الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اضعف من ان يتمسكوا بما انت عليه، هؤلاء يقدرونك لكن ليسوا ملتزمين لم يصطلحوا مع الله بعد، لم يقبلوا عليه، لكنهم لايناصبونك العداء، بل يقدرون فيك هذا الاتجاه الطيب، هذا التدين الصادق مثل هذه النماذج من الناس من الجريمة ان تسيء اليهم، فلا تعنفهم، لا تناصبهم العداء، استمل قلوبهم اليك. (1) وقال الشاعر:
وَاللَهُ أَنجَحُ ما طَلَبتُ بِهِ
…
وَالبِرُّ خَيرُ حَقيبَةِ الرَحلِ (2)
وقال اخر:
وَما البِرُّ إِلّا مُضمَراتٌ مِنَ التُقى
…
وَما المالُ إِلّا مُعمَراتٌ وَدائِعُ (3)
اما سابق البربري فهو يقول:
إن التُّقَى خَيرُ زادٍ أنت حامِلُهُ
…
والبرُّ أفضلُ شيءٍ نَالَه بَشَرُ
وقال اخر:
وَالإِثمُ مِن شَرِّ ما يُصالُ بِهِ
…
وَالبِرُّ كَالغَيثِ نَبتُهُ أَمِرُ (4)
وفي الذكر الحكيم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (5) والبر مطلق عطاء الله واحسانه في الدنيا والاخرة فهو الذي يعطيك سعادة تملؤ القلب، وصحة تحفظ الانسان، وتقوم اللسان، وهيبة تعين على امور الدنيا والدين، فكل انواع الخير ينطوي تحت كلمة البر، والبر خير الدنيا والاخرة، وقيل البر كلمة باؤها مثلثة: ومعنى ذلك ان هناك بَرٌ بفتح الباء وبِر بكسرها وبُر بضمها فبضمها البُر: جمع برة من القمح، والبِر بالكسر هو الاحسان والصلة، وفي الامثال السائرة:"البر ان تعمل في السر عمل العلانية" وقيل: "خير البر عاجله" وفي الحديث الشريف (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ)(6) والبَر بالفتح ضد البحر اي اليابسة، ومن الخَلْق من تتوالى منه اعمال البر، فهناك مبالغة، فمن تتوالى منه اعمال البر من الخلق يسمى بَرا، اما اذا كان هذا الاسم منسوبا الى الله عز وجل فهو بالفتح فاعل البر المحسن الى الخلق الذي اسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، والله سبحانه وتعالى هو البر الرحيم، فتعرف على بره واحسانه ترضى عنه ويرضى عنك، وتعرف على اسمه البَرُ.
البَرُ من اسماء الله الحسنى
البر اسم من اسماء الله الحسنى ورد في القرآن الكريم مرة واحدة، وجاء في حديث ابي هريرة عند الترمذي واجمعت عليه الائمة، ويجوز اجراؤه على العبد، فقد ورد في التنزيل في قوله تعالى:{وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} (7) وفي قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} (8) ومعنى هذا الاسم البَر: المحسن فهو البر المطلق الذي منه كل مبرة واحسان، فهو يحسن
(1) - موسوعة اسماء الله الحسنى ج 2/ ص714.
(2)
- هذا البيت ينسب لمرؤ القيس وينسب ايضا لابن عابس الكندي.
(3)
- هذا البيت للبيد بن ربيعة.
(4)
- هذا البيت لزهير بن ابي سلمى.
(5)
- سورة المائدة الاية (2) .
(6)
- مسلم في صحيحه حديث رقم (4633)
(7)
- سورة مريم الاية (32) .
(8)
- سورة مريم الاية (14) .
الى الخلق ويصلح احوالهم الذي عم جميع الخلق ببره وغمرهم باحسانه فهو الذي لايقطع الاحسان بسبب العصيان، وهو الذي من على السائلين بحسن عطائه، وعلى العابدين بجميل جزائه (1) ، وهو الذي يحسن الى من اساء، ويعفو عمن ظلم، ويغفر لمن اذنب، ويتوب على من تاب اليه، ويقبل عذر من اعتذر اليه، وهو سبحانه يتفضل على عباده، ويتم نعمته عليهم ويريهم مواقع بره وكرمه، فهو اللطيف الخبير، قال الخطابي: البر هو العطوف على عباده المحسن إليهم، عم بره جميع خلقه فلم يبخل عليهم برزقه، وهو البر بأوليائه إذ خصهم بولايته واصطفاهم لعبادته، وهو البر بالمحسن في مضاعفة الثواب له، والبر بالمسيء في الصفح والتجاوز عنه. وقال الحليمي: ومعناه الرفيق بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، ويعفو عن كثير من سيئاتهم ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم، ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها، ولا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها ويكتب لهم الهم بالحسنة ولا يكتب عليهم الهم بالسيئة (2) وقيل البر هو اللطيف بعباده، والبر هو الصادق وهو المحسن وهو المتفضل المعطي سبحانه فهو المحسن والبر على الاطلاق لايشابه بره بر المخلوقين ولاكرمه سبحانه وتعالى كرمهم ولا فضله فضلهم ولا احسانه احسانهم، فله الاحسان الكبير والفضل العظيم ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فكل بر واحسان وفضل وعطاء منه سبحانه وتعالى لاشريك له، اما الانسان فان بر واحسن فمما وهبه الله وتفضل به عليه
(1) - المقصد الاسمى للغزالي، ص 100.
(2)
- الاسماء والصفات للبيهقي، ص 128.