المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(1): (ومن صلى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصح صلاته) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الصلاة في أصل اللغة:

- ‌مسألة(2): (فمَن جحَد وجوبَها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحَدها عنادًا كفَر)

- ‌ مسألة(5): (فإنْ ترَكها تهاونًا استُتيب ثلاثًا. فإن تاب وإلّا قُتِل)

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌مسألة(1): (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها، للرجال دون النساء)

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يُشرَع الأذان والإقامة إلا للصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث: أنَّ النساء لا يُشرَع لهن أذان ولا إقامة

- ‌مسألة(2): (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)

- ‌مسألة(2): (ولا يؤذن قبل الوقت إلا لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم»)

- ‌مسألة(3): (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»)

- ‌يستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية

- ‌يُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن

- ‌فصلالسنَّة أن يقيم من أذَّن

- ‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

- ‌فصليستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين

- ‌باب شرائط(1)الصلاة

- ‌مسألة(2): (وهي ستة

- ‌ مسألة: (أحدها: الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدَث حتَّى يتوضَّأ»(1). وقد مضى ذكرها

- ‌مسألة(3): (الثاني: الوقت)

- ‌مسألة(3): (ووقت الظهر(4): من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كلِّ شيء مثلَه)

- ‌مسألة(3): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس)

- ‌الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس

- ‌مسألة(4): (ووقت المغرب: من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر)

- ‌مسألة(2): (ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل. ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني)

- ‌مسألة(1): (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)

- ‌مسألة(1): (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)

- ‌مسألة(1): (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلَّا عشاءَ الآخرة، وفي شدة الحرِّ الظهر)

- ‌الفصل الثاني في(2)تفصيل الصلوات

- ‌أمَّا الجمعة، فالسنَّة أن تصلَّى في أول وقتها في جميع الأزمنة

- ‌فصليجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة)

- ‌مسألة(2): (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)

- ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

- ‌مسألة(1): (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

- ‌مسألة(2): (ولبسُ الحرير والذهب مباحٌ للنساء، دون الرجال إلا عند الحاجة

- ‌من حَرُم عليه لبسه حَرُم عليه سائر وجوه الاستمتاع به

- ‌الفصل الثاني في الذهب

- ‌القسم الثاني: التحلِّي به

- ‌مسألة(2): (ومن صلَّى من الرجال في ثوب واحد، بعضُه على عاتقه، أجزأه ذلك)

- ‌مسألة(4): (فإن لم يجد إلا ما يسترُ عورته ستَرها)

- ‌الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته

- ‌مسألة(1): (فإن لم يكفِ جميعَها ستَر الفرجَين. فإن لم يكفهما ستَر أحدهما)

- ‌مسألة(1): (فإن عَدِم بكلِّ حال صلَّى جالسًا يومئ بالركوع والسجود. وإن صلَّى قائمًا جاز)

- ‌مسألة(3): (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلَّى فيهما، ولا إعادة عليه)

- ‌فصلإذا وجد السترة في أثناء الصلاة قريبةً منه استتر وبنى

- ‌متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط

- ‌فصليُكرَه السَّدْلُ في الصلاة

- ‌فصليُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً

- ‌فصلفأمَّا الأصفر، فلا يُكرَه، سواء صُبغ بزعفران أو غيره

- ‌مسألة(1): (الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته، إلا النجاسةَ المعفوَّ عنها كيسير الدم ونحوه)

- ‌مسألة(2): (فإن صلَّى وعليه نجاسة لم يكن علِمَ بها، أو علِمَها ثم نسيها، فصلاته صحيحة. وإن علِمها في الصلاة أزالها وبنَى على صلاته)

- ‌مسألة(1): (والأرضُ كلُّها مسجدٌ تصح الصلاة فيها إلا المقبرةَ والحُشَّ والحمَّامَ وأعطانَ الإبل)

- ‌الفصل الثانيفي المواضع المستثناة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها

- ‌ المقبرة والحمَّام

- ‌ أعطان الإبل

- ‌ قارعة الطريق

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها

- ‌الفصل الرابعأنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

- ‌الفصل الخامسفي تحديد هذه الأماكن

- ‌ المقبرة

- ‌ الحُشُّ

- ‌الفصل السادسفي عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

- ‌فصلقال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى

- ‌فصلالسنَّة أن يكون موضع الصلاة مستقرًّا مع القدرة

- ‌السبب الثاني: الوحل

- ‌السبب الثالث: المرض

- ‌مسألة(1): (الشرط الخامس: استقبال القبلة، إلَّا في النافلة على الراحلة للمسافر، فإنه يصلِّي حيث كان وجهُه

