة تحرُس، والأخرى تصلِّي معه ركعةً

- ‌الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة

- ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

- ‌متى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مسألة: (كلُّ من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة، والعبد، والمسافر، والمعذور

الفصل: ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرة البالغة

أحمد عن ابن عمر أنه: كان يشدُّ إزاره تحتَ السرَّة

(1)

. وسواء في ذلك الحرُّ والعبد، لعموم الأدلة.

‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

وجميعها عورة، يجب عليها سترُ بدنها في الصلاة إلا الوجه. وفي الكفَّين روايتان، وذلك لما روت عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يقبل الله صلاةَ حائض إلا بخمار» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي

(2)

وقال: حديث حسن.

وعن أمِّ سلمة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال:«يرخين شبرًا» . قالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: «فيُرخِينه ذراعًا، لا يزدن عليه» رواه أحمد والنسائي والترمذي

(3)

وقال: حديث حسن صحيح.

وعن ابن عمر أنَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم سألنه عن الذيل فقال: «اجعلنَه شبرًا» . فقلن: إن شبرًا لا يستر من عورة. فقال: «اجعَلْنَه ذراعًا» . فكانت إحداهن إذا أرادت أن تتخذ درعًا

(4)

أرخَتْ ذراعًا، فجعلته ذيلًا. رواه أحمد

(5)

.

(1)

لم أقف عليه.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

أحمد (26532)، والنسائي (5338)، من طريق نافع، عن صفية، عن أم سلمة به.

وأخرجه أحمد (4489)، والترمذي (1731)، من طريق نافع، عن ابن عمر به.

قال الترمذي: «حسن صحيح» .

(4)

في الأصل والمطبوع: «ذراعًا» ، تحريف.

(5)

برقم (4683، 5637)، وأبو داود (4119)، من طريق زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر به.

إسناده ضعيف، من أجل حال زيد، وانظر:«الميزان» (2/ 102)، «ذخيرة الحفاظ» (3/ 1303).

ص: 264

وعن أم سلمة أنها سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أتصلِّي المرأة في درع وخمار، وليس عليها إزار؟ قال:«إذا كان الدرع سابغًا يغطِّي ظهورَ قدميها» رواه أبو داود والدارقطني

(1)

. والمشهور أنه موقوف على أمِّ سلمة، إلَّا أنه في حكم المرفوع، لأنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يخفى عليها مثل هذا من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مبتلاة بهذا الأمر؛ ولا يجوز أن تفتي بخلاف ما تعلم منه صلى الله عليه وسلم.

فثبت

(2)

بهذه الأحاديث أنَّ قدميها ورأسها عورة، يجب سترها في الصلاة، فسائر بدنها أولى. وأمَّا الوجه، فلا تستره في الصلاة إجماعًا.

وأمَّا الكفَّان [ص 73] إلى الرُّصْغين

(3)

ففيهما روايتان:

إحداهما: أنهما ليستا من العورة التي يجب سترُها في الصلاة، كما

(1)

أبو داود (640)، والدارقطني (2/ 62)، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة به.

في إسناده مقال، عبد الرحمن لين وقد خالف العامة برفعه، قال أبو داود:«روى هذا الحديث مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم، قصروا به على أم سلمة» . وانظر: «العلل» للدارقطني (15/ 251)، «البدر المنير» (4/ 163)، «ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (1/ 222).

(2)

في المطبوع: «وثبت» ، والمثبت من الأصل.

(3)

الرُّصغ لغة في الرُّسغ. وفي المطبوع: «الرسغين» خلافًا لما في الأصل.

ص: 265

اختاره الشيخ رحمه الله وطائفة من أصحابنا

(1)

، لقوله سبحانه:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]. قال ابن عباس: هو الوجه والكفَّان

(2)

. وهو كما قال، لأنَّ الوجهَ والكفَّين يظهران منها في عموم الأحوال، ولا يمكنها سترُهما مع العمل المعتاد. ولأنه قال:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] فأمرهن بإرخاء الخمُر على الجيوب لستر أعناقهن وصدورهن، فلو كان سترُ الوجه واليدين واجبًا لأمرَ كما أمر بستر الأعناق.

وعن أسماء رضي الله تعالى عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا بلغت المرأة المحيضَ لم يصلح أن يُرىَ منها إلا هذا وهذا» وأشار إلى وجهه وكفيه. رواه أبو داود

(3)

، وذكره الإمام أحمد وقال:«فلا تكشف إلا وجهها ويدها» .

