المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٣

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد

- ‌الباب الأول: في فضله

- ‌الفصل الأول: في فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

- ‌الباب الثاني: في الجهاد وما يتعلق به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية [والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الباب الثالث: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمان والهدنة

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفصل الرابع: في الشهداء

- ‌ كتاب الجدال والمراء

- ‌[حرف الحاء

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: في فضائلهما

- ‌الباب الثالث: في الميقات والإحرام

- ‌الفصل الأول: في الميقات

- ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

- ‌الفرع الثالث: في جزاء الصيد

- ‌[الباب الرابع: في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الفصل الأول: في الإفراد]

- ‌الفصل الثاني: في القران

- ‌الفصل الثالث: في التمتع وفسخ الحج

- ‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

- ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

- ‌في طواف الزيارة

- ‌في طواف الوداع

- ‌في طواف الرجال مع النساء

- ‌في الطواف من وراء الحجر

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الدعاء في الطواف والسعي

- ‌[الفصل الثالث: في دخول البيت]

- ‌الفصل الأول: في الوقوف وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الإفاضة

- ‌الفصل الثالث: في التلبية بعرفة والمزدلفة

- ‌الباب السابع: في الرمي

- ‌الفصل الأول: في كيفيته

- ‌الفصل الثاني: في وقت الرمي

- ‌[الفصل الثالث: في الرمي راكبًا وماشيًا

- ‌[الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة]

- ‌الباب الثامن: في الحلق والتقصير

- ‌الفصل الأول: في تقديم بعض أسبابه على بعض

- ‌الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه

- ‌الباب العاشر: في الهدي والأضاحي

- ‌الفصل الأول: في إيجابها [وأسنانها]

- ‌الفصل الثاني: في الكمية والمقدار

- ‌الفصل الثالث: فيما يجزي منها

- ‌الفصل الرابع: فيما لا يجزي منها

- ‌الفصل الخامس: في الإشعار والتقليد

- ‌الفصل السادس: في وقت الذبح ومكانه

- ‌الفصل السابع: في كيفية الذبح

- ‌الفصل الثامن: في الأكل من الأضحية

- ‌الفصل التاسع: فيما يعطب من الهدي

- ‌الفصل العاشر: في ركوب الهدي

- ‌الفصل الحادي عشر: في المقيم إذا أهدى إلى البيت [أو ضحى هل يحرم أم لا]

- ‌الباب الحادي عشر في الفوات والإحصار والفدية

- ‌الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى

- ‌الفصل الثاني: فيمن أحصره العدو

- ‌الفصل الثالث: فيمن غلط في العدد

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني عشر: في دخول مكة والنزول بها والخروج منها

- ‌الباب الرابع عشر: في أحكام متفرقة تتعلق بالحج

- ‌الفصل الأول: في التكبير في أيام التشريق

- ‌الفصل الثالث: في حج الصبي

- ‌الفصل الرابع: في الاشتراط في الحج

- ‌الفصل الخامس: في حمل السلاح في الحرم

- ‌الفصل السادس: في ماء زمزم

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس عشر: في حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرته

- ‌كتاب: الحدود

- ‌الباب الأول: في حد الردة، وقطع الطريق]

- ‌الباب الثاني: في حد الزنا [وفيه فصلان]

- ‌الفصل الأول: في أحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الذين حدهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في حديث اللواط وإتيان البهيمة

- ‌الباب الرابع: في حد القذف

- ‌الباب الخامس: في حد السرقة

- ‌الباب السادس: في حد الخمر

- ‌الباب السابع: في الشفاعة، والتسامح في الحدود

- ‌كتاب: الحضانة

- ‌كتاب: الحسد

- ‌كتاب: الحرص

- ‌كتاب: الحياء

- ‌حرف الخاء

- ‌كتاب: الخلق]

- ‌كتاب: الخوف

- ‌كتاب: خلق العالم

- ‌كتاب: الخلافة والإمارة

- ‌الباب الاول: في [أحكامهما]

- ‌[الفصل الأول: في الأئمة من قريش]

- ‌الفصل الثاني: في من تصلح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء [346 ب]

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضي الله عنهم

- ‌كتاب الخلع

الفصل: ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

ابن الخطاب فطلقها فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وكانت أم الحكم تحت عياض بن غنم الفهري فطلقها فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي. أخرجه البخاري (1). [صحيح]

قوله: "وعن ابن عباس وكانت قريبة" تصغير قريبة (2) بالقاف والموحدة وهي أخت أم سلمة أم المؤمنين وقيل إنها بفتح القاف.