- ‌الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين:

- ‌أحدهما: إذا عجز عن استقبالها

- ‌الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر

- ‌مسألة(4): (فإن كان قريبًا منها لزمته الصلاة إلى عينها. وإن كان بعيدًا فإلى جهتها)

- ‌مسألة(3): (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدلَّ بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة. وإن خفيت في السفر اجتهد وصلَّى، ولا إعادة عليه وإن أخطأ)

- ‌ دلائل السماء

- ‌فصلومنها: النجوم

- ‌مسألة(3): (وإن اختلف مجتهدان لم يتبَع أحدُهما صاحبَه. ويتبع(4)الأعمى والعامِّيُّ أوثقهَما في نفسه)

- ‌مسألة(1): (الشرط السادس: النية للصلاة بعينها)

- ‌مسألة(1): (ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها)

- ‌فصلإذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت

- ‌باب أدب المشي إلى الصلاة

- ‌مسألة(1): (يستحبُّ المشيُ إلى الصلاة بسكينة ووقار، ويقارب بين خُطاه، ولا يشبِّك أصابعه)

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: بسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78 - 89]. ويقول(2): اللهم إني أسألك بحقِّ السائلين عليك، إلى آخره)

- ‌مسألة: (فإن سمع الإقامةَ لم يَسْعَ إليها)

- ‌مسألة(1): (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

- ‌مسألة(5): (ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

- ‌مسألة(6): (ويجعلهما تحت سُرَّته)

- ‌مسألة(5): (ويجعل نظره إلى موضع سجوده)

- ‌وخشوع البصر: ذُلُّه واختفاضه

- ‌يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)

- ‌فصلإذا نسي الاستفتاح في موضعه لم يأت به في الركعة الثانية

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

- ‌أحدها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

- ‌ثانيها: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك

- ‌السنَّة: الإسرار بها

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإنَّ قراءة الإمام له قراءة

- ‌الفصل الثانيأن المأموم لا تجب عليه القراءة

- ‌فيه لغتان: «أمين» على وزن فعيل، و «آمين» على وزن فاعيل

- ‌مسألة(4): (ثم يقرأ سورةً تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوساطه)

- ‌ينبغي أن يطيل الركعة الأولى على الثانية من جميع الصلوات

- ‌لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة

- ‌[باب صلاة الخوف]

- ‌[مسألة(1): (وتجوز صلاة الخوف على كلِّ صفة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمختار منها: أن يجعلهم الإمام طائفتين: طائفة تحرُس، والأخرى تصلِّي معه ركعةً

- ‌الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة

- ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

- ‌متى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مسألة: (كلُّ من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة، والعبد، والمسافر، والمعذور

الفصل: ‌مسألة(1): (ومن صلى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصح صلاته)

الطلاق: إنه يكمل، فإنَّ المعتَق نصفُه يطلَّق ثلاثًا، لأنه لا يمكن أن يطلَّق طلقتين وربعًا.

‌مسألة

(1)

: (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

.

هذا أشهر الروايتين عن الإمام أحمد. والأخرى: تصح صلاته مع التحريم. وهي اختيار الخلال

(2)

.

قال الآمدي: وهذا في الفرض، فأما النفل فتبطل روايةً واحدةً

(3)

، لأنَّ المقصود به القربة، وهي لا تحصل بالمحرَّمات، بخلاف الفرض فإنه يقصَد به القربة وبراءة الذمة، فإذا بطلت القربة تبقى براءة ذمته.

وأكثر أصحابنا أطلقوا الخلاف. وهو الصواب، لأنَّ منشأ القول بالصحة أن جهة الطاعة مغايرة لجهة المعصية، فيجوز أن يثاب من وجه، ويعاقَب من وجه

(4)

؛ كما تبرأ

(5)

الذمة فإنها لا تبرأ إلا بامتثال الأمر، وامتثال الأمر طاعة.

والصلاة في الثوب الحرير ممن يحرم عليه لبسُه على هذا الخلاف، لأن المذهب أنه حرام. وكذلك من لبس ثوبًا فيه تصاوير، إذا قلنا: إنه حرام.