ولأنَّه أذِن للنساء في إطالة الذيول. وفي حديث أم سلمة: أنها تصلِّي في درع سابغ، ولم تذكر طول الكُمِّ بأمر ولا اشتراط، فدلَّ على أنه غير مشترَط، وأنَّ الصلاة تجوز معه، وإن لم يكن سابغًا.

(1)

وهو اختيار الشارح كما في «مجموع الفتاوى» (22/ 114) و «الفروع» (2/ 35).

(2)

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (17/ 259)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (8/ 2574).

(3)

برقم (4104)، من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن خالد بن دريك، عن عائشة به.

إسناده ضعيف، أعل بعدة علل، أعله طائفة بالإرسال: قال أبو داود: «هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة» ، وأعل كذلك بضعف سعيد، لا سيما فيما يرويه عن قتادة، وبأن اثنين من أوثق الرواة عن قتادة ـ الدستوائي ومعمر ـ روياه عنه مرسلًا. انظر:«العلل» لابن أبي حاتم، (4/ 335)، «البدر المنير» (6/ 675)، «إرواء الغليل» (6/ 203)، «النقد البناء لحديث أسماء» لطارق عوض الله.

ص: 266

ولأنَّ الكفَّ لا يجوز أن تغطِّيه في الإحرام بلباس مصنوع على قدره

(1)

، فلم يكن من العورة كالوجه، وعكسُه القدمان. ولأنها تحتاج إلى كشفه غالبًا، فأشبه الوجهَ. ولأنَّ مباشرة المصلِّي

(2)

باليدين مسنون كالوجه، لأنَّ اليدين يسجدان كما يسجد الوجه خفضًا ورفعًا، فإذا لم يكن سترُهما مكروهًا فلا أقلَّ من أن لا يكون واجبًا.

ومن نصر هذه الرواية، فله أن يبني ذلك على أنَّ الوجه والكفَّين ليس

(3)

بعورة مطلقًا، بل يجوز النظر إليه

(4)

لغير شهوة.

وله أن يقول: وإن كان عورةً في باب النظر، فلا يلزم أن يُستَر

(5)

في الصلاة، كالوجه وكالأمة الحسناء، ونحو ذلك مما يجب سترُه عن الأجانب، ولا يجب ستره في الصلاة.

والثانية: هما عورة. وهي اختيار الخِرَقي وكثير من أصحابنا

(6)

، لقوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قال عبد الله بن مسعود: الزينة الظاهرة: الثياب

(7)

. وذلك لأنَّ الزينة في الأصل اسم للباس

(1)

في المطبوع: «قدر» ، والصواب ما أثبت من الأصل.

(2)

يعني: الأرضَ.

(3)

كذا في الأصل وكأنه أعاد الضمير إلى الوجه أو المجموع. وفي المطبوع: «ليسا» من غير تنبيه.

(4)

غيَّره في المطبوع إلى «إليهما» .

(5)

كذا في الأصل: «كان عورة

يستر» يعني الكفَّ. وفي المطبوع: «كان

يسترا».

(6)

انظر: «مختصر الخرقي» (ص 22) و «الإنصاف» (3/ 208).

(7)

أخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (2/ 433) ، وابن جرير في «جامع البيان» (17/ 256).

ص: 267

والحلية، بدليل قوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف: 31] وقوله سبحانه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] وقوله تبارك وتعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31] وإنما يُعلم بضرب الرِّجل الخلخالُ ونحوهُ من الحلية واللباس. وقد نهاهن الله عن إبداء الزينة إلا ما ظهر منها، وأباح لهن [ص 74] إبداء الزينة الخفيَّة لذوي المحارم. ومعلوم أنَّ الزينة التي تظهر في عموم الأحوال بغير اختيار المرأة هي الثياب. فأمَّا البدن فيمكنها أن تُظهره، ويمكنها أن تَستره. ونسبة الظهور إلى الزينة دليلٌ على أنها تظهر بغير فعل المرأة. وهذا كلُّه دليل على أنَّ الذي ظهر من الزينة: الثياب.

قال أحمد: الزينة الظاهرة: الثياب

(1)

. وقال: كلُّ شيء من المرأة عورة حتى ظفرها

(2)

. وقد روي في حديث: «المرأة عورة»

(3)

،

وهذا يعُمُّ جميعَها. ولأنَّ الكفَّين لا يكره سترُهما في الصلاة فكانا من العورة كالقدمين.