"وكانت أم الحكم" هي بنت أبي سفيان أخت أم حبيبة أم المؤمنين، أسلمت يوم "الفتح" وهي أم عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان المعروف بابن أم الحكم (3).

قوله: "عياض بن غنم الفهري"(4) غنم بفتح الغين المعجمة وسكون النون، وعياض له صحبة أسلم يوم الحديبية واستشهد وكان بالشام مع ابن عمه أبي عبيدة بن الجراح. [32 ب].

‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

1 -

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيْلِ الله تَعَالَى فَيَسْلِمُونَ وَيُصِيبُونَ إِلَاّ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِم، وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تُخفِقُ وَتُخَوِّفُ وَتُصَابُ إِلَاّ تَمَّ أَجْرهم". أخرجه مسلم (5) وأبو داود (6) والنسائي (7). [صحيح]

"تَخُفُقُ"(8) أي: لا تصيب شيئاً من المغنم.

(1) في "صحيحه" رقم (5287).

(2)

انظر: "التقريب"(2/ 611 رقم 3).

(3)

انظر: "الاستيعاب" رقم الترجمة (3505).

(4)

انظر: "الاستيعاب" رقم الترجمة (1939).

(5)

في "صحيحه" رقم (153/ 1906).

(6)

في "السنن" رقم (2497).

(7)

في "السنن" رقم (3125).

وأخرجه أحمد (2/ 169) وابن ماجه رقم (2785) وهو حديث صحيح وقد تقدم.

(8)

تقدم توضيحه، وانظر:"المفهم"(3/ 730)"فتح الباري"(6/ 50).

ص: 65

قوله: "إلا تعجلوا ثلثي أجرهم" ظاهره أنه لما نالوه من السلامة، والغنيمة، وقد استشكل نقص (1) ثواب المجاهدين بأخذ الغنيمة؛ لأنه مخالف لما ثبت من حل الغنيمة، ولمدح النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أحلت له، ولم تحل لغيره، ولو كانت تنقص الأجر ما وقع النفع بها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم قال:"وجعل رزقي تحت ظل رمحي"(2) وهو المغانم، فكيف يجعله الله رزقاً لرسوله صلى الله عليه وسلم وينقص به الأجر، وكان صلى الله عليه وسلم يرغّب في السلب ويقول:"من قتل قتيلاً فله سلبه"(3) وغير ذلك.

وإشكال آخر وهو: أنه يلزم أن يكون أجر أهل بدر أنقص من أجر أهل أحد مع أنّ أهل بدر أفضل بالاتفاق.

قال القاضي عياض (4): أنه أجاب بأنّ حديث (5) عبد الله بن عمرو ضعيف، لأنه من رواية حميد بن هاني وليس بمشهور.

قال الحافظ ابن حجر (6): هذا مردود؛ لأنه ثقة محتج به عند مسلم، وقد وثقه النسائي وابن يونس وغيرهما، ولا يعرف فيه تجريح عن أحد.

(1) تقدم توضيحه، وانظر:"المفهم"(3/ 730)"فتح الباري"(6/ 50).

(2)

ذكره البخاري في "صحيحه"(6/ 98) الباب رقم 88/ 87).

عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري".

(3)

أخرجه أحمد (5/ 295، 306)، والبخاري رقم (3142) ومسلم رقم (41/ 1751) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.

(4)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 330) حيث قال: حتى قال بعضهم: لا يصح الحديث، وأبو حميد بن هانئ راويه ليس بمشهور.

(5)

وهو حديث صحيح.

(6)

في "الفتح"(6/ 9).

ص: 66

قال (1): ومنهم من حمل نقص الأجر على غنيمةٍ أخذت بغير وجهها، وظهور فساد هذا الوجه يغني عن الأطناب، إذ لو كان الأمر كذلك لم يبق لهم ثلث الأجر ولا أقل.

