المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهر بها الإمام وسائر التكبير، ليسمع من خلفه، ويخفيه غيره) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الصلاة في أصل اللغة:

- ‌مسألة(2): (فمَن جحَد وجوبَها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحَدها عنادًا كفَر)

- ‌ مسألة(5): (فإنْ ترَكها تهاونًا استُتيب ثلاثًا. فإن تاب وإلّا قُتِل)

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌مسألة(1): (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها، للرجال دون النساء)

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يُشرَع الأذان والإقامة إلا للصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث: أنَّ النساء لا يُشرَع لهن أذان ولا إقامة

- ‌مسألة(2): (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)

- ‌مسألة(2): (ولا يؤذن قبل الوقت إلا لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم»)

- ‌مسألة(3): (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»)

- ‌يستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية

- ‌يُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن

- ‌فصلالسنَّة أن يقيم من أذَّن

- ‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

- ‌فصليستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين

- ‌باب شرائط(1)الصلاة

- ‌مسألة(2): (وهي ستة

- ‌ مسألة: (أحدها: الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدَث حتَّى يتوضَّأ»(1). وقد مضى ذكرها

- ‌مسألة(3): (الثاني: الوقت)

- ‌مسألة(3): (ووقت الظهر(4): من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كلِّ شيء مثلَه)

- ‌مسألة(3): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس)

- ‌الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس

- ‌مسألة(4): (ووقت المغرب: من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر)

- ‌مسألة(2): (ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل. ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني)

- ‌مسألة(1): (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)

- ‌مسألة(1): (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)

- ‌مسألة(1): (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلَّا عشاءَ الآخرة، وفي شدة الحرِّ الظهر)

- ‌الفصل الثاني في(2)تفصيل الصلوات

- ‌أمَّا الجمعة، فالسنَّة أن تصلَّى في أول وقتها في جميع الأزمنة

- ‌فصليجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة)

- ‌مسألة(2): (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)

- ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

- ‌مسألة(1): (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

- ‌مسألة(2): (ولبسُ الحرير والذهب مباحٌ للنساء، دون الرجال إلا عند الحاجة

- ‌من حَرُم عليه لبسه حَرُم عليه سائر وجوه الاستمتاع به

- ‌الفصل الثاني في الذهب

- ‌القسم الثاني: التحلِّي به

- ‌مسألة(2): (ومن صلَّى من الرجال في ثوب واحد، بعضُه على عاتقه، أجزأه ذلك)

- ‌مسألة(4): (فإن لم يجد إلا ما يسترُ عورته ستَرها)

- ‌الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته

- ‌مسألة(1): (فإن لم يكفِ جميعَها ستَر الفرجَين. فإن لم يكفهما ستَر أحدهما)

- ‌مسألة(1): (فإن عَدِم بكلِّ حال صلَّى جالسًا يومئ بالركوع والسجود. وإن صلَّى قائمًا جاز)

- ‌مسألة(3): (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلَّى فيهما، ولا إعادة عليه)

- ‌فصلإذا وجد السترة في أثناء الصلاة قريبةً منه استتر وبنى

- ‌متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط

- ‌فصليُكرَه السَّدْلُ في الصلاة

- ‌فصليُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً

- ‌فصلفأمَّا الأصفر، فلا يُكرَه، سواء صُبغ بزعفران أو غيره

- ‌مسألة(1): (الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته، إلا النجاسةَ المعفوَّ عنها كيسير الدم ونحوه)

- ‌مسألة(2): (فإن صلَّى وعليه نجاسة لم يكن علِمَ بها، أو علِمَها ثم نسيها، فصلاته صحيحة. وإن علِمها في الصلاة أزالها وبنَى على صلاته)

- ‌مسألة(1): (والأرضُ كلُّها مسجدٌ تصح الصلاة فيها إلا المقبرةَ والحُشَّ والحمَّامَ وأعطانَ الإبل)

- ‌الفصل الثانيفي المواضع المستثناة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها

- ‌ المقبرة والحمَّام

- ‌ أعطان الإبل

- ‌ قارعة الطريق

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها

- ‌الفصل الرابعأنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

- ‌الفصل الخامسفي تحديد هذه الأماكن

- ‌ المقبرة

- ‌ الحُشُّ

- ‌الفصل السادسفي عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

- ‌فصلقال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى

- ‌فصلالسنَّة أن يكون موضع الصلاة مستقرًّا مع القدرة

- ‌السبب الثاني: الوحل

- ‌السبب الثالث: المرض

- ‌مسألة(1): (الشرط الخامس: استقبال القبلة، إلَّا في النافلة على الراحلة للمسافر، فإنه يصلِّي حيث كان وجهُه

