الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من استعمل قلبه وسمعه وبصره، وذم من لاينتفع بها فقال:{فتكون لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (1) وقال تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (2) فالسمع والبصر كالاخوين يخدم كل واحد منهما صاحبه في ادراكه، وقد ينوب السمع عن البصر في ابلاغ القلب بما ياخذه، فاستخدم هذه النعمة، واجعل قلبك سعيدا تسعد، فاذا اسلم قلبك، وسلم فقد سعدت، فتدبر قول العزيز الحكيم:{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (3) وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ جِئْتُمْ مِنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيد، فَأَنْضَيْتُمَ الظَّهْرَ وَأَخْلَقْتُمَ الثِّيَابَ، وَلَيْسَ السَّعِيدُ مَنْ سَبَقَتْ دَابَّتُهُ، أَوْ رَاحِلَتُهُ، وَلَكِنَّ السَّعِيدَ مَنْ تُقُبِّلَ مِنْهُ.
الشقي من طبع على قلبه
الشقي من عصى ربه، واطاع الشيطان عدوه، وكثر شره، وعق اهله، والشقي من طبع على قلبه ونسي عقاب ربه، فهو شقي في عمله، شقي في نفسه، شقي في بلده ومجتمعه، منغمس في الشهوات المحرمة، متبع لهواه، ومعرض عن ذكر مولاه، فمعيشته ضنكه، وإن عمر القصور، ونكح اشباه الحور، فمتاعه يسير وعيشه حقير، وحسابه غير يسير، فهو يستعجل العذاب
(1) - سورة الاعراف الاية (179) .
(2)
- سورة الحج الاية (46) .
(3)
- سورة الشعراء الاية (89) .
بظلمه للعباد، وبالتعالي والاستبداد، وفي الذكر الحكيم:{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ *مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} (1) ويقول العزيز الحكيم: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} (2) والشقاوة هي الألم الذي يملك كل ملكات النفس لا يترك منها جانباً، يقولون: فلان شقي يعني مُضيَّق عليه ومُتعَب في كل أمور حياته، لا يرى راحة في شيء منها. وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسير قوله تعالى:{غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا. .} (3) يريدون أن يُبِعِدوا المسألة عن أنفسهم ويُلْقون بها على الله تعالى، يقولون: يا رب لقد كتبتَ علينا الشقوة من الأزل، فلا ذنبَ لنا، وكيف نسعد نحن أنفسنا؟ يقولون: لو شاء ربنا ما فعلنا ذلك. ونقول لهم: لقد كتب الله عليكم أزلاً؛ لأنه سبحانة علم أنكم ستختارون هذا (4) .
فسُوءِ الْقَصْدِ وَفَسَادِ النِّيَّةِ وَخُبْثِ السَّرِيرَةِ، وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ وَالصِّفَاتُ هِيَ الْأَصْلُ فِي الشَّقَاوَةِ وَعَلَيْهَا مَدَارُ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ، والشقي يجلب لنفسه ولأمته ومجتمعه الدمار، والشقاء في الدنياء والاخرة، وتدبر قول
(1) - سورة الشعراء الاية (24-27) .
(2)
- سورة القصص الاية (61) .
(3)
- سورة المؤمنون الاية (106) .
(4)
- تفسير الشعراوي، ص6258.