الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال بعضهم يبقى هذا الاسم للولد حتى يميز ثم لايقال له بعد ذلك طفل بل صبي وحزوّر ويافع ومراهق وبالغ، وفي التهذيب يقال له طفل إلى ان يحتلم. اما الثعالبي في فقه اللغة فقد ذكر بانه: يقال للصبي إذا ولد رضيع وطفل ونقل عن الأئمة أنه مادام في الرحم فهو جنين، فإذا ولد فهو وليد، ثم مادام يرضع فهو رضيع ثم اذا قطع عنه البن فهو فطيم، ثم إذا ثبتت اسنانه فهو مثقر فإذا كان يتجاوز العشر السنين فهو مُترَعرعٌ فإذا كاد يبلغ الحلم او بلغه فهو يافعٌ ومراهقٌ فإذا احتلم واجتمعت قوته فهو حُزور واسمه في جميع هذه الاحوال غلام (1)، ولم يحدد الثعالبي زمنا معينا لكل مرحلة من المراحل التي ذكرها. ولكن الامام ابراهيم بن اسماعيل الطرابلسي ذكر ان الولد مادام في بطن امه فهو جنين فإذا ولد سمي صبي فإذا فطم سمي غلاما الى سبع سنين ثم يصير يافعا الى عشر حجج ثم يصير حُزورا الى خمس عشرة سنة وذكر ان من قارب الاحتلام فهو مراهق فإذا بلغ فهو محتلم (2) وفي الذكر الحكيم:{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (3) .
التسمية الحسن للطفل وتكنيته مما يرفع من معنوياته
من حق الطفل على ابويه أن يختارا له اسما حسنا جميلا في مبناه ومعناه، وذلك لانه لما كانت الاسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها أقتضت الحكمة أن يكون بين هذه الاسماء وبين معانيها ارتباطا وتناسب، وألا يكون الاسم معها بمنزلة الاجنبي المحض الذي لاتعلق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للاسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثير عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل واللطافة والكثافة، كما قيل
وقل إن أبصرت عيناك ذا لقب
…
إلا ومعناه إن فكرت في لقبه (4)
ولقد أرشدت السنة النبوية إلى ضرورة تحسين أسماء الأبناء، وأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الآباء أن يحسنوا تسمية أبنائهم كما جاء في الحديث (من ولد له ولد فليحسن اسمه)(5)، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم قالوا:(يا رسول الله قد علمنا ما حق الوالد على الولد، فما حق الولد على الوالد؟ قال: أن يحسن اسمه وأن يحسن أدبه)(6) ، ويفهم من هذين النصين أن من حق الطفل على أبيه أن يحسن اسمه، لأن الأسماء القبيحة تؤثر على نفسية الطفل، إذ أن بعض الأطفال يعانون من أسمائهم وقد يلحقهم البؤس والتعاسة بسبب ما يتعرضون له من
(1) - فقه اللغة وسر العربية تأليف الامام اللغوي ابي منصور عبد الملك محمد الثعالبي ص 242 مطبعة المكتبة التجارية الكبرى بمصر 1354هـ 1936م.
(2)
- كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ في اللغة العربية تعريف الامام الاديب ابي اسحاق ابراهيم بن اسماعيل المعروف بابن الاجدابي الطرابلسي المطبعة الرحمانية بمصر 1287هـ ص12-11.
(3)
- سورة النور الاية (59) .
(4)
- تربية الاطفال في البيت والروضة لمحمد حامد الناصر وخولة عبد القادر درويش ص163 الطبعة الرابعة 1419هـ 1999م مكتبة السوادي التوزيع جدة.
(5)
- مشكاة المصابيح، لمحمد عبد الله الخطيب، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط/1405هـ جـ2ص939، حديث (3138) .
(6)
- انظر تيسير المطالب في امالي ابي طالب ص238 مصدر سابق..
الناس وما يصيبهم من الأذى بسبب ذلك، ولأن أول ما يتعلمه الطفل ويحاول كتابته هو اسمه، فإذا كان اسمه جميلاً عاد عليه ذلك بهجة وسعادة، بخلاف ما إذا كان الاسم غير جميل إذ يعرض الاسم القبيح للسخرية والأذى، وكثيراً ما يعاني الطفل من عدم تحسين اسمه، وهي عادة جاهلية حاربها الإسلام ونبذها وعلّم البشرية كيفية تحسين الأسماء.
فقد روى أبو داود وابن حبان في صحيحه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم)(1) . ويستحب تكنية الصغار بغير كنية النبي تأسيا برسول الله صلى الله عية وآله وسلم فهذا انس يقول قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا بن عشر سنين وأن أمه أم سليم أتت به النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم فقالت له هذا أنس غلام يخدمك فقبله وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كناه أبا حمزة ببقلة كان يجتنبها ومازحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له ياذا الأذنين) (2) ولهذة التكنية أثار نفسية رائعة، وفوائد تربوية عظيمة وهي تنمية شعور التكريم والاحترام في نفسية الولد قال الشاعر:
(1) - أخرجه الإمام أحمد في المسند، من حديث زيد بن خالد الجهني، حديث (21313) - وأبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء، حديث (4948) .
(2)
- الإصابة في تمييز الصحابة، للحافظ أحمد بن علي العسقلاني وبهامشه الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر النميري القرطبي (ت: 462هـ) طباعة دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الأولى سنة 1328هـ. ج1 ص126.
أكنيه حين أناديه لأكرمهُ
…
ولا ألقبه والسوأة اللقبُ (1)
كذاك أدبت حتى صار من خلقي
…
إني رأيت ملاك الشيمة الأدبُ
وقال أخر:
وقد تلتقي الاسماء في الناس والكنى
…
كثيرا ولكن لاتلاقي الخلائق (2)
وهناك فرق بين الاسم والكنية واللقب قال ابن القيم رحمة الله هذه الثلاثة وإن اشتركنت في تعريف المدعو بها فإنها تفترق في امر اخر وهو ان الاسم اما ان يفهم مدحا او ذما او لايفهم واحدا منهما، فإن افهم ذلك فهو اللقب، وغالبا استعماله في الذم ولهذا قال تعالى:{وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (3) ولا خلاف في تحريم تلقيب الانسان بما يكرهه، سواء كان فيه او لم يكن، واما اذا عرف ذلك واشتهر به كالاعمش والأعرج، اطرط استعماله على السنة اهل العلم قديما وحديثا ونقل عن الامام احمد ان اللقب اذا كان لايعرف الا به فإنه لايكره، واما ان لايفهم مدحا وذما، فإن صدر بأب وام فهو الكنية وان لم يصدر بذلك فهو الاسم (4) فيستحب تحسين الاسم والابتعاد عن اللقب.
(1) - ورد هذان البيتان مستشهداً بهما في كتب النحو كشرح ابن عقيل وغيره، وورد البيت الثاني في حماسة ابي تمام ونسبه الى بعض الفزاريين ولم يعينه.
(2)
- الموسوعة الشعرية للعلامة والأديب والواعظ الخطيب بدر بن عبد الله بن عبد الكريم الناصر، الناشر: دار العاصمة بالرياض الطبعة الأولى 1427هـ2006م ، ص353.
(3)
- سورة الحجرات الآية (11) .
(4)
- تحفة المولود لابن القيم تحقيق عبد القادر الارناؤوط دار عالم الكتاب الرياض ص157 طبعة واحد 1412هـ.