- ‌الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين:

- ‌أحدهما: إذا عجز عن استقبالها

- ‌الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر

- ‌مسألة(4): (فإن كان قريبًا منها لزمته الصلاة إلى عينها. وإن كان بعيدًا فإلى جهتها)

- ‌مسألة(3): (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدلَّ بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة. وإن خفيت في السفر اجتهد وصلَّى، ولا إعادة عليه وإن أخطأ)

- ‌ دلائل السماء

- ‌فصلومنها: النجوم

- ‌مسألة(3): (وإن اختلف مجتهدان لم يتبَع أحدُهما صاحبَه. ويتبع(4)الأعمى والعامِّيُّ أوثقهَما في نفسه)

- ‌مسألة(1): (الشرط السادس: النية للصلاة بعينها)

- ‌مسألة(1): (ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها)

- ‌فصلإذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت

- ‌باب أدب المشي إلى الصلاة

- ‌مسألة(1): (يستحبُّ المشيُ إلى الصلاة بسكينة ووقار، ويقارب بين خُطاه، ولا يشبِّك أصابعه)

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: بسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78 - 89]. ويقول(2): اللهم إني أسألك بحقِّ السائلين عليك، إلى آخره)

- ‌مسألة: (فإن سمع الإقامةَ لم يَسْعَ إليها)

- ‌مسألة(1): (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

- ‌مسألة(5): (ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

- ‌مسألة(6): (ويجعلهما تحت سُرَّته)

- ‌مسألة(5): (ويجعل نظره إلى موضع سجوده)

- ‌وخشوع البصر: ذُلُّه واختفاضه

- ‌يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)

- ‌فصلإذا نسي الاستفتاح في موضعه لم يأت به في الركعة الثانية

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

- ‌أحدها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

- ‌ثانيها: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك

- ‌السنَّة: الإسرار بها

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإنَّ قراءة الإمام له قراءة

- ‌الفصل الثانيأن المأموم لا تجب عليه القراءة

- ‌فيه لغتان: «أمين» على وزن فعيل، و «آمين» على وزن فاعيل

- ‌مسألة(4): (ثم يقرأ سورةً تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوساطه)

- ‌ينبغي أن يطيل الركعة الأولى على الثانية من جميع الصلوات

- ‌لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة

- ‌[باب صلاة الخوف]

- ‌[مسألة(1): (وتجوز صلاة الخوف على كلِّ صفة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمختار منها: أن يجعلهم الإمام طائفتين: طائفة تحرُس، والأخرى تصلِّي معه ركعةً

- ‌الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة

- ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

- ‌متى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مسألة: (كلُّ من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة، والعبد، والمسافر، والمعذور

الفصل: ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهر بها الإمام وسائر التكبير، ليسمع من خلفه، ويخفيه غيره)

لتأتمُّوا بي، ولتعلَّموا صلاتي» متفق عليه

(1)

.

وهذا دليل على الائتمام به في صفة الصلاة، ويعلموا

(2)

صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُعمَل مثله.

وكان يقول: «لِيَلِيَنِّي منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»

(3)

. يريد بذلك أن يحفظوا صلاته، ويعقلوها.

وهذه الأقوال نصوص منه في أنَّ الأمَّة مأمورة أن تصلِّي كصلاته، على أنَّ القاعدة الكلِّية أنَّ أمته أسوته في الأحكام، ما لم يقم دليل التخصيص. وقد أجمعت الأمة على الرجوع في صفة الصلاة إلى فعله، إما وجوبًا أو استحبابًا، وأنَّ هذا من الأفعال التي يشترك فيها هو وأمته.

وقد جاءت الأحاديث بصفة صلاته من وجوه كثيرة، يأتي ما يُحتاج إليه منها في أثناء الباب.

‌مسألة

(4)

: (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

.

أما القيام في الصلاة وافتتاحها بالتكبير، فمن العلم العامِّ الذي تناقلته الأمة خلفًا عن سلف، وتوارثوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم.

(1)

البخاري (917) ومسلم (544).

(2)

كذا في الأصل.

(3)

أخرجه مسلم (432) من حديث أبي مسعود الأنصاري.

(4)

«المستوعب» (1/ 174)، «المغني» (2/ 122 - 131)، «الشرح الكبير» (3/ 399 - 416)، «الفروع» (2/ 163 - 167).

