الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 -
وعن مالك (1) أنه بلغه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ. وَالمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ". [صحيح].
قوله: في حديث مالك: "وارتفعوا عن بطن عرنة" في "القاموس"(2): بطن عرنة كهمزة بعرفات (3)، وليس من الموقف. انتهى.
وقد ورد تعليل النهي عن الوقوف بأنه موضع الشياطين.
قوله: "وارتفعوا عن بطن محسِّر" بمهملتين فراء، في "القاموس" (4): بطن محسر، كمحدث قرب المزدلفة. انتهى.
وسمي بذلك لأن فيه حسر (5) الفيل، وأهلك الله به أهله الذين قادوه لخراب بيت الله، وكان صلى الله عليه وسلم يسرع (6) السير فيه.
الفصل الثاني: في الإفاضة
الإفاضة: الدفع، قاله الأصمعي (7) ومنه: أفاض القوم في الحديث إذا دفعوا فيه.
(1) في "الموطأ"(1/ 388 رقم 166) بلاغًا. وقد جاء موصلاً عن جابر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نحرتُ هاهنا ومِنى كُلُّها منحرٌ، فانحروا في رحالكم، ووقفتُ هاهُنا، وعرفة كلَّها موقفٌ، ووقفتُ هاهنا وجمعٌ كُلُّها موقف".
- أخرجه أحمد (3/ 321)، ومسلم رقم (149/ 1218)، وأبو داود في "السنن" رقم (1907). وهو حديث صحيح.
(2)
"القاموس المحيط"(ص 1568).
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية": عُرَنة: موضعٌ عند الموقف بعرفات، وقيل: الأولى بجوار عرفات.
(4)
"القاموس المحيط"(ص 480).
(5)
أي: أعي وكلَّ. قاله النووي في شرح "صحيح مسلم"(8/ 190).
(6)
انظر: "المغني"(5/ 287)، "المجموع شرح المهذب"(8/ 264).
(7)
انظر: "الصحاح"(3/ 1099). "فتح الباري"(3/ 532).
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دَفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عَرَفَةَ فَسَمِعَ وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَرْبًا لِلإِبِلِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِسَوْطِهِ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الِبرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ". أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي. [صحيح].
"الإيضاع"(2) الإسراع.
قوله: "في حديث ابن عباس [176 ب]: عليكم بالسكينة" في السير والمراد: السير بالرفق وعدم المزاحمة.
قوله: "نحرت هاهنا"(3) أي: عند الجمرة الأولى التي تلي المسجد.
2 -
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: دَفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى إذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضّأَ وَلَمْ يُسْبغِ الوُضُوءَ. فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ يا رسولَ الله؟ فَقَالَ: "الصَّلَاةُ أَمَامَكَ. فَرَكِبَ، فَلمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ
(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1671)، واللفظ له.
وأخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1920)، وفيه:"أيُّها الناس عليكم بالسَّكينة، فإنّ البر ليس بإيجاف الخيل والإبل".
وأخرجه النسائي رقم (3019)، وفيه: "
…
السَّكينة السَّكينة
…
". وهو حديث صحيح.
(2)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 250): الإيضاع: ضربٌ من سير الإبل سريع. والإيجاف: حثُ الركائب على السير والسرعة فيه.
(3)
هذه العبارة ليست في الحديث المشروح هاهنا، وإنما هي في الحديث رقم (15) من الفصل السابق (ص 234).
الصَّلَاةُ فَصَلَّى المَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ. ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصلّى العِشَاءُ ولم يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا". أخرجه الستة (1) إلا الترمذي. [صحيح].
قوله: "في حديث أسامة: حين وقعت الشمس" أي: غربت.
قوله: "ولم يسبغ الوضوء" أي: لم يتمه حتى تصح به الصلاة، إذ الإسباغ هو إتمام الوضوء، ولذا قال في الثاني: فأسبغ الوضوء.
قوله: "ثم أقيمت الصلاة" لم يذكر الأذان وفيه روايات فيها اختلاف.
قال ابن حزم (2): إنه لم يجده - أي الأذان والإقامة للعشائين بمزدلفة مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولو ثبت عنه لقلت به.
