الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: فيما يجزي منها
قوله: "الفصل الثالث: فيما يجزئ منها" أي: في ذكر ما يجزئ.
1 -
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَذْبَحُوا إِلَا مُسِنَّةً إِلَا أنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ". أخرجه مسلم (1)، وأبو داود (2)، والنسائي (3). [ضعيف].
(1) في "صحيحه" رقم (13/ 1963).
(2)
في "السنن" رقم (2797).
(3)
في "السنن" رقم (4378). وأخرجه أحمد في "المسند"(3/ 312)، وابن ماجه رقم (3141).
قال الحافظ في "الفتح": إنه حديث صحيح.
وقال الألباني في "الضعيفة"(1/ 161): "ثم بدا لي أني كنت واهمًا في ذلك، تبعًا للحافظ، وأن هذا الحديث الذي صححه هو وأخرجه مسلم كان الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس، وقد عنعنه، ومن المقرر في علم المصطلح أن المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث، وهذا هو الذي صنعه أبو الزبير هنا، فعنعن، ولم يصرح، ولذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها أبو الزبير بهذا الإسناد، أخرجها مسلم، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد عنه، فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث.
فقال الحافظ الذهبي في ترجمة أبي الزبير - واسمه محمد بن مسلم بن تدُرس - بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما لا يقدح في عدالته:
"وأما أبو محمد بن حزم، فإنه يردُّ من حديثه ما يقول فيه "عن جابر" ونحوه؛ لأنه عندهم ممن يدلس، فإذا قال: "سمعت"، "وأخبرنا"، احتج به، ويحتج به ابن حزم إذا قال: "عن" مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، وذلك لأن سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا الليث قال: جئت أبا الزبير، فدفع إليَّ كتابين، فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أنني عاودته، فسألته أسَمِعَ هذا من جابر؟ فسألته فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حدثت به، فقلت: أعلم لي على ما سمعت منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي".
ثم قال الذهبي: وفي "صحيح مسلم" عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منه شيء". =
"المُسِنَّةُ" التي لها سنون، والمراد: الكبيرة التي ليست من الصغار.
قوله: "في حديث جابر مسنة" المسنة فسَّرها المصنف بقوله: التي لها سنون، والمراد الكبيرة التي ليست من الصغار وهو كلام ابن الأثير (1).
قوله: "فتذبحوا جذعة من الضأن" هذا صريح في أن لا يجزئ الجذع من غير الضأن في حال من [197/ أ] الأحوال وهو مجمع عليه وإن لم يجد غيره، وجذع الضأن يجزئ عند كافة [198 ب] العلماء (2) وهذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل، والتقدير: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلاّ مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، وأجمعت الأمة على أنّ الحديث ليس على ظاهره؛ لأنّ الجمهور (3) يجوّزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه فتعيّن تأويل الحديث على الاستحباب.
2 -
وعن عُقْبَةَ بن عامر رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَبَقِي عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"ضَحِّ أَنْتَ بِهِ". أخرجه الخمسة (4) إلا أبا داود. [صحيح].
= وقال الحافظ في ترجمته من "التقريب": صدوق إلا أنه يدلس.
وأورده في المرتبة الثالثة من كتابه "طبقات المدلسين"(ص 15).
وجملة القول: أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة (عن) ونحوها.
وليس من رواية الليث بن سعد عنه. فينبغي التوقف عن الاحتجاج به، حتى يتبين سماعه أو نجد ما يشهد له ويعتضد به.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
في "غريب الجامع"(3/ 331).
(2)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(8/ 366).
(3)
انظر: "المغني"(13/ 367).
(4)
أخرجه البخاري رقم (5555)، ومسلم رقم (15/ 1965)، والترمذي رقم (1500)، والنسائي رقم (4379)، وابن ماجه رقم (3138)، وأحمد في "المسند"(4/ 149).
وفي رواية (1): جَذَعٌ؟ فَقَالَ: "ضَحِّ به". [صحيح].
"الْعَتُودُ"(2) من أولاد المعز: ما رعي وقوي وأتى عليه حول. "وَالجَذَعُ"(3) من الشاء: ما دخل في الثانية، ومن البقر والحافر: ما دخل في الثالثة، ومن الإبل: ما دَخل في الخامسة.
قوله: "في حديث عقبة: وبقي عتود" بفتح المهملة فمثناة فوقية. آخره مهملة. يأتي تفسيرها للمصنف.
قوله: "ضح به أنت" قال البيهقي (4) وغيره، كانت هذه رخصة لعقبة كما كان مثلها لأبي بردة بن نيار قال البيهقي (5): وقد روينا ذلك من رواية الليث، وفيه: ضح بها أنت، ولا رخصة فيها لأحد بعدك".
قال النووي (6): وهذا التأويل الذي قاله البيهقي وغيره متعين.
قوله: ومن الإبل ما دخل في الخامسة، هكذا أتى في "غريب الجامع"(7).
وصوَّبه في هامشه، فقال: الصواب في السادسة (8)، كما في كتب اللغة. انتهى.
(1) البخاري رقم (5547)، ومسلم رقم (16/ 1965)، وأحمد (4/ 156).
(2)
قال الجوهري في "الصحاح"(2/ 505): وخيره ما بلغ سنة، وجمعه: أعتدةٌ وعَدّان بإدغام التاء في الدال.
(3)
انظر: "الغريبين في القرآن والحديث"(1/ 325). شرح "صحيح مسلم"(13/ 112 - للنووي).
(4)
في "السنن الكبرى"(9/ 270).
(5)
في "السنن الكبرى"(9/ 270).
(6)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(13/ 118 - 119).
(7)
(3/ 330).
(8)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 246)، وأصل الجَذَع من أسنان الدَّواب، وهو ما كان منها شابًّا فنيًّا، فهو فتيًّا من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر، والمعز ما دخل في السنة الثانية، وقيل: البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تمَّت له سنة.
انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين" للحميدي (61/ 1).
لكن رأيته في "القاموس"(1)، و"النهاية" (2): بلفظ: "في الخامسة". كما في "غريب الجامع"(3).
فالتصويب غير صواب (4).
3 -
وعن عاصم بن كُلَيْبٍ عن أبيه عن مَجَاشِع السُّلمي الصحابِّي رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الجَذَعُ من الضَّأْنِ يُوفِّي ما يُوَفِّي منه الثَّنِيُّ" أخرجه أبو داود (5) والنسائي (6). [صحيح].
قوله: في حديث عاصم بن كليب "أخرجه أبو داود والنسائي".
قلت: قال المنذري (7): عاصم بن كليب (8)، قال ابن المديني: لا يحتج به إذا انفرد. وقال الإمام أحمد: لا بأس بحديثه، وقال أبو حاتم الرازي (9): صالح. وأخرج له مسلم. انتهى.
(1)"القاموس المحيط"(ص 915).
(2)
(1/ 246).
(3)
(3/ 330).
(4)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 246): ومنهم من يخالف بعض هذا في التقدير.
(5)
في "السنن" رقم (2799).
(6)
في "السنن" رقم (4383، 4384). وأخرجه ابن ماجه رقم (3040).
وهو حديث صحيح.
(7)
في "مختصر السنن"(4/ 104).
(8)
انظر: "الميزان"(2/ 356)، "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 487).
(9)
في "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 349 - 350).