الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو معنى الحديث الآخر "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون"(1) وفي معناه أحاديث.
كتاب: الخوف
في "التعريفات"(2): الخوف توقع مكروه، أو فوتُ محبوب، ذكره ابن الكمال (3)، وقال الحرالّي (4): حذر النفس من أمور ظاهرها تضره، وقال التفتازاني (5): غم يلحق الإنسان مما يتوقعه من السوء.
وقال الراغب (6): توقع مكروه عن إمارة مظنونة أو معلومة، كما أن الرجاء توقع محبوب كذلك وضده الأمن، ويستعمل في الأمور الدنيوية والأخروية. انتهى.
1 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلِ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ الله غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ الله الجَنَّةُ". أخرجه الترمذي (7). [صحيح لغيره].
(1) أخرجه أحمد (4/ 228) وأبو يعلى في "المسند" رقم (1586، 1587) والطبراني في "المعجم الكبير"(ج 22 رقم 403) والدارمي (2/ 245 - 246) والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 144 - 145) وفي سند هذا الحديث أمر أن يوجب كل منهما ضعفه، أحدهما الانقطاع بين الزبير بن عبد السلام وأيوب بن عبد الله بن مكرز، فإنه رواه عن قوم لم يسمعهم.
والثاني: ضعف الزبير هذا.
وللحديث شواهد منها في الصحيح، لذا حسَّنه الإمام النووي، والألباني.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
(ص 228).
(3)
في تعريفاته (ص 77).
(4)
ذكره المناوي في "التوقيف على مهمات التعاريف"(ص 328).
(5)
ذكره المناوي في "التوقيف على مهمات التعاريف"(ص 328).
(6)
في "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 229).
(7)
في "السنن" رقم (2450). =
قوله: "في حديث أبي هريرة [235/ أ] من خاف أدلج" ابن الأثير (1) الإدلاج مخففاً السير من أول الليل، والإدلاج مثقلاً السير من آخره، والمراد بالإدلاج [ها](2) هنا التشمير في أول الأمر، فإنّ من سار من أول الليل كان جديراً ببلوغ المنزل. انتهى.
قوله: "سلعة الله" السلعة المتاع كما في "القاموس"(3)، شبّه الجنة بالمتاع بجامع أنها معروضة على العباد بثمن سهل هو الطاعة.
في الحديث [307 ب] حث على المسارعة مأخوذ من {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} (4)، ومن {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (5)، وإنما كانت سلعة الله غالية؛ لأنها لا توجد إلا بالتشمير لها والخوف من فوتها والاجتهاد فيما يقرب إليها.
قوله: "أخرجه الترمذي" وقال حسن.
2 -
وعن أنس رضي الله عنه: دَخَلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى شَابٍ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: أَرْجُو الله [تَعَالَى](6) يَا رَسُولَ الله، وَأَخَافُ ذُنُوبي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَا اجْتَمَعَا فِي قَلْبِ
= وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 477) والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 358) والحاكم (4/ 308) وأحمد (5/ 136).
وهو حديث صحيح لغيره.
(1)
في "غريب الجامع"(4/ 9).
(2)
زيادة من "غريب الجامع".
(3)
"القاموس المحيط"(ص 942).
(4)
سورة الحديد الآية (21).
(5)
سورة البقرة الآية (148)، سورة المائدة الآية (48).
(6)
زيادة من (أ) وهي ليست في نص الحديث.
عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ إلَّا أَعْطَاهُ الله مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ ممَّا يَخَافُ. أخرجه الترمذي (1). [إسناده حسن].
قوله: "في حديث أنس كيف تجدك" بفتح المثناة الفوقية، أي: كيف تجد نفسك، ولمّا كان "وجد" من أفعال (2) أي بضمير الفاعل والمفعول لشيء واحد.
قوله: "قال أرجو الله" لسعة رحمته وعفوه وكرمه، و"أخاف ذنوبي" لئلا أعاقب بها.