(1)

«المستوعب» (1/ 157، 158)، «المغني» (2/ 303 - 305، 476 - 477)، «الشرح الكبير» (3/ 223 - 225، 301 - 303)، «الفروع» (2/ 39 - 44).

(2)

انظر: «مسائل الروايتين» (1/ 158) و «الفروع» (2/ 39).

(3)

«اختيارات ابن اللحام» (ص 41) و «الإنصاف» (3/ 224).

(4)

قوله: «أكثر أصحابنا

» إلى هنا نقله ابن اللحام في «الاختيارات» (ص 41).

(5)

كذا في الأصل والمطبوع. ولعل الصواب: «لا تبرأ» .

ص: 278

قال أبو عبد الله السامرِّي

(1)

: «كلُّ من صلَّى في سترة [ص 79] يحرم عليه لبسُها، ولا سترة عليه غيرها، كُرِه له ذلك. وهل تبطل صلاته؟ على روايتين. وذلك مثل المغصوب وما اشتُري بعين مال الحرام في حقِّ الرجال والنساء، ومثل الحرير وما غالبُه الحرير وما نُسِج بالذهب ونحو ذلك في حقِّ الرجال» .

ووجه الإجزاء أنَّ تحريم ذلك لا يختَصُّ

(2)

الصلاة، فأشبه من صلَّى وهو حامل ثوبًا مغصوبًا. ولأنَّ النهي عن الصلاة في المكان والثوب المغصوبين ليس لمعنًى في نفس الصلاة، كالصلاة مع الحدث والنجاسة، وإنما هو لمعنًى في غيرها، وهو ما فيه من ظلم الغير، والانتفاع بملكه بغير إذنه. وهذه جهة غير جهة العبادة، فيكون مطيعًا من حيث هو مصلٍّ، عاصيًا من حيث هو غاصب.

ووجه الأول: ما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ» متفق عليه

(3)

. ومعنى «ردّ» أي مردود. وفي لفظ: «من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو مردود» رواه أحمد

(4)

. وهذه الصلاة ليس عليها أمر الله ورسوله، بل هي على غير أمر الله ورسوله. ولأنه منهيٌّ عن

(1)

في «المستوعب» (1/ 157).

(2)

في المطبوع: «يُخصّ» ، والمثبت من الأصل.

(3)

البخاري (2697) ومسلم (1718).

(4)

برقم (24450)، وأبو داود (4606)، من طريق سعد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها به.

رجاله رجال مسلم، وصححه الألباني في «صحيح الترغيب» (49).

ص: 279

هذه الصلاة فلا يكون مأمورًا بها، فلا يكون قد فعل ما أُمِر به، فيبقى في عهدة الأمر.

وقولهم: النهي لمعنًى في غير المنهي عنه، وهي مأمور بها من وجه آخر= ليس بجيِّد، لأن هذه الصلاة المعينة لم يأمر الله بها قطُّ، بل نهى عنها لمعنًى فيها، ولمعنًى في غيرها؛ فإنَّ التقرُّب إلى الله بالحركات المحرَّمة وبالزينة المحرَّمة يوجب

(1)

أن تكون المفسدة في نفسِ حركات الصلاة، ونفسِ الزينة التي هي شرط الصلاة؛ وأنه نهى عن عين

(2)

هذه الصلاة لمعنًى يعود إليها، كما هو منهيٌّ عن الصلاة في المكان النجس وبالثوب النجس، وأَولَى، فإن اشتراط حِلِّ المكان واللباس أولى من اشتراط طهارته، لما فيه من تعلُّق حقِّ الغير به. يبيِّن ذلك أنَّا إنما علمنا كونَ النجاسة مفسدة للصلاة بالنهي عنها، والنهيُ عن لُبسِ الحرير ولُبسِ المغصوب والاستقرارِ في المكان المغصوب أشدُّ.

ولأنَّ النهي يقتضي فساد المنهي عنه، إذ لو كان فعلًا صالحًا صحيحا لَما نُهي عنه. ولأنَّ الصلاة طاعة وقربة، والحركاتُ في هذا الثوب والمكان معصية، والشيء الواحد لا يكون طاعةً [و]

(3)

معصيةً مع اتحاد عينه، فإنه جمعٌ بين النقيضين.

