الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفَأُضَحِّي بِهَا؟ قَالَ: "لَا. وَلَكِنْ تَأْخُذُ مِنْ شَعْرِكَ وَأَظْفَارِكَ وَتَقُصُّ شَارِبَكَ وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ، فَذلكَ تَمَامُ أُضْحِيَتِكَ عِنْدَ الله تَعَالى". أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [حسن].
قوله: "في حديث عبد الله بن عمرو: وأمرت بيوم الأضحى" أي: أمرني الله بالذبح فيه كما يفيده السياق والترجمة، ولذا قال الرجل: أرأيت .. إلى آخره، فإنه فهم أنّ المأمور به الذبح، وأقره صلى الله عليه وسلم على فهمه والأمر للوجوب، ولكنّه صلى الله عليه وسلم لما ذكر في فتواه للرجل أنّ تلك الأعمال عوض الأضحية دلّ على إجزائها عن الذبح حيث لا يجده، وأنّه يؤجر بها أجر من ذبح أضحية.
3 -
وعن نافع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي عَمَّا فِي بَطنِ المَرْأَةِ. أخرجه مالك (3). [موقوف صحيح].
قوله: "في حديث نافع: عّما في بطن المرأة" كأنه يريد لا ينوي التضحية عن الحمل وَلا يعده من أهل بيته.
الفصل الثاني: في الكمية والمقدار
يريد عن كم يجزئ الهدي ممن يلزمه، وقوله: وعن المقدار، كأنه يريد مقدار أسنانها وإلاّ فهو عطف تفسيري.
(1) في "السنن" رقم (2789).
(2)
في "السنن" رقم (4365).
وهو حديث حسن.
(3)
في "الموطأ"(2/ 487 رقم 13)، وهو أثر موقوف صحيح.
1 -
عن جابر رضي الله عنه قال: كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِالعُمْرَةِ فَنَذْبَحُ البَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ نَشْتَرِكُ فِيهَا، وَالبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ. أَخرجه الستة (1) إلا البخاري. [صحيح].
قوله: "في حديث جابر والبدنة عن سبعة" هذا يعارضه حديث ابن عباس الآتي: "وفي البعير عشرة"، ويأتي الكلام فيه، وفي حديث جابر دليل على أنّ لفظ "البدنة" يختصر بالإبل وليس في رواية جابر أنه صلى الله عليه وسلم علم بذلك إلاّ أنه أخرج أبو داود (2) عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "البقرة عن سبعة، والجزور عن سبعة"[195/ أ].
قوله: "أخرجه الستة" قال الترمذي (3) عقب إخراجه: وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس، قال أبو عيسى (4): حديث جابر حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم [من](5) أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، يرون أنّ الجزور عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وهو قول سفيان الثوري والشافعي [192 ب] وأحمد، ورُويَ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنّ البقرة عن سبعة، والجزور عن عشرة" وهو قول إسحاق، واحتجّ بهذا الحديث، وحديث ابن عباس إنما نعرفه من وجه واحد، انتهى كلامه.
ثم ساق (6) حديث ابن عباس الذي أتى به المصنف: "وفي الجزور عشرة".
(1) أخرجه مسلم رقم (1318)، ومالك قي "الموطأ"(2/ 486)، وأبو داود رقم (2807)، والترمذي رقم (904)، والنسائي رقم (4393). وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (2809)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن"(3/ 248).
(4)
في "السنن"(3/ 248).
(5)
في: (ب) و، وما أثبتناه من (ب) وسنن الترمذي.
(6)
في "السنن" رقم (905).
وقال: قال أبو عيسى (1): هذا حديث حسن غريب، وهو حديث حسين بن واقد. انتهى.
وفي "التقريب"(2): الحسين بن واقد المروزي أبو عبد الله القاضي ثقة له أوهام. انتهى.
ثم ذكر الترمذي (3) من حديث ابن عباس في الأضاحي.
وقال (4): حسن غريب لا نعرفه إلاّ من حديث الفضل بن موسى. انتهى.
قلت: في "التقريب"(5): الفضل بن موسى السّيناني بمهملة مكسورة ونونين، أبو عبد الله المروزي ثقة ثبت وربما أغرب، انتهى.
وعليه رمز أنه أخرج له الستة، والأحاديث دالة على جواز الاشتراك في الهدي.