ولقد كان القياس يقتضي أن يكون الوجه عورةً لولا أنَّ الحاجة داعية إلى كشفه في الصلاة بخلاف الكفَّين. ولذلك اختلفت عبارة أصحابنا: هل

(1)

«أحكام النساء» للخلَّال (ص 31).

(2)

«أحكام النساء» (ص 31، 32). وانظر: «مسائل أبي داود» (ص 60).

(3)

أخرجه الترمذي (1173)، من حديث عبد الله بن مسعود.

قال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب» ، وصححه ابن حبان (5598، 5599)، وقال ابن رجب في «فتح الباري» (8/ 52):«إسناده كلهم ثقات» . وقد اختلف فيه رفعًا ووقفًا، انظر:«العلل» للدارقطني (5/ 315).

ص: 268

يسمَّى عورةً أو لا؟ فقال بعضهم: ليس بعورة، وقال بعضهم: هو عورة، وإنما رُخِّص في كشفه في الصلاة للحاجة. والتحقيق: أنه ليس بعورة في الصلاة، وهو عورة في باب النظر إذ لم يجُز النظر إليه.

وقال الآمدي: من أصحابنا من قال: هو على الروايتين في اليدين. ومنهم من قال: ليس بعورة روايةً واحدةً، وهو الصحيح. وهذا الخلاف الذي حكاه هو عورة في الجملة، وأمَّا صحة الصلاة مع كشفه فلا خلاف بين المسلمين، بل يُكره للمرأة سترُه في الصلاة، كما يكره للرجل، حيث يمنع من إكمال السجود ومن تحقيق القراءة، على ما يأتي ــ إن شاء الله ــ ذكرُه، اللهم إلا أن تكون بين رجال أجانب. وربما يذكر هذا ــ إن شاء الله تعالى ــ في غير هذا الموضع.

فأمَّا المرأة المراهقة، فعورتها كعورة الأمة: ما لا يظهر غالبًا، لأن قوله عليه السلام:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»

(1)

يدل بتعليله ومفهومه على أنَّ غير الحائض بخلاف ذلك. وكذلك قوله في حديث أسماء: «إنَّ المرأة إذا بلغت المحيضَ لم يصلُح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا»

(2)

. دليل على انتفاء ذلك قبل بلوغ المحيض.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكانت في حجري جارية، فألقى عليَّ حِقْوَه، فقال:«شُقِّيه بين هذه وبين الفتاة التي في حجر أم سلمة، فإنِّي لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا»

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

ص: 269

رواه أحمد وأبو داود

(1)

.

والخنثى المشكل كالرجل في أشهر الوجهين، لأنَّ الأصل براءة ذمته مما زاد على ذلك.

وفي الآخر: هو كالمرأة، لأنه لا يتبيَّن براءة ذمته إلا بذلك. وبكلِّ حال فالمستحَبُّ له أن يستتر كالمرأة احتياطًا.

الفصل الثالث [ص 75] في عورة الأمة

ولا يختلف المذهب أنَّ رأسها مع العنق ويديها وقدميها ليست

(2)

بعورة في الصلاة، وقد نصَّ أحمد على ذلك

(3)

. والمراد بذلك يداها إلى المرفقين، وقدماها إلى الركبتين، في المشهور. وقال الآمدي: القدمان إلى أنصاف الساقين

(4)

. وتسمَّى هذه الأعضاء ضواحيها، لأنها تضحَى أي تبرز غالبًا. وهو معنى

(5)

قول الفقهاء: «ما يظهر غالبًا» .

وينبغي أن يكون المرفق والركبة مما لا يظهر غالبًا، لأنَّ الحدَّ الذي بين

(1)

أحمد (24646، 26016)، وأبو داود (642)، من طريق محمد بن سيرين، عن عائشة به.

إسناده ضعيف، ابن سيرين لم يسمع من عائشة، كما في «جامع التحصيل» (264)، وانظر:«ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (1/ 224).

(2)

في المطبوع: «ليس» . وما ورد في الأصل سائغ.

(3)

المنصوص في «مسائل عبد الله» (ص 62): كشف الرأس، وانظر:«المغني» (2/ 332).

(4)

«الإنصاف» (3/ 203).

(5)

في المطبوع: «بمعنى» ، والصواب ما أثبت من الأصل.

