المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في أحكامه - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٣

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد

- ‌الباب الأول: في فضله

- ‌الفصل الأول: في فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

- ‌الباب الثاني: في الجهاد وما يتعلق به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية [والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الباب الثالث: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمان والهدنة

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفصل الرابع: في الشهداء

- ‌ كتاب الجدال والمراء

- ‌[حرف الحاء

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: في فضائلهما

- ‌الباب الثالث: في الميقات والإحرام

- ‌الفصل الأول: في الميقات

- ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

- ‌الفرع الثالث: في جزاء الصيد

- ‌[الباب الرابع: في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الفصل الأول: في الإفراد]

- ‌الفصل الثاني: في القران

- ‌الفصل الثالث: في التمتع وفسخ الحج

- ‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

- ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

- ‌في طواف الزيارة

- ‌في طواف الوداع

- ‌في طواف الرجال مع النساء

- ‌في الطواف من وراء الحجر

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الدعاء في الطواف والسعي

- ‌[الفصل الثالث: في دخول البيت]

- ‌الفصل الأول: في الوقوف وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الإفاضة

- ‌الفصل الثالث: في التلبية بعرفة والمزدلفة

- ‌الباب السابع: في الرمي

- ‌الفصل الأول: في كيفيته

- ‌الفصل الثاني: في وقت الرمي

- ‌[الفصل الثالث: في الرمي راكبًا وماشيًا

- ‌[الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة]

- ‌الباب الثامن: في الحلق والتقصير

- ‌الفصل الأول: في تقديم بعض أسبابه على بعض

- ‌الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه

- ‌الباب العاشر: في الهدي والأضاحي

- ‌الفصل الأول: في إيجابها [وأسنانها]

- ‌الفصل الثاني: في الكمية والمقدار

- ‌الفصل الثالث: فيما يجزي منها

- ‌الفصل الرابع: فيما لا يجزي منها

- ‌الفصل الخامس: في الإشعار والتقليد

- ‌الفصل السادس: في وقت الذبح ومكانه

- ‌الفصل السابع: في كيفية الذبح

- ‌الفصل الثامن: في الأكل من الأضحية

- ‌الفصل التاسع: فيما يعطب من الهدي

- ‌الفصل العاشر: في ركوب الهدي

- ‌الفصل الحادي عشر: في المقيم إذا أهدى إلى البيت [أو ضحى هل يحرم أم لا]

- ‌الباب الحادي عشر في الفوات والإحصار والفدية

- ‌الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى

- ‌الفصل الثاني: فيمن أحصره العدو

- ‌الفصل الثالث: فيمن غلط في العدد

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني عشر: في دخول مكة والنزول بها والخروج منها

- ‌الباب الرابع عشر: في أحكام متفرقة تتعلق بالحج

- ‌الفصل الأول: في التكبير في أيام التشريق

- ‌الفصل الثالث: في حج الصبي

- ‌الفصل الرابع: في الاشتراط في الحج

- ‌الفصل الخامس: في حمل السلاح في الحرم

- ‌الفصل السادس: في ماء زمزم

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس عشر: في حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرته

- ‌كتاب: الحدود

- ‌الباب الأول: في حد الردة، وقطع الطريق]

- ‌الباب الثاني: في حد الزنا [وفيه فصلان]

- ‌الفصل الأول: في أحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الذين حدهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في حديث اللواط وإتيان البهيمة

- ‌الباب الرابع: في حد القذف

- ‌الباب الخامس: في حد السرقة

- ‌الباب السادس: في حد الخمر

- ‌الباب السابع: في الشفاعة، والتسامح في الحدود

- ‌كتاب: الحضانة

- ‌كتاب: الحسد

- ‌كتاب: الحرص

- ‌كتاب: الحياء

- ‌حرف الخاء

- ‌كتاب: الخلق]

- ‌كتاب: الخوف

- ‌كتاب: خلق العالم

- ‌كتاب: الخلافة والإمارة

- ‌الباب الاول: في [أحكامهما]

- ‌[الفصل الأول: في الأئمة من قريش]

- ‌الفصل الثاني: في من تصلح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء [346 ب]

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضي الله عنهم

- ‌كتاب الخلع

الفصل: ‌الفصل الأول: في أحكامه

‌الفصل الأول: في أحكامه

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَخْطُبُ وَيَقُولُ: إِنَّ الله تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ورَجَمْنَا بَعْدِهِ، وَأَخْشى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَنٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ الله تَعَالَى فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابِه، فإِنَّ الرَّجْمُ في كِتَابِ الله حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كانَ حَمْلٌ، أَوِ اعْتِرافٌ، وَالله لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ في كِتَابِ الله تَعَالَى لَكَتَبْتُهَا. أخرجه الستة (1). [صحيح].

قوله: "في حديث عمر: فكان مما أنزل عليه آية الرجم" قال النووي (2): أراد بآية الرجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة". انتهى.

ويظهر من رواية الكتاب: أن الآية لفظها: حق على من زنى إذا أحصن

إلى آخره، ويحتمل أنّ أحد اللفظين رواية بالمعنى.

قال النووي (3): أجمع العلماء أنّ الرجم لا يكون إلاّ على من زنى وهو محصن، وأجمعوا على أنّ البينّة: أربعة شهداء ذكور عدول، هذا إذا شهدوا على نفس الزنا، ولا يقبل دون الأربعة، وأجمعوا على وجوب الرجم على من اعترف بالزنا وهو محصن يصح إقراره بالحد، واختلفوا في اشتراط تكرار إقراره أربع مرات.

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (6830) مطولاً، ومسلم في "صحيحه" رقم (1691)، وأبو داود رقم (4418)، وابن ماجه رقم (2553)، والترمذي رقم (1431)، ومالك في "الموطأ"(2/ 823).

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 191)، ثم قال: وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه

(3)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 192).