وذكر النووي خلافًا في ذلك، وذكر أنّ جمهور (6) العلماء قالوا بجوازه لهذه الأحاديث، وسواء كان الهدي تطوعًا أو واجبًا، وسواء كانوا كلهم متقربين أو بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم، قال: وأجمعوا (7) على أنّ الشاة لا يجوز الاشتراك فيها.
2 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كُنَّا مَعَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ فَحَضَرَ الأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي البَقَرَةِ سَبْعَةً، وَفِي البَعِيرِ عَشَرةً.
(1) أي: الترمذي في "السنن"(3/ 249)
(2)
(1/ 180 رقم 398).
(3)
في "السنن" رقم (1501).
(4)
في "السنن"(4/ 89).
(5)
(2/ 111 رقم 54).
(6)
انظر: "المبسوط"(12/ 11 - 12). "الاستذكار"(12/ 319 رقم 17842). "المغني"(5/ 459).
(7)
انظر: "المغني"(5/ 459)، "المجموع شرح المهذب"(8/ 371).
أخرجه الترمذي (1) والنسائي (2). [صحيح].
3 -
وعن حُجَيّة بن عدي قال: قال عليّ رضي الله عنه: البَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ. قِيلَ: فَإِنْ وَلَدَتْ؟ قَالَ: اذْبَحْ وَلَدَهَا مَعَهَا. قِيلَ: فَالعَرْجَاءُ؟ قَالَ: إِذَا بَلَغَتِ المَنْسِكَ. قِيلَ: فَمَكْسُورَةُ القَرْنِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ. أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَشْرِفَ العَيْنَيْنِ وَالأُذُنَيْنِ. أخرجه الترمذي (3). [حسن].
ومعنى "الاستشرافِ"(4) اختبار العين والأذن، فَتُتَأَمّلُ سلامتهما من آفَةٍ تكون بهما.
قوله: "عنُ حجية"(5) بضم الحاء المهملة فجيم فتحتيةٌ مثناة بوزن عُلَيَّة، ابن عدي الكندي صدوق يخطئ.
قوله: "المنسك" هو محل النسك وهو الذبح هنا.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (6): هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل. انتهى.
(1) في "السنن"(905).
(2)
في "السنن" رقم (4392). وأخرجه أحمد (1/ 275)، وابن ماجه رقم (3131).
وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن" رقم (1503)، وهو حديث حسن.
(4)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 322)، الاستشراف: هو أن تضع يدك على حاجبك كالذي يستظل من الشمس، حتى يتبين الشيء.
(5)
انظر: "التقريب"(1/ 155 رقم 177).
(6)
في "السنن"(4/ 90).
4 -
وعن نافع قال: كانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ فِي الضَّحَايَا: البُدْنِ الثَّنِيُّ فَمَا فَوْقَهُ. أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح].
"الثّنيُّ"(2) من ذَوات الظلف والحافر: ما دخل في السنة الثالثة، ومن ذوات الخُفِّ: ما دخل في السنة السادسة.
قوله: "في حديث نافع: الثني فما فوقه" هذا في حكم أسنان الهدي والضحايا، وَفسّر [193 ب] المصنّف الثني بما تراه، وذات [الظلف](3) الغنم، والحافر: البقر، وَالخف: الإبل، وفي "القاموس" (4): الثني الناقة الطاعنة في السادسة، والفرس الداخلة في الرابعة، والشاة في الثالثة كالبقرة. انتهى.
وهو مثل كلام المصنف.
5 -
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: مَا كُنَّا نُضَحِّي إلاّ بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ تَبَاهَي النَّاسُ بَعْدُ وَصَارَتْ مُبَاهَاةً. أخرجه مالك (5) والترمذي (6). [صحيح].
(1) في "الموطأ"(1/ 380 رقم 147)، وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 222).
(3)
في (أ): اللظف.
(4)
"القاموس المحيط"(ص 1636).
(5)
في "الموطأ"(2/ 486 رقم 10).
(6)
في "السنن" رقم (1505). وأخرجه ابن ماجه رقم (3147).
وهو حديث صحيح.
