الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرشيد من اسماء الله الحسنى
اسم الله الرشيد اشار اليه التنزيل فقال: {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} (1) وقال: {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (2) وجاء في السنة النبوية في حديث ابي هريرة عند الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) وعد منها: (الرشيد)(3) قال الحليمي: الرشيد هو المرشد وهذا مما يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني في خبر الأسامي ومعناه الدال على المصالح والداعي إليها، وهذا من قوله عز وجل. {وهيئ لنا من أمرنا رشدا} فإن مهيئ الرشد مرشد وقال تعالى:{ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} فكان ذلك دليلا على أن من هداه فهو وليه ومرشده (4) .
وقال الدكتور محمد راتب النابلسي: من اسماء الله الحسنى الرشيد. صيغة الرشيد فعيل ، وصيغة فعيل في علم الصرف تعني المبالغة فهناك اسم فاعل، وهناك اسم فاعل مبالغ فيه. تقول مثلا: صادق: اسم فاعل، وصدوق اي كثير الصدق، فهذا مبالغة اسم فاعل، بوزن فعول اما الاسم (الرشيد) فهو على وزن فعيل، وماذا يعني اسم المبالغة في حق ذات الله عز وجل؟ يعني شيئين. فهو يعني عددا ونوعا.. فكل افعال الله عز وجل رشيدة هذا عدد، والرشيد ، اذا وصف الله بهذا الوصف فهو الرشد المطلق (هذا نوع) فالله عز وجل مطلق،
(1) - سورة الكهف الاية (10) .
(2)
- سورة الكهف الاية (17) .
(3)
- باب ماجاء في عقد التسبيح باليد حديث رقم (3429) .
(4)
- الاسماء والصفات للبيهقي ص (201-202) .
فعلمه مطلق، قدرته مطلقة، يجب ان تعلم علم اليقين ان الله سبحانه وتعالى في كل اسمائه وصفاته مطلق (1) . والرشد قد يكون وصفا ذاتيا الله تعالى وقد يكون فعليا اما كونه ذاتيا فراجع إلى العلم والارادة؛ لأن الرشد في اللسان يقع على العاِلم بما يقدم ويؤخر فيتصف الله به من طريق كمال علمه واتقان صنعه ووجود العالم منه على النظام الجميل، والذي هو عليه على مقتضى علمه الرشيد، واما كونه من صفات السلب فهو بمعنى تعاليه عن السفه وصفات النقص التي تشوب المخلوق، اذا عدم الرشد في العلم والعمل، واما كونه من اصفات الافعال فيكون فعيل بمعنى مفعل (2) . والذي يتضح من هذا العرض ان اسم الله رشيد ياتي بمعنى راشد اي حكيم في كل اقواله وافعاله وتدبيره لشؤن الخلق حكيم في كل شيئ، وذاك مايدل على كمال علمه واتقان صنعه وعظيم قدرته. وياتي بمعنى مرشد اي يرشد عباده إلى الصواب والى طريق الحق والى الدين المستقيم والى المصالح التي ينتظم بها شؤن خلقه جل وعلا.
ولا خلاف في جواز اجرائه على العبد بغير خلاف قال سبحانه وتعالى مخبرا عن قوم شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (3) وقال سبحانه {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} (4)
ثمرة معرفة اسم الله الرشيد
(1) - موسوعة اسماء لله الحسنى ج3 ص (201) .
(2)
- الجامع لاسماء الله الحسنى ص (133) .
(3)
- سورة النساء الاية (6) .
(4)
- سورة هود الاية (87) .
اذا علم المكلف ان الله سبحانه وتعالى هو الرشيد المرشد الراشد على الاطلاق في جميع الامور، وانه ارشد الخلق إلى طريق الحق والى المصالح التي ينتظم بها وجودهم والى كل مايحتاجون اليه وجب عليه ان يؤمن به لأنه هو الذي ارشده إلى الايمان به والى منهج العدل والى الدين القيم بما انزله في القرآن الحكيم، وان يحسن معاملة مولاه بما امره به ونهاه عنه، لأن في ذلك غاية الرشد، دل على ذلك قوله صلى الله علية وآله وسلم:(مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا)(1) فقد بين صلى الله عليه وآله وسلم ان الرشد في طاعة الله، والغي في معصيته، فعلى المؤمن ان يرشد عباد الله إلى طاعة الله وعبادته، وان يخلص لهم النصيحة في ذلك، ويحذرهم حبائل العصيان، واتباع خطوات الشيطان، فالرشيد الذي يرشد الناس إلى طاعة الله، ويعلم ان الله جل وعلا اسعده بارشاده، وارشده إلى دينه وكتابه، وارشده إلى محبته ومحبة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فالانسان اذا اتصف بهذه الصفات وكان متبعا لهدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مستقيما في اخلاقه وسلوكه كان رشيدا، ونال من الله حظا مجيدا، ولله سبحانه وتعالى عليه في هذه المنة والفضل، وقد امتن الله على ابراهيم عليه السلام من قبل، فقال سبحانه:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} (2) فاذا كنت اخي مع الله الرشيد، فستكون سعيدا رشيدا، فالله جل وعلا هو الذي الهم
(1) - اخرجه ابي داود في سننه باب الرجل يخطب على قوس حديث رقم (925) .
(2)
- سورة الانبياء الاية (51) .