ص: 520

فقال أبو حنيفة (1) والكوفيون (2) وأحمد (3): لا بد من تكرار الإقرار أربع مرات، وقال الشافعي (4) ومالك (5) وغيرهما (6): يثبت الإقرار به [مرة](7) واحدة ويرجم، واحتجوا بحديث:"اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، ولم يشترط عدداً، وحديث العامرية ليس فيه إقرارها أربع مرات. انتهى.

والظاهر مع من لم يشترط تكرار الإقرار؛ لأنّ ماعزًا كرر الإقرار مراراً بغير أمرٍ منه صلى الله عليه وسلم، وأما الحبل وحده، فمذهب (8) عمر بن الخطاب وجوب الحدِّ به إذا لم يكن لها زوج ولا سيد، وتابعه مالك (9) وأصحابه فقالوا: إذا حبلت ولا يعلم لها زوج ولا سيد ولا عرفنا إكراهها لزمه الحد إلاّ أن [242 ب] تكون غريبة طارئة وتدّعي أنه من زوج أو سيد، قالوا: ولا يقبل دعواها الإكراه إلاّ أن تقوم بذلك بينة عند الإكراه قبل ظهور الحمل.

(1)"المبسوط"(9/ 93)، "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (3/ 283).

(2)

انظر: "المغني"(12/ 354).

(3)

"المغني"(12/ 354).

(4)

البيان للعمراني (12/ 373).

(5)

عيون المجالس (5/ 2091 رقم المسألة 1511).

(6)

كحمَّاد وأبي ثور والحسن البصري والبتي.

انظر: "المغني"(12/ 354) موسوعة الحسن البصري. فقه الإِمام أبي ثور (ص 716)"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 283).

(7)

في (أ): بمرة.

(8)

أخرج أثر عمر عبد الرزاق في مصنفه رقم (13329).

(9)

انظر: مدونة الفقه المالكي وأدلته (4/ 633). "عيون المجالس"(5/ 2112).

ص: 521

وقال الشافعي (1) وأبو حنيفة (2) والجمهور (3): لا حدّ عليها بمجرد الحبل سواء كانت لها زوج أو سيد أو لا، وسواء الغريبة وغيرها، وسواء ادّعت الإكراه وسكتت لا حدّ عليها مطلقًا إلاّ ببينة أو اعتراف؛ لأنّ الحدود تسقط بالشبهات. انتهى كلامه.

وما ذهب إليه الجمهور في الحبل قوي [212/ أ]، ولكن ذكر عمر للرجم على المنبر وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين دليل على ثبوت الرجم (4).

وقوله: "وأخشى إن طال بالناس زمان .. " إلى آخره، هذا الذي خشيه عمر قد وقع من الخوارج (5) ومن وافقهم وهذا من دلائل أنه محدث.

قوله: "إذا أحصن" المراد به هنا من له زوجة عقد عليها ودخل بها وأصابها كأن نفسه أحصنته، أي: جعلته في حصن من العفة أو منعه من عمل الفاحشة.

قال ابن المنذر (6): أجمعوا على أنه لا يكون الإحصان بالنكاح الفاسد، وخالف أبو ثور.

2 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ الله تَعَالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: {سَبِيلًا} (7)، فَذَكَرَ الرجُلَ بَعْدَ المَرْأَةِ، ثمَّ جَمَعَهُمَا فَقَالَ:{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} (8) الآية، فَنَسَخَ الله ذَلِكَ بِآيَةِ الجَلْدِ، فَقَالَ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ

(1)"البيان" للعمراني (12/ 359).

(2)

"بدائع الصنائع"(3/ 340).

(3)

انظر: "فتح الباري"(12/ 148 - 149).

(4)

انظر: "فتح الباري"(12/ 148 - 149). "المغني"(12/ 352 - 356).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 118).

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 117).

(7)

سورة النساء الآية (15).

(8)

سورة النساء الآية (16).

ص: 522

وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (1)، ثُمَّ نَزَلَت آَيَةُ الْرَّجْمِ في الْنُّوْرِ، فَكَانَ الأّوَّلُ لِلْبِكْرِ، ثُمَّ رَفعَتْهُ آَيَةُ الرَّجْمِ مِنَ الْتِلَاوَة، وَبَقِيَ الحُكْمُ بِهَا. أخرجه أبو داود (2) إلى قوله:{مِائَةَ جَلْدَةٍ} [إسناده حسن]، وأخرج باقيه رزين.

قوله: "في حديث ابن عباس: يأتين الفاحشة" في "الفتح"(3): هي كل ما اشتد قبحه من الذنوب فعلًا أو قولًا، وكذا الفحشاء ومنه الكلام الفاحش، ويطلق غالبًا على الزنا فاحشة ومنه:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (4)، وأطلق على اللواط باللام العهدية في قول لوط لقومه:{لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} (5) ومن [ثمة](6) كان حدّه حد الزاني على الأكثر. انتهى.

قوله: "إلى قوله: سبيلاً" فإنه تعالى أمر باستشهاد أربعة من المؤمنين على أنهن أتين الفاحشة [243 ب]، وبعد الإشهاد أمر بإمساكهن في البيوت، أي: حبسهن فيها، وجعل له غاية هي وفاتهن، أو جعله تعالى لهن سبيلاً، وقد جعله تعالى كما في الحديث الذي أخرجه الشافعي (7) ومسلم (8) وأبو داود (9) والترمذي (10).

(1) سورة النور الآية (3).

(2)

في "السنن" رقم (4413) بإسناد حسن.

(3)

في "فتح الباري"(12/ 113)، وانظر: التعريفات (ص 172). "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 2562).

(4)

سورة الإسراء الآية (32).

(5)

سورة العنكبوت الآية (28).

(6)

كذا في المخطوط، والذي في "الفتح": ثمَ.

(7)

انظر: البيان (12/ 349).

(8)

في "صحيحه" رقم (12/ 1690).

(9)

في "السنن" رقم (4415).

(10)

في "السنن" رقم (1434).

