الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى) (1) وكان يقول: (حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)(2) ان الإسلام نظم وقفات كريمة يناجي الإنسان فيها ربه عدة مرات في اليوم الواحد يستريح فيها من الشقاء والعناء ويمجد فيها ربه ويستعينه ويسترضيه في صلاته التي حدد لها وقتا وزمنا معلوما، قال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} (3) وقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (4) .
الحكمة من الصلاة
ان المجتمع الانساني بحاجة الى قوة روحية ترفع من نفسية الافراد على وجه الاستمرار الى مُثل عليا، وذلك خشية ان تنحصر روابط الافراد في الحاجات المادية والمصالح الشخصية مما يؤدي الى الفساد في الارض، والصلاة هي التي تمد الجماعة الانسانية بالقوة الروحية التي لابد منها لصلاح المجتمع، اما من الناحية النفسية فالانسان اذا لم تتصل روحه بمبدعها ظهرت فيه مظاهر الوحشة والاكتئاب وعدم القناعة بشيء. وربما ظن ان وحشته واكتئابه حصل من عدم اخذ حظه من الملهيات فالقى بنفسه بين احضانها وجره ذلك الى تعاطي المسكرات، واقتراف المقبحات، والقنوط واليأس عن الخيرات، والاعراض عن فضل رب الارض السماوات، فيكثر الجزع والهلع،
(1) - سنن ابي داود حديث رقم (1124) .
(2)
- سنن النسائي حديث رقم (3879) .
(3)
- سورة النساء الآية (103) .
(4)
- سورة هود الآية (114) .
وفي القرآن الحكيم: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (1) من هنا يتبين لنا ان اتصال روح الإنسان بخالقها ولو لحظات في اليوم من الضروريات، ولهذا شرع الله الصلاة في الإسلام، وبهذا يدرك العقل الحكمة من الصلاة، فقد جعلها الله مفرجة للكروب، مزيلة للهموم، ميسرة للرزق مجلبة للخير، ومعينة على البر، وسبباً للرحمة، ووسيلة للراحة، ومفتاحا للصحة، ومزيلة للهلع، وسبباً لتوطين النفس على الثبات وقوة الجاش، لعلم المصلي ان كل شيء من الله جل او دق، وهي وسيلة للركون الى الله، وصلة للانسان بربه، ألا ترى ان الحق سبحانه وتعالى خاطب نبيه بقوله:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} (2) وقد جعل الله الصلاة سببا لنيل السعادة والفلاح في الدنيا والاخرة، فبالصلاة تنصلح الأحوال، وتتحقق الامال، وترتفع الدرجات، وبها يحصل للمؤمن ميراث الفردوس الأعلى من الجنة، قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (3) فمن ترك الصلاة كانت خسارته كبيرة، ومعيشته ضنكة، واحواله غير مستقرة، وعاقبته الخسران المبين، قال الشاعر:
خسرَ الذي تركَ الصلاةَ وخابا
…
وأبلى مَعاداً صالحاً ومآبا
(1) - سورة المعارج الآيات (19-23) .
(2)
- سورة الحجر الآيتان (97-98) .
(3)
- سورة المؤمنون الآيات (9-11) .