قلت: بل يكون وزراً.

ومنهم من حمل نقص الأجر على من قصد الغنيمة في ابتداء جهاده، وحمل تمامه على من قصد الجهاد محضاً.

وردّ هذا بأن في صدر حديث أبي هريرة: "لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي"، فالمقسم هو من أخلص، فالجواب عن أصل الإشكال أنه لا يلزم من [الحمل (2)] ثبوت وفاء [33 ب] الأجر لكل غاز، والمباح في الأصل لا يستلزم الثواب بنفسه، لكن ثبت أن أخذ الغنيمة واستيلائها من الكفار يحصل الثواب.

قلت: كما قال تعالى: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} (3)، فهم بأخذ الغنائم ينالون ثواباً آخر لعله يقاوم أو يقارب الثواب الذي [فات (4)] مع عدمها فالناقص، أجر الغزو، وقد ثبت أجر آخر بما نالوه من الكفار.

وأما الإشكال (5) بأهل بدر فأجاب الحافظ عنه بقوله: بأنه لا يلزم من كونهم مع أخذ الغنيمة أنقص أجراً مما لو لم تحصل لهم الغنيمة أن يكونوا في حال أخذهم الغنيمة مفضولين بالنسبة إلى من بعدهم كمن شهد أُحداً؛ لكونهم لم يغنموا شيئاً، بل أجر البدري في الأصل أضعاف أجر من بعده، مثال ذلك: أن نقول: لو فرض أنّ أجر البدري بغير غنيمة ستمائة،

(1) ذكره الحافظ في "فتح الباري"(6/ 9).

(2)

في (أ) الحل.

(3)

سورة التوبة الآية (120).

(4)

في (ب) كان.

(5)

انظر: "فتح الباري"(6/ 8 - 9).

ص: 67

وأجر الأحدي مثلاً بغير غنيمة مائة فإذا نسبنا ذلك باعتبار حديث عبد الله بن عمرو كان للبدري لكونه آخذاً للغنيمة مائتان، وهي ثلث الستمائة فيكون أكثر أجراً من الأحدي.

وإنما امتاز أهل بدر بذلك لكونها أول غزوة شهدها النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الكفار، وكانت مبدأ اشتهار الإسلام وقوة أهله، فكان لمن شهدها مثل أجر من شهد المغازي بعدها جميعاً، فصارت لا يوازيها شيء في الفضل. انتهى (1).

قلت: خلاصته أنّ أهل بدر خصصهم النبي صلى الله عليه وسلم عن عموم حديث [ابن عمرو (2)] وبقي إشكال ثالث ذكره الحافظ عن ابن دقيق (3) فقال: إنما المشكل العمل المتصل بأخذ الغنائم، ولو كانت تنقص الأجر لما كان السلف الصالح يثابرون عليها.

ويمكن أن يجاب: بأن أخذها من جهة تقديم بعض المصالح الجزئية على بعض، لأنّ أخذ الغنائم أول ما شرع كان عوناً على الدين، وقوة لضعف المسلمين [34 ب] وهي مصلحة عظمى يغتفر لها نقص بعض الأجر [150/ أ] من حيث هو.

قال الحافظ (4): وذكر بعض المتأخرين للتعبير بثلثي الأجر في حديث ابن عمرو حكمة لطيفة بالغة: وذلك أن الله أعدّ للمجاهدين ثلاث كرامات دنيويتان وأخروية فالدنيويتان: السلامة والغنيمة، والأخروية: دخول الجنة فإذا رجع سالماً غانماً فقد حصل له ثلثا ما أعد الله له وبقي له عند الله الثلث، وإن رجع بغير غنيمة عوضّه عن ذلك ثواباً في مقابلة ما فاته، فكان معنى الحديث أن يقال للمجاهد: إذا فات عليك شيء من أمر الدنيا عوضك الله ثواباً، وأما الثواب المختص بالجهاد فهو حاصل للفريقين معاً.

قال (5): وغاية ما فيه عد ما يتعلق النعمتين الدنيويتين أجراً بطريق المجاز. انتهى.