ص: 630

وقد قال الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]. وقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]. وقال: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا}

(1)

[الزمر: 9]. وقال سبحانه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ [ص 243] فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} الآيات [المزمل: 1 - 2]. وقال سبحانه: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111]. وقال: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}

(2)

[المدثر: 3].

وقد روى عنه من حديث الخاصَّة أنه كان يفتتح صلاته بالتكبير: عليُّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، ووائل بن حُجْر، ومالك بن الحويرث، وأبو هريرة، وعائشة وغيرهم، وكلُّ هذه الأحاديث في الصحيح.

وفي حديث أبي حُميد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه وقال: الله أكبر. رواه الترمذي وابن ماجه

(3)

.

وقال صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير»

(4)

، وقال للمسيء

(1)

الآية الكريمة ساقطة من المطبوع.

(2)

تقدمت هذه الآية في المطبوع على الآية السابقة.

(3)

الترمذي (304)، وابن ماجه (862)، وأخرجه ــ مطولًا ومختصرًا ــ أحمد (23599)، وأبو داود (730)، والنسائي (1039).

قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» ، وصححه ابن خزيمة (587)، وابن حبان (1867).

(4)

أخرجه أحمد (1006)، وأبو داود (61)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275)، من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن علي به.

قال الترمذي: «هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه» ، وحسنه ابن عبد البر في «التمهيد» (9/ 184)، وصححه ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 322).

وأعله طائفة بابن عقيل، كالعقيلي في «الضعفاء» (2/ 137)، وابن حبان في كتابه «وصف الصلاة بالسنة» فيما نقله عنه ابن الملقن في «البدر المنير» (3/ 453).

وله شواهد من حديث أبي سعيد الخدري وجابر وغيرهما، انظر:«البدر المنير» (3/ 447 - 454).

ص: 631

في صلاته: «إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر»

(1)

، وقال:«إذا كبَّر الإمام فكبِّروا»

(2)

. وستأتي هذه الأحاديث في غيرها، على أنَّ النقل بذلك شاع شِياعًا لا يفتقر معه إلى نقل الخاصَّة.

فصل

وأمَّا أنَّ الإمام يجهر بتكبير الافتتاح وسائر التكبير وبالتسميع وبالسلام، في جميع الصلوات، كما يجهر بالقراءة في صلاة الجهر؛ فلِيسمعَه المأمومون، فيكبِّرون بعد تكبيره، ويحمدون بعد تسميعه، ويسلِّمون بعد تسليمه، وليبلغ صوته لمن لا يراه من المأمومين، فيعلَمون بانتقالاته، فيتابعونه. ولهذا أخبر

(3)

الذين وصفوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبِّر ويسمِّع ويسلِّم، ولولا أنهم سمعوا ذلك لما علموا. ألا ترى أنهم إنما علموا

(1)

أخرجه البخاري (757) ومسلم (397) من حديث أبي هريرة.

(2)

أخرجه البخاري (805) ومسلم (411) من حديث أنس بن مالك.

(3)

في الأصل: «آخر» ، تصحيف، وصوابه من المطبوع.

ص: 632

قراءته في السِّرِّ

(1)

بتحريك لحيته صلى الله عليه وسلم؟ وقد قال أبو هريرة: يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة؟

(2)

ولم يسمع دعاء الافتتاح. وذلك بيِّن في أنه كان يجهر بالتكبير وبالقراءة، ويُسِرُّ دعاء الافتتاح.

وقد جاء ذلك مصرَّحًا به، فروى سعيد بن الحارث قال: صلَّى لنا

(3)

أبو سعيد، فجهر بالتكبير حين افتتح، وحين ركع، وبعد أن قال: سمع الله لمن حمده، وحين رفع رأسه من السجود، وحين سجد، وحين رفع، وحين قام من الركعتين، حتى قضى صلاته على ذلك. فلما انصرف قيل له: قد اختلفت الناس على صلاتك، فخرج حتى قام عند المنبر، فقال: أيها الناس، إنِّي والله ما أبالي اختلفت صلاتكم أو

(4)

لم تختلف. إنِّي رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يصلِّي

(5)

. وسنذكر إن شاء الله الأحاديث التي فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان يكبِّر هكذا.

ثم إن بعض الأمراء ترك الجهر بسائر التكبير، فصار بعض الناس يجهل السنَّة في جهر الإمام بالتكبير، حتى اختلفوا [ص 244] على أبي سعيد.

ولهذا لما صلَّى عمران خلف عليٍّ، وجهَر عليٌّ بالتكبير، قال: قد

(1)

في الأصل: «السحر» ، تحريف. وصوابه من المطبوع.

(2)

أخرجه البخاري (744) ومسلم (598).

