المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كل خائف على نفسه يصلي على حسب حاله، ويفعل كل ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الصلاة في أصل اللغة:

- ‌مسألة(2): (فمَن جحَد وجوبَها لجهله عُرِّف ذلك، وإن جحَدها عنادًا كفَر)

- ‌ مسألة(5): (فإنْ ترَكها تهاونًا استُتيب ثلاثًا. فإن تاب وإلّا قُتِل)

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌مسألة(1): (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها، للرجال دون النساء)

- ‌الفصل الثاني: أنه لا يُشرَع الأذان والإقامة إلا للصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث: أنَّ النساء لا يُشرَع لهن أذان ولا إقامة

- ‌مسألة(2): (ويقول في أذان الصبح: «الصلاةُ خيرٌ من النوم» مرَّتَين بعد الحَيعلة)

- ‌مسألة(2): (ولا يؤذن قبل الوقت إلا لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم»)

- ‌مسألة(3): (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»)

- ‌يستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية

- ‌يُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن

- ‌فصلالسنَّة أن يقيم من أذَّن

- ‌السنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد

- ‌فصليستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين

- ‌باب شرائط(1)الصلاة

- ‌مسألة(2): (وهي ستة

- ‌ مسألة: (أحدها: الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةَ مَن أحدَث حتَّى يتوضَّأ»(1). وقد مضى ذكرها

- ‌مسألة(3): (الثاني: الوقت)

- ‌مسألة(3): (ووقت الظهر(4): من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كلِّ شيء مثلَه)

- ‌مسألة(3): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس)

- ‌الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس

- ‌مسألة(4): (ووقت المغرب: من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر)

- ‌مسألة(2): (ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل. ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني)

- ‌مسألة(1): (ووقت الفجر: من ذلك إلى طلوع الشمس)

- ‌مسألة(1): (ومن كبَّر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها)

- ‌مسألة(1): (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلَّا عشاءَ الآخرة، وفي شدة الحرِّ الظهر)

- ‌الفصل الثاني في(2)تفصيل الصلوات

- ‌أمَّا الجمعة، فالسنَّة أن تصلَّى في أول وقتها في جميع الأزمنة

- ‌فصليجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها

- ‌مسألة(2): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة)

- ‌مسألة(2): (وعورة الرجل والأَمة: ما بين السرَّة والركبة. والحرَّة كلُّها عورة إلا وجهها وكفَّيها. وأمُّ الولد والمعتَق بعضُها كالأمة)

- ‌الفصل الثاني في عورة المرأة الحرَّة البالغة

- ‌مسألة(1): (ومن صلَّى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصحَّ صلاتُه)

- ‌مسألة(2): (ولبسُ الحرير والذهب مباحٌ للنساء، دون الرجال إلا عند الحاجة

- ‌من حَرُم عليه لبسه حَرُم عليه سائر وجوه الاستمتاع به

- ‌الفصل الثاني في الذهب

- ‌القسم الثاني: التحلِّي به

- ‌مسألة(2): (ومن صلَّى من الرجال في ثوب واحد، بعضُه على عاتقه، أجزأه ذلك)

- ‌مسألة(4): (فإن لم يجد إلا ما يسترُ عورته ستَرها)

- ‌الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته

- ‌مسألة(1): (فإن لم يكفِ جميعَها ستَر الفرجَين. فإن لم يكفهما ستَر أحدهما)

- ‌مسألة(1): (فإن عَدِم بكلِّ حال صلَّى جالسًا يومئ بالركوع والسجود. وإن صلَّى قائمًا جاز)

- ‌مسألة(3): (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلَّى فيهما، ولا إعادة عليه)

- ‌فصلإذا وجد السترة في أثناء الصلاة قريبةً منه استتر وبنى

- ‌متى ضاق وقتُ الوجوب عن تحصيل الشرط والفعل قُدِّم الفعلُ في الوقت بدون الشرط

- ‌فصليُكرَه السَّدْلُ في الصلاة

- ‌فصليُكرَه للمصلِّي تغطيةُ الوجه، سواء كان رجلًا أو امرأةً

- ‌فصلفأمَّا الأصفر، فلا يُكرَه، سواء صُبغ بزعفران أو غيره

- ‌مسألة(1): (الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته، إلا النجاسةَ المعفوَّ عنها كيسير الدم ونحوه)

