الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيثار
الإيثار صفة كريمة، وخلة حميدة، يتحلى بها الابرار ويتدثر بها الاحرار، ويتالف بها القلوب فصاحبه مكرم محبوب، والإيثار من الخلال النبيلة والصفات الحميدة، فهو شعار النفوس الكبيرة المحبة للخير، والمؤاسية للغير، والموثقة للمحبة.
الإيثار: مصدر اثر يؤثر، وهو ان يجود الانسان بالشيء وهو محتاج اليه. والإيثار اعلى درجات السخاء، واعظم درجات الوفاء، والإيثار له اكبر الاثر في توثيق المحبة بين افراد المجتمع اذ يجعلهم متعاطفين متعاونين، بعكس الاثرة التي تجعل صاحبها مكروها منبوذا من المجتمع لانه لايريد ان يؤدي حقه فيه، والإيثار يجلب لصاحبه السعادة، ويجعله في مجتمعه محبوبا، وقد ذكر بعض العلماء المعاصرين ان من اهم مكتشفات علم النفس الحديث ما ثبت علميا ان سعادة الانسان لا تتحقق بغير تضحية النفس في سبيل الغير. (1) قلت وفي الإيثار اصلاح النفس، واكتساب الاجر، وعلو القدر، ومحبة الغير، وقديما قيل بالايثار على نفسك تملك الرقاب. وقيل: من آثر على نفسه استحق الفضيلة، وقال حكيم: من آثر على نفسه بالغ في المروءة، وقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه: الإيثار اعلى الايمان، وفي الذكر الحكيم امتدح الحليم الكريم قوما تخلقوا به فقال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
(1) - روح الدين الاسلامي ص221.
الْمُفْلِحُونَ} (1) وفي سورة الانسان يقول الكريم المنان: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (2) وفي سورة يوسف يذكر الله ما حكاه اخوة يوسف مما خص الله به يوسف: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} (3) وفي سورة طه حكى الله على لسان قوم عدم مؤآثرتهم لما جاء من البينات من عند الله على ما سواه فقال: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} (4) فالعاقل لايرى معروفا صنعه وان كان كثيرا، ولو خاطر بنفسه وعرضها في وجوه المعروف لم ير ذلك عيبا. بل يعلم انما الخطر ان يؤثر الفاني بالباقي. فلا تعد غنيا من لم يشارك في ماله وجوه البر، ويؤثر ذلك غيره من اجل ارضا الحق، واسعاد الخلق، ولا يعد نعيما ما كان فيه تنغيص وسوء ثناء، وان كثر فهو قليل، ولا يعد الغنم غنما اذا ساق غرما، والمال ان لم تؤآثر فيه تغرم، وان آثرت فيه تغنم، والمغرم لايعد غرما اذا ساق غنما، فالحياة لا تُعمر الا بالايثار والمحبة والتعاون، فالايثار من الصفات الكريمة التي يتحلى بها الانسان واي منزلة ارفع من ان يفضل الانسان على نفسه غيره في الخير، فمن يسعى الى خدمة الانسانية تخدمه، ومن يؤثر الناس على نفسه يحبوه ويؤثروه، ويكرموه، ويعش سعيدا كريما محبوبا بعكس الاثرة التي قال في وصفها (سنت هلير) في شرح مذهب افلاطون: ان اكبر شر في الانسان هو عيب يرافقنا جميعا منذ الولادة،
(1) - سورة الحشر الاية (9) .
(2)
- سورة الانسان الاية (8) .
(3)
- سورة يوسف الاية (92) .
(4)
- سورة طه الاية (72) .