وقال الشافعي (3): يجمع بينهما بإقامتين فقط، وعنه في القديم بأذان واحد وإقامتين.
قوله: "ولم يصلِّ بينهما شيئًا" أي: على أثر المغرب وهي نافلته، وأمّا نافلة العشاء فيحتمل أنه صلّاها، إذ ليس في الحديث إلاّ نفي النفل بينهما (4)، ولكن في رواية البخاري:"ولا على أثر واحد منهما" فأفاد عدم التنفل عقيب المغرب وعقيب العشاء.
ونقل ابن المنذر (5) الإجماع على ترك التطوع بين الصلاتين في المزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما.
(1) أخرجه البخاري رقم (139)، ومسلم رقم (1280)، وأبو داود رقم (1920)، وابن ماجه رقم (3019)، والنسائي رقم (609).
(2)
في "المحلى"(7/ 126 - 127).
(3)
"المجموع شرح المهذب"(4/ 285).
(4)
انظر: "المغني"(3/ 155 - 157).
(5)
في كتابه "الإجماع"(ص 65 رقم 190).
3 -
وفي رواية (1) أخرى عن عُروة قال: سُئِلَ أُسَامَةُ رضي الله عنه: كَيْفَ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ في حُجَّةِ الوَدَاعِ حِينَ دَفعَ؟ فقَالَ: كانَ يَسِيرُ العَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. [صحيح].
قال هشام: "وَالنَّصُّ"(2) فوق العَنَقِ.
4 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ في ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. أخرجه الخمسة (3). [صحيح].
قوله: "في حديث ابن عباس في ضعفة أهله" أي: من نساء وغيرهم بليل، أي: من جمع، واستدل على وجوب المبيت بالمزدلفة أنه لم يأذن صلى الله عليه وسلم إلاّ لضعفة أهله، ولذا قال ابن عمر (4): أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدلّ أنّ حكم من لم يرخص له ليس كحكم من رخص له.
وقد أخرج الطحاوي (5) رواية ابن عباس مطوّلة [177 ب] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ليلة المزدلفة: اذهب بضعفائنا ونسائنا، فليصلوا الصبح بمنى، وليرموا جمرة العقبة قبل أن تصيبهم دفعة، قال: فكان عطاء يفعله بعد ما ضعف وكبر.
(1) أخرجه البخاري رقم (1666)، ومسلم رقم (283/ 1286)، وأحمد (5/ 210).
(2)
قال أبو عبيد في غريب الحديث (3/ 178) النصّ: التحريك حتى يستخرج من الناقة أقصى سيرها.
والنصُّ أصله منتهى الأشياء وغايتها ومبلغ أقصاها.
(3)
أخرجه أحمد (1/ 221)، والبخاري رقم (1678)، ومسلم رقم (301/ 1293)، وأبو داود رقم (1939)، والترمذي رقم (892)، والنسائي رقم (3033)، وابن ماجه رقم (3025).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 33)، والنسائي في "السنن الكبرى"(4/ 168 رقم 4023).
- وأخرجه البخاري مطولاً رقم (1676)، ومسلم رقم (304/ 1295).
(5)
في شرح معاني الآثار (2/ 215).
5 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رضي الله عنها رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، وَكانَتِ امْرأَةً ضَخْمَةً ثَبِطَةً فَأَذِنَ لهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَيْتَنِي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُه كما اسْتأذَنْتهُ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تُفِيضُ إِلَاّ مَعَ الإِمَامِ. أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2)[صحيح].
"ثَبِطَهِ" أي: بَطيئة.
قوله: "في حديث عائشة: استأذنت سودة" أي: بنت زمعة أم المؤمنين.
قوله: "ثقيلة" أي: من عظم جسمها "ثبطة"(3) بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها مهملة خفيفة، أي: بطيئة الحركة كأنها تثبط بالأرض، أي: تشبث بها، قاله في "الفتح"(4).
6 -
وعنها رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر. فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت. أخرجه أبو داود (5) والنسائي (6). [ضعيف].