- ‌مسألة(2): (فإن صلَّى وعليه نجاسة لم يكن علِمَ بها، أو علِمَها ثم نسيها، فصلاته صحيحة. وإن علِمها في الصلاة أزالها وبنَى على صلاته)

- ‌مسألة(1): (والأرضُ كلُّها مسجدٌ تصح الصلاة فيها إلا المقبرةَ والحُشَّ والحمَّامَ وأعطانَ الإبل)

- ‌الفصل الثانيفي المواضع المستثناة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها

- ‌ المقبرة والحمَّام

- ‌ أعطان الإبل

- ‌ قارعة الطريق

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها

- ‌الفصل الرابعأنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

- ‌الفصل الخامسفي تحديد هذه الأماكن

- ‌ المقبرة

- ‌ الحُشُّ

- ‌الفصل السادسفي عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

- ‌فصلقال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى

- ‌فصلالسنَّة أن يكون موضع الصلاة مستقرًّا مع القدرة

- ‌السبب الثاني: الوحل

- ‌السبب الثالث: المرض

- ‌مسألة(1): (الشرط الخامس: استقبال القبلة، إلَّا في النافلة على الراحلة للمسافر، فإنه يصلِّي حيث كان وجهُه

- ‌الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين:

- ‌أحدهما: إذا عجز عن استقبالها

- ‌الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر

- ‌مسألة(4): (فإن كان قريبًا منها لزمته الصلاة إلى عينها. وإن كان بعيدًا فإلى جهتها)

- ‌مسألة(3): (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدلَّ بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة. وإن خفيت في السفر اجتهد وصلَّى، ولا إعادة عليه وإن أخطأ)

- ‌ دلائل السماء

- ‌فصلومنها: النجوم

- ‌مسألة(3): (وإن اختلف مجتهدان لم يتبَع أحدُهما صاحبَه. ويتبع(4)الأعمى والعامِّيُّ أوثقهَما في نفسه)

- ‌مسألة(1): (الشرط السادس: النية للصلاة بعينها)

- ‌مسألة(1): (ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها)

- ‌فصلإذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت

- ‌باب أدب المشي إلى الصلاة

- ‌مسألة(1): (يستحبُّ المشيُ إلى الصلاة بسكينة ووقار، ويقارب بين خُطاه، ولا يشبِّك أصابعه)

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: بسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78 - 89]. ويقول(2): اللهم إني أسألك بحقِّ السائلين عليك، إلى آخره)

- ‌مسألة: (فإن سمع الإقامةَ لم يَسْعَ إليها)

- ‌مسألة(1): (وإذا أتى المسجدَ قدَّم رجله اليمنى في الدخول، وقال: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌مسألة(4): (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، يجهَر بها الإمام وسائرِ التكبير، لِيُسْمِعَ مَن خلفه، ويُخفيه غيرُه)

- ‌مسألة(5): (ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه)

- ‌مسألة(6): (ويجعلهما تحت سُرَّته)

- ‌مسألة(5): (ويجعل نظره إلى موضع سجوده)

- ‌وخشوع البصر: ذُلُّه واختفاضه

- ‌يستحَبُّ في التشهد أن ينظر إلى إشارته

- ‌مسألة(2): (ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك»)

- ‌فصلإذا نسي الاستفتاح في موضعه لم يأت به في الركعة الثانية

- ‌مسألة(1): (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

- ‌أحدها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

- ‌ثانيها: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك

- ‌السنَّة: الإسرار بها

- ‌مسألة(1): (ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإنَّ قراءة الإمام له قراءة

- ‌الفصل الثانيأن المأموم لا تجب عليه القراءة

- ‌فيه لغتان: «أمين» على وزن فعيل، و «آمين» على وزن فاعيل

- ‌مسألة(4): (ثم يقرأ سورةً تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوساطه)