قوله: "في حديث أبي أيوب: يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته". قال الترمذي (1): إنّ العمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق [وأفتى] (2) بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"أنّه ضحى بكبش فقال: عمّن لم يضحِّ من أمتي"(3).
وقال بعض أهل العلم: لا تجزي الشاةِ إلاّ عن نفس واحدة، وهو قول عبد الله بن المبارك وغيره من أهل العلم. انتهى.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (4): هذا حديث حسن صحيح، ولفظه عن عطاء بن يسار: سألت أبا أيوب: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى. انتهى.
فأفاد أنّه كان ذلك على عهده صلى الله عليه وسلم.
6 -
وعن ابن شهاب قال: مَا نَحَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَاّ بَدَنَةً وَاحِدَةً أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً.
(1) في "السنن"(4/ 91).
(2)
في المخطوط: وأمتى. وما أثبتناه من "سنن الترمذي".
(3)
أخرجه أحمد (3/ 362)، وأبو داود رقم (2810)، والترمذي رقم (1521)، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه
…
والمطلب بن عبد الله بن حنطب، يقال: إنّه لم يسمع من جابر.
قال أبو حاتم الرازي: "وجابر يشبه أن يكون أدركه".
"الجرح والتعديل"(8/ 359 رقم 1644).
وقال أيضاً في "المراسيل"(ص 210): ولم يسمع من جابر، ولا من زيد بن ثابت ولا من عمران بن حصين.
قلت: ورواية الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 177 - 178) ترد ذلك؛ لأنّه صرّح بالتحديث عنده.
وهو حديث صحيح والله أعلم.
(4)
في "السنن"(4/ 91).
أخرجه (1) مالك. [صحيح لغيره].
7 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا تُذْبَحُ البَقَرَةُ إِلَاّ عَنْ إِنْسان وَاحدٍ، وَلَا الشَّاةُ إِلَاّ عَنْ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، ولَا البَدَنَةُ إِلَاّ عَنْ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: لَا يَشْتَرِكُ فِي النسُكِ الجَمَاعَةُ، إِنَّمَا يَكُونُ ذلِكَ فِي أَهْلِ البَيْتِ الوَاحِدِ فَقَطْ. أخرجه رزين.
8 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: نَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَضَحَّى فِي المَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، أَمْلَحَيْنِ، يَذْبَحُ وَيُكَبِّرُ وَيُسَمِّي وَيَضَعُ رِجْلهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا. أخرجه الخمسة (2). [صحيح].
"الأَمْلَحُ" الذي يكون بيضاه أكثَر من سواده (3).
قوله: "في حديث أنس: نحر النبي صلى الله عليه وسلم سبع بدنات [194 ب] بيده قيامًا".
هذا في حجة الوداع، وقد عارضته الأحاديث الدالة على "أنه صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثًا وستين بدنة عدد سني عمره، وأمر عليًّا عليه السلام أن ينحر ما بقي من المائة".
قال ابن القيم (4): إنّه لا تعارض بين الحديثين.
قال: إنه قال ابن حزم (5): أنّ حديث أنس يخرج على أحد وجوه ثلاثة:
(1) في "الموطأ"(2/ 486 - 487 رقم 11)، وهو أثر صحيح لغيره.
(2)
أخرجه البخاري رقم (5558)، ومسلم رقم (1966)، وأبو داود رقم (2794)، والترمذي رقم (1494)، وابن ماجه رقم (3120)، والنسائي رقم (4387، 4415 - 4418).
(3)
قاله الكسائي كما في "تهذيب التهذيب"(5/ 101 - 102).
وقال الخطابي في "أعلام الحديث"(2/ 846): هو الأبيض الذي في خلل صوفه طبقات سود.
(4)
في "زاد المعاد"(2/ 240 - 242).
(5)
في "المحلى"(7/ 355).
أحدها: أنّه صلى الله عليه وسلم لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن (1).
الثاني: أن يكون أنس [ما شاهد](2) إلاّ نحره صلى الله عليه وسلم سبعًا بيده فقط، وشاهد جابر تمامَ نحره للباقي فأخبر كلٌّ بما رأى [وشهد].