(3)

في المطبوع: «بنا» ، والمثبت من الأصل، وهو صواب، وكذا جاء في الصحيح.

(4)

في المطبوع: «صلاتهم أم» خلافًا للأصل.

(5)

أخرجه بهذا اللفظ: البيهقي في «السنن الكبرى» (2276). ورواه البخاري (825) مختصرًا.

ص: 633

أذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

. وكذلك صلاة عكرمة خلف شيخٍ كبَّر

(2)

ثنتين وعشرين تكبيرة

(3)

. وعامة هذه الأحاديث إنما معناها الجهر، وهو الذي كان قد تركه بعض الأمراء، كما سيأتي ــ إن شاء الله ــ بيانه.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يؤمُّ الناس بالتكبير: يرفع

(4)

صوته بالتكبير

(5)

. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: إنَّ لكلِّ شيء شعارًا، وإنَّ شعارَ الصلاة التكبير. رواه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب «الصلاة»

(6)

. وشعار الشيء: ما يشعر به، وهذا إنما يكون فيما يظهر ويجهر به.

فأما المأموم، فالسنَّة في حقِّه أن يخفي التكبير وسائر أنواع الذكر إلا التأمين والبسملة، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى؛ لأنه إنما يصلي لنفسه، فلا يحتاج إلى إسماع

(7)

غيره، وأفضل الذكر: الخفي. بل يُكرَه له الجهر بذلك، كما يُكرَه له الجهر بالقراءة؛ لأنه يغلط غيره من المصلين، إلا أن يجهر بالكلمات أحيانًا، كما جهر المستفتح بقوله:«الله أكبر كبيرًا»

(8)

، وكما جهر العاطس بقوله:«ربنا ولك الحمد» الحديث

(9)

، وسيأتي إن شاء الله

(1)

أخرجه البخاري (784).

(2)

نبَّه الناسخ على أن في أصله: «كبير» .

(3)

أخرجه البخاري (788).

(4)

في الأصل: «فرفع» ، والمثبت من المطبوع.

(5)

علقه البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 18).

(6)

«الصلاة» (65)، وأخرجه ابن أبي شيبة (2398).

(7)

في الأصل والمطبوع: «سماع» ، والمثبت من حاشية الناسخ.

(8)

أخرجه مسلم (601) من حديث ابن عمر.

(9)

أخرجه البخاري (799) من حديث رفاعة بن رافع.

ص: 634

ذكر ذلك؛ كما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد كان يجهر بالآية أحيانًا في صلاة السر

(1)

.

ولا فرق في ذلك بين المؤذِّن وغيره، وبين من يقصد من المأمومين تبليغ غيره بصوته أو لا يقصد، فإنَّ التبليغ على الإمام، ولهذا استحببنا له رفع الصوت، وليس على المأموم تبليغ. والأحاديث تدلُّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الذي يبلِّغ المأمومين التكبير، ولم يكن خلفه أحد يبلِّغهم؛ فإنَّ مثل هذا لو كان لَنُقِل. ولما أراد الصحابة أن ينقلوا الجهر بالتكبير أخبروا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجهر. ولو كان خلفه مؤذِّن أو غيره يجهر بذلك لنقلوا ذلك، واستدلُّوا به على ذلك. ولم ينقلوا ذلك إلا في مرض موته صلى الله عليه وسلم.

فإذا كان صوت الإمام لا يبلغ جميعَ المصلِّين، إما لضعفه عن الجهر المبلِّغ

(2)

بمرض أو كبر، أو لكثرة الجمع وتباعد أقطار المصلين، فيُستحب أن يجهر بعض المأمومين بالتكبير والتحميد والتسليم قدر ما يسمعه سائرهم؛ لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يُسمِع الناس تكبيره. وفي لفظ [ص 245]: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم،كبَّر أبو بكر، فيسمعنا. رواهما مسلم والنسائي

(3)

.

وينبغي أن يبيِّن التكبيرَ ويجزمَه، ولا يطوِّله، ولا يمدَّ في غير موضع المدِّ. قال أبو عبد الله: ربما طوَّل الإمام في التكبير إذا لم يكن له فقه، والذي

(1)

كما في حديث أبي قتادة. أخرجه البخاري (762) ومسلم (451).

(2)

في المطبوع: «المبالغ» ، والصواب ما أثبت من الأصل.

(3)

مسلم (413)، والنسائي (798، 1200).

ص: 635

يكبِّر معه ربما جزم التكبير، ففرغ من التكبير قبل أن يفرغ الإمام، فقد صار هذا مكبِّرًا قبل الإمام. ومن كبَّر قبل الإمام فليست له صلاة، لأنه دخل في الصلاة قبل الإمام، وكبَّر قبل الإمام، فلا صلاة له.