قوله: "ما اجتمعا" أي: رجاء الله وخوف الذنوب في قلب عبد يكون راجياً خائفاً في مثل هذا الموطن، وهو قرب لقاء الله؛ لأنه قال:"وهو في الموت" أي: في سياقه "إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف"، والعبد إذا نظر إلى نفسه وعيوبه وآفات جهله انفتح له باب الخوف، وإذا نظر إلى سعة فضل الله وكرمه وبره انفتح له باب الرجاء، ولذا قيل في حد الرجاء (3) هو النظر إلى سعة رحمة الله ويقال الخوف والرجاء كجناحي (4) طائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا انقص أحدهما وقع النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت، وهنا مسألة
(1) في "السنن" رقم (983) إسناده حسن.
وأخرجه ابن ماجه رقم (4261) وأحمد في "الزهد"(25).
(2)
لعل هنا ساقطة من المخطوط (أ. ب) ولعلها: القلوب أو اليقين.
(3)
انظر الرسالة القشيرية (127 - 130).
(4)
القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان، فالطير جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضه لكل صائد وكاسر. ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف، قاله الداراني في "الرسالة القشيرية"(ص 128).
وانظر: "مدارج السالكين"(1/ 657 - 664).
اختلفوا فيها وهي - أي الرجاء - أيحمل رجاء المحسن ثواب إحسانه أو رجاء المذنب المسيء التائب مغفرة ربه وعفوه.
فطائفة رجحت رجاء المحسن بقوة أسباب الرجاء معه، وطائفة رجحت رجاء المذنب؛ لأن رجاءه مجرد عن علمه رؤية العمل مقرون بذله رؤية الذنب.
قاله يحيى بن معاذ (1): "يكاد رجائي لك [308 ب] مع الذنوب يغلب رجائي لك مع الأعمال؛ لأني أجدني أعتمد في الأعماله على الإخلاص، وكيف أحرزها، وأنا بالآفات معروف؟ وأجدني في الذنوب أعتمد على عفوك وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف؟ ".
وقال أيضاً: "إلهي أجلُّ العطايا في قلبي رجاؤك، وأعذب الكلام على لساني ثناؤك، وأحبُّ الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك".
3 -
وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعَاً قَطَّ ضَاحِكَاً حَتَّى أَرَى مِنْهُ لهَوَاتَهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ". أخرجه الخمسة (2) إلا النسائي. [صحيح].
وزاد البخاري (3) في رواية: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا عُرفَ فِي وَجْهِهِ، قَفلْتُ: يَا رَسُولَ الله! النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ المَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَ غَيْمًا عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهَةُ، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ! مَا يُؤْمِنُني أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ [] (4) عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ". [صحيح]
(1) انظر: الرسالة القشيرية (ص 130 - 132).
(2)
البخاري رقم (4828، 4829) ومسلم رقم (899) وأبو داود رقم (5098) وابن ماجه رقم (3891) والترمذي رقم (3257).
وهو حديث صحيح.
(3)
في "صحيحه" رقم (4829).
(4)
في (ب) زيادة (وقد) وفي الشرح والتيسير (قد) وهي ليست في نص البخاري.
قوله: "في حديث عائشة: ما رأيته صلى الله عليه وسلم ضاحكاً مستجمعاً [ضحكاً] "(1).
أي: مستغرقاً في ضحكه، وكأنها فهمت أن ذلك من خوفه من ربه، وقد ورد في أحاديث "أنه ضحك حتى بدت نواجذه"(2)، ولكنه نادر، ويحتمل أن بدو نواجذه لا يستلزم رؤية لهواته التي نفت رؤيتها عائشة، واللهوات (3) جمع لهاة وهي اللحمات في أقصى سقف الفم، ومنه حديث الشاة المسمومة "فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم "(4).
قوله: "في حديث عائشة عرفت في وجهه"[أي](5) الكراهة والمخافة.
