الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احذر نصائح الشيطان فانها غش وبهتان
احذر اخي تلبيس الشيطان وغشه فربما خدعك بزعم النصيحة واوقعك في البلاء والفضيحة، وسيرك الى مستنقعات الرذيلة، فاحذر نصائحه فانها غش وتدليس، فلا تتبع خطوات ابليس، واستعذ بالله من وسوسته واتباع خطواته، ألا تراى غشه لأبينا ادم وأُمِّنا حواء بقصد ابداء سوآتهما واخراجهما من الجنة، فغشهما في نصحه وقسَمِه انه لهما من الناصحين مين وبهتان، فلا تركن إلى تزيينه، ولا تنخدع بسراب كذبه في نصحه فانها الخديعة، وتدبر قول العزيزالحكيم:{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ *فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} (1)
النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم
(1) - سورة الاعراف الايات (19الى22) .
ان الاخلاص لله بالقول والعمل نصح ودين، فناصح العمل خالصه، وفي غريب القران: النصح تحري فعل او قول فيه صلاح لصاحبه: {وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} (1) وقد جاء في حديث تميم الداري رضي الله عنه يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)(2) قال الخطابي: النصيحة كلمة جامعة معناها: حيازة المنصوح له. وهي من وجيز الكلام، بل ليس في الكلام كلمة مفردة تستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة. وهذا الحديث من الاحاديث التي قيل فيها انها احد ارباع الدين. وقال النووي: بل وحده محصل لفرض الدين كله، لانه منحصر في الامور التي ذكرها، فالنصيحة لله وصفه بما هو له أهل، والخضوع له ظاهرا وباطنا، والرغبة في محابِّه بفعل طاعته والرهبة من مساخطه بترك معاصيه والجهاد في رد العاصين له. وروى الثوري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابي ثمامه صاحب علي قال: قال الحواريون لعيسى عليه السلام: ياروح الله من الناصح لله؟ قال: الذي يقدم حق الله على حق الناصح. والنصيحة لكتاب الله تعلمه وتعليمه واقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وتعلم معانيه وحفظ حدوده والعمل بما فيه وذب تحريف المبطلين عنه. والنصيحة لرسوله تعظيمه ونصره حيا وميتا واحياء سنته بتعلمها وتعليمها والاقتداء به في اقواله وافعاله ومحبة اتباعه.
(1) - سورة الاعراف الايات (79) .
(2)
- اخرج مسلم حديث رقم (82) .
والنصيحة لآئمة المسلمين اعانتهم على ماحملوا القيام به وتنبيههم عند الغفلة وسد خلتهم عند الهفوة وجمع الكلمة عليهم ورد القلوب النافرة اليهم، ومن اعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي احسن، ومن جمله أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم. والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ماينفعهم وكف وجوه الاذى عنهم، وان يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه (1) . وفي الحديث فوائد اخرى يطول شرحها منها ان الدين يطلق على النصيحة لكونه سمى النصيحة دينا، وقد ورد عند الترمذي من حديث ابي هريرة بالتكرار (الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثَلَاثَ مِرَارٍ) (2) وذلك فيه تعظيم لشأن النصيحة. قال الشاعر:
وقم بالنصح ان النصح دين
…
به تجزى الجزيل من العطاء
فقد اوصى النبي به ثلاثا
…
فقدمه لدى كشف الغطاء
وجاء في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ)(3) قال في الفتح: التقييد بالمسلم للاغلب وإلا فالنصح للكافر معتبر بأن يدعى إلى الإسلام ويشار عليه بالصواب إذا استشار (4) ، فاحرص اخي على بذل النصيحة تكن
(1) - مشار الى ذلك في هامش الترغيب والترهيب للمنذري، ج2 ص576.
(2)
- اخرجه الترمذي في سسنه باب ما جاء في النصيحة حديث رقم (1849) .
(3)
- اخرجه البخاري حديث رقم (55) ومسلم حديث رقم (83) .
(4)
- فتح الباري ج1 ص140.
مصلحا رشيدا، فأنت حينما تستجيب لامر الله وتقبل على تطبيق منهج الله تفوز بتعلم علم العليم وقدرة القدير ورحمة الرحيم وحكمة الحكيم، فأسعد انسان هو الذي يبحث عن منهج الله ليطبقه في حياته ليكون سعيدا رشيدا مستقيما، قال العلماء: الرشد هو النصح والاستقامة، والرشد خلاف الغي والضلال، اما الاستقامة فهي تعني: ان تتحرك تحركا صحيحا، ان تصل إلى قصدك النبيل باسلم الطرق والا تحيد عن الحق، وانت حينما تتصل بالله تطهر نفسك من كل ادرانها فلا تحقد ولا تتكبر ولا تبخل بالنصيحة فأنت رشيد، لأنك تسير على صراط مستقيم تتصل بالله وتعلم انك بالنصيحة تفوز بالدنيا والاخرة تنصح لله ولكتابه ولرسوله وللائمة المسلمين وعامتهم، انك بالنصيحة والحكمة تصلح الزوجة الفاسده، وتعلم أبناءك الفرائض والسنن، وانك بالحمق تفسد الزوجة الصالحة وتهلك وتضيع الاولاد النجباء، وانك بالنصيحة بجميل الكلام وطيبه تصلح الاخوان وتكسبهم وتحافظ على الفرائض والسنن وتسعد في الدنيا والاخرة، فأنت تعلم ان الله رشيد ارشدنا الى طاعته وعبادته وارشد الخلائق إلى هدايته ذو الحبل الشديد، والامر الرشيد فاذا كنت مع الله الرشيد فلن تضل ابدا وفي الذكر الحكيم:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (1) .
(1) - سورة الكهف الاية (17) .