ص: 523

وغيرهم (1) من حديث عبادة بن الصامت: "أنه أخذه صلى الله عليه وسلم كهيئة الغشي لما يجد من ثقل ذلك فأنزل الله عليه [في] (2) ذات يوم فلما سري عنه قال: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب جلد مائة يرجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة".

وفي رواية أحمد (3) عن سلمة بن المحبق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم".

قوله: "ثم ذكر الرجل بعد المرأة" أخرج ابن جرير (4) وابن المنذر (5) وابن أبي حاتم (6) والبيهقي في سننه (7) عن ابن عباس في قوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] الآية، قال: "كان الرجل إذا زنى أوذي بالتَّعيير وضُرب بالنِّعال، فأنزل الله بعد هذه الآية:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، فإن كانا محصنين رجما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "ثم جمعهما" أي: النساء والرجال بقوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} فإنّ المراد باللذان المرأة والرجل، ويوضحه ما أخرجه ابن أبي حاتم (8) عن سعيد بن جبير.

(1) كأحمد (5/ 313)، وابن ماجه رقم (2550)، والدارمي (2/ 181)، والطيالسي رقم (584)، والبيهقي (8/ 221 - 224)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 134)، وهو حديث صحيح.

(2)

زيادة من (ب).

(3)

في "المسند"(3/ 476).

(4)

في "جامع البيان"(6/ 503).

(5)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 130).

(6)

في "تفسيره"(3/ 895، 896 رقم 4988).

(7)

في "السنن الكبرى"(8/ 200).

(8)

في "تفسيره"(3/ 895 رقم 4986).

ص: 524

"واللذان" قال: يعني البكرين اللذين لم يحصنا، "يأتيانها" يعني: الفاحشة وهي الزنا، "منكم" يعني: من المسلمين، "فآذوهما" يعني: باللسان بالتَّعيير والكلام القبيح لهما بما عملا، وليس عليهما حبس؛ لأنهما بكران، لكن يعيرا ليتوبا ويندما، "فإن تابا" يعني: من الفاحشة، "وأصلحا" [244 ب] يعني: العمل، "فأعرضوا عنهما" يعني: لا تسمعوهما الأذى بعد التوبة. انتهى.

إلاّ أنّ تخصيصه بالبكرين خلاف ظاهر عمومه، والحاصل أنّ الآية دلت على أن من زنى من نساء المؤمنين بعد ثبوته، عقوبتها الحبس في البيوت ولا تعيير ولا أذى، وعلى من أتى فاحشة الزنا من الرجال عقوبته أن يؤذى ويعير لا غير ثم نسخ الله الحكمين معًا بالجلد.

قوله: "ثم نزلت آية (1) الرجم في النور" هي التي تقدم لفظها، وأنه نسخ اللفظ وبقي الحكم كما قال، ثم رفعت آية الرجم من التلاوة، في هذه زيادة رزين لم نجد من أخرجها.

قال النووي (2): واعلم أنّ المراد [بالبكر](3): من لم يجامع في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل سواء كان جماعًا بوطء شبهة أو نكاح فاسد أو غيرهما أو لا، والمراد بالثيب: من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في هذا كله المسلم والكافر والرشيد والمحجور عليه [لسفه](4).

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "البكر بالبكر والثيب بالثيب"، فليس هو على سبيل الاشتراط بل حد البكر الجلد والتغريب، سواء زنى ببكر أو بثيب، وحد الثيب الرجم سواء زنى بثيب أو ببكر فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب. انتهى كلامه.

(1) قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} سورة النور الآية (2).

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 190).

(3)

زيادة من "شرح مسلم"(11/ 190).

(4)

في المخطوط (ب): بنفسه.

ص: 525

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ الله: أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلاً أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِىَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ". أخرجه مسلم (1)، ومالك (2)، وأبو داود (3). [صحيح].

وفي أخرى لمسلم (4)، وأبي داود (5) قال: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتهُ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ؟ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا. قَالَ سَعْدٌ: بَلَى وَالّذِي أَكْرَمَكَ بِالحقِّ إِنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ". [صحيح].

قوله: "في حديث أبي هريرة: أرأيت" أي: أخبرني عن حكم ما أذكره من أني لو وجدت مع امرأتي رجلاً، أي: مخالطًا مجامعًا لها كما يدل له قوله: أمهله حتى آتي بأربعة شهداء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم"، أي: أمهله، أي: لا تباشره بالقتل، لا أنه أمر بإقراره على ارتكابه الفاحشة، بل المراد إذا تعذر منعه عنها إلا بقتله فلا تقتله؛ لأنّ الإنكار باللسان أو اليد واجب، لكنه هنا يؤدي إلى أنكر منه وهو سفك الدم الحرام.

وفي "شرح مسلم"(6): أنه اختلف العلماء فيمن قتل رجلاً وزعم أنه وجده قد زنى بامرأته فقال جمهورهم: لا يقبل قوله بل يلزمه القصاص إلاّ أن تقوم بذلك بيّنة [أو](7)

(1) في "صحيحه" رقم (1498).

(2)

في "الموطأ"(2/ 823 رقم 7).

(3)

في "السنن" رقم (4533)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "صحيحه" رقم (14/ 1498).

(5)

في "السنن" رقم (4532). وهو حديث صحيح.

(6)

(10/ 130 - 131).

(7)

في (ب): و.

ص: 526

يعترف به ورثة القتيل، والبينة أربعة من عدول الرجال يشهدون على نفس الزنا، ويكون القتيل محصنًا، وأمّا فيما بينه وبن الله [245 ب] فإن كان صادقًا فلا شيء عليه.

