الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(1)
: (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)
.
أما إذا صلَّى ركعة بسجدتيها قبل خروج الوقت، فإنه يكون مدركًا للصلاة من غير خلاف في المذهب. وسواء في ذلك الفجر وغيرها، لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من أدرك ركعةً من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح. ومن أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر» رواه الجماعة إلا الترمذي
(2)
.
وإن صلَّى دون الركعة مثل أن يكبِّر ويركع، أو يركع ويسجد سجدةً، أو يكبِّر للإحرام فقط= فهل يكون مدركًا للصلاة؟ على روايتين:
إحداهما: يكون مدركًا، كما ذكره الشيخ. وهي اختيار أكثر أصحابنا، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك من العصر سجدةً قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدركها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه
(3)
.
وللبخاري
(4)
في حديث أبي هريرة: «إذا أدرك أحدُكم سجدةً من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس، فَلْيُتِمَّ صلاتَه. وإذا أدرك سجدةً من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس، فَلْيُتِمَّ صلاتَه» . وهذا المنطوق أولى من ذلك
(1)
«المستوعب» (1/ 146)، «المغني» (2/ 30)، «الشرح الكبير» (3/ 170 - 172)، «الفروع» (1/ 436 - 437).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أحمد (24489)، ومسلم (608)، والنسائي (551)، وابن ماجه (700).
(4)
برقم (556).
المفهوم. ولأنَّ بعض الصلاة قد وُجِد في الوقت حقيقةً، فلا يمكن أن نجعلها فائتة، كما لو صلَّى ركعةً.
والرواية الثانية: لا يكون مدركًا. هذا قول الخرقي وابن أبي موسى
(1)
، وهو أشبه بالحديث المفهوم حديث أبي هريرة
(2)
. وقولُه في الرواية الأخرى: «سجدة» المراد به: الركعة بكمالها. وهذا كثير في الحديث: تسمَّى السجدة الثانية «ركعة» تعبيرًا عنها بركنها. وذلك أنه لا يصح حتى يقع الركوع وسجدتان
(3)
، فإذا قيل: قد صلَّى ركعةً أو سجدةً عُلِم أنه قد كمَّل ركعةً بسجدتيها.
[ص 38] ومنه: قولُ زيد لمروان: ألم أرك قصرتَ سجدتي المغرب؟ يعني: ركعتَي الجهر. رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بالأعراف
(4)
.
وقولُ عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي بعد الوتر سجدتين
(5)
. تعني فيها: الركعتين اللتين كان يصلِّيهما وهو قاعد
(6)
. وقولُ علي: كان إذا قام من السجدتين رفَع يديه كذلك، وكبَّر
(7)
. وفي حديث أبي هريرة: إذا قام من
(1)
انظر: «مختصر الخرقي» (ص 17) و «الإرشاد» (ص 49).
(2)
كذا في الأصل والمطبوع.
(3)
في الأصل: «أو سجدتان» . وصوابه من حاشيته.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
أحال الشارح لهذا اللفظ في موضع آخر على كتاب «الوظائف» لأبي موسى المديني. انظر: «مجموع الفتاوى» (11/ 502 - 503). وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (2830).
(6)
وانظر: «مجموع الفتاوى» (23/ 93، 96، 257).
(7)
أخرجه أحمد (717)، وأبو داود (744)، والترمذي (3423)، وابن ماجه (864).
قال الترمذي: «حسن صحيح» ، وصححه ابن خزيمة (584).
الركعتين
(1)
.
وفي حديث أبي حميد: حتى إذا قام من السجدتين كبَّر، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبَيه، كما صنع حين افتتح الصلاة
(2)
. وهذا كما تسمَّى الصلاةُ «قيامًا» تعبيرًا عنها بركنها، وتسمَّى «قرآنًا» تعبيرًا عنها بركنها.
ولا يجوز حملُه على السجدة الأولى من الركعة، إذ ليس في تعليق الحكم بها فائدة أصلًا، حيث لا فرق بين إدراكها وإدراك الركوع وحده، أو الركوع والاعتدال. ولو أريدت السجدة بعينها لم يدلَّ على ثبوت الإدراك بما دونها. ولأنه إدراك للصلاة، فلم يتعلَّق بما دون الركعة كالجمعة.
ولمن نصر الأولى أن يقول: تقييدُ الحكم بالركعة لا يمنع ثبوته بما دونها، كما أنه لمَّا قيَّد بالفجر والعصر لم يمنع أن يثبت ذلك في المغرب
(3)
والعشاء. والله أعلم، إنما قيَّده بذلك لأنَّ آخرَ وقت الفجر والعصر محدود، ومرئيٌّ بالعين؛ والركعة جزءٌ من الصلاة معلومٌ، بخلاف ما دون ذلك فإنه لا ينضبط فعلُه قبل خروج الوقت، والمسألة محتملة.
(1)
أخرجه أبو داود (738).
وصححه ابن خزيمة (694)، وقال ابن دقيق العيد في «الإمام» ـ كما في «البدر المنير» (3/ 470) ـ:«رجاله رجال الصحيح» ، وقد وقع في إسناده ومتنه اختلاف كثير، انظر:«العلل» للدارقطني (9/ 257 - 262)، «فتح الباري» لابن رجب (4/ 320).
(2)
أخرجه أحمد (23599)، وأبو داود (730)، والترمذي (304)، والنسائي (1181)، وابن ماجه (862).
قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» ، وصححه ابن خزيمة (587).
(3)
في الأصل والمطبوع: «في ذلك المغرب» ، والصواب ما أثبت.