- ‌ينبغي أن يطيل الركعة الأولى على الثانية من جميع الصلوات

- ‌لا بأس أن يقرأ سورتين وأكثر في ركعة في النافلة

- ‌[باب صلاة الخوف]

- ‌[مسألة(1): (وتجوز صلاة الخوف على كلِّ صفة صلَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمختار منها: أن يجعلهم الإمام طائفتين: طائفة تحرُس، والأخرى تصلِّي معه ركعةً

- ‌الصفة الثانية:

- ‌ الصفة الثالثة

- ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

- ‌متى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مسألة: (كلُّ من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة، والعبد، والمسافر، والمعذور

الفصل: ‌مسألة(3): (وإذا(4)اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كل خائف على نفسه يصلي على حسب حاله، ويفعل كل ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

وركعوا معه، وسجد، وسجدوا معه. ثم أقبلت الطائفة التي كانت تقابل

(1)

العدو، فركعوا وسجدوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه. ثم كان التسليم، فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلَّموا جميعًا. فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، وكلِّ رجل من الطائفتين ركعتين ركعتين. رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح

(2)

.

‌مسألة

(3)

: (وإذا

(4)

اشتدَّ الخوف صلَّوا رجالًا وركبانًا إلى القبلة أو إلى غيرها يومئون بالركوع والسجود. وكذلك كلُّ خائف على نفسه يصلّي على حسب حاله، ويفعل كلَّ ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره)

.

لكن هل يجب أن يستقبل القبلة بالافتتاح إذا أمكن؟ على روايتين، أظهرهما: لا يجب، ولا إعادة عليه لهذه الصلاة. هذا أشهر الروايتين من المذهب

(5)

. وعنه: أنه مخيَّر بين أن يصلِّيها كذلك، وبين أن يؤخِّرها

(6)

، حتى لو كان طالبًا للعدو بإغارة أو محاصرة و نحو ذلك، وخشي فوته، فإنه

(1)

في الأصل: «تقاتل» ، تصحيف.

(2)

أحمد (8260)، وأبو داود (1240)، والنسائي (1543). وصححه ابن خزيمة (1361)، وابن حبان (2878)، والحاكم (1/ 338).

(3)

«المستوعب» (1/ 259 - 260)، «المغني» (3/ 316 - 320)، «الشرح الكبير» (5/ 145 - 156)، «الفروع» (3/ 130 - 132).

(4)

في متن «العمدة» مع «العدَّة» ، وطبعاته الأخرى:«وإن» .

(5)

انظر: «الهداية» (ص 107) و «الإنصاف» (5/ 148 - 149).

(6)

انظر: «الإرشاد» (ص 104) و «الفروع» (3/ 130).

ص: 781

يخيَّر بين أن يصلّي بحسب حاله وبين أن يؤخِّرها إلى أن يأمن. نصَّ عليه في هذه الرواية، لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم منصرفَه من الأحزاب قال:«لا يصلينَّ أحد العصرَ إلّا في بني قريظة» . فصلَّى بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم [261/ب]: لا نصلي، وقال بعضهم: بل نصلِّي، لم يُرَدْ ذلك منَّا. فذُكِر لنبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم يعنِّف واحدًا منهم

(1)

.

وقال البخاري

(2)

: قال أنس: حضرتُ مناهضةَ [حصن]

(3)

تُسْتَر عند إضاءة الفجر، واشتدَّ اشتعالُ

(4)

القتال، فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصلِّ

(5)

إلا بعد ارتفاع النهار، فصلَّيناها، ونحن مع أبي موسى، ففُتِح لنا. فقال أنس: وما يسُرُّني بتلك الصلاة الدُّنيا وما فيها.

ولأن الصحابة ليلةَ الهَرِير

(6)

من ليالي الصِّفِّين أخَّروا صلاة يوم وليلة إلى الغد، ثم تتاركوا حتَّى قضوها

(7)

. ولو لا أنّ تأخير الصلاة في مثل هذه

(1)

أخرجه البخاري (946) ومسلم (1770).

