المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في كيفيتهما - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٣

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد

- ‌الباب الأول: في فضله

- ‌الفصل الأول: في فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

- ‌الباب الثاني: في الجهاد وما يتعلق به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية [والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الباب الثالث: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمان والهدنة

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفصل الرابع: في الشهداء

- ‌ كتاب الجدال والمراء

- ‌[حرف الحاء

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: في فضائلهما

- ‌الباب الثالث: في الميقات والإحرام

- ‌الفصل الأول: في الميقات

- ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

- ‌الفرع الثالث: في جزاء الصيد

- ‌[الباب الرابع: في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الفصل الأول: في الإفراد]

- ‌الفصل الثاني: في القران

- ‌الفصل الثالث: في التمتع وفسخ الحج

- ‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

- ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

- ‌في طواف الزيارة

- ‌في طواف الوداع

- ‌في طواف الرجال مع النساء

- ‌في الطواف من وراء الحجر

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الدعاء في الطواف والسعي

- ‌[الفصل الثالث: في دخول البيت]

- ‌الفصل الأول: في الوقوف وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الإفاضة

- ‌الفصل الثالث: في التلبية بعرفة والمزدلفة

- ‌الباب السابع: في الرمي

- ‌الفصل الأول: في كيفيته

- ‌الفصل الثاني: في وقت الرمي

- ‌[الفصل الثالث: في الرمي راكبًا وماشيًا

- ‌[الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة]

- ‌الباب الثامن: في الحلق والتقصير

- ‌الفصل الأول: في تقديم بعض أسبابه على بعض

- ‌الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه

- ‌الباب العاشر: في الهدي والأضاحي

- ‌الفصل الأول: في إيجابها [وأسنانها]

- ‌الفصل الثاني: في الكمية والمقدار

- ‌الفصل الثالث: فيما يجزي منها

- ‌الفصل الرابع: فيما لا يجزي منها

- ‌الفصل الخامس: في الإشعار والتقليد

- ‌الفصل السادس: في وقت الذبح ومكانه

- ‌الفصل السابع: في كيفية الذبح

- ‌الفصل الثامن: في الأكل من الأضحية

- ‌الفصل التاسع: فيما يعطب من الهدي

- ‌الفصل العاشر: في ركوب الهدي

- ‌الفصل الحادي عشر: في المقيم إذا أهدى إلى البيت [أو ضحى هل يحرم أم لا]

- ‌الباب الحادي عشر في الفوات والإحصار والفدية

- ‌الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى

- ‌الفصل الثاني: فيمن أحصره العدو

- ‌الفصل الثالث: فيمن غلط في العدد

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني عشر: في دخول مكة والنزول بها والخروج منها

- ‌الباب الرابع عشر: في أحكام متفرقة تتعلق بالحج

- ‌الفصل الأول: في التكبير في أيام التشريق

- ‌الفصل الثالث: في حج الصبي

- ‌الفصل الرابع: في الاشتراط في الحج

- ‌الفصل الخامس: في حمل السلاح في الحرم

- ‌الفصل السادس: في ماء زمزم

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس عشر: في حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرته

- ‌كتاب: الحدود

- ‌الباب الأول: في حد الردة، وقطع الطريق]

- ‌الباب الثاني: في حد الزنا [وفيه فصلان]

- ‌الفصل الأول: في أحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الذين حدهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في حديث اللواط وإتيان البهيمة

- ‌الباب الرابع: في حد القذف

- ‌الباب الخامس: في حد السرقة

- ‌الباب السادس: في حد الخمر

- ‌الباب السابع: في الشفاعة، والتسامح في الحدود

- ‌كتاب: الحضانة

- ‌كتاب: الحسد

- ‌كتاب: الحرص

- ‌كتاب: الحياء

- ‌حرف الخاء

- ‌كتاب: الخلق]

- ‌كتاب: الخوف

- ‌كتاب: خلق العالم

- ‌كتاب: الخلافة والإمارة

- ‌الباب الاول: في [أحكامهما]

- ‌[الفصل الأول: في الأئمة من قريش]

- ‌الفصل الثاني: في من تصلح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء [346 ب]

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضي الله عنهم

- ‌كتاب الخلع

الفصل: ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

[وفيه ثلاثة فصول](1)

‌الفصل الأول: في كيفيتهما

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَقَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَليَ الحِجْرَ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى المُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ. فَقَالَ المُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَاّ بَقَاءَ عَلَيْهِمْ. أخرجه الخمسة (2). [صحيح].

زاد البخاري (3) في رواية: لمَا قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِعَامِهِ الَّذِي اسْتأْمَنَ فِيهِ قَالَ: "أَرْمُلُوا لِيُرَى المُشْرِكين قُوَّتَهُمْ، وَالمُشْرِكِينَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ". [صحيح].

قوله: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم" أي: في عمرة القضاء وهي سنة سبع من الهجرة.

قوله: [في حديث ابن عباس](4): "قد وهنتهم حمى [147 ب] يثرب"[بتشديد الهاء وتخفيفها](5) أي: أضعفتهم، ويثرب اسم المدينة النبوية في الجاهلية، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تسميتها

(1) زيادة من (ب).

(2)

أخرجه البخاري رقم (1602)، ومسلم رقم (1266)، وأبو داود رقم (1886)، والترمذي رقم (863)، والنسائي رقم (2945، 2979). وهو حديث صحيح.

(3)

في "صحيحه" رقم (4256).

(4)

زيادة من (أ).

(5)

زيادة من (أ).

ص: 297

بذلك، وأنما ذكر ابن عباس (1) حكاية لكلام المشركين، وفي رواية الإسماعيلي (2):"فأطلعه الله على ما قالوا".

وَقوله: "فجلسوا" أى: [المشركون](3) لينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه ويبشروا أنفسهم بما يرونه من ضعفهم، وقد كان المشركون خرجوا من مكة؛ لأنه كان في صلح الحديبية أنهم يخلون مكة له صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام حتى يعتمر فخرجوا منها إلى جبل قعيقعان.

قوله: "فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم " أي: أمر أصحابه ورَمل هو أيضًا.

والرمل (4) بفتح الراء والميم هو الإسراع.

قال ابن دريد (5): هو شبيه بالهرولة وأصله أن يحرك الماشي منكبيه في مشيه.

يقال: رمل يرملوا كقتل يقتل، وفيه دليل على جواز مثل هذه إغاظة للمشركين، ولا يعد ذلك من الرياء المذموم، وفيه جواز المعاريض بالفعل، كما يجوز بالقول وربما كانت بالفعل (6) أولى واختلفوا: هل سنة أم لا؟ يأتي فيه الكلام.

وَ"الأشواط" بفتح الهمزة بعدها معجمة جمع شوط والمراد به هنا الطواف حول الكعبة

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(7/ 509).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(7/ 509).

(3)

في (ب): المشركين.

(4)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 692).

"الفائق" للزمخشري (2/ 83).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 470).

(6)

قاله الحافظ في "الفتح"(3/ 472).

ص: 298

وفيه جواز تسمية الطوفة شوطًا ونقل عن مجاهد (1) والشافعي (2) كراهيته.

قوله: "إلاّ إبقاء عليهم" بكسر الهمزة والموحدة والقاف، الرفق والشفقة، ونُسَخ "التيسير""للإبقاء" باللام، وفي "الجامع" (3) و"البخاري" (4):"إلاّ الإبقاء عليهم" بغير لام.

قال الحافظ (5): [148 ب] قال القرطبي (6): روينا قوله: "إلاّ الإبقاء عليهم" بالرفع على أنه فاعل منعه، وبالنصب على أنه مفعول [182/ أ] من أجله ويكون في منعه ضمير عائد إلى الله تعالى.

قوله: "من قبل قعيقعان" وهو جبل يشرف من يجيء منه على الركنين الشاميين (7) ومن كان به لا يرى الركنين اليمانيين.

(1) أخرج الشافعي في "الأم"(3/ 448 رقم 1173) عن مجاهد: أنه كان يكره أن يقول: شوط، دور، للطواف، ولكن يقول: طواف، طوافين.

(2)

قال الشافعي رحمه الله تعالى: وأكره من ذلك ما كره مجاهد؛ لأن الله عز وجل قال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} [الحج: 29] ، فسمِّي طوافًا؛ لأن الله تعالى سمى جماعه طوافًا.

- وقال النووي عقب هذا الحديث - حديث ابن عباس - في "المجموع"(8/ 78): وهذا الذي استعمله ابن عباس مقدم على قول مجاهد: ثم إن الكراهة إنّما تثبت بنهي الشرع، ولم يثبت في تسميته شوطًا نهي ، فالمختار أنه لا يكره، والله أعلم" اهـ.