الثالث: أنّه نحر بيده [مفردًا](3) سبع بُدن كما قال أنس، ثم أخذ هو وعلي الحربة معًا، فنحرا كذلك تمام ثلاث وستين، كما قال عروة بن الحارث الكِندي:"أنه شاهد النَّبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ أخذ بأعلى الحَربة وأمر عليًّا أن يأخذ بأسفلها، ونحرا بها البدن"، ثم انفرد عليٌّ عليه السلام بنحر الباقي من المائة كما قال جابر. انتهى.
وبقي في حديث أنس تفصيل ما أجمله حديث أبي بكرة في الصحيحين (4) في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى وقال في آخره: "إنه انكفى إلى كبشين أملحين فذبحهما"، وهو لفظ مسلم، فإنّ أنسًا قال:"وضحّى بالمدينة بكبشين أقرنين أملحين"، فبيّن أنّ نحره البدن بمكة وذبحه بالمدينة الكبشين [وأنهما قضيتان](5) ويدل (6) على هذا أنّ جميع من ذكر نحر النبي صلى الله عليه وسلم بمنى إنما ذكروا نحر الإبل وهو الهدي الذي ساقه وهو أفضل من نحر الغنم بلا سوق، وإنما
(1) وتمام العبارة: كما قال أنس: وأنّه أمر من ينحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستين، ثم زال عن ذلك المكان، وأمر عليًا رضي الله عنه فنحر ما بقي.
(2)
كذا في المخطوط والذي في زاد المعاد "لم يُشاهد".
(3)
كذا في المخطوط، والذي في زاد المعاد منفردًا.
(4)
أخرجه البخاري رقم (105، 3197، 4406، 4662، 5550، 7447)، ومسلم رقم (29/ 1679).
(5)
كذا في المخطوط، والذي في "زاد المعاد": قيل: في هذا طريقتان للناس.
(6)
وهي الطريقة الأولى التي ذكرها ابن القيم حيث قال: أن القول: قول أنس، وأنّه ضحى بالمدينة بكبشين أملحين أقرنين، وأنه صلى العيد، ثم انكفأ إلى كبشين، ففصل أنس، وميَّز بين نحره بمكة للبدُن، وبين نحره بالمدينة للكبشين، وبيَّن أنهما قصتان
…
اشتبه على بعض الرواة [195 ب] أنّ قصة الكبشين كانت يوم العيد فظنّ أنّه كان بمنى فوهِم، أفاده ابن القيم (1) رحمه الله[196/ أ].
قوله: "ينظر في سواد" أي: حول عينيه سواد في جلده وفي رجليه وفي فمه، والكبش فحل الضأن [في أيّ سنٍ كان، واختلف في ابتدائه، فقيل: سنتين، وقيل: أو لأربع.
و"الأقرن": الذي له قرنان حسيَّان] (2).
قوله: "الذي يكون بياضه أكثر من سواده" زاد ابن الأثير (3): وقيل: هو النقي البياض. انتهى.
وفي "القاموس"(4): وبياض يخالطه سواد كالملح محركة كبش أملح ونعجة ملحاء.
قالت الشافعية (5): فيه استحباب استحسان لون الأضحية، قالوا: وأفضلها البيضاء، ثم الصفراء، ثمّ العفراء وهي التي لا يصفو بياضها، ثم البلقاء وهي التي بعضها أسود وبعضها أبيض، ثم السوداء.
(1) في زاد المعاد (2/ 242).
ولم يذكر الشارح الطريقة الثانية. وإليك نصها:
الطريقة الثانية: طريقة ابن حزم، ومن سلك مسلكه، أنهما عملان متغايران، وحديثان صحيحان، فذكر أبو بكرة تضحيته بمكة، وأنس تضحيته بالمدينة. قال: وذبح يوم النحر الغنم، ونحر البقر والإبل، كما قالت عائشة:"ضحى رسول الله يومئذٍ عن أزواجه بالبقر"[البخاري رقم (294، 5548)، ومسلم رقم (1211)].
(2)
زيادة من (أ).
(3)
في "غريب الجامع"(3/ 325).
(4)
"القاموس المحيط"(ص 310).
(5)
في "البيان" للقاضي العمراني (4/ 442).
9 -
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ويمشي فِي سَوَادٍ وَيَأْكُلُ في سَوَادٍ. أخرجه أصحاب السنن (1). [صحيح].
والمراد اختيار الفحل على الخصيِّ والنَّعْجَةِ، واختيار نُبْله وعظم خَلْقِه.