ص: 270

العورة وما ليس بعورة ملحَق بالعورة كالحدِّ الذي بين رأس الحرَّة ووجهها، فإنَّ عليها أن تستره، لأنَّ ستر الوجه لا يمكن إلا به. وقد مضت السنَّة بالفرق بين الحرة والأمة في باب العورة، ويُذكر ــ إن شاء الله ــ في موضعه ما يجب أن تستره إذا خيف الافتتانُ بها ونحو ذلك.

والأصل في ذلك أن الله سبحانه قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} الآية [الأحزاب: 59] والجلابيب هي الملاحف التي تعُمُّ الرأسَ والبدنَ، وتسمِّيها العامَّة «الأزر» وتسمِّي الجلباب «الملاءة». ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لِتُلْبِسْها أختُها من جِلبابها»

(1)

أي لِتُعِرْها

(2)

طرفَ الجلباب، تلتحف به، فتلتحف امرأتان بجلباب واحد. فاختصَّ الله سبحانه بالأمر بإدناء الجلابيب أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبناتِه ونساءَ المؤمنين، ولم يذكر إماءه ولا إماء المؤمنين. ولسن داخلات في نساء المؤمنين بدليل أنَّ قوله تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ} وقوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226]، وقوله:{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 2]، إنما عنى به الأزواج خاصَّةً. وإذا لم يكنَّ داخلات في الأمر بالالتحاف بقين على أصل الإباحة، لاسيما وتخصيص المذكورات بالحكم يدل على انتفائه فيما سواهن.

وكذلك قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية لم تدخل فيه الأمة، لأنه لم يستثن سيدها، ولأنه قد قال: {أَوْ مَا مَلَكَتْ

(1)

من حديث أم عطيَّة في البخاري (324) ومسلم (890).

(2)

في الأصل والمطبوع: «لتعيرها» .

ص: 271

أَيْمَانُهُنَّ}. وإنما يكون هذا للحرَّة، وهذه كانت سنّة المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع علمه بذلك.

فروى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: لمَّا أولم النبيُّ صلى الله عليه وسلم على صفية قال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطَّأَ لها خلفه، ومدَّ الحجاب. متفق عليه

(1)

. فعُلِمَ بهذا أنَّ ما ملكت أيمانهم لم يكونوا يحجبونهن كحجب الحرائر، وأنَّ آية [ص 76] الحجاب خاصّة بالحرائر دون الإماء.

وقد روى أبو حفص

(2)

بإسناده عن أنس بن مالك أنَّ عمر بن الخطاب رأى على أمةٍ قناعًا، فتناولها بدِرَّته، وقال: لا تشَبَّهِي

(3)

بالحرائر.

وعن أبي قِلابة أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان لا يدع أمةً تقنَّعُ في خلافته، وقال: إنما القناع للحرائر

(4)

.

وروى الأثرم

(5)

بإسناده عن علي رضي الله عنه قال: تصلِّي الأمة كما تخرج. وهو كما قال علي رضي الله عنه، فإنَّ مثل هذا لا يجوز أن يخفى عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

البخاري (4213) ومسلم (1365).

(2)

وأخرجه عبد الرزاق (5064)، وابن أبي شيبة (6295)، وابن المنذر في «الأوسط» (2414).

(3)

في المطبوع: «لا تتشبَّهي» ، والمثبت من الأصل.

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة (6297).

(5)

وأخرجه ابن أبي شيبة (6282).

ص: 272

وهو ظاهر، فإنَّ الأمة إذا كانت تخرج مكشوفَة الرأس، فأن

(1)

تصحَّ صلاتُها هكذا كان أولى وأحرى؛ فإنَّ ما تستره المرأة عن الناس أشدُّ مما تستره في الصلاة، ولأنه إذا لم يكن الاختمار واجبًا عليها ولا كانت عادة إمائهن ذلك، فمعلومٌ أنهم لم يكونوا وقت الصلاة يضعون لهن خمُرًا ولا يغيِّرون لهن هيئة. وهذا مما لا نعلم فيه خلافًا

(2)

.

إذا ثبت ذلك فلا يختلف المذهب أيضًا أنِّ ما بين السرَّة إلى الركبة منها عورة. وقد حكى جماعة من أصحابنا

(3)

روايةً أنَّ عورتها السوءتان فقط، كالرواية في عورة الرجل. وهو غلط قبيح فاحش على المذهب خصوصًا، وعلى الشريعة عمومًا؛ فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم. وكلام أحمد أبعد شيء عن هذا القول. وإنما كان يفعل مثلَ هذا أهلُ الجاهلية حين كانت المرأة الحرَّة والأمة تطوف بالبيت، وقد سترت قُبلها ودُبرها تقول:

اليوم يبدو بعضُه أو كلُّه

وما بدا منه فلا أُحِلُّه

(4)

حتى نهى الله تعالى عن ذلك، وأمر بأخذ الزينة عند المساجد، وسمَّى فعلهم فاحشة

(5)

.