(1) انظره نصاً في "فتح الباري"(6/ 9).

(2)

في (أ) ابن عمر.

(3)

في "إحكام الأحكام"(ص 965).

(4)

أي الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(6/ 10).

(5)

أي الحافظ في "الفتح"(6/ 10).

ص: 68

2 -

وَعَن جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَقَالَ: إِنَّ بِالمَدِيْنَةِ رِجَالَاً مَا سِرْتُمْ مَسِيْراً، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيَاً إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ العُذْرُ". أخرجه مسلم (1)، وأخرجه البخاري (2)، وأبو داود (3) عن أنس. [صحيح]

قوله: "في حديث جابر بن عبد الله حبسهم العذر" ترجم البخاري (4) لهذا الحديث بقوله: "باب من حبسه العذر عن الغزو"، وقال ابن حجر (5): العذر الوصف الطاري على المكلف، المناسب للتسهيل عليه، والمراد بالعذر ما هو أعم من المرض، وعدم القدرة على السفر، ووقع في مسلم (6):"حبسهم المرض" وكأنه حمل على الأغلب.

قوله: "إلا كانوا معكم" ولابن حبان (7) وأبي عوانة (8) من حديث جابر: "إلّا شركوكم في الأجر" بدل قوله: "إلا كانوا معكم".

(1) في "صحيحه" رقم (1911).

(2)

في "صحيحه" رقم (2838) وطرفاه (2839، 4423).

(3)

في "صحيحه" رقم (2508).

(4)

في "صحيحه"(6/ 46 الباب رقم 35 - مع "الفتح").

(5)

في "الفتح"(6/ 47).

(6)

في "صحيحه" رقم (159/ 1911).

(7)

في "صحيحه" رقم (4714) عن جابر قال: كنا في غزاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد شهدكم أقوام بالمدينة حبسهم المرض".

(8)

في "مسنده"(4/ 492 رقم 7453) عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد خلفتم بالمدينة رجالاً ما قطعتم وادياً ولا سلكتم طريقاً إلا شركوكم في الأجر؛ حبسهم العذر".

وأخرجه مسلم في "صحيحه" عقب الحديث رقم (159/ 1911)، وأحمد في "المسند"(3/ 300) وأبو يعلى في "مسنده" رقم (2291) وابن ماجه رقم (2765) وعبد بن حميد رقم (1027) والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 24).

قال السندي: قوله: "لقد خلَّفتم" بالتشديد من التخليف، أي: تركتم خلفكم.

ص: 69

وأخرجه أبو داود (1)"بلفظ: "لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيم، قالوا: يا رسول الله! وكيف [35 ب] يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: "حسبهم العذر"(2).

قال المهلب: يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (3) الآية، فإنه فاضل بين المجاهدين والقاعدين، واستثنى أولي الضرر من القاعدين، فكأنه ألحقهم بالفاضلين، وفيه أن المؤمن تبلغّه نيته أجر العامل إذا منعه العذر عن العمل.

3 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ يُقَادُوْنَ إِلَى الجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ". أخرجه البخاري (4) وأبو داود (5). [صحيح]

وقال: يَعْنِي الأَسِيْرَ يُوثَقُ ثُمَّ يُسْلِمُ.

قوله: "في حديث أبي هريرة عجب (6) [ربنا (7)] " الحديث .. في النهاية (8): اعلم أنه إنما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم وقعه عنده وخفي عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده.

"إلا شركوكم" من شرك في المال، كسمع، أي: صار شريكاً فيه.

"حبسهم المرض" فيه فضل النية، وأن من نوى عملاً ومنعه عنه مانع فهو مثل العامل.

(1)

في "السنن" رقم (2508) وقد تقدم.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(6/ 47).

(3)

سورة النساء الآية (95).

(4)

في "صحيحه" رقم (3010).

(5)

في "السنن" رقم (2677).

(6)

تقدم توضيحه مفصلاً.

(7)

في "أ. ب" ربك.

(8)

(2/ 162).

ص: 70

وقيل: معنى عجب ربك، أي: رضي وأثاب فسماه عجباً (1) مجازاً وليس بعجب في الحقيقة والأول الوجه انتهى.