قوله: "في حديث عائشة: فرمت الجمرة قبل الفجر". قال المنذري (7): قال البيهقي (8): هذا إسناد صحيح لا غبار عليه [190/ أ] ذكر ذلك عقب حديث أبي داود وقال: قال
(1) أخرجه البخاري رقم (1680)، ومسلم رقم (294/ 1290).
(2)
في "السنن" رقم (3037).
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 205): أي ثقيلة بطيئة، من التثبيط وهو: التَّعويق، والشَّغل عن المراد.
وانظر: غريب الحديث للخطابي (2/ 213).
(4)
(3/ 529).
(5)
في "السنن" رقم (1942). وهو حديث ضعيف.
(6)
في "السنن"(3066) وفيه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر إحدى نسائه أن تنفر من جمع ليلة جمع فتأتي جمرة العقبة فترميها وتصبح في منزلها وكان عطاء يفعله حتى مات". إسناده ضعيف.
(7)
في "مختصر السنن"(2/ 405).
(8)
في "معرفة السنن والآثار"(7/ 317 رقم 10183)
الشافعي (1): فدلّ على أنّ خروجها كان بعد نصف [الليل](2) وقبل الفجر لأنها لا تصلي الصبح إلاّ بمكة، وقد رمت قبل الفجر بساعة، وخالف الشافعي عطاء (3) وطاوس وقالا: لا ترمي قبل طلوع الفجر، وقال مالك (4) وغيره (5): ترمي بعد الفجر، ولا يجوز تعجيل ذلك. انتهى.
وقالت الحنفية (6): لا ترمي جمرة العقبة إلاّ بعد طلوع الشمس، فإن رماها قبل طلوع الشمس [و](7)[قبل طلوع الفجر](8) جاز، وإن رماها قبل الفجر أعاد.
قال الحافظ (9): وبهذا قال أحمد (10) وإسحاق (11) والجمهور (12)، واحتج إسحاق بحديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم قال لغلمان بني المطلب: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس".
(1) في "الأم"(3/ 553)، وانظر:"المجموع شرح المهذب"(8/ 177، 180).
(2)
سقطت من المخطوط. وأثبتناها من "الأم".
(3)
انظر: "المغني"(5/ 295)، "المجموع شرح المهذب"(8/ 177).
(4)
في عيون المجالس (2/ 838 مسألة رقم 563).
(5)
انظر: "فتح الباري"(3/ 579 - 580).
(6)
انظر: المبسوط (4/ 68).
(7)
زيادة يستلزمها السياق.
(8)
في هامش المخطوط (ب) كذا ولعله: بعد طلوع الفجر.
(9)
في "فتح الباري"(3/ 528).
(10)
"المغني"(5/ 330).
(11)
المجموع شرح المهذب (8/ 208).
(12)
"فتح الباري"(3/ 528). "المغني"(5/ 330).
وهو حديث حسن أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2) و [الطحاوي (3)](4) وابن حبان (5) ثم ذكر طرقه وقال: وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا، ومن ثمة صححه الترمذي وابن حبّان، وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس فمن لم يرخص له أولى. انتهى.
قلت: وهو معارض [178 ب] بحديث عائشة المذكور في الكتاب، فجمع بينهما الشافعي (6) بحمل حديث ابن عباس على الندب.
قال الحافظ (7): ويؤيده ما أخرجه الطحاوي (8) من طريق شعبة عن ابن عباس قال: "بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر".
(1) في "السنن" رقم (1940).
(2)
في "السنن" رقم (3064).
(3)
في شرح معاني الآثار (2/ 217).
(4)
في (ب) البخاري.
(5)
في "صحيحه" رقم (3869).
وأخرجه أحمد (1/ 234)، والترمذي رقم (893)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه رقم (3025)، والحميدي رقم (365)، والطبراني في "المعجم الكبير" رقم (1299)، (12703)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 131 - 132)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (1943) من طرق.
وهو حديث صحيح.
(6)
المجموع شرح المهذب (8/ 180).
(7)
في "فتح الباري"(3/ 529).
(8)
في شرح معاني الآثار (2/ 215) وقد تقدم.