وقال بعض أصحابنا (1): [213/ أ] يجب على كل من قتل زانيًا محصنًا القصاص ما لم يأمر السلطان بقتله، قال: والصواب الأول وجاء عن بعض السلف تصديقه أنه زنى بامرأته وقتله لذلك. انتهى.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "نعم" أي: أمهله، دليل أنه لا يحل قتله، وفي تقريره يقول: إن قتله قتلتموه، دليل أنه يقتل به، ولعلّ الذي صوب كلامهم النووي (2) يقولون: قد شمله قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث، وعدّ منها: أو زنًا بعد إحصان"(3)، ولكن الظاهر أنه من الحدود التي لا تقام إلاّ بإذن السلطان.

قوله في حديث سعد الثاني: "بلى والذي بعثك بالحق" قال الماوردي (4): ليس هو رداً من سعد لقول النبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم، وإنما معناه الإخبار عن [حال](5) الإنسان عند رؤيته الرجل مع امرأته واستيلاء الغضب عليه، فإنه حينئذٍ يعاجله بالسيف وإن كان عاصيًا.

وأمّا السيد فقال ابن الأنباري وغيره (6): هو الذي يفوق قومه في الفخر، وهو أيضاً الرئيس، ومعناه: تعجبوا من قول سيّدكم.

(1) في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 167).

(2)

في شرح "صحيح مسلم"(11/ 167).

(3)

في شرح لـ "صحيح مسلم"(11/ 167).

(4)

ذكره النووي في شرح "صحيح مسلم"(10/ 131).

(5)

كذا في المخطوط والذي في شرح "صحيح مسلم": حالة.

(6)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 818 - 819).

ص: 527

4 -

وعن أبي هريرة، وزيد بن خالد رضي الله عنهما قالا: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَن الأمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ فَقَالَ: "إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ". أخرجه الستة (1) إلا النسائي. [صحيح].

وقال مالك (2): "الضّفِيرُ": الحبل.

وفي رواية (3): "فَيَجْلِدُهَا وَلَا يُثَرِّبْ (4) عَليْهَا". [صحيح].

قوله: "في حديث أبي هريرة: فاجلدوها" الخطاب لملاّك العبيد والإماء؛ لأنه قد ثبت مبنياً في حديث علي الآتي وفي غيره خطاباً للسيد.

قال النووي (5): فيه أنّ السيد يقيم الحد على عبده وأمته، وهذا مذهبنا ومذهب مالك (6) وأحمد (7) وجماهير العلماء (8) من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.

(1) أخرجه البخاري رقم (6837، 6838)، ومسلم رقم (32/ 1703) و (33/ 1704)، ومالك في "الموطأ"(2/ 826)، والترمذي رقم (1440)، وأبو داود رقم (4469، 4470، 4471)، وابن ماجه رقم (2565).

(2)

في "الموطأ"(2/ 826).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (6839)، ومسلم رقم (30/ 1703)، وأحمد (2/ 494).

(4)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 207): أي لا يوبخها ولا يقرعها بالزنا بعد الضرب، وقيل: أراد لا يقنع في عقوبتها بالتثريب، بل يضربها الحد، فإن زنا الإماء لم يكن عند العرب مكروهًا ولا منكرًا، فأمرهم بحد الإماء كما أمرهم بحد الحرائر.

وانظر: "معالم السنن" للخطابي (4/ 5، 6 - مع "السنن").

(5)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 211).

(6)

التهذيب في اختصار المدونة (4/ 421 - 422).

(7)

البيان للعمراني (12/ 377).

(8)

انظر: "فتح الباري"(12/ 163).

ص: 528

وقال أبو حنيفة (1): في طائفة ليس له ذلك، وهذا الحديث صريح في الدلالة للجمهور.

قوله: "ثم بيعوها" قال النووي (2): هذا [246 ب] البيع مستحب لا واجب عندنا، وعند الجمهور، وقال داود وأهل الظاهر (3): هو واجب وفيه جواز بيع الشيء الثمين بثمن حقير، وهذا مجمع عليه إذا كان البائع عالمًا به، وإن كان جاهلاً فكذلك عندنا وعند الجمهور (4)، ولأصحاب مالك فيه خلاف، وهذا البيع المأمور به يلزم صاحبه أن يبين حالها للمشتري؛ لأنه عيب والإخبار بالعيب واجب، فإن قيل: كيف يكره شيئًا ويرتضيه لأخيه المسلم؟ فالجواب: لعلها أن تستعف عند المشتري ليعفها بنفسه أو يصونها عن ذلك بهيبته أو بالإحسان إليها أو بالتوسعة عليها أو يزوجها أو غير ذلك.

5 -

وعن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قال: خَطَبَ عَليٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَقِيمُوا الحُدُودَ عَلَى أَرِقَّائِكُمْ مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ، فَإِنْ أَمَةً لِلنَّبي صلى الله عليه وسلم زنَتْ فَأَمَرَني أَنْ أَجْلِدَهَا فَأتَيْتُهَا، فَإِذَا هِيَ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ فَخَشِيتُ إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا قَتَلْتُهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَحْسَنْتَ، اتْرُكْهَا حَتَّى تَتَماثَلَ". أخرجه مسلم (5)، وأبو داود (6) والترمذي (7). [صحيح].

قوله: "في حديث علي رضي الله عنه: من أحصن منهم ومن لم يحصن".

(1)"البناية في شرح الهداية"(6/ 218)، الاختيار (4/ 342).

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 212).

(3)

في "المحلى"(8/ 444).

(4)

انظر: "فتح الباري"(12/ 164). "إحكام الأحكام"(ص 864 - 865).

(5)

في "صحيحه" رقم (34/ 1705).

(6)

في "السنن"(4473).

(7)

في "السنن"(1441). وهو حديث صحيح.

ص: 529

قال الطحاوي (1): في الرواية الأولى لم يذكر أحد من الرواة قوله: "وإن لم يحصن" غير مالك، وأشار به إلى تضعيفها، وأنكر الحفّاظ هذا على الطحاوي وقالوا: بل روى هذه اللفظة (2) أيضاً ابن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب كما قال مالك (3)، فحصل أنّ هذه اللفظة صحيحة وليس فيها حكم مخالف؛ لأنّ الأمة تجلد نصف جلد الحرة سواء كانت محصنة بالتزويج أم لا، وفي هذا الحديث بيان من لم يحصن، وقوله:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (4)[فيه بيان من أحصنت](5) فحصل من الآية الكريمة والحديث بيان أنّ الأمة المحصنة بالتزويج وغير المحصنة تجلد، وهو معنى ما قاله علي رضي الله عنه وخطب الناس به.