4 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما الإِمَامَ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ بِهِ". أخرجه الخمسة (2) إلا الترمذي. [صحيح]

قوله: "في حديثه الآخر إنّ الإمام جُنَّة" في النهاية (3): لأنه يقي المأموم الزَّللَ والسّهوة، وفي "الجامع" (4): الجنة ما يستجن به أي: يتقى به الحوادث ويكون كالمجن لمن وراءه وهو الترس.

قوله: "أخرجه أبو داود" قال في "الجامع"(5): وقد أخرج البخاري ومسلم والنسائي هذا المعنى في جملة حديث يرد في كتاب الخلافة (6) والإمارة من حرف الخاء.

5 -

وَعَنْ أَنَسْ رضي الله عنه: أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي أُرِيدُ الغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ بِهِ، قَالَ:"ائْتِ فُلَانًا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ". فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: أَعْطِنِي الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ، فَقَالَ لَأَهْلِهِ: يَا فُلَانَةُ! أَعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ بِهِ،

(1) بل العجب صفة من صفات الله عز وجل الفعلية الخبرية الثابتة له بالكتاب والسنة، تقدم توضيحه مفصلاً.

(2)

أخرجه البخاري رقم (2957) ومسلم رقم (1841) وأبو داود رقم (2757) والنسائي رقم (4196).

(3)

(1/ 301 - 302).

(4)

(2/ 623).

(5)

(2/ 623 - 624).

(6)

سيأتي وقد تقدم.

ص: 71

وَلَا تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئًا منه، فَوَالله لَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ. أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2). [صحيح]

قوله: "في حديث أنس فيبارك لك فيه" فضيلة الدلالة على الخير، وفيه أنّ من نوى صرف شيء إلى جهة بر فتعذر عليه، استحب بذله في جهة بر أخرى، ولا يلزمه من ذلك ما لم يلتزمه بنذر.

6 -

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -سَمَّى خَيْلَنَا خَيْلَ الله تَعَالَى، وَكَانَ يَأْمُرُنَا بِالجَمَاعَةِ إِذَا فَزِعْنَا، وَالصَّبْرِ وَالسَّكِينَةِ إِذَا قَاتَلْنَا. أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]

قوله: "في حديث سمرة خيل الله" على حذف مضاف تقديره: خيل أولياء الله أولها كانت يقاتل عليها في سبيل الله من أجله جعلت له.

قوله: "وكان إذا فزعنا" لفظ "سنن أبي داود"(4) بعد قوله: "خيل الله إذا فزعنا" ومثله في "الجامع"(5) ثم قال: وكان رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا فزعنا [36 ب] بالجماعة، فسقط من الحديث على "المصنف" قوله بعد "خيل الله""إذا فزعنا"(6).

7 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "خيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ". أخرجه أبو داود (7).

(1) في "صحيحه" رقم (1894).

(2)

في "السنن" رقم (2770). وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (2560) وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(4)

في "السنن" رقم (2560).

(5)

(2/ 624).

(6)

هذا الحديث وشرحه مقدم على الذي قبله.

(7)

في "السنن" رقم (2611).

ص: 72

والترمذي (1). [صحيح]

قوله: "خير الصحابة أربعة" كأن المراد بهم الذين يصطحبون في السفر أو نحوه، أو الجلساء.

و"الأربعمائة خير السرايا" وهي جمع سرية (2) بزنة عطية، قطعة من الجيش من مائة إلى خمسمائة، فإن زاد على الخمسمائة فهو منسر بالنون ثم المهملة، فإن زاد على ثمانمائة فجيش، فإن زاد على أربعة آلاف سمي جحفلاً، وإن زاد فجيش جرّار، والمراد فلا تزيد ولا تنقص، وإلا فاتت الخيرية وهي مطلوبة في كل شيء.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".

(1) في "السنن" رقم (1555).

وأخرجه أحمد (1/ 294) وعبد بن حميد رقم (652) وأبو يعلى رقم (2587) وابن خزيمة رقم (2538) والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1/ 238) وابن حبان رقم (4717) والحاكم (1/ 443) و (2/ 101) والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 156) من طرق.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف بين الناقلين فيه عن الزهري، ووافقه الذهبي.