(3)

(3/ 162 رقم 1428).

(4)

في "صحيحه" رقم (1602، 4256).

(5)

في "فتح الباري"(3/ 470).

(6)

في "المفهم"(3/ 376).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(7/ 509).

ص: 299

2 -

وفي أخرى (1): إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوةِ لِيُرِىَ المُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ. [صحيح].

قوله: "إنما سعى" أي: أسرع المشي في الطوافات الثلاث الأُوَل، والاضطباع يأتي للمصنف "تفسيره" وهو مستحب عند الجمهور (2) سوى مالك قاله ابن المنذر (3).

وهذا هو مراد عمر (4) بقوله: "فيم الرمل والكشف عن المناكب

" (5).

3 -

وفي أخرى لأبي داود (6): أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم اضْطَبَعَ فَاسْتَلَمَ وَكَبَّرَ ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، فكَانُوا إِذَا بَلَغُوا الرُّكْنَ اليَمَانِيَ وَتَغَيَّبُوا عَنْ قُرَيْشٍ مَشَوْا ثُمَّ يَطْلُعُونَ عَلَيْهِمْ يَرْمُلُونَ

(1) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (863) وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "المغني"(5/ 216 - 217)، "المجموع"(8/ 25).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 472).

(4)

يشير إلى حديث عمر قال: فيما الرَّملان الآن والكشف عن المناكب وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله، ومع ذلك لا ندع شيئًا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

- أخرجه أحمد (1/ 45)، وأبو داود رقم (1887)، وابن ماجه رقم (2952)، والبزار رقم (268)، وأبو يعلى رقم (188)، وابن خزيمة رقم (2708)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 182)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 454)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 79) من طرق.

وهو حديث صحيح لغيره.

قلت: وأصله في البخاري رقم (1605) بلفظ: ما لنا والرمل إنما كنا راءينا المشركين وقد أحللهم الله تعالى ثم قال: شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه.

- أطَّأ الله الإسلام: قال الخطابي في "معالم السنن" (2/ 447 - مع "السنن""أطَّأ الله الإسلام، إنما هو وطأ الله الإسلام أي: ثبته وأرساه، والواو قد تبدل همزة".

(5)

بياض في الأصل وليس من الواضح إذا كان قد انقطع الكلام أم لا.

(6)

في "السنن" رقم (1889). وهو حديث صحيح.

ص: 300

فَتَقُولُ قُرَيْشٌ كَأَنَّهُمُ الغِزْلَانُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَتْ سُنَّةً. [صحيح].

ومعنى "وَهَنَتْهُمْ"(1): أضعفتهم "وَالأَشْوَاطُ" جمع شوط، والمراد به المرة الواحدة من الطواف بالبيت "وَالرّمَلُ" سرعة المشي والهرولة. "وَالِاضْطِبَاعُ (2) في الطَّوَافِ" أن يُدْخل الرجل الرداء من تحت إبطه الأيمن ويجمع طرفيه على عاتقه الأيسر ومنكبه الأيمن ويغطى الأيسر. سمي بذلك لإبداء الضبعين وهما من تحت الإبط.

4 -

وعن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالبَيْتِ ثلَاثَةَ أطوَافٍ، وَمَشْيُ أرْبَعَةِ أطوَافٍ: أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ. فَقَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا. فقُلْتُ: مَا قَولُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ. فَقَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالبَيْتِ مِنَ الهُزَالِ، وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثًا وَيَمْشُوا أَرْبَعًا. فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِى عَنِ الطَّوَافِ بينَ الصَّفَا وَالمَرْوةِ رَاكِبًا، أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا. قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ هَذَا مُحَمَّدٌ. حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتق مِن الْبُيُوت، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلمَّا كَثُرُوا رَكِبَ، وَالمَشْيُ وَالسَّعْيِ أَفْضَلُ. أخرجه مسلم (3) واللفظ له، وأبو داود (4) بنحوه. [صحيح]

(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 886).

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 69)، "المجموع المغيب"(2/ 310)، "فتح الباري"(3/ 472).

(3)

في "صحيحه" رقم (1264).

(4)

في "السنن" رقم (1885)

وهو حديث صحيح.

ص: 301

وزاد (1): إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ: دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ. فَلمَّا صَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجِيئُوا مِنَ العَاِمِ المُقْبِلِ قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَالمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: "أرْمُلُوا بِالبَيْتِ ثَلَاثًا". وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ. وَقَالَ في السَّعيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ مِثْلَ مُسْلِمٍ. [صحيح].

وزاد (2): فطافَ عَلىَ بَعِيرٍ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَلَيرَوْا مَكَانَهُ وَلَا تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ.

"النَّغَفُ"(3) دود يكون في أنوف الإبل والغنم.

قوله: "في حديث أبي الطفيل: صدقوا وكذبوا" في "شرح مسلم": صدقوا في أنّ النبي صلى الله عليه وسلم فعله، وكذبوا في قولهم: أنّه سنة مقصودة متأكدة لم يجعله سنة مطلوبة دائمًا على تكرار السنين، وإنما أمر به تلك "السنة" لإظهار القوة عند الكفار، هذا معنى كلام ابن عباس.

فهذا الذي قاله من كون الرمل ليس سنة مقصودة هو مذهبه (4) وخالفه جميع العلماء (5) من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم فقالوا: هو سنة في الطواف الثلاث من السبع، فإن تركه فقد ترك سنة وفاتته فضيلة ويصح طوافه.

(1) أي: أبو داود في "السنن" رقم (1885).

(2)

أي أبو داود في "السنن" رقم (1885).

(3)

انظر: غريب الحديث للهروي (4/ 203)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 769).

(4)

قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(12/ 127 - 128 رقم 17067 - 17072): وقال آخرون: ليس الرّمل بسنةٍ، ومن شاء فعله ومن شاء لم يفعله.

رُوي ذلك عن جماعة من التابعين منهم: عطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن، وسالم، والقاسم، وسعيد ابن جبير، وهو الأشهر عن ابن عباس.

(5)

انظر: "المغني"(5/ 220 - 222)، و"المجموع"(8/ 58)، "البيان"(4/ 273)، التسهيل (3/ 879 - 880).

ص: 302

قال (1): ودليل الجمهور أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رمل في حجة الوداع [149 ب] في الطوافات الثلاث الأول ومشى في الأربع ثم قال صلى الله عليه وسلم بعد ذلك .. لتأخذوا عني مناسككم".

قلت: ثم الرمل يختص بالرجال دون النساء ويختص بطواف يعقبه سعي على المشهور ولا فرق في استحبابه للراكب والماشي (2).

قال الطبري (3): قد ثبت أنّ الشارع رمل ولا مشرك بمكة يومئذ - يعني في حجة الوداع - فعلم أنه من مناسك الحج إلاّ أنّ تاركه ليس بتارك لعمل بل لهيئة مخصوصة فكان كرفع الصوت بالتلبية فمن لبّى خافضًا صوته لم يكن تاركًا للتلبية بل لصفتها فلا شيء عليه. انتهى.

قلت: قد خالف ابن حزم (4) في التلبية فأوجب رفع الصوت بها لثبوت الأمر عنه صلى الله عليه وسلم بذلك.

قوله في الثاني: "صدقوا وكذبوا" أي: صدقوا في أنه طاف راكبًا، وكذبوا في أنّ الركوب أفضل من المشي بل المشي أفضل وإنما ركب صلى الله عليه وسلم للعذر الذي ذكره، وهذا الذي قاله ابن عباس مجمع عليه أجمعوا أنّ الركوب في السعي بين الصفا والمروة جائز، وأنّ المشي أفضل (5) منه إلاّ لعذر.

(1) انظر: "فتح الباري"(3/ 472).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 472).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 472).

(4)

"المحلى"(7/ 93 - 94).

(5)

انظر: "فتح الباري"(3/ 490)، "المغني"(5/ 250).

ص: 303

قوله: "من الهزال" كذا في "الجامع"(1) ولفظ مسلم (2): "من الهزل" بضم الهاء وبدون ألف بعد الزاي، قال النووي في شرحه (3): هكذا هو في معظم النسخ: من الهزل بضم الهاء والزاي هكذا حكاه القاضي عياض في "المشارق"(4)، وصاحب "المطالع"(5) من رواية بعضهم، قالا: وهو وهم والصواب بضم الهاء وزيادة ألف.

قلت: وللأولى وجه وهو: أن تكون بفتح الهاء؛ لأن الهزال بالفتح مصدر هزلته هزلاً [150 ب] كضربته ضربًا وتقديره: لا يستطيعون يطوفون؛ لأنّ الحمى هزلتهم.

