الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإليه ذهب الشافعي (1) وأحمد (2) وإسحاق، وذهب جماعة إلى أنّ كل ما يمنع عن الوصول إلى البيت الحرام والمضي في إحرامه من عدو أو مرض أو جراح أو ذهاب نفقة أو ضلال راحلة إلى أنه يصح له التحلل، وبه قال ابن مسعود، وهو قول إبراهيم النخعي والحسن ومجاهد وعطاء وقتادة وعروة بن الزبير، وإليه ذهب الثوري وأهل العراق (3). عن البغوي بتلخيص.
الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى
1 -
عن كعب بن عُجْرَة رضي الله عنه قال: أتى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أوقد تحت قدر لي والقمل يتناثر على وجهي فقال: "أتؤْذِيكَ"(4) هَوَامُّ رَأسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ أو أَطْعمْ سِتَةَ مَسَاكيْنَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً لَا أَدْرِي بأيِّ ذلِكَ بَدَأَ. فنزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ". أخرجه الستة (5). [صحيح].
"الْهَوَامُّ"(6) جمع هامَّة، وهي ذوات الدِّبيبِ كالقَمل ونحوه.
(1) المجموع شرح المهذب (8/ 301 - 304).
(2)
"المغني"(5/ 195 - 196).
(3)
انظر: "فتح الباري"(4/ 4)، "المغني"(5/ 195 - 196). عيون المجالس (2/ 893).
(4)
في (ب): أيؤذيك.
(5)
أخرجه البخاري رقم (1816)، ومسلم رقم (85/ 1201)، وأبو داود رقم (1856)، وابن ماجه رقم (3079) و (3080)، والترمذي رقم (953، 2973، 2974)، والنسائي رقم (2851، 2852)، ومالك في "الموطأ"(1/ 417).
(6)
قاله ابن الأثير "غريب الجامع"(3/ 391)، وانظر: الغريبين (6/ 1950).
قوله: "في حديث كعب: أيؤذيك هوام رأسك" قال القرطبي (1): هذا سؤال عن تحقيق العلَّة التي يترتَّب عليها الحكم، فلما أخبره بالمشقة التي نالته خفَّف عنه.
قوله: "فاحلق" .. الحديث، قال ابن قدامة (2): لا نعلم خلافًا في إيجاب الإزالة بالحلق سواء كان بموسى أو مقص أو نورة أو غير ذلك وأغرب ابن حزم (3)[فقال](4): تلحق جميع المزيلات بالحق إلاّ النتف، زاد البخاري (5):"وهو مخيّر".
قال الحافظ (6): يذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة: ما كان في القرآن "أو" فصاحبه بالخيار.
قوله: "فصم ثلاثة أيام" هذا تقييد للصيام المطلق [213 ب] في الآية.
قال ابن التين (7) وغيره: جعل صلى الله عليه وسلم صوم يوم معادلاً [بصاع](8)، وفي الفطر من رمضان عدل مدّ، وكذا في الظهار، والجماع في رمضان، وفي كفارة اليمين ثلاثة أمدادٍ وثُلث، وفي ذلك أقوى دليل على أنّ القياس لا يدخل في الحدود والتقديرات.
قوله: "أو انسك نسيكة" النسك تطلق على العبادة وعلى الذبح المخصوص وبينها قوله: "شاة" كما أنّه بيّن صلى الله عليه وسلم الصدقة بقوله: "أو أطعم ستة مساكين"، فإنها في الآية مبهمة
(1) في "المفهم"(3/ 287).
(2)
انظر: "المغني"(5/ 146).
(3)
في المحلى (7/ 208).
(4)
سقطت من (ب).
(5)
في "صحيحه"(4/ 12 الباب رقم 5).
(6)
في "فتح الباري"(4/ 12).
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 13).
(8)
في المخطوط: الصاع وما أثبتناه من "فتح الباري"(4/ 13).
فسّرتها السنة، وبوّب البخاري (1) لذلك بقوله: باب قوله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ} ، وهي إطعام ستة مساكين، وبوّب للنسك (2) شاة بقوله: باب النُّسكُ شاةٌ، وبوّب (3) للإطعام بأنّه نصف صاع كما بيّنه الحديث.
