الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} .
وذلك لأنه بالفصل بين الجملتين والوقف وقفةً يسيرةً، يتبيَّن الكلام، ويتمُّ مقصودُه، ويستريح المتكلِّم، لاسيَّما والناس مأمورون أن يقولوا كما يقول المؤذِّن بعد سماعه.
وعلى ما ذكره أصحابنا، لا فرق بين جزم التكبير وجزم غيره من الكلمات. ومن الناس من يجعل التكبيرات الأربع جملتين، يُعرب التكبيرة الأولى في الموضعين
(1)
.
مسألة
(2)
: (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)
.
وذلك لما روي عن بلال قال: أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوِّبَ إلا في الفجر. رواه أحمد. ورواه ابن ماجه ولفظه: أمرني أن أثوِّب في الفجر، ونهاني أن أثوِّب في العشاء. والترمذي ولفظه: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُثوِّبَنَّ في شيء من الصلاة إلا في صلاة الفجر»
(3)
.
(1)
النص من أول النسخة «والإقامة. وقال أيضًا
…
» إلى هنا لم يرد في المطبوع.
(2)
«المستوعب» (1/ 151، 154)، «المغني» (2/ 61 - 62)، «الشرح الكبير» (3/ 69 - 71)، «الفروع» (2/ 9 - 10).
(3)
أحمد (23912)، والترمذي (198)، وابن ماجه (715)، من طرق عن أبي إسرائيل، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال به.
قال الترمذي: «أبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة، إنما رواه عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، وأبو إسرائيل اسمه إسماعيل بن أبي إسحاق، وليس هو بذاك القوي عند أهل الحديث» ، كما أن ابن أبي ليلى لم يدرك بلالًا، وكذا ضعفه البيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 424)، وابن الملقن في «البدر المنير» (3/ 361 - 365).
وعن سعيد بن المسيِّب عن بلال أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِنه بصلاة الفجر، فقيل له: هو نائم. فقال: «الصلاةُ خيرٌ من النَّوم» مرَّتَين. فأُقِرَّتْ في تأذين الفجر، فثبَت الأمرُ على ذلك. رواه ابن ماجه
(1)
.
وقد تقدَّم
(2)
في أذان أبي محذورة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «فإن كان في صلاة الصبح
(3)
قلتَ: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا اله إلا الله» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني
(4)
.
وعن أنس بن مالك قال: من السنَّة إذا قال المؤذِّن في صلاة الفجر: «حيَّ على الفلاح» قال: «الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» .
(1)
برقم (716) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن بلال به.
قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/ 90): «هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعًا، سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال» ، وبذلك أعله النووي في «الخلاصة» (1/ 287).
(2)
في أول هذا المجلد، وهو ساقط من النسخة.
(3)
كذا في الأصل. وفي «المغني» (2/ 61) عن سنن النسائي، ولم يرد الحديث فيها بهذا السياق. وفي «المسند» (24/ 96) و «سنن أبي داود» (500):«كان صلاةُ الصبح» .
(4)
أحمد (15376)، وأبو داود (501)، والنسائي (633، 647)، والدارقطني (1/ 234).
وصححه ابن خزيمة (385)، وابن حبان (1682).
وفي رواية: كان التثويب في صلاة الفجر. إذا قال المؤذن: «حي على الفلاح» قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. رواه سعيد وحرب وابن المنذر والدارقطني
(1)
.
وقال عمر لمؤذِّنه: إذا بلغتَ «حيَّ على الفلاح» في الفجر، فقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. رواه الدارقطني
(2)
. وروى الشافعي في القديم عن عليٍّ مثلَ [ص 2] ذلك
(3)
. ولا يُعرَف عن صحابيٍّ خلافُ ذلك.
وهذا لأنَّ الصبح مظِنَّة نومِ الناس في وقتها، فاستُحِبَّ زيادةُ ذلك فيها، بخلاف سائر الصلوات. وسواء أذَّن مغلِّسًا أو مُسْفِرًا، لأنه مظنَّة في الجملة.
فأما التثويب في غيرها أو التثويب بين الندائين، مثلَ أن يقول إذا استبطأ الناسَ:«حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح» ، أو «الصلاة خير من النوم» في الفجر أو غيرها، أو يقول:«الصلاة، الإقامة» أو «الصلاة، رحمكم الله» عند الإقامة أو بين النداءين= فمكروهٌ، سواء قصد في ذلك نداء الأمراء أو نداء أهل السوق أو غير ذلك، لما روي عن ابن عمر أنه نزل الكوفة في بعض الأحياء، فنودي بالصبح في مسجد أولئك الحي، فخرج إليهم ليصلِّي معهم فلما ثوَّبوا قال: أليس قد نودي للصلاة؟ قالوا: بلى. [قال]
(4)
: فما يقول
(1)
«الأوسط» (3/ 21)، و «سنن الدارقطني» (1/ 243).
