المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٣

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد

- ‌الباب الأول: في فضله

- ‌الفصل الأول: في فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

- ‌الباب الثاني: في الجهاد وما يتعلق به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية [والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الباب الثالث: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمان والهدنة

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفصل الرابع: في الشهداء

- ‌ كتاب الجدال والمراء

- ‌[حرف الحاء

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: في فضائلهما

- ‌الباب الثالث: في الميقات والإحرام

- ‌الفصل الأول: في الميقات

- ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

- ‌الفرع الثالث: في جزاء الصيد

- ‌[الباب الرابع: في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الفصل الأول: في الإفراد]

- ‌الفصل الثاني: في القران

- ‌الفصل الثالث: في التمتع وفسخ الحج

- ‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

- ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

- ‌في طواف الزيارة

- ‌في طواف الوداع

- ‌في طواف الرجال مع النساء

- ‌في الطواف من وراء الحجر

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الدعاء في الطواف والسعي

- ‌[الفصل الثالث: في دخول البيت]

- ‌الفصل الأول: في الوقوف وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الإفاضة

- ‌الفصل الثالث: في التلبية بعرفة والمزدلفة

- ‌الباب السابع: في الرمي

- ‌الفصل الأول: في كيفيته

- ‌الفصل الثاني: في وقت الرمي

- ‌[الفصل الثالث: في الرمي راكبًا وماشيًا

- ‌[الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة]

- ‌الباب الثامن: في الحلق والتقصير

- ‌الفصل الأول: في تقديم بعض أسبابه على بعض

- ‌الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه

- ‌الباب العاشر: في الهدي والأضاحي

- ‌الفصل الأول: في إيجابها [وأسنانها]

- ‌الفصل الثاني: في الكمية والمقدار

- ‌الفصل الثالث: فيما يجزي منها

- ‌الفصل الرابع: فيما لا يجزي منها

- ‌الفصل الخامس: في الإشعار والتقليد

- ‌الفصل السادس: في وقت الذبح ومكانه

- ‌الفصل السابع: في كيفية الذبح

- ‌الفصل الثامن: في الأكل من الأضحية

- ‌الفصل التاسع: فيما يعطب من الهدي

- ‌الفصل العاشر: في ركوب الهدي

- ‌الفصل الحادي عشر: في المقيم إذا أهدى إلى البيت [أو ضحى هل يحرم أم لا]

- ‌الباب الحادي عشر في الفوات والإحصار والفدية

- ‌الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى

- ‌الفصل الثاني: فيمن أحصره العدو

- ‌الفصل الثالث: فيمن غلط في العدد

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني عشر: في دخول مكة والنزول بها والخروج منها

- ‌الباب الرابع عشر: في أحكام متفرقة تتعلق بالحج

- ‌الفصل الأول: في التكبير في أيام التشريق

- ‌الفصل الثالث: في حج الصبي

- ‌الفصل الرابع: في الاشتراط في الحج

- ‌الفصل الخامس: في حمل السلاح في الحرم

- ‌الفصل السادس: في ماء زمزم

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس عشر: في حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرته

- ‌كتاب: الحدود

- ‌الباب الأول: في حد الردة، وقطع الطريق]

- ‌الباب الثاني: في حد الزنا [وفيه فصلان]

- ‌الفصل الأول: في أحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الذين حدهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في حديث اللواط وإتيان البهيمة

- ‌الباب الرابع: في حد القذف

- ‌الباب الخامس: في حد السرقة

- ‌الباب السادس: في حد الخمر

- ‌الباب السابع: في الشفاعة، والتسامح في الحدود

- ‌كتاب: الحضانة

- ‌كتاب: الحسد

- ‌كتاب: الحرص

- ‌كتاب: الحياء

- ‌حرف الخاء

- ‌كتاب: الخلق]

- ‌كتاب: الخوف

- ‌كتاب: خلق العالم

- ‌كتاب: الخلافة والإمارة

- ‌الباب الاول: في [أحكامهما]

- ‌[الفصل الأول: في الأئمة من قريش]

- ‌الفصل الثاني: في من تصلح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء [346 ب]

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضي الله عنهم

- ‌كتاب الخلع

الفصل: ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

والأولاد والخدم، والنصيحة للزوج في كل ذلك، ورعاية الخادم حفظ ما تحت يده والقيام بما يجب عليه من خدمته. انتهى (1)]. [قوله:"وكلكم مسئول عن رعيته" قيل: دخل في هذا العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد، فإنه يصدق عليه أنه راع على جوارحه حتى يعمل المأمورات، ويجتنب المنهيات فعلاً ونطقاً واعتقاداً (2)].

‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

1 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤْلَاءِ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". أخرجه الخمسة (3) إلا النسائي.

قوله: "عن ابن عمر كلكم راع" الراعي هو الحافظ (4) المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وهو ما تحت نظره، فأفاد أن كل من بنظره شيء فإنه مخاطب بالقيام بمصالحه والعدل فيه في دينه ودنياه ومتعلقاته، وهو المراد من قوله "وكلكم مسئول عن رعيته" أي: يسأله الله عنها هل قام بما يجب عليه مما ذكر أو لا؟ ثم بيّن صلى الله عليه وسلم أحوال الرعاة بقوله: "فالإمام راع .... " إلى آخر الحديث، فالأول الراعي العام الذي كل راع من رعيته.

(1) وحقها التأخير؛ لأنها شرح لحديث ابن عمر الآتي.

(2)

ما بين الحاصرتين متقدمة، وهي شرح لحديث ابن عمر الآتي.

(3)

أخرجه البخاري رقم (893) وأطرافه [2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138] ومسلم رقم (1829) وأبو داود رقم (2928) والترمذي رقم (1705).

(4)

انظر "فتح الباري"(13/ 112 - 113).

ص: 717

قوله: "والمرأة راعية في بيت زوجها" قيل: فيه دليل (1) على سقوط القطع عن المرأة إذا سرقت من مال زوجها.

قوله: "والرجل راع في أهل بيته [336 ب] " فيه دليل على أنه يقيم الحد على عبيده وإمائه، وقد جاء حديث "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم"(2).

2 -

وَعَنْ أَبِي مَرْيَمَ الأَزْدِيَّ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: مَا أنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلَانٍ؟ قُلْتُ: حَدِيثًا سمِعْتُهُ مِنْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ وَلَاّهُ الله شَيْئًا مِنْ أَمُورِ المُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ الله تَعَالَى عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ. أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح].

"مَا أَنْعَمنَا بِكَ" يريد ما أعمدك إلينا، وما جاء بك، قال الخطابي (5): وإما يقال: ذلك لمن يعتد بزيارته ويفرح بلقائه.

(1) قاله الخطابي في "معالم السنن"(3/ 342 - مع "السنن").

(2)

وهو حديث صحيح لغيره.

أخرجه أحمد (1/ 95) وأبو داود رقم (4473) والبيهقي في "السنن"(8/ 345) وعبد الرزاق رقم (13601) والبزار في "مسنده" رقم (762) والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (7239، 7268) وأبو يعلى رقم (320) من طرق، من حديث علي رضي الله عنه.

(3)

في "السنن" رقم (2948).

(4)

في "السنن" رقم (1333).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(5)

قال الخطابي في "معالم السنن"(3/ 357 - مع "السنن"). =

ص: 718

قوله: "وعن أبي مريم الأزدي" اسمه عمرو بن مرة يروي حديثين هذا أحدهما والثاني في أعلام النبوة.

قوله: "فجعل رجلاً على حوائج الناس" هذا مبني على أنه فهم أن المراد إبلاغ حوائج الناس إليه وإن لم يباشر ذلك وهو معلوم من المراد، فإنه ليس المراد إلا قضاء حوائج الناس بنفسه أو بواسطة.

قوله (1): "لمن يعتد بزيارته ويفرح بلقائه" كأنه أخذه من قوله: "ما أنعمنا بك" فإنه دلّ أنه عدّ قدومه عليه نعمة.

وفي "الجامع"(2) قال الخطابي (3): أحسبه مأخوذ من قولهم ونعمة عين، أي: قرة عين، وإنما يقال ذلك لمن يعتد بزيارته ويفرح بلقائه كأنه يقول: ما الذي أطلعك علينا وحبانا بلقائك، ومن ذلك قولهم: أنعم صباحاً - في التحية -.

3 -

وَعَنْ اَبْنِ عَمْرٍو بْن الْعَاص رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا". أخرجه مسلم (4) والنسائي (5). [صحيح].