وحقيقة المسألة: أنَّ السترة والمكان شرطٌ لصحة الصلاة كالطهارتين والأركان، ومتى أتى بفرائض الصلاة على الوجه المنهيِّ عنه لم يكن ما أتى

(1)

في الأصل والمطبوع: «توجب» . والضمير راجع إلى التقرب.

(2)

في الأصل: «غين» ، وفي المطبوع:«غير» ، وكلاهما تصحيف.

(3)

زادها في المطبوع دون إشارة.

ص: 280

به هو المفروض، فلم يصحَّ إتيانه به، وبهذا يظهر الفرق بين هذا وبين من ارتكب في الصلاة محظورا لا تعلُّق له [ص 80] بواجباتها، مثل لبُس خاتم الذهب، وحمل المغصوب؛ فإن ذلك معصية منفصلة عن العبادة، وإن كانت فيها، فأشبهت الظلم والبغي للصائم والمحرِم، فإن هذه المعاصي تقابل الثواب إن كانت بقدره، مع براءة الذمة من عهدة الواجب، فيبقى لا له ولا عليه: لا يعاقَب عقوبةَ التارك، ولا يثاب ثوابَ الفاعل، كما في الحديث:«ربَّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوعُ والعطشُ. وربَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السَّهرُ»

(1)

.

أما إذا كان شرطُ صحة العبادة التي لا تتمُّ إلا به، أو شرطُ وجوبها الذي به يمكن أداؤها أيضًا= مفعولًا على الوجه المحرَّم، كالماء والتراب في الوضوء والتيمُّم، وكالزينة والبقعة في الصلاة، وكالمال في الحجِّ= فإنه يكون متقرِّبًا إلى الله بنفس ما حرَّمه، ومطيعًا له بفعل

(2)

ما حرَّمه. والتقرُّبُ إلى الله والطاعةُ له بفعل ما حرَّمه محالٌ، ولا يصحُّ، ولا يجزئ.

ولو كان عليه ثوبان، أحدهما محرَّم، فقال أكثر أصحابنا: لا يصحُّ أيضًا، لأنَّ المباح لم يتعيَّن ساترًا، سواء كان فوقانيًّا أو تحتانيًّا، إذ أيُّهما قُدِّر عدمُه ستَر الآخرُ. وكذلك لو كان بعض الثوب مغصوبًا، ولم يكن ساترًا لشيء من العورة؛ لأنه تابع للساتر.

ومنهم من خصَّ الروايتين بمن صلَّى في سترة يحرُم عليه لبسُها، ولا

(1)

أخرجه أحمد (8856)، من حديث أبي هريرة.

وصححه ابن خزيمة (1997)، وابن حبان (3481)، والحاكم (1/ 596).

(2)

رسمها في الأصل يشبه «بفدل» ، وفي المطبوع:«بقدر» . وكلاهما تحريف ما أثبت.

ص: 281

سترة عليه غيرها

(1)

.

فأمَّا تِكَّة السراويل إن كانت غصبًا أو حريرًا، فالمنصوص عن أحمد: التوقف عن الإعادة إذا صلَّى بها

(2)

، فتخرج على وجهين.

وقال أبو بكر والقاضي وغيرهما: حكمُها

(3)

حكم السراويل؛ لأنها من مصالحه.

وأما عمامة الغصب والحرير، ففيها وجهان:

أحدهما: لا يبطل. اختاره ابن عقيل وأبو محمد

(4)

؛ لأنها ليست مما يجب للصلاة، فأشبهت خاتم الذهب.

والثاني: يبطل. اختاره القاضي

(5)

، لأنها وإن لم تكن شرطًا فهي من جنس الشرط، لأنها لباس. وهي ملحقة به في الاستحباب، فأُلحقت به في الحكم، كما تلحق اللفافة الثانية والثالثة بالأولى في قطع النباش إذ شاركتاها في الاستحباب، وإن لم تُلحَق بها الرابعة والخامسة لما لم تكن مستحبة.

فإن لم يجد غير المغصوب، فهو كما لو وجد غيره، إذ

(6)

كان التحريم باقيًا.

وأما الثوب الحرير، إذا لم يجد غيره، فتصحُّ صلاته فيه لزوال التحريم.

(1)

في الأصل: «غيره» ، والمثبت من المطبوع.

(2)

انظر: «الفروع» (2/ 40).

(3)

في الأصل والمطبوع: «حكمهما» ، ولعل الصواب ما أثبت.

(4)

انظر: «المغني» (2/ 303) وفي «الإنصاف» (3/ 225) أن جماهير الأصحاب عليه.

