الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله (1) . ومن فوائد التوبة ومنافعها ان التائب يوسع على نفسه، ويزيل الضيق والحرج من صدره، ويذهب الهم والكرب من قلبه، ويكون مخلصا لله في عبادته، يتبع السيئة الحسنة، ولهذا فان الرسول صلى الله عليه واله وسلم يامر بالتوبة ويحث عليها، ففي الحديث النبوي:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ)(2) .
التوبة من اهم الدعائم الخلقية فسارع اليها
التوبة من اهم الدعائم الخلقية فسارع اليها فكل تاخير فيها هو انحلال في الشخصية الانسانية، وكل اسراع وصدق فيها هو اصلاح للنفس، وسبب قوي للقضاء على الشر، فالتوبة يجب ان تكون عقب ارتكاب المعصية، فلا سبيل الى طلب المغفرة الا بالاستغفار ثم بالتوبة، قال تعالى:{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} (3) ويقول: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا* وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (4) .
قصة في الحديث النبوي
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً (فَقَالَ بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً (5)) وهذه القصة يتبين منها ان الله سبحانه وتعالى يتوب على عباده ويعود عليهم بالرحمة والاحسان، فهو الذي يقبل التوبة ويعفو عن السيئات فما على الإنسان الا ان يتوب الى الله ويتبع السيئة الحسنة تمحها ولا يكون من المقصرين حتى لاتدركه الشدة، ويسوق ربه اليه من البلاء ما يحمله على التوبة او يكون له فتنة، فلا يتوب ولايتذكر، فتدبر قول الحق تبارك وتعالى:{أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} (6) . فالله قد يسوق من الشدائد ما يحمل عباده على التوبة، قال الدكتور محمد راتب النابلسي: اذا جاءت توبة الله قبل توبة العبد فتعني الشدائد التي يسوقها للعبد، واذا جاءت توبة الله بعد توبة العبد فتعني قبول التوبة، يحملك على التوبة، ثم يقبل توبتك، فأنت بين دافع الى التوبة وبين قبول لهذهِ التوبة (7) . فالله يريد ان يتوب على عباده، فهو التواب الذي يعود بالخير على عباده، وبالاحسان
(1) - دليل السائلين، ص138.
(2)
- مسلم في صحيحه باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه حديث رقم (4871) .
(3)
- سورة هود الاية (3) .
(4)
- سورة النساء الاية (17-18) .
(5)
- احمد في مسنده، ج9 حديث رقم (4029) .
(6)
- سورة التوبة الاية (126) .
(7)
- اسماء الله الحسنى ج/2ص604.
اليهم، وبالعفو عنهم، والاكرام لهم، وأنت بحاجة الى رحمة الله والى عفوه والى كرمه والى احسانه، فانت بحاجة الى ربك التواب الذي يريدك ان تتوب ليتوب عليك، فمن رجع وتاب فقد اصطلح مع الله واليه اناب، وفي الذكر الحكيم:{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (1) . اما اذا امد الله امد امة بصحة جيدة وامطار غزيره وبلاد جميلة وهم غارقون في شهواتهم وملذاتهم في سكرهم وانحرافهم يتطاولون على الحق، ويؤذون الخلق يفسدون ولايصلحون ولايتوبون ولايتذكرون فانهم يكونون مستحقين للعقاب والعذاب، وانما يتوب الله على من عاد اليه، واعتذر وبين واصلح، فمن تاب من بعد ظلمه واصلح فان الله يتوب عليه ويصلح، قال تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (2) . فتعرف اخي على اسم الله التواب يفتح لك الابوب ويضاعف لك الثواب ويصرف عنك العذاب ويعود عليك برحمته واحسانه وكرمه وامتنانه، فالرزق من التواب والامطار من التواب عاد به علينا والهواء الذي تستنشقه من التواب عاد به علينا واذا تاب العبد الى الله بسؤاله تاب الله عليه بنواله.
التواب من اسماء الله الحسنى
(1) - سورة النساء الاية (27) .
(2)
- سورة البقرة الاية (160) .