قوله: "في حديث أبي سعيد فحيل" تصغير فحل، قال ابن الأثير (2): هو الذي يُشْبِهُ الفُحولة في نُبلهِ وعِظَم خلقه، ويقال: هو المنجب في ضِرَابه. انتهى.
وفي "القاموس"(3): فحيل كريم منجب في ضرابه وكبش فحيل يشبه فحل الإبل في نبله. انتهى.
فقول ابن الأثير: يشبه الفحولة غير ظاهر المعنى؛ لأنّ الفحولة جمع فحل كما في "القاموس" ومعناه هنا خفي.
قوله: "والمراد اختيار الفحل على الخصي" يقال: إذا كان المراد من الفحيل الذي يشبه فحل الإبل في نبله فليس فيه دلالة على الفحل المقابل للخصي [أو](4) يراد به المنجب في ضرابه فكذلك.
وقوله: "على صفاحهما"(5) بالمهملتين الأولى مكسورة.
(1) أخرجه أبو داود رقم (2796)، والترمذي رقم (1496)، وابن ماجه رقم (3128)، والنسائي رقم (4360). وهو حديث صحيح.
(2)
في "غريب الجامع"(3/ 326).
(3)
"القاموس المحيط"(ص 1345).
(4)
في (أ): إذْ.
(5)
هذه العبارة من حديث أنس المتقدم وليست من حديث أبي سعيد هذا، والتي في الحديث "على صفحتهما".
في النهاية (1): صفحة كل شيء وجهه. انتهى.
وأخرج أبو داود (2)"أنه صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين موجأين" أي: خصيين ويأتي، فهو يدل على أنّ الفحل [196 ب]، والخصي مستويان.
قوله: "أخرجه أصحاب السنن".
قلت: وقال الترمذي (3): هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلاّ من حديث حفص بن غياث. انتهى.
وفي "التقريب"(4): حفص بن غياث بمعجمة مكسورة وياء ومثلثة إلى أن قال: ثقة فقيه تغيّر حفظه قليلاً في الآخر. انتهى.
وقوله: "بكبش" لا ينافي قوله: "بكبشين"؛ لأنّه يحتمل أنّه ضحّى بهما تارة وبه تارة؛ ولأن مفهوم العدد غير مراد.
10 -
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَيرْ الأُضْحيَّةِ الكَبْشُ، وَخيرُ الكفَنِ الحُلَّةُ". أخرجه الترمذي (5). [ضعيف].
(1)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 34 - 35).
(2)
في "السنن" رقم (2795)، والذي فيه: "ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين مُوجأيْن
…
" وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
في "السنن"(4/ 85).
(4)
(1/ 189 رقم 465)، وهو حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي، أبو عمر الكوفي القاضي ثقة فقيه
…
(5)
في "السنن" رقم (1517)، وقال: هذا حديث غريب، وعُفير بن معدان يضعف في الحديث.
وهو حديث ضعيف.
وأخرجه أبو داود (1) من رواية عبادة بنِ الصامتِ بنحوه. [ضعيف].
11 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نَحَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ آلِ مُحَمدٍ في حَجَّةِ الوَدَاعِ بَقَرَةَ وَاحِدةً. أخرجه أبو داود (2). [صحيح].
قوله: "في حديث عائشة: نحر النبي صلى الله عليه وسلم عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة".
وفي رواية في الصحيحين (3): ضحّى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ عن أزواجه بالبقر".
قال ابن القيم (4): إنه الهدي عنهن لأنهن كنّ متمتعات وعليهن الهدي، فالبقرة التي نحر عنهن هي الهدي الذي يلزمهن.
قال: ولكن في قصة نحر البقرة عنهن وهنّ تسع إشكال، وهو إجزاء البقرة لأكثر من سبعة، ثم قال: وأمّا [كونهن](5) تسعًا وهي بقرة واحدة فهذا قد جاء بثلاثة ألفاظ:
أحدها: أنها بقرة واحدة [بينهن](6).
والثاني: أنه ضحّى يومئذٍ عنهن بالبقر.
(1) في "السنن"(3156).
وأخرجه ابن ماجه رقم (1473)، والحاكم (4/ 228)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 273) عن عبادة بن الصامت بلفظ:"خير الضحية الكبش الأقرن". وهو حديث ضعيف.