فإن قلت (6): فما الحكمة في التقييد في قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} مع أنّ عليها نصف جلد الحرة سواء كانت الأمة محصنة أم لا؟

فالجواب (7): أنّ الآية نبهت على أنّ الأمة، وإن كانت مزوجة لا يجب عليها إلاّ نصف جلد الحرة؛ لأنه الذي ينتصف وأمّا الرجم فلا ينتصف، فليس مراد الآية بلا شك.

فليس للأمة المزوّجة الموطوءة في النكاح حكم الحرة الموطوءة في النكاح، فبينت الآية هذا لئلا يتوهم متوهم أنّ الأمة المزوجة ترجم [247 ب] وقد أجمعوا أنها لا ترجم، وأمّا غير

(1) انظر: "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 299).

(2)

ذكره النووي في شرح "صحيح مسلم"(11/ 213).

(3)

في "الموطأ"(2/ 826).

(4)

سورة النساء الآية (25).

(5)

زيادة من (أ).

(6)

قاله النووي في شرح "صحيح مسلم"(11/ 213).

(7)

قاله النووي في شرح "صحيح مسلم"(11/ 213).

ص: 530

المزوجة فقد علمنا أنّ عليها نصف جلد المزوجة بالأحاديث "الصحيحة" منها حديث مالك هذا وباقي الروايات المطلقة (1): "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها"، وهذا يتناول المزوجة وغيرها، وهذا الذي ذكرنا من وجوب نصف (2) الجلد على الأمة سواء كانت مزوجة أم لا.

(1)(منها) حديث أبي هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد الجهني. وقد تقدم وهو حديث صحيح.

و (منها) حديث أبي هريرة رضي الله عنه تقدم وهو حديث صحيح.

انظر: "فتح الباري"(12/ 164). "البيان" للعمراني (12/ 377). "التهذيب في اختصار المدونة"(4/ 421 - 422).

(2)

"المغني"(12/ 331 - 332).

ص: 531

هو مذهب الشافعي (1) ومالك (2) وأبي حنيفة (3) وأحمد (4) وجماهير علماء الأمة.

وقال جماعة من السلف: لا حدّ على من لم تكن مزوجة من الإماء والعبيد. وممن قال به ابن عباس (5) وطاوس (6) وعطاء وابن جريج وأبو عبيدة. انتهى كلام النووي (7).

قوله: "فقال: أحسنت" فيه أنّ الجلد واجب على الأَمَةِ الزانية، وأنّ النفساء والمريضة ونحوها يؤخر جلدهما إلى أن تبرأ.

قوله: "تتماثل" في "القاموس"(8): تماثل العليل: قارب البرء. انتهى.

هذا وقد أخرج أبو داود (9) في باب ترجمة: باب في إقامة الحد على المريض وذكر فيه حديث العليل الذي أصاب المرأة فأمر صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا غصنًا به مائة شمراخ فيضربونه به مائة بها ضربة واحدة. انتهى.

(1) انظره مفصلاً في "البيان" للعمراني (12/ 356 - 357).

(2)

انظر: "التهذيب في اختصار المدونة"(4/ 423 - 424).

(3)

"البناية في شرح الهداية"(6/ 241 - 242).

(4)

"المغني"(12/ 331 - 332).

(5)

رُوي عن ابن عباس: أنّه قال: لا حدَّ على مملوك حتى يتزوج تمسكاً بقوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} فإنه تعالى علق حد الإماء بالإحصان. أخرجه البيهقي في "السنن"(8/ 243)، وهو خلاف ما ذهب إليه الجمهور وما رُوي عن ابن عباس منقوض بما تقدم من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد.

(6)

ذكره عنهم ابن قدامة في "المغني"(12/ 331).

(7)

في شرح "صحيح مسلم"(11/ 213 - 214).

(8)

"القاموس المحيط"(1364).

(9)

في "السنن" رقم (4472)، وهو حديث صحيح.

ص: 532

وهو يعارض حديث (1) علي رضي الله عنه، فإن تساويا إسنادًا فلا بد من الجمع بينهما بأن ذلك المريض لا يرجى برؤه فرخص في ضربه بمائة شمراخ، وأما المرأة فيرجى برؤها فأخّره على أنّ في حديث علي رضي الله عنه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، لا يحتج به. انتهى.

وقال أبو داود (2) بعد سياقه الحديثين: والأوّل أصح يريد به حديث الذي ضرب بالشماريخ؛ لأنه ساقهما في باب واحد وقدّم حديث الشماريخ [214/ أ].

6 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ عَلَى الْعَبْدِ نِصْفَ حَدِّ الحُرِّ في الحَدِّ الَّذِي يَتبَعَّضُ كَزِنَا الْبِكْرِ، وَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الخَمْرِ.

قوله: [248 ب]"في حديث أبي هريرة: الذي يتبعض" هو احتراز عن الرجم.

7 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَقَامَ حَدًّا عَلَى بَعْض إِمَائِهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُ رِجْلَيْهَا وَسَاقَيْهَا، فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ رحمه الله: أَيْنَ قَوْلُ الله تَعَالَى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} فَقَالَ: أَترَانِي أَشْفَقْتُ عَلَيْهَا. إنَّ الله [تَعَالَى](3) لَمْ يَأْمُرْنِي [أَنْ أَقْتُلَهَا](4). أخرجهما رزين.