(1)

في الأصل والمطبوع: «بأن» ، تصحيف.

(2)

في الأصل: «خلاف» . فإن صحَّ كان «نعلم» تصحيف «يُعلَم» .

(3)

في «الإنصاف» (3/ 204) أن جمهور الأصحاب ذكروها، ثم نقل كلام المصنف من هنا.

(4)

انظر أثر ابن عباس في «صحيح مسلم» (3028) ومجاهد في «تفسير الطبري (12/ 377 - شاكر).

(5)

في قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28].

ص: 273

وإنما وقع الوهم فيه من جهة أن بعض أصحابنا قال: عورة الأمة كعورة الرجل، بعد أن حكى في عورة الرجل الروايتين. وإنما قصد أنها مثله في المشهور في المذهب.

ثم اختلف أصحابنا فيما عدا ضواحيها وما بين السرة والركبة، وهو الظهر والصدر والمنكب ونحو ذلك، هل هو عورة في الصلاة؟ على وجهين. ومنهم من يحكيه على روايتين، لأنه قد أومأ إليهما. ومنهم من يقول: إن المنصوص عورة.

أحدهما: أنه ليس بعورة، كما ذكره الشيخ رحمه الله. وهو قول ابن حامد وأبي الخطاب وابن عقيل

(1)

، لما روى أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا زوَّج أحدُكم خادمَه أو عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرَّة وفوق الركبة»

(2)

والمراد بالخادم: الأمة. وإذا جاز للسيِّد النظر إلى ذلك مع أنها حرام عليه لم [ص 77] يكن عورة.

والثاني: هو عورة. قاله القاضي في «الجامع» وابنه أبو الحسين، وذكر أنه منصوص أحمد

(3)

. وهو اختيار أبي الحسن الآمدي

(4)

. وهو أشبه بكلام أحمد وأصحُّ؛ لأنَّ عليًّا رضي الله عنه قال: تصلِّي الأمة كما تخرُج

(5)

. ومعلوم

(1)

«شرح الزركشي» (1/ 622).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

انظر: «شرح الزركشي» (1/ 623) و «الإنصاف» (3/ 203).

(4)

«الإنصاف» (3/ 203).

(5)

تقدم تخريجه.

ص: 274

أنها لا تخرج عارية الصدر والظهر. ولأنَّ الفرق بين الحرَّة والأمة إنما هو في القناع ونحوه، كما دلَّت عليه الآثار.

ولأنهن كنَّ قبل أن ينزل الحجاب مستوياتٍ في ستر الأبدان، فلما أُمِر الحرائر بالاحتجاب والتجلبُب بقي الإماء على ما كنَّ عليه. فأما كشفُ ما سوى الضواحي، فلم يكن عادتهن، ولم يؤذن لهن في كشفه، فلا معنى لإخراجه من العورة.

ولأن الله تعالى أمر بأخذ الزينة عند كل مسجد، وقميصُ الأمة ورداؤها من زينتها بخلاف الخمار. ولأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى الرجل أن يصلِّي في الثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء

(1)

تكميلًا للتزيُّن بستر المنكب، فكيف يأذن للأمة أن تصلِّي وظهرها وصدرها مكشوف، مع العلم بأنَّ انكشاف ذلك منها أشدُّ قبحًا وتفاحشًا من انكشاف منكب الرجل. ولأنَّ الأصل أنَّ عورة الأمة كعورة الحرَّة، كما أنَّ عورة العبد كعورة الحر، لكن لما كانت مظنَّةَ المهنة والخدمة، وحرمتُها تنقص عن حرمة الحرة، رُخِّص لها في إبداء ما تحتاج إلى إبدائه، وقطعِ شبهها بالحرّة، وتمييزِ الحرَّة عليها. وذلك يحصل بكشف ضواحيها من رأسها وأطرافها الأربعة، فأما الظهر والصدر فباقٍ على الأصل.