(2)
في "السنن" رقم (1750)، وهو حديث صحيح.
(3)
البخاري في "صحيحه" رقم (1750)، ومسلم رقم (119/ 1211).
(4)
في "زاد المعاد"(2/ 245).
(5)
في (أ): كونها.
(6)
في المخطوط عنْهنَّ. وما أثبتناه من زاد المعاد.
والثالث: دخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه، ثم ذكر (1) الخلاف في إجزاء البقرة والجزور عن سبعة أو عن عشرة، وأفهم كلامه أنه يقول إسحاق: بإجزاء البقرة عن عشرة وهو وهم.
وقد قدمنا كلام الترمذي فيما قاله إسحاق (2)، وأنّه إنما يخالف في الجزور، فالإشكال باقٍ، إلاّ أن يقال: أراد الراوي: عن بعض أزواجه وهنّ السبع منهن سواء كانت البقرة أضحية أو هديًا، وأطلقه عن التقييد لما علم من أنها لا تجزئ البقرة إلاّ عن سبع، ويكون صلى الله عليه وسلم قد أهدى أو ضحّى عن الاثنتين منهن.
12 -
وعن حَنَشٍ قال: رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه ضَحَّى بِكَبْشَينِ. وقال: أَحَدُهُمَا عَنِّي، والآخرُ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. وقالَ: أَمَرنِي بِذَلِكَ أَوْ قَالَ: أَوْصَانِي بِهِ فَلَا أَدَعُه أَبَدًا. أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4). [ضعيف].
قوله: "في حديث حنش: أمرني به أو قال [197 ب] أوصاني" شك من الراوي، وفي الترمذي (5) بعد قوله:"فلا أدعه أبداً" وسقط على المصنف وهي في "الجامع"(6).
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
(1) أي: ابن القيم في زاد المعاد (2/ 245 - 246).
(2)
انظر: المجموع شرح المهذب (8/ 369 - 370)، و"المغني"(13/ 365).
(3)
في "السنن" رقم (2790) عن حنش، قال: رأيت عليًّا يضحي بكبشين، فقلت له: ما هذا؟ فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنه، فأنا أُضحي عنه.
وهو حديث ضعيف.
(4)
في "السنن" رقم (1495). وهو حديث ضعيف.
(5)
في "السنن"(4/ 84 رقم 1495).
(6)
(3/ 328 - 329 رقم 1643).
قلت: واللفظ هنا للترمذي وقال (1): هذا حديث غريب، لا نعرفه إلاّ من حديث شريك، وقد رخّص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت، ولم ير بعضهم أن يضحى عنه، وقال عبد الله بن المبارك: أحب إليّ أن يتصدق عنه ولا يضحّى، وإن ضحى فلا يأكل منها شيئًا ويتصدق بها. انتهى كلامه.
وقال المنذري (2): حنش تكلم فيه غير واحد.
وقال ابن حبان البستي (3): كان كثير الوهم في الأخبار يتفرد عن علي رضي الله عنه بأشياء لا تشبه حديث الثقات حتى صار ممن لا يحتج به، وشريك هو ابن عبد الله القاضي فيه مقال، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، انتهى.
وفي "التقريب"(4): شريك بن عبد الله القاضي بواسط ثم الكوفة أبو عبد الله صدوق يخطئ كثيراً، تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عاقلاً فاضلاً عابداً شديداً على أهل البدع. انتهى.
13 -
وعن عروة: أنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ لَا يُهْدِيَنَّ أَحَدُكُمْ لله شَيْئًا يَسْتَحِي أَنْ يُهْدِيَهُ [لِكَرِيمٍ](5) فَإِنَّ الله تَعَالى أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ، وَأَحَقُّ مَنِ اخْتِيرَ لَهُ. أخرجه مالك (6). [مقطوع صحيح].
(1) في "السنن"(4/ 85).
(2)
في مختصر "السنن"(4/ 95).
(3)
في المجروحين (1/ 333 رقم 281).
(4)
(1/ 351 رقم 64).
(5)
كذا في المخطوط والذي في "الموطأ": لكريمه.
(6)
في "الموطأ"(1/ 380 رقم 147)، وهو أثر مقطوع صحيح.