الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حراسة باطنة عن كل فكر وهاجس يبغضه الله، وحفظ ظاهره عن كل قول أو فعل يسخط الله، وتعبَّد بمقام الإحسان فعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه، فإن الله يراه (1) .
فإذا الله كان رقيباً على دقائق الخفيات، مطلعاً على السرائر والنيات، كان من باب أولى شهيداً على الظواهر والجليات، وهي الأفعال التي تفعل بالأركان أي الجوارح (2) .
ثمرة معرفة اسم الله الرقيب، الشهيد
اذا عرف المكلف ان الله سبحانه وتعالى رقيب عليه وعلى كل مخلوق، وأنه المطلع على الضمائر، الشاهد على السرائر الذي يعلم ويرى، ولا يخفى عليه السر والنجوى، وانه على كل شي شهيد عليم، وجب عليه ان يؤمن به، قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (3) فمن اللوازم القطعية للايمان باسم الله الرقيب الشهيد الاستقامة، فمن صح علمه بان الله عليه رقيب شهيدلم يفن عمره في البطاله، ولم ينفق اوقاته في الغفلات، بل يصل اوقاته في طاعة الله ليله ونهاره، وجهده بكده في احساسه، واختلاف انفاسه، فمن راقب الله في سره وجهره واتقاه في امره ونهيه، اوصله ذلك إلى الصراط المستقيم، فهو يحب الاّيراه الله الا فيما يحب
(1) - الحق الواضح المبين ص (58و59) .
(2)
- شرح القصيدة اللنونية للهراس 2/88.
(3)
- سورة ق الاية (16) .
سبحانه، قال ابن القيم: المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه.
فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة وكل نَفَس وكل طرفة عين والغافل عن هذا بمعزل عن حال أهل البدايات فكيف بحال المريدين فكيف بحال العارفين
قال الجريري: من لم يحكم بينه وبين الله تعالى التقوى والمراقبة؛ لم يصل إلى الكشف والمشاهدة وقيل: من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه (1) . فالزم التقوى تفز في الدنيا والاخرة، ولا تنس ان الله شهيد عليك رقيب على كل اقوالك وافعالك واقوالك.
ورحم الله الشافعي حيث يقول:
إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا
…
تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا
…
أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا
…
صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
وقال اخر:
وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يَغفَلُ ساعَةً
…
وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيكَ يَغيبُ
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل
…
خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ (2)
(1) - مدارج السالكين ج2ص65.
(2)
- ينسب هذان البيتان لأبي العتاهية، وتنسب ايضا للحسن الاباضي، ولابي نواس، ولصالح بن عبد القدوس، والله اعلم.