وقال البيهقي: تفرد به جرير بن حازم موصولاً.

وتعقبه ابن التركماني بقوله: هذا ممنوع؛ لأن جريراً ثقة، وقد زاد الإسناد فيقبل قوله، كيف وقد تابعه عليه غيره.

وقال المناوي في "فيض القدير"(3/ 474): ولم يصححه الترمذي؛ لأنه يروى مسنداً ومرسلاً ومعضلاً.

قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(3/ 484): "

فالحديث صحيح، فيستحق على هذا أن يكتب في باب الأحاديث التي ضعفها بما ليس بعلة، أو حسنها وهي صحيحة، وبالله التوفيق" اهـ. وهو حديث صحيح إن شاء الله.

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 773).

ص: 73

قلت: وقال (1) هذا حديث حسن غريب، لا يُسنده كبيرُ أحدٍ غيرُ جرير بن حازم، وإنما هذا الحديث عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

وقد رواه [حبان](2) بن علي [العنزيُّ](3) عن عُقيل عن الزهري عن عبيد الله [بن عبد الله](4) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه الليث بن سعد عن عقيل، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. انتهى كلام الترمذي (5).

وقال أبو داود (6): بعد إخراجه والصحيح أنه مرسل.

8 -

وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقامَ بِالعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالِ. أخرجه الخمسة (7) إلا النسائي. [صحيح]

قوله: "في حديث أبي طلحة أقام بالعرصة"(8) بفتح المهملتين وسكون الراء بينهما البقعة الواسعة والمراد هنا موضع الحرب.

(1) في "السنن"(4/ 125).

(2)

في (ب) حسَّان.

(3)

في المخطوط "أ. ب" العامري، وما أثبتناه من "سنن الترمذي".

(4)

زيادة من "سنن الترمذي".

(5)

في "السنن"(4/ 125).

(6)

في "السنن"(3/ 83).

(7)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (3065) ومسلم رقم (78/ 2875) وأبو داود رقم (2695) والترمذي رقم (1551) وأحمد (4/ 29) وهو عندهم بألفاظ.

(8)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 183)، "فتح الباري"(6/ 181).

قال المهلب: حكمة الإقامة لإراحة الظهر والأنفس، ""فتح الباري" (6/ 181) وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (2/ 74) إنما كان ذلك لإظهار تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام، وقلة الاحتفال بالعدو، وكأنه يقول: من كانت فيه قوة منكم فليرجع إلينا.

ص: 74

9 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الحُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عُقَيْلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُليْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رجُلاً مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ، وَأَصَابُوا مَعَهُ العَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وهْوَ فِي الوَثَاقِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ:"مَا شَأْنُكَ؟ "، فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي وَأَخَذْتَ سَابِقَةَ الحَاجِّ؟ يَعْنِي العَضْبَاءَ، قَالَ:"أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ"، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ! يَا مُحَمَّدُ! وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَفِيقًا رَحِيمًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ:"مَا شَأْنُكَ؟ "، قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَقَالَ: "لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الفَلَاحِ"، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ فَأَتَاهُ، فَقَالَ:"مَا شَأْنُكَ؟ ". قَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِي، قَالَ:"هَذِهِ حَاجَتُكَ؟ "، فَافْتَدِيَ بِرَجُليْنِ قَالَ: وَأُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأُصِيبَتِ العَضْبَاءُ، فَكَانَتِ المَرْأَةُ فِي الوَثَاقِ، فَكَانَ القَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الوَثَاقِ فَأَتَتِ الإِبِلَ، فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ البَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى العَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ وَهِي نَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ، أَيْ: مُدَرِّبَةٌ، وَرُوي مُدَرَّبَةٌ، وَرُويَ: مُجَرَّسَةٌ، قَالَ: فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ، قَالَ: وَنَذَرَتْ لله تَعَالَى إِنْ نَجَّاهَا الله عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلمَّا قَدِمَتِ المَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ. فَقَالُوا العَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا الله تَعَالَى عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فأَتَوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ:"سُبْحَانَ الله! بِئْسَمَا جَزَتْهَا، نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا الله تَعَالَى عَلَيْهَا لتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ". أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2)، وأخرج الترمذي (3) منه طرفاً يسيراً. [صحيح]

(1) في "صحيحه" رقم (8/ 1641).