قوله: "وهي ذات الدبيب كالقمل ونحوه" في "فتح الباري"(4)[202/ أ] والهوّام بتشديد الميم جمع هامة، وهي ما يدب من الأخشاش، والمراد بها ما يلازم جسد الإنسان غالبًا إذا طال عهده بالتنظيف، وقد عين في كثير من الروايات أنها القمل. انتهى.
2 -
وعن الحجَّاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. يقوله: "مَنْ كُسِرَ أَو عَرَجَ فقد حَلَّ وَعَلَيْهِ الحَجّ مِنْ قَابِلِ". أخرجه أصحاب السنن (5). [صحيح لغيره].
قوله: "في حديث الحجاج بن عمرو أو عرج" حكى يعقوب وثعلب (6): عرج الرجل إذا صار أعرج، وعرج بفتح الراء إذا غمز من شيء أصابه.
قوله: "فقد حل" أي: أبيح له فعل [ما](7) هو حلال.
وقوله: "وعليه الحج من قابل" إذا كان إحرامه بحجة الإِسلام.
(1) في "صحيحه"(4/ 16 الباب رقم 6 - مع الفتح).
(2)
في "صحيحه"(4/ 18 الباب رقم 8 - مع الفتح).
(3)
في "صحيحه" رقم (4/ 16 الباب رقم 7 باب الإطعام في الفدية نصف صاع - مع الفتح).
(4)
(4/ 14).
(5)
أخرجه أبو داود رقم (1862) ، والترمذي رقم (940)، والنسائي رقم (2860)، وابن ماجه رقم (3077). وأخرجه أحمد (3/ 450).
وهو حديث صحيح لغيره.
(6)
انظر: "الفائق" للزمخشري (2/ 408). "غريب الحديث" للخطابي (1/ 174).
(7)
في (ب) من.
3 -
وعن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر: أنه كان مع مَولاهُ، فَمَرُّوا عَلَى الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَهُوَ مَرِيضٌ بِالسُّقْيَا. فَأَقَامَ عَلَيْهِ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ حَتَّى إِذَا خَافَ الْفَوْتَ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنهما وَهمَا بِالمَدِينَةِ فَقَدِمَا عَلَيْهِ. ثُمَّ إِنَّ حُسَيْنًا رضي الله عنه أَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ. فَأَمَرَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِحَلْقِ رَأْسِهِ. ثُمَّ نَسَكَ عَنْهُ بِالسُّقْيَا فَنَحَرَ عَنْهُ بَعِيرًا.
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَكَانَ حُسَيْنٌ خَرَجَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ في سَفَرِهِ ذَلِكَ إِلَى مَكَّةَ. أخرجه مالك (1). [موقوف حسن].
قوله: "في حديث أبي أسماء وهو مريض بالسقيا" السقيا منزل بين مكة والمدينة قيل: هي على يومين من المدينة بها بدو، سميت السقيا لآبار كثيرة فيها، قاله السهيلي (2).
قوله: "فنحر عنه بعيرًا" فيه أنّ الزيادة على الشاة لا بأس بها.
قوله: "في رواية الحجاج بن عمرو" الحديث [214 ب] تمامه في "الجامع"(3): قال عكرمة: فسمعته يقول ذلك، فسألت ابن عباس وأبا هريرة عمّا قال: فصدّقاه، زاد أبو داود (4) في رواية:"أو مرض".
4 -
وعن عمرو بن سعيد النخعي: أنه أهلَّ بعُمرة. فَلمَّا بَلَغَ ذَاتَ الشُّقُوقِ لُدِغَ فَخَرَجَ أَصْحَابُهُ إِلى الطَّرِيقِ عسَى أَنْ يَلْقَوْا مَنْ يَسْأَلُونَهُ. فَإِذَا هُمْ بِابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُمْ: لِيَبْعثْ بهْدِيٍ أَوْ بِثَمَنِهِ وَاجْعُلوا بَيْنكُمْ وَبَيْنُه أَمَارَةً يوْمًا. فَإِذَا ذَبَحَ الهَدْيُ فَلْيُحِلَّ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ. أخرجه رزين.
(1) في "الموطأ"(1/ 388 رقم 165) وهو أثر موقوف حسن.
(2)
الشرح هنا على الحديث السابق رقم (2).
(3)
(3/ 392).
(4)
في "السنن"(1863).
وأخرجه ابن ماجه رقم (3078)، وهو حديث صحيح.