الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصفة الثانية:
إذا كان العدو في جهة القبلة بمرأى من المسلمين، وأمِن أن يكون لهم كمين، فيصلِّي كما روى أبو عيَّاش الزُّرَقي
(1)
، قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسْفان، فاستقبلَنا المشركون، عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلَّى بنا نبيُّ الله الظهرَ، فقالوا: قد كانوا على حالة، لو أصبنا غِرَّتَهم! ثم قالوا: يأتي عليهم الآن صلاة هي أحبُّ إليهم من أبنائهم وأنفسهم. فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102]. قال: فحضرَتْ، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذوا السلاح. قال: فصففنا خلفه صفَّين. قال: ثم ركع فركعنا جميعًا، ثم رفع فرفعنا جميعًا. ثم سجد بالصفِّ الذي يليه، والآخرُ
(2)
قيام يحرسونهم. فلما سجدوا وقاموا سجد الآخرون. ثم تقدَّم هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، وهؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء [258/ب]. ثم ركع فركعوا جميعًا، ثم رفع فرفعوا جميعًا. ثم سجد نبيُّ الله بالصفِّ الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم. فلما جلس نبيُّ الله والصفُّ الذي يليه سجد الآخرون، ثم سلَّم عليهم، ثم انصرف. فصلّاها مرتين: مرَّةً بعُسْفان، ومرَّةً بأرض بني سُلَيم
(3)
.
وروى أحمد ومسلم
(4)
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك.
(1)
في الأصل: «بن عباس الدرقي» ، تصحيف.
(2)
يعني الصفَّ الآخر. وفي «المسند» : «الآخرون» . وقد يكون ما في الأصل سهوًا من الناسخ.
(3)
رواه أحمد (16580)، وأبو داود (1236)، والنسائي (1549، 1550).
وصححه ابن حبان (2875، 2876)، والدارقطني (2/ 59 - 60)، والحاكم (1/ 337 - 338)، والبيهقي في «الكبرى» (3/ 256).
(4)
أحمد (14436) ومسلم (840).
ورواه حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله سعيد بن العاص بطبرستان عنها. رواه أحمد
(1)
.
والأفضل: أن يصلِّي كما وصفنا من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم اتباعًا للسنَّة، فيسجد الصفُّ الذي يلي الإمام، ويحرس الصفُّ المؤخَّر. وإذا كانت الركعة الثانية تقدّم هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، وتأخَّر هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء؛ لأنَّ سجود
(2)
الذين يلون الإمام معه أقرب إلى متابعته ورؤيتهم له، المصحِّح لاقتدائهم. وفي انتقال كلِّ واحدة إلى مَصفِّ
(3)
الأخرى تعديل بين الصفَّين، مع أنه موافق لظاهر قوله:{فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} يعني: إذا سجدوا معك فليكونوا من وراء الإمام والصفِّ الذي يليه. {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} يحتمل: لم يصلُّوا السجدتين معك.
(1)
برقم (23454)، من طريق أبي إسحاق، عن سُليم بن عبد السَّلولي قال: كنا مع سعيد بن العاص ومعه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: «أنا، فأمُرْ أصحابك يقومون طائفتين
…
» إلخ بنحو حديث أبي عيّاش وجابر.
إسناده جيّد، وصححه ابن خزيمة (1365).
وقد روي هذا الحديث من طريق آخر صحيح بلفظ: «فصلى بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا» . أخرجه أبو داود (1246)، وابن خزيمة (1343)، وابن حبان (1452)، والحاكم (1/ 335). فذهب البيهقي إلى تأويله ليوافق رواية سليم بن عبد عن حذيفة، لأن القصة واحدة، فوجب حمل إحدى الروايتين على الأخرى. انظر:«السنن الكبرى» (3/ 262).
(2)
في الأصل: «السجود» ، خطأ.
(3)
كتب الناسخ أولًا «مصاف» ، ثم ضرب عليه وكتب فوقه:«مصف» .