الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرضا بالله ربا فرض ومن لم يرض بربه لم يصح له إسلام ولا عمل ولا حال (1) .
وقال ابن تيمية: (المقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل، ورضي بالمقضي له بعد الفعل فقد قام بالعبودية، وقال بشر الحافي: يقول أحدهم توكلت على الله، يكذب على الله، لو توكل على الله لرضي بما يفعله الله به) .
الفرق بين الارادة والرضا
الرضا شرط في صحة العقود والمعاملات، ودليل على صحتها، والرضا بقضاء الله وقدره دليل على صحة ايمان صاحبه وصحة معتقده
والرضا له تعريفات عديدة تختلف في عبارتها وتتحد في معناها ومنها:
1 -
ارتفاع الجزع في أي حكم كان.
2 -
استقبال الأحكام بالفرح.
3 -
سكون القلب تحت مجاري الأحكام.
وقد ورد في اللغة: الرِضا، وكذلك الرُضْوانُ بالضم. والمَرْضاةُ مثله. ورَضيتُ الشيء وارْتَضَيْتُهُ فهو مَرْضِيٌّ، وقد قالوا: مَرْضُوٌّ فجاءوا به على الأصلِ والقياسِ. ورَضيتُ عنه رِضى مقصورٌ، وهو مصدرٌ محضٌ، والاسم الرِضاءُ ممدودٌ. وسمع الكسائي رِضَوانِ وحِمَوانِ في تثنية الرِضا والحِمى. وعيشةٌ راضِيَةٌ، أي مَرْضِيَّةٌ. كقولهم: هَمٌّ ناصبٌ؛ لأنَّه يقال رُضيتُ معيشتُه على ما لم يسمَّ فاعله، ولا يقال رَضِيَتْ. ويقال: رَضيتُ به صاحباً. وربما قالوا: رَضيتُ عليه، بمعنى رَضيتُ به وعنه. وأنشد الأخفش:
إذا رَضِيَتْ عَلَيَّ بنو قُشَيْرٍ
…
لَعَمْرُ اللهِ أعجبني رِضاها (2)
الفرق بين الارادة والرضا: أن إرادة الطاعة تكون قبلها والرضا بها يكون بعدها أو معها فليس الرضا من الارادة في شئ، وعند أبي هاشم رحمه الله: أن الرضا ليس بمعنى ونحن وجدنا المسلمين يرغبون في رضا الله تعالى ولا يجوز أن يرغب في لا شئ، والرضا أيضا نقيض السخط، والسخط من الله تعالى إرادة العقاب فينبغي أن يكون الرضا منه إرادة الثواب أو الحكم به. (3)
التوافق بين الرضا والقناعة
التوافق بين الرضا والقناعة عند من يحسن الصناعة ويحب لله ويحب من اطاعه، والقناعة خلة كريمة، وصفة جميلة، يترتب عليها الرضا والراحة والمطمأنينة فهي شعور غامر بالرضا يحدث نتيجة لايمان الانسان بقدر الله، وقد تحصل القناعة عند حصول المرء على مايستحقه من مكانة أو مال أو وضع اجتماعي يتوازى مع جهده المبذول فإن طمح الى مايستحيل الوصول اليه وليس له القدرة في الحصول عليه كان طموحه خياليا، وكذلك اذا طمع فيما في أيدي الناس فحاول الوصول اليه بغير وجه مشروع فان من كان حاله ذلك صاحبته مشاعر سلبية ضد الاخرين، وذلك قد يولد له
(1) - مجلة البحوث الإسلامية ج 49 ص331-332.
(2)
- الصحاح للجوهري، ج1/ ص 257.
(3)
- الفروق اللغوية للعسكري، ص (34) .
احباطا، وفي الامثال العربية:"العبد حر اذا قنع، والحر عبد اذا طمع" وقديما قيل: "عش قنعا تكون ملكا" وقيل: "القناعة كنز لايفنى، والقناعة كنز لاينفد" وقيل: "خير الغنى القنوع" وفي الاثر: "ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس" وقيل: "من لم يكن قنعا لم يزل جزعا"(1) فالعاقل اللبيب يكون غنيا راضيا عاملا طموحا لما فيه الخير دون اعتداء على حقوق الاخرين، فالقناعة شعور ايجابي وليس هو الرضا بالادنى، وان كان النظر الى من هو ادنى يحدث الرضا في النفس: وفي الحديث (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ)(2) فكن راضيا بما كتب الله مبتهجا بما متعك الله من نعمة السمع والبصر والصحة والمال والولد والاهل والاخوان واحدى هذه النعم تكفي للبيل ليكون راضيا مطمئناً
فانما القناعة الرضا بما كتب والسعي الى اكتساب الخيرات والمسارعة الى اعمال الصالحات، فانعدام القناعة قد يجعل الانسان قلقا كثير التذمر والاضطراب لايبالي باقتراف سلوك غير اخلاقي لهذا فان القناعة تعين على الهدوء والتفكير السليم ومضاعفة الجهد.
ورضي الله عن الامام علي حيث يقول:
أَفادَتني القَناعَةُ كُلَّ عِزٍّ
…
وَهَل عِزٌّ أَعَزُّ مِنَ القَناعَة
فَصَيِّرها لِنَفسِكَ رَأسُ مالٍ
…
وَصَيِّر بَعدَها التَقوى بِضاعَه
(1) - كنوز الامثال، ص69.
(2)
- مسلم في صحيحه حديث رقم (5264) .