8 -

وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: خَرَجَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تُرِيدُ الصَّلَاةَ فتَلَقَّاهَا رَجُلٌ فتَجَلَّلَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، فَصَاحَتْ فَانْطَلَقَ، وَمَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ، فقَالَتْ: إِنَّ ذلِكَ الرَّجُلَ فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا، فَمَرتْ بِعِصَابَةٍ مِن المُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلُ فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا، فَانْطلَقُوا فَأَخَذُوا الرَّجُلَ الَّذِي ظَنَنْتُ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا فَأَتَوْهَا بِهِ، فَقَالَت: نَعَمْ هُوَ هَذَا. فَأَتَوا بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلمَّا أَمَرَ بِهِ ليُرْجَمْ قَامَ صَاحِبُهَا الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رسولَ الله! أَنَا صَاحِبُهَا، فقَالَ لَهَا:"اذْهَبِي فَقَدْ غَفَرَ الله لك"، وَقَالَ لِلرَّجُلِ قَوْلاً

(1) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن"(4/ 618).

(3)

زيادة من (أ).

(4)

كذا في المخطوط والذي في "جامع الأصول": بقتلها.

ص: 533

حَسْنًا، وَأَمرَ بِالْرَجُلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا أَنْ يُرْجَمُ فَرُجِمَ، وَقَالَ:"لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا أَهْلْ المَدِيْنَةِ لَقبِلَ مِنْهُمْ".

وزاد الترمذي: وَلَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ جَعَلَ لَهَا مَهْراً.

أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [إسناده حسن].

قوله: "في حديث وائل بن حجر: تجللها رجل" بالجيم أي: غطّاها بثوبه.

قوله: "فقد غفر الله لك" أي: ذنوبك، وأمّا [ذنب](3) الإكراه الذي وقع عليها فلا ذنب عليها فيه.

"وقال للرجل قولاً حسناً" أي: الرجل الذي ظنت المرأة أنّه الواقع عليها.

"وأمر بالرجل الذي وقع عليها أن يرجم" بإقراره وفيه: أنه لم يطلب منه تكرير الإقرار فهو من أدلة القائلين: أنه يكفي مرة.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".

قلت: وقال (4): هذا حديث حسن غريب صحيح، وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبَّار بن وائل لم يسمع من أبيه. انتهى كلامه.

(1) في "السنن" رقم (4379).

(2)

في "السنن" رقم (1454) بإسناد حسن. وقد ضعف الألباني قوله: "فارجموه"، وقال: الأرجح: أنه لم يرجم.

(3)

في (أ): هذا.

(4)

أي: الترمذي في "السنن"(4/ 56).

ص: 534

وقد أخرج الترمذي (1) هذا الحديث في أوّل الباب عن عبد الجبار بن وائل بأخصر مما ذكره المصنف، ثم قال (2): هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه - يريد به رواية علقمة بن وائل التي ساقها المصنف وصحّحها الترمذي -، سمعت محمداً يقول: عبد الجبار بن وائل بن حجر لم يسمع من أبيه ولا أدركه، يقال: أنه ولد بعد موت أبيه بأشهر. انتهى.

9 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أُتِيَ عُمَرُ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ فَاسْتَشَارَ فِيهَا أُنَاسًا، فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ، فَمَرَّ بِهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: مَجْنُونَةُ بَنِي فُلَانٍ زَنَتْ، فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ تُرْجَمَ. فَقَالَ: ارْجِعُوا بِهَا، ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "رُفِعَ الْقَلَمَ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظ، وَعَنِ المَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأ، وَإِنَّ هذه مَعْتُوهَةُ بَني فُلَانٍ، لَعَلَّ الَّذِي أَتَاهَا أَتَاهَا وَهِيَ في بَلَائِهَا، فَخَلّى سَبِيلهَا. أخرجه أبو داود (3). [صحيح].

قوله: "في حديث ابن عباس: فاستشار فيها أناسًا" فيه حذف، أي: فأشاروا عليه أن ترَجُم.

قال الشيخ (4): [أَيأْمر](5) عمر برجم مجنونة مطبق عليها الجنون، ولا يجوز أن يخفى هذا عليه، ولا على أحدٍ ممن [249 ب] بحضرته، ولكن هذه امرأة كانت تُجنُّ مرة وتفيق أخرى،

(1) في "السنن" رقم (1453)، وهو حديث حسن لغيره. وقد ضعّفه الألباني.

(2)

في "السنن"(4/ 55).

(3)

في "السنن" رقم (4399 ، 4400، 4401، 4402). وهو حديث صحيح.

(4)

الخطابي في "معالم السنن"(4/ 558 - مع السنن).

(5)

كذا في المخطوط والذي في "معالم السنن": لم يأمر.

ص: 535

فرأى عمران لا يُسقط [عنها](1) الحد لما يصيبها من الجنون، إذ كان الزنا منها في حالة الإفاقة، ورأى علي أن الجنون شبهة يُدرأُ بها الحد على من يُبتلى به، والحدود تدرأ بالشبهات.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: ترجم (2) له بباب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا، وزاد بعد قوله:"في بلائها".

قال (3): فقال عمر رضي الله عنه: لا أدري، فقال علي رضي الله عنه: وأنا لا أدري.

وفي لفظ لأبي داود (4): "أنه قال عمر بعد أن أتم علي كلامه وأملاه الحديث قال: بلى، قال: فما بال هذه ترجم؟ قال: لا شيء، قال: فأرسِلها، قال: فأرسَلها، قال: فجعل يُكبِّر".

وفي لفظ آخر لأبي داود (5): أنه قال عمر لعلي بعد أن أملاه الحديث: صدقت، قال: فخلّي عنها".

ومرادهما: لا يدريان أصابها وهي زائلة العقل أم لا؟ إلاّ أنّ بلاها الذي يأتيها شبهة يسقط بها الحد، وهذا الحديث قال المنذري (6): فيه عطاء بن السائب، قال أيوب: هو ثقة، وقال ابن معين: لا يحتج به، وأخرجه النسائي (7) من حديث أبي حصين عثمان بن عاصم

(1) في (أ): عليها، وما أثبتناه من "معالم السنن".

