المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٣

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد

- ‌الباب الأول: في فضله

- ‌الفصل الأول: في فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

- ‌الباب الثاني: في الجهاد وما يتعلق به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية [والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد

- ‌الباب الثالث: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمان والهدنة

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفصل الرابع: في الشهداء

- ‌ كتاب الجدال والمراء

- ‌[حرف الحاء

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: في فضائلهما

- ‌الباب الثالث: في الميقات والإحرام

- ‌الفصل الأول: في الميقات

- ‌الفصل الثاني: في الإحرام [وما يحرم فيه]

- ‌الفرع الثالث: في جزاء الصيد

- ‌[الباب الرابع: في الإفراد والقران والتمتع

- ‌الفصل الأول: في الإفراد]

- ‌الفصل الثاني: في القران

- ‌الفصل الثالث: في التمتع وفسخ الحج

- ‌الباب الخامس: في الطواف والسعي

- ‌الفصل الأول: في كيفيتهما

- ‌في طواف الزيارة

- ‌في طواف الوداع

- ‌في طواف الرجال مع النساء

- ‌في الطواف من وراء الحجر

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الدعاء في الطواف والسعي

- ‌[الفصل الثالث: في دخول البيت]

- ‌الفصل الأول: في الوقوف وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الإفاضة

- ‌الفصل الثالث: في التلبية بعرفة والمزدلفة

- ‌الباب السابع: في الرمي

- ‌الفصل الأول: في كيفيته

- ‌الفصل الثاني: في وقت الرمي

- ‌[الفصل الثالث: في الرمي راكبًا وماشيًا

- ‌[الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة]

- ‌الباب الثامن: في الحلق والتقصير

- ‌الفصل الأول: في تقديم بعض أسبابه على بعض

- ‌الفصل الثاني: في وقت التحلل وجوازه

- ‌الباب العاشر: في الهدي والأضاحي

- ‌الفصل الأول: في إيجابها [وأسنانها]

- ‌الفصل الثاني: في الكمية والمقدار

- ‌الفصل الثالث: فيما يجزي منها

- ‌الفصل الرابع: فيما لا يجزي منها

- ‌الفصل الخامس: في الإشعار والتقليد

- ‌الفصل السادس: في وقت الذبح ومكانه

- ‌الفصل السابع: في كيفية الذبح

- ‌الفصل الثامن: في الأكل من الأضحية

- ‌الفصل التاسع: فيما يعطب من الهدي

- ‌الفصل العاشر: في ركوب الهدي

- ‌الفصل الحادي عشر: في المقيم إذا أهدى إلى البيت [أو ضحى هل يحرم أم لا]

- ‌الباب الحادي عشر في الفوات والإحصار والفدية

- ‌الفصل الأول: فيمن أحصره المرض والأذى

- ‌الفصل الثاني: فيمن أحصره العدو

- ‌الفصل الثالث: فيمن غلط في العدد

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الثاني عشر: في دخول مكة والنزول بها والخروج منها

- ‌الباب الرابع عشر: في أحكام متفرقة تتعلق بالحج

- ‌الفصل الأول: في التكبير في أيام التشريق

- ‌الفصل الثالث: في حج الصبي

- ‌الفصل الرابع: في الاشتراط في الحج

- ‌الفصل الخامس: في حمل السلاح في الحرم

- ‌الفصل السادس: في ماء زمزم

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب الخامس عشر: في حج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرته

- ‌كتاب: الحدود

- ‌الباب الأول: في حد الردة، وقطع الطريق]

- ‌الباب الثاني: في حد الزنا [وفيه فصلان]

- ‌الفصل الأول: في أحكامه

- ‌الفصل الثاني: في الذين حدهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث: في حديث اللواط وإتيان البهيمة

- ‌الباب الرابع: في حد القذف

- ‌الباب الخامس: في حد السرقة

- ‌الباب السادس: في حد الخمر

- ‌الباب السابع: في الشفاعة، والتسامح في الحدود

- ‌كتاب: الحضانة

- ‌كتاب: الحسد

- ‌كتاب: الحرص

- ‌كتاب: الحياء

- ‌حرف الخاء

- ‌كتاب: الخلق]

- ‌كتاب: الخوف

- ‌كتاب: خلق العالم

- ‌كتاب: الخلافة والإمارة

- ‌الباب الاول: في [أحكامهما]

- ‌[الفصل الأول: في الأئمة من قريش]

- ‌الفصل الثاني: في من تصلح إمامته وإمارته

- ‌الفصل الثالث: في ما يجب على الإمام وعلى الأمير

- ‌الفصل الرابع: في كراهية الإمارة

- ‌الفصل الخامس: في وجوب طاعة الإمام والأمير

- ‌الفصل السادس: في أعوان الأئمة والأمراء [346 ب]

- ‌الباب الثاني: في ذكر الخلفاء الراشدين وبيعتهم رضي الله عنهم

- ‌كتاب الخلع

الفصل: ‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

24 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: "كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنهما يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنَ الرُّومِ؛ وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلِ الله تَعَالَى بَعْدَهُ فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وَإِنَّ الله تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} [آل عمران: 200] ". أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح].