قوله: "العواتق"(6) جمع عاتق وهي البكر البالغ والمقاربة للبلوغ، وقيل: التي لم تتزوج؛ لأنها عتقت من خدمة أبويها والابتذال في الخروج والتصرف الذي تفعله الطفلة الصغيرة.

قوله: "لا يضرب الناس بين يديه" لفظ رواية مسلم التي شرح (7) عليها النووي: "لا يدعون ولا يكرهون"، قال (8): أما يُدعون فبضم الياء وفتح الدال وضم العين المشدّدّة، أي: يدفعون، ومنه قوله تعالى:{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)} (9) وقوله تعالى:

(1)(3/ 165).

(2)

في "صحيحه" رقم (1264).

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (9/ 11).

(4)

(2/ 456) ط. دار الكتب العلمية.

(5)

ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (9/ 11).

(6)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 157).

"الفائق" للزمخشري (2/ 389).

(7)

في شرحه لصحيح مسلم (9/ 12).

(8)

أي: النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(9/ 12).

(9)

سورة الطور الآية (13).

ص: 304

{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)} (1)، وأما قوله:"لا يكرهون" ففي الأصول من "صحيح مسلم" كما ذكرنا من الإكراه وفي بعضها يكهرون بتقديم الهاء من الكهر وهو الانتهار.

قال القاضي (2): هذا أصوب. انتهى، وقال ابن الأثير (3): أنّ الذي رآه في كتب الغريب بتقديم الهاء على الراء ومعناه: ينهرون ويزجرون، قال: وهو أشبه بقوله: يدعون من الإكراه، ولفظ "الجامع" والمصنف هل هو أحد ألفاظ روايات مسلم؟

قوله: "موت النغف"(4) بفتح النون وفتح المعجمة ففاء، جمع نغفة وهي الدودة البيضاء التي تكون في أنف الغنم والإبل، يريدون أنّ حمى طيبة تصيرهم من الهزال كالنغف.

5 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ. أخرجه الستة (5) إلا الترمذي.

وفي رواية (6): وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ المَسِيلِ إِذَا طَافَ بينَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ.

(1) سورة الماعون الآية (2).

(2)

في "كمال المعلم بفوائد مسلم"(4/ 342).

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 572).

(4)

تقدم شرحها.

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1603) ومسلم رقم (232/ 1261)، وأبو داود رقم (1893 والنسائي رقم (2941) ومالك في "الموطأ"(1/ 365).

(6)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1617، 1644)، ومسلم رقم (230/ 1261).

ص: 305

وفي رواية للشيخين (1): رَمَلَ مِنَ الحَجَرِ إِلَى الحجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، يَعْنِي: بَعْدَ الطّوَافِ. ثُمَّ يطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوة فِي الحَجِّ والعُمْرَةِ.

"الخَبَبُ"(2) ضَرْبُ من السير سريع.

قوله: "يخب"(3) بفتح أوله وضم الخاء المعجمة بعدها موّحدة يسرع في مشيته، والخبب بفتح المعجمة والموحدة بعدها موحدة أخرى العدو السريع يقال: خبت الدابة: إذا أسرعت وزاوجت [151 ب] بين قدميها وهذا يشعر بترادف الخبب، والرمل عند هذا القائل.

6 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ فَدَخَلَ المَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الحَجَرَ ثُمَّ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ أتى المَقَامَ. فَقَالَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، ثُمَّ أَتَى الحَجَرَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَظُنُّهُ قَالَ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} . أخرجه مسلم (4) ومالك (5) والترمذي (6) والنسائي (7). [صحيح].

(1) البخاري رقم (1616)، ومسلم رقم (231/ 1261).

(2)

"النهاية" في غريب الحديث (1/ 465)، "المجموع المغيث"(1/ 542).

(3)

تقدم شرحها.

(4)

في "صحيحه" رقم (147/ 1218).

(5)

في "الموطأ"(1/ 364).

(6)

في "السنن" رقم (356).

(7)

في "السنن" رقم (2963)، وأخرجه أبو داود رقم (1905)، وابن ماجه رقم (2951).

وهو حديث صحيح.

ص: 306

7 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: اعْتَمَرَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ رضي الله عنهم مِنَ الجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ ثمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمُ اليُسْرَى. أخرجه أبو داود (1). [صحيح].

8 -

وعن عروة رضي الله عنه قال: أَحْرَمَ عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيرِ بِعُمْرَةٍ مِنَ التَّنْعِيمِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَسْعَى حَوْلَ البَيْتِ الأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ (2). [موقوف صحيح].

9 -

وعن عمر (3) رضي الله عنه: أنَّهُ كَانَ إذَا أَحْرَمَ منْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ بالبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى، وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ البَيْتِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ (4). أخرجهما مالك. [موقوف صحيح].

10 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْمُلْ في السَّبْعِ الَّذِي أفَاض فِيهِ (5). [صحيح].

11 -

وعن أسلم قال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: فِيمَ الرَّمَلَانُ وَالكَشْفُ عَنِ المَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ الله الإِسْلَامَ وَنَفَى الكُفْرَ وَأَهْلَهُ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (6). [صحيح لغيره].

(1) في "السنن" رقم (1884) وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 365 رقم 110)، وهو موقوف صحيح.

(3)

كذا في المخطوط والذي في "الموطأ" عبد الله بن عمر. وكذلك في "الجامع"(3/ 171).

(4)

أخرجه مالك في "الموطأ". (1/ 365 رقم 111).

وهو أثر موقوف صحيح.

(5)

أخرجه أبو داود رقم (2001)، وأخرجه ابن ماجه رقم (3060).

وهو حديث صحيح.

(6)

في "السنن" رقم (1887). =

ص: 307

"أطّأَ"(1) مثل وطّأ، ومعناه: ثبَّت ومهد.

قوله: "وعن أسلم سمعت عمر يقول"، في سنن أبي داود (2): وعن زيد بن أسلم عن أبيه والذي هنا صحيح، وأسلم مولى عمر بن الخطاب يقال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، ابتاعه عمر في حجته [183/ أ] التي أمّره عليها أبو بكر، ولأسلمٍ ولد يسمى زيد بن أسلم، ولزيدٍ ولد يسمى عبد الرحمن روى عنه عبد المنعم بن بشير.

12 -

وعن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: طَاف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُضْطَبِعًا ببُرْدٍ. أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4)، وعنده (5) ببردٍ أخضرَ. [حسن].

= وأخرجه أحمد (1/ 45)، وابن ماجه رقم (2952)، والبزار رقم (268)، وأبو يعلى رقم (188)، وابن خزيمة رقم (2708)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 182)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 454)، والبيهقي في "السنن" الكبرى (5/ 79) من طرق. وقد تقدم.

وهو حديث صحيح لغيره.

(1)

تقدم شرحها.

(2)

في "السنن" رقم (1887).

(3)

في "السنن" رقم (1883).

(4)

في "السنن" رقم (859) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه ابن ماجه رقم (2954)، وأحمد (4/ 222)، والدارمي رقم (1885)، والفاكهي في أخبار مكة رقم (322)، وابن أبي شيبة (4/ 124)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 79)، وفي "معرفة السنن والآثار" رقم (9855)، وهو حديث حسن.

(5)

أي عند أبي داود في "السنن"(1883).

ص: 308

قوله: "في حديث يعلى أخرجه أبو داود والترمذي وعنده ببردٍ أخضر" ظاهره أنّ زيادة "أخضر" عند الترمذي وليس كذلك بل هي عند أبي داود (1).

وعبارة "الجامع"(2) صريحةَ أنّ الزيادة لأبي داود، وقال "طاف ببرد أخضر" هذه رواية أبي داود، ثم ذكر رواية الترمذي من غير لفظ "أخضر".

وقال المنذري (3): [أنه أخرج خبر يعلى، أنه أخرجه الترمذي وابن ماجه](4) وقال الترمذي (5): حسن صحيح.

وليس (6) في حديث [152 ب] الترمذي (7) وابن ماجه (8)"أخضر".

13 -

وعن عبد الرحمن بن صفْوان رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ مِنَ الكَعْبَةِ هُوَ وَأَصْحَاُبهُ، وَقَدِ اسْتَلَمُوا البَيْتَ مِنَ البَابِ إِلَى الحَطِيمِ، وَوَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَسْطَهُمْ. أخرجه أبو داود (9). [ضعيف].

قوله: "في حديث عبد الرحمن بن صفوان أخرجه أبو داود".

(1) وهو كما قال.

(2)

(3/ 172 رقم 1437، 1438).

(3)

في "مختصر السنن"(2/ 378).

(4)

كذا في المخطوط والذي في "مختصر السنن": وأخرجه الترمذي وابن ماجه. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(5)

في "السنن"(3/ 214).

(6)

وهو كما قال.