قال بعض أصحابنا: إن مدَّ في غير موضع المدِّ، مثل أن يمدَّ بعض الهمزة من اسم الله، فتصير همزة استفهام، أو يزيد ألفًا بعد الباء من «أكبر» ، فتصير جمع «كَبَر» ، وهو الطبل، فارسي معرب

(1)

= لم تجزئه

(2)

، لأن المعنى يتغير به.

فصل

ويستحب أن يقوم الإمام والمأموم إلى الصلاة إذا قال المؤذِّن: قد قامت الصلاة، لما روي عن الحجَّاج بن فرُّوخ الواسطي عن العوَّام ابن حَوشَب عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، قال: كان بلال إذا قال: قد قامت الصلاة، نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه حرب وأبو يعلى الموصلي وأبو حفص العكبري وغيرهم

(3)

. وهو محفوظ عن الحجَّاج، وقد قيل: إنه لا يروى إلا

(1)

الذي نصَّ عليه الفارابي في «ديوان الأدب» (1/ 213) أنه فارسي معرَّب بمعنى الأصَف. وهو دخيل في الفارسية من اليونانية. انظر: «المعرب» للجواليقي (ص 556). أما بمعنى الطبل، فنقل الأزهري في «التهذيب» (10/ 213) عن الليث أنه بلغة أهل الكوفة.

(2)

في الأصل والمطبوع: «الحرة» ، ولعله تحريف ما أثبت.

(3)

أخرجه أبو يعلى كما في «إتحاف الخيرة» (4/ 494)، والطبراني في «الكبير» (23/ 244)، والبزار (3371).

إسناده ضعيف، فيه الحجاج بن فروخ ضعيف صاحب مناكير، كما في «الكامل» (2/ 233)، وبه ضعف الحديث البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 22)، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 272).

ص: 636

عنه. وهو وإن كان فيه لين، فليس في الباب حديث يخالفه، وقد اعتضد بعمل الصحابة.

قال ابن المنذر

(1)

وغيره: كان أنس بن مالك إذا قيل: قد قامت الصلاة، نهض وقام. وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه كان يفعل ذلك. رواه النجاد وغيره

(2)

.

ولا يعرف عن صحابي خلاف ذلك، وهذا يتعين اتباعه، لا سيما إذا كان الكلام في الاستحباب، ولم يوجد ما يعتمد عليه سوى ذلك.

ولأنَّ قوله: «حي على الصلاة حي على الفلاح» دعاء إلى الصلاة، لكن هو مشترك بين الأذان والإقامة. فإذا قيل:«قد قامت الصلاة» تمَّ الدعاء إلى الصلاة، فينبغي أن تكون الإجابة عقبه.

ولأنَّ قوله: «قد قامت الصلاة» فيه معنى الأمر بإقامتها، فاستُحِبَّ أن يكون القيام إلى الصلاة عقبه امتثالًا للأمر. وهو أيضًا إخبار عن قرب قيامها، فإذا كان القيام عقبه كان أتمَّ في القرب، ولأن قيامه قبل ذلك لا حاجة إليه، وتأخيره القيامَ عن ذلك يقتضي تأخير التحريم والتسوية.

فأما إذا عرضت له حاجة، فلا بأس [ص 246] أن يتأخر القيام إلى الصلاة

(1)

في «الأوسط» (4/ 166)، وأخرجه الأثرم كما في «التمهيد» (9/ 193).

(2)

أخرجه بمعناه عبد الرزاق (1937)، وابن أبي شيبة (4123).

ص: 637

عن الإقامة، لما روى أنس قال: أقيمت الصلاة والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم

(1)

. وسيأتي قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني»

(2)

.

فأما التكبير، فيستحب أن يكون بعد فراغ الإقامة. إن كانت الصفوف مستويةً كبَّر عقبها، وإن لم يكن مستوية سوَّاها، ثم كبَّر؛ لأنّا قد قدَّمنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول كما يقول المؤذن في الإقامة

(3)

. وصحّ من غير وجه أنه كان يعدِّل الصفوف بعد القيام إلى الصلاة. وقد جاء مفسَّرًا أنه يفعل ذلك بعد الإقامة، فروى البخاري

(4)

عن أنس رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم علينا بوجهه، فقال:«أقيموا صفوفكم» . وفي رواية: أنَّ

(5)

رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد أن أقيمت الصلاة قبل أن يكبِّر، أقبل بوجهه على أصحابه

(6)

.