وقد سقطت من (ب).

(2)

أي: أبو داود في "السنن"(4/ 558 الباب رقم 16).

(3)

في "السنن"(4/ 560).

(4)

في "السنن" رقم (4399). وهو حديث صحيح.

(5)

في "السنن" رقم (4401)، وهو حديث صحيح.

(6)

في مختصر "السنن" رقم (6/ 231).

(7)

في "السنن الكبرى" رقم (7305).

ص: 536

الأسدي عن أبي ظبيان عن علي قال (1): وهو أولى بالصواب من حديث (2) عطاء، وأبو حصين أثبت من عطاء. انتهى.

10 -

وعن حبيب بن سالم رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُنَيْنٍ وَقَعَ عَلَى جارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ فَقَالَ: لأَقْضَينَّ فِيكَ بِقَضَاءٍ قَضى بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَكَ جَلَدْتُكَ مِائَةً جَلْدَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَكَ رَجَمْتُكَ بِالحِجَارَةِ، فَوَجَدُوهُ قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ فَجَلَدَهُ مِائَةً جَلْدَةٍ. أخرجه أصحاب السنن (3). [ضعيف].

قوله: "في حديث النعمان بن بشير، عبد الرحمن بن حنين" هو بضم الحاء المهملة ونونين بينهما مثناة تحتية.

قوله: "أخرجه أصحاب السنن".

(1) في "السنن الكبرى"(6/ 488).

(2)

أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" رقم (7304).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (4458)، والترمذي رقم (1451)، والنسائي رقم (3361)، وابن ماجه رقم (2551).

قال الترمذي في "العلل الكبير"(2/ 614): عن البخاري قوله: أنا أتقي هذا الحديث، إنّما رواه قتادة، عن خالد بن عرفطة، عن حبيب بن سالم.

قلت: خالد بن عرفطة: مجهول.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 448) عن أبيه قوله: حبيب بن يساف مجهول، لا أعلم أحداً روى عنه غير قتادة هذا الحديث الواحد. وكذلك خالد مجهول، لا نعرف أحدًا يقال له: خالد بن عرفطة إلا واحد، والذي له صحبة. وخلاصة القول: أن حديثَ النعمان بن بشر ضعيف، والله أعلم.

ص: 537

قلت: [250 ب] وقال الترمذي (1): حديث النعمان في إسناده اضطراب، سمعت محمداً يقول: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة.

قال (2): وسألت محمداً فقال: أنا أتقي هذا الحديث، وقال النسائي: أحاديث النعمان هذه مضطربة، وقال الخطابي (3): هذا الحديث غير متصل (4). انتهى.

قلت: وأخرج أبو داود (5) غيره، وكلها كما قال النسائي (6): لا تصح هذه الأحاديث.

11 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ المُحَبَّقِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قضَى فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، إِنْ كَانَ اسْتكْرَهَهَا أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا، وإنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا. أخرجه أبو داود (7) والنسائي (8). [ضعيف].

قوله: "وعن سلمة بن المحبق" بضم الميم فحاء مهملة فموحدة مشددة فقاف.

قال ابن الأثير (9): وأصحاب الحديث يفتحون الباء، قال: واسم المحبق صخر.

قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي".

(1) في "السنن"(4/ 54).

(2)

أي الترمذي في "العلل الكبير"(2/ 614).

(3)

في "معالم السنن" (4/ 604 - مع "السنن".

(4)

وتمام العبارة: وليس العمل عليه.

(5)

في "السنن" رقم (4460) وهو حديث ضعيف.

(6)

في "السنن الكبرى" بإثر الحديث رقم (7233).

(7)

في "السنن" رقم (4460).

(8)

في "السنن" رقم (3363). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(9)

في "الاستيعاب" رقم الترجمة (1025) دار الأعلام. وانظر "التقريب"(1/ 318 رقم 382).

ص: 538

قلت: وقال النسائي (1): لا تصح هذه الأحاديث، قال الترمذي (2): قد اختلف أهل العلم في الرجل يقع على جارية امرأته، فرأى غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم علي وابن عمر أن عليه الرجم، وقال ابن مسعود (3): ليس عليه حدٌ لكن يعزر، وذهب أحمد (4) وإسحاق إلى ما روى (5) النعمان بن بشير. انتهى.

وقال الخطابي (6) في حديث سلمة بن المحبق: هذا حديث منكر لا تقوم به حجة ولا أعلم أحداً من الفقهاء قال به، وفيه أمور تخالف الأصول منها إيجاب المثل في الحيوان، ومنها [215/ أ] استجلاب الملك بالزنا، ومنها إسقاط الحد عن البدن، وإيجاب العقوبة في المال، وهذه أمور كلها منكرة لا تخرج على مذهب أحد من الفقهاء، وخليق [أن](7) يكون هذا الحديث منسوخاً إن كان له أصل في الرواية.

12 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي أبو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ آتِيَهُ بِرَأْسِهِ. أخرجه أصحاب "السنن"(8). [صحيح].

(1) في "السنن الكبرى" بإثر الحديث رقم (7233).

(2)

في "السنن"(4/ 55).

(3)

انظر "المغني"(12/ 345).

(4)

انظر "المغني"(12/ 345 - 346).

(5)

انظر "البناية في شرح الهداية"(6/ 248 - 249).

(6)

في "معالم السنن"(4/ 606 - مع "السنن").

(7)

في (ب) ألا.

(8)

أخرجه أبو داود رقم (4457) والترمذي رقم (1362) والنسائي رقم (3331) وابن ماجه رقم (2607) وأخرجه أحمد في "المسند"(4/ 290)، وهو حديث صحيح.

ص: 539

"اللواء" الراية.

