الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محبة وسلام، فالمحرم عندما يرى البيت الحرام يقول في امن وسلام (اللهم انت السلام ومنك السلام فحيّنا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما ومهابة، وزد من حجه اواعتمره تكريما وتشريفا) ان هذا الدعاء يدل على ان من اهداف الحج غرس حب السلام في النفوس، واستئصال روح الكراهية والبغضاء وتوجيه الناس الى ان يعيشوا اخوة متحابين. (1) ويؤيد هذا المعنى ماجاء في القرآن {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} (2) . وقال الشاعر:
حبذا الحج وأيامُ مِنَى
…
ومُصلّانا وتقبيلُ الحجر (3)
الحج المبرور
الحج المبرور لارفث ولافسوق فيه، والحج المبرور لابد ان يكون الحاج ماله حلالا وملبسه حلالا والحج المبرور يكفر الذنوب ويعوّد الإنسان على الطاعة والاستقامة، والحج المبرور لابد ان يؤديه الإنسان خاليا عن الرياء والسمعة، فيتوجه الإنسان الى ربه بقلب خالص وزاد طيب وان يكون الإنسان قد عزم على التوبة والرجوع الى الله ورد المظالم الى اهلها وهجر المعاصي واصحابها، وان يسبح الله سبحانه وتعالى ويشكره كلما صعد شرفا
(1) - روح الدين الاسلامي، ص262.
(2)
- سورة البقرة الآية (197) .
(3)
- هذا البيت لابن الرومي.
اوركب مركبا او دخل مكانا فهو يلاحظ عند مفارقة وطنه امتثال امر ربه واتباع نهج نبيه وان يحمد الله عند دخوله مكة محرما وان يتذكر عظمة الله وعظمة بيته، والا يتهاون بحرمة البيت بل يخشع ويتضرع ويسجد ويركع، ويطلب الرضوان من الرحيم المنان، وان يكون عند طوافه بالبيت موقنا انه بحضره الرب جوار بيته متفكرا في عظيم جلاله وكبير هيبته وان يبايع الله عز وجل على التزام طاعته، وان يسأله العون على ذلك، وان التزم الملتزم قصد التقرب من ربه واشتاق الى لقائه واستعاذ بالله من عذابه واليم عقابه والا يترك الذكر والدعاء والتضرع والرجاء لرب الارض والسماء، ولايغرنك حال من حج بمال حرام وتطاول على الناس في المسجد الحرام وانغمس في اللهو والاثام فحظه عمل البهتان والزور قال الشاعر:
إِذا حَجَجتَ بِمالٍ أَصلُهُ دَنِسٌ
…
فَما حَجَجتَ وَلَكِن حَجَّتِ العيرُ
لا يَقبَلُ اللَهُ الا كُلَّ طَيبَةٍ
…
ما كُلّ مَن حَجَّ بَيتَ اللَهِ مَبرورُ (1)
وقال اخر:
يحجون بالمال الذي يجمعونه
…
حراما إلى البيت العتيق المحرم
ويزعم كل منهمو أن وزره
…
يحط ولكن فوقه في جهنم
وقال اخر:
يحج لكيما يغفر الله ذنبه
…
ويرجع قد حطت عليه ذنوب
اما احمد شوقي فهو يقول:
(1) - هذان البيتان لابي الشمقمق.
وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ
…
وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ
وَتَشهَدُ ما آذَيتُ نَفساً وَلَم أَضِر
…
وَلَم أَبغِ في جَهري وَلا خَطَراتي
وَلا غلَبَتني شِقوَةٌ أَو سَعادَةٌ
…
عَلى حِكمَةٍ آتَيتَني وَأَناةِ
وَلا جالَ إِلّا الخَيرُ بَينَ سَرائِري
…
لَدى سُدَّةٍ خَيرِيَّةِ الرَغَباتِ
وَلا بِتُّ إِلّا كَاِبنِ مَريَمَ مُشفِقاً
…
عَلى حَسَدي مُستَغفِراً لِعِداتي
وَلا حُمِّلَت نَفسٌ هَوىً لِبِلادِها
…
كَنَفسِيَ في فِعلي وَفي نَفَثاتي
وَإِنّي وَلا مَنٌّ عَلَيكَ بِطاعَةٍ
…
أُجِلُّ وَأُغلي في الفُروضِ زَكاتي
أُبالَغُ فيها وَهيَ عَدلٌ وَرَحمَةٌ
…
وَيَترُكُها النُسّاكُ في الخَلَواتِ
وَأَنتَ وَلِيُّ العَفوِ فَاِمحُ بِناصِعٍ
…
مِنَ الصَفحِ ما سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي
وَمَن تَضحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَرِر
…
يَمُت كَقَتيلِ الغيدِ بِالبَسَماتِ
وقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ
…
أَبُثُّكَ ما تَدري مِنَ الحَسَراتِ
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها
…
كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ
بِأَيمانِهِم نورانِ ذِكرٌ وَسُنَّةٌ
…
فَما بالُهُم في حالِكِ الظُلُماتِ
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِم وَفَخارِهِم
…
فَما ضَرَّهُم لَو يَعمَلونَ لِآتي
وَهَذا زَمانٌ أَرضُهُ وَسَماؤُهُ
…
مَجالٌ لِمِقدامٍ كَبيرِ حَياةِ
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَئوا
…
بَوارِجَ في الأَبراجِ مُمتَنِعاتِ
فَقُل رَبِّ وَفِّق لِلعَظائِمِ أُمَّتي
…
وَزَيِّن لَها الأَفعالَ وَالعَزَماتِ
الحكمة من الطواف
قد جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ومثابة يرجعون اليه ليذكروا الله ويعظموه فالحاج والمعتمر يطوف سبعة اشواط حول الكعبة جاعلا الحجر الاسود نقطة الابتداء. فالبيت رمز لعبادة الله وتوحيده وهو اول بيت وضع للناس فكان الطواف حوله بمثابة تحية لذلك البيت العتيق الذي وضع لعبادة الله وحده، ففي الطواف تشبه بالملائكة الحافِّين حول عرش الله الطائفين حوله، المسبحين له وفي ذلك مايدعو الى سمو الروح واخلاص العبادة لله والشعور بان هذا البيت وضع لذكر الله، فانت تصلي في اليوم خمس مرات او اكثر وتتوجه بصلاتك شطر هذه الكعبة المشرفة، وانت حينما تحج او تعتمر تحيي هذا المكان الذي بناه ابراهيم عبادة لله وحده {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (1) قال الشاعر:
فإذا وصلتُم سالمينَ فبلّغوا
…
منّي السلام أهيلَ ذاك الوادي
وتذكّروا عند الطواف متيماً
…
صبّاً فني بالشوق والإبعادِ
لي من ربا أطلال مكّة مرغبٌ
…
فعسى الإلهُ يجودُ لي بمرادي
ويلوحُ لي ما بين زمزم والصفا
…
عند المقام سمعت صوت منادي
وقد قيل إن حكمة الطواف حول الكعبة تتمثل في تكريمها عن يقين، وتحيتها عن عقيدة صافية، تثق في أن تكريم أول بيت وضع لعبادة الله في أرضه هو أهم أسباب استجلاب الرحمة، فالمزور كريم، وبيته عظيم،
(1) - سورة البقرة الآية رقم (125) .