‌الفصل الثاني: في فضل الشهادة والشهداء

1 -

عَنْ أَنَسَ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، ويَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ". أخرجه الخمسة (2) إلا أبا داود. [صحيح].

وفي رواية (3): إلّا الشّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشّهَادَةِ. [صحيح].

2 -

وعن ابن أبي عميرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم:"لَأَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ الله [8 ب] تَعَالَى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُوْنُ لِي أَهْلُ المَدَرِ وَالوَبَرِ". أخرجه النسائي (4). [حسن].

قوله: "وعن ابن أبي عميرة" بفتح أوله وكسر ثانيه، قال في "التقريب" (5): صحابي عنه جبير بن نفير.

(1) في "الموطأ"(2/ 446 رقم 6) موقوف صحيح.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (2795) ومسلم رقم (1877) والترمذي رقم (1643) والنسائي رقم (3160).

(3)

وهي عند الترمذي رقم (1643).

(4)

في "السنن" رقم (3153) وهو حديث حسن.

(5)

(2/ 518 رقم 55).

ص: 20

قوله: "أهل المدر والوبر، أهل المدر القرى (1)، وأهل الوبر الأعراب"، وقيل (2): أهل المدر أهل القرى، والأمصار، وأهل الوبر [...........](3).

3 -

وَعَنِ المُغِيرَة رضي الله عنه قال: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا: "أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ؛ فنحن أحب في الموت منكم في الحياة". أخرجه البخاري (4) تعليقاً إلى قوله إلى الجنة، وأخرجه بطوله رزين.

قوله: "في حديث المغيرة أخرجه البخاري تعليقاً" لفظ "الجامع"(5) بعد سياقه كله، أخرجه البخاري في ترجمة (6) باب هذا لفظه، وفي بعض نسخ "الجامع" ليس فيه أخرجه البخاري في ترجمة باب، ولا على المغيرة علامة البخاري، بل فيها أخرجه من غير علامة. انتهى.

فالعجب من كلام المصنف أنَّه أخرج البخاري أوله، وأخرجه بطوله رزين فهذا شيء ليس في "الجامع" الذي عنه ينقل المصنف، ثم إنه ليس (7) من لازم كونه في ترجمة أن يكون تعليقاً كما قاله المصنف.

4 -

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ الله أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ؛ إِنْ قُتِلْتَ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ

(1) الذي في "السنن" الوبر والمدر.

• المدر: أهل القرى والأمصار واحدتها: مَدَرة، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 643).

(2)

قاله ابن الأثير في "النهاية"(2/ 818).

(3)

كذا في (ب) بياض.

(4)

في "صحيحه" رقم (3159) وطرفه (7530).

(5)

(2/ 606 - 607).

(6)

رقم (58) كتاب الجزية والموادعة. باب رقم (1) الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب.

(7)

وهو كما قال. انظر "فتح الباري"(6/ 266 - 267).

ص: 21

مُدْبِرٍ، ثُمَّ قَالَ:"كَيْفَ قُلْتَ؟ " فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: نَعَمْ؛ إِلَاّ الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي ذَلِكَ". أخرجه مسلم (1) ومالك (2) والترمذي (3) والنسائي (4). [صحيح]

5 -

وفي أخرى لمسلم (5) عن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلِّ ذَنْبٍ إِلَاّ الدَّيْنَ". [صحيح]

قوله: "في حديث أبي قتادة إلا الدين" هو تنبيه على جميع حقوق المخلوقين، وأن الجهاد وسائر أنواع (6) البر لا تكفر حقوقهم، إنَّما تكفر حقوق الله.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "نعم، إلا الدين" محمول على أنه أوحي إليه في الحال لقوله: "إنّ جبريل أخبرني بذلك" وفي لفظ النسائي: "سارني به جبريل آنفاً". أي: الآن [9 ب].