(5)

في «الإنصاف» (3/ 225): واختاره أبو بكر.

(6)

في المطبوع: «إذا» خلافًا للأصل.

ص: 282

وقيل: هو كالصلاة في الثوب النجس إذا لم يجد طاهرًا. وهذا ضعيف، لأن المقتضي للفساد الحرمة، وقد زالت، فأشبه ما لو كان المصلي فيه امرأة، أو كان قد لبسه لحكَّة أو جَرَب، وأَولى، فإنَّ لُبسَه عند عدم غيره جائز إجماعًا.

ولو كان جاهلًا بأنَّ المكان أو الثوب محرَّم، إمَّا لعدم علمه بأنه مغصوب، كرجلٍ صلَّى في مسجد مدَّةً أو في دار، ثم علِم أنه مكان مغصوب، [ص 81] ورجلٍ لبس ثوبًا هو حرير، وهو لا يعلم أنه حرير، أو لعدم علمه بأن الحرير محرَّم، أو بأنَّ القعود في هذا المكان حرام، ونحو ذلك= فلا إعادة عليه هنا، سواء قلنا: إنَّ الجاهل بالنجاسة يعيد، أو لا يعيد؛ لأنَّ عدم علمه بالنجاسة لا يمنع العين أن تكون نجسة. وهنا إذا لم يعلم بالتحريم لم يكن فعلُه معصية، بل يكون طاعة

(1)

. وإن وجب عليه ضمان لحقِّ آدمي.

فصل

ولا فرق في المكان المغصوب أو الثوب المغصوب بينَ أن يكون قد غصب الرقبةَ بيد قاهرة أو دعوى فاجرة، وبينَ غصبِ منافعها بأن يدعي إجارتها دعوى كاذبة، أو يسكنها مدةً بدون إذن أربابها. ولا فرق بين غصب القرار وغصب الهواء مثل أن يُخرج رَوْشَنًا أو ساباطًا

(2)

في موضع لا يحِلُّ له.

ولا فرق بين أن يجعل المغصوبَ دارًا أو مسجدًا، مثل أن يغصب أرضًا، فيبنيها مسجدًا، أو يبني المسجد في الطريق الضيقة. ولا فرق بين أن

(1)

انظر: «اختيارات ابن اللحام» (ص 41).

(2)

الرَّوشن: الكوَّة. والساباط: سقيفة تحتها ممرٌّ نافذ.

ص: 283

يغصب جميع البقعة أو جزءًا مُشاعًا منها، مثل أن يكون بينه وبين غيره أرض مشتركة، فيغصبه حصّتَه.

وكذلك لو كان بعضُ بدنه في موضع مباح وبعضُه في موضع محرَّم لم تصحَّ صلاته، كما لو كان بعض موضعه طاهرًا وبعضه نجسًا.

فإن صلَّى على راحلة مغصوبة أو سفينة مغصوبة، فهو كالأرض المغصوبة، لأنها مستقَرٌّ له، ينتقل بانتقالها، ويقف بوقوفها.

وإن صلَّى على فراش مغصوب كالبساط والحصير والمصلَّى، ففيه وجهان

(1)

.

وإن صلَّى على سرير مغصوب، ففيه وجهان، أظهرُهما البطلان.

وإن غصب مسجدًا بأن حوَّله عن كونه مسجدًا، بدعوى ملكه، أو وقفِه على جهة أخرى، أو تغيير بنيته لغير الصلاة= لم تصحَّ الصلاة فيه.

وإن بقَّاه مسجدًا، ومنع الناس من الصلاة فيه، ففيه وجهان:

أحدهما: تصحُّ، وهو اختيار طائفة من المتأخرين. قال ابن عقيل: لأنه لم يصحَّ غصبُه حكمًا، بمعنى أنه لو تلف المسجد في مدة منعه لم يلزمه ضمانُه، كالحرِّ إذا غُصِبَ

(2)

. وإذا لم يصح غصبه صحَّت الصلاة

(3)

فيه. ولأنَّ صلاتَه فيه ولُبثَه فيه غير محرَّم، وإنما المحرَّم منعُ الغير منه، فيكون هذا

(1)

في «الاختيارات» (ص 42) زيادة: «أظهرهما البطلان» ، وقد يكون في نصّ الاختيارات سقط.

(2)

وانظر: «الفروع وتصحيحه» (2/ 43 - 44).

