الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَالَ رَجُلٍ لِرَجُلٍ: يَا يَهُوْدِيُّ! فَاضْرِبُوْهُ عِشْرِيْنَ، فَإِنْ قَالَ: يَا مُخَنَّثُ! فَمِثْلُهُ، وَمَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ محْرَمٍ فَاقْتُلُوْهُ، هَذَا إِذَا عَلِمَ. أخرجه الترمذي (1). [ضعيف].
قوله: "في حديث ابن عباس أخرجه الترمذي".
قلت: ثم قال (2): هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم [221/ أ] بن إسماعيل يضعف في الحديث.
قال: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه روايات البراء بن عازب (3) وقرة بن إياس المزني: "أن رجلاً تزوج امرأة أبيه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله".
والعمل (4) على هذا عند أصحابنا قالوا: من أتى ذات محرم وهو يعلم فعليه القتل، وقال أحمد: من تزوج أمه قتل، وقال إسحاق: من وقع على ذات محرم قتل. انتهى.
الباب الخامس: في حد السرقة
عرفوا السرقة (5) بأخذ شيء خفية ليس للآخذ أخذه.
(1) في "السنن" رقم (1462) وهو حديث ضعيف، وأخرجه ابن ماجه رقم (2564، 2568).
(2)
في "السنن"(4/ 62).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 290) وأبو داود رقم (4457) والترمذي بإثر الحديث رقم (1362) وقال: حسن غريب، والنسائي رقم (3331) وابن ماجه رقم (2607) وهو حديث صحيح.
(4)
هذه العبارة في "السنن" متقدمة على قوله: "روي
…
".
(5)
قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف (ص 403).
السرقة: أخذ ما ليس له أخذه في خفاء، وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص، وقدر مخصوص على وجه مخصوص.
انظر: "التعريفات" للجرجاني (ص 123).
قال القاضي عياض (1): صان الله الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة وإلا [ما كان](2) استرجاع هذا النوع بالاستعداء إلى ولاة الأمور، ويسهل إقامة البينة عليه بخلاف السرقة، فإنه [268 ب] يندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها لتكون أبلغ في الزجر عنها. انتهى (3).
جعل فيه ابن الأثير (4) أربعة فصول: الأول في موجب القطع، وذكر حديث عائشة، بدأ به كما بدأ به المصنف.
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: لَمْ تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ المِجَنِّ تُرْسٌ أَوْ جَحَفَةُ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ (5). [صحيح].
قوله: "في حديث عائشة ترس أو جحفة" بدل من المجن وهو بكسر الميم، والجحفة ترس صغير لما أنزل الله آية السرقة مجملة بينها الحديث، إلا أن حديث عائشة هذا مجمل أيضاً بالنسبة إلى ما تأخر من الأزمنة عن عصرها، وأما في عصرها فلعله كان معروفاً قدر ثمنه
(1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(5/ 495 - 496).
(2)
في (أ) لكان، وفي (ب) ولمكان، وما أثبتناه من المعلم.
(3)
هكذا جاء النص مضطرب العبارة والمعنى، وإليك نصه من "المعلم بفوائد مسلم" (5/ 495 - 496): حيث قال: صان الله تعالى الأموال بحد القطع في السرقة في أول حدود ماله من المال، وأن يجعل ذلك في غير السرقة والزنا والاغتصاب؛ لأن ذلك في الأقل من أهل القدرة في الأكثر؛ لأن ما كان مجاهرة فاسترجاعه ممكن بالعلم متوفر في السرقة مستشرى، قلما يتوصل بالاطلاع عليها، وإقامة الشهادة فيها فعظم فيها، واتسعت العقوبة فيها لشدائد الزجر عنها. وتجرد التوصل إلى معرفة ما اشتهر به منها
…
".
(4)
في "الجامع"(3/ 554 - 558).
(5)
أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (6791) ومسلم رقم (1684) وأبو داود (4383، 4384)، والترمذي رقم (1445) والنسائي رقم (4921) ومالك في "الموطأ"(2/ 832) وأحمد (6/ 36).
[ويأتي](1) حديث ابن عمر أن قيمة المجن كان ثلاثة دراهم وهو ربع الدينار كما صرح به في غيره، إذ الدينار باثني عشر درهما.
واعلم أنه قد أجمع المسلمون على قطع السارق في الجملة (2) وان اختلفوا في فروع منه فاختلفوا في اشتراط النصاب وقدره، فقال أهل الظاهر (3): يقطع سارق القليل والكثير، وحكي عن الحسن (4)، واحتجوا بعموم الآية، واشترط جماهير العلماء (5) النصاب واختلفوا في قدره؛ فقال الشافعي (6): هو ربع دينار ذهباً، أو ما قيمته ذلك سواء كانت قيمته ثلاثة دراهم أو أقل أو أكثر، وقال آخرون: يقطع في ربع دينار أو ثلاثة دراهم وما قيمته ذلك وهو مذهب مالك (7) وأحمد (8) وإسحاق (9).
وقال أبو حنيفة (10) والهادوية (11): لا قطع إلا في عشرة دراهم أو ما قيمته ذلك.
والتفاصيل وذكر راجح الأقوال في المطولات ويأتي بعض ذلك.
(1) في (ب) وما في.
(2)
انظر "المغني"(12/ 418).
(3)
"المحلى"(11/ 351).
(4)
موسوعة فقه الحسن البصري (2/ 527)"الاستذكار"(24/ 166 رقم 35894).
(5)
انظر "المغني"(12/ 418)"فتح الباري"(12/ 106 - 108).
(6)
"الأم"(7/ 373) و"البيان" للعمراني (12/ 438).
(7)
"الاستذكار"(24/ 158 - 159).
(8)
"المغني"(12/ 418).
(9)
انظر "فتح الباري"(12/ 107)"المغني"(12/ 418).
(10)
"البناية في شرح الهداية"(6/ 376).
(11)
"البحر الزخار"(5/ 176).
فمن أدلة الثلاثة الدراهم حديث ابن عمر الذي أخرجه الستة (1)، ومن أدلة الأولين الذين لا يعتبرون نصاباً حديث (2) أبي هريرة وقوله فيه:"يسرق البيضة فتقطع يده" فإن البيضة ظاهرة في المعروفة، والحبل عام لكل حبل، وتأويل الأعمش (3) ببيضة الحديد وحبل السفينة مثلاً، خلاف الظاهر.
قال النووي (4): وبلاغة الكلام تأباه لأنه لا يذم في العادة [269 ب] من خاطر بيده في شيء له قدر يريد وبيضة الحديد والحبل لهما قدر وقيمة، وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له فهو موضع تقليل لا تكثير.
2 -
وَعَنْ ابن عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: قَطَعَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم سَارِقَاً فِي مجنٍّ قِيْمتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. أخرجهما الستة (5). [صحيح].
وقوله: "في حديث ابن عمر قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم" لا ينفي القطع فيما دونه، وكذا مفهوم حديث عائشة: ما طال علي ولا نسيت القطع في ربع دينار فصاعداً (6).
(1) أخرجه أحمد (2/ 80، 82) والبخاري رقم (6795) ومسلم رقم (6/ 1686) وأبو داود رقم (4385) والترمذي رقم (1446) والنسائي رقم (4921) وهو حديث صحيح.
(2)
أخرجه أحمد (2/ 235) والبخاري رقم (6799) ومسلم رقم (7/ 1687).
(3)
قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أن منها ما يساوي دراهم. زيادة من البخاري رقم (7699).
(4)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 183).
(5)
تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.
(6)
أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 832 رقم 24) وهو أثر موقوف صحيح، وانظر "فتح الباري"(12/ 102).
قال الحافظ (1): وهو وإن لم يكن مرفوعاً لكنه في معنى المرفوع، فإن عدم القطع فيما دونه مفهوم، إلا أنه قد رواه النسائي (2) بلفظ:"لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً"، وهو مفهوم حصر قوي قد قيل بأنه منطوق.
وقد حققنا في حواشي "ضوء النهار"(3) تحقيقاً شافياً وسقنا الأدلة، ورجح لنا أن قدر النصاب ربع دينار لأدلة ناهضة.
3 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ الله السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُه وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ".
قال الأعمش: وكانوا يرون أنه بيض الحديد، وإن من الحبال ما يساوي دراهم. أخرجه الشيخان (4) والنسائي (5). [صحيح].
4 -
عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ المَخْزُومِيِّ رضي الله عنه: أُتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ لَهُ:"مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ؟ "، فَقَالَ: بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كلُّ ذَلِكَ يَعْتَرِفُ فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ وَجِيءَ بِهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"اسْتَغْفِرِ الله وَتُبْ إِلَيْهِ"، فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ الله تَعَالَى وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ تُبْ عَلَيْهِ"، ثَلَاثًا. أخرجه أبو داود (6) والنسائي (7). [ضعيف].
(1)"فتح الباري"(12/ 102).
(2)
في "السنن" رقم (4928) وهو حديث صحيح.
(3)
(7/ 317) بتحقيقي.
(4)
البخاري في "صحيحه" رقم (6799)، ومسلم رقم (7/ 1687).
(5)
في "السنن" رقم (4873). وهو حديث صحيح.
(6)
في "السنن" رقم (4380).
(7)
في "السنن" رقم (4877). =
قوله: "في حديث أبي أمية المخزومي أخرجه أبو داود".
قلت: وبوب له باب: في التلقين في الحد، ثم قال أبو داود (1): رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن عبد الله قال: عن أبي أمية - رجل من الأنصار - عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المنذري (2): وأخرجه النسائي (3) وابن ماجه (4) وذكر الخطابي (5) أن في إسناد هذا الحديث مقالاً، إذ رواه رجل مجهول لم يكن حجة. انتهى.
= وأخرجه أحمد (5/ 293) والدارمي (2/ 173) والبيهقي (8/ 276) من طريق أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي.
وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي المنذر هذا، فإنه لا يعرف كما قال الذهبي في "الميزان"، وله شاهد من حديث أبي هريرة بنحوه، لكن ليس فيه الاعتراف. وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 168).
والدارقطني في "سننه"(3/ 102 رقم 71) والحاكم (4/ 381) والبيهقي (8/ 275 - 276) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
وقال الألباني في "الإرواء"(8/ 84) قلت: وهو كما قال، وأقره الذهبي، لكن أعله الدارقطني بقوله: ورواه الثوري عن يزيد بن خصيفة مرسلاً، ثم ساق إسناده إليه بذلك.
وكذلك رواه الطحاوي من طريق أخرى عن سفيان به.
ثم أخرجه من طريق ابن إسحاق، وابن جريج، كلاهم عن يزيد بن خصيفة به، فهذا يؤكد أن المرسل هو الصواب، وأن وصله وهم من الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة في نفسه، ففي حفظه شيء.
قال الحافظ: "صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ
…
".
وخلاصة القول: أن حديث أبي أمية المخزومي ضعيف، وكذلك حديث أبي هريرة ضعيف، والله أعلم.
(1)
في "السنن"(4/ 542 الباب رقم 8).
(2)
في "مختصر السنن" رقم (6/ 217 - 218).
(3)
في "السنن" رقم (4877).
(4)
في "السنن" رقم (2597).
(5)
في "معالم السنن"(4/ 543 - مع "السنن").
وكأنه (1) يشير إلى أن أبا المنذر مولى أبي ذر لم يرو عنه إلا إسحاق بن عبد الله. انتهى.
قلت: وقوله: رجل من الأنصار يحتمل أنه غير صحابي فيكون مرسلاً.
5 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالَوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَاّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما، حِبُّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ رضي الله عنه، فَقَالَ:"أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله تَعَالَى؟ "، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ ترَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا". أخرجه الخمسة (2). [صحيح].
وفي رواية أبي داود (3) والنسائي (4) عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَةً مَخْزُومِيَّةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ المتَاعَ.
زاد النسائي (5): عَلَى أَلْسِنَة جَارَاتِهَا وَتَجْحدُهُ فَأَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا. [صحيح].
قوله: "في حديث عائشة المخزومية" قال النووي: اسمها فاطمة (6) بنت الأسود بن عبد الأسد [270 ب] المخزومية.
(1) قاله المنذري في مختصره (6/ 218).
(2)
أخرجه البخاري رقم (6787، 6788) ومسلم رقم (9/ 1688) وأبو داود رقم (4372) والترمذي رقم (1430) والنسائي رقم (4894) وابن ماجه رقم (2547)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن" رقم (4395).
(4)
في "السنن" رقم (4887). وهو حديث صحيح.
(5)
في "السنن" رقم (4898). وأخرجه أبو داود رقم (4396) وفيهما: على ألسنة أناس، وهو حديث صحيح.
(6)
انظر "فتح الباري"(12/ 88 - 89).
قوله: "ومن يجتري عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم".
هو بكسر الحاء، أي: محبوبه ومعنى، يجترئ، يتجاسر عليه بطريق الإدلال، وفي هذه منقبة ظاهرة لأسامة، قاله النووي (1). [222/ أ].
قوله: "أتشفع في حديث من حدود الله" قال النووي (2): قد أجمع العلماء على تحريم الشفاعة في الحد بعد بلوغه إلى الإمام لهذه الأحاديث، وأنه يحرم التشفيع فيه، فأما قبل بلوغه إلى الإمام فقد أجاز الشفاعة فيه أكثر العلماء إذا لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس، فإن كان لم يشفع فيه، وأما المعاصي التي لا حد فيها، وإنما فيها التعزيز فتجوز الشفاعة فيها والتشفيع، سواء بلغت الإمام أم لا؛ لأنها أهون ثم الشفاعة فيها مستحبة.
قوله: "وايم الله لو أن فاطمة" فيه دليل بجواز (3) الحلف من غير استحلاف وهو مستحب إذا كان فيه تفخيم لأمر مطلوب كما في الحديث، وقد كثرت نظائره في الحديث.
قوله: "وفي رواية أبي داود والنسائي
…
الحديث".
قلت: وهو في "صحيح مسلم"(4) بلفظ: "كان امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها"، هذا لفظه فلا وجه لتخصيص أبي داود والنسائي بذلك.
قال النووي (5) في شرحه: قال العلماء أنها قطعت بالسرقة، وإنما ذكرت العارية تعريفاً لها ووصفاً لا أنها سبب القطع.
(1) في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 186).
(2)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 186).
(3)
ذكره النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 186 - 187).
(4)
في "صحيحه" رقم (10/ 1688).
(5)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 187 - 188).
وقد ذكر مسلم (1) هذا الحديث في سائر الطرق المصرحة بأنها سرقت وقطعت فيتعين (2) حمل هذه الرواية على ذلك جمعاً بين الروايتين فإنها قضية واحدة [271 ب] مع أن جماعة من الأئمة قالوا: إن هذه الرواية شاذة فإنها مخالفة لجماهير الرواة والشاذ لا يعمل به.
قال جماهير (3) العلماء وفقهاء الأمصار: لا يقطع من جحد العارية، وتأولوا هذا الحديث بما ذكرناه. انتهى.
وقد أطال الحافظ ابن حجر (4) في الكلام على رواية: "أنها جحدت العارية فقطعت" وذكر أنه انفرد بها مسلم - أي: عن البخاري -.
فالعجب من ابن الأثير (5) حيث لم ينسبها إلا إلى النسائي وأبي داود وتبعه المصنف، وقد استشكلت رواية القطع في الجحد بأنه لا حرز، وبأنه خيانة ولا قطع في خيانة، فأحسن الكلام كلام النووي (6) في ترجيح رواية السرقة أو الجمع بين الروايتين بما ذكر.
6 -
وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ الثَّمَر المُعَلَّقِ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِيْ حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْء عَلَيْهِ. أخرجه أصحاب السنن (7)، وهذا لفظ الترمذي. [حسن].
(1) انظر: رقم (8، 9، 10/ 1688).
(2)
في شرح "صحيح مسلم" زيادة بسبب السرقة.
(3)
ذكره النووي في شرحه لـ "شرح صحيح مسلم"(11/ 188).
(4)
في "فتح الباري"(12/ 89 - 90).
(5)
في "جامع الأصول"(3/ 565).
(6)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(11/ 187 - 188).
(7)
أخرجه أبو داود رقم (1710، 4390) والنسائي رقم (4958) والترمذي رقم (1289) وابن ماجه رقم (2596) وهو حديث حسن.
وزاد أبو داود (1) والنسائي (2): "وَمَنْ خَرَجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُئْوِيَهُ الجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ". [حسن].
وزاد النسائي (3): "وَلَا قَطْعَ فِي حَرِيسَةِ الجَبَلِ، فَإِذَا ضَمَّهَا المُرَاحُ قُطَعَتْ فِي ثَمَنِ المِجَنِّ. [حسن].
"الخُبنَةُ"(4) مَا يحمل في الحضن، وقيل: ما يؤخذ في خبنة الثوب، وهو ذيله.
"وَالحَريْسَةُ"(5) السرقة.
"وَحَرِيسَةَ الجَبَلِ"(6) أيضاً: الشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مأواها.
"وَالمُرَاحُ"(7) بضم الميم، الموضع الذي تأوي إليه الماشية ليلاً.
قوله: "في حديث ابن عمرو وسئل عن الثمر المعلق" هو الذي في شجره، قاله ابن الأثير (8) وهذا لفظ الترمذي وقال (9): حسن.
(1) في "السنن" رقم (4390).
(2)
في "السنن" رقم (4959). وهو حديث حسن، والله أعلم.
(3)
في "السنن" رقم (4957) وهو حديث حسن.
(4)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 567)"القاموس المحيط"(ص 1539).
(5)
"القاموس المحيط"(ص 692)"النهاية"(1/ 359).
(6)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 567).
(7)
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 699). "الفائق" للزمخشري (3/ 111).
(8)
في "جامع الأصول"(3/ 565 رقم 1882).
(9)
أي الترمذي في "السنن"(3/ 584).
وقوله: "خبنة" بضم الخاء المعجمة فموحدة ساكنة فنون فتاء تأنيث، يأتي تفسيرها، وفي رواية أبي داود:"فعليه غرامة مثله" في التيسير هكذا مثله.
وهي رواية في أبي داود (1)، وفي رواية:"مثليه" بالتثنية وهي لفظ "الجامع الكبير" فصحح عليها، وتكررت في "الجامع"(2) في ثلاثة مواضع بالتثنية، فما كان للمصنف إفرادها، وهذه اللفظ هي من أدلة العقوبة بالمال.
قوله: "الجرين"(3) بالجيم موضع الثمر الذي يجفف فيه مثل البيدر للحنطة.
قوله: [272 ب]"حريسة الجبل" قال ابن الأثير (4): منهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها، فقال: حرس يحرس حرساً إذا سرق، ومنهم من يجعلها المحروسة، يعني: ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع؛ لأنه ليس بموضع حرز، وحريسة الجبل أيضاً الشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مأواها. انتهى.
وحريسة (5) بالحاء المهملة فراء فمثناة تحتية فسين مهملة، والجبل بالجيم.
7 -
وعن جابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا قَطْعَ فِي كَثَرٍ، وَلَا ثَمَر مُعَلّق، وَلَا حَرِيسَةِ جَبَلٍ، وَلَا عَلَى خِيَانَةٍ، وَلَا فِي انْتِهَابٍ وَلَا خَلِيْسَةٍ. أخرجه رزين.
"الْكَثَرُ" جمار النخل (6).
(1) في "السنن" رقم (1710، 4390).
(2)
(3/ 566).
(3)
"المجموع المغيث"(1/ 323)"القاموس المحيط"(ص 1530).
(4)
في "غريب الجامع"(3/ 567).
(5)
انظر: "القاموس المحيط"(ص 692) النهاية (1/ 359).
(6)
وهو شَحْبهُ الذي وسط النخلة، النهاية في "غريب الحديث"(2/ 525)"غريب الحديث" للهروي (1/ 287).
"وَالخَلِيسَةُ"(1) الشيء المختلس المسلوب المنهوب.
قوله: "أخرجه رزين".
قلت: بل [أخرج](2) الترمذي (3) عن جابر: "ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع".
قال الترمذي (4): هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. انتهى.
وروى الترمذي (5) أيضاً حديث: "لا قطع في ثمر ولا كثر" فالعجب عدول المصنف إلى رواية رزين المجهولة مع وجود المخرجة!
(1) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 569).
(2)
في (ب) خرج.
(3)
في "السنن" رقم (1448).
وأخرجه أحمد (3/ 380) وأبو داود رقم (4391) والنسائي رقم (4971) وابن ماجه رقم (2591) والدارمي (2/ 175) والطحاوي في "شرح المعاني"(3/ 171) والبيهقي (8/ 279) والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 153) وابن حبان رقم (4457).
وقد أعله ابن القطان في الوهم والإيهام (4/ 315) بضعفة أبي الزبير عن جابر.
وأجيب: بأنه قد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم (18844) وصرح بسماع أبي الزبير عن جابر.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
في "السنن"(4/ 52).
(5)
في "السنن" رقم (1449).
وأخرجه أحمد (3/ 463) و (4/ 140، 142) وأبو داود رقم (4388) والنسائي رقم (4961) وابن ماجه رقم (2593) وهو حديث صحيح.
وابن الأثير (1) قد أتى بالروايتين رواية الترمذي ورواية رزين، فلو أتى المصنف برواية الترمذي لكان أولى كما لا يخفى [223/ أ].
8 -
وَعَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قَالَ: جِيءَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِسَارِقٍ فَقَالَ: "اقْتُلُوهُ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّمَا سَرَقَ. قَالَ: "اقْطَعُوهُ". فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ:"اقْتُلُوهُ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّمَا سَرَقَ. فَقَالَ: "اقْطَعُوهُ". فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّالِثَةَ فَقَالَ:"اقْتُلُوهُ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ:"اقْطَعُوهُ". ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَقَالَ "اقْتُلُوهُ". قَالُوا يَا رَسُولَ الله إِنَّمَا سَرَقَ. قَالَ "اقْطَعُوهُ". فَأُتِىَ بِهِ الخَامِسَةَ فَقَالَ: "اقْتُلُوهُ". قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: فَانْطَلَقْنَا بِهِ فَقَتَلْنَاهُ، ثُمَّ اجْتَرَرْنَاهُ فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بِئْرٍ، وَرَمَيْنَا عَلَيْهِ بِالحِجَارَةِ. أخرجه أبو داود (2) والنسائي (3). [ضعيف].
قوله: "في حديث جابر أخرجه أبو داود" وقال المنذري (4): وأخرجه النسائي (5) وقال: منكر، ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث. انتهى.
ومصعب ضعّفه غير واحد، والحديث لا يثبت، والإجماع من الأمة على أنه لا يقتل. انتهى.
وقال الشيخ (6): هذا الحديث في إسناده مقال.
(1) في الجامع (3/ 569 - 570).
(2)
في "السنن" رقم (4410).
(3)
في "السنن" رقم (4978). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(4)
في "مختصر السنن"(6/ 238).
(5)
في "السنن الكبري"(4/ 349 رقم 2/ 7471).
(6)
أي الخطابي في "معالم السنن"(4/ 566 - مع السنن).
وقد عارضه الحديث الصحيح (1) الذي لا مقال [273 ب] في سنده وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق". انتهى.
قلت: ويبعده ويزيد نكاره (2): أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اقتلوه، فيقولون له: إنما سرق، كيف يأمر بقتله قبل أن يعلم ذنبه؟ وقد كان في الحدود بخصوصها يستثبت زيادة على كل شيء، بل ويلقن [بما](3) يسقطها، وهنا يأمر بقتله قبل علمه ماذا ذنبه! هذا من أمحل المحال.
9 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا سَرَقَ الْعَبْدُ فَبِيْعُوهُ وَلَوْ بِنَشٍّ". أخرجه أبو داود (4) والنسائي (5). [ضعيف].
"النَّشُّ"(6) النصف من كل شيء.
10 -
وَعَنْ أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ الله الحَرَازِيُّ: أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْكَلَاعِيِّينَ سُرِقَ لَهُمْ مَتاَعٌ فَاتَّهَمُوا أُنَاسًا مِنَ الحَاكَةِ، فَأَتَوُا بِهِمْ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنه، فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا، ثُمَّ خلَّى سَبِيلَهُمْ، فَأَتَوُا
(1) أخرجه البخاري رقم (6878) ومسلم رقم (25/ 1676).
(2)
قال النسائي: لا أعلم في هذا الباب حديثاً صحيحاً.
وقال القاضي عياض: لا أعلم أحداً من أهل العلم قال به إلا ما ذكره أبو مصعب صاحب مالك في مختصره
…
" ذكره الحافظ في "فتح الباري" (12/ 100).
وقال ابن عبد البر: حديث القتل في الخامسة منكر، وقد ثبت "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث
…
"، وثبت "السرقة فاحشة وفيها عقوبة".
"فتح الباري"(12/ 100).
(3)
في (أ) ما.
(4)
في "السنن" رقم (4412).
(5)
في "السنن" رقم (4980). وأخرجه ابن ماجه رقم (2589) وهو حديث ضعيف.
(6)
ذكره الحميدي في تفسير غريب ما في الصحيحين (170/ 460). وانظر النهاية (2/ 743).
النُّعْمَانَ فَقَالُوا: خَلَّيْتَ سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا امْتِحَانٍ، فَقَالَ لهمْ النُّعْمَانُ: مَا شِئْتُمْ، إِنْ شِئْتُمْ أَنْ ضَربْتُهُم فَإِنْ خَرَجَ مَتَاعُكُمْ فَذَاكَ، وَإِلَاّ أَخَذْتُ لهمْ مِنْ ظُهُورِكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فَقَالُوا هَذَا حُكْمُكَ؟ فَقَالَ هَذَا حُكْمُ الله، وَحُكْمُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [ضعيف].
قوله: "وعن أزهر بن عبد الله الحرازي" بفتح الحاء المهملة فراء فألف فزاي نسبة إلى حراز، قال الذهبي في "الميزان" (3): إنه ناصبي كان يسب علياً عليه السلام.
قلت: فلا تقبل روايته ولا كرامة، وكيف يقبل من سب عليا وبغضه، وقد صح "أن بغضه نفاق"(4)، ولا تقبل لمنافق رواية.
(1) في "السنن" رقم (4382).
(2)
في "السنن" رقم (4874). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
(1/ 173 رقم 699) حيث قال: أزهر بن سعيد تابعي، حسن الحديث، لكنه ناصبي، ينال من علي رضي الله عنه.
وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب"(1/ 105 - 106): لم يتكموا إلا في مذهبه، وقد وثقه العجلي. وروى عنه جماعة.
(4)
أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (78) وابن أبي شيبة في المصنف (12/ 56) والحميدي في "مسنده" رقم (58) وأحمد في "مسنده"(1/ 84، 95، 128) وفي "فضائل الصحابة" رقم (948، 961، 1059، 1102) والترمذي رقم (3736) والنسائي في المجتبى (8/ 115، 117) وفي خصائص علي رقم (100 - 102) وابن ماجه رقم (114) وابن حبان رقم (6885) وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 85) وابن أبي عاصم في السنة رقم (1325) عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق".
وهو حديث صحيح.
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 63) وهذا جارٍ باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الإكرام، لما لهم من حسن الفناء في الدين. =
وثبت أن سباب المؤمن فسوق (1)، وكيف يسب رئيس المؤمنين؟
قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي".
قلت: وكنت سئلت عن هذا الحديث هل هو حجة في ضرب المتهم؟ فأجبت بما حاصله: أن فيه عندهما أزهر، حاله ما عرفت وفيه بقية بن الوليد.
قال الذهبي في "الميزان"(2): ولأئمة الحديث كلام كثير في بقية بن الوليد، قال فيه أبو حاتم (3): لا يحتج به، وقال فيه علي بن مسهر: أحاديث بقية ليست نقية، فكن منها على تقية. انتهى. ولأئمة الحديث كلام كثير في بقية ما بين جرح وتعديل.
وأما النعمان بن بشير فهو وإن كان صحابياً صغيراً [274 ب] فلهم فيه كلام.
قال الإمام العلامة الكبير محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه "قبول البشرى"(4) ما لفظه: النعمان بن بشير كان من المستمرين على حرب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وولده - يريد الحسين - مع معاوية ويزيد، ولم يزل مع معاوية ثم مع يزيد، وتولى حمص ليزيد ثم كان زبيرياً.
= ومثل الحديث السابق ما ثبت في "صحيح البخاري" رقم (17) ومسلم رقم (218) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار".
(1)
أخرجه البخاري رقم (6044) ومسلم رقم (64) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
(1/ 331 رقم 1250).
(3)
في "الجرح والتعديل"(2/ 434 - 436 رقم 1728).
وانظر "تهذيب التهذيب"(1/ 239 - 240).
(4)
"قبول البشرى في تيسير اليسرى" وهي قيد التحقيق ضمن "العذب النمير في فتاوى ورسائل ابن الوزير".
والقول بخلافة يزيد من أبعد البعيد (1) بعد قتله الحسين وقتله خيار أصحاب رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وخيار التابعين -[يعني](2) يوم الحرة - واستباحة حرم رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، وإدخاله (3) الخيل والدواب تبول فيه، مع إدمانه السكر والفجور وإعلانه بذلك، وطلب البيعة من الناس على أنهم عبيد له مع أنه مختلف في صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه.
وقوله (4): "في صحبته" أي: صحبة (5) النعمان وذلك؛ لأنه كان صغيراً في عهده صلى الله عليه وسلم.
(1) لفضل الصحابة وعدالتهم، ووجوب محبتهم يقتضي منا تجنب كل ما ينافي ذلك في حقهم، ولهذا نص أئمة أهل السنة والجماعة على وجوب ذكر الصحابة بمحاسنهم، والكفِّ عن مساويهم، والسكوت عما شجر بينهم، وأن الجميع مجتهد، فمصيبهم له أجران، ومخطئهم له أجر واحد، وخطؤه مغفور.
"أصول السنة" لابن أبي زمنين (ص 263).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
كلام لا دليل عليه، فهو من نفحات الروافض والمعتزلة والخوارج قال القرطبي في "المفهم": "وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم بغض، فذلك من غير هذه الجهة، بل للأمر الطارئ الذي اقتضى المخالفة، ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام، للمصيب أجران، وللمخطئ أجر واحد، والله أعلم.
"فتح الباري"(1/ 63). "العقيدة الواسطية"(ص 226 - 227 - الهراس).
(4)
أي ابن الوزير.
(5)
بل قال ابن الوزير في "الروض الباسم"(1/ 273):
"
…
وقتل النعمان بن بشير أول مولود في الإسلام في الأنصار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
• وقال ابن الأثير في "أسد الغابة"(5/ 310) وقال ابن الزبير: النعمان أكبر مني بستة أشهر، وهو أول مولود للأنصار بعد الهجرة، في قول له، ولأبويه صحبة.
ثم قال: قال أبو عمر: لا يصحح بعض أهل الحديث سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندي صحيح؛ لأن الشعبي يقول عنه: "سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وقال ابن حجر في "الإصابة"(6/ 346 رقم 8749) النعمان =
وكثير من الأئمة يشترط في صحة الصحبة طول المجالسة (1)، ومن اشترط هذا لا يعد صحابياً مع أن في قوله:"هذا حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم "، يحتمل أنه اجتهاد منه، أي: الحكم الذي ذكره من ضرب المتهم - اسم مفعول - فإن لم يصح عنده ما اتهم به ضرب المتهم - اسم فاعل - فإن هذا ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في شيء من أحكامه ولا فتاويه قط.
ثم يقال: إن كان ضربه على حق لتعلق التهمة به فلم [ضربنا](2) المتهم فإنه لا ذنب له ولا قصاص عليه، فهذا يدلك أنه اجتهاد من النعمان، وكأنه يريد أنه حكم الله ورسوله؛ لأنه قد أذن الله في الاجتهاد إلا أنه يستلزم نسبة كل اجتهاد إلى الله ورسوله، وعلى ذهني أن الإمامية تقول بهذا.
= بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصاري الخزرجي، يكنى أبا عبد الله، وهو مشهور، له ولأبيه صحبة.
(1)
ذهب الجمهور إلى أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ولو ساعة سواءً روى عنه أم لا.
"البحر المحيط"(4/ 302)"إرشاد الفحول"(ص 263 - بتحقيقي).
وقال ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة"(1/ 7، 8): "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام، ليدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى".
• واعلم أن جناب الصحبة أمر عظيم، فمن انتهك أعراض بعضهم فقد وقع في هوّةٍ لا ينجو منها سالماً.
وقد كان في أهل الشام صحابة صالحون عرضت لهم شبه لولا عروضها لم يدخلوا في تلك الحروب ولا غمسوا فيها أيديهم، وقد عُدِّلوا تعديلاً عاماً بالكتاب والسنة، فوجب علينا البقاء على عموم التعديل والتأويل لما يقتضي خلافه.
"المحصول"(4/ 308) شرح "الكوكب المنير"(2/ 76 - 77).
(2)
في (ب) ضرب.
وقال أبو داود (1): إنما أرهبهم بهذا القول؛ لأنه لا يجب الضرب إلا بعد الاعتراف. انتهى.
واعلم أن السيد محمد بن إبراهيم قائل بقبول رواية فساق (2) التأويل مقرر له في جميع مؤلفاته، ونقل الإجماع [275 ب] عليه من عشر طرق.
لكنه هنا لما ذكر عن النعمان ما ذكر رآه ليس أهلاً لقبول روايته لتساهله في الدين ونصرته الظالمين على المتقين.
وقد ذكر في "العواصم"(3) و"تنقيح الأنظار"(4) أن قولهم: الصحابة كلهم عدول (5)، يريدون أن الغلبة هي الأصل فيهم وقد يخرج عنها من عرفت بدعته وتساهله كالوليد بن عقبة وغيره.
11 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "كَيْفَ أنتَ إِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ، يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ" - يَعْنِى الْقَبْرَ - قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، أَوْ مَا خَارَ
(1) في "السنن"(4/ 545).
(2)
انظر "تنقيح الأنظار"(205 - 212 - بتحقيقي). "العواصم والقواصم"(2/ 159 - وما بعدها).
(3)
(2/ 159) وما بعدها.
(4)
(ص 205 - 210).
(5)
بما أنهم عدلوا تعديلاً عاماً بالكتاب والسنة، فوجب علينا البقاء على عموم التعديل، وانظر ما تقدم.
وانظر "البحر المحيط"(4/ 300)، شرح "الكوكب المنير"(2/ 476).
• قال ابن الصلاح في مقدمته (صـ 301): "الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ولا يعتد بخلاف من خالفهم".
وقال الشيخ تقي الدين وغيره: "الذي عليه سلف الأمة وجمهور الخلف أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين عدول بتعديل الله تعالى لهم".
"المسودة"(ص 292 - 293).
الله لِي وَرَسُولُهُ؟ قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ"، أَوْ قَالَ:"تَصْبِرُ"، قَالَ حَمَّادُ: فَبِهَذَا أَخَذَ مَنْ ذَهَبَ إلَى قَطْعِ النَّبَّاشِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى المَيَّتِ بَيْتَهُ. أخرجه أبو داود (1). [صحيح].
"الْبَيْتُ" القبر، والمراد أن الموت يكثر حتى يباع موضع قبر بعبد (2).
قوله: "في حديث أبي ذر يكون البيت فيه بالوصيف" فسر البيت بالقبر وكأنه مدرج من أحد الرواة، زاد في أبي داود بعد قوله:"الله ورسوله أعلم، قال: أو ما خار اللهِ لي ورسوله". انتهى.
والمراد أن الفضاء من الأرض يضيق عن القبور، ويشتغل الناس بأنفسهم عن الحفر حتى يبلغ قيمة القبر قيمة العبد.
وأبو داود ترجم له: باب (3) الحجة في قطع النباش وذلك أنه صلى الله عليه وسلم سمى (4) القبر بيتا والبيت حرز.
والسارق من الحرز يقطع إذا بلغت [سرقته](5) نصاب ما يقطع فيه.
12 -
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغْرَّمُ صَاحِبُ سَرِقَةٍ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ"(6). [ضعيف].
(1) في "السنن" رقم (4409). وأخرجه ابن ماجه رقم (3958). وهو حديث صحيح.
(2)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(3/ 578).
(3)
في "السنن"(4/ 564 الباب رقم 19).
(4)
ذكره الخطابي في "معالم السنن"(4/ 564 - 565).
(5)
في (ب) السرقة.
(6)
أخرجه النسائي في "السنن" رقم (4984) وقال: هذا مرسل وليس بثابت.
وأخرجه الدارقطني في "السنن"(3/ 182 رقم 296). =
قوله: "في حديث عبد الرحمن بن عوف لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد".
قال ابن عبد البر (1): لا تقوم به حجة، وقال ابن العربي (2): باطل، ووجهه أنه لا يملك السارق ما سرقه بقطع يده، قالوا: وهذا في العين التالفة، وأما العين الباقية فهي باقية على ملك المسروق فيقبضها بعينها، والمسألة مبسوطة في محلّها وبسطناها في حواشي "ضوء النهار"(3) بحمد الله. [224/ أ][276 ب].
13 -
وَعَنْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ رضي الله عنه أَنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّهُ إِذَا وَجَدَهَا - يَعْنِي السَّرْقَة - فِي يَدِ الرَّجُلِ غَيْرِ المُتَّهَمِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِمَا اشْتَرَاهَا، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ سَارِقَهُ، وَقَضَى بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ
= وقال: المسور بن إبراهيم لم يدرك عبد الرحمن بن عوف، فإن صح إسناده فهو مرسل، قال: وسعد بن ابرهيم: مجهول، وقال ابن القطان: وصدق فيما قال.
ورواه البزار في "مسنده"(3/ 267 رقم 1059) بلفظ: "لا يضمن السارق سرقته بعد إقامة الحد"، وقال: وهذا الحديث مرسلاً عن عبد الرحمن؛ لأن المسور بن إبراهيم لم يلق عبد الرحمن.
وذكره ابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 452 رقم 1357) ونقل عن أبيه بأنه قال: هذا حديث منكر، ومسور لم يلق عبد الرحمن، هو مرسل أيضاً.
ورواه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 322) وقال: لم يروه عن سعد إلا يونس.
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 277): وقال: فهذا حديث مختلف فيه عن المفضل فروى عنه كذا، وروى عنه يونس عن الزهري، عن سعد، وروى عنه عن يونس عن سعد بن إبراهيم، عن أخيه المسور
…
إلخ.
انظر "العلل" للدارقطني (4/ 294 س 575). "نصب الراية" للزيلعي (3/ 375 - 376). معرفة "السنن والآثار"(12/ 423 رقم 17237). وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(1)
"الاستذكار"(24/ 212 - 213).
(2)
في كتاب "القبس"(3/ 1025 - 1026).
(3)
(7/ 317 - 318 - بتحقيقي).
وَعُمَرُ رضي الله عنهما (1). أخرجهما النسائي. [صحيح الإسناد ولكن] الصواب: أسيد بن ظهير، قاله الألباني.
14 -
وَعَنْ جُنَادة بن أمية عن بسر بن أرطأة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ". أخرجه أصحاب "السنن"(2)، [صحيح].
وعند الترمذي: في الْغَزْوِ
قوله: "وعن بسر بن أرطأة"(3) بضم الباء وسين مهملة ساكنة، وبسر في صحبته اختلاف، وكان ابن معين لا يحسن الثناء عليه، وغمزه الدارقطني، قاله المنذري (4).
ولأهل الحديث فيه كلام كثير وله أمور موحشة دالة على التساهل في الدين، ليس بأهل أن يروى عنه.
(1) أخرجه النسائي في "السنن" رقم (4679) قال الألباني: صحيح الإسناد، ولكن الصواب أسيد بن ظهير.
(2)
أخرجه النسائي في "السنن" رقم (4979).
وأخرجه أحمد (4/ 181) بسند رجاله موثقون، وأبو داود رقم (4408) والترمذي رقم (1450) وقال: هذا حديث غريب. وهو حديث صحيح، والله أعلم.
• وفي الباب عن حذيفة موقوفاً عند سعيد بن منصور رقم (2501) وابن أبي شيبة (10/ 103) بسند صحيح.
• وعن عمر موقوفاً عند سعيد بن منصور رقم (2500) وابن أبي شيبة (10/ 103) بسند ضعيف.
• وعن أبي الدرداء موقوفاً عند سعيد بن منصور رقم (2499) وابن أبي شيبة (10/ 103) بسند ضعيف.
(3)
انظر "الاستيعاب" رقم (175) و"الإصابة" رقم (642)، "الثقات" لابن حبان (3/ 36)"تاريخ دمشق"(10/ 145 - 147).
(4)
في "مختصر السنن"(6/ 235).
والحديث له سبب ذكره أبو داود (1) قال: كنا مع بسر بن أرطأة في البحر فأتي بسارق يقال له: مصدر قد سرق بختية، فقال: سمعت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
…
الحديث".
قال الشيخ (2): يشبه أن يكون سرق البختية في البر، ورفعوه إليه في البحر فقال عند ذلك هذا القول، وهذا الحديث إن ثبت فيشبه أنه إنما أسقط عنه الحد؛ لأنه لم يكن إماماً إنما كان أميراً وصاحب جيش، وأمير الجيوش لا يقيم الحدود في أرض الحرب على مذاهب بعض الفقهاء. انتهى كلامه.
قلت: ولا يخفى أن قول لقطعته لا يناسب هذا الاعتذار بل صريح كلامه أنه ترك ذلك للحديث الذي سمعه.
قوله: "وعند الترمذي في الغزو".
قلت: وترجم (3) له: باب لا تقطع الأيدي في الغزو، ومثله ترجم له أبو داود (4)، ولكن الترمذي قال بعد روايته: هذا حديث غريب.
وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد [(5)] نحو هذا، ويقال: بسر بن أبي أرطأة أيضاً. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم منهم الأوزاعي (6) لا يرون أن تقام الحدود في الغزو بحضرة العدو مخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو، فإذا خرج الإمام من دار أرض العدو إلى دار الإسلام أقام الحد على من أصابه. انتهى.
(1) في "السنن" رقم (4408) وهو حديث صحيح.
(2)
أي الخطابي في "معالم السنن"(4/ 563 - مع "السنن").
(3)
أي الترمذي في "السنن"(4/ 53 الباب رقم 20).
(4)
في "السنن"(4/ 563 الباب رقم 18 باب في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟).
(5)
في (أ) زيادة و.
(6)
موسوعة فقه عبد الرحمن الأوزاعي (ص 236). وانظر: "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 236).
قلت: والأوزاعي رأى المصلحة في تأخير إقامة الحد لا أنه عمل بحديث بسر ثم إنه عمم الأوزاعي الحدود كلها، وحديث بسر في القطع.
واعلم أنه قد تكلم [277 ب] العلماء في بسر؛ فقال الذهبي في "الميزان"(1): بسر بن أبي أرطأة يقال له صحبة وقيل لا، وقال الواقدي: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وبسر صغير لم يسمع منه، وقال ابن معين (2): كان رجل سوء، أهل المدينة ينكرون أن يكون له صحبة. انتهى.
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(3): يقال أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، هذا قول الواقدي وابن معين وأحمد وغيرهم، وقالوا: خرف في آخر عمره، وكان ابن معين يقول: لا تصح له صحبة، وكان يقول فيه: رجل سوء.
قال أبو عمر - يعني ابن عبد البر (4) - قال: ذلك - أي ابن معين - لأمور عظائم ركبها في الإسلام فيما نقله أهل الأخبار وأهل الحديث أيضاً، ذبحه ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وهما صغيران بين يدي أمهما، وكان معاوية قد استعمله على اليمن أيام صفين، وكان عليها عبيد الله بن العباس لعلي رضي الله عنه، فهرب عبيد الله حين أحس ببسر بن أرطأة، ونزلها بسر فقضى فيها هذه القضية الشنعاء.
(1)(1/ 309 رقم 1168).
(2)
ذكره الذهبي في "الميزان"(1/ 309). وانظر: تاريخ الدوري (3/ 152) و (4/ 449).
(3)
رقم الترجمة (204 - الأعلام).
(4)
في "الاستيعاب"(ص 88 رقم 204 - الأعلام).
قال أبو الحسن الدارقطني (1): بسر بن أرطأة أبو عبد الرحمن كانت له صحبة، ولم يكن له استقامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قتل طفلين لعبيد الله بن العباس ابن عبد المطلب باليمن، وهما: عبد الرحمن وقثم، ابنا عبيد الله بن العباس.
وذكر ابن عبد البر (2): أنه قدم بسر المدينة وفيها أبو أيوب الأنصاري صاحب رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عامل لعلي رضي الله عنه، فلحق بعلي رضي الله عنه ودخل بسر المدينة وصعد منبرها وقال: أين شيخي [278 ب] الذي عهدته هنا بالأمس - يعني عثمان -، ثم قال: يا أهل المدينة! والله لولا ما عهد [إليه](3) معاوية ما تركت فيها محتلماً إلا قتلته.
وأطال ابن عبد البر (4) في مساويه ومخازيه، فليس أهلاً لأن يروي عنه، وذكر أن له حديثين عنه صلى الله عليه وسلم أحدهما هذا الذي كلامنا فيه، وحديث (5):"اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة".
15 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه، ثُمَّ ذَهَبَا وَجَاءَا بِآخَرَ وَقَالَا: أَخْطَأْنَا فِي الْأَوَّلِ، فَأَبْطَلَ عَلِيُّ رضي الله عنه شَهَادَتَهُمَا، وَغَرَّمْهُمَا دِيَةَ الْأَوَّلِ وَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا. أخرجه البخاري (6) ترجمة.
(1) ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب"(ص 88 رقم 204). وانظر: الخلاصة (ص 47). "سؤالات الآجري"(2/ 219 - 220).
(2)
في "الاستيعاب"(ص 90 - الأعلام).
(3)
كذا في المخطوط والذي في "الاستيعاب" إليَّ.
(4)
في "الاستيعاب"(ص 88 - الأعلام).
(5)
أخرجه أحمد (4/ 181) بسند حسن.
(6)
في "صحيحه"(12/ 226 الباب رقم 21 - مع "الفتح").