(2)

في باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو، قبل الحديث (945). وقد وصله ابن سعد في «الطبقات» (5/ 333) وابن أبي شيبة (34514).

(3)

ساقط من الأصل

(4)

في الأصل: «اشتغال» ، تصحيف.

(5)

في الأصل: «فلم يصلي» ، تصحيف.

(6)

في الأصل: «الهربه» ، تصحيف.

(7)

لم أقف عليه، وفي صحته نظر، إذ يُروى أن عليًّا صلى بأصحابه المغربَ صلاةَ الخوف ليلة الهرير: بالطائفة الأولى ركعةً، وبالثانية ركعتين. انظر:«الرسالة» للشافعي (ص 263) و «السنن الكبرى» للبيهقي (3/ 252).

ص: 782

الحال [جائز]

(1)

كانوا لما فعلوه.

ولأنَّ المحافظة على الوقت يفوت معها معظم الشروط والأركان، ويحصل معها مفسدات كثيرة، ويُخاف من اشتغال القلب بالصلاة عن مراعاة أمر العدو الذي هو أهمّ في هذه الساعة. ولأن الجهاد فرض، وهو مشغول به عن غيره، يخيَّر بين الأمرين.

والأول أصحّ، لأن الله سبحانه قال:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]. فأمر بالمحافظة، وهي الصلاة في الوقت، ولم يستثن حالًا من الأحوال، فعمَّ ذلك حالَ الخوف وغيرَه. ثم أفرده بالذكر لبيان دخوله، فقال:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239].

وعن عبد الله بن عمر أنه وصف صلاة الخوف، قال: فإذا كان خوفٌ أشدُّ من ذلك صلَّوا قيامًا على أقدامهم وركبانًا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. قال نافع: ولا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك [262/أ] إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم. روا ه البخاري

(2)

. ورواه ابن ماجه

(3)

مرفوعًا من غير شكّ.

ولأن الصلاة لا يجوز تأخيرها بالعجز عن بعض شرائطها وأركانها، بل يصلِّي في الوقت على حسب حاله. وأما تأخير من أخَّر العصر يوم بني قريظة، فإنه كان في سنة الخندق لما أخَّر نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ العصر يوم

(1)

زيادة يقتضيها السياق. وقد تكون كلمة «كانوا» بعدها تحريف «جائز» .

(2)

برقم (4535)، وقد سبق.

(3)

برقم (1258).

ص: 783

الخندق، وآية المحافظة نزلت ناسخةً لما فعلوه من التأخير، آمرةً

(1)

بالمحافظة في الخوف وغيره. فلا يصح الاحتجاج بما فعل من التأخير يومئذ.

وأيضًا: فإن الذين طلبوا بني قريظة لم يكونوا في خوف شديد ولا خفيف. ومثل هذا لا يجوز معه التأخير. وإنما لما أمرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأن لا يصلُّوا العصر إلا في بني قريظة مبالغةً في المبادرة إليهم، ولم يكن وُكِّد المحافظة على المواقيت، استخاروا التأخير امتثالًا لظاهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ رأوه واجبًا عليهم.

فإن قيل: هذه الصلاة تشتمل على المشي والعمل الكثير، قلنا: هذا يجوز للحاجة. وأما اشتغال القلب بالصلاة، فمن أعظم أسباب النصر. قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45]. فأمَر بالذكر الكثير، والصلاة أفضل الذكر، وليس فيها زيادة على الذكر إلا الإيماء بالركوع والسجود.

فعلى هذا، لو عجز عن اجتناب النجاسة أو ستر العورة لكون العدو فَجِئَه [262/ب] صلَّى أيضًا على حسب حاله، كمن عدِم الماءَ والترابَ، ولا إعادة عليه في المشهور، لأن الصلاة لا يجوز تأخيرها عن الوقت بحال.

ويجوز أن يصلُّوا في هذه الحال جماعةً رجالًا وركبانًا، نصَّ عليه، وإن أفضى إلى التقدُّم على الإمام أو عن يساره أو وقوف الفل

(2)

، إذا أمكنهم متابعة الإمام. فإن لم يمكن ذلك بأن لا يمكنهم ملاحظة أفعال الإمام ولا

(1)

في الأصل: «مَرَّة» مضبوطة. وهي تصحيف ما أثبت.