وقال إسحاق بن راهويه: سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكبِّر بعد فراغ المؤذِّن من الإقامة كلِّها. قال: وأخذ بذلك بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وقد روى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقمتم الصلاة فليؤمَّكم أحدكم، وإذا قرأ الإمام فأنصتوا» رواه أحمد

(7)

.

(1)

أخرجه البخاري (642) ومسلم (376).

(2)

أخرجه البخاري (637) ومسلم (604) من حديث أبي قتادة.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

برقم (719).

(5)

في الأصل: «عن» ، تحريف. انظر مصدر التخريج.

(6)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (2288).

(7)

برقم (19723)، من طريق سليمان التيمي، عن قتادة، عن أبي غلاب، عن حطان بن عبد الله، عن أبي موسى به.

وأخرجه مسلم (404/ 63) من هذا الوجه ولم يسق إلا آخره: «وإذا قرأ فأنصتوا» ، وفي ثبوت هذه الزيادة خلاف بين النقاد، انظر:«العلل» للدارقطني (7/ 252 - 254)، «السنن» (2/ 155 - 156).

ص: 638

ثم إذا كان الإمام حاضرًا بحيث يرونه، قاموا عند كلمة الإقامة، قام الإمام أو لم يقم. وإن علموا بقربه من المسجد أو خارج المسجد ولم يروه، فهل يقومون؟ على روايتين:

إحداهما: يقومون، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة، وعُدِّلت الصفوف قيامًا قبل أن يخرج إلينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم. فخرج إلينا، فلمَّا قام في مصلَّاه ذكر أنه جنب، فقال لنا:«مكانكم» ، فمكثنا على هيئتنا ــ يعني قيامًا. ثم رجع، فاغتسل. ثم خرج إلينا، فكبر، فصلَّينا معه. متفق عليه

(1)

.

ولمسلم

(2)

عن أبي هريرة قال: إن كانت الصلاة لتقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأخذ الناس مصافَّهم

(3)

قبل أن يأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مقامه.

والرواية الثانية: لا يقومون حتى يروه، لما روى أبو قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» رواه الجماعة

(4)

إلا

(1)

البخاري (275) ومسلم (605).

(2)

برقم (605 - 159).

(3)

في المطبوع: «مقامهم» ، تحريف.

(4)

أحمد (22533)، والبخاري (637)، ومسلم (604)، وأبو داود (540)، والترمذي (592)، والنسائي (687).

ص: 639

ابن ماجه بهذا اللفظ، إلا البخاري لم يذكر قوله:«خرجت»

(1)

. وهذا يدل على نسخ ما كانوا يفعلونه قبل ذلك.

وقد روي عن أبي خالد الوالبي قال: خرج إلينا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحن

(2)

قيام، فقال: ما لي أراكم [ص 247] سامدين؟

(3)

يعني: قيامًا.

ولأنَّ في ذلك مشقّةً على المأمومين من غير فائدة، وقيام إلى الصلاة قد تحقق قرب الشروع فيها فلم يكن إليه حاجة.

فصل

وإذا لم تكن الصفوف مستويةً سوَّاها الإمام وغيره، إلا أن الإمام أخصُّ بذلك لأنه الراعي قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل علينا بوجهه قبل أن يكبِّر، فيقول:«تراصُّوا واعتدلوا»

(4)

. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سوُّوا صفوفكم، فإنَّ تسوية الصفوف من تمام الصلاة»

(5)

متفق عليهما.

وعن محمد بن مسلم بن السائب، صاحب المقصورة، قال: صلَّيتُ

(1)

يعني بعد قوله: «حتى تروني» . ولم أجد هذه الزيادة في «مسند أحمد» أيضًا.

(2)

في المطبوع: «وكنّا» ، تحريف.

(3)

أخرجه عبد الرزاق (1933)، وابن أبي شيبة (4177).

(4)

أخرجه البخاري (718) ومسلم (434). وهذا لفظ الإمام أحمد (12255) أخرجه من طريق حميد عن أنس.

(5)

أخرجه البخاري (723) ومسلم (433).

ص: 640

إلى جنب أنس بن مالك يومًا، فقال: هل تدري لم صُنِع هذا العود؟ فقلتُ: لا والله. فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذ

(1)

بيمينه

(2)

ثم التفت، فقال:«اعتدلوا، سوُّوا صفوفكم» . ثم أخذ بيساره، فقال:«اعتدلوا سوُّوا صفوفكم» رواه أبو داود

(3)

.

وعن النعمان بن بشير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوِّي صفوفنا إذا قمنا للصلاة. فإذا استوينا كبَّر. رواه أبو داود

(4)

.

وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا أقيمت الصلاة استقبل القومَ، ثم يقول:«يا فلان تقدَّمْ. يا فلان تأخَّرْ. سوُّوا صفوفكم، استووا» . ثم يقبل على القبلة، فيكبِّر. رواه سعيد

(5)

.

(1)

في الحديث: «أخذه» يعني: أخذ العود. وكذا فيما بعد.

(2)

في المطبوع: «يمينه» . خطأ.

(3)

برقم (670)، من طريق مصعب بن ثابت، عن محمد بن مسلم بن السائب، عن أنس بن مالك به.

في إسناده مقال، محمد بن مسلم فيه جهالة، ومصعب متكلم فيه، قال ابن حبان في «المجروحين» (3/ 29):«منكر الحديث، ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك منه استحق مجانبة حديثه» ، ثم إنه أعاد ذكره في «الثقات» (7/ 478)، وأخرج هذا الحديث في «صحيحه» (2168)، انظر:«ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (103).

(4)

برقم (665)، من طريق خالد بن الحارث، عن حاتم ابن أبي صغيرة، عن سماك، عن النعمان بن بشير به.

قال النووي في «الخلاصة» (2/ 706): «إسناد صحيح على شرط مسلم» .

(5)

وأخرجه عبد الرزاق (2458)، وأحمد كما في «مسند الفاروق» لابن كثير (1/ 163).

ص: 641

قال الترمذي

(1)

: وروي عن علي رضي الله عنه أنه كان يتعاهد ذلك، ويقول: استووا. وكان يقول: تقدَّم يا فلان، تأخَّر يا فلان.

وعن نافع أنَّ عمر بن الخطاب كان يأمر بتسوية الصفوف. فإذا جاؤوه فأخبروه بأن قد استوت كبَّر. رواه مالك

(2)

.

وعن سهل بن مالك عن أبيه قال: كنت مع عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فأقيمت الصلاة، وأنا أكلِّمه في أن يفرض لي. فلم أزل أكلِّمه وهو يسوِّي الحَصا بنعليه، حتَّى جاءه رجال

(3)

قد وكَّلهم بتسوية الصفوف، فأخبروه أنَّ الصفوف قد استوت. فقال لي: استَوِ في الصف. ثم كبَّر. رواه مالك

(4)

.

وقال أحمد في «رسالته»

(5)

وَأْمُر ــ أيا عبد الله

(6)

ــ الإمامَ أن لا يكبِّر أول ما يقوم مقامه للصلاة، حتى يلتفت يمينًا وشمالًا، فإن رأى الصفَّ معوجًّا، والمناكبَ مختلفةً، أمرهم أن يدنو بعضهم من بعض حتى تَماسَّ مناكبُهم. واعلم أنَّ اعوجاج الصفوف واختلاف المناكب ينقص من الصلاة، وأنَّ الفُرجة التي تكون بين كلِّ رجلين تنقص من الصلاة، فاحذروا ذلك».

(1)

«الجامع» (1/ 438)، وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة (3553).

(2)

«الموطأ» (2/ 144)، وأخرجه عبد الرزاق (2438).

(3)

في الأصل: «رجل» ، وأشار الناسخ إلى صوابه في الحاشية.

(4)

«الموطأ» (2/ 220)، وأخرجه عبد الرزاق (2408).

(5)

انظر: «طبقات الحنابلة» (2/ 454 - 456).

(6)

وضع الناسخ في الأصل فوق همزة «أيا» علامة الإشكال. وفي طبقات الحنابلة: «يا عبد الله» . و «أيا» حرف نداء مثل «يا» ، فأبقيته. وفي المطبوع:«أبا عبد الله» ، ولا أراه صحيحًا.

ص: 642

[ص 248] وذكر بعض أحاديث الصفوف. وابن عمر الذي رواه مالك

(1)

. قال: «وروي أنَّ بلالًا كان يسوِّي الصفوف، ويضرب عراقيبهم بالدِّرَّة حتى يستووا

(2)

.

قال بعض العلماء: قد يشبه هذا أن يكون من بلال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عند إقامته، قبل أن يدخل في الصلاة؛ لأن الحديث جاء عن بلال أنه لم يؤذِّن لأحد بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلا يومًا واحدًا إذ أتى مرجعَه من الشام، وذكر قصة تأذين بلال بالشام

(3)

».

فصل

والمسنون للصفوف: خمسة أشياء، مبناها على أصلين: على اجتماع المصلّين وانضمام بعضهم إلى بعض، وعلى استقامتهم واستوائهم؛ لتجتمع قلوبهم وتستقيم، ويتحقق معنى الجماعة الذي هو اجتماعهم في الصلاة مكانًا وزمانًا.