قوله: "في حديث البراء إلى رجل" قال المفضل بن غسان العلالي [251 ب] أنه منظور ابن زبان بن سيار بن عمرو الفزاري، قال الفضل بن طاهر: لم يؤيد ذلك بدليل عليه.

قوله: "أن آتيه برأسه" قال الشيخ (1)، ما معناه: إنما أمر بقتله لزناه [ولخطيئة](2) زيادة الحرمة في أمه، وهذا مذهب أحمد بن حنبل (3) فيمن نكح ذات محرم أنه يقتل ويؤخذ ماله، وكذلك قال إسحاق على ظاهر الحديث.

وذهب الحسن البصري (4) ومالك (5) والشافعي (6) أنّ عليه الحد.

قوله: "أخرجه أصحاب "السنن".

قلت: وقال الترمذي (7): حسن غريب.

13 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ، أَوْ قَالَ: مَنْ نَكَحَ مَحْرَمَاً فَاقْتُلُوهُ". أخرجه رزين.

14 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِعَليٍّ رضي الله عنه:"اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ"، فَأَتَاهُ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ، فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ. فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَنْهُ وَأَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَسَّنَ فِعْلَهُ.

(1) أي الخطابي في "معالم السنن"(4/ 603).

(2)

في (أ) ولتخطيه.

(3)

"المغني"(12/ 342).

(4)

ذكره ابن قدامة في "المغني"(12/ 342).

(5)

مدونة الفقه المالكي (4/ 625 - 626).

(6)

"البيان" للعمراني (12/ 363).

(7)

في "السنن"(3/ 643).

ص: 540

زاد في رواية وقال: "الشاهد يرى ما لا يرى الغائب". أخرجه مسلم (1). [صحيح].

قوله: "في حديث أنس إلى رجل كان يتهم" هو مأمور القبطي الذي أهداه للنبي صلى الله عليه وسلم المقوقس صاحب مصر وكان خصيّاً.

قوله: "فإذا هو في ركي"(2) بفتح الراء وتشديد المثناة التحتية هو البئر.

قوله: "فإذا هو مجبوب" أي: مجبوب الذكر والأنثيين، وذلك أبلغ في الخصي لعدم آلة النكاح، فإن قلت: كيف يأمر صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه في تهمة ثم في زنا؟ قلت: المراد: في تهمة وقعت له صلى الله عليه وسلم من كلام الناس، وكأنه قد علم اختلاطه بها في الجملة، وكأنه من الاجتهاد الذي يجوز فيه الخطأ، وهو جائز، ثم تداركه الله، وأمّا كونه قتل في حد فلأنه بتهجمه على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مملوك له عظمت خطيئته فاستحق ذلك (3).

15 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا لَهُ، فَبَعَثَ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَرْأَةِ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ زَنَتْ فَجَلَدَهُ الحَدَّ وَتَرَكَهَا (4). [صحيح].

(1) في "صحيحه" رقم (2771).

(2)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 688) الرَّكيُّ، جنس للرَّكيَّة وهي: البئر وجمعها ركايا، والذَّقة: القليلة الماء.

(3)

انظر شرح "صحيح مسلم" للنووي (17/ 118 - 119).

(4)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (4437، 4466) بسند رجاله ثقات رجال الصحيح، غير عبد السلام ابن حفص، فمن رجال أبي داود، والترمذي والنسائي، وقد وثقه يحيى بن معين، وابن حبان والذهبي في الكاشف، وقال في "الميزان": صدوق، وقال أبو حاتم: ليس بمعروف.

["الميزان" (2/ 615 رقم 5047) والكاشف (2/ 172 رقم 3414) و"الجرح والتعديل" (6/ 45 - 46 رقم 239) و"تهذيب التهذيب" (2/ 575 - 576)].

ص: 541

قوله: "في حديث سهل [252 ب] بن سهل فجلده الحد" يحتمل أنه حد الزنا الذي أقر به، وهو من أدلة الحد بالإقرار مرة واحدة، ويحتمل أن المراد حد القذف ويحتمل أن يراد الحدان معاً، أي: جلده الحد الواجب عن إقراره، ورميه المرأة، وحديث ابن عباس (1) يؤيد هذا؛ لأنه قال فجلده مائة ثم قال فجلده ثمانين، ويحتمل أنه رجل واحد اختلفت عبارة الروايتين لقصته.

16 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَكْرِ بْنِ لَيْثٍ أتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَقَرَّ عِنْدَه أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَجَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَة وَكَانَ بِكْرًا، ثُمَّ سَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى المَرْأَةِ فَقَالَتْ كَذَبَ وَالله يَا رَسُولَ اللهِ، فَجَلَدَهُ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ (2). أخرجهما أبو داود. [منكر]

قوله: "أخرجهما" أي: حديث سهل وابن عباس، قلت: ترجم (3) لهما: باب إذا أقر الرجل بالزنا ولم تقر المرأة، وحديث ابن عباس أخرجه النسائي (4) كما قاله المنذري وقال - أي المنذري (5) -: في إسناده القاسم بن فياض تكلم فيه غير واحد.

= وأخرجه أحمد في "المسند"(5/ 339) بسند ضعيف لضعف مسلم بن خالد الزنجي، لكنه لم ينفرد به، فقد توبع عليه. وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(1)

سيأتي تخريجه، وهو حديث منكر.

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن"(4467) وفي إسناده القاسم بن فياض الصنعاني، تكلم فيه غير واحد حتى قال ابن حبان، إنه بطل الاحتجاج به، وقال النسائي في "السنن الكبرى" عقب الحديث رقم (7348 - العلمية) حديث منكر.

انظر "التاريخ الكبير"(7/ 162)"الميزان"(3/ 377)"الجرح والتعديل"(7/ 117).

(3)

أي أبو داود في "السنن"(4/ 611 الباب رقم 31).

(4)

في "السنن الكبرى" رقم (7348 - العلمية) وهو حديث منكر.

(5)

في "مختصر السنن"(6/ 277).

ص: 542