الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشريف: (إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ)(1) وهل تجد ابدع فائدة للوضوء من ميزة خاصة ونور يتلألؤُ يوم الشدائد والاهول: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2) واذا ران على قلب الإنسان وروحه من اكدار الذنوب والمعاصي فانه لن يجد مايزيل هذه الغيوم والاكدار الا في الصلاة، وفي الحديث النبوي:(الصلوات الخمس كفارة ما بينها أرأيتم لو أن رجلا كان له مغتسل بين منزله ومعتمله خمسة أنهار فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله فأصابه الوسخ والعرق فكلما مر بنهر اغتسل ما كان ذلك يبقى من درنه وكذلك الصلوات كلما عمل خطيئة أو ما شاء الله ثم صلى ودعا واستغفر غفر له ما كان فيه)(3) .
الصلاة تغرس في الانسان الفضيلة وتبعده عن الرذيلة
ان طبيعة الإنسان غير مستقرة فهو يتقلب بين الصحة والمرض، والسهو والغفلة، والفقر والغنى، والخير والشر، والانسان بطبيعته يقتحم ساحة الحياة المائجة بمختلف الغرائز والشهوات، فهو يركض في طلب حوائجه وحوائج اسرته وارحامه يبتغي الرزق والمجد، ويسعى لتحقيق وطره وقضاء رغبته،
(1) - مسلم ف صحيحه حديث رقم (363) .
(2)
- سورة الحديد الآية (12) .
(3)
- جامع الاحاديث، حديث رقم (13824) .
وهو بحاجة الى من يعينه ويرشده ويذكره اعمال البر والايثار والتراحم التي قل ماتبدو صورها النبيلة، وهو بحاجة الى من يهديه الى افضل الاعمال والاخلاق حتى يكون انسانا سويا، وهو بحاجة ايضا الى من يعينه، ويوطن نفسه على الثبات وقوة الجاش، ولن يجد ذلك الا في الصلاة التي يناجي فيها ربه ويثني عليه، فهو الذي يعين ويبصر ويسدد ويوفق ويرزق ويعطي ويمنع، فهو يقف امام ذي القوة والعلم الشامل ليكمل له قصور معرفته، وما يعجز عنه لضعف قواه، يحمده ويمجده ويسترضيه، ثم يسأله بعد ذلك هداية تحفها النعمة ويجانبها السخط، وفي الحديث القدسي قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) (1) فالانسان حينما يقوم مبكرا الى صلاة الفجر يكون قد ارتبط بالقوة العظمى التي تهيمن على الكون فيكون قد ارتبط بالله الذي خلقه يمنحه قبسا من العون والنشاط والنور والهدى من اول يومه ، ويكون بذلك قد نال ضمانا في يومه يقضي سحابة يومه وهو في حرز منيع لانه ارضى
(1) - مسلم في صحيحه، حديث رقم (598) .
ربه ولاذ به وطلب حمايته، وفي الحديث النبوي الشريف (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ)(1)
ان من كان في ذمة الله كان في امن وفي سعادة وكان قويا في خلقه ودينه فكيف بالانسان الذي يحافظ على الصلوات كلها بهمة وعزيمة، انه بلاشك سيكون قاهرا لعدوه الشيطان وصولا للارحام بعيدا عن المنكرات والاثام، قال تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (2) قال الشاعر:
طوبى لعبد بحبل الله معتصمه
…
على صراط سوي ثابت قدمه
رث اللباس جديد القلب مستتر
…
في الارض مشتهر فوق السماء سمه
مازال يستحقر الدنيا بهمته
…
حتى ترقت الى الاخرى به هممه
فذاك أعظم من ذي التاح متكئا
…
على النمارق محتفا به حشمه (3)
فتمتع بالصلاة وتذوق لذه المناجاة لله وابتهج وانت تناجي ربك في صلاتك فان لم تكن تراه فانه يراك، فالصلاة اكبر انواع العون على تحصيل الدنيا والاخرة ودفع المفاسد فهي تنهى عن الاثم وتنير القلب وترفع الظلم وتحفظ النعمة، وتكشف الغمة فبادر اليها مستعينا بالله، وفي الذكر الحكيم:
(1) - مسلم في صحيحه، حديث رقم (1050) .
(2)
- سورة العنكبوت الآية (45) .
(3)
- وردت هذه الابيات في مقامات الزمخشري والموسوعة الشعرية غير منسوبة لقائل وانظر الموسوعة الشعرية ص435.