الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اذا لم يكن لله فعلك خالصا
…
فكل بناء قد بنيت خراب
الرياء يناقض الاخلاص
القلوب تمرض وقد تموت من مرضها ويموت بموتها الانسان وان كان جسمه لايزال معدودا في الاحيا، وفي مرض القلوب وموتها الهلكة بذاتها، وان من اخطر امراض القلوب مرض الرياء الذي هو اظهار فعل الخير رياء للناس ابتغاء ثنائهم، فذلك مميت للقلب، محبط للعمل لان العمل يتطلب الاخلاص، والرياء انما يكون من شخص قصر نظره، ورق دينه، وضعف يقينه لانه يتصور ان الناس اذا راوه بتلك الحالة الصالحة يحسنون الظن به ويعاملونه معاملة خاصة تترك في دنياه في سرور وسعة، اما من بعد نظره، وصدق ايمانه، واخلص في عبادته وعمله لله فانه يعلم ان الامر كله دنيا واخرى لله وحده لاشريك له الذي بيده الضر، وبيده النفع، وبيده العزة، وبيده الحياة، وبيده الموت، وبيده ازمة القلوب يقلبها كيف يشاء، وهو يعلم ان الله وحده يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويبسط الرزق لمن يشاء، ويمنعه عمن يشاء، وان عالم الانس وعالم الجن وعالم الملائكة ومن في الارض ومن في السماوات جميعا اعجز من ان يطيلوا اجلا، أو يكثروا رزقا، أو يجيروا من نائبة تنزل في الدنيا، أو في البرزخ، أو في الاخرة، واذا كانوا في هذا الضعف فلا قيمة اذا للتزلف لهم حتى بعبادة الله وحده الذي بيده ملكوت كل شيء، ولا تشتبه
عليه عبادة المرائين بعبادة المخلصين وأعمالهم، فكيف يرضى العاقل ان يدخل في عمله رياء يبطله، والله سبحانه وتعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (1) ويقول: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (2) ويقول: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (3) ويقول: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} (4) وفي الحديث النبوي (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ)(5) قال الشاعر:
ثَوب الرِياء يَشِفُّ عَن ما تَحتَهُ
…
فَإِذا التحفت بِهِ فَإِنَّكَ عاري (6)
وقال اخر:
دع الرياء لمن لذّ الرياء له
…
فانه الشرك فاحذر زلة القدم (7)
اما محمود الوراق فهو يقول:
أَظَهَروا لِلنّاسِ نُسكاً
…
وَعَلى المَنقوشِ داروا
وَلَهُ صاموا وَصَلّوا
…
وَلَهُ حَجّوا وَزاروا
(1) - سورة البقرة الاية (264) .
(2)
- سورة الانفال الاية (47) .
(3)
- سورة الماعون الاية (4-7) .
(4)
- سورة النساء الاية (38) .
(5)
- البخاري في صحيحه حديث رقم (6018) .
(6)
- هذا البيت لابي الحسن التهامي.
(7)
- المراد بالشرك هنا الشرك الاصغر، والبيت ورد في الموسوعة الشعرية غير منسوب لقائل بعينه.