الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: (ما كربني أمر إلا تمثل لي جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا)(1)
قال الشاعر:
واغنم زمانك راحة وتروحا
…
ودع الهموم فإنها محض الضرر
وادخل ميادين التوكل والرضا
…
واشكرعلى ما ساء من حال وشر
واقتد بتاج الأصفيا علم الهدى
…
زين الوجود محمد خير البشر (2)
القيام بالاسباب يحقق التوكل
الذي يحقق التوكل على الله هو القيام بالاسباب المامور بها؛ فمن عطلها لم يصح توكله؛ فلم يكن التوكل داعية للبطالة، او الاقلال من العمل البتة. بل كان له الاثر العظيم في اقدام عظماء الرجال على جلائل الاعمال التي يسبق إلى ظنونهم ان استطاعتهم وما لديهم من الاسباب الحاضرة يقصران عن ادراكها، ذلك ان التوكل من اقوى الاسباب في حصول المراد ودفع المكروه، بل هو اقوى الاسباب على الاطلاق، فاعتماد القلب على قدرة الله وكرمه ولطفه يستأصل جراثيم الياس ومنابت الكسل، ويشد ظهر الامل
(1) - المستدرك على الصحيحين للحاكم كتاب باب الدعاء والتكبير حديث رقم (1876) وقال عنه الحاكم حديث صحيح الاسناد.
(2)
-هذه الابيات في ديوان الحداد: عبد الله بن علوي بن محمد بن أحمد المهاجر بن عيسى الحسيني (1044-1132هـ/1634-1720م)، الناشر: مؤسسة عبد الحفيظ البساط بيروت، الطبعة الثانبة 1421هـ.
الذي يلج به الساعي اغوار البحار العميقة، ويقارع به السباع الضارية في فلواتها (1) ، هذا هو التوكل في الحقيقة، فاذا فسر بانه قبض اليد عن العمل وطررح الاسباب جملة فذلك تفسير لايقره الشرع الذي يقول {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (2) ويقول:{فامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (3) ويقول: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (4) ومااقترن العزم الصحيح بالتوكل على من بيده ملكوت كل شئ الا كانت العاقبة رشدا ونجاحا، قال تعالى:{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (5) وما جمع قوم بين الاخذ بالاسباب، وقوة التوكل على الله الا احرزوا الكفاية لأن يعيشوا سعداء وما بذل احد جهده وسعى في الامور النافعة سعيه واستعان بالله عليها، واتاها من ابوابها ومسالكها الا وأدرك مقصوده، فإن لم يدركه كله ادرك بعضه، وان لم يدرك منه شئا لم يلم نفسه، ولم يذهب عمله سدى خصوصا اذا ثابر ولم يتضجر (6) فان الله يثيبه على ذلك. ولعظم شان التوكل اكثر الله من ذكره في القران العظيم
(1) - الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها تأليف العلامة محمد بن ابراهيم الحمد، ص208-209 ،الطبعة السابعة 1426هـ2006م الناشر دار ابن خزيمة الرياض.
(2)
- سورة الانفال الاية (60) .
(3)
- سورة الملك الاية (15) .
(4)
- سورة الجمعة الاية (10) .
(5)
- سورة آل عمران الاية (159) .
(6)
- الهمم العالية ص 210.