قوله: "ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، [قد] (6) عُذب قوم بالريح .. " الحديث، أي: أنّه صلى الله عليه وسلم يخشى أن يكون فيه عذاب على من يستحق العذاب من الكفار والمنافقين، فقد كان في المدينة منهم قوم، وكان صلى الله عليه وسلم يحب عفو الله، ويترقب طاعة من عصاه، ويرجو لهم رحمة الله، أو أن يخرج عن أصلابهم من يتقي الله.
قإن قلت: قد قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} (7)، وهو إخبار أنه تعالى لا ينزل عذاباً على من فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. [236/ أ][309 ب].
(1) التي في نص الحديث ضاحكاً.
(2)
أخرجه البخاري في "صحيحه" وقم (6571، 7511) ومسلم رقم (460، 461، 466) والترمذي رقم (2595) وابن ماجه رقم (4339) وأحمد في "مسنده"(1/ 99، 186).
(3)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 625).
(4)
أخرجه البخاري فى "صحيحه" وقم (2617).
(5)
زيادة من (أ).
(6)
كذا في الشرح وهي ليست نص البخاري.
(7)
سورة الأنفال الآية (33).
4 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَاّ فِيْهِ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ للهِ تَعَالَى سَاجِدًا، وَالله لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى الله تَعَالَى، لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَة تُعْضَدُ. أخرجه الترمذي (1). [حسن لغيره].
ومعنى "أطتِ (2) السماءُ"، أي كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت: أي صوتت وهذا مثل (3)، وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثم أطيط "والجؤار" (4): الصياح: أي تستغيثون، وقوله "لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَة تُعْضَدُ" مدرج في الحديث من قول أبي ذر.
قوله: "في حديث أبي ذر إني أرى ما لا ترون" إخبارٌ منه صلى الله عليه وسلم بأنه يرى ما لا يراه العباد من عجاب ملكوت الله من ملائكة وغيرهم، وأنه يسمع ما لا تسمعونه من الوحي وغيره، وهو توطئة لقوله "أطت السماء" ويأتي تفسير الأطيط.
(1) في "السنن" رقم (2312).
وأخرجه أحمد في "المسند"(5/ 173) وابن ماجه رقم (4190) والبزار في "مسنده" رقم (3524) والحاكم (2/ 510 - 511) والطحاوي في "مشكل الآثار" رقم (1135).
وهو حديث حسن لغيره.
(2)
قاله ابن الأثير في "النهاية"(1/ 66). وانظر "الفائق" للزمخشري (1/ 49).
(3)
قاله ابن الأثير في "النهاية"(1/ 66). وانظر: شرح الطيبي على "مشكاة المصابيح"(10/ 22).
(4)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 228).
قوله: "الصعدات"(1) مثل طريق وطرق وطرقات وهي جمع صعد، وهو جمع صعيد (2)، وهو التراب والمراد.
قوله: "والله لو تعلمون ما أعلم" أي: من قدرة الله وعظمته، وقيل: من الأهوال والعقوبات "لضحكتم (3) قليلاً ولبكيتم كثيراً" يحتمل أنه أريد لضحكتم تعجباً من غفلتكم وإهمالكم ما ينفعكم، وإعراضكم عنه، لا لضحكتم سروراً، فإن الذي عليه صلى الله عليه وسلم من الأهوال لا تقتضي ضحكاً ولا سروراً.
ويحتمل ضحكتم سروراً مما ترونه من سعة الرحمة، إلا أن قرينة السياق لا توافق هذا، فإن قلت: فما باله صلى الله عليه وسلم مع علمه بما يوجب ما ذكره من البكاء والخروج وترك التلذذ بالنساء لم يفعل ذلك؟
قلتُ: يحتمل أنّ المراد لو تعلمون ما أعلم مما أُعِدَّ لكم، وأمّا هو صلى الله عليه وسلم فهو [من](4) عباده المخلصين لم يعد له شيء من تلك الأهوال، فإن الله قد أجاره من كل هول، بل أجاره وأجار به عباده وشفّعه فيهم، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لقوة ما أعطاه الله من قوة الإيمان ومعرفة المقامات العليّة والأمور الإلهية لم يحصل بعد علمه ما لو علموه لاتّفق لهم ما ذكره [310 ب] فإنّ الله أعطاه قوة قلب أقدره بها على رؤية السماوات وما فيها من عظم الآيات، ولذا قال تعالى:{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} (5)، ولا ينافي هذا
(1) قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(4/ 13) الصعدات: جمع صعد، وهو التراب، والمراد: الطرق، مثل طريق وطرق وطرقات.