قال أبو عبد الله

(4)

: «تسوية الصفوف ودنوُّ الرجال بعضهم من بعض، من تمام الصلاة، وتركُ ذلك نقصٌ في الصلاة» .

(1)

«وابن عمر الذي رواه مالك» كذا وقع في الأصل. وفيه سقط أو تحريف. والمقصود حديث عمر الذي مرَّ آنفًا.

(2)

أورده بهذا اللفظ الغزالي في «الإحياء» (1/ 373)، وقال العراقي في تخريجه (227):«لم أجده» .

وقد أخرج عبد الرزاق (2435)، وابن أبي شيبة (3554)، عن سويد بن غفلة أنه قال:«كان بلال يضرب أقدامنا في الصلاة، ويسوي مناكبنا» .

(3)

أسند القصة من عدة طرق بألفاظ مختلفة ابن عساكر في ترجمة بلال من «تاريخ دمشق» (10/ 467).

(4)

في «رسالة الصلاة» . انظر: «طبقات الحنابلة» (2/ 455).

ص: 643

أحدها: تسوية الصف وتعديله وتقويمه، حتى يكون كالقِدْح. وذلك يحصل بالمحاذاة بالمناكب والرُّكَب والكِعاب، دون أصابع الرجلين.

والثاني: التراصُّ فيه، وسدُّ الخلل والفُرَج، حتى يلصق الرجل منكبه بمنكب الرجل، وكعبه بكعبه.

الثالث: تقارب الصفوف ودنوّ بعضها من بعض، حتى يكون سجود المؤخَّر خلف مقام المقدَّم، من غير ازدحام يفضي إلى أذى المصلِّين.

والرابع: تكميل الأول فالأول تحقيقًا للاجتماع، والدنوِّ من الإمام.

والخامس: توسُّط الإمام، وهو أن يكون في وسط الصف.

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «راصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذُوا بالأعناق. والذي نفسي بيده إنِّي لأرى الشيطانَ يدخل من خلل الصفِّ، كأنه الحَذَف» رواه أحمد وأبو داود والنسائي

(1)

.

وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أقيموا صفوفكم، فإنِّي أراكم من وراء ظهري» . وكان أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمَه بقدمه. متفق عليه

(2)

، والسياق للبخاري.

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه على الناس، فقال:«أقيموا صفوفكم ــ ثلاثًا ــ والله لَتقيمُنَّ صفوفَكم أو لَيُخالِفَنَّ الله بين قلوبكم» قال: فلقد رأيتُ الرجل يُلزق كعبه بكعب صاحبه، وركبته

(1)

أحمد (13735)، وأبو داود (667)، والنسائي (815).

وصححه ابن خزيمة (1545)، وابن حبان (2166).

(2)

البخاري (725) ومسلم (434).

ص: 644

بركبته، ومنكبه بمنكبه. رواه أحمد وأبو داود

(1)

وهو [ص 249] في «الصحيحين»

(2)

بقريب من معناه. وأحاديث الباب كثيرة، ربما يتم أمرها إن شاء الله في موقف الإمام والمأموم.

فصل

والمستحَبُّ في حال القيام أن يفرِّق بين قدميه، فيما ذكره أصحابنا. وهكذا كان أبو عبد الله يفعل، لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه رأى رجلًا صافًّا بين قدميه، فقال: أخطأ هذا السنَّة، لو فرَّج بينهما كان أفضل

(3)

. ومثل ابن مسعود إذا أطلق السنَّة فإنما يعني به سنَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فعُلِمَ

(4)

أنه علِم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يفرِّج بين قدميه، ولا يُمِسُّ إحداهما الأخرى، ولكن بين ذلك. رواهما أبو بكر النجاد

(5)

.

وعن ابن عمر قال: لا تقارب ولا تباعد

(6)

.

(1)

أحمد (18430)، وأبو داود (662).

وصححه ابن خزيمة (160)، وابن حبان (2176).

(2)

البخاري (717) ومسلم (436).

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (7134)، والنسائي (892)، من طريق أبي عبيدة، عن أبيه ابن مسعود.

قال النسائي في «الكبرى» (969): «أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، والحديث جيد» .

(4)

«فعلم» ساقط من المطبوع.

(5)

أخرج عبد الرزاق (3300)، عن نافع أن ابن عمر كان لا يفرسخ بينهما، ولا يمس إحداهما الأخرى، قال: بين ذلك.

(6)

أخرجه حرب كما في «بدائع الفوائد» (3/ 973).

ص: 645