الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب الثاني: الوحل
. فإذا خاف التأذِّي في بدنه أو ثيابه بالوحل والمطر والثلج بأن لا يمكنه بسطُ شيء عليه إمَّا لكثرته وأذاه للبسط أو لعدم البسط، ولا يمكنه الوقوف عليه إلا بضرر؛ فإنه يصلِّي على الراحلة بأن يستقبل القبلة ويقف إن كان مسيره إلى غير القبلة. وإن كان جهة مسيره إلى القبلة، فقال أصحابنا: يصلِّي في حال سير الدابة، كما يصلِّي في السفينة. هذه إحدى الروايتين.
وعنه: يلزمه النزولُ إلى الأرض، والسجودُ على متن الطين. نقلها حنبل.
[ص 192] وكذلك الروايتان فيمن كان في ماء أو طين. فعلى الرواية الأولى يومئ إلى الحدِّ الذي لو زاد عليه تلوَّث، وهذه الرواية اختيار الخرقي وأكثر أصحابنا
(1)
. وعلى الرواية الأخرى، يسجد على متن الماء أو الطين. وهو اختيار أبي بكر.
وقال ابن أبي موسى
(2)
: «اختلف قوله في الغريق يُصلِّي في الماء والطين على روايتين، قال في إحداهما: يومئ بالركوع والسجود. وقال في الأخرى: يسجد على متن الماء. والقائمُ في الماء والطين، العاجزُ عن الخروج عنه يصلِّي ويومئ في الركوع والسجود إيماءً
(3)
قولًا واحدًا». وفرَّق بين الماء والطين، وهو فرق حسن. فإن قلنا: يجب النزول ويجب السجود على الطين، فلما روى أبو سعيد قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سجد
(4)
في
(1)
انظر: «مختصر الخرقي» (ص 22) و «شرح الزركشي» (1/ 618).
(2)
في «الإرشاد» (ص 81).
(3)
في الأصل والمطبوع: «في ماء» ، وتصحيحه من مصدر النقل.
(4)
«سجد» ساقط من المطبوع.
الماء والطين حتَّى رأيت أثر الطين في جبهته
(1)
.
وعن عطاء قال: سألتُ عائشة: هل رُخِّص للنساء أن يصلِّين على الدوابِّ؟ قالت: ما رُخِّص لهن في شدَّة ولا رخاء. رواه أبو داود
(2)
.
ووجه الأول: ما روى يعلى ابن أمية أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه، وهو على راحلته، والسَّماءُ من فوقهم، والبِلَّةُ من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذِّنَ فأذَّن وأقام، ثم تقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، فصلَّى بهم يُومئ إيماءً، يجعل السجود أخفض من الركوع. رواه أحمد والترمذي
(3)
. وعن أنس بن مالك: أنه صلَّى بهم المكتوبة على دابته، والأرض طين. ذكره أحمد وغيره
(4)
. وقد رواه الدارقطني مرفوعًا
(5)
إلا أنه
(1)
رواه البخاري (669) ومسلم (1167).
(2)
برقم (1228)، من طريق النعمان بن المنذر، عن عطاء، عن عائشة به.
رجاله ثقات، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (4/ 388)، وأورده الدارقطني من وجه آخر كما في «أطراف الغرائب» (5/ 444)، وقال:«تفرد به النعمان بن المنذر، عن سليمان بن موسى، عن عطاء» ، وسليمان فقيه صدوق له مناكير، كما في «الميزان» (2/ 225)، انظر:«تحفة الأشراف» (12/ 241).
(3)
أحمد (17573)، والترمذي (411)، من طريق عمر بن ميمون بن الرماح، عن أبي سهل البصري، عن عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده به.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، تفرد به عمر بن الرماح البلخي، لا يعرف إلا من حديثه» ، وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 7):«في إسناده ضعف، ولم يثبت من عدالة بعض رواته ما يوجب قبول خبره» ، وكأنه يشير إلى جهالة عمرو وأبيه، كما ذكر ذلك ابن القطان في «بيان الوهم» (4/ 179).
(4)
أخرجه عبد الرزاق (2/ 574)، والطبراني في «الكبير» (1/ 243).
(5)
«العلل» (12/ 5)، وانظر:«بيان الوهم» (2/ 505 - 506).