(2)

في "السنن" رقم (3316) وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (1527 مختصر" ورقم (2636 مطولاً" عن ثابت بن الضحاك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على العبد نذر فيما لا يملك

".

وأخرجه البخاري رقم (6047) ومسلم رقم (110) وأبو داود رقم (3257) والنسائي رقم (3813).

ص: 75

"المُدَرَّبَةُ"(1) المخرّجة المؤدّبة التي ألفِتِ الركوب وعُوِّدت المشي في الدروب.

"وَالمُجَرَّسَةُ"(2) بالجيم والسين المهملة: المجربة المدربة في الركوب والسير.

قوله: "في حديث عمران بن الحصين كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل".

الحلفاء جمع حليف، وهو الذي يحالفك على الشيء أي: يعاهدك.

وقوله: "لبني عقيل" هو مصغّر.

قوله: "العضباء" هي ناقة (3)[37 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناقة العضباء (4) هي المشقوقة الأذن، ولم تكن ناقة رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عضباء، وإنما هذا اسم لها.

قوله: "سابقة الحاج" أراد بسابقة الحاج ناقته كأنها كانت لسرعتها تسبق الحاج.

قوله: "بجريرة [151/ أ] حلفائك ثقيف" يريد أنها كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين ثقيف موادعة، فلما نقضوها ولم ينكر عليهم بنو عقيل صاروا مثلهم في نقض العهد، وقد استشكل المازري (5) رده إلى دار الكفر، وأجاب ابن الأثير (6) فقال: وإنَّما ردَّه إلى دار الكفر بعد إظهار كلمة الإسلام؛ لأنه علم أنه غير صادق، وأنّ ذلك لرغبة أو رهبة، وهذه خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 562).

(2)

"غريب الحديث" للهروي (1/ 183). "الفائق" للزمخشري (2/ 172).

(3)

انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/ 492)"الرصف لما روي عن النبي من الفعل والوصف".

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 218).

(5)

في "المعلم بفوائد مسلم"(2/ 238).

ثم قال النووي: وليس في هذا الحديث أنه حين أسلم وفادى به رجع إلى دار الكفر ولو ثبت رجوعه إلى دارهم وهو قادر على إظهار دينه لقوة شوكة عشيرته أو نحو ذلك لم يحرم ذلك، فلا إشكال في الحديث، وقد استشكله المازري وقال: كيف يرد المسلم إلى دار الكفر، وهذا الإشكال باطل مردود.

(6)

في "الجامع"(2/ 629).

ص: 76

وقيل: معناه: أخذت لندفع بك جريرة حلفائك من ثقيف، ويدل على صحة ذلك أنه فدي بعد بالرجلين الذي أسرهما ثقيف من المسلمين، وفيه دليل أنّ الحليف يعقل مع العاقلة إذا وجبت الدية وذهب إلى هذا طائفة من الفقهاء، والجريرة (1): الجناية والذنب.

قوله: "لو قلتها وأنت تملك أمرك فلحت كل الفلاح" يريد: إذا أسلمت قبل الأسر أفلحت الفلاح التام، بأن يكون مسلماً حراً؛ لأنه إذا أسلم بعد الأسر كان مسلماً عبداً.

قوله: "ففدي بالرجلين" يقال: فدي الأسير إذا أعطى عوضه مال أو غيره وأطلق سبيله.

[قوله (2)]"قال" أي: عمران.

"وأصيب امرأة من الأنصار" هي امرأة أبي ذر.

"وأصيبت العضباء" يحتمل أنها كانت العضباء معها، وأنها أصيبت المرأة بالأسر وأخذت العضباء، ويحتمل أن العضباء كانت مع غيرها أخذها من أسر المرأة. [38 ب].

قوله: "في الوثاق"(3) بكسر الواو فمثلثة هو قيد، أو حبل يشد به الأسير.

قوله: "فانفلتت" أي: المرأة ذات ليلة.