= قوله: (ما أنعمنا بك) يريد ما جاءنا بك أو ما أعملك إلينا، وأحسبه مأخوذاً من قوله (نعم ونعمة عين) أي قرة عين، وإنما يقال ذلك لمن يعتد بزيارته ويفرح بلقائه، كأنه يقول ما الذي أطلعك علينا وحيانا بلقائك، ومن ذلك قوله (أنعم صباحاً) هذا أو ما أشبهه من الكلام.

(1)

شرح كلام الخطابي في "معالم السنن"(3/ 357 - مع "السنن").

(2)

(4/ 52).

(3)

في "معالم السنن"(3/ 357 - مع "السنن") وقد تقدم بنصه.

(4)

في "صحيحه" رقم (1827).

(5)

في "السنن"(8/ 221). =

ص: 719

قوله: "في حديث ابن [عمرو] (1) [245/ أ]: إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور".

قال القاضي (2): يحتمل أنهم على منابر حقيقة ويحتمل أنه كنّى عن المنازل الرفيعة، قال النووي (3): والظاهر الأول وهو يتضمن المنازل الرفيعة والمنابر جمع منبر وسمي بذلك لارتفاعه.

قوله: "عن يمين الرحمن" هو من أحاديث الصفات، قال القاضي (4): المراد بكونهم عن يمين الرحمن الحالة الحسنة (5) والمنزلة الرفيعة يقال: [337 ب] أتاه عن يمينه إذا جاءه من الجهة المحمودة، والعرب تنسب المحمود والأحسن إلى اليمين، وضده إلى اليسار واليمين مأخوذة من اليمن.

قوله: "وكلتا يديه يمين" قال القاضي (6) - أيضاً -:

= وأخرجه أحمد (2/ 160) وابن حبان رقم (4484، 4485) والآجري في الشريعة (ص 322) والبيهقي في "السنن"(10/ 87) وفي الأسماء والصفات (ص 324).

وهو حديث صحيح.

(1)

في (أ) عمر.

(2)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 227) حيث قال: أصل تسمية المنبر لارتفاعه، فيحتمل أن يكون (منابر) كما ذكر على وجهها، أو منازل رفيعة، وأماكن علية.

(3)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(12/ 211).

(4)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 227).

(5)

وهذا تأويل سيأتي توضيحه قريباً.

(6)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 228).

ص: 720

هو تنبيه على أنه ليس المراد الجارحة (1) تعالى الله عن ذلك.

(1) اليدان: صفة ذاتية خبرية لله عز وجل، ونثبتها كما نثبت باقي صفاته تعالى، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهي ثابتة بالكتاب والسنة.

• الدليل من الكتاب:

- قال تعالى في سورة المائدة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64].

- وقال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75].

• الدليل من السنة:

- أخرج مسلم رقم (2760) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها".

- وأخرج البخاري رقم (3340) ومسلم رقم (194) - حديث الشفاعة - وفيه: "

فيأتونه فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك بيده ونفخ فيك من روحه

".

- وأخرج البخاري رقم (7411) ومسلم رقم (993) وفيه: "يد الله ملآى لا يغيضها نفقة

وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع".

• قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(6/ 263): "إن لله تعالى يدين مختصَّان به ذاتيتان له كما يليق بجلاله".

• وقال أبو الحسن الأشعري في رسالة إلى أهل الثغر (ص 225): "أجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى، وأن له تعالى يدين مبسوطتين".

• وقال أبو بكر الإسماعيلي في "اعتقاد أئمة الحديث"(ص 51): "وخلق آدم عليه السلام بيده، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف يداه، إذ لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف".

وتوصف يد الله عز وجل بأنها يمين، وهذا ثابت بالكتاب والسنة:

• الدليل من الكتاب:

- قال تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]. =

ص: 721

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= • الدليل من السنة:

- أخرج البخاري رقم (7382) ومسلم رقم (2787) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "

ويطوي السماء بيمينه

".

- وأخرج البخاري رقم (7430) ومسلم رقم (1014) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه

".