وصححه ابن خزيمة (386)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 423).
(2)
«السنن» (1/ 243)، ومن طريقه البيهقي (1/ 423).
(3)
وعنه البيهقي في «معرفة السنن» (2/ 262).
(4)
من حاشية الناسخ.
هذا؟ قالوا: إنَّ هذا شيء يصنعونه عند ضوء الصبح إذا أضاء لهم. فقال: إنَّ هؤلاء قد ابتدعوا، لا نصلِّي معهم. فانصرف إلى منزله، فصلَّى فيه. رواه سعيد
(1)
.
وعن أبي العالية قال: كنَّا مع ابن عمر في سفر، فنزلنا
(2)
بذي المجاز على ماء لبعض العرب، فحضرت الصلاة، فأذَّن مؤذن ابن عمر، ثم أقام الصلاة. فقام رجل، فعلا على رحل من رحالات القوم، ثم نادى بأعلى صوته: الصلاة يا أهل الماء، الصلاة. فجعل ابن عمر يسبِّح في صلاته، حتى إذا قُضِيت
(3)
الصلاة قال ابن عمر: مَن الصائحُ بالصلاة؟ قالوا: أبو عامر يا أبا عبد الرحمن. فقال له ابن عمر: لا صلَّيتَ ولا تلَيتَ! أيُّ شياطينك
(4)
أمرك بهذا؟ أمَا كان في الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والصالحين ما أغنى عن بدعتك هذه؟ إنَّ الناس لا يُحدِثون بدعة وإن رأوها حسنة إلا أماتوا سنّةً. فقال رجل من القوم: إنه ما أراد إلا خيرًا يا أبا عبد الرحمن
(5)
. فقال ابن عمر: لو أراد خيرًا ما رغِبَ بنفسه عن سنة نبيِّه والصالحين من عباده! رواه ابن بطَّة في جزءٍ صنَّفه في الردِّ على من صاح عند الأذان: الصلاة، الإقامة
(6)
.
(1)
لم أقف عليه.
(2)
في المطبوع: «ونزلنا» ، والمثبت من الأصل.
(3)
في الأصل والمطبوع: «قضت» ، والتصحيح من «الفروع» (2/ 10).
(4)
في الأصل والمطبوع: «شيطانك» ، والتصحيح من «الفروع» .
(5)
في الأصل: «أبا عبد الله» . وصوابه من حاشية الناسخ.
(6)
أشار صاحب «الفروع» (2/ 10) إلى هذا الجزء ونقل منه خبر ابن عمر. وقد يكون صادرًا عن كتابنا هذا.
وعن مجاهد: قال كنتُ مع ابن عمر، فثوَّب رجلٌ في الظهر أو العصر، فقال: اخرج بنا، فإنَّ هذه بدعة. رواه أبو داود في «سننه»
(1)
.
وعن مجاهد قال: لما قدِم عمرُ مكة، فأذَّن أبو محذورة، ثمَّ أتى عمر، فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح. قال عمر: أمَا كان في دعائك الذي دعوتَنا إليه أولًا ما كفاك، حتَّى تأتينا ببدعةٍ تُحدِثها لنا؟ رواه سعيد وابن بطة
(2)
.
وهذا كله إذا كانوا قد سمعوا النداء الأول. فإن لم يكن الإمام أو البعيد من الجيران [ص 3] قد سمع النداء الأول، فلا ينبغي أن يُكرَه تنبيههُ، لما تقدَّم عن بلال أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم لِيُؤْذِنه بصلاة الفجر بعد الأذان، فقيل: إنه نائم. فقال: الصلاة خير من النوم
(3)
.
قال ابن عقيل: فإن تأخَّر الإمام الأعظم أو إمام الحي أو أماثل الجيران، فلا بأس أن يمضي إليه منبِّه يقول له: قد حضرت الصلاة؛ لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قصَده بلال ليؤذِنه بالصلاة وهو مريض، فقال:«مُروا أبا بكر أن يصلِّي بالناس» . وذكر احتمال أنَّ نداء الأمراء ليس ببدعة، لأنه فُعِلَ على عهد معاوية
(4)
. ولعله اقتدى به في ذلك، في حديث بلال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنَّ بلالًا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي ابن أم مكتوم»
(5)
.
(1)
برقم (538)، وأخرجه الطبراني في «الكبير» (12/ 403).
(2)
وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة (3534)، وابن المنذر في «الأوسط» (4/ 91).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
انظر: «الأوسط» لابن المنذر (3/ 57).
(5)
كذا ورد في الأصل والمطبوع. وفي «الفروع» (1/ 11): «
…
زمن معاوية، ولعله اقتدى بفعل بلال، حيث آذن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالصلاة وكان نائمًا، وجعل يثوِّب لذلك. وأقرَّه على ذلك». والظاهر أن الحديث المذكور وقع هنا سهوًا لانتقال النظر إلى المسألة الآتية.