قوله: "رغا"(4) بالراء فغين معجمة، هو صوت ذوات الخف، يقال: رغا البعير إذا صاح فتتركه لئلا يسمعوا صوته فيتنبهوا لها.

قوله: "مدربة"(5) هي المتخرجة التي قد ألفت الركوب والسير، ويأتي تفسير "المصنف" لها بزيادة، وعودت المشي في الكروب فهي مشتقة من ذلك.

(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 252)، "الفائق" للزمخشري (2/ 442).

(2)

زيادة من (أ).

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 822).

(4)

"غريب الحديث" للخطابي (3/ 230)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 670).

(5)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 562) وقد تقدم.

ص: 77

ويأتي تفسيره المجرسة (1) وهي بالجيم وراء وسين مهملتين.

قوله: "ورويَ مدرنة" أي: بالنون عوضاً عن الموحدة، إلا أني لم أجده في النهاية (2)، ولا "القاموس"(3)، ولا في غريب "الجامع"(4) بهذا المعنى.

و [أما](5) ما في حديث (6) الزكاة "ولا يعطي الدرنة"(7) فالمراد بها الجرباء ولا يناسب هنا.

وعلى أنه ليس في رواية "الجامع"(8) هذا اللفظ فلا أدري من أين أتى به "المصنف" والذي فيه "مدربة" بالموحدة.

قال: وعند أبي داود (9) مجرسة، وقد تصحف "منوقة" من النون إلى المثناة الفوقية، قال الحرمي (10): إنما هي منوقة بالنون وهي التي قد ريضت وأدبت.

قوله: "ونذروا بها" بكسر المعجمة، أي: علموا، وفيه دليل على جواز سفر المرأة وحدها للضرورة كالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكالهرب ممن يريد منها فاحشة، فالنهي عن سفرها وحدها محمول على غير حال الضرورة.

(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 255)، وانظر:"الفائق" للزمخشري (2/ 172).

(2)

انظر: (1/ 562).

(3)

"القاموس المحيط"(ص 1543).

(4)

(2/ 630).

(5)

زيادة من (أ).

(6)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1582) من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري. وهو حديث صحيح.

(7)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 566).

(8)

(2/ 638).

(9)

في "السنن" رقم (3316).

(10)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 805)، "الفائق" للزمخشري (4/ 30).

ص: 78

وفيه دليل لما يقوله الشافعي (1) من أنّ الكفار لا يملكون مال المسلم إذا غنموه، وقال أبو حنيفة (2): يملكونه إذا حازوه إلى دار الحرب، وحجة الشافعي [في قوله (3)]"فيما لا يملك العبد".

قوله: "فيما لا يملك العبد" قالوا: هو محمول على ما إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه [39 ب] كإن شفى الله مريضي فلله عليّ أن أعتق عنه فلان ونحو ذلك.

أمّا إذا التزم شيئاً في الذمة لا يملكه فيصح نذره كإن شفى الله مريضي فعليّ عتق رقبة، وهو حينئذ لا يملكها ولا يملك قيمتها، فيصح نذره، فإذا شفى الله مريضه ثبت العتق ولزمه أخذ رقبة.

قوله: "في الدروب" زاد في "النهاية"(4): فصارت تألفها وتعرفها ولا تنفر.

10 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضي الله عنهما قَالَ: المُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرُوا جَسَدَ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ فَأَبَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يِبِيعَهُمْ. أخرجه الترمذي (5). [ضعيف]

قوله: "في حديث ابن عباس أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (6): هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث الحكم، ورواية الحجاج بن أرطأة أيضاً عن الحكم.

وقال [أحمد بن الحسن (7)]: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ابن أبي ليلى لا يحتج بحديثه.

(1)"البيان" للعمراني (12/ 190 - 191).

(2)

"البناية في شرح الهداية"(6/ 605)، "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (3/ 466).

(3)

زيادة من (أ).

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 562).

(5)

في "السنن" رقم (1715) وهو حديث ضعيف.

(6)

في "السنن"(4/ 214).

(7)

زيادة من المخطوط غير موجودة في "السنن"(4/ 214).

ص: 79