والحديث المتقدِّم لا دليل فيه، لأنه لا يلزم من إباحة النظر إليها بالملك أن يكون المنظور ليس بعورة، فإنَّ النظر يباح من المالك والمملوك وذوي المحارم إلى أشياء يجب سترُها في الصلاة، لكن نظر الزوج والسيّد المباح

(1)

أخرجه البخاري (359)، ومسلم (516) بلفظ:«عاتقيه» . وأخرجه النسائي (769) بلفظ المصنف.

ص: 275

لهما الوطء أعمُّ من نظر غيرهما.

فصل

وسواء في ذلك الأمة المزوَّجة والمتسرَّاة غيرُ المستولدة والمدبَّرةُ والمكاتبة والمعلَّق عتقُها بصفة، لأنَّ رقَّهن باقٍ بحاله، وما انعقد لهن من أسباب الحرية ليس بلازم. وقد تقدَّم حديث أنس في صفية

(1)

بأنه دليل على أن السُّرِّيّة لم تكن تُحجَب حجبَ الزوجة.

هذا قول أكثر أصحابنا. وقال أبو علي بن البناء: حكمُ المكاتبة والمدبَّرة والمعلَّق عتقها بصفةٍ حكمُ أم الولد والمعتَق بعضُها

(2)

؛ لأنه قد انعقد لهن سبب الحرية، فخرجن عن محض العبودية، فرجعن إلى الأصل.

وأما أمُّ الولد، فقد نصَّ أحمد على أنها تصلِّي كما تصلي الحرَّة

(3)

، لأنه انعقد لها سبب الحرية لازمًا، [ص 78] وينجرُّ لها من أحكام الحرية أنها لا تباع، ولا توهب، ولا توقف، ولا ينقل الملك في رقبتها؛ فصار فيها شائبة الحرية، فغلب حكمها لوجهين:

أحدهما: أنه لا يمكن تمييزُ حقِّ الحرّيَّة عن حقِّ العبودية، والعملُ بمقتضى ما فيها من الحرية واجبٌ، وهو لا يمكن إلا بأن تكون كالحرَّة؛ وما لا يتم الواجب إلا به فواجب.

والثاني: أنَّ الأصل أنَّ السترة في الأمة والحرة سواء، وإنما تُرك ذلك

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

«الإنصاف» (3/ 212).

(3)

في «مسائل عبد الله» (ص 63) أنه قال: «تصلِّي بالخمار أعجب إليَّ» .

ص: 276

في الأَمة المحضة لما فيها من معنى الابتذال والامتهان، وهذا مفقود

(1)

في أمِّ الولد.

ثم اختلف أصحابنا، هل هذا على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ على وجهين. وذكر القاضي وأبو الخطاب وغيرهما في ذلك روايتين

(2)

:

إحداهما: أنه على سبيل الاستحباب، كما ذكره الشيخ رحمه الله. وهو اختيار الخرقي وغيره

(3)

، فيُكره لها كشفُ رأسها، لكن لا تبطل صلاتها إن صلَّت مكشوفة، لأنها أمة، فأشبهت المكاتبة. ولأنها مالٌ بدليل [تقويمها]

(4)

بالقيمة إذا قُتلت أو ماتت تحت اليد العادية، فتكون كسائر الإماء. وما فيها من منع التصرُّف في رقبتها لا يُخرِجها عن ذلك كالأمة الموقوفة. وما فيها من انعقاد سبب الحرية لا يُوجب أخذَ أحكام الحرية كالمدبَّرة، ولقد مُيِّزت على غيرها لما فيها من شوب الحرائر بكراهة كشف رأسها.

والثاني: على سبيل الوجوب، لما تقدَّم.

وأمَّا المعتَق بعضُها، فهي على هذا الخلاف المذكور، إلا أنَّ القول بالوجوب هنا هو القويُّ عند أصحابنا، لأن فيها جزءًا حُرًّا، فوجب أن يعطى حكم الحرَّة. وذلك لا يمكن إلا بستر جميعها، فيجب، لأنَّ ما لا يتمُّ الواجب إلا به فواجب. ولهذا قلنا فيما لا يمكن تقسيطه من الأحكام مثل

(1)

في الأصل: «مقصود» ، تصحيف. وأثبت في المطبوع:«غير مقصود» .

(2)

انظر: «شرح الزركشي» (1/ 624).

(3)

انظر: «مختصر الخرقي» (ص 22) والمصدر السابق.

(4)

وضعت علامة على «بدليل» ولكن لم يظهر شيء في هامش المصورة. وزاد بعده في المطبوع: «أنها تقوَّم» دون إشارة.

ص: 277