إن تعليل القائلين بأن إحدى يدي الله عز وجل يمين، والأخرى شمال وإنما نقول: كلتاهما يمين، تأدباً وتعظيماً، إذ الشمال من صفات النقص والضعف قول قوي وله وجه من النظر، إلا أننا نقول: إن صفات الله عز وجل توقيفية، وما لم يأت دليل صحيح صريح في وصف إحدى يدي الله عز وجل بالشمال أو اليسار، فإننا لا نتعدى قول النبي صلى الله عليه وسلم:"كلتاهما يمين".

• وقد سئل المحدث الألباني في "مجلة الأصالة" العدد الرابع (ص 68): كيف نوفق بين رواية: "بشماله" الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في "الصحيح" وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلتا يديه يمين".

فأجاب: لا تعارض بين الحديثين بادئ بدء، فقوله صلى الله عليه وسلم: "

وكلتا يديه يمين" تأكيد لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورة: 11]، فهذا الوصف الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيداً للتنزيه، فيد الله ليست كيد البشر شمال ويمين، ولكن كلتا يديه سبحانه يمين.

وأمر آخر: إن رواية "بشماله" شاذة كما بيّنتها في تخريج "المصطلحات الأربعة الواردة في القرآن" رقم (1) لأبي الأعلى المودودي، ويؤكد هذا أن أبا داود رواه وقال:"بيده الأخرى"، بدل: بشماله. وهذا القول الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم:"كلتا يديه يمين".

• وحديث عبد الله بن عمر عند مسلم رقم (24/ 2788) وفيه لفظة: "الشمال" تفرّد بها عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سالم عن ابن عمر؛ عمر بن حمزة ضعيف.

فالحديث عند البخاري رقم (7412) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وعند مسلم رقم (35/ 2788) من طريق عبد الله بن مقسم عن ابن عمر، وليس عندهما لفظة "الشمال".

• وقد قال الحافظ البيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 55): "ذكر (الشمال) فيه تفرد به عمر بن حمزة عن سالم، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، لم يذكرا فيه "الشمال"، وروي ذكر =

ص: 722

قوله: "الذين يعدلون

" إلى آخره، يريد أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلد من خلافة أو إمارة أو قضاء أو حسبة، أو نظر على يتيم أو صدقة أو وقف فيما يلزمه من حقوق أهله ونحو ذلك.

4 -

وَعَنِ الحَسَنِ الْبَصْريّ عَنْ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ الله رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَاّ حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الجَنَّةَ". أخرجه الشيخان (1). [صحيح].

وفي أخرى لمسلم (2) عن الحَسَنِ الْبَصْريّ: أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنه، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

= الشمال في حديث آخر في غير هذه القصة إلا أنه ضعيف بمرة، تفرد بأحدهما جعفر بن الزبير، وبالآخر: يزيد الرقاشي، وهما متروكان، وكيف ذلك؟!

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى كلتي يديه يميناً. اهـ.

- وأما حديث أبي الدرداء المرفوع: "خلق الله آدم حين خلقه، فضرب كتفه اليمين فأخرج ذرية بيضاء، كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، فقال للتي في يمينه إلى الجنة ولا أبالي، وقال للتي في يساره: إلى النار ولا أبالي. أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في الستة رقم (1059) والبزار في "مسنده" رقم (2144 - كشف) وقال: إسناده حسن.

فاعلم أن الضمير هنا يعود على آدم عليه السلام.

(1)

أخرجه البخاري رقم (7151) ومسلم رقم (228/ 142) وأخرجه أحمد (5/ 25).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(2)

في "صحيحه" رقم (23/ 1830).

وأخرجه أحمد في "المسند"(5/ 64) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1093) وأبو عوانة (4/ 424 - 425) وابن حبان رقم (4511) والطبراني في "الكبير"(ج 18 رقم 26) والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 161) من طرق. وهو حديث صحيح، والله أعلم.

ص: 723

"إِنَّ شَرَّ [الرِّعَاءِ] (1) الحُطَمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". فَقَالَ: اجْلِسْ، إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: وَهَلْ كَانَتْ لهمْ نُخَالَةٌ؟ إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ وَفى غَيْرِهِمْ. [صحيح].

قوله: "في حديث الحسن البصري عن معقل بن يسار" الحديث له سبب كما في "الجامع"(2) وهو أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار المزني في مرضه الذي مات فيه فقال معقل: إني محدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو علمت أن لي حياة ما حدثتك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحديث.

قوله فيه: "لو علمت أن لي حياة" قال النووي (3): يحتمل أنه كان يخاف على نفسه قبل هذا الحال ورأى وجوب تبليغ العلم الذي عنده قبل موته لئلا يكون مضيعاً له، وقد أمرنا كلنا بالتبليغ. انتهى.

قوله: "في حديث عائذ بن عمرو"(4) بالمثناة التحتية وبالذال المعجمة، هو أبو هبيرة بضم الهاء وفتح الموحدة، هو من أصحاب الشجرة سكن البصرة، وحديثه في البصريين. [338 ب].

قوله: "يموت يوم يموت" فيه دليل على أنّ التوبة قبل حالة الموت تنفع.

(1) في (ب) الرعاة.

(2)

(4/ 54).

(3)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(12/ 126).

(4)

انظر "التقريب"(1/ 390 رقم 78).

ص: 724

قوله: "إلا حرم الله عليه الجنة" أي: دخلوها، قال النووي (1): إنه يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون مستحلاً لغشهم فتحرم عليه الجنة ويخلد في النار.

والثاني: أنه لا يستحله فيمنع من دخولها أول وهلة مع الفائزين، وفي هذا دليل على وجوب النصيحة على الوالي لرعيته والاجتهاد في مصالحهم، والنصيحة لهم في دينهم ودنياهم.

قوله: "في حديث الحسن - أيضاً - الحطمة"(2) بالحاء المهملة بوزن الهمزة، قالوا: هو العنيف في رعيته لا يرفق بها في سوقها ومرعاها، بل يحطمها في ذلك في سقيها وغيره ويرجم بعضها ببعض بحيث يؤذيها ويحطمها.

قوله: "إنما أنت من نخالتهم"(3) يريد لست من فضلائهم وعلمائهم، وأهل المراتب منهم بل من سقطهم، والنخالة والحثالة والحشافة بمعنى واحد.

قوله: "وهل كانت لهم نخالة، إنما النخالة بعدهم وفي غيرهم" قال النووي (4): هذا من جزل الكلام وفصيحه، وصدقه الذي ينقاد له كل مسلم، فإن الصحابة رضي الله عنهم كلهم هم صفوة الناس وسادات الأمة، وأفضل ممن بعدهم وكلهم عدول قدوة لا نخالة فيهم، وإنما التخليط ممن بعدهم وفيمن بعدهم كانت النخالة. انتهى.

والنخالة بضم النون والخاء المعجمة هي قشور الدقيق وهي استعارة هنا.

5 -

وَعَنْ عَدِىِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولاً يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ:

(1) في شرحه لـ "صحيح مسلم"(12/ 214 - 215).

(2)

انظر "النهاية في غريب الحديث"(1/ 393)"الفائق" للزمخشري (1/ 291).

(3)

انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 723)، "غريب الحديث" للهروي (4/ 500).

(4)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(12/ 217).

ص: 725

اقْبَلْ عَنِّى عَمَلَكَ يَا رَسُولَ الله، قَالَ:"وَمَا لَكَ؟ " قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:"وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِىَ عَنْهُ انْتَهَى". أخرجه مسلم (1). [صحيح].

قوله: "في حديث عدي (2) [339 ب] بن عميرة" بفتح المهملة وكسر الميم وفتح الراء، صحابي سكن الكوفة ثم سكن الجزيرة ومات بها.

قال القاضي (3): لا يعرف أحد في الرجال يقال له عميرة بالضم، بل كلهم بالفتح، وجاء في النساء الأمران. قوله:"مخيطاً" بكسر الميم وسكون الخاء، الإبرة، و"الغلول" السرقة من الغنيمة والفيء.

6 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى الله تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْنَاهُمْ مِنْة مَجْلِسًا إِمَامٌ عَادِلٌ، وَأَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ جَائِرٌ". أخرجه الترمذي (4). [ضعيف].

(1) في "صحيحه" رقم (1833).

وأخرجه أبو داود رقم (3581) وأحمد (4/ 192).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(2)

انظر "التقريب"(2/ 17 رقم 140).

(3)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 239).

(4)

في "السنن" رقم (1329).

وأخرجه أحمد (3/ 22) والقضاعي رقم (1305) والبغوي في "شرح السنة" رقم (2472) وأبو يعلى رقم (1003).

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 726