(7)

في "السنن" رقم (859) وقد تقدم.

(8)

في "السنن" رقم (2954) وقد تقدم.

(9)

في "السنن" رقم (1898)، وهو حديث ضعيف.

ص: 309

قلت: قال المنذري (1): في إسناده يزيد بن أبي زياد ولا يحتج به، وذكر الدارقطني أنّ يزيد بن أبي زياد تفرد به عن مجاهد. انتهى.

" فرع في الاستلام وغيره"

قوله: "فرع في الاستلام وغيره" هو افتعال من السلام والاستلام المسح باليد، وَالتقبيل بالضم.

1 -

عن عابس بن ربيعة قال: رَأَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يُقَبِّلُ الحَجَرَ وَيَقُولُ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبِّلْتكَ. أخرجه الستة (2). [صحيح].

وزاد مسلم (3) والنسائي (4) في رواية: وَلَكِنْ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بِكَ حَفِيًّا، ولَمْ يَذْكُرْ يُقَبِّلُكَ. [صحيح].

"الحَفِيُّ"(5) المبالغ في الإكرام والعناية.

(1) في مختصر "السنن"(2/ 385).

(2)

أخرجه البخاري رقم (1597)، ومسلم رقم (251/ 1270)، وأبو داود رقم (1873)، والترمذي رقم (860)، والنسائي رقم (2937)، وابن ماجه رقم (2943)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "صحيحه" رقم (252/ 1271).

(4)

في "السنن" رقم (2936).

(5)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 400).

ص: 310

قوله: "في حديث عمر: لا يضر ولا ينفع" في "فتح الباري"(1): أنه روح الحاكم (2) من حديث سعيد: أنّ عمر لما قال هذا، قال له علي بن أبي طالب: إنه يضر وينفع وذكر أنّ الله لما أخذ الميثاق على ولد آدم كتب ذلك في رق وألقمه الحجر، قال: وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن استلمه بالتوحيد". وفي إسناده أبو هارون العبدي (3) وهو ضعيف جداً.

قال الطبري (4): إنما قال ذلك عمر؛ لأنّ الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي عمر أن يظن [153 ب] الجهال أنّ استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار، كما كانت العرب تفعل أيام الجاهلية، فأراد عمر أن يعلم الناس أنّ استلامه اتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا لأنّ الحجر ينفع ويضر لذاته كما كانت الجاهلية تعتقده.

وفيه بيان السنن بالفعل والقول، وأنّ الإِمام إذا خشي على أحد من فعله فساد اعتقاد أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضح ذلك. انتهى باختصار.

(1)(3/ 462 - 463).

(2)

في "المستدرك"(1/ 457)، وقد نبه الحاكم على ضعف أبي هارون، حيث قال في نهاية الحديث الذي قبله:"وقد روي لهذا الحديث شاهد مفسّر، غير أنه ليس من شرط الشيخين، فإنهما لم يحتجا بأبي هارون بن جوين العبدي".

(3)

هو عمارة بن جوين [ت، ق] أبو هارون العبدي، تابعي لين بمرَةٍ، كذبه حماد بن زيد، وقال أحمد: ليس بشيء. وقال ابن معين: ضعيف، لا يصدق في حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث.

"الميزان"(3/ 173 - 174 رقم 6018).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 462 - 463).

ص: 311

2 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لَمْ أَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ مِنَ البَيْتِ إِلَاّ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ. أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي. [صحيح].

قوله: "في حديث ابن عمر: إلاّ الركنين اليمانيين" أي: دون الشاميين.

3 -

وفي رواية: مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ اليَمانِيِّيْنِ وَالحَجَرِ الأَسْوَدِ في شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا (2). [صحيح].

4 -

وفي أخرى للشيخين (3): قال نافع: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الحجَرَ بِيَدِهِ، ثُمَّ يُقَبِّلُ يَدَهُ. [صحيح].

5 -

ولأبي داود (4) والنسائي (5):

(1) أخرجه البخاري رقم (1609)، ومسلم رقم (242/ 1267)، وأبو داود رقم (1874)، والنسائي (5/ 232).

وأخرجه أحمد (2/ 120)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 183)، وابن حبان رقم (3827)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 76)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (1902) من طرق عن الليث، عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه، به.

وأخرج بنحوه مسلم رقم (243/ 1267)، والنسائي (5/ 232)، وابن ماجه رقم (2946)، وابن خزيمة رقم (2725)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 183) من طريق يونس عن ابن شهاب، به.

بلفظ: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود، والذي يليه من نحو دور الجمحيين".

وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه البخاري رقم (1606)، ومسلم رقم (1268).

(3)

أخرجه البخاري رقم (1606)، ومسلم رقم (246/ 1268).

(4)

في "السنن" رقم (1876).

(5)

في "السنن" رقم (2947). =

ص: 312

كَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ اليَمانِيَّ وَالحَجَرَ في كُلِّ طَوْافَهِ. [حسن].

6 -

وفي أخرى للبخاري (1) والنسائي (2): سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنِ اسْتِلَامِ الحَجَرِ. فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِاليَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. [صحيح].

ومعنى "اجْعَلْ أَرأَيتَ بِاليَمَنِ"(3) أي: اجعل سؤالك هذا واعتراضك بعيدًا عنك حتى كأنه باليمن وأنت موضعك.

قوله: "اجعل أرأيتَ باليمن" يشعر (4) بأنّ الرجل يماني وإنما قال له ذلك لأنه فهم معارضة الحديث بالرأي، وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي والظاهر أنّ ابن عمر لم يرى الزحام عذرًا في ترك الاستلام.

7 -

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: طُفْتُ مَعَ عَبْدِ الله يَعْنِي أباهُ فَلمَّا جِئْنَا دُبَرَ الكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلَا تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: أَتَعَوَّذُ بِالله مِنَ النَّارِ. ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الحَجَرَ فَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يفْعَلُهُ. أخرجه أبو داود (5). [ضعيف].

= وأخرجه أحمد (2/ 18)، وابن خزيمة رقم (2723)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 183)، والبيهقي (5/ 76، 80)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 456)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وهو حديث حسن. والله أعلم.

(1)

في "صحيحه" رقم (1611).

(2)

في "السنن" رقم (2946).

(3)

انظر: "فتح الباري"(3/ 476).

(4)

قاله الحافظ في "الفتح"(3/ 476).

(5)

في "السنن" رقم (1899)، وهو حديث ضعيف.

ص: 313

قوله: "في حديث عمرو بن شعيب أخرجه أبو داود" قال المنذري (1): وأخرجه ابن ماجه (2).

قال: وقد تقدم الكلام في عمرو بن شعيب والراوي عنه المثنى بن الصباح ولا يحتج به.

وقوله عن أبيه وهو شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو، وقد سمع من عبد الله على الصحيح، ووقع في كتاب ابن ماجه عن أبيه عن جده فيكون شعيب ومحمد طافا جميعًا مع عبد الله. انتهى.

قلت: وقد تقدم حديث عبد الرحمن بن صفوان وهو مثله وتقدم ما فيه.

8 -

وعن أبي الطفيل قال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَمُعَاوِيَةُ لَا يَمُرُّ بِرُكْنٍ إِلَاّ اسْتَلَمَهُ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْتَلِمُ إِلَاّ الحَجَرَ الأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ اليَمَانِيَّ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ شَيءٌ مِنَ البَيْتِ مَهْجُورًا. وَكان ابْنُ الزُّبَيْرَ يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ.

أخرجه الشيخان (3) والترمذي (4). [صحيح].

(1) في مختصره (2/ 385).

(2)

في "السنن" رقم (2962)، وهو حديث ضعيف.

(3)

البخاري في "صحيحه" رقم (1608) عن أبي الشعثاء أنه قال: ومن يتقي شيئًا من البيت؟ وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: إنّه لا يستلم هذان الركنان! فقال: ليس شيءٌ من البيت مهجورًا. وكان ابن الزبير رضي الله عنهما يستلمهن كُلّهنَّ.

وأخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (1269) عن أبي الطفيل البكري أنّه سمع ابن عباس يقول: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين.

(4)

في "السنن" رقم (858) واللفظ له.

وهو حديث صحيح. والله أعلم.

ص: 314

قوله: "وعن أبي الطفيل ومعاوية لا يمر بركن إلاّ استلمه". وقد أخرج أحمد من رواية مجاهد عن ابن عباس: أنه لما قال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا، قال له ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله صلى الله [154 ب] عليه وآله وسلم أسوة حسنة، فقال له معاوية: صدقت. وقد قال ابن عمر (1): إنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم استلام الركنين الشاميين؛ لأنّ البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام.