(3)

في المطبوع: «صلاته» ، والمثبت من الأصل.

ص: 284

مستثنًى من غصبه إياه، كما استثنيت مواقيت الصلاة في حقِّ العبد الآبق.

والثاني: لا يصحُّ. وهو قولٌ قويٌّ، لقوله سبحانه:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114]. فعاقب الله سبحانه [ص 82] من منع المساجدَ أن يُذكَر فيها اسمُ الله، وسعى في خرابها بمنع العُمَّار الذين يعمُرونها بذكر الله، بأن حكم عليه بأنه ليس له أن يدخلها إلا خائفًا، فيكون هذا الغاصب ممنوعًا من لبثه في هذا المسجد عقوبةً على منعه الناس.

واستثناؤه ودخولُه خائفًا دليلٌ على ثبوت المنع، لأنه إمَّا أن يكون خائفًا من الله تعالى أن يعاقبه، وذلك دليل على أن دخوله سبب العقوبة، فيكون حرامًا؛ وإما أن يكون خائفًا من الخلق بتسليط الله إياهم عليه عقوبةً له. وإذا كان الله قد عاقبه بأن جعله لا يدخل إلا خائفًا كان دخولُه سببًا لحصول الخوف له، والخوفُ عقوبةٌ، فلا يكون الدخول إليها مأذونًا فيه، لأنَّ ما أذن الله فيه لم يجعله سببًا للعقوبة، ولأنَّ الله تعالى منعه أن يدخل إلا معاقبًا بالخوف.

فعُلِمَ أنَّ الدخول ليس مباحًا مع مقامه على منع غيره، لأنَّ ما أبيح لا يشترط في الإذن فيه حصولُ عقوبة، ولأن دخول المسجد وإن كان مباحًا، لكن إباحة الشيء قد تكون مشروطة

(1)

بالكفِّ عن محرمات تتعلَّق بجنسه، كما قال تعالى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1]، فإنما أباح الأنعام لمن يعتقد تحريم الصيد في الإحرام،

(1)

في المطبوع: «شرطًا» ، ولعله خطأ مطبعي.

ص: 285

فمن لم يلتزم هذا التحريم لم يكن مأذونًا له في ذلك المباح من جهة الشارع. فكذلك الدخول إلى المسجد يجوز أن يكون مشروطًا برعاية حرمته، والكفِّ عن منع عباد الله من بيته. وذلك أنَّ المسجد إنما أبيح له أن يدخله بوصف الاشتراك، فأمَّا دخولُه بوصف الانفراد فليس بجائز، كمن منع غيره من أخذ المباحات ليأخذها هو، مثل أن يمنعه عن الاحتشاش والاحتطاب والاصطياد، ثم يأخذ ما منعه منه، فإنَّ هذا حرام، وإن كان مباحًا لو لم يمنع غيره. وكذلك لو منع الناس أن يبيعوا أموالهم ليبيع هو ماله كان بيعه حرامًا، لأنه إنما باعه على الوجه المحرَّم، وهو بمنزلة المكره على الشِّرى

(1)

منه.

وأيضًا فمن صور هذه المسألة: إذا احتجر موضعًا من المسجد، ومنَع الناس من الصلاة فيه مثل المقصورة. وقد كان السلف يكرهون الصلاة في المقصورة، ويرون الصفَّ الأول الذي يلي المقصورة

(2)

. ولولا أنهم اعتقدوا أنَّ دخولها مع الاحتجار منهيٌّ عنه لم ينهوا عن الصلاة في مقدَّم المسجد، بل لمَّا كُرِهت الصلاة فيها صارت كأنها ليست من المسجد. فكيف يصح مع هذا أن يكون دخولُه ولُبثه غير محرَّم إذا دخل على [ص 83] هذا الوجه.

وأما قول ابن عقيل: إنَّ المسجد لو تلِف في مدة منعه لم يلزمه ضمانه، فليس الأمر كذلك، بل المسجد عقار من العقار يُضمَن بالإتلاف إجماعًا، ويُضمَن بالغصب عند من يقول: إن العقار يُضمَن بالغصب. وهو المشهور

(1)

في المطبوع: «الشراء» ، والمثبت من الأصل، وكلاهما صحيح.

(2)

انظر: «مسائل الكوسج» (2/ 617)، و «الأوسط» (4/ 118)، و «المغني» (3/ 235).

ص: 286