(2)
أي: وصعد جمع صعيد.
(3)
انظر: شرح الطيبي على "مشكاة المصابيح"(10/ 23).
(4)
سقطت من (أ).
(5)
سورة النجم الآية (17 - 18).
كونه أخوف العباد لله وأخشاهم له، ولا كونه شيبه قوارع الآيات، لكل مقام مقال، فإن قلتَ: فما فائدة إخبارهم بهذا؟
قلتُ: إعلامهم بما عند الله من العقاب مثل الإخبار بأحوال النار وما فيها، والمنة عليهم بأنّ الله لطف بهم فلم يعلمهم بما يوجب ترك ما أباحه لهم من اللذات وغير ذلك.
قوله: "ولوّددت
…
" إلى آخره، مدرج في الحديث، ساقه في "الجامع" (1) سياقاً واحداً، ثم قال: وفي رواية: "أن أبا ذر قال: لوددت أني كنت شجرة تعضد" ويروى عن أبي ذر موقوفاً، أخرجه الترمذي (2) وقال (3): حسن.
قال ابن الأثير (4): وأخرجه البخاري (5) والترمذي (6) عن أبي هريرة قال: قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" قال الترمذي (7): صحيح.
5 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة لما قنط من جنته"(8). أخرجه رزين. [صحيح].
(1)(4/ 13 رقم 1985).
(2)
في "السنن" بإثر الحديث رقم (2312).
(3)
في "السنن"(4/ 556).
(4)
في "الجامع"(4/ 14).
(5)
في "صحيحه" رقم (6485).
(6)
في "السنن" رقم (2313).
وهو حديث صحيح.
(7)
في "السنن"(4/ 557).
(8)
أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (23/ 2755) الترمذي رقم (3542) وابن حبان رقم (345) وأحمد في "مسنده"(2/ 334، 397، 484) والبيهقي في "الأسماء والصفات"(ص 497). =
6 -
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَامِرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: هَل تَدْرِي مَا قَالَ أَبِي لأَبِيكَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: إِنَّ أَبِي قَالَ لأَبِيكَ: يَا أَبا مُوسَى! هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلَامُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ يُرَدُّ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ، فَقَالَ أبوك لِأَبِي لَا وَاللهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَهُ، وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو أجْرَ ذَلِكَ. قَالَ أَبِي: لَكِنِّي أنَّا وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ! لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ يُرَدُّ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ أَباكَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي. أخرجه البخاري (1). [صحيح]
قوله: "في حديث أبي بردة ما قال أبي" أي: عمر بن الخطاب لأبيك أبي موسى.
قوله: "يرد لنا" أي: يثبت كما في "النهاية"(2).
قوله: "فقلت إن أباك خير من أبي" القائل "فقلت" هو أبو بردة خاطب بذلك ابن عمر يريد أن عمر خير من أبي موسى، وأراد من (3) الحيثية المذكورة [والأمر المقرر](4) أن عمر خير [311 ب] من أبي موسى عند جميع الطوائف، لكن لا يمتنع أن يفوق المفضول بخصلة لا تستلزم الأفضلية المطلقة، ومع هذا فإنّ عمر في هذه الخصلة المذكورة أفضل من أبي موسى؛
= وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(1)
في "صحيحه" رقم (3915).
(2)
(1/ 648)، وانظر "فتح الباري"(7/ 254).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(7/ 255).
(4)
كذا في (أ. ب) والذي في "فتح الباري" وإلا فمن المقرر.