(2)

كذا في الأصل.

ص: 784

يسمعون الصوت وارتفاع الأصوات

(1)

، فقد تعذَّرت

(2)

الجماعة. وقيل: لا يجوز صلاة الجماعة في هذه الحال.

والهارب هربًا مباحًا من عدو أو سبُع أو سيل يصلِّي صلاة شدّة الخوف. وكذلك من خاف على نفسه أو أهله أو ماله أن يصلِّي كالأسير والمختفي، فإنه يصلّي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب كالمريض. وإن خاف من الإيماء برأسه أومأ بعينه وحاجبيه، كما قلنا في المريض سواء.

وإن كان راكبًا يخاف مِن نزوله

(3)

انقطاعَه عن القافلة صلَّى على حسب حاله. كذلك طالبُ العدو إذا خاف مِن تركِ طلبه كرَّةَ العدو أو كمينًا له. فإن لم يخف إلا فوته فقط لم يصلِّ صلاة شدّة الخوف في إحدى الروايتين، لأن قوله:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} تعليق للصلاة راكبًا على الخوف، والطالبُ ليس بخائف، لأنه قادر على الصلاة من غير ضرر، فأشبه [الآمن]

(4)

.

والثانية: يصليها. وهي أصح، لما روى عبد الله بن أُنَيس الجهني، قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي [263/أ] وكان نحو عُرَنة وعرفات، فقال:«اذهب، فاقتله» . قال: يعني: فذهبتُ، فرأيته. فحضرَتْ صلاةُ العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخِّر الصلاة،

(1)

كذا في الأصل، ولعل المعطوف عليه ساقطٌ سهوًا.

(2)

في الأصل: «تعددت» ، تصحيف.

(3)

في الأصل: «يرد له» ، تصحيف.

(4)

زيادة منِّي.

ص: 785

فانطلقت أمشي، وأنا أصلِّي، أومئ إيماءً نحوه. فلما دنوتُ منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني عنك أنك تجمع لهذا الرجل، فجئتك في ذلك. فقال: إنِّي لفي ذلك. فمشيتُ معه ساعة، حتَّى إذا أمكنني علوتُه بالسيف حتَّى برَد. رواه أحمد و أبو داود

(1)

.

ولأنَّ العدو إذا فات فإنه يُخاف من غائلته ما يخاف من العدو الطالب. ولأنّ جهاد العدو فرض قد حضر، ومصلحته أعمُّ من مصلحة تكميل أركان الصلاة، فكان الاشتغال به أولى.

ذكر الأوزاعي أن شُرَحبيل بن حسَنة قال: لا تصلُّوا الصبح إلا على ظهر، فنزل الأشتر

(2)

، فصلى على الأرض. فمرَّ به شرحبيل، فقال: مخالف

(3)

، خالفَ الله به! قال: فخرج الأشتر في الفتنة

(4)

. وكان الأوزاعي يأخذ بهذا في طلب العدو

(5)

.

(1)

أحمد (16047) مطوّلًا، وأبو داود (1249) واللفظ له، من طريق ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه.

وصححه ابن خزيمة (982)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (6/ 206):«فيه راو لم يسمّ وهو ابن عبد الله بن أنيس، وبقية رجاله ثقات» .

(2)

في الأصل: «الأسير» ، وكذا فيما بعد، وهو تصحيف.

(3)

في الأصل: «يخالف» ، تصحيف.

(4)

أي فتنة التأليب على عثمان. والقصة أخرجها ابن عساكر في «تاريخه» (56/ 380 - 381) بإسناد مسلسل بالدمشقيين الثقات إلى مكحول: أن شرحبيل

إلخ بنحوه. وهو مرسل، فإن مكحولًا لم يُدرك شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه.

(5)

انظر: «صحيح البخاري» (باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو)، و «التمهيد» (15/ 286)، و «المغني» (2/ 95).

ص: 786