قوله: "وكان ابن الزبير يستلمهن كلهن" حمل ابن التين (2) استلام ابن الزبير لهما؛ لأنه لمّا غمر الكعبة أتم البيت على قواعد إبراهيم، ففي كتاب الأزرقي في تاريخ (3) مكةً أنّه لما فرغ ابن الزبير من بناء البيت وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه، وردّ الركنين على قواعد إبراهيم خرج إلى التنعيم واعتمر وطاف بالبيت واستلم الأركان الأربعة، ولم يزل البيت علي بناء ابن الزبير إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعها حتى قتل ابن الزبير إلاّ أنّه قد تعقب بأنّ ابن الزبير طاف مع معاوية واستلم الكل.

قال ابن حجر (4): وروى ابن المنذر استلام جميع الأركان أيضاً عن جابر (5) والحسن والحسين (6) من الصحابة، وعن سويد بن غفلة من التابعين.

(1) أخرجه البخاري رقم (1583)، ومسلم رقم (329/ 1333).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 474).

(3)

(1/ 210).

وأخرجه أيضاً الفاكهي في "أخبار مكة"(1/ 153 رقم 193) بإسناد صحيح.

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 474).

(5)

أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (1/ 154 رقم 195) عنه بإسناد حسن.

(6)

أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(1/ 152 - 153 رقم 191) عنهما.

ص: 315

9 -

وعن حنظلة قال: رأَيْتُ طَاوُسًا يَمُرُّ بِالرُّكْنِ فَإِنْ وَجَدَ عَلَيْهِ زِحَامًا مَرَّ وَلَمْ يُزَاحِمْ، وَإِنْ رَآهُ خَالِيًا قَبَّلَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رأَيْتُ عُمَرَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ. أخرجه النسائي (1). [إسناده ضعيف].

10 -

وعن عروة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لابن عَوْفٍ: "يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! كَيْفَ صَنَعْتَ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الأَسْوَدِ؟ " قَالَ: اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ! قَالَ: "أَصَبْتَ". أخرجه مالك (2). [ضعيف].

11 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ أُخْبِرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ: إِنَّ الحَجَرَ بَعْضُهُ لَيْسَ مِنَ البَيْتِ. قَالَ: واللهِ إِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِنِّي لأَظُنُّ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكِ اسْتِلَام هذَينِ الرُّكْنَيْنِ إِلَاّ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِ البَيْتِ، وَلَا طَافَ النَّاسُ من وَرَاءَ الحِجْرِ إِلَاّ لِذَلِكَ. أخرجه أبو داود (3). [صحيح].

(1) في "السنن" رقم (2938) بإسناد ضعيف.

(2)

في "الموطأ"(1/ 366 رقم 113)، وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن" رقم (1875).

وأخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1583)، ومسلم رقم (399/ 1333) عن عبد الله بن محمَّد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة رضي الله عنهم زوج النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "ألم ترَيْ أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم"، فقلت: يا رسول الله! ألا تردُها على قواعد إبراهيم؟ قال: "لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت".

فقال عبد الله رضي الله عنه: لئن كانت عائشة رضي الله عنها سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الرُّكنين اللذين يليان الحِجْرَ إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم.

ص: 316

قوله: "في حديث ابن عمر: إنّ الحجر" بكسر الحاء المهملة والجيم الساكنة وبيانه أنّ لمسلم (1) ستة أذرع من البيت، وفي رواية (2):"قريبًا من سبعة أذرع"، وفي جامع سفيان بن عيينة:"ستة أذرع (3) وشبر" والحاصل أنه فوق الستة ودون السبعة (4).

قوله: "إن كانت عائشة سمعت". قيل: ليس هذا منه شكًا في صدقها لكن يقع [155 ب] في كلام العرب صورة التشكيكات والمراد التقدير والتبيين.

ومنه {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} (5) و {إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} (6).

12 -

وعن عبيد بن عمير: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنَيْنِ زِحَامًا. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّكَ تُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنَيْنِ زِحَامًا مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُزَاحِمُهُ؟ فَقَالَ: إِنْ أَفْعَلْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ مَسْحَهُمَا كَفَّارَةٌ لِلْخَطَايَا". وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كعِتْقِ رَقَبَةٍ". وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ

(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (401/ 1333).

قلت: وأخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1586).

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (404/ 1333).

(3)

أخرجه البيهقي في "المعرفة"(7/ 239 رقم 9923). وانظر: "الأم"(3/ 450 رقم 1178).

(4)

انظر: "فتح الباري"(3/ 443).

(5)

سورة الأنبياء الآية (111).

- قال تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)} .

(6)

سورة سبأ الآية (50).

قال تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} .

ص: 317

طَافَ وَلَا يَرْفَعُ قَدَمًا وَلَا يَضَعُ قَدَمًا إِلَاّ حَطَّ الله عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَه بِهَا حَسَنَةً". أخرجه الترمذي (1) والنسائي (2).

"الأسبوع" سبع مرات، ومنه أسبوع الأيام لاشتماله على سبعة أيام.

13 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالبَابِ المُلْتَزَمُ. أخرجه مالك (3). [موقوف ضعيف].

14 -

وعن ابن عوف قال: سَمِعْتُ رَجُلاً يَقُولُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنِ الخطاب رضي الله عنه: "يَا أبا حَفْصٍ إِنَّكَ فِيكَ فَضْلُ قُوُّةٍ فَلَا تُؤْذِ الضَّعِيفَ إِذَا رَأيْتُ الرُّكْنَ خِلْوًا فاسْتَلِمْ وَإلَاّ فَكبَّرْ وَامْضِ". ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ لِرَجُلٍ: لَا تُؤْذِ النَّاسَ بِفَضْلِ قُوَّتِكَ (4). أخرجه رزين.

(1) في "السنن" رقم (959).

(2)

في "السنن" رقم (2919)، وأخرجه ابن ماجه رقم (2956).

وهو حديث حسن.

(3)

في "الموطأ"(1/ 424 رقم 251)، وهو أثر موقوف ضعيف.

(4)

وعن عمرَ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: "يا عمَرُ إنك رجل قويٌّ لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيفَ، إن وجدت خلوَةً فاستلمه وإلا فاستقبلُه وهلِّلْ وكبّرْ".

- أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 28).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 341) وقال: رواه أحمد وفيه راوٍ لم يسم.

ثم ذكر الطريق الآخر: عن أبي يعفور العبدي

ثم قال: ذكر نحوه مرسلاً، فإن هذا أبا يعفور الصغير، ولم يدرك الصحابة، والله أعلم.

قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 80) لكن وقع فيه "أبو يعقوب" وهو وهم ولعله من المطبعة. وكلاهما من طريق سفيان، به.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 80) أيضاً من طريق سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه، به. =

ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وذكره ابن الأثير في "جامع الأصول"(3/ 183) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وعزاه لرزين، وعزاه في كنز العمال (5/ 176) لأحمد والعدني والبيهقي والديلمي عن عمر، وعزاه (5/ 58) للبغوي أيضاً عن شيخ من خزاعة، ولم يذكر الديلمي وذكر الثلاثة الآخرين. اهـ.

وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "المسند"(1/ 190): إسناده ضعيف لإبهام الشيخ الذي روى عنه أبو يعفور" اهـ.

وقال الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في تعليقه على "جامع الأصول"(3/ 183): وقد رواه الشافعي في "مسنده"

ورواه أيضاً أحمد في "مسنده"

وفي إسناده رجل مجهول وهو الذي روى عنه أبو يعفور العبدي. اهـ.

وقد رد الدكتور إبراهيم ملا خاطر في تحقيقه على "السنن" للشافعي (2/ 137) على الهيثمي ومتابعيه الشيخين: أحمد شاكر وعبد القادر الأرنؤوط في عدم معرفتهم الراوي. هو عبد الرحمن بن عبد الحارث الخزاعي، يقال: له صحبة كما قال ابن شاهين، فإن ثبتت فلا كلام، وإلا فقد روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو يعفور الكبير، وهو من أولاد الصحابة.

- أما قول الهيثمي رحمه الله: "عن أبي يعفور العبدي: إن هذا أبا يعفور الصغير. فهذا غريب من مثله. إذ يعفور الصغير ليس عبديًا حتى يختلط بأبي يعفور الكبير.

وهو كما قال في "التهذيب"(6/ 225) عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس بن أبي صفية الثعلبي العامري البكائي، ويقال: البكالي، ويقال: السلمي. بينما أبو يعفور الكبير: هو واقد - أو وقدان العبدي، فافترقا. والكبير أقدم من الصغير والله أعلم.

- وما قاله الشيخ عبد القادر الأرنؤوط: رواه الشافعي في "مسنده

"، قلت: هذا وهم، فالشافعي لم يذكر هذا الحديث في "مسنده"، وإنما رواه في "السنن" - رقم (492) - وقد وضع الشيخ البنا رحمه الله إشارة السنن أمام هذا الحديث، فلم يتنبه الشيخ عبد القادر لذلك، وإن كان الشيخ البنا رحمه الله أسقط قول سفيان من الأعلى، وجعله في الحاشية، ولم يشر إلى أن ذلك كان في "السنن"، والله أعلم.

علمًا أن ابن التركماني في "الجوهر النقي"(5/ 80) ذكر ذلك عن نسخة السنن، والله أعلم" اهـ.

وقال الشيخ شعيب وإخوانه في مسند أحمد (1/ 321 رقم التعليقة (3): إن حديث عمر حديث حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير الشيخ بمكة وقد سماه سفيان بن عيينة في "السنن المأثورة" رقم (492) عبد =

ص: 319

قوله: "في حديث ابن عوف أخرجه رزين" بيّض له ابن الأثير (1) على عادته ثم فيه رجل مجهول. [84/ أ].

15 -

وعن نافع قال: كانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَينِ. أخرجه البخاري (2) تعليقًا.

قوله: "في حديث نافع أخرجه البخاري تعليقًا" لم يخرجه بل ذكره مقطوعًا بقوله: وقال نافع، قال الحافظ (3): وصله عبد الرزاق عن الثوري عن موسى بن عتبة عن سالم بن عبد الله عن نافع عن ابن عمر

الحديث.

وأخرج ابن أبي شيبة (4) عن الزهري قال: قضت السنة أنّ مع كل أسبوع ركعتين.

20 -

(5) وعن إسماعيل بن أُميّةَ قال: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: إِنَّ عَطَاءً يَقُولُ: تُجْزِئُهُ المَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَي الطَّوَافِ. فَقَالَ: اتِّباعُ السُّنَّةِ أَفْضَلُ، لمْ يَطُفْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَطُّ أُسْبُوعًا إلَاّ صَلَّى لَهُ رَكْعَتَيْنِ. أخرجه البخاري (6) تعليقًا.

قوله: "في حديث إسماعيل بن أمية لم يطف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ صلى ركعتين".

= الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، وهو من أولاد الصحابة، وأبوه ولي مكة لعمر بن الخطاب، والحديث مرسل، والمرسل - كما قال الذهبي في الموقظة (ص 39) - إذا صح إلى تابعي كبير، فهو حجة عند خلق من الفقهاء".

(1)

في "جامع الأصول"(3/ 183 رقم 1449).

(2)

في "صحيحه" (3/ 484 رقم الباب 69 - مع "الفتح" تعليقًا.

(3)

في "الفتح"(3/ 484).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 485).

(5)

قدّمه المصنف وهو متأخر عمّا بعده كما ترى.

(6)

في "صحيحه"(3/ 484 الباب رقم 69).

ص: 320

أراد الزهري أن يستدل على أنّ المكتوبة لا تجزي عن ركعتي الطواف بما ذكره.

قال الحافظ (1): وفي الاستدلال بذلك نظر؛ لأنّ قوله: "إلا صلى [156 ب] ركعتين" أعم من أن تكون نفلاً أو فرضًا؛ لأنّ الصبح ركعتان فتدخل في ذلك. انتهى.

قلت: وفي كلام الحافظ نظر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يصلي الفجر إلاّ جماعة، وركعة الطواف لم يرد أنه صلاها جماعة فلا تدخل الفجر في كلام الزهري.

16 -

وعن عروة قال: كانَ ابنُ الزُّبَيْرِ يَقْرِنُ بَيْنَ الأَسَابِيعِ، وَيُسْرِعُ المَشْي، وَيَذْكُرُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا كانَتْ تَفْعَلُه ثُمَّ تُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ.

17 -

وفي رواية: أنَّهُ كانَ يَطُوفُ بَعْدَ الفَجْرِ وَيُصَلي رَكْعَتَيْنِ فَكانَ إذَا طَافَ يُسرِعُ المَشْيَ. أخرجه رزين.

قوله: "لكل أسبوع ركعتين"(2) وكان لا يرى القران بين الأسابيع.

قوله: "في حديث عروة: كان ابن الزبير يقرن بين الأسابيع" قال أكثر الشافعية (3): وعن أبي حنيفة (4): يكره القران بين الأسابيع من جهة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله وقال: "خذوا عني مناسككم"(5) وأجازه الجمهور (6) من غير كراهة.

(1) في "فتح الباري"(3/ 485).

(2)

هذه العبارة ذكرت في الحديث رقم (16، 18) عن عائشة رضي الله عنها.

(3)

"روضة الطالبين"(3/ 83 - 84، 100).

(4)

"البناية في شرح الهداية"(4/ 78 - 81). "شرح فتح القدير"(2/ 379).

(5)

وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (3/ 318)، ومسلم رقم (310/ 1297)، وأبو داود رقم (1970)، والنسائي (5/ 270)، وابن خزيمة رقم (2877)، والبيهقي (5/ 130)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (1946).

(6)

انظر: "المغني"(5/ 233 - 234)، "فتح الباري"(3/ 485).

ص: 321

وقال بعض الشافعية (1): إن قلنا أنّ ركعتي الطواف واجبة كأبي حنيفة (2) والمالكية (3) فلا بد من ركعتين لكل طواف.

قلت: الكلام في فضل الركعتين عن كل أسبوع لا أنّ لكل طواف ركعتين فإنه متفق عليه، وإنما وقع النزاع في تأخيرها عن كل أسابيع كثيرة ثم الإتيان بها، ولذا قال عروة:"ثم يصلي لكل أسبوع ركعتين"، وأظنه لا قائل بأن من قرن بين أسابيع أنه يجزيه عن كلٍّ ركعتان.

18 -

وعن امرأة كانت تخدم عائشة رضي الله عنها: أنَّهَا طَافَتْ مَعَهَا أَرْبَعَةَ أَسَابِيْعَ مَقْرُوْنَةً ثُمَّ رَكَعَتْ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ. قالَتْ: وَتَسْتَحِبُّ اسْتِلَامَ الرُّكْنِ في كُلِّ وِتْرٍ. أخرجه رزين.

19 -

وعن عبد الرحمن بن عبد القاري: أَنَّهُ طَافَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخطَابِ رضي الله عنه بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلمَّا قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ نَظَرَ فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ فَرَكِبَ حَتَّى أناخَ بِذِي طَوَى وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أخرجه مالك (4). [موقوف صحيح].

قوله: في حديث عبد الرحمن القاري أخرجه مالك" وذكره البخاري تعليقًا.

قال الحافظ (5): وصله مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر به.

قلت: وترجم (6) البخاري بقوله: باب الطواف بعد الصبح والعصر.

(1) المجموع شرح المهذب (7/ 151).

(2)

المبسوط (4/ 43 - 44) بدائع الصنائع (2/ 132).

(3)

عيون المجالس (2/ 813). المنتقى (2/ 288).

(4)

في "الموطأ"(1/ 368 رقم 117) وهو أثر موقوف صحيح.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 488 الباب رقم 73) تعليقًا.

(5)

في "الفتح"(3/ 489).

(6)

في "صحيحه" (3/ 488 الباب رقم 73 - مع "الفتح".

ص: 322

قال الحافظ في "الفتح"(1) أي: ما حكم صلاة الطواف [157 ب] حينئذٍ، قال: ويظهر من صنع البخاري أنه يختار فيه [157 ب] التوسعة، وكأنه أشار إلى ما رواه الشافعي (2) وأصحاب السنن (3) وصححّه الترمذي وابن خزيمة (4) من حديث جبير بن مطعم: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد مناف! من ولي منكم من أمر الناس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلَّى أي ساعة شاء من ليل أو نهار".

قال ابن عبد البر (5): كره الكوفيون والثوري الطواف بعد العصر والصبح، قالوا: فإن فعل فليؤخر الصلاة.

وقال ابن المنذر (6): رخص في الصلاة بعد الطواف في كل وقت جمهور الصحابة (7) ومن بعدهم. انتهى.

قلت: وهذا هو الصواب بعد صحة (8) حديث جبير بن مطعم فإنه يخصص أحاديث النهي بعد الصلاتين، واعلم أنه صلى الله عليه وسلم إنما صلى ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم وقد قال:"خذوا عني مناسككم"(9) فكان المتعين صلاتهما حيث صلَّى صلى الله عليه وسلم.

(1)(3/ 488).

(2)

في "الأم"(1/ 148).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (1894)، والترمذي رقم (868)، والنسائي رقم (2964)، وابن ماجه رقم (1254).

(4)

في "صحيحه" رقم (2747).

(5)

في "التمهيد"(13/ 45). وهو حديث صحيح.

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 488).

(7)

انظر: "فتح الباري"(3/ 488 - 489). "التمهيد"(13/ 45 - 46). "المغني"(2/ 516 - 517).

(8)

تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.

(9)

تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.

ص: 323

لكن قال ابن المنذر (1): أجمع أهل العلم على أنّ الطائف تجزيه ركعتا الطواف حيث شاء إلاّ شيئًا يذكر عن مالك (2): أنّ من صلى ركعتي الطواف الواجب في غير محلها يعيد، وقد بسط الحافظ (3) الكلام في أوائل كتاب الصلاة في قوله:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (4).

21 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: قَرَأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعَتَيِ الطَّوَافِ بِسُورتِي الإِخْلَاصِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} . أخرجه الترمذي (5). [صحيح].

قوله: "في حديث جابر: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا يدل أنه يجهر بالقراءة فيهما ولو نهارًا، فإنَّه صلى الله [158 ب] عليه وآله وسلم طاف نهارًا وصلى، ويحتمل [158 ب] أنه صلى الله عليه وسلم أخبر جابرًا بذلك.

(1) ذكره الحافظ في "فتح الباري"(3/ 487).

(2)

"عيون المجالس"(2/ 902).

(3)

في "فتح الباري"(1/ 499 - 500).

(4)

سورة البقرة الآية (125).

(5)

في "السنن" رقم (869).

ويشهد له حديث جابر الطويل، وفيه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فصلَّى ركعتين فقرأ: فاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، ثم عاد إلى الركن فاستلمه، ثمَّ خرج إلى الصفا

".

وهو حديث صحيح.

ص: 324

22 -

وعن كثير بنُ جمْهان قال: رَأَيْتُ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَمشِي في المَسْعَى فَقُلْتُ: أَتَمْشِي في المَسْعَى؟ فَقَالَ: لَئِنْ سَعَيْتُ لَقَدْ رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْعَى، وَلَئِنْ مَشَيْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَأنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ. أخرجه أصحاب السنن (1).

قوله: "وعن كثير بن [جُمْهان](2) بضم الجيم وسكون الميم وبالنون، تابعي (3) سمع ابن عباس. وغيره.

قوله: "يمشي" أي: أنه صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين في السعي بين الصفا والمروة، ويأتي تفصيل فعله لهما في حديث جابر.

23 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ مَشَى حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ. أخرجه مالك (4) والنسائي (5). [صحيح].

(1) أخرجه أبو داود رقم (1904)، والترمذي رقم (864)، وابن ماجه رقم (2988)، والنسائي رقم (2976)، وهو حديث صحيح.

(2)

في (أ): جهمان.

(3)

قال ابن حجر في "التقريب"(2/ 131 رقم 6) كثير بن جمهان السّلمي أو الأسلمي. أبو جعفر، مقبول من الثالثة.

(4)

في "الموطأ"(1/ 374 رقم 131).

(5)

في "السنن" رقم (2981).

وهو حديث صحيح.

- وفي هذا الحديث استحباب السعي في بطن الوادي حتى يصعد ثم يمشي باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع، والمشي مستحب فيما قبل الوادي وبعده، ولو مشي في الجميع أو سعى في الجميع أجزأه وفاتته الفضيلة. وبه قال الشافعي ومن وافقه. وقال مالك فيمن ترك السعي في موضعه تجب عليه الإعادة، وله رواية أخرى موافقة لقول الشافعي. =

ص: 325

ومعنى "انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ" انحدرت في المسعى.

24 -

وعنه رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا: "نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ". فَبَدَأَ بِالصَّفَا. أخرجه مالك (1) والترمذي (2) والنسائي (3).

وزاد رزين عن أبي هريرة رضي الله عنه: فَلمَّا عَلَا عَلَى الصَّفَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى البَيْتِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَذْكُرُ الله تَعَالَى مَا شَاءَ.

25 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَيْسَ السَّعْيُ في بَطْنِ الوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوةِ سُنَّةً، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا وَيقُولُونَ: لَا نُجِيزُ البَطْحَاءَ إِلَاّ شَدًّا. أخرجه البخاري (4).

"الشَّدُّ" العدو. والمراد "بالبَطْحَاءِ" ها هنا: بَطْن المسعى (5).

26 -

وعن صفية بنت شيبة: أنَّ امْرَأَةٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْشِي في بَطْنِ المَسِيلِ يَقُولُ: "لَا يُقْطَعُ الوَادِي إِلَاّ شَدًّا". أخرجه النسائي (6). [صحيح].

27 -

وعن الزهري قال: سَأَلُوا ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما. هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَمَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ؟ فَقَالَ: كَانَ في جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ فَرَمَلُوا فَمَا أُرَاهُمْ رَمَلُوا إِلَاّ بِرَمَلِهِ.

= انظر: "المنتقى"(2/ 305)، "المجموع شرح المهذب"(8/ 101)، "الأم"(3/ 543).

(1)

في "الموطأ"(1/ 372 رقم 126).

(2)

في "السنن" رقم (862).

(3)

في "السنن" رقم (2970).

وأخرجه مسلم رقم (1218) بمعناه، وأبو داود رقم (1905)، وهو حديث صحيح.

(4)

انظر: "فتح الباري"(3/ 503، 505).

(5)

قاله ابن الأثير في "الجامع"(3/ 189).

(6)

في "السنن" رقم (2980) وهو حديث صحيح.

ص: 326

أخرجه النسائي (1). [بسند ضعيف].

[الفرع الثاني: في أحكام الطواف والسعي](2)

قوله: "الفصل الثاني: [أحكام] (3) الطواف والسعي". قال ابن الأثير (4): وهي عشر.

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الطَّوَافُ حَوْلَ البَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَاّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتكَلَّمُّ إِلَاّ بِخَيْرٍ". أخرجه الترمذي (5) وهذا لفظه والنسائي (6). [صحيح].

قوله: "في حديث ابن عباس أخرجه الترمذي" قال في "الجامع"(7): أنه قال الترمذي (8): وقد روي موقوفًا عليه، وفي "فتح الباري" (9): أنه أخرجه أصحاب "السنن" وصححّه ابن خزيمة وابن حبان، وهذا أوّل الأحكام.

والثاني: الركوب في الطواف والسعي.

(1) في "السنن" رقم (2978) بسند ضعيف.

(2)

زيادة من (ب).

(3)

في (ب): حكم.

(4)

في "جامع الأصول"(3/ 190).

(5)

في "السنن" رقم (960)، وهو حديث صحيح.

(6)

في "السنن" رقم (2922). وهو حديث صحيح.

(7)

(3/ 190).

(8)

في "السنن"(3/ 293).

(9)

(3/ 482).

ص: 327

2 -

وفي أخرى للنسائي (1) عن ابن عمر قَالَ: أَقِلُّوا مِنْ الكَلَامِ في الطَّوَافِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِي صَلَاةٍ. [صحيح].

3 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طَافَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمحْجَنٍ. أخرجه الخمسة (2). [صحيح].

وفي رواية (3): كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ في يَدِهِ. [صحيح].

قوله: "في حديث ابن عباس: يستلم بمحجن" بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وَفتح الجيم عصا كالصولجان، قاله ابن الأثير (4) وتبعه المصنف.

وفي شرح مسلم (5) وهي عصا معقفةٌ يتناول بها الراكب ما بسط له، ويحرك بطرفها بعيره للمشي.

قوله: "على بعير" لم أجد تصريحًا في أي طواف هذا فإنه في طوافه عند قدومه مكة هرول ورمل، والمراد بنفسه [159 ب] ماشيًا وطواف الإفاضة كان يوم النحر، فيحتمل أنه

(1) في "السنن" رقم (2923)، وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه البخاري رقم (1607)، ومسلم رقم (253/ 1272)، وأبو داود رقم (1877)، وابن ماجه رقم (2948)، والترمذي رقم (865) بلفظ:"وأشار إليه" بدل "بمحجن". والنسائي رقم (713، 2954).

(3)

أخرجها الترمذي في "السنن" رقم (865).

(4)

في "غريب الجامع"(3/ 192).

قال الحافظ في "الفتح"(3/ 473): "المحجن: هو عصا محنية الرأس، والمحجن الاعوجاج، وبذلك سمي الحجون، والاستسلام افتعال من السلام بالفتح أي: التحية. قاله الأزهري".

انظر: "تهذيب اللغة"(4/ 152 - 153).

(5)

(9/ 18).

ص: 328

فيه وطواف الوداع كان ليلاً، وصرّح أبو داود (1) أنه طاف راكبًا لمرض وقال جابر (2):"أنه طاف راكبًا ليراه الناس ويشرف عليهم وليسألوه".

قال النووي (3): إنه يحتمل أنه لهذا كله، وجابر قال .. طاف بالبيت في حجة الوداع [وب (4) الصفا والمروة".

أخرجه مسلم (5).

وعند أبي داود (6) عن صفية بنت شيبة .. أنه طاف عام الفتح على بعير يستلم الركن بمحجن في يده"، [185/ أ] قال المنذري (7): إن صفية هذه أخرج لها البخاري في صحيحه حديثاً، وقيل: إنها ليست صحابية، وأنّ الحديث مرسل، حكي ذلك عن أبي عبد الرحمن النسائي وأبي بكر البرقاني، وذكر ابن السكن [في الصحابية](8) وكذلك أبو عمر ابن عبد البر (9). انتهى.

(1) في "السنن"(1881) عن ابن عباس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته، كلَّما أتى على الرُّكن استلم الرُّكن بمحجن، فلمَّا فرغ من طوافه أناخ، فصلّى ركعتين".

وهو حديث صحيح دون قوله: "وهو يشتكي"، وإلا فهو ضعيف منكر.

(2)

أخرجه مسلم في صحيح رقم (1273)، وأبو داود رقم (1880) والنسائي رقم (2975)، وهو حديث صحيح.

(3)

في شرحه لصحيح مسلم (9/ 19).

(4)

في المخطوط "وبين" وما أثبتناه من "صحيح مسلم".

(5)

في "صحيحه" رقم (255/ 1273).

(6)

في "السنن" رقم (1878)، وهو حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه رقم (2947).

(7)

في مختصر "السنن"(2/ 376 - 377).

(8)

كذا في المخطوط والذي في "مختصر السنن" في كتابه في الصحابة.

(9)

انظر: "الاستيعاب" رقم (3373).

ص: 329

4 -

وفي أخرى لأبي داود (1): أَنَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتكِي فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كُلَّمَا أتى عَلَى الرُّكْنِ اسْتَلَمَهُ بِمِحْجَنٍ فَلمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنَاخَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. [صحيح دون قوله: "وهو يشتكي" فضعيف منكر].

5 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُصْرَفَ عَنْهُ النَّاسُ. أخرجه مسلم (2) والنسائي (3). [صحيح].

قوله: "أن يصرف عنه الناس" قال النووي (4): هكذا في معظم النسخ "يضرب" بالباء وفي بعضها "يصرف" بالصاد المهملة والفاء وكلاهما صحيح.

6 -

ولمسلم (5) في أخرى وأبي داود (6) عن ابن عباس: يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ كانَ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ المِحْجَنَ. [صحيح].

"المِحْجَنُ"(7) كالصَّوْلجان.

7 -

عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّي أَشْتَكِي فَقَالَ: "طُوفِي مِنْ ورَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ". فطُفْتُ والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إلَى جَانِبِ البَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ.

(1) في "السنن" رقم (1881)، وهو حديث صحيح دون قوله:"وهو يشتكي" فضعيف منكر.

(2)

في "صحيحه" رقم (1274).

(3)

في "السنن" رقم (2975).

(4)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(9/ 19).

(5)

في "صحيحه" رقم (1275).

(6)

في "السنن" رقم (1879). كلاهما عن أبي الطُّفيل.

(7)

تقدم معناه.

ص: 330

أخرجه الستة (1) إلا الترمذي. [صحيح].

8 -

وعن وَبرَةَ عبد الرحمن قال: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ: أَيَصْلُحُ لِي أَن أَطُوفَ بِالبَيْتِ قَبْلَ أَنْ آتِيَ المَوْقِفَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَا تَطُفْ بِالبَيْتِ حَتَّى تَأْتِيَ المَوْقِفَ. فَقَالَ: قَدْ حَجَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ المَوْقِفَ فَبِقَوْلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تَأْخُذَ أَوْ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا. أخرجه مسلم (2) والنسائي (3).

[صحيح]: "وعن وبرة"(4) بفتح الواو وسكون الباء الموحدة، هو أبو خزيمة وبرة بن عبد الرحمن روى عن ابن عمر وسعيد بن جبير.

قوله: "في حديث وبرة: قال ابن عباس يقول: لا تطوف بالبيت حتى تأتي الموقف" يريد عرفة، قيل: مقصوده أنّ الحاج لا يطوف بعد طواف القدوم حتى يرجع من عرفة، هذا مذهب مالك (5)، وعند الشافعي (6) له أن يتنفل من الطواف بما شاء.

وفي "فتح الباري"(7): هذا لا يدل على أنّ الحاج منع من الطواف قبل الوقوف، ولعله صلى الله عليه وسلم ترك الطواف تطوعًا خشية أن يظن أنه واجب، وكان يخفف على أمته.

(1) أخرجه البخاري رقم (1619)، ومسلم رقم (258/ 1276)، وأبو داود رقم (1882) ، والنسائي رقم (2925)، وابن ماجه رقم (2961)، ومالك في "الموطأ"(1/ 370)، وأحمد (6/ 290).

وهو حديث صحيح.

(2)

في "صحيحه" رقم (1233).

(3)

في "السنن" رقم (2929). وهو حديث صحيح.

(4)

انظر: "التقريب"(2/ 330 رقم 23).

(5)

انظر: "مدوَّنة الفقه المالكي"(2/ 115 - 116).

(6)

انظر: "البيان" للعمراني (4/ 366 - 367).

(7)

(3/ 486).

ص: 331

9 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ. أخرجه البخاري (1). [صحيح].

قوله: "في حديث [160 ب] ابن عباس ولم يقرب الكعبة" هو بكسر الراء وضمها، ومراده: أنه لم يطف بعد طواف العمرة، أي: لم يأت بطواف تطوع بل اقتصر على طواف العمرة لا غير.

10 -

وعن جُبير بن مُطْعم رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا البَيْتِ فَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ".

أخرجه أصحاب "السنن"(2). [صحيح].

قوله: "في حديث جبير بن مطعم أخرجه أصحاب "السنن" تقدم الكلام عليه.

وقوله فيه: "فصلى" بالفاء في كثير من [التيسير](3)، وفي "الجامع الكبير" (4):"وصلى" بالواو وهي أعم؛ لأنّه بالفاء يدل على أنه لا يمنع الطائف من ركعتي الطواف، وإذا كان بالواو دلّ على أي صلاة صلاها.

(1) في "صحيحه" رقم (1627).

(2)

أخرجه أبو داود رقم (1894)، والترمذي رقم (868)، والنسائي رقم (2964)، وابن ماجه رقم (1254) وقد تقدم.

وهو حديث صحيح.

(3)

كذا في المخطوط. ولعلَ الصواب قوله: نسخ التيسير.

(4)

(3/ 198).

ص: 332

قال الترمذي (1): حديث جبير بن مطعم حديث حسن صحيح، وقد رواه عبد الله بن أبي نجيح عن عبد الله بن باباه أيضاً، وقد اختلف أهل العلم في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح بمكة.

فقال بعضهم: لا بأس بالطواف والصلاة بعد العصر وبعد الصبح، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، واحتجوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم[هذا](2).

وقال بعضهم: إذا طاف بعد العصر لا يصلي حتى [يغرب الشفق](3) وكذلك إن طاف بعد صلاة الصبح أيضاً (4)، واحتجوا بحديث عمر:"أنه طاف بعد صلاة الصبح فلم يصل، وخرج من مكة حتى نزل بذي طوى فصلى بعد ما طلعت الشمس"، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس (5).

11 -

وعن أبي الزبير المكي قال: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَطُوفُ بَعْدَ صَلَاةِ العَصْرِ أُسْبُوعًا ثُمَّ يَدْخُلُ حُجْرَتَهُ فَلَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ (6). [موقوف صحيح].

قال (7): وَلَقَدْ رَأَيْتُ البَيْتَ يَخْلُو بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ صَلَاةِ

(1) في "السنن"(3/ 220).

(2)

زيادة من "السنن"(3/ 220).

(3)

كذا في المخطوط والذي في سنن الترمذي: تغرب الشمس.

(4)

في "السنن" زيادة: لم يُصلِّ حتى تطلع الشمس.

(5)

انظر: عيون المجالس (2/ 811 - 812). "بدائع الصنائع"(2/ 132). "الهداية"(1/ 152). "روضة الطالبين"(3/ 82).

(6)

في "الموطأ"(1/ 369 رقم 118)، وهو أثر موقوف صحيح.

(7)

عن مالك عن أبي الزبير المكيِّ أنَّه قال: لقد رأيت البيت يخلُو بعد صلاةِ الصبح، وبعد صلاة العصر، ما يطوف به أحدٌ.

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 369 رقم 119)، وهو أثر مقطوع صحيح.

ص: 333