6 -

وَعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الشُّهَدَاءُ أَرْبَعَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الإِيمَانِ لَقِيَ العَدُوَّ فَصَدَقَ الله تَعَالَى حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ الَّذِي يَرْفَعُ النَّاسُ أَعْيُنَهُمْ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ هَكَذَا"، وَرَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ، فَلَا أَدْرِى قَلَنْسُوَةَ عُمَرَ أَرَادَ أَمْ قَلَنْسُوَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، "وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الإِيمَانِ لَقِيَ العَدُوَّ فَكَأَنَّمَا

(1) في "صحيحه" رقم (1885).

(2)

في "الموطأ"(2/ 461 رقم 31).

(3)

في "السنن" رقم (1712).

(4)

في "السنن" رقم (3156 - 3158)، وهو حديث صحيح.

(5)

في "صحيحه" رقم (119، 120/ 1886).

قلت: وأخرجه أحمد (2/ 220) والحاكم (2/ 119) وأبو عوانة (5/ 52، 53) والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 25) من طرق وهو حديث صحيح.

(6)

فيه دليل: على أن الجهاد بشرط أن يكون في سبيل الله مع الاحتساب وعدم الانهزام من مكفرات جميع الذنوب والخطايا، فيكون الشهيد بالشهادة مستحقاً للمغفرة العامة إلا ما كان من الديون اللازمة للآدميين، فإنها لا تغفر للشهيد، ولا تسقط عنه بمجرد الشهادة، وذلك لكونه حقاً لآدمي، وسقوطه إنما يكون برضاه واختياره، ولهذا امتنع من الصلاة على من عليه دين.

ص: 22

ضُرِبَ جِلْدُهُ بِشَوْكِ طَلْحٍ مِنَ الجُبْنِ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ فَهُوَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَة، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلاً صَالحِاً وَآخَرَ سَيِّئًا لَقِيَ العَدُوَّ فَصَدَقَ الله تَعَالَى حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ لَقِيَ العَدُوَّ فَصَدَقَ الله تَعَالَى حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ". أخرجه الترمذي (1). [ضعيف]

يقال: "سهم غرب" بالإضافة (2) وغيرها إذا لم يعرف من رمى به.

قوله: "في حديث فضالة القلنسوة"(3)، هي: ما يلبس في الرأس، والطلح (4): شجر معروف ذو شوك، والجبن - بضم الجيم وسكون الموحدة - هو: الخوف وعدم الإقدام.

قوله: "سهم غرب"(5)، بالعين المعجمة والراء فموحدة، يقال: سهم غرب بالإضافة وبعدمها، وسكون الراء وتحريكها، وهو كما قال المصنف للذي لا يعرف راميه، ولا من أين جاء.

وإنما اختلفت الدرجات؛ لأن الأول: امتاز بجودة الإيمان، وبأنه صدق الله، والثاني: بجودة الإيمان فقط، والثالث والرابع: لم يتصفا بجودة الإيمان، بل الأول له عمل صالح خلط به غيره، والرابع: ظاهره أنه ليس له عمل صالح، بل أسرف على نفسه.

قوله: "أخرجه الترمذي".

(1) في "السنن" رقم (1644) وهو حديث ضعيف.

(2)

قاله ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(2/ 294). انظر "الفائق للزمخشري"(3/ 63)، "غريب الحديث" للخطابي (1/ 74).

(3)

"القاموس المحيط"(ص 731).

(4)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 117) الطّلْح وهي شجر عظام من شجر العضاء.

(5)

قاله ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(2/ 294). انظر "الفائق للزمخشري"(3/ 63)، "غريب الحديث" للخطابي (1/ 74).

ص: 23

قلت: وقال (1) هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن دينار سمعت محمداً يقول: قد روى سعيد بن أيوب هذا الحديث عن أشياخ من خولان، ولم يذكر فيه عن أبي يزيد، وقال عطاء بن دينار ليس به بأس. انتهى. [143/ أ].

7 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَغَّبَ فِي الجِهَادِ وَذَكَرَ الجَنَّةَ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْكُلُ تَمرَاتٍ فِي يَدِهِ فَقَالَ: إِنِّي لَحَرِيصٌ عَلَى الدُّنْيَا إِنْ جَلَسْتُ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْهُنَّ، فَرَمَى مَا فِي يَدِهِ وَحَمَلَ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. أخرجه مالك (2). [ضعيف]

قوله: "وعن يحيى بن سعيد" وفيه: ورجل من الأنصار يأكل تمرات هو عمر بن الحمام، ويقال: عمير الأنصاري [10 ب]، وكان هذا الفعل يوم أحد.

8 -

وَعَنِ البَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالحَدِيدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أُقَاتِلُ أوْ أُسْلِمُ؟ فَقَالَ: "أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ"، فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا". أخرجه الشيخان (3)، وهذا لفظ البخاري. [صحيح]

"المُقَنَّعُ"(4) هو المتغطِّي بالسلاح، وقيل: المغطى رأسه به فقط.

قوله: "في حديث البراء المقنع" لفظ "الجامع"(5): رجل مقنع: إذا كان على رأسه بيضة وهي: الخوذة، وقيل: هو المتغطي بالسلاح.

9 -

وَعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله! مَا بَالُ المُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَاّ الشَّهِيدَ؟ قَالَ: "كفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً".

(1) في "السنن"(4/ 178).

(2)

في "الموطأ"(2/ 466 رقم 42) ضعيف بهذا السياق، ووصله الشيخان عن جابر بن عبد الله، البخاري رقم (4046) ومسلم رقم (1899).

(3)

أخرجه البخاري رقم (2808) ومسلم رقم (1900).

(4)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 495)، "المجموع المغيث"(2/ 754).

(5)

(9/ 507).

ص: 24

أخرجه النسائي (1). [صحيح]

قوله: "في حديث راشد بن سعد يفتنون في قبورهم" أي: سؤال الملكين لهم منكر ونكير.

وقوله: "بارقة السيوف" في "الجامع"(2) برق السيف إذا لمع تشبيهاً له بلموع البرق يعني: أن بارقة السيوف على رأس الشهيد وروعته منها جوزي عليها بأن لا يُسأل في قبره، وذلك؛ لأنَّ ثباته عند البارقة على الإيمان دليل قوة إيمانه وثبوت عقيدته، والفتنة في القبر إنما هي لبيان ثباته على الإيمان فقد تبين قبل وفاته فأيّ حاجة لسؤاله في قبره.

10 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا يَجِدُ الشَّهِيْدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدْكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ". أخرجه الترمذي (3) والنسائي (4). [بسند حسن]

11 -

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَجِبَ رَبُّنَا عز وجل مِنْ رَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ الله فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فَرَجَعَ حَتَّى أُرِيقَ دَمُهُ فَيَقُولُ الله عز وجل -لمِلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَاً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُرِيقَ دَمُهُ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ"(5). [حسن]

قوله: "في حديث ابن مسعود عجب ربنا" في النهاية (6) قيل: معنى عجب ربك: أي: رضي وأثاب فسماه عجباً مجازاً (7)، وليس بعجب في الحقيقة، وقيل: أي: عظم عنده، وكبر لديه.

(1) في "السنن" رقم (2053) وهو حديث صحيح.

(2)

(9/ 507).

(3)

في "السنن" رقم (1668).

(4)

في "السنن" رقم (3161) بسند حسن.

(5)

فى "السنن" رقم (2536) وهو حديث حسن.

(6)

(2/ 162).

(7)

بل العجب صفة من صفات الله عز وجل الفعلية الخبرية الثابتة له بالكتاب والسنة. =

ص: 25

قوله: فعلم ما عليه، أي: من إثم الفرار من الزحف [11 ب].

12 -

وَعَنْ عَبْدِ الخَبِيرِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهَا أُمُّ خَلَاّدٍ وَهِىَ مُتْنَقِّبَةٌ تَسْأَلُ عَنِ ابْنٍ لَهَا قُتِلَ فِي سَبِيلِ الله، فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ: جِئْتِ تَسْأَلِينَ عَنِ ابْنِكِ وَأَنْتِ مُتَنَقِّبَةٌ؟ فَقَالَتْ: إِنْ أُرْزَإِ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ حَيَائِي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ابْنُكِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ"، قَالَتْ: وَلِمَ؟ قَالَ: "لأَنَّه قَتَلَهُ أَهْلُ الكِتَابِ"(1). أخرجهما أبو داود. [ضعيف]

قوله: "في حديث عبد الخبير أن أُرْزَإِ ابني" الرزء (2) - بضم الراء - المصيبة بفقد الأحبة، وهو من الانتقاص، تقول: إن أصبت به وفقدته فلن أصب بحيائي، فلهذا [تنقبت (3)].

قوله: "لأنه قتله أهل الكتاب" فيه دليل على أن من قتله أهل الكتاب أفضل ممن قتله الكفار الذين لا كتاب لهم.

وقوله: "منتقبة" بتقديم بتقديم النون على المثناة الفوقية، وضبط في "سنن أبي داود" بتقديم المثناة على النون، وضبط فيه كالأول وهو في النقاب، أي: فعلت النقاب على وجهها، وكان السائل لها يرى أن حرَّ المصيبة يذهلها عن النقاب.

= قال أبو يعلى الفراء في "إبطال التأويلات"(ص 245) بعد أن ذكر ثلاثة أحاديث في إثبات صفة العجب: "اعلم أنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه وحمله على ظاهره، إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأنا لا نثبت عجباً هو تعظيم لأمر دهمه استعظمه لم يكن عالماً به؛ لأنه مما لا يليق بصفاته بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته.

انظر "السنة" لابن أبي عاصم (1/ 249)، "مجموع فتاوى" لابن تيمية (4/ 181)(6/ 123).

(1)

في "السنن" رقم (2488) وهو حديث ضعيف.

(2)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 652)، "المجموع المغيث"(1/ 756).

(3)

في (أ) انتقبت.

ص: 26

13 -

وَعَن سَهْلِ بْنِ حُنَيْف رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ سَأَلَ الله الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ الله مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ". أخرجه الخمسة (1) إلا البخاري. [صحيح]

قوله: "في حديث سهل بن حُنَيْف من سأل الله الشهادة إلى آخره"، فيه دليل أن من سأل الله شيئاً بصدق أعطاه ثواب ما سأله، وفيه استحباب سؤال الشهادة، بل استحباب ما فيه الخير مطلقاً.

14 -

وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم -قَالَ: "مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ الله فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ، أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ، أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ، أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ الله تَعَالَى مَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

قوله: مَنْ فَصَل (3) - بالفاء وصاد مهملة - يأتي [تفسيره (4)] يخرج.

قوله: وَقَصَهُ - بفتح الواو، فقاف، فصاد مهملة - والوقص (5): كسر العنق "أو لدغته" - بالمهملة وغين معجمة - أصابه لدغ من ذوات السم.

قوله: "بأيّ حتف" الحتف - بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة الفوقية ففاءٌ هو الموت، وقولهم: حتف (6) أنفه [12 ب] كانوا يتخيلون أنَّ روح المريض تخرج من أنفه.

(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (157/ 1909) وأبو داود رقم (1520) والترمذي رقم (1653) والنسائي 6/ 36 - 37) وابن ماجه رقم (2797) وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (2499) وهو حديث ضعيف.

(3)

انظر: "غريب الحديث" للهروي (1/ 305)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 375).

(4)

في (أ) تفسير.

(5)

"الفائق للزمخشري"(4/ 74)، "غريب الحديث" للهروي (1/ 96).

(6)

قاله ابن الأثير في "النهاية"(1/ 331)، وانظر:"الفائق" للزمخشري (1/ 259).

ص: 27

قوله: "فهو شهيد" زاد في "الجامع"(1) في هذه الرواية: "وإنَّ له الجنة" كأنها سقطت على المصنف.

15 -

وَفِي أُخْرَى لَهُ: قِيْلَ: يَا نَبِيَّ الله! مَنْ فِي الجَنَّةِ؟ قَالَ: "النَّبِيُّ فِي الجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الجَنَّةِ، وَالمَولُودُ فِي الجَنّةِ، وَالوئَيدُ في الجَنّةِ"(2). [حسن]

ومعنى "فصل" أي: خرج.

قوله: وفي أخرى له، ظاهره أن الرواية الأخرى لأبي داود عن أبي مالك الأشعري وليس كذلك، بل الذي في "الجامع" (3) حسناء (4) بنت معاوية الصريمية قالت: حدثني عمي قال: قلت: للنبي صلى الله عليه وسلم من في الجنة؟ الحديث.

قوله: "والوئيد في الجنة" في النهاية (5) إنما هو فعيل بمعنى المفعول، وقد عارض هذا حديث:"الوائدة والموءودة في النار" ويأتي الكلام.

16 -

وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ (6) قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشُهَدَاءِ أُحُدٍ فَقَالَ: "هَؤُلَاءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَلَسْنَا بِإِخْوَانِهِمْ يَا رَسُولَ الله؟ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا، وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"بَلَى؛ وَلَكِنْ لَا أَدْرِى مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي". فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ؟. أخرجه مالك (7).

(1)(9/ 509 الحديث رقم 7232).

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (2521) من حديث حسناء بنت معاوية الصّريميّة، وهو حديث حسن.

(3)

(9/ 510).

(4)

وهو كما قال.

(5)

(2/ 816).

(6)

وهو مولى عمر بن عبيد الله.

(7)

في "الموطأ"(2/ 461 - 462 رقم 32) وهو أثر ضعيف.

ص: 28