الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حياتك انفاس تعد فكلما
…
مضى نفس منها نقصت بها جزءا
اما الافوه الاودي فهو يقول:
انما نعمة قوم متعة
…
وحياة المرء ثوب مستعار
وقال اخر:
وما تؤخر من نفس وان حرصت
…
على الحياة اذا ماجاء داعيها
فاغتنم نعمة الحياة، وتمتع بنعم الله، وقوِّ اخلاقك مع الاحياء كي لاتكون في عداد الموتى، ورحم الله شوقي حيث يقول:
وَجَدتُ الحَياةَ طَريقَ الزُمَر
…
إِلى بَعثَةٍ وَشُؤونٍ أُخَر
وَما باطِلاً يَنزِلُ النازِلون
…
وَلا عَبَثاً يُزمِعونَ السَفَر
فَلا تَحقِرن عالَماً أَنتَ فيهِ
…
وَلا تَجحَدِ الآخَرَ المُنتَظَر
وَخُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ
…
وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَر
وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا
…
شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر
وَلا تَخلُ مِن عَمَلٍ فَوقَهُ
…
تَعِش غَيرَ عَبدٍ وَلا مُحتَقَر
وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ
…
يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر
وله ايضا:
المَجدُ وَالشَرَفُ الرَفيعُ صَحيفَةٌ
…
جُعِلَت لَها الأَخلاقُ كَالعُنوانِ
وَأَحَبُّ مِن طولِ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
…
قِصَرٌ يُريكَ تَقاصُرَ الأَقرانِ
دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ
…
إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني
فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها
…
فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني
بالأمل والفال تصفو الحياة وبالعمل تتجدد
الحياة جميلة بآمالها فسيحة واسعة، والحياة كلمة تعج بالامل، وتشرق بالآمال، وتهتف بالمعالي، والحياة فيها معنى الحركة والانجاز والامل، ويكفي كلمة الحياة شرفا انها عكس الموت، وضد التوقف، وهذه المعاني تكفي للفرح والشوق بفضل الله ورحمته واهب الحياة، فما عليك اخي الا ان تكون متفائلاً مسرورا بفضل الله وقضائه في هذه الحياة، فالتفاؤل هو النظرة الايجابية المشرقة والواثقة لمستقبل الاشياء، وعند اختفاء التفاؤل من اعماق الانسان فإن التشاؤم يحل محله بما فيه من اسداد للأُفق وظلام في النظرة المستقبلية للانسان، والتفاؤل دافع ايجابي محفز للانسان ليبحث بنفسية منفتحة عن كل ماينفعه في هذه الحياة، فليس هنالك ظلام مطلق، فبين تلال الظلام توجد شموع مضيئة، وقد جاء القرآن من عند الله ليبث التفاؤل والأمل، ويجدد الحياة والثقة بالله تعالى، ففي لحظة الضعف والانكسار يتنزل على نبي الله قول الحق سبحانه وتعالى {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (1) وفي لحظة طيش العدو وكبره ياتي الامل والتفاؤل في قوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (2) بل قد جاء في الحديث القدسي (انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء)(3) ،
(1) - سورة آل عمران الاية (139) .
(2)
- سورة التوبة الاية (32) .
(3)
- البخاري في صحيحة حديث رقم (6951) .
والتفاؤل هو الصخرة الصماء التي يتحطم على سطحها زعانف الاحباط والياس والقنوط، فالمتفائل لايعاني من الشلل الفكري والقنوط الروحي او الانهيار الجسدي عندما تتكالب عليه الازمات، وتكثر الامتحانات، وتضيق السبل، ويكثر الاعداء، فهو مبتسم متهلل الاساليب لايتوقف عن الابداع ولا يحقر اراء الاخرين ولا يقلل من شان مايراه او يعرض عليه من افكار بل يختار افضلها، والمتفائل مؤمن بالله واثق به يعلم ان القنوط والياس من عمل الشيطان، وفي الامثال السائرة"لا حياة مع الياس ولا ياس مع الحياة" وفي الذكر الحكيم يخبرنا العزيز الحكيم فيما حكاه على لسان نبيه يعقوب الكريم:{يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (1) فالتفاؤل يصبغ على صاحبه البهجة والانتعاش والحيوية والنورانية، وذلك ما يبعث على محبته في قلوب الاخرين، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم (يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ) (2) وقال ابن الرومي:
قد أتَى عن نبيِّنا حبُّه الفأْ
…
لَ مضيئاً بذلك البرهان
وقال اخر:
فاليوم يا علم الأعلام كل ذكي
…
حي اللثام غدا بالأمن متشحا
(1) - سورة يوسف الاية (87) .
(2)
- احمد في مسنده حديث رقم (8043) .
وكل فظٍّ رديِّ الخال منقبضاً..... وكل برٍّ حميد الفال منشرحا (1)
وفي التفاؤل الرضا بقدر الله والسكينة بقضائه والاطمئنان الى مكتوبه، وهذه المعاني هي الحياة بمعناها الحقيقي وذوقها الرائع، وبلسمها العذب، فيالله مااروعها كلمة، ومن هنا يجب ان يدرك الاباء والتربويون والصحفيون وموجهو برامج الاعلام دورهم الكبير في اشاعة التفاؤل في عناصر المجتمع، والتحذير من هيمنة اليأس والقنوط وقطع الامال، فالمتشائمون لايصنعون مستقبلا ولايتغلبون على مصاعب الحياة، لانهم لايحملون نورا يضيء لهم الطريق، بينما المتفائلون يحملون نورا في قلوبهم وفي ارواحهم وفي بصائرهم وفي بصيرتهم.
الحياة نقيض الموت
الحياة نقيض الموت، فشتان بين الحياة والموت، وبين الأعمى والبصير، وبين المشرق والمغرب، وبين الاحياء والاموات، شتان بين انسان مليء السمع والبصر يتكلم ويتحدث ويبتسم، ويسأل ويجيب، ويفكر ويحاكم، وينتقل ويمشي، ويعمل في طاعة ربه، وبناء مجده، وبين انسان جثة هامدة، ملقى على الطريق، كما ان هناك فرقا كبيرا بين الحياة والموت فهناك فرق كبير بين قلب حي يذكر الله وبين قلب ميت، وفي الحديث النبوي (مَثَلُ
(1) - هذا البيت لسليمان الصولة 1229 - 1317 هـ / 1814 - 1899 م سليمان بن إبراهيم الصولة. شاعر، كثير النظم، ولد في دمشق وتعلم بمصر وعاد إلى الشام في حملة إبراهيم باشا على البلاد الشامية، واستقر في دمشق فاتصل بالأمير عبد القادر الجزائري ولزمه مدة ثلاثين سنة، وله فيه قصائد، وسافر إلى مصر سنة 1883م فأقام إلى أن توفي بالقاهرة. له (ديوان -ط)، وله:(حصن